33

22.4K 192 62
                                    



حسّت بذراعينه تلتفت حول أكتافها وتقربها له بشدة .. وأبتسمت بضيق لما سمعت همسّه : أنا ورب العبّاد لغيرش عيوني معميّة
وأردف وهو موقن إن اللي صار ماكان إلا محاولة لتفريقهم عن بعض .. وهالشيء أبعد من حدُود الخيال : محد قادر يبعثر ثبّات شخص مثلي غِيرش .. أنتي كل الناس وحدش
إستقرت السكِينة بجميع أجزاءها .. هي واثقة فيه ضعف ثقتها بنفسها .. ولكنها كانت محتاجة تسمع التأكيد منه .. كانت محتاجة لكلماته لأجل تدِثر حزنها وتعانقه بلطف كعادتها .. كانت تبي تكرر الموقف بس لأجل تستريح بين ذراعِينه وتأكد لقلبها للمرة المليون إن هالشخص لها لوحدها .. ومحد يقدر يجاريّها ولا يباريّها بقلبه .. ولا أنثى على وجه الأرض ! وحتى بعد مرور أيام من الحادثِة اللي صارت .. كانت تبِي توضح له إنه ماله خلاص منها .. ولا أنثى على وجه الأرض بتحل مكانها
إنكمشت على نفسها بحياء غريب عليها لما تذكرت وين رمت نفسها عليه .. بوسط البيت إرتفعت من بين ذراعينه ولكن يدينه سبّاقة وضحكته وصلت لمسامعها : العثرة عندي عثرة ! ماوراها قوُمة ياحمامة .. أنتي اللي حدتيني على هالتعلق !
حس بحرارة خدودها لما مرر كفينه عليّها وأيقن إنها وصلت لآخر مراحل الحياء والخجل ‏اللي يخالطّهم التواضّع،مثل ما القهوة يخالطـها الهيّل بأعذبّ التواصيّف
كان يتأملها وتدور بباله كلماته الجزلّة بديّـعة وخُلّابـة المستحـوِذة علّئ الانتبّاة،صعُبة وموزونة ،وأبيَاتّ الجزلة في قوالبّ من العباراتّ البليغّـة،قال وهو يحسها بتنهار من شِدة حيائها من قربه : ‏"وليّا تعانقّ خجلها معّ تواضعهّا عانقتّ ليلٍ علّئ مسرّاة شجّعني"
ياكثرالعذوبّة ..!
خلاابّة وفذة وفاتِنة ..واجد
وهالوصف كله ماكان لأبيات القصيد .. كِثر ماكان للي تتوسط ذراعِين عزيز .
-
-

{ اليوم الأول من شهر رمضان المُبارك في ربُوع دِيرة الخُسوف البهيّة .. تحديداً أمام مجلس الشيخ عبدالعزيز بن راجح }

إستدار بجسدِه العريض وهو يُلقي نظرة تفحُصية لِللمكان بعدما أطلق تنهيدة عمِيقة من وسط صدره وهو يبتسم بروحانِية لخُسوفه اللي مُلأت بالحياة لما زارها رمضان ! شِعارات الهلال مُعلقة بشكل كثِيف بالشوارِع ، الفوانِيس تكسُو المكان ببهجة ، أصوات التِسبيح والذِكر تعلُو المكان من مآذان المساجِد ، الأطفال يكسُون المكان ببهجة خالطها براءة .. لم يتبقى سِوى ساعات معدُودة للإفطار .. أُلقي في قلبه الفضُول لمعرفة أحوال سُوق ديرته .. وفِعلا إستغل الوقت وخطى بخُطواته الهادِية ناحِيه هذا السُوق اللي تكسُوه الحياة بشكل كارثِي ..

أصوات البائعين تتعالى .. رائحة الأكل تفِيض ، ضحكات أصحاب الدكاكِين العالية واللي مجتمعين قِدام دُكان شخص منهم .. إلتفاتهم له سلامهم الحار .. تبارِيكهم بحلُول هالشهر العظيم عليهم وهو شِيخ لهم .. كان مبسُوط والفرحة بلغت بقلبه أقصاها
كان ولازال هالشهر يمحِي كل هُموم تعبر على قلبه .. والآن وهو شِيخ ووسط رجال قبِيلته يسمع دعواتهم الحارة له .. كان هالشيء كفِيل يرفع سعادته للضِعف .. وكما هُو معتاد في رِبوع هذه الديرة .. بوقت يؤذن المغرب يجتمع كُل من يريد في مجلس الشِيخ لإستفتاح صِيامهم !
وفِعلاً .. بدأ صوت المُؤذن يصدع بالأرجاء .. مُعلن إنتهاء فترة الصُوم لهذا اليوم الطويل .. إتجه كُل رجال هذه الدِيرة لِمجلس الشِيخ .. مُحملّين بكُل مالذ وطاب .. فكما هو مُعتاد أيضاً أن يُخرج كل شخص من بيته فطوره معه ! ويجتمع بأحبته في مجلس هذا الشِيخ العظيم ..
-
وفي بِيت الشِيخ .. إلتفت الجادِل بإبتسامة وهي تِلقي نظرة سريعة على المُكان اللي بدأ ينتعش من حُضور أهاليّهم .. لأنهم متعودين يحضُرون جميع أهاليهم بأول يوم برمضان.. ألقت نظرة سرِيعة على الحُضور .. أهل نعمة ورحمة .. أنكسر خاطِرها على المزن اللي كانِت خاليّة من عزوة يسانُدوها هاللحظة .. لِذلك وقفت جنبها وهي تشّد على يدينها بإبتسامة .. الأيام السابِقة .. مرت بهُدوء مُحبب .. وتجهيزات لإستقبال هالشهر العظيم
نقلت أنظارها لدُخول حياة مع أم سند وضحكت بفرحة .. كونُهم فعلاً راح يكونون معهم بأول يوم .. لا تخفى فرحة أم سند على أحد برجوع حياة لِولدها اللي من رجعت أحيّتهم بكُل حب .. ولا يخفى عليها هي سند الجديد اللي كانت ضِحكته تسابق بعضها بحضورها .. تطمنت وأستراح داخِلها وهي تلمح إبتسامة حياة وحماسها للحُضور .. كونُهم مثلها هالرمضان أول رمضان لهم بهالأرض .. وما إن صدع صُوت الآذان حتى لمحُو حضور أم سعد اللي أصّر عبد العزيز يحضُرون لبيته مثلما أصر على مسّاعد .. واللي كان عيّب بحقه يجمع كُل العوائل ويترك عائلة زوجته .. ولو إنه ما يدانِيهم



أستقبلتهم الجادل بحفاوة .. ولا قصّرت إبتسامتها ماخانتها وبيّنت ضعُفها إتِجاه أمها .. جلسّت حكمة برأس السفرُة وبدؤو الكل يجلسون لما إنتهى تقديم الأكل .. أبتسمت مُنى بحياء وهي تصد عن الجادِل لما ضحكت وقالت : وأخيراً .. مابغينا
حياة أبتسمت بِضحكة وقالت : الموضوع كان بيدي ترى .. شُوفيني محضر خِير لما رضيت الكل عاش بسعادة
ناظرتها مُنى بنص عين وقالت : شُفتي إنك فال شر ؟ كلنا كانت حياتنا متوقفة على كلمة منك
رفعت كُتوفها بضحكة وعدم معرِفة .. وكلهم ألتفتو بنفس الوقت على صُوت نِعمة وهي تقول : وعساش مبسوطة ياشروق مع الشيخ الشايب ؟
شروق إلتزمت الصمت .. ونقلت نظرات سرِيعة لهم .. شُلون تخبرهم إنها مرتاحة لدرجة الراحة تفِيض بحياتها ؟ وإنها ما توقعت إن هالشايب بيكون بهالرضا معها ؟ لا يخفى على أحد ملامح الرضا على وجهها .. ولا على حياتها اللي صارت لطيفة بوجود أمل معها .. واللي ما ظنت إنها بتتقبلها للدرجة هذي !
لتُردف حكمة بضحكة واللي كانت ناقدة بشكل كبِير على شرُوق وهي تأخذ التمرة وتقول : بترتاح يا نعمة .. يومنّها أعرست بشايب رجل بالدنيا ورجل بالقبر .. ولاهب بس كذا ولدها بيصير الخلِيفة وراه
إلتفتو كُلهم لأمل اللي تزحزح الصمت من حلقها وقالت بإستنكار لكلامهم : الشيخ مساعد للآن بقُوته .. والأعمار بيد الله يا أم راجح .. وإن كان ولد شرُوق كفو فيصير شيخ هِشيمان بعد مساعد .. وين المشكلة !
إلتزمو الصمت حتى جوارِحهم صمتت .. إلا هِي .. تزلزل كُل كيانها وهي تِحس بالدموع تخترق خدها
صدت بُسرعة وهي تنزل وجهها للأرض عشان محد ينتبه .. شدّت على قبضة يدينها بكُل قوتها " هذي أمي ؟ اللي قِضيت سنِين عمري معها مُهانة بسبب ضُعفها .. الآن تحترق بسبب كلامهم عن زوجة أبوها ؟ " يا قسوتك يا أمل .. يا سخطك على حمامة كانت تُكابد في غياهِب الظُلم وأنتي متلزمة الصمت
رفعت عُيونها لما حست بدفء كفُوف تعانق كفُوفها ولما لمحت إبتسامة مليانة حنيّة على وجهه هذه الكريمة حتى تِسللت الدمعة مُجبرة من محاجِرها .. رفعت كفها ومسحتها على عجل وهي تقُول : ما خبرتك ضعِيفة يابنيتي .. مهيّب مشكلة لامنّهم ما قدرُو رونقك يا حمامة
تأملتها للحظات وهي تِتنهد بإمتنان .. بُشكر قبل ما يمون لِلمزن .. لله اللي عوضًّها عن كُل نقص بحياتها بجبر وعوض أكبر وأكبر !
ألتفت لكلام حياة اللي تجّردت من هُدوءها وعصفت بكُل عصبية لما لاحظت خُروج قوة أمل بوقت خطأ ولشخص المفروض يكُون لبنتها لتقول بعنجهية : أبلغ السوء اللي مُمكن يصير .. تِسمع صُوت الأم يرتفع لأجل شخص ما بينه وبيُنها معرفة .. ولما يتحول المُوضوع لضناها تِصير فزّاعة لا تكش ولا تنكش .. الموضوع محزن بصراحة
أمل أيقنت إن الموضوع مُوجه لها لذلك إلتزمت الصمت بضيق بينما شُروق اللي ضربت على أوتارها .. صحِيح إن الحياة أهدتها لسند .. وهي خرجت خارج إطار الموضوع .. ولاصار يهمها
ولكِنها للآن ما تقبلتها .. وكانت مستعدة تستقعد لها على الكلمة : لما يكُون الظنا ما يستاهل .. ماهو بذنب الأم !
حياة ومُنى إلتفتو بسرعة للجادِل اللي إستمرت تأكل بعدم إهتمام من كلمة شُروق واللي إخترقت صدرها مع ذلك ما أبدات أي مشاعِر سيئة على وجهها
إحترقت حيَاة من رد شُروق .. لأنه وبطريقة ما مسّ صاحبتها لِذلك ردت بكُل غضب وهي تحاول تُوازن نبرة صوتها بس ما قِدرت من شعورها السيء : اللي تُقول هالحكِي أم .. عزتي لولدها عن كل ضِيم بيصيبه .. مافيه أم تظن إن ولدها ما يستاهل .. أكره أهل القلوب الحجرِية
كانت بتُرد شرُوق لما حسّت إنها مستقصدتها ولكِن أم سعد قاطعتهم بهُدوء : رمضان خير .. وأول فطور .. مهُوب ضرورة نتكلم عن هالمواضيع
حياة للآن معصبة وماهي قادرة تسُكت رغم يد منى اللي تقرصها : رمضان خير ما أختلفنا .. ولكن يا ...
سكتت وهي تسمع تراحِيب نعمة العالِية واللي بسببها إلتفتو كلهم وأول الجادِل اللي من لمحتها إشتعلت عصبِية وغيظ .. لهم وجه يجون بعد آخر مواقفهم .. والا لإنها إلتزمت الصمت أول مرة ؟
تظن لأنه أول يوم برمضان رح تسكت بعد ! وتتركها تسرح وتمِرح ببيتها على هواها ! لا وألف لا وحتى لو أستخفو بعقُلها كلهم .. مستحيل ترضى تبقى هالبنت ببيتها لحظة وحدة
لِذلك تخلت عن الجلُوس ووقفت وهي تكتف يدينها وعلى إثر حركتها الكل ألتفت لها بإستنكار !
قالت بعصبية وهي تحس بنار تشتعل بجسدها بمجرد ما تذكرت وقوف هذه الأنثى بحضن عبد العزيز : لايكُون طردي لك المرة اللي فاتت ماكان كافِي ؟ لأجل تقبلين بكل وقاحة مرة ثانية .. والا أنتي من طينة عمتك ! ماعندكم ذرة كرامة ..



نفضت المِزن يدها من الأكل بخوف ووقفت وهي تناظر للجادل : يُمه وش صاير ؟
نعمة اللي إشتعلت وقالت : تطردين ضيُوف الشيخ يا الخايبة !
حياة ناظرتها وهي تهز رأسها بعدم رجاء : بدأ رمضان وهالشيطان للآن ما أنربط
منى دفتها بعصبية وقالت : أسكتي ما تشوفينهم بادين هوشتهم
حياة ناظرتهم وقالت وهي تناظر لبنت أخو نعمة : تستاهل .. يارب تفرك وجهها بالأرض الجادل
نعمة سحبت يد زوجة أخوها وبنتها وقالت : حياكم حياكم ببيتكم وملفاكم .. ولا يغركم قليلين الأدب
وقفت قدامها وهي تتأفف بضيق .. ماودها تِتمادى ماودها تطلع حرتها هاللحظة قدام الكل .. بس اللي يصير خارج عن إرادتها
إلتفت وهي تقول : غرِيب أمركم .. تتعاطون الردى تعاطيّ .. تبينُون بكل مرة معدنكم .. وترجعون وكأنكم بريئين والطهاره متشربين بدمكم .. تبغون تظهرون إننا الرديّن !
نعمة ناظرتها بحِدة وهي تشد على حجابها بعصبية لما نقلت أنظارها للحاضِرين .. ورجعت تناظر لزوجة أخوها المنحرجة ولبنتها اللي متخبِيه وراها .. ما ظنت إن الجادل بتفكر تسوي هالشوشرة ..خصوصاً إنها أيقنت بعد سكُوتها عنهم المرة السابقة إنها بتلتزم الصمت .. مع ذلِك قالت وهي تناظر لحكمة : يرضِيش ياعمة ؟ تنهر ضيوفكم في نص بيتكم ! ماخبرنا آل جبار يرضيهم هالفعل .. إلا لو تغيرت أساليبكم بسبب الدخلاء .. مابرضى ولا أرضى تنطرد زوجة أخوي من بيتي بالطريقة ذي
حكمة ناظرت للجادل وقالت : إقصري الشر يا زوجة الشيخ .. وخلي ضيوف الرحمن يقلطون على الفطور
تأففت وهي تصد بوجهها عنهم .. وتناظر للمزن اللي تتأملها بهُدوء ومن لقت بعُيونها القوة والدفعة اللي تحتاجها .. حتى قالت بهُدوء ممزُوج بالرزانة : المرأة اللي عيونها على رجل غيرها .. وترتمي بين أحضان رجل ماهو بمحرمها .. هذي ما أناظر بوجهها مهب بس ما أستقبلها ببيتي .. إن بقت للحظة بس بهالبيت .. والله إن تصير علوم ما تخبرونها كلكم !
شهقت المزن ونعمة بلعت ريقها بصعوبة .. وصار اللي ما حسبت حسابه !
إلتفت لنعمة وناظرت بوجهها ثم ناظرت لوجه بنت أخوها : وصلت فيك المواصيل تخلين ولدِي يطيح بهالإثم !
حكمة اللي أشتعلت نار .. واللي قرأت الموضوع كله من عقل نعمة بالذات .. وعرفت وش هي تبي توصل له .. وهي أكثر وحدة تعرف وش هِي نعمة .. شلون تبي تظهر لهم وحدة ثانية من نفس العائلة .. خصوصاً إنها بدأت تستلطف الجادل بشكل كبير قالت بحدة وهي ترفع عصاتها ناحية نعمة : تجرأتي على تية " هذي " الفعلة يا نقمة .. عساش بالقصاص .. والله ما تفلتين بذيلش
نعمة ناظرت لزوجة أخوها وأشرت لها تخرج ورجعت تناظر لحكمة بخوف : إسمعيني ياعمة .. هالوقت مهب وقت عتاب وهالكلام .. الضيوف يناظرون فينا .. والغرباء بيضحكون علينا ويتشمتون فينا .. لاتخلينا فضيحة عشان ذيا الموضوع
حياة وقفت وهي تمشي بإتجاه الجادل وقالت وهي تناظرها بهدوء : لا تسكتين عن هالموضوع !
إلتفت لها وتنهدت وهي تترقب كلام حكمة اللي ما هدأ لها بال .. واللي أردفت : والله ما تهنين هالليلة .. والعلم بياصل لبن جبار وهو يتصرف
طااح قلبها ودموعها تجمعت بعيونها بخوف .. الموضوع صار له فترة .. وسكوت عبد العزيز عن الموضوع كان مريّحها ومطمنها .. بس الحين ! والموضوع صار بين يدين راجح .. واللي حلف لو يوصله خبر عن ضغطه على حياة عز راح ينهي إرتباطه فيها .. هذا غير فضيحتها قدام أكثر الناس كره بحياتها .. تكلمت برجفة : لا تبيعيني ببلاش قدام اللي يسوى واللي ما يسوى يا أم راجح
المزن كانت بتتكلم بعدما ضغطت عليها نعمة من كل الجهات .. عرفت وش سبب عدم الطمأنينة بوجه ولدها .. كله من كيد نعمة وأهلها ومن بادرت بأول كلمة من حديثها حتى ألتفتو كلهم بصدمة ناحية الصرخة العالية واللي بسببها إنتفضو بخوف !
نسيم اللي كانِت طوال اليوم تتحمل قوة الألم اللي يزورها وتتجاهله ظناً منها إن كبقية الأيام السابِقة .. إنما شيء بيمر مثلما مر غيره .. طوال الجلسة كانت تشد على طرف ثُوبها .. وتكتم صرخاتها بوجع
وهي بعيدة تماماً عن جدالهم وكلامهم اللي ماكانت تِسمع منه شيء من أثر الوجع عليها .. ولما إشتد الوجع عليها .. ماقدرت تكتم صُوتها أكثر أطلقت صرختها اللإرادية وهي تِحس بالوجع ينهش عظامها واللي بسببها الكل ألتفت بخوف .. وأولهم الجادل اللي إنطلقت بإتجاهها مُتجاهلة المشكلة تماماً
لما صرخت رحمة وهي تقول : بتولد .. بتولد الحقونا
نفضُو يدينهم من على هالسفرة .. اللي ماطاب الأكل فيها أبداً .. وبدؤو يستنفرون بالمكان بخوف وهم يصارخون .. وأصواتهم تعلى بسبب صرخات نسيم العالية .. حياة وقفت وهي تضحك بخوف وتناظر لوجه نسيم اللي تغير بسبب الوجع : منى .. هذا إستشهاد وجهاد ورب العباد ..


منى ناظرتها بتوتر .. ورجعت تناظر لنعمة اللي باقي واقفة مكانها وتناظرهم بتردد : لا والله هذا إختبار للصبر .. بعض الأمهات عيب نسميهم بهالإسم والله ، بعدين وقتها تولد يعني ؟ ليه ما أنتظرت عشر دقايق والا ساعة وسابتهم يشفون غلِيلي بهالنقمة !
حياة اللي من تكلمت منى كانت موجهة نظراتها لأمل اللي واقفة جنب شروق وتناظر بلامبالاة وقالت : إييي والله ما يستاهلون !
بعدين قالت بضحكة : يعني ترجع رأسه وتقول إنتظر لين نسمع الطلاق مثلاً ؟ العجب والعُجاب يا منى عندك
كتمت ضحكتها بسبب جدية الموقف وهي تِناظر للكل كيف محتاس إلا المتحجرات يناظرونهم ببرود
-
-
{ بمجلس الشيخ }

واالي كانت الرحابة ممتدة بصُدور الكل .. الضحكات عالية والسواليف بصدر رحب تنقال .. والإبتسامات تُوزع بكل حب .. كعادة أول يوم صيام واللي يجتمعون فيه بدون نفس ثقيلة
سند اللي كان على يسار عبد العزيز .. وعيونه على مساعد اللي جالس وبحضنه سند الصغير ومِشتط عليه وهو يأكله بحماس .. ويضحك معه وكأنه صديقه .. ولا كأن فارِق العمر بينهم قُرون طويلة ! ومواقف وأشخاص .. للحظة راودته إبتسامة بسيطة .. كون هالطفل ماراح يعيش وحيد بعد وفاة أبوه .. تِطمن عليه وأرتاح .. ويمكن كان شايل همه بسبب إرتباطه بإسمه .. !
إلتفت وهو يشوف جسّار اللي جالس جنبه متوتر .. وعلى وجهه يبان عدم الراحة وسأله بفضول : وش صاير ! ليه منت بقادر تفطر براحتك
إلتفت له وقال بتوتر : ماني بداري .. قلبي ينتفض وأحس بيصـ..
بمجرد ما أنتهى من نطق حرف الصاد
دخل هادي وهو يأشر بيده لجسّار .. ولعبدالعزيز بنفس الوقت واللي فز وهو يقول " يارب سلّم يارب سلّم"
خرج عبد العزيز وناظره بإستغراب وقال : عسى ماشر يا أبو سحابة
هادي قال بتوتر : الأهل يقولون .. حرم جسّار بتولد
فز من مكانه .. وثبت شماغه بيدينه وهو يركض بكل سرعته بإتجاه سيارته
وعبد العزيز صرخ عليه وقال : تعال يالخبل .. والله ما أخليك تسوق وأنت مربوش" مشتط" كذا
أشر على هادي وهو يقول : عُلم يا أبو سحابة
مشى بسرعة وهو يركب سيارته .. واللي أتجه بها للباب الخلفي .. وقف وهو يشوف جسّار واقف جنب الباب .. وضحك بسبب إرتباكه
أنفتح الباب ونقل نظراته لنسيم اللي تمشي بصعوبة ومثبتينها ثنتين .. وحدة عرفها وميّزها على طول .. وشلون ما يميزها وهي حمامته ! والثانِية ماعرفها
أخذها من بين يدينهم وهو يشوف جسّار مبتعد خطوة لورى وواضح محترق من خوفه .. وألتفت وهو يشوف سعود يركض بإتجاهها وهو يصارخ : جاء الفرج جاء
ناظره بصدمة وهو يأشر له يسكت ووقف وهو يفتح الباب لنسيم اللي ركبت وهي تحاول تكتم شهقاتها .. ركب جسار قدام وهو متوتر
وسعود ناظر بسرعة للشخص اللي واقف جنب الجادل .. وميّزها على طول .. شلُون لا وهو منحرم من قربها أربعة أيام بلياليها ! واللي بعد آخر موقف لهم سوى ماعاد ظهرت بحياته ! ولاكان له وجه يجاريها .. ومن لمحته حتى أنسحبت وهي تدخل البيت .. والجادل أضطرت تركب هي مع نسيم .. أنطلق عبدالعزيز للمستوصف وهو يحاول ما يتهور بسرعته .. ولكن صرخات نسيم كانت تحدّه على السرعة .. جسّار كان متوتر وعاض على يدينه بقوة وهو مغمض عيونه وقلبه يرتجف .. شهور طويلة يتمنى هالليلة .. ولكن من جاءت .. تمنى إنها تأخرت من رهبة الشعور
-

إنتهت صلاة التراوِيح .. خُمدت أصوات المُصلين .. ولكن صُوت جسّار للآن يعلى .. كل شوي يصارخ وعبدالعزيز يهديه بكل طاقته ولكنه أبى يهدأ .. الخوف والقلق والرهبة إجتمعو بقلب هادِي وبارد .. مرت ساعات طويلة .. ويدين جسّار على قلبه
وكل اللي يقدر يسويه يدعي لها .. تنهد عبد العزيز وهو يمسح على وجهه بتوتر لما لاحظ حضُور راجح وسعود ومرأة تمشي وتتلفت بخوف .. واللي من إنصرفو الضيوف توجهو للمستوصف على طُول
قال راجح بتوتر : بشرو يا رجال .. حضر الحفيد ؟
هز رأسه بلا .. وهو يتنهد بخوف : لابالله ياعم .. الورد ما ظهر للآن .. علِيم الله خوف العالمين بقلبي .. من متى والولادة تطول بهالشكل !
ضحك سعود وهو يضرب كتفه بعشوائية : تحسسني إنك ولدت خمسين مرة .. يا رجل إهجد بس تراك أقلقتنا
ناظره جسّار بطرف عينه وسعود ضحك غصب عنه
وهو ملاحظ توترهم كلهم
إلتفت الجادل وهي تناظر للي وقفت جنبها وهي متلزمة الصمت .. والخُوف والرعب واضح بعيونها .. عرفتها لذلك صدت عنها وهي تهز رجلينها بتوتر والود ودِها تخنقها ولكن مو وقته
ثم صدت بضحكة ساخرة وهي تحمد ربها إنها لوهلة تحرك حِس الأمومة عندها وقدرت تتحرك وتجي لهالمكان !




.
خرجت المُمرضة اللي أُنهكت من شدة التعب .. واللي أُستدعت من المستوصف بالديرة اللي جنبهم
وناظرتهم وبيدينها ورد وعلى مُحياها إبتسامة هادية
تزعزع كُونه .. تزلزل قلبه وإرتجفت كل مشاعره بلهفة .. بخوف .. بشوق .. بفرحة
فز من مكانه وهو يضحك ببلاهه ووقف قدام الممرضة وهي يبتسم وبعيونه الدمعة .. تنهد بطمأنينة وهو يتأمل وجهها وقرب وهو يبُوس رأسها برضا : اللهم لك الحمد .. يارب لك الحمد !
وأخيرا شرفتي يا سيدة كُل البنات .. وأخيراً جيتي يا روح أبوك ووردته
ساعات قليلة .. ونُقلت نسيم اللي أنتهت كل طاقتها الى غرفة الزيارة .. واللي من لمحت أمها حتى غرقت عيونها بالدُموع .. ومن نزلت صدت بتعب وهي تحس بالضيق ينهش عظامها .. إقتربت نعمة وهي تبوس رأسها وتبارك لها وهي ردت عليها بهدوء
جلس جنبها جسّار وهو يمسح دموعها اللي تنزل من تعبها بشماغه ويدينه على كفوفها .. واللي ألتفت لسعود اللي ضحك وقال : ورب البيت حتى عصاته اللي يتكأ عليها ماعاد أحتاجها .. وكأنه ريح عاصفة من سمع صوت هادي ركض وكأنه ماصابه ضر ، ياليتنا بدال الأربع أشهر وحنا نمشيه بالمستوصف .. ولّدنا نسيم غصب عنها .. والله إن كان تلبّسته كهرباء ومشى منذو مبطي ..
إلتفت نسيم بذهُول ما خُفي على جسار وقالت بهلفة : صدق اللي قاله سعُود ؟ مشيت دُون عكاز !
ضحك بفرحة واللي ما أستوعب هالشيء إلا لما صار بالمستوصف ووقف وقال وهو يترنح قدامها: أبشرك .. جيّة ورد أحييت كل العروق الميتة وأصبحت بخير وفي خير
تنهدت براحة وهي تغمض عيُونها بطمأنينة وفتحتها على صوت عبد العزيز اللي بارك لها
ومن سلم عليها .. حتى ألتفت بإبتسامة وهو ينحني ويناظر لبنتها بكل حُب ولهفة .. كان يتأمل عيونها وهي مغمضة ونايمة بسلام .. ويدينها الصغار اللي مقفلتها وشادة عليها .. ولرموشها الطُويلة والكثيفة .. أُغرم بكل تفاصيلها كونها أول طفلة يحضر الساعات الأولى من حياتها
تأمله كان تحت أنظار الجادل .. اللي من لاحظت اللمعة بعيونه حتى ضاقت عليها الوسيعة .. وتحّجم قلبها لدرجة حسته بينفجر من الشعور السيء اللي أحاط فيها .. واللي زاد بكثافة لما ناظرت لنعمة .. ولقتها تناظرها بسخرية لما فهمت قصدها
خرجت من الغرفة .. وهي تحاول ما تنفجر بكاء .. الموضوع صار يضغط عليها من كل الجهات .. ولابيدها تسوي شيء !
لفت بسرعة لما حست باليدين اللي تشد على كُفوفها وللصوت الهادِي اللي تسلل لمسامعها : الواضح تعبتي كثير هالليلة .. وأنا ماأرضى على تعبش .. تعالي نرجع سوى البيت .. ونكمل أول ليالي رمضان معش بروحانية .. واللي سرقوها مننا تجمع اهل الديرة
أبتسمت بهدوء وهي تهز رأسها بإيجاب .. وهو بادلها الإبتسامة ومشى معها بعد ما بلغهم بأنه بيخرج وبيرجع البيت بعد ما تِطمن على أم ورد
-
-
{ حيـاة }
كانِت جالسة على كُرسيها المُعتاد بغرفة سند ..
وتقرأ الجزء المحدد لها بخُشوع تام .. تنهدت بطمأنينة وهي تقفل المُصحف .. أبتسمت بخُفوت وهي تِتذكر أيامها الهادية في كنّف سند .. واللي أجزمت إنه تغير .. أو بالأحرى ماتغير ظهر على حقيقته اللي حبّته منها ! وتعلقت فيه بسببها
تذكرت كلماته .. همسّه .. وصوته اللي أربكها
لا يخفى على أحد إن سبب رجوعها كانت رسائله اللي سجلها بكل رحابة صدر ..واللي خلتها ترمِي وشاح الكبرياء بكل بعد عنها ..
إستنكرت صُوت التلفون اللي رن بأرجاء الغرفة .. ووقفت وهي تتلفت بإستغراب .. ومن شافته تقدمت بسرعة وهي تناظره بغرابة من وجوده هنا .. ردت على عجل .. ومن سمعت صُوته وهو يقول " مُذهلة .. ماهي بس قصة حسن
رغم إن الحسن فيها بحد ذاته مشكلة".
لتردف بضحكة وهي تجلس جنب التلفون : على قُولة خالتي صفيّة .. رمضان خير يالمُوسيقي !
ضحك من ضحكتها وقال بهدوء : شُلون يعديّ .. ولقبي لازال نفسه
ميّلت شفايفها بإستنكار وقالت : لا تِربط لقبك بالأغاني.. أنا أخترته لأن إسمي من منطوقك كان موسيقى
سمعت صوت ضحكته العالِية واللي بسببها إنحرجت وقالت بتوتر : وش صار ؟
ليهُم بالقول : أنتي الوقوف رغم الظروف .. مع ذلك رضختي لي وأنحنيتي .. والله إنه أكبر إنجاز بحياتي
أبتسمت بخُفوت وقالت بعد تردُد : ماكُنت برضخ للحظة .. لولا آخر رسايلك كان ما تعِثرت برضاك
من سمعت إنك بقسايّ بتحبني .. أيقنت إنك صرت محكُوم بحبي وللأبد .. وأيقنت إن رضاي الخيار الصحيح .. وشُلون ما أرضى على رجُل حتى بصعوبتي وبقساي بيدللني .. أنا أعرف أقدّر النعمة يالمُوسيقي ..
إنتظرت رده لثواني قليلة ثم من سمعت صوت قفل الخط حتى ميّلت شفايفها بعدم إعجاب وبذُهول من تصرفه ..
قفلت التلفون ورجعته مكانه .. وهي ماتدري من اللي خبّاه عندها ..

وقفت وهي تتنهد بهدوء .. ثم أبتسمت بعشوائِية وهي تضحك على تصرفاته .. شُلون توه خارج من عندها مع ذلك أستوقف نفسه جنب كشك التلفون بس لأجل يتصل عليها .. وهو نفسه اللي ترك التلفون عندها لأجل يسمع صوتها بمروره لمجلس الشيخ
لفت بخوف لما أنفتح الباب بقوة .. ودخل سند وهو يتنفس بسرعة .. أنحنى على ركبه وهو يثبت يدينه عليها ورفع رأسه وهو يبتسم بصعوبة ويناظرها وعلى ملامح وجهها القلق والخوف
أستقام بطُوله قدامها وأبتسم وهو يحاول يرتب نبضات قلبه وأقترب دُون كلام وهو يحاوط خصرها ويعانِقها وسط ذهُولها من تصرفاته .. ليهمس بعدها : وظنك .. إن إعتراف مثل إعترافك بيمر بإبتسامة من ورى التلفون ! لاوالله مايمر إلا لما أدخلك بين ثنايا قلبي
ضحكت بصدمة لما أيقنت إنه ركضه هالمسافة كلها بس لأجل يرد على كلامها .. شدت على يدينه وهي تبتسم : إية .. عشان تعرف إني ماني بشخص عادي .. أنا ماني مجردة بلا ميزات .. شخص مثلي يستاهل ينحب حب غير عادي، لأن فعلًا أستاهل أنحب بطريقِة ترضي غروري! إللي يشوْف الناس كفة وأنا كفة ثانية تمامًا
‏ضحك من نرجسيتها .. اللي يعشقها حيل .. ومُوقن إنها صادقة بكل حرف تقوله .. قال بإستشهاد من مواقفه معها : إيه والله تستاهلين تنحبين بطريقة ترضيك .. وعلى خشمي إن كان منيتك السماء عدّي على كتوفي
أبتسمت بهدوء وهي تغمض عيونها بتوتر .. قالت كلامها عشان تستفزه .. لأنها تحبه لما يتنرفز
وكانت تنتظر رد مغاير تماماً لرده .. لذلك تلحفت بلحاف الحياء لما شد على خصرها .. وغمضت عيونها وهي تِحس إن روحها من فرط الحُب توردت
-
-
{سعد}

غمض عيونه بنعاس شديد وهو يمسح على وجهه بتعب .. طول الليل مانام .. ولكن مُلزم يكمل مهمته ويوصل المعلمات اللي تكفل بهم .. كان واقف قدام باب بيتهم
ومكتف يدينه وهو يناظر بنص عين لصُهيب اللي كان مستعد يروح معه .. كشّر بوجهه وصد عنه .. وهو يتذكر إن أمه حلفت ما يشوفها ولا يكلمها ولا حتى يفكر فيها إلا بليلة زواجه .. ومن حلوفتها وهو يأخذ صهيب معه بعدما رفضت المعلمة تأخذ ولدها معها
سمع باب بيتهم ينفتح .. وفز بإبتسامة وهو يحاول قد ما يقدر يصّد عنها .. ولكن قلبه يلتفت
ومن نزل يدينه وألتفت ناحية الباب .. حتى ناظر بصدمة لأمه اللي تناظره بإبتسامة : منتظر حد غيري يا سعد !
هز رأسه بالنفي وهو يناظرها بذُهول .. وأم سعد أشرت على صُهيب : توكل إرقد يا صُهيب .. أبلشناك معنا يا وليدي
ناظرها صُهيب بإبتسامة طفولية وهز رأسه بطيب وهو يرجع بيته .
أم سعد فتحت باب السيارة الأمامي وجلست وهي تأشر له بعيونها .. تنحنح ومشى وهو يركب ومن شغل السيارة حتى أنفتح باب السيارة وركبت مُنى بصمت ..وهي كاتمة الضحكة على أم سعد اللي حلفت تروح معهم بعد ما خطبّها وهو متغير وصاير خفيف وكل لحظة يستغلها عشان يكلمها .. ولكن أم سعد حذرته إنه ما يقرب خُطوة منها ولا يطول لسانه لسانها إلا بعد الزواج .. لذلك كانت مثل العصا بينها وبينه .. ودائماً العنصر الثالث بمكان يجمعهم .. واليوم مانامت بعد السحور بس عشان توصل المعلمات مع سعد
مر على بقيّة المعلمات وكل مرة يلتفت لأمه اللي كانت تقاوم النوم وضحك بصدمة لما نامت أول ما وصلو المعلمات المدرسة : والله إنش صاملة يا أم سعد .. مصرة على قطع الوصل مع منى .. ياويلش من ربي ترى قطاع الوصل بين الـ...
سكت بصدمة وأنلخم لما شافها تناظره بحدة وتنحنح وهو يعدل جلسته بضحكة وهو يرجعها للبيت
-
-
وعلى أعتاب يوم جديد .. واللي على إثر ولادة نسيم
مرت بقية الأيام بسلاسة وهُدوء .. خوفاً على نفسيتها اللي صارت مُتعبة حيل بسبب تعبها بولادتها
ولكنها بنفس الوقت مرت بمشاعر لطيفة .. ف بحضور ورد لحياتهم .. تُوّردت كل زواياها
صار الحضور والجلوس عند نسيم بعد كل فطور روتين يوميّ بالنسبة لهم .. يصبحون على صوت صراخ ورد .. ويمسُون عليه .. مع ذلك مستأنسين عليها
وبعد جلسة مليانة ضحك وسوالف بسيطة .. بعيدة تماماً عن التوتر بعد غياب نعمة اللي من حضرت نسيم البيت وتطمن عليها إنسحبت لبيت أخوها خوفاً من راجح يعرف باللي سوته وينهيها
وقفت سحابة بعد ما سمعت كلام رحمة : سحابة .. ترى بيت اهلش جنب بيتنا ولايبي لها إلا خطوتين .. وش ذا الشوق اللي عدّى عليه عشرة أيام وولدي بجناحه لحاله
تنحنت سحابة بإحراج من كلام رحمة .. وهزت رأسها بإبتسامة وهي تخفي توترها : إتفقت معه أرجع الليلة .. لا تخافين
هزت رأسها بإيجاب وهي تناظرها بنِص عين ..



وسحابة إضطرت تتجه لجناحها معه بسبب نظرات رحمة لها .. لأن مهما صار وبيصير يستحيل ترضى تدخل رحمة بمشاكلها مع سعود .. والأهم يستحيل ترضى تكبر الفجوة بينهم .. كل اللي صار كانت تظنه قرصة إذن له .. لأجل يتعلم الثقة !
كل دعواتها صبتها في سبيل إنه ما يكون بالجناح ولكن خابت أمانيها وهي تشوفه جالس على التلفزيون ويناظر بعشوائية للتلفزيون بمكانه المعتاد .. الأيام السابقة كلها كان يعيش إحراج ماعاشه طوال حياته .. منقهر متفشل وضايع وتايه ! وكلما قرر يكلمها تختفي من قدامه .. وكأنها تماماً تعيشه نفس الشعور اللي عيّشها إياه لشهور طويلة
ومن لمحها دخلت عليه حتى فز من مكانه وفزت كل جوارحه وهو يناظرها بلهفة وشُوق ..

أبتسم خاطرها من فزته مع ذلك إدعّت البرود وهي تغمض عُيونها بضيق وصدت عنه بإنزعاج.. شلُون رجعت لهالغرفة عشان ما تنكشف أسرار زواجها وهي خرجت منها مكسوره ومذلولة ! والأهم رجعت دون يراضيها ؟
رفعت يدها وهي تبعد الشال عن شعرها .. وهو تأمل معصمها وأظافر يده اللي كانت للآن محفوره بجلدها الحسّاس .. بلع ريقه بصعوبة وهو يتمنى باللحظة ذي تِنكسر أصابعه ويرتاح من الوجع اللي نهش عظامه .. تقدمت وهي تمر من جنبه بدون إهتمام وإنسدحت على السرير وهي تغمض عيونها بتوتر وهي تحاول تدعّي النوم .. عشان ما يبدأ النقاش بينهم وهي ماهي بمستعدة له ! كُل اللي سواه كان إقباله عليها .. ووقوفه على رأسها .. ومن حسّت فيه حتى رفعت يدها وهي تغطي عُيونها بمعنى " لا تقرب "
إنحنى وهو يثبت معصمها بكفينه .. وقبّلها الجروح اللي تِسبب فيها بكل آسف ووهو يحس إن وده ينهار عندها باللحظة ذي ويعبّر عن ضيقته بسبب سواياه معها ! سحبت يدها بعصبية وهي تناظره بحدة وهو ناظرها بضيق وفضّل الإنسحاب لأنه موقن إن مُناها تبقى لوحدها هاللحظة بعدما لمّس الإنحراج بعيونها !
غمضت عيونها وهي تتحسس معصمها ومكان قُبلته .. وحسّت بالدموع تتجمع بعيونها .. أول مرة تحس بالضياع الكبير هذا ! حتى لما أختفى بعد طلاقه من كوثر لسنة كاملة ماعاشت كل هالوجع .. يمكن لأنه لها هالمرة وقريب منها للحد لو رفعت إصبعها لبّى .. مع ذلك ماهي قادرة ترفع حتى طرف إصبعها له !
تنهدت بضيق وهي تسحب المسبحة من على الدرج .. وتبدأ تسبح بهدوء .. وهي تدعي بكل صدق إن الله لا يرميها بنار المشاعر !
-
-

ومن بين ضحكهم قالت بشری بسخرية : كله كوم . وسعود الشايب كوم ثاني .. أجل يطقطق على صهرنا الغالي بسبب خوفه على نسیم ، وهو لو صابت سحابة شوكة تكهّرب بمكانه
ناظرتها الجادل بنص عينها وقالت : کله کوم وبشری کوم ثاني .. أجل السؤال مفاتیح الغیب خمسة لا يعلمها إلا الله إذکریها تقومين تستهبلين عليها
ضحكت وهي تعدل جلستها : وأنا الصادقة .. کیف لا يعلمها إلا الله وتبغاني أذكرها
الجادل ناظرتها وهي تتذكر صدمتها من إجابتها : والضفدع يحرم شربها لأنها من المسكرات
قفلت بشرى الكتاب واللي كان کتاب آخر مادة بتختبرها وضحكت وهي تغطي وجهها فيه ونسيم ضحكت بذهول من كلام الجادل وقالت بفشلة : ما أقول غير الحمد لله إنك اللي صلحتي ورقتها .. ولا كان فشلتنا
بشری قالت بضحكة : ماعليك .. إزهليها كل المعلمات حاطتهم بجيبي ناظرتها الجادل بطرف عينها : قومي قومي ذاكري . بدال ما تكتبين أجوبة تفشلي نفسك بسببها
بشری ضحكت وهي توقف وتقول : لنا الله مابقی غیر مادتك .. يارب إنك كاتبة أسئلة سهلة والا بوسوس برأس عبد العزيز عشان يعطيني إياها ويغدر فيك
ضحكت وهي تتذكر محاولات بشرى الحارة إنها تأخذ منها سؤال واحد بس رفضت .. وألتفت بإستنكار لدخول عبد العزيز اللي ناكِس شماغه .. وراجح اللي عيُونه مشبعة وجع .. إنتفضت قلوب الجالسِين في حيرة وفي خوف .. وتحولت نظراتهم لترقُب ..
ومن ركّز عبد العزيز عيُونه على وجه أمه .. وزفر بكل تعب وهو يتأمل وجهها وبعيونه واضح الإنكسار
حتى غمضت عيونها وهي تِحس إنها دنياها إنهدت على رأسها .. كيف لا ؟ وهي بنظرة من عيون ولدها فسّرت وفهمت كل اللي يبي يقوله
إلتفتو كلهم لشهقة عالِية صدرت من صدر هذه الحنوُنة ليتبعها صوتها اللي صار أشبّه للهمس من شدة البكاء : آخر إرتباط لي في الحياة فارقني صح ياعز !
زفر بتعب وهو يمسح على وجهه .. ويحس الكُون على وسعه ضايق فيه كان يردد " اللهم لاإعتراض " ولكن ماكان عنده القدرة الكافية ولا الطاقة اللي بتخليه يسمع نحِيب أمه على موت أخوها الوحيد !
إنحنى بعدما إشتد الوجع عليها .. ولف يدينها حول كتفها وهو يشد عليّها بحنية .. بينما راجح كان يناظرها وبقلبه مليون غصّة ..



هالإنسانة الوحيدة اللي كان مستعد يفيدها برُوحه ولا يشوفها تضِيم !
ترك عبد العزيز المجال لِـ راجح اللي أنحنى وهو يدارِيها .. وبينما الجادل وقفت وهي تشد على أكتافه حتى أبتسم لها بهدُوء .. ونقل نظراته لأمه وهو يقول : عسـاه بآعلى منازل الجنان يـا الحنونة .. والله يرحمه ويربط على قلبش بالصبر
وأكمل كلامه وهو يقول : هيـا يا أم عزيـز .. جهزي ملابِسش بعون الله نلحق على العزاء !
ما تركت مجال للنقاش .. كانت مستعدة تروح مسافة يومين كاملة بس عشان تداري قلوب عِياله .. كل عرق بها ينبض بوجع ويصرخ .. مابقى لها من أهلها أحد ! مابقى أحد يشيل إسم أبوها غيرها .. وهذا كان أقوى وجع تلقته بحياتها بعد خبر وفاة عزيز !
-
-
مرت أيام رمضان .. مليئة بالتعب ولو إن الروحانية تطغى عليها .. مرت بهدوء متناغم على حياة البعض منهم .. أجواءه كانت ممتعة يتخللها الفطور اللي يجمع بعض البيوت .. تنقل الصحون والأطباق من بيت لبيت إذا إقترب موعد الآذان .. السمرات اللي تكون بعد التراويح .. وإجتماعهم ببيت وحدة يتدارسُون القرآن .. إنتهت الإختبارات بخيرها وشرها .. وُزعت النتائج .. البعض راضي والبعض ساخِط ولكن هذا نتيجة عمل يده ..
( لمحة سرِيعة عن حياة كل شخص في هذه الحكاية )

عبد العزِيز ~.. كان ولا زال بأرض نجد العذية .. منكسر الجناح بسبب أمه.. يداري وجعها بوجوده .. ورافض تماماً الرجوع للجنوب دونها .. لذلك كان ينتظر إشارة منها للرجوع .. ولو إنه مشتاق لأرضه وقبل أرضه مشتاق لحمامته .. ولكن قد قالها من قبل إن أمه قبل قلبه حتى

الجادِل ~.. الحمامة المكسُورة .. حملت هم فوق همّها .. تِحس إنها وحيدة بأرجاء هالمكان دُون وطنها .. كان إبتعاده أشبّه بسحب الأكسجين من رئتيها .. ولكنها لازالت تُقاوم العثّرات .. النغزات .. والكلام اللي يُرمى عليها دُون وجهة .. غافِلين تماماً إنها شخص هشَ كلمة قادرة على كسره !

سند ، حياة~.. ما شهُدو على إستقرار حياتهم هالكثر من قبِل .. أيقن كل شخص منهم إنه المُكمل للآخر .. وإنه تخبُطاتهم كانت سبيل لتقريبهم لبعض أكثر

سعد،منى~.. بعد خبر خُطبتهم .. رفض عبد العزيز يكُون بطرف سعد وقوله إنه " أنا بطرف بنتنا .. أخطبها أنت مني " كان بالنسبة لسعد بالدنيا ومافِيها .. وبالنسبة لمنى طبطبة بعدما زعزعت الحياة جميع أركانها ! عدّت أيام رمضان وهو يحترق من الإنتظار .. ويحسب اليوم بعد اليوم لأجل ينتهي هالشهر ويحلّ العيد لأجل ينعقد هالنِكاح وتصير زوجته .. ومنى مثل ذلك

سعود،سحابة~.. علاقة متوترة من جميع الجهات ! خوف قلق إرتباك من جهة سعُود للآن صادة عنه .. وتداري خيباتها لوحدها .. وهو للآن متربطة يدينه .. كان ولازال مايعرف الإعتذار ولا يدّل له درب .. ولكن مع ذلك كان يحاول بشتى الطرق يرضيها بأفعاله بينما هِي غافلة عنه .. كسّر خاطر وجرح قلب .. وإنهيار كبرياء .. مشاعر سحابة هاللحظة لا يلُومها لائِم عليها شلون أُجبرت تتخلى عن كبريائها بسبب أم زوجها .. لأجل ما تِلقى الشفقة والتدخل من المجتمع المحيط فيها !
-
-

{ بِالطريق اللي يُؤدي للخسوف البهيّة }
نقلت أنظارها بتعب لعبدالعزيز وقالت : يايمة .. مطوليّن .. ذابت ضلُوعي وحنا بالطريق
ناظرها وتنهد بضيق .. وراجح قال بعتب : إفطري يالمزن وإتركي عنك الجهاد .. ترى الدين يُسر ماهب عسّر
المزن قالت بعدم إهتمام : علموني كم باقي للطريق .. وعلى إثرها أفطر والا لا !
عبد العزيز قال بعشوائية وهو يأشر بيده : أوه مطولين يايمة .. إفطري يرضالي عليش
تنهدت بتعب وهي فعلاً ماكانت قادرة على المقاومة وأخذت الموية وهي تبلّ ريقها بصعوبة ..
بينما عبد العزيز ناظر لساعته وهو يُشوفها إقتربت من الرابعة مساءً وأيقن إنه بحلول الفطور راح يكونون بالخسوف
-
-
ومع إقتراب العِيد .. واللي بدأت مظاهره تِنتشر بجميع شوارِع الديرة .. واللي بدؤو يلبسُونها الحلّة الجديدة ..

ضحكت سحابة وقالت : ما أنصحك .. يضيقون الخاطر .. خصوصاً عمتي نعمة موجودة .. يوه بعد آخر مشكلة بينكم واللي ماقدر عمي راجح يعرفها بعد بسبب موت أخو عمتي المزن صارت سلِيطة لسان وبجيحة وتخوف .. نصيحتي لك إتقِ شرها .. والمجلس خالِي من جدتي .. ومجتمعين نكايد الديرة فيه
ضحكت بصدمة وقالت وهي تناظر سحابة : سحابة ترانا برمضان .. ماباقي حسنة معك بسبب حشّك فيهم
عضت على شفايفها وقالت بضيق : أستغفر الله لي ولهم بس .. المشكلة ما يستاهلون
هزت رأسها بضحكة .. ومشت وهي تدخل المجلس بعدم إهتمام لِلجالسين .. توجهت على طول للمِيزب اللي يضم بحناياه ورد المُشعة بالحياة "فراش مصنوع من الجلد ومقوى بأربع قطع من الخشب أو الأغصان في أركانه الأربعة بشكل طولي ويتم حمله بالتعليق على الكتف"


واللي كانت نسِيم تاركتها جنب بُشرى .. جلست وهي تتناولها بين يدينها وتسميّ عليها بإبتسامة وهي ملهوفة عليها .. ولادامت إبتسامتها لفترة طويلة وهي تسمع همسهم اللي زاد عن حدّه .. ياحبهم للتمطيط ولكثرة الهرج بأمور غيرهم
كانت تظن إنها بتتقيّ كلامهم بسبب رمضان .. ولكن ظنها خاب .. سمعت بعض الكلام اللي تبادر لها ( الله يستر لا يصيب ورد شيء بسبب عيونها ) ( اي والله خايفة تعطيها عين إشبحي "ناظري" كيف تشبح"تناظر" فيها ) ( وا عزتي للشيخ لامنه بيشوف هالمنظر ، أكيد بيعرس عليها ) ( يقولون ساحرته ومسويه له عمل ، مايقدر يفارقها ولا يتزوج عليها)
ومن بين الحكي اللي كانت نعمة تسمعه وضحكتها ترن بالأرجاء وصل لمسامع الجادل كلامها ( بنت أخي جاهزة عشان الخليفة .. وقد قلت لهم ، وبيني وبينكم حكمة موافقة مير إنها خايفة من راجح يعصب عليها .. وأنا مستعدة أنهيّ المهزلة وإنتظار الحفيد باللحظة ذي ) ولتكمل الأخرى بقولها اللي بتّر كل الراحة المتبقية بجناحيّ الحمامة ( لا يا نعمة .. البنت ذي بنت راعي وأمها راميتها شر رميّة .. لامنها تطلقت من الشيخ وين الأرض اللي بتقبل بها ؟ خايبة وظهرها مكسور ولا لها أهل غير هاللي ساحرته .. إن كان بيعرس دون يطلقها فحلو ) .. وبكل مرة كانت تظن نفسها قوية .. كانت تنهار تدريجياً من الداخل !
كانت مذهولة مصعوقة مصدومة من سوء قلوبهم .. يعرفون أتم المعرفة إن الكلام وصل لمسامعها مع ذلك مستمرين .. نقلت أنظارها لبشرى اللي كانت مستندة برأسها على المركى ونايمة .. ورجعت ورد بالميزب وهي تبلع ريقها بصعوبة وتناظر لهم نظرة مليانة شرر .. لعلها توضح لهم عدم إهتمامها
ولكن هيهّات .. خرجت من المجلس وهي تتنفس بصعوبة .. وتناظر لكل شبر بالبيت وتحسه يضغط عليها .. شعورها ما ينوصف هاللحظة
عاشت مشاعر القسوة لشهور طويلة لوحدها دُون تبوح فيه لأحد .. والحين تراكمت كل هالمشاعر لدرجة ماكان عندها القدرة تقاوم .. هالديرة خالِية من وطنها هاللحظة .. خالِية من الإنسان الي بمقام أبوها .. خالية من شخص قالت أنا أمها .. ماكانت قادرة على البقاء فيه لحظة وحدة .. لأنها حسّت بإنهيار كل مقومات الحياة بنظرها .. كانت تبي يرجع النفس لرئتيها بعدما ظنت للحظة وحدة إنها بتموت بأرضها من شدة القهر .. دخلت بلا وجهة للمكان الي يحتضن عبايتها .. سحبتها بقوة وهي تخرج .. ولكنها لفت أنظارها فروة أبوها الي جابتها معها إحتياطاً من برد الجنوب الي ما يعطي خبر لاحضر أخذتها بين كفينها وطلعت بدون ما تعطي خبر .. وبدون أحد ينتبه عليها .. خرجت من البيت الي صار مثل السجن بالنسبة لها .. وصارت كوابيسها تعيشها فيه .. كانت تناظر بشوارع الخسوف بلا وجهة .. تايهة ضايعة هالكلمات ماكانت قادرة توصف وضعها بِالدقة ! ماكانت تِحس إنها على الأرض
كثر ماكانت تحس إن الأرض على صدرها .. تمشي بدُون وعي .. التراكمات كانت قادرة تنهي حياتها من شدة الوجع اللي أصاب قلبها وتركها تصارع الوهم لوحدها .. كانت محتاجة بس دفعة بسيطة عشان تنهار وتطيح من فوق جبل هالحياة .. وفعلاً الدفعة ماكانت بعيدة ! ولا كانت بسيطة كانت دفعة شرسِة من ثعالب ماكِرة ترتدي الطهر وعند المكائد تخلع هذا الثوب وترتدي المكر .. وهذا الدفعة تركتها تنهار دون علم منها
-
-
{ عبد العزيز بن راجح }

وصل لعتبات بيته .. وعلى إثر وقوفه جنب الباب ونزول أمه .. أذن المغرب واللي نتيجته كان إجتماع الرجال بمجلس الشيخ .. نزل بسرعة وهو محترق من شُوقه لها .. ويعد الأيام لأجل يرجع لها ويشوفها .. ولكن نداء هادي له وإخباره عن ضيوف الرحمن أقبلو لمجلسه .. ربّط يدينه وخلاه يغير وجهته .. وقلبه تركه على بابها
دخل لمجلس الشيخ .. وألقى السلام برحابة عكس الضيق اللي بداخله .. قلّطهم بمجلسه وجلس يفطر معهم .. وإضطر يبقى لين أنتهو من فطورهم .. وصلو صلاتهم جماعة .. لحظات معدودة قُدمت فيها القهوة كضيافة بهم .. وبدأت سوالفهم اللي ما تِنتهي .. ومن قرر يستأذن إلا يأصل لمسامعه الموضوع إللي لأول مرة ينفتح وينسمع له : طال الموضوع يا شيخ .. إلتزمنا الصمت فترة طويلة .. ميّر بتكتمل السنة والخليفة للآن ما حضّر !
إتسعت عُيونه بصدمة وناظر بحدة لصاحب هذا المنطُوق وهو منلجم من وقاحة سُؤاله .. هو من لأجل يتكلم عن هالموضوع اللي ما يخُصه !
ليردف التالي واللي خلّى عبدالعزيز ينثر غضبه من تدخلهم : وهو صادق يا شيخ .. بدِينا نشك بوجود عيب والا قُصور بِـ حفيدة هشيمان
تراقص الجنون على رأسه وهو يحس بأنه عقله بينتثر من غضبه بسبب تطرقهم لزوجته بهالحكي ..



وقال بحدة وهو متجاهل تماماً كونه شيخهم .. أو كونهم ضيوفه .. : عندي صبر وسعة صدر وطولة بال ، أمور كثيره أتعامى عنها وأتغاضى ، أعدي الزلات ، طناخة ومرجلّة .. لأني شخص أعرف مكانتي وأعرف حدودي .. مير تتعدى أنت وإياه حدك معي .. لا واللي بسّط سبع لأهينكم وأهين كرامتكم
فزّ راجح من مكانه .. وسند اللي كان جالس جنبه وقف بصدمة من كلام عبد العزيز وهو يحاول يهديّه .. ولكن هيهات .. الكلام ضرب على الوتر الحساس .. على نقطة ضعفة ! وهذا كان كفيل بأنه يتخلى عن جميع مبادئه عشانها

لا شدّه ذراع سند قدرت تسكته ولا وقوف أبوه قدامه .. كان كل ضلع فيه يصرخ من شدة غضبه ليكمل بصوته الحاد اللي كسر قلوبهم فيه : إلزم حدك .. وإقضب أرضك أنت وهو .. أنا ما سكت عن تدخلكم في أمور كثير عشاني جاهل وأعديّ .. لا ياولد أمك سكت لأني شيخ وواجب أصفح .. لكن إتعدى على هلي .. تخسى وتعقب وتهبى أنت وغيرك
إنتفض قلب هذا الرجل بصدمة من غضب عبد العزيز اللي زلزل كل من بالمجلس .. واللي بسببه وقف الثاني وقال : لايا شيخ .. ما خبرناك سلِيط اللسان هالكثر ! نعرفك عزيز نفس بس ماهب علينا
رد عليه عبد العزيز وأخلاقه ماكانت سامحة له يتنزه عن الرد: اي والله اني عزيز النفس ‏ونفسي ليا عافت . . الحاجه تخليها .. لا تخليني أرمي شيختكم وقبيلتكم وأرضكم هذي ورى الشمس .. لا تخليني أصير عميّ وأحرقكم كلكم .. إياني وإياك
لف بنظرة وهو يناظر لكل من بالمجلس .. على مُحياهم الصدمة لأول مرة يقابلهم عبد العزيز بالوجه هذا .. لأول مرة ما يحسب حساب كلامه : الكلام يتعداكم .. كلكم محصورين فيه .. علم ياصلكم أنتو يالخسوفين وغيركم لو تقربون شبر بس حول هلي وصوبي والله لأنهي إرتباطي فيكم ولو هو دم
راجح يناظر فيه بصدمة وبذهول يعرفه لا تخلى عن الحُلم تخلى .. ولكن هالمرة كان الموضوع قوي .. حيل قوي !
وسند اللي كان ملتزم الصمت واقف وراه .. ويدعمه بكل كلمة .. هو بنفس موقن وش ممكن يسوي عزيز لا لمسو طرف لبنت عناد !
ألتفت عبد العزيز بضحكة ساخرة للشخص اللي وقف وقال : حنا عكازك يا شيخ .. لاتخطي علينا
ليرُد عليه وهو يرفع حاجبه : ‏ واقف بلا عكّاز ماني بحاجه ‏للي مراكيهم على هبّة الريح
ألتفت وهو يشوف جسّار يسحبه من كتفه ويقول : رمضان خير يا شيخ .. إمسح خطاهم بوجهي
ناظره عبد العزيز للحظات وتأمل وجهه .. شلون قدر يتحمل هالحكي خمس سنين ؟ وهو أنقال له مرة وتزلزل كيانه .. وفي سطوة غضبه تذكرها !
تذكر حمامته الهشَة .. اللي غاب عن باله تماماً إنها بتتعرض لهالنوع من المضايقات .. الشعور اللي زلزله كان قادر إنه ينهيه .. شلون بشخص رقيق مثلها ما يقوى على الوجع !
زارت الرهبة قلبه ونفض يدين جسار من يدينه وهو يتعدى كل من بالمجلس .. ويطلع منه وعلى إثر خروجه لحقه راجح .. تاركين رجال الخسوف اللي نصهم ثايرين على عبدالعزيز .. والنص الثاني معطينه الحق
كان يسابق الخطوة .. مرتجف وكل نبض بقلبه يصرخ بـ" يا ويلكم مني لو قربتو صوبها " كان خايف حيل على مشاعرها من هالموضوع .. القلق اللي محيط بحياته كان قادر ينسيه كل هالهوامش .. ولاكان قادر يسيطر على كل شيء .. دخل وهو يتنفس بصعوبة من غضبه .. والأهم من خوفه كان يدور عليها بعيونه .. متجاهل جلستهم كلهم بالصالة وإحاطتهم بنسيم .. لما مالقاها عندهم إتجه لغرفته فتح الباب على عجل وهو يناديها بلهفة : ياحمامـة !
ما وصل لمسامعه ردها .. عقد حواجبه وخرج من الغرفة وهو يدور بعيونه عليها .. جنب الإسطبل ، حديقة الورد ، المطبخ !! غايبة تماما عن نظره
تزلزل قلبه بخوف .. وتقدم وهو يجر خطواته بإتجاههم .. وهو يشوفهم واقفين ويناظرونه بخوف .. كانو مرتبكين بسبب حالته وبسبب ملامح راجح الغاضِبة .. وقف قدامها وهو ينقل نظراته عليهم وقال وهو يتنحنح : بنت عناد وين هي ! ليه ماني بقادر الاقيها
المزن تقدمت وهي تناظرهم وقالت بقلق : مهيَب بغرفتها ! من يوم رجعت ما شفتها .. وعلى قُولة بشرى إنها خرجت من بيت أم حسّن العصر ورجعت البيت وإستقرت بغرفتها وكأنها تطلب الراحة
هز رأسه بالنفي وهو يرجع يدينه خلف ظهره .. ويضغط عليها بكل قوته بعد ما حس إنه قلبه بدأ يعاني من الخوف .. رفع نظره وهو يصرخ بعصبية : وينها ؟ بيت شيخ الناس خارجين طالعين منه .. يستحيل تختفي !
إلتزمو الصمت .. لأن محد فقدها ولاحد ترقبها ولا سأل عليها .. ومن لما رجعو البيت ما دخلو عليها ولا تفقدوها أصلاً .. وكلهم شاهدين على بحث عبد العزيز عنها بأرجاء البيت .. لذلك الكل مذهول .. وين ممكن تكون !


#يتـــــــــــــــــــــــــــبع....


من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن