35

20.9K 195 106
                                    


تحسب إني شرهت ؟ والا بكيت والا سخطت عليها ؟ لا والله رضيت بالقضاء .. وشلون أنهار وأعصب وأنا أشوفها تبكي بين يديني ؟ علمتني من هو وأصله علمتني كل الأشياء اللي تعرفه عنه.. ولابقت بعده إسبوع .. وخذاها ربي من بين يديني وتركتني كسِير .. أداوي جروحي
بعد اللي صار ..وبعد موت اميمتي..
كان خالي يبي يلعب بضعفي وقلة حيلتي ويشيّد مبانيه على ظهري ويلعب
بس من دريت إن لي سند .. حاربته بكل قوتي وعلمتوه من هو ولد عناد
واستقوت قوتي من إسمه .. من فكرة إنه بيصير لي اب .. خليت الدنيا وراي .. خذيت قشي وكل اللي بقى لي .. وتركت حايل وراي وجيت للجنوب تراعي باقي جروحي وتطيبّها .. سنة ونص وأنا من ديرة لديرة اسأل عن أدعج العين بن عايض ..
ما بقى أرض ما جيتها ولا بقى مكان ما صحت بوه بإسموه..لين جيت جنب هالقرية وعلموني إنه من سنين توفى مذبوح على يد قطاع وهو راجع من تجارتوه.. يعني بالوقت اللي رجع بوه من عند أميمتي .. وصدق الكلام وأن انا كنت صدق يتيم ..
تنهد بضيق ومسح على وجهه وهو يردف بحكيّه : وعلموني على وجود بيت لجدي بالقرية هذي جيت هنا ، وعلموني أهل القرية عن اللي صار بإختصار .. عن جدي وحياته هنا ، وعن الحفيدة اللي ظهرت من العدم ، عن حياتوه اللي عاشه بين قسوة زمانوه وبين وحدتوه اللي خذت من عمروه عمر علموني إنه هاجر من هالقرية قبل سنين ، وإنهم ما يعرفون عن الحفيدة شي ويجهلونه من هي وأهل أمها من .. وأنا ماكان لي حيل إلا إني أتمسك بأمل إنكم ترجعون .. وصرت هنا بين ذكرياتكم اللي خليتوها وراءكم ، أراعي وجعي بنفسي وأعيش الحياة اللي عاشها جدي بوحدتوه بدون سند ولا أهل ..
بس ظني ما خاب.. وشعلة الأمل اللي كانت بقلبي ما طفت بخيبة ..واشتعلت وأنورت كل الظلام اللي غطى حياتي .. وأختي واللي بقيت طول ليالي رمضان أترقب رجوعها وحنينها رجعت ..
سكت للحظات وقال بهدوء : ولكن جدي وجدتي وينهم !

عبد العزيز عدل جلسته .. ورتب نفسه بعدما إحتّاست كل مشاعره وهو يسمع .. هالقصة غريبة عليه .. قوية وصادِمة .. من الأشخاص اللي عندهم القدرة يسحبون الحياة من قلب طفل صغير ؟ من الأشخاص اللي قادرين يعذبون شخص من صلبهم بدون ما يضايقهم الموضوع ؟ وش مبررهم ؟ وش سبب ذا كله ! وش هالحياة اللي قضّاها بهالتعذيب ؟ وليه مصرة تعذب كل نسب عايض ؟ وتغرقهم بالوحدة ؟
تنهد بضيق ولكنه ما وضح شيء وكتم كل مشاعره وهو ينحني بيدينه ويثبتها على ركبته وناظره بوجع عليه وقال : عظم الله أجرك بهم .. عايض أبو عناد توفى من خمس سنين .. وجدتك من سنين طويلة
تضايق ومسح على وجهه بضيق وهز رأسه وهو يقول : الله يرحمهم .. عزايّ إني دريت بهم ولا مقابلتهم ماكان لها أمل
ولكن سرعان ماقال : ولكن يكفيني لحقت على اللي بقيت أدوره سنين .. وأهوجس به فترة طويلة
إلتزم عبد العزيز الصمت .. وهو يغمض عيونه ويفتحها بتعب .. هو بنفسه ما أستوعب اللي صار .. أجل راعية الواجب كيف بتستوعب ؟ أخ ؟؟ وبعد هالسنينن كلها ؟؟

جاهل تماماً إن الحكي إنقال على مسامع الجادل .. اللي كانت مستندة على الجدار .. ودموعها على خدها .. كان وقع الكلام عليها أكبر من وقع كلام نعمة وباقي نسوان الحارة .. كان قادر يخليها تدخل بمتاهات لاحصر لها .. كل اللي كان بيدها إنها تبكي صدمة وخوف .. تبكي وحدتها وحياتها اللي عاشتها بدون سند وكان لها جد وأخ يعيشون نفس معاناتها
تبكي ظلم الدنيا لهم .. اللي عيّشتهم الضيم والقهر وهم كان بإمكانهم يكونون سوا ويحاربون ظلم الدنيا بكل شجاعة.. كانت كاتمه صوتها .. وشهقاتها الكبيرة كانت مكتومة بشكل كارثي .. لدرجة إنه صدرها يهبط وينزل بشكل غريب وهي حاطه يدينها عليه بخوف من شدة الضيق اللي فيه .. كانت تستمع لصوته ومحور كلامه وهي تحس إن دنيّاها إنهدت .. كيف وصل قطعة وحدة بعد هالمعارك !
مسحت دموعها بسرعة وهي تسمع خطوات عبد العزيز ووقفت وهي تحاول ترتب وضعها
وقف قدامها وناظرها بهدوء وهو متضايق إن الوضع خارج عن سيطرته ولاهو قادر يسوي شيء .. حتى الكلام ماقدر يرتبه عشان يفهمها
إختصرت عليه الجادل الموضوع وناظرته بهدوء وهي تقول : سمعت كل شيء
ناظرها بقلق من إسلوبها الغريب وطريقة كلامها الجديدة عليه وكان بيتكلم بس قالت بتعب : بس ماني قادرة أستوعب شيء .. كل اللي أطلبه الحين واابيه الراحة
أبي أريح رأسي .. أبي أرقد !
ميّل شفايفه وهو يناظرها بعدم إستيعاب .. هالبنت ضربت فيوزاتها .. تنام بعدما سمعت كل هالحكي ! كان وده يلّم شتاتها له .. يداريها ويمسح على رأسها وهو يهديّ وضعها .. ولكن نظراتها كانت كفيلة بإنسحابه ..



درى إنها تبي تتهرب لذلك سمح لها وقال : بأخذ الأخ الجديد وبنطلع برى .. خذي راحتش
ميًلت شفايفها بسخرية وهي تناظر عبد العزيز اللي ما أستوعب للآن إنه محرمها ويجوز لها تفتش عليه ولكنه كان متحفظ .. شلون بتدق الميانة وهي توها تدري به !
خرج من المطبخ بدون ما يتكلم وأشر لليث يلحقه .. وقف بضيق وناظر لطرف باب المطبخ وهو يتأفف .. كان يبي يتكلم معها كلمتين على الأقل .. مع ذلك ما حب يضغط عليها خصوصاً إن التعب واضح بوجه زوجها شلون بوجهها هي ؟
خرج من البيت بدون إعتراض .. وناظر لعبد العزيز اللي جلس جنب الباب بالمكان نفسه اللي تعود يجلس فيه مع عايض .. وناظر بتنهيدة للمكان وهو يتذكر أيام تمنى يرجع يعيشها من جديد
وعى من سرحانه على ضربة الليّث على رجله واللي قال : وش تهوجس بوه يارجل ؟
ناظره عبد العزيز بطرف عينه وهو يشوف إبتسامة هادية على وجهه .. وهو وده يقوم يكفخه لأنه مو رايق أبداً قال بدون نفس : من متى الميانة!
تفشل الليث وضحك بإرتباك .. وهو خذى هالميانة على طول كونه زوج أخته اللي آلفها بروحه قبل يآلفها بجسده واالي من شهور طويلة يعرف عنها إسمها ويعرف عن وجودها أصلاً وقال بإرتباك : الواضح إنك تعبان بعد الطريق .. أقوم أجيب لك فراش تنام بهاه(هنا).. تخبر الجو بالجنوب يخليك تنام بعز القايلة تحت الشمس .. خلني أجيب لك فراش تحت رأسك
وقف ومشى خطوتين ولكن وقفه صوت عبدالعزيز : وين وين .. محارمنا داخـ..
سكت وهو يسمع صوت ضحكة الليث اللي قال وهو يأشر على نفسه واللي تأقلم بسرعة على الوضع .. لأنه محتاج يتأقلم والا بيموت من وجعه: وهي محارمي ترى .. لاتنسى إني أخوه
مشى قبل يسمع صوت عبد العزيز اللي ناظره بصدمة وهو يشوفه يدخل البيت : هذا صادق و يبي موته على يدي ؟ وش اللي أخوها من أول يوم
إترك البنت تستوعب اللي قاعد يصير يا آدمي
تأفف بضيق وهو يمسح على وجهه : خلني أستوعب أنا أول قبلها .. يارب العباد يسّرها
دخل الليّث وهو يتجه للغرفة اللي كانت لجده .. ولكنه أخذها هو .. فبعد ما جاء للديرة وعرف إنه هالبيت لجده .. بدأ يدور لمفتاحه وينكش الأرض عليه .. وبعدما إستقر فيه وتعرف على أركانه إتخذ هالغرفة له !!
وقبل ما يدخل للغرفة لاحظ اللي تمشي قدامه بهدوء وقفت بخوف وهي تناظره .. وهو تنحنح وحاول ينزل عيونه عنها بس ما قدر .. كانت نظراته مليانه شوق ولهفة على قطعة من قلبه سنين يدور عليها ويهوجس فيها ويفكر بشكلها .. كانت تشابهه برسمة عيونه اللي ورثُوها من عناد .. وبمبسمه الصغير ودقنه المرسوم بإتقان .. بلع ريقه وهو يحس بضربات قلبه تعلى وهو يتأملها بدون وعي منه .. جاهل تماماً خوفها ورعبها من هذا الرجل اللي يتوسط بيت جدها واللي كان أخوها بالإسم لسنين طويلة .. قال بعدما إستوعب الموقف وهو يتنحى عن طريقها : أنا بنهج ( بروح) من طريقتس .. وأنتي روحي ريحيّ .. بوه بالغرفة الثانية فراش يكفيتس
لاحظ وقوفها ورمشها السريع وضحك وقال : وش جاتس ؟(وش بلاك) تهايقيني (تناظريني) برعب ؟
لاتخافين مني تراني أخوتس يا بعد حييّ وميتي !
هزتها الكلمة من العمق .. وحست إنها بتنفجر بأي لحظة من قوتها .. مشت بدون ما تتكلم وهي تدخل الغرفة اللي ضمتها لشهور طويلة .. نقلت أنظارها لها وهي تحس بدموعها تتجمع بعيونها .. رفعت يدها وهي تمسح على صدرها لما حست إن قلبها بدأ يوجعها من حس عايض اللي صار بإذنها من دخلت الغرفة .. ومن كلمة الليث اللي مابقت بها عرق صاحي !
أما هو تنهد بضيق ومسح على وجهه : وش تظن يالليث ؟ بتستقبلك بالأحضان وهي ماعرفت عنك إلا من دقايق ! أنت مسفهل(مبسوط) فيه لأنك تعرفه من سنين .. ولكن هي توها تتعرف عليك ..

تذكر عبد العزيز ونظراته الحادة ومشى بسرعة وهو يدخل غرفته : خلني أنكس (أرجع) بسرعة قبل يذبحني هالرجل
رجع بسرعة لعبد العزيز وبيده فراش وناظر لعبدالعزيز بإرتباك وهو يجهز له الفراش .. عبد العزيز ماكان له خلق للنقاش .. لأنه بالحيل يفتح عيونه من التعب .. خصوصاً إنه بقى صايم ولا أفطر ومن حسّ إنه ماصادف الجادل قال وهو يسند رأسه على المخدة : لا تقرب منها وأنا راقد تفهم والا لا
أستغرب الليث إسلوب عبد العزيز مع ذلك عذره .. وهز رأسه بإيجاب بدون ما يتكلم
بينما عبد العزيز غمض عيونه ونام على طول من شدة التعب .


{ نسِيم }
كانت تناظر لورد بهدوء .. وتتأمل وجهها بسرحان .. التعب بلغ فيها ما بلغ .. وبكاء أمها كان قادر على هزّها وزعزعة قوتها .. كيف لا وهي اللي تعودت على صمودها وثباتها .. بعد اللي سمعته كانت تدري إن أمها تستاهل الطلاق .. بس وين القلب اللي بيقوى يقول ويثبت هالحِكي ..
وزعت نظراتها لحدِيقة الورد بضيق .. من لما راحت أمها الصباح وهي متوسطة هالحديقة وتداري نفسها بعبق الورد اللي منتشر بالمكان
تحسّست اليدين اللي تغطي عيونها واللي حجبّت عنها الرؤية وهي ترفع كفوفها ومن لامسته أبتسمت وهي تميّل شفايفها براحة : هلا بأبو ورد
ضحك وهو يتأفف وقال وهو يجلس قدامها : ما خبرتك بتعرفيني على طول ؟
أبتسمت بخُفوت وهي تناظره وهو أردف وقال : العصفورة قالت لي إنك متضايقة
ناظرته بتساؤل وهو ضحك وأشر على بشرى لابسه عبايتها ونقابها اللي تركض وهي تدخل البيت : حشى باتمان .. قالت لسعود يقول لي وفتحت لي الباب .. لا وأبشرك طمنتني إن محد بيجي ويصدمني
ضحكت نسيم وهي تناظره وهو تنهد من لمح ضحكتها .. وكان يدري إنها تداريه بسببها .. مسك يدينها وهو يقول : الطلاق قسمة ونصيب يا نسيم .. واللي صار لأمك ندري كلنا إنه قدرها الأهم ما نسخط ولا نعصب لأن كل شخص ما يأخذ إلا اللي يستاهله .. كلنا ندري بعد إنها ماراح تتعذب ولا تعاني .. هي لو كانت زوجة شيخ فهي أخت شيخ .. بتكون معززة في بيت أخوها ولاراح يلحقها هم .. ليه تتضايقين ماني بفاهم ؟
تنهدت وهي تشد على كفه وقالت : وين القلب اللي بيفهم إني لاتوسطت هالبيت ماراح تكون قبالي ؟
ناظرها بضيق وهو وده يقول لها إن أمها مادرت عنها ولكنه ماحب يضايقها لذلك لف بنظره لورد وضحك وهو يقول : أصلاً عيب عليك تتضايقين وأنتي تتأملين هالوجه الطاهر
أبتسمت بخفوت وهو شال ورد بين يدينه .. رفع نظره وتأملها وقال : تصدقين ؟ لما قلت لك إنها بنت ماكنت بصادق ؟
ناظرته بإستغراب وهو ضحك وقرب وهو يبوس رأس ورد وأردف : كان إحساسي إنه بيكون ولد وبتسمينه راجح .. ولكن رغبتي كانت تكون بنت لأجل تحمل إسم ورد .. والله قلت لك ذاك اليوم بس لأجل مقولة"للمرء نصف ما نطق" وقلت إنطق يا جسّار يمكن تشرف ورد
أبتسمت بضحكة وقالت : ماقلت لك إنك خير عنهم كلهم ؟ رجال هالديرة لاعرفو إنها بنت اللي شرفت قطّبو حواجبهم وسودت وجيههم .. وأنت فرحتك بأنها بنت وصلت لمسامع أهل الديرة كلهم
تنهد بإبتسامة وهو يمرر يدينه على وجه ورد بلطف ويناظرها بتمعُن وكأنه يحفظ ملامحها الطفولية واللي كانت قريبة أشد القرب لملامح نسيم لذلك تعلق فيها أكثر وأكثر وقال بعد تنهيدته : يسّود وجهي لأني بصير أب لبنت تنلف بالورد ؟ عيب عليّ يا نسيم عيب .. ما دريتي وش قال الرسول ﷺ
عن البنات ؟" من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن وسقاهن وكساهن كن له حجابًا من النار"
وأنا النيّة يكون لي عشر بنات مهب بس ثلاث .. هذولا حجاب من النار في الآخرة وبهجة وأنس في الدنيا
ناظرته وهي تحس بمشاعر عميقة داخلها .. كان هالشخص قادر يقويّها ويبث الطاقة بداخلها بدون ما يحس .. كان قادر ينتشلها من حزنها بأبسط الأمور .. تأملت إبتسامته العذبة وهو يتأمل وجه ورد وهي توقن بكل مرة إنه خيارها الصحيح والوحيد بحياتها .. تنهد بعمق وبضحكة وهو يقبض قبضة الورد ونفس الوقت شد قبّضة يدينه وصادم يدينهم ببعض وهو يلتفت ويناظر لنسيم اللي تضحك بغرابة على حركته .. وهو أبتسم وقال : تشوفين ؟ من الحين وردِتي توافقني على كل كلامي .. ما قلت إنها اللي بتشيل أبوها وتحوفه حوف .. دائماً يا نسيم .. دائماً البنات منجاة لأبوهم .. يارب ما تشوف بيوم ضيق ولا هم .. وتأخذ حياتها من إسمها نصيب
أبتسمت وهي تتأمله وهو يتكلم .. وملاحظة لمعة الفرح بعيونه وهو يحكي عنها .. أيقنت تماماً إن هالشخص بيكون غير تماماً عن كل الآباء ..
-
-

{ سند ، حياة }

كان يناظرها وهو يمثل الجمود .. بينما داخله منهار من الضحك على عصبيتها .. قطبّ حواجبها وهو يشوفها تشمر أكمامها وهي معصبة .. وملامحها واضح عليها العصبية
وقال وهو يحاول ما يضحك وهو يناظرها تحرك الشوربة على الفرن : طيب إنتبهي لا تحترقين
إلتفت وهي تناظره بحدة وقالت وهي تأشر بالملعقة بعصبية : سند ترى بجيك وأشيلك وأحطك بقدر الشوربة .. فارق من قدامي
ضحك بصدمة وقال : الطف بنا يارب .. هذا كله عشاني دسيت الموضوع ؟ ترى كله بمصلحتك وعشان ما تقلقين ..

تنهدت وهي تقفل القدر وتناظره بضيق : سند أنت سلبت مني الحق بالخوف على أختي .. هي ضاعت وعاشت ليلة متعبة وأنا بين كنف السرير مرتاحة .. وهذا ما يرضيني ؟ وإن كنت بصارع الخوف وإن كنت بموت من قلقي كان لازم تعلمني
سند تضايق من نبرتها وقال بمرح يحاول يخفف عليها : يا شيخه ماني خايف من قلقك .. كنت خايف تلبسين عبايتك وتهجين أنتي تدورين عليها .. وبدال ما ندور على زوجة عز بس ندورك معها
كتمت ضحكتها وهي تحاول ما توضحها وقالت وهي تناظره بنص عين : الشرهة مهيب عليَك .. الشرهة علي اللي معطيتك وجه
وهو أقترب منها ووقف جنبها وقال : مانيب رايح ، وش بتسوين ؟ بتدخليني بقدر الشوربة ؟
لفت ذراعها حوله وهي تحاول ترفعه بس ماقدرت وقالت : جبل جبل ، مب آدمي والله
رجعت ورى بإحراج وهي تسمع ضحكة أم سند اللي دخلت المطبخ وقالت : إذكري الله على ولدي ياحياة .. لا تصيبه عين
ضحك سند وهو يناظر لملامح وجهها المنحرجة ومستمتع بالوضع .. وهي قالت تفادياً للإحراج اللي تلبسّها : ماشاء الله بس وأنت الصادقة ياعمة .. وش مرضعته أنتي ؟
قال سند بضحكة : لو بقيت على اللي رضعتني أمي قبل سبعة وعشرين سنة كاني متبخر ياحياة .. قولي وش أكلتني الدنيا بس
سكتت وأم سند ضحكت وهي تجهز السفرة للغداء
وحياة ناظرت لسند بطرف عينها وقالت : بعد الفطور نروح للجبّار أتطمن عليها
هز رأسه بلا وقال : خذاها عز وهج من الديرة
ناظرته بإستغراب وهو أردف : يومين ويرجعون ماراح يطولون
تنهدت بضيق وكملت تقديم الفطور وهو يتأملها بدون كلام
-
-
{ الليّث }

كان واقف بالمطبخ المتواضع .. ويجهز الفطور للأشخاص اللي جاءو بحياته بيوم وليله .. كان ملاحظ صدمتهم وخوفهم من وجوده .. شلون يستوعبها عقل .. أخ بعد اربعة وعشرين سنة ؟
بس هو تقبّل الموضوع .. والأهم تقبّل وجودها هي بالذات .. وبعد فكرة كونه يتيم ومقطوع من شجرة صار له أخت يداريها وتداريه .. كان رافع كمه ويصب القهوة بالدلة .. ومن حس بصوت خطوات تقترب من المطبخ .. ألتفت وناظر لعبد العزيز اللي يحك عينه بنعاس : وليه ما صحيتني قبل هالوقت ؟
ناظره الليثّ بإبتسامة وقال : قلت أجهز الفطور ثم أنكس(أرجع) أصحيك
ركز عبد العزيز نظراته على ذراع الليّث اللي كان واضح عليه آثار حرق
والليث على طول تدارك الوضع ونزل أكمامه وهو يصد عن عبد العزيز .. كان كلامه يكفي عشان يصدمهم فيه .. شلون الحين يلاحظ آثار الجروح اللي تسببو بها اخواله وللآن باقية على جسده ؟
تنحنح وألتفت وهو يوقف قدام عبدالعزيز وقال بهدوء : أدري الموضوع صعب تصديقه .. وأنا مثلك ومثلها بالبداية ولكن بعدها ياعز الموضوع حقيقة ولابها جدال .. أنا بن عناد وهي أختي وهالشيء لازم تستوعبونه
عبدالعزيز كان يناظره وملاحظ إهتزاز صوته من قوة الموقف .. ولكنه أكتفى بهز رأسه ويبتسم بضيق وقال : يصير خير يا بن عناد
تلهف قلب اللّيث للقب اللي فارقه سنين طويلة وأبتسم برحابة وهو يسمع الآذان : أجل صحي بنت عناد لأجل نفطر
وقبل يلتفت عبد العزيز ويتجه لغرفتها اللي ياما تأمل بابها لليالي طويلة .. حتى أنفتح الباب وخرجت منه وهي تشتت نظراتها للمكان .. أبتسم الليث وصد عنها بصعوبة وهو يمسك نفسه بالقوة عشان ما يحضنها وكمل تقديم الفطور .. وعبد العزيز تنهد وهو يمسك ذراعها ويشد عليها بحنيّة وهو يجلسها جنبه وكفوفها بكفّه .. وكأنه يقول " أنا معش " .. وهذا كان كفيل بأنه يضفي راحة ويزرع شعور الأمن بقلب كل شخص خايف !!
جلس الليّث قدامهم وهو يصب القهوة ويقدمها لعبدالعزيز اللي خذى الفنجان بهدوء
رفع عيونه وناظرهم بخُفوت وهو يحاول يفهمهم إنه مو شخص غريب .. ويكفي الغربة اللي عاشها سنين طويلة .. ماعاد يبي يعيش هالشعور وهو مع أخته ! كانت مجبورة تتقبله بسرعة عشان ما تأخذ الغربة باقي سنينهم منهم !
مع ذلك حاول ما يبّين ضيقته من السكوت والصمت .. بدأ عبد العزيز يأكل لعل الجادل تتجرأ وتأكل وراه ولكن هيهات .. كانت تناظر للصحون بصمت وبرأسها ميّة موال وبقلبّها مية شعور .. ولاهي قادرة تعبر عن شيء
كانت تختلس النظر له بين لحظة ولحظة .. وهي شابكه يدينها ببعض لدرجة إن مفاصل أصابعها البيضاء كانت بتصدر صوت قرقعة من شده إنقباضها
تنحنح الليّث وهو حالف يقطع هالصمت وقال وهو يعدل جلسته : أنا جيت هالبيت قبل سنة ونص .. وقلبت أنا والحكيم الجار الوضع رأس على عقب عشان المفتاح .. وبخاطري أعرف من الذكي اللي تركه تحت الفراش اللي جنب الباب ؟
عبد العزيز ناظره بنص عين وهو كاتم ضحكته ووده يقول " الحين هذي سالفة تنقال ؟ "

ولكنه ألتزم الصمت وهو عاذر حماسه وسخافته وما تكلم وهو ينتظر الجادل تتحرك وتتكلم .. ولكنها بقت صامتة
والليّث رجع يقول وهو يعدل جلسته : لقيت المفتاح وخلاص .. ودخلت هالبيت إلا أنصدم ببسه خرعتن وخلتن أحب الأرض من الخـوف
ضحك عبد العزيز غصب عنه على ملامح وجه الليثّ .. وهو أنبسط إنه قدر يضحكه والحين كان دور الجادل ولكنه سكت بصدمة وهو يشوفها ترفع رأسها وتناظر بهدوء : كم عمرك !
رمش بعدم إستيعاب لسؤالها مع ذلك فرحته كانت أكبر إنه سمع صوتها وإنها تكلمت معه ..
عدل جلسته بفرحة ماقدر يكتمها وقال بحماس : عمري ثلاثة وعشرين
هزت رأسها بإيجاب وهو قال بإبتسامة : أنتي أكبر مني بسنتين .. يعني لازم تحنين عليّ بالضعف
ناظرته بهدوء وهي تتأمل وجهه كان أسمر ولكن واضح سماره القوي ماكان له .. قد ماكان واضح إنه بسبب الكد تحت الشمس والتعب .. تأملت ملامحه تفاصيله وجهه .. دقنه عيونه .. سمحت لنفسها تدقق بكل وجهه وكأنها تحاول تستوعب اللي صار .. ولا صحاها من سرحانها الا يد عبد العزيز اللي شد على يدينها
رمشت بضيق وهي تميّل شفايفها والليّث أبتسم وقال : معليتس يالجادل .. أهقى(أظن)إنتس بتتقبليني بيوم من الأيام .. لامنتس دريتي إني تعنيت واجد لأجل ألقاتس
ناظرته وهي ساكتة وهو ما ترك مجال للصمت يدخل بينهم .. بكل فرصة كان يعلق على كل شيء ينقال ويسولف وهو يضحك وكأنه يعرفهم من زمان .. ماباقي سالفة ماقالها ولا باقي نكتة ما ضحكهم بسببها .. كان طاير بالسماء ومبسوط والفرحة بلغت فيه ما بلغت .. بعد سنين الهم والضيق صار له أخت يفتخر بها قدام كل شخص يقول إنه مقطوع من شجرة !
عبد العزيز كان ملاحظ ميانته اللي طيّحها بدون سابق إنذار ولكنه بدأ يتقبله من لمح الرضا والإستيعاب بعيون الجادل .. اللي كانت تحاول بكل قوتها تبدأ تصدق وتتقبل الوضع .. الليّث ماكان معطيها فرصة عشان تكذب أو تنسحب من حياته .. كان مُصر يدخل نفسه بحياتها بكل قوته .. أعلن حضوره ودخوله لحياتها بكل قوته وهي ماكان عليها إلا تتقبل الوضع !
كانت تتأمله وهو يسولف .. ولكن لسبب ما
ولطول المدة اللي أفترقو فيها عن بعض .. واللي ماكانو يعرفون بعض فيها كانت تظن إنها بتحس إنه غريب ! ولكن اللي صار إنها آلفته لدرجة ظنت إنه كبر وهو يداريها ويلعب معها طول وقته !
إنسحب بعدها اللّيث لما أقامو الصلاة وعبد العزيز خرج معه .. تاركين وراهم الجادل .. تفكر بكل اللي صار معها .. بكل المواقف اللي تستدعي التفكير
تحاول تخرج من الموضوع بأقل الضرر ..
وفجاءة من بين تفكيرها أنفجرت تبكي بقوة وهي تغطي وجهها بكفينها وتشاهق بقوة .. ولكن بكاءها هالمرة كان"فرحة،وعدم تصديق" من كان يظن بعد كلامهم وكسرهم مجاديفها بكل مرة وسخريتهم بأنها شخص ماله سند وماهي إلا ثقل على كتوف اللي تعرفهم .. يكون عندها أخ ؟
بكت فرحة وهي تنحني وتسجد بعدم تصديق وهي تلهث بالحمد طوال الوقت .. وكأن توها تستوعب
كانت بتدعي من كل قلبها على اخواله اللي فرقوه عنها وظلموه سنين طويلة ..
تنهدت بضيق وهي تمسح دموعها : أهم شيء إننا ألتقينا وآسفي على سنين مضت وأنا أظن إن مالي سند
وهو يظن إنه يتيم .. وحسبي ووكيلي الله على كل شخص ذوق هالليّث ضيم
--
--
وعدّى أول يوم بوجود الليّث بشكل غرِيب .. ما تصادف مع الجادِل ولا هي قدرت تظهر وتبان قدامه
كانت باقِية بغرفتها طول الوقت !
عبد العزيز كان متشتت .. والدنيا تروح به وتجي .. كان ضايع وحيل .. يلقاها من أي جهة ؟ ويحارب بأي جبهة عشان ينتصر ؟ بس بنفس الوقت كانت مِنقاد لها .. ويحاول يداريها بكل فرصة .. كان طول وقته يطبطب عليها ويسانِدها .. ويسعدها بشتى الطرق
وبعد أذان العشاء من اليوم الثانِي .. خرج من البيت وهو يلتفت بإستغراب لغياب الليّث طول هالمدة
عقد حواجبه وهو يشوفه يجهز شبّة النار بمكانهم المعتاد .. وبيدينه إبريق شاي ويهف بيده الثانية النار لأجل تشتعل .. تقدم بخطوات هادية لين وقف جنبه وقال : حيّا الله بن عنّاد .. منت بهيّن
رفع رأسه الليّث بضحكة .. وصدره منشرح من لقبه اللي سمعه وكثير .. ولكن هالمرة كان غير : حياك يا بن راجح .. ما نتعداك
أبتسم وهز رأسه بإيجاب .. ورفع الفروة وهو يغطي بها رأسه .. ومن جلس عبد العزيز بالجلسة وقدام شبّة النار حتى قابله اللّيث وهو مبتسم .. وبدأ يسولف معه بلا وجهة ..

لحظات معدودة .. وخرجت الجادل من قوقعتها .. والسبب ضحكاتهم الإثنين العالية .. كانت مستنكرة تآلف عبدالعزيز معه بهالسرعة .. وقفت على أعتاب الباب وناظرتهم وهي لافه يدينها حول بعض .. ورغم إنه نهايات صيف .. إلا إن الليلة بها لفحات برد عاتِية .. إلتفتو لها الإثنين بنفس الوقت .. وإنكمشت على نفسها بحياء غريب عليها
تنحنت وهي مجبورة تتقدم وتجلس معهم .. ووقفت بحيرة وهي تشوف السعة جنب كل شخص .. وين تجلس ؟
على طول ناظرت لعبدالعزيز اللي رفع طرف الفروة بمعنى تعالي جنبي .. وهي أنحرجت وماقدرت إلا تتقدم وتجلس جنبه .. مع ذلك كان بينهم فراغ ومكان يسع لشخص ثالث وهالشيء مو عاجب عبدالعزيز أبد .. مع ذلك ما حب يوضحه
الليّث كان يتأمل الجادل ومو تارك فرصة تهرب من قدام عيونه .. كأنه يشبع عيونه بوجهها بعد العناء بدونه .. ومن حس بنظرات عبدالعزيز المستغربة حتى تنحنح وفز وهو يصب الشاي بالفناجين ويمدها لهم : عاد الشايّ حبيبنا .. هاللون (الحين) تغدون(تصيرون) تحبونه بعد
أخذه عبدالعزيز وهو يشرب وأبتسم وهو يقول : كفو .. هالشاهي اللي يمخمخ صدق
ضحك بفرحة وهو يناظر للجادل الصامتة .. واللي فكرها بعيد .. مع ذلك كان مستغل وجودها .. صار يسولف عن الفيّ والضيّ وكل شيء يجي بباله ..
ومن بين سوالفه قاطعها وهو يشهق بخوف ويأشر ورى الجادل : فيه شين وراك راعي شوفي ضبع والا ذيب
خافت وتقدمت بسرعة وهي تمسك ذراع عبد العزيز وهي تشد عليه .. ورأسها قربته من صدره وهي تغمض عيونها .. وما فتحتها إلا على ضحكة عبدالعزيز اللي أربكتها وعلمتها إنها فعلاً فاهية ... وضحكة الليّث اللي رجع يجلس ويقول : شفتس بعيدة كثير عن زوجتس وقلت اقرب المسافه لأنه مو مرتاح و متضايق

ناظرته بطرف عينها وكانت بتقوم بس يدين عبدالعزيز شدّت عليها ولا تركت لها مجال تتحرك .. إكتست حُمرة وحياء وهي تشتت نظراتها وعبد العزيز قال : والله إنك كفو .. تخبرها شوي وتمر من ببينا سيارة من كبر الفراغ
أبتسم الليّث بهدوء وهو ملاحظ تصرفات الجادل مع ذلك ماعلق وقال : شبّة النار وشاهِي ووجيه تسامرها قبل تسامرك .. ينقصّها شيء ولا!
عقد حواجبه عبد العزيز والليّث أبتسم : تخبرون السوالف والا شعر وقصيد اللي تحبون اهم شي تحكون ماهو بس انا احكي
أبتسمت الجادل وعدلت جلستها بلا وعي وقالت بمرح : عزيز يحكي قصِيد .. تنهبل من قوته
طارت عيون الليّث بفرحة وكان بيقوم ويحضنها على حماسها لولا إنه مسك نفسه .. شاركها الحماس وقال : هاللون نبي قصيدة يابن راجح .. ولا تكسر بخاطري وخِيتي !
هالكلمة ممكن تكون عابرة عند الكل .. إلا هي .. كانت مستعدة تبيع كل مالها لأجل تسمعها .. والحِين وهي تسمعها تتردد بمسامعها دُون ما تحرك إصبع مابقى بها عرق مافرح
عدّل جلسته بإبتسامة .. وأصلاً هذا جوه وهذِي جلسته .. وإن كانت الفروة والقمر وبنت عناد حاضره فما ناقص فعلاً إلا قصيدة !
وهو شخص ما يجهل بحركات العِتاب .. ولا بنظرات الضيق ولا بالجفى والصد .. لذلك كان الوضع من صالحه .. عدّل جلسته وقال بصوت خافِت .. ومثل ما ينقال القصِيدة " من القلب .. للقلب "
كانت فعلاً من بين عروق قلب عزيز .. لثنايا قلب الحمامة .. وصابّت !
بيدينه فنجال الشاهيّ ويناظره بلا وُجهة .. وبيدينه الثانِية على كتوفها ولكِن ليه يحسّ إنها بالهواء .. قال بصوت هادِي ولعلّها تريّحه وتستريح من هالعناء : الجادل الّلي يمرّ القلب شارعها ... بين الحنايا تعدّي ماتطالعني
تقفي مع الدم بعروقي وأتابعها ... وأحسّ كنَها على نفسي توزّعني
قامت تبعثر غلا وإن جيت أجمّعها ... أضمّها وآتشتّت لين تجمعني
بين الحنايا تثنّى في مرابعها ... كنَها تقول آتحدّى من يطلّعني
دام الحشى بيتها وآنا مدلّعها ... وش دخّل القلب يزعل يوم توجعني ؟

ومن إنتهى لف بنظره لها ولِقاها متصددة وتناظر لشبّة النار بدون ما تتكلم ..
تنهد وألتفت لليّث اللي قال : والله إن حكي وخيتي صدق .. هالقصيد ما يجي إلا من شاعر كبير .. يسلم منطوقك
أبتسم مُجاملة وقال بإبتسامة : الله يسلمك يابن عناد
إستمرت الجلسّة لوقت قصِير وبعدها إستأذن الليّث ودخل البيت .. بينما الجادل كانت بتقوم .. ولكن يد عبدالعزيز سبّاقة .. شدها له وهو يغطي أطرافها بالفروة وقال بخفوت : إقربي بين الكتف والذراع يابنت عناد .. لا تخلِي للعذاريب بيننا مكان !
غمضت عيونها بترجِي وشدت على كفوفها وهي تحس بأن قلبها بيتبرأ منها .. مع ذلك ما تجرأت تقوم .. بقت بمكانها بدون كلام وهو تِنهد وأفلّتها من يدينه ماكان يبي تبقى معه مجبورة لذلك إنسحبت على طول .. ما تكلم وبقى يناظر الشبّة على نار .. وقلبه يدعِي إن اللي يلقاه بعيونها مشاعر مُزيفة وكلها كذب !!.


وبعد ما مرت يومين .. صعبة حيل على الجادل اللي تحاول قد ما تقدر تتأقلم مع وجود الليّث .. وسهلة ومنبّسطة بالشدة على قلب أخوها اللي أنتهت عذاريبه .. كانت متحفظة معه وقليلة حكي بينما هو مسترسل وكلامه كثير .. وهذا اللي خلاها تتجرأ معه وتبدأ تكلمه وتسولف عليه
بينما عبد العزيز كان مبسوط من الوضع .. لأنه يلمح الفرح بعيونها والرضا بوجهها .. متجاهل تماماً بعض تصرفاتها اللي تشيّب برأسه .. وعاذرها بسبب تصرفات ديرته وأهله .. ومعطيها الأحقية التامة .. كعادته معها
وبينما إنتهت هاليومين .. وبدأت الجادِل تتعود على وجود أخ لها .. واللي بسببّه أنشد ظهرها و زانت الدنيا بعيونها
وقفت بعد آذان الفجر وهي فاهمة تلمِيحات عبد العزيز بأنهم لازم يرجعون قبل العيد .. اللي بيكون بكرة !
ولكنها عقّدت النيّة .. والشيء اللي جاءت عشانه لقرية جدها بعد ست سنين من الهروب راح يتنفذ
والحين عندها أخ ! وهالشيء بيدعمها كثير
هذا كله الكلام كان يدور برأس الجادل
اللي كانت واقفة قِدام زريبة الغنم اللي أعتادت الجادل توقف جنبه بالأيام اللي مضت من حياتها .. خرج

خرج عبدالعزيز من المسجد الصغير .. ومشى بخطوات هادية وهو يتلفت بلا وجهة .. ومن وقف وناظرها بنفس المكان .. حتى تبسم بإنشراح وركّز بعيونه عليها
وبينما ترك الليّث وراه اللي نام بوسط المسجد من تعبّه .. كبّر الخطوة وإتجه لها وهو يوقف قدامها
وقبل ما تِحكي أشر لها تلحقه .. وهي ما أعترضت
ومن وقف على أعتاب حقل الورد .. اللي أعلّن ضياعه فيها قبل سنين بوسطه .. حتى تبّسم بفرحة وهو يشوف الحياة رجعت له .. وبدأ الحقل يرجع نفس ماكان .. إذا ماكان أحسن !
وقفت بنفس المكان اللي أعتادت عليه وهو مثلما تقدم أول مرة وأفصح عن حبه بخاتم ورد .. كانت طبطبته الوحيدة لها الآن هالخاتم !
قطّف الورد وصد عنها وهو يضبطه لها .. أبتسم بخفة وهو يلتفت لها .. ولكن هالمرة ما مدّ الخاتم .. هالمرة سحب يدينها ودخل الخاتم بنفسه وهو يبتسم بهدوء .. على إثر ذلك راقب إبتسامتها الغريبة عليه واللي كان صعب يترجمها !
ومن رفعت كفُوفها وهي تفتحها بخفة وتِظهر الورد اللي بباطن كُفوفها .. حتى تبّسم وهو يشوفها ترفعها وتدخلها بجيبه حتى أيقنت إنه الوقت الحقيقي للكلام .. قالت بهُدوء مصطنع وقلبها ما يبي وعقلها يبي ! : تعرف وش يقولون لا وصلو لآخر طريق مسدود
قطّب حواجبه بإهتمام لكلامها وناظرها بإستفسار وهي رفعت عيونها وناظرته بهدوء :
مـالها إلا الفـرقى يا شيخ ..
صدت بضيق وهي تحاول تِكتم دموعها وقالت بعتب : آخر عباراتي وداع ..وآخر مشاويري رحيل
آرتخى حاجب عبد العزيز .. ولا هزّه شيء كثر ماهزه لقبه من ثغرها .. ماعاد لأيام عزيز شيء ؟
كان يلمح بعيونها كلام غريب ولمعة عتب ولو إنه يحارب عشان ما يفهمه وهو اللي واضح وضوح الشمس بوجه الشروق !
إلتزم الصمت للحظات ثم رفع عيونه لها وهو موقن إنها خارت كل قواها في سبيل الصمود معه .. وهو اللي لاهيّ عنها من قوة همه ..قال بعد مدة من الصمت : وين بتروحي عنيّ ؟ أنا الطريق وأنا المسرى وأنا المشاوير وأنا الحب والفرقى .. مالش غنى عني أبد
شدت على قبضة يدها بعصبية وهي تناظره بضيق .. صعبّها عليها .. يكفي إنها تحارب نفسها أيام طويلة .. آه لو يدري وش مضمون محاربة النفس .. قلبها يقول " ‏وأنتي تدرين إنه الضي وشمسك المشرقة وإنه في كفة والباقي في كفة"
ولكن عقلها وجوارحها تصرخ بغير هالحكي " إعتقيه .. أنتي حمل على كتوفه .. أنتي عبء وضيق ووجودك ماهو إلا كأس من هم يشرب منه وما يرتوي من ضيقه .. طول عمرك ضيق لكل من حولك .. إعتقيه يالجادل"
وكان هذا تفكيرها من اللحظة اللي لمحت وجهه باليوم اللي ضاعت فيه .. كان مكسور والسبب هي
وهالشيء ما تقوى عليه .. بتفكيرها السطحي والغريب أيقنت إنها شيء ثقيل على قلب عبد العزيز وإنها هم وإنها ضيق .. وإنها عذاب ومصدر للحزن .. وشلون لا وهو يحارب كل شيء .. ولايكفي هذا يحارب شعورها معه ! كانت موقنة إنه ما يستاهل يعيش كل هالتعب .. ولايستاهل يتعرض للنقد عشانها .. كانت تدري إنه بيرضى يبقى معها للأبد بدون ما يكون له ولد .. كانت موقنة إنه بيتخلى عن حياته في سبيلها وهالشيء ما تبيه !
ماتبيه يعاني أكثر بسببها .. ماتبيه يعيش الهم أضعاف .. يكفيه ، يكفيه السنة اللي عاش بها الضيق بسببها .. والحين بينهار عشان سالفة هي سببها ؟ لا والف لا .. مستحيل ترضى يتآذى وهي عندها القدرة على طبّه .. حتى لو كان طبّه بعدها عنه ..
الهم كسّى فيها ما كسى لدرجة كلامها اللي رتبّته تلاشى وأختفى .. وشلون تطلب الفرقى ؟ وشلون تقول أنا لك مثل السراب .. ! وحتى بالوقت اللي كانت ميّته فيه رعب .. وضايقه بها الدنيا
وباللحظة اللي لقت الأمان بوجوده .. تحملت قد ما تقدر عشان ما تبّكي بين يدينه .. عشان ما تربطه بها أكثر !
وعت على يدين عبد العزيز اللي أيقن إن مصدر هالكلام من ضيقها عليّه .. والسالفة اللي ما تقفلت لأيام طويلة بسبب صغار العقول اللي متدخلين بحياته .. قال وهو مستعين بالقصيد و يتمنى يوصل الكلام لنص قلبها وتتخلى عن اللي تفكر فيه : والله اني فوق منتي تهقوينه صاحبش وحبيبش واقرب اخوانش
‏كل شي الا الردا لاتظنينه داخلٍ في وجهش ووجه شيبانش
أردف بضيق عقبها وهو يحاول يكتمه ولكن ما قدر : من اللي يقول إن حبي وحبش حرام ؟ عليّ الحرام إن الحرام مفارقش
وأكمل كلامه بإسترسال .. وهو مُوقن إنها تعيش ضعف تعبه من الموضوع اللي تداولوه أهل الديرة .. وهو يدري وقلبه يدري إن هالموضوع آخر إهتمامته هالفترة .. ناظرها بحنيّة وقال : و ترى من كثر مانتي غالية على زود الغلا
‏حتى الضّنى من غيَرش ما بغيته
رفعت عيونها .. وهالمرة كانت جامدة .. لأنه ضرب على الوتر الحساس لها .. سحبت يدينها وناظرته بضيق وببرود وقالت : إنقطع حبل الوصل ياشيخ .. ماعاد للهقوى مكان .. ولاعاد عليك ملام
أنت وش قلت يومني طلبتك الأمان ؟ قلت إني بوجهك وبشنبك .. ميّر وش صار لي ؟ غير الهم والضيق من اهلك ! .. أنا يا شيخ محرومة منك ومن وجودك .. الحب وش يفيد لامن المحبوب لاهِي عن حبيبه ؟ الحب ما يأكل عيش ولا يبعد هم دام القرب ماهو بموجود .. أنت دوم مهملنيّ وأنا ما أرضى بالتهميش
ناظرها بصدمة وهو يرمش بعدم إستيعاب وهي ضغطت على نفسها قد ما تقدر عشان ما تبكي .. هي مضطرة تقول هالكلام عشان يتركها في سبيلها ويعيش اللي ماقدر يعيشه معها .. قلبها ينزف قلبها يصرخ بالوجع ؟ ولكن كل اللي تفكر فيه هو " عـزيز " وإن سعادته من يوم تزوجها غايبة عنه
وأردفت وهي تقول : نخبّر إنك عزيز نفس .. وإن اليد اللي تنسحب من كفوفك ما ترد تمسكها !
كانت مستعدة لكلامه الهادي .. أو لطبطبته عليها .. ولكنها ناظرته بذهول وهي تشوفه يسحب يدينها بقوة ويضغط عليها بشدة وهو موقن إن حكايتهم مثل لعبة وطفل صغير .. مع إنه دوم مهمّلها صعب يرضى بها لغيره .. لذلك كان الوضع يحتاج شدّة لأجل تستعيد وعيها .. وتتذكر من هو عـزيز : إية عزيز نفس .. واليد اللي تنسحب مني مهب بس أتركها .. أبترها بتر يا بنت عناد
أردف وهو يناظرها بنظرات جديدة على الجادل .. واللي أختصر عصبيته بهالكلام : لا تختبري صبري بكثر المشاريّه .. ولايكثر الحكى ويطول الموضوع.. دلع البنات هذا مهب عندي .. والفراق اللي تبينه لو تطولين السماء ما تشوفينه ولا تحلمين به .. أنتي مني ما تتحركين شبّر واحد عني .
تغيرت نبرته للحدة : دريت إن طلبش عشان تجين هالبيت فيه إنّ وما خبت لما دريت .. والحين جاء ذا الليث اللي ما درينا من وين جاء .. بتعزوين فيه يعني ؟ بتتركيني عشان لش أخ ؟
طارت عيونه بصدمة من الفكرة اللي جسَدتها بمخها وقال وهو يشد عليها بقوة وهو كاره الليث اللي من أول يومين قرر يأخذ مكانة الأخ بقلبها : لا تحدّيني يالجادل أشله وأحطه بوسط بيت عايض وأشب فيهم النار وأحرقهم حرق عشان ما يبقى لش غيري .. ولا يهمنيّ لا حكي ولا ملام
كانت ترمش بعدم إستيعاب وهي تناظر بصدمة للشخص اللي واقف قدامها وببالها مية سؤال " هذا من ؟"
أردف وهو ينفض يدينها من يدينه ويقول بحدة خالطها ضِيق : بسوي نفسي ما سمعت هالخرابيط اللي أنحكت .. بعد الضحى ماشيّن الخسوف .. وإن ما جهزتي صدقيني والله إن كلامي لتشوفينه فعل .. وإنتي تعرفيني ما أكذب ! ماراح تشوفين إلا رماد
وقال بسخرية وهو يمشي : أخوتس
صد ومشى عنها .. ومن صد بانت إبتسامة ضيق على وجهه .. دخل يدينه بجيبه وهو يتنهد .. هالأسلوب ما يحبه ولا يبي يتكلم فيه معها أبد أبد .. ولكنه درى إنه بتفكيرها ذا ما ينفع معها غيره ! يبي يقسى لأجل تحس على نفسها وتستوعب كلامها .. وهو داري إنه مقصر بحقها ومو شوي بس .. كثير
بس ماهو بيده .. ولاهو قادر يقطع نفسه عشان يحل كل مشاكله بنفس اللحظة
خرج من الحقل وهو يهز رأسه : أنا ثملت من الفراق اللي خذى وجهي سمه .. وملامح غيبتها دثرتني خمس سنين .. وهي تبيني أعاني أكثر .. لابالله
وقف وهو يشوف الليّث يخرج من المسجد وهو يتمطط وقال وهو يناظره بهدوء : جهّز نفسك يا ولد عناد .. ماشيّن لديرتي .. خذ كل اللي بنيته هنا لأنك بتشيّد مبانيك بديرتي ..


قال هالكلام تارك الليّث وراه مصدوم ومذهول .. وزادت صدمته وهو يشوف الجادل تمشي من جنبه وعيونها تصرخ من الوجع .. أرتبك ماعرف وش يسوي ولكن حدة صوت عبد العزيز خلته يفز فز ويلبي .. لأن إن ماكانت أخته موجودة بهالمكان .. وش يبي !
-
-
وبعد ساعات
كان جالس بالسِيارة .. ومتكّي برأسه على الدرِيكسون ينتظرها وينتظره
قابّض على يدينه بقوة، ويحس بالضّياع ولا يخفي إن شعورها أوجعه حيل .. وموقن إنها من جهة صادقة .. ولكنه جالس يحارب عدو وهمي فتّك راحته وأفترس حياته وهو مو قادر يدافع عن نفسه .. المُفترض تعذره بدون ما يحكي وهو عند وعده لو ما خرجت راح يجيبها غصب !
فكرة الفراق عنها فكرة ممكن تخرجه عن إطار كونه عزيز .. وممكن يتلبس شخصية جديدة حتى عليه !
سمع الباب ينفتح وفز بسرعة وبفرحة .. ومن شاف الليّث يجلس بالمقعد الأمامي بعد ما رتب أغراضه بالدبة أبتسم .. لأن " أول الغيث قطرة" : أرحب يا بن عناد .. علِيم الله بتنور الخُسوف
أنجلط الليّث من تغير مزاجه بساعة بس مع ذلك قال بإبتسامة : إي بالله إني مستأنس إني بجي لمكم (جنبكم) .. يارجل فكرة إني بكون بمكان يكون لي فيه أهل تكفيني والله
أبتسم عبدالعزيز لكلامه ولكن إتسع مبسمه وهو يشوفها تخرج من الباب وتقفله وراها وبيدها شنطتها .. ولكن من أقبلت محى طيف الإبتسامة وألتزم الصمت وهي ركبت بدون ما تتكلم !
وعلى هالحال .. مضى الطريق مابين صوت الليّث اللي يلعلع ومشتط بالسواليف وكانه يعبر عن فرحته عبر لسانه .. ومابين ردود عبدالعزيز المختصرة وصمت الجادل
أذن المغرب وهو باقي ماوصلو .. لذلك وقفو بمكان بالصحراء .. وكعادة الليّث شب النار وبدؤو يفطرون على نورها من الأكل اللي جهزته الجادل على عجل .. وهذا كان فطور آخر يوم برمضان ! في كنّف أخو وسند وعزوة .. وفي كنّف رجال تهابه كل الرجال ولكنه ليّن وله وجه بُسوم معها
إنتهو وطفّى الليّث النار وإستمرو بطريقهم للخسوف .. واللي من دخلو .. أبتسم عبدالعزيز بينما الليّث والجادل ذُهلو .. كانت الحارة كلها مُنورة وزينة رمضان كلها إنشالت وتبّدلت لزينة العيد اللي تدل على جميع أنواع البهجة .. مهب بس كذا توسُطو الديرة .. وضحكت الجادل وهي تتعدل وتناظر الفرقة اللي جالسين بالنص وجنبهم سعد اللي بيده الطبّل وسند اللي واضح يغني من حركاته وضحكته .. مع ذلك قطّع عليها عبدالعزيز الإستمتاع وهو يكمل طريقه ويوصّلها للبيت .. وقف قدام البيت ونزل وهو ينزل أغراض الليّث وأغراضهم وهو يأشر لهادي اللي جاء وهو مستنكر للشخص اللي يناظر للبيت بإبتسامة وقف جنبه وكان بيسأل بس حس ماله داعي
ناظر عبدالعزيز للجادل اللي نزلت ودخلت البيت ورجع يركب السيارة وهو يناظر لليّث : ممسّاك هالليلة وباقي الليالي عندنا .. لين نحصل بيت يستاهلك .. وتخبر الليلة ليلة عيد .. يعني عندنا مابه نوم ولا هدوء
هز رأسه بإبتسامة وهو منذهل من اللي يشوفه .. كان شيء على جوه تماماً .. ومن وقف عبدالعزيز بوسط الفرقة حتى تناثرو كلهم ووقفو قدامه وهم يرحبون بفرحة كبيرة من رجوعه .. لأنه بعد كلامه في مجلسه بعد ذلك اليوم وإنسحابه منه وغيابه خافو كثير ينفذ كلامه ويترك الشيّخة
الليّث ماكان يدري إنه الشيخ .. لذلك كان مذهول من الحفاوة اللي يتعرض لها عبد العزيز واللي كان يقابلها بإبتسامة وبهدوء .. إلتفتو على سعد اللي يدق الطبل بضحكة وسند اللي كمل معه "كل عام وأنتم بخير ضحكة فرح من كل قلب في أحلى عيد"
عبد العزيز أبتسم بفرحة وهو يحاول يجدد البهجة بداخله وإقترب وهو يوقف جنب سند،اللي له مدة طويلة ماحضر الأعياد معه بسبب غيابه،تكاتف معه وهو يغني بصوته الهادي،واللي أعتادو يسمعونه بس بالعيد لأنه هالليلة الكل لازم يقلّط بصوته
الليّث وقف جنب سعد وهو يناظر بضحكة وبفرحة ،ووده يشارك معهم بس ما يعرف أحد
ألتفت سعد بإستغراب وقال : هلا يالطيّب بيننا،ولكن من أنت؟
أبتسم الليّث وناظره وقال :أنا الليّث بن عناد بن عايض
طاح الطبل من يدين سعد،وناظره بصدمة وهو يحك حواجبه بذهول وقال بصوت غريب من صدمته : بسم الله الرحمن الرحيم !
ناظره بإستنكار وسعد إنحرج لما الكل ألتفت له وأولهم عبد العزيز .. اللي تقدم وقال : وش صاير ؟
تفشّل وأنصفق وجهه وهو يتمنى يترك حركاته .. هو وش دخله ينصدم إن ظهر لبنت عناد أخ بعد سنين وبنين ؟ تنحنح وأبتسم بوهقة ورفع رأسه وبيدينه الطبّل .. دبّس الموضوع بالليّث وثبت الطبل بيدينه وهو يقول بضحكة : يقول هالرجل إنه يدق أحسن مني .. وأنا قلت أتحداك بس طاح الطبل مني بالخطأ
ناظره الليّث بصدمة وعبدالعزيز أنبسط إنه قدر يتأقلم على طول ..

ما كسّر بخاطره وضرب على كتفه بضحكة وهو يقول : إطربنا يا ولد عناد .. قلت لك الليلة ليلة مافيها ركود أبد
سند من سمع الإسم طارت عيونه بصدمة وألتزم الصمت وهو يقترب ويهمس لعبدالعزيز : ولد عناد ؟ أرب اللي سمعته صحيح ياعز
ألتفت ورفع كتوفه بضحكة وقال : القدر يابن فيّاض .. ساق لها أخ من أرض الشمال للجنوب
سند كان يناظر لوجه الليّث متوهق ومنحرج .. ويرجع يناظر لعبد العزيز وميّة إستفهام على رأسه وقال : تأكدت من الموضوع ؟ لايكون شخص يكذب عليك .. وةلا شخص له نيّة خايبة ! ماني بمستوعب ظهور أخ من العدم .. وينه السنين كلها ! وليه محد يدري عنه ! حتى عايض !
ألتفت له عبدالعزيز وهو وده يفهمه إنه تأكد إنه أخوها فعلاً من تأمل ملامحهم اللي تشبه بعض الحد الكبير : مجبره (سالفته) كلها عندي .. وتأكدت بطاقته .. الرجل تعذبّ عذاب العالمين يا سند لين وصل لهنا
كان بيتكلم سند ولكنه قطع عليّه الليّث اللي بدأ يدق على الطبل بعدما نشب له سعد .. ولكن دقه ماكان مضبوط وكان يلعب بالعصا على الطبل بدون وجهة .. سعد كان يضحك من قلبه عليه وعبدالعزيز هز رأسه بضحكة وبآسى على تشابه شخصيات هالإثنين .. بينما سند كانت نظراته مثبّتة على الليّث بدقة .. وده يجلس معه جلسة طويلة ويعرف السالفة منه .. لأنه ماهو بأقل من صدمة عبد العزيز .. وشُلون ظهر هالأخ ؟ مسح على وجهه وهو يبتسم بسخرية : والله لو إنك بنت عناد برأسها يا سند ما فكرت هالأفكار كلها
رجع يدخل بالجو معهم وهو يضحك على خبالهم وعلى أصواتهم اللي كرهته بالطرب ومن بعد كثرة اللعب .. رجعو يستكملون لِيلتهم ببيوتهم !
-
-

{ سعود }

كان جالس بحديقة الورد .. ويناظر يمين ويسار وهو مرتبك ومتوتر .. قربت بشرى وبيدينها الكرتون الكبير وهي تناظره بطرف عينها : شهر كامل يالخايب وتوك تتحرك
ناظرها بحدة وقال : هاتي هاتي وأنتي منطمة
ضحكت بخوف وقالت : لا تبحرني(تناظرني بشدة) تراني صادقة .. الأيام مرت مثل السم عليها
وبعدين ليلة عيد المفروض إنك برى البيت عشان نأخذ راحتنا
هز رأسه وقال بضحكة : راحتكم ؟ كل اللي بتسوونه بتدهون الحناء بشعوركم ويدينكم
كانت بتتكلم بس تأففت وهي تثبّت الكرتون الكبير على الطاولة واللي كان قبالها سعود واللي قال : صدقيني لو ما نفعت حركتك .. بحرقك مع هالكرتون
رفعت يدينها وضربت جبهته ووهي تضحك : ولك وجه تتكلم بعد ! أقول إلبخ (أسكت) بس
ناظرها بذهول وهو يتوعد فيها .. وهي متطمنة إنه مايقدر يتحرك من مكانه بسبب الكرتون
ضحكت وهي تأشر له يسكت لما لمحت سحابة وقالت : لا تضيع تعبنا وإترك عنك المكابر .. ترى ماراح تذوق إلا المر وبترعد وتبرّق طول حياتك وماراح تلقى ليلة فيها غيث ومطر أبد
تنهد بضيق من كلامها وهي صرخت بصوت عالي تنادي سحابة اللي فزت بخوف وألتفت لها .. أشرت لها تجي وسحابة ماكانت منتبهه لسعود .. وقفت بصدمة وهي تناظره وهو تنحنح ..
كانت تناظره بصدمة وبذهول .. وهي تُشوف الكرتون المقصوص على شكل مُربع كبير .. ومثّبت على أطراف الطاولة وكأنه تلفزُيون وسعود اللي جالس بالوسط وواضح من الفتحة الكبيرة للكرتون .. لاحظت الرسُومات اللي على الكرتون واللي بسببها ألتفت بشرى وسحبت سحابة وهي تجلّسها بالكرسي اللي قدام سعود .. إقتربت وهي تضحك وضغطت على الزر الوهمي بالكرتون وناظرت لسحابة : إسمعي هالنشرة المشاعرية المباشرة .. وإدحري الشيطان الليلة ليلة عيد .. مابه قلوب متخاصمة ليلة عيد
تضايقت من معرفة بشرى للموضوع ولكن بشرى طبطبت على ظهرها وهي تبتسم : أعرف هالتافة إنه يقط (يرمي) الكلمة بدون مايحس بكبرها .. طول عمره جلف (صخري) وحطبة مايعرف يتعامل مع الإناث الرقيقات مثلنا .. عشـ..
سكتت بصدمة لما رمى سعود الحجر على رأسها والود وده يقوم يكفخها لولا خوفه إن الكرتون يطيح قال وهو يصر على أسنانه : فارقي يالفاجعة
ضحكت بخوف ومشت وهي تناظر سحابة : الله يعينك عليه ..

من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن