31

22.8K 203 49
                                    



ناظره بوُجوم وقال بِضيق : هالرجل متى بيعدل سيارته ؟ كل مرة رح يقروُشهم كذا .. الِشيخ ما يدري عن هالموضوع ؟
ليُرد شاكِر بعتب : إلا بالله يدري .. وكُل مرة يصلح له السيارة .. ولكِن هالسواق غشِيم .. وكل مرة يطلع له بلاء
إقتحم الغضب ملامح وجهه وقال : إن كان بيسوي هالسُواة دائماً الأفضل يجي سواق غِيره
ناظره شاكِر بنظرة فِهم سعد مغزاها .. وتِنحنح بعدها وهو يعدل وقفته ويقول : خير خير.. إن شاء الله
فز شاكِر على عجل وقال : الشيخ عز بن راجح
تِلفت سعد بإستنكار ولما لمح هادِي عرف إنه ينادِي على زوجة الشيخ .. وقبل ما يخِطي خطوة ناحية هادِي .. لمح خُروج ثلاث بنات يكسُوهم السواد
ولكِنه صرف النظر عنهم وهو يتنحنح .. وقبل تنزل عُيونه للأرض أنتبه للِي تمشي وبيدها لُوحة بِيضاء مكسُوه بألوان قوس قُزح .. تبِسم خافِقه .. إمتلأ قلبه طرب .. سكّنت بِملامحه الطمأنينة .. وهو بس عرف إنها هِي اللي تتقدم للسيارة .. وإنه فعلاً قادر يحس بُوجودها !

تقدم على عجل لهاِدي اللي كان واقف قدام السيارة اللي من دخلو البنات فيها كان بينحني ويدخل لولا سعد اللي أستوقفه وهو يبتسم بهُدوء وقال بصوت هادِي .. ماقدر يخفِي فيه شُوقه.. ولا كلامه العذب اللي يوصله لها دائماً من بين السُطور .. وُرغم ذلك تِفهمه وتدري إنه يعنيها ولأنه مُو قادِر يوصل لها غير هالمرة إلا بصُعوبة : سلام عليّك يا الرجل المِقدام .. وقلُوبنا تحت ظِلك .. طالبك ترجعها لِنا .. والا ترجعنا لها
ضحك هادِي على كلام سعد .. اللي ما فِهم مغزاه وأقترب وهو يُضمه بشوق .. بينما هِي أنكِتم النفس عندها .. تسارعت دقات قلبّها حد الإنِكار .. ذُهلت دُهشت صُعقت .. كانت تظن إنه لامجال للتخاطُر فيما بينهم بعد أربعة شهور من التفكير فِيه .. شُلون ظهر من العدم هاللحظة من غزّى على فِكرها .. شدّت على طرف عبايتها وهي تِبلع ريقها بصُعوبة ورفعت عُيونها ناحِيته .. وهي تسترِق النظر له .. من ثُوبه الأبيض لشعره اللي تارِكه دُون غترة لأول مرة .. واللي يتخلّلها بعض الشِيب واللي مازادِته إلا هيبة ووقار .. لِضحكته الهادية وعُذوبة السلام اللي آسرتها .. واللي كانِت قادرة بسببه بس .. تِمحي كُل عتبها عن غِيابه .. وتِختلق له مِية عُذر لأجل تعذُره قبل يخِطي خطاه حتى !
حاولت تِخفي فرحتها .. دهشِتها .. إرتِباكها ولكِن فشّلت من عانقت عُيونها عُيونه .. واللي على إثرها رسم إبتسامة كُلها عذوبة على وجهه وهو يِصد عنها بعدما أستأذن هادِي وهو يِنسحب للسِيارة .. كانت جالسة بالجِهة اليسار من السِيارة .. وبِمقدرتها تِتأمل كُل تفاصيله إن إلتفت ولو بمِقدار زاوية .. وفعلاً ما تركت للمِكابر دُور .. لفت بوجهها وهي تحاول تِخفي إرتباكها ولِقته واقف بنفس مكانه .. يدينه بجيبه وعلى مُحياه نفس الإبتسامة ويناظر للسيارة بهُدوء وكأنه يقُول " مانِسيتش.. أنا عُمري إبتدأ معش " وهذا افلي فِهمته من تصرفاته .. إرتعاش ، رجفة ، إختِلاج ، إنتفاضة
جمِيع مُرادفات هذي الكلمة أستقرت بِجسدها واللي من لمحته مابِقت على حالها أبداً .. ولا بِقى بجسدها نبض صاحِي .. إنتبهت للجادِل اللي شدت طرف عبايتها وهي تتنحنح وهمسِت لها : إركدي يا خفِيفة
وعت من إرتجفافها وهي تعدل جلستها .. وتِتمسك بأطراف اللُوحة بقوة وهي تِضغط عليها وتحاول تِرتب فوضويتها .. إلا إنها ما قِدرت
سمعت همس الجادِل وضِحكتها الهادِية اللي حصرتها بين مسامعها ومسامِع منى : ماكُنت أظنك تحبينه لهالقد !
نقلت أنظارها للِجادل وفعلاً الجُملة دارت بأنحاء عقلها " متى حبيته للدرجة اللي ينتفض بها قلبي بالطريقة المُخيفة هذي لمجرد إنه لمحه ؟ متى صار قلبها مُلكه ؟"

لتهز رأسها بإِنكار وهي تحاول تِلملم نفسها وقالت وهي تِتذكر حياة بخُوف : سند رجع .. معقولة قابل حياة؟
عضت على شفايفها بضِيق وقالت : يمكن ! ويمكن لا .. ما أدري هالسند يضيع من تصرفاته .. بنزل معك ...
قاطعتها وهي تُقول : لاماعليك .. هالرجل جبان .. ما أظن عنده الجراءة عشان يقابِلها .. إرجعي وريحي عُمرك
سكتت للحظات وبعدها هزت رأسها بطيّب وهي تتنهد بهُدوء !
-
-
{ الجادِل }

بعدما إنسحبت بُشرى لغرفتها .. فضّلت هي بعد تريّح جسدها بعد دوام اليُوم المهُلك .. ولكِن قبل تِتجه لها .. أستوقفها الضُيوف هالوقت .. والمجلس النسائي اللي مِستقبلهم
أستنكرت الموُضوع .. ولكِن ما أندهشت كثِير كون هالبِيت يستقبل الزُوار بأي وقت !
إتجهت له .. بتساؤل عن الزائرين وقبل ما تِطب على عتبة الباب .. رِجعت خُطوة لورى بصدمة من الحكِي اللي ينقال بحقها .. على لِسان إحدى الزائرات ..


اللي ماقالت أنا بحُرمة بيتها وبحتِرمها .. لا بل وضعت مخالِبها بقوة لتِنهش عظام هذه الحمامة : مانِيب مصدقة إنتظار الشِيخ وصبره على زوجته العقِيم .. حنا رجالنا لا قضِينا شهرين من الزواج ما حِملنا .. ردُونا لبيت أهلنا .. لِيه الصبر مانيب فاهمة ؟
لتُردف الأُخرى : صادقة والله .. وبعدين هذا شِيخنا .. المفرُوض يفكِر من الآن بالخلِيفة .. ومن الآن يجيبه .. وإن ماكانت قادرة زوجته تِحمل يجيب الثانية وين المشكلة ؟ هذا هو الشيخ راجح عنده ثلاث والا لا يا نعمة ؟
ضحكت نِعمة بُسخرية وقالت : الشيخ راجِح خلِيفته جاء بعد عشرة أشهر من الزواج بس .. لا تقارنيني في هالبنت ولو إن كلامكم صِحيح حتى أنا متجهرة صبرُهم علِيها وهي ما تجيب عيّال !
قطع كلامها رحمة اللي ماهو عاجِبها خطو هالحرمتين على خطهم الأحمر وتكلُمهم على فرد من آل جبّار ولو إنها تكرهه .. وأستنكرت إستجابة نعمة لكلامُهم فقالت مُخرسة لها : ومن اللي قال لا تأخرت حرمة بالولد يعني عقِيم ؟ هذا هِي بنتش خمس سنين ما حملت والسبب دعواتش عشان ما تجيب عيال .. مهب عقمها .. إتركو عنكم خطو اللاش والكلام في زوجة الشِيخ .. لانه لامّنه درى .. ماراح يعديّها بالساهل
تِلون وجه نِعمة باللون الأحمر من الإنحِراج وغاصِت بثوبها لما ناظرت للحريم كيف يرمُونها بنظرات صدمة
سحبّت فنجال القهوة وهي تحاول تبيّن عدم تأثرها وبدأت تِغير السالفة وهي تحاول ما توضح توتُرها
--
غايب بالهُم عن اللي نُتف رِيشها .. وتفتت عظامُها من حُر ما سِمعت .. هي ملاحظة نظراتهم كلما فُتح الموضوع .. ولكن إنه يُوصل للنقطة هذي كان صعب عليها ! بلعت رِيقها وهي تمشي بخُطوات سرِيعة ناحِيه غرفتها دخلت وأستندت على الباب وهي تُطلق العِنان لدُموعها .. نسِيم حكت لها عن مُعاناتها من الناس بسبب تأخر حملها .. هِي شهدت على معاناة هِذه القوية بسبب كلامها .. ونبرة صوتها لما حكت لها عن أنواع التعذِيب النفسي اللي تعرضت له بسببهم .. سواءً بكلمات يرمُونها عليها ويظنونها عابِرة والا نظرات الشفقة اللي تِكسر مجاديفها.. وإذا نسِيم تأثرت منهم حد الذبلان ، كيف هي راح تُقاوم ؟ خُصوصاً الضغط عليها أكبر كونها " زوجة الشِيخ " أمتلا قلبها خُوف من أفكار كِثيرة ملأت عقلها وبدأت تِنتِحب بسببها وتسيّل دمُوعها وهي تِدعي ربها يرُزقها الذرية الصالِحة ولا يترُكها عُرضة لهـالحكي ! ولأن الموضوع يخُص عبدالعزيز بالشيء الكثير .. كان قادر على وجعها أكثر!
-

بعدما مّر العصر بطُوله الكئيب واللي مازداها إلا سوداوية رفعت رأسها من على سرِيرها وهي تِتذكر دُخول عبدالعزيز وإنحناءه عِندها .. تِذكرت مسحه على رأسها وتمتمة لها وبعدها أنسحب لأجل ما يزعجها .. مسحت وجهها بِضيق وهي توقف ومن طاحت عُيونها على الصورة اللي تِجمعها مع عبدالعزيز .. حتى تِبسمت غصب عنها .. وكأن هالصورة كانت قادرة على شحّنها بالطاقة .. صلت المغرب وأنتظرت لصلاة العِشاء .. وبعدها بدلّت ولبست جلالها الأسود وهي تطلع من الغُرفة
تِفاجأت من الأصوات العالِية اللي بجهة الصالة ومشت وهي تناظر بإستغراب .. نقلت نظراتها عليهُم وهي تضحك بخُفوت
وتأملت جلوسهم بوسط الصالة .. وتُوسط "الكِيرم" بينهم واللي مثبتِينه بالمركى الأحمر .. يحُفه " بُشرى وقِدامها سعُود - وعبد العزيز وقِدامه حكمة "
والضِحكة كانت بسبب سخط حِكمة اللي قالت : والله إن ما خلِيتوها تدخل لألعب بعصاتي على وجيهكم .. لعنُبو حيكم تنصُبون عليّ ؟
سعود ماكان قادِر يتكلم من قُوة الضحك وبُشرى ثبّتت حبّات الكيرم برجلها مُستغلة عدم إنتباهُهم ومدت رِجلها بإتجاه سعُود واللي من حس فيها وهي تِهز رجله حتى أنحنى ببصره لها .. ومن تأملها كيف مثبّته الحبات بين أصابعها .. حتى أنهار من الضحك من قوة غُشها
ضحكت من ضحكتها وألتفت وهي تحاول ما توضح فِعلتها وهي تناظر لجدتها:يا جدة الله يرضى عنك .. إتركي عنك حركات الغُش تراها واضحة
عبد العزيز كان شاد بشِماغه على فمه ومثبِت يدينه على أطراف الكِيرم وهو يضحك من كُل قلبه .. قافِط وضع الكُل .. من جدته اللي بدأت الهُوشة عشان تأخذ الحبات اللي جنب يدها وتخبيها بيدينها وبشِيلتها كُلما غمضو عيونهم من الضِحك وصرفو نظرهم عنها .. لُبشرى اللي تهرّب الحبات لسُعود من تحت الكِيرم .. ماكان قادِر يتكلم .. وجسده يهتز من قوة الضحك .. اللي من فترة طويلة كان غايب عن ثُغره ولا زاد ضحكة إلا لما تُوسطت عصا حكمة رأس سعود واللي فز وهو يحك رأسه بسببها وتِناثرت كل الحبات اللي سرقها مع بُشرى على الأرض : الله حسيبـ...


ناظر لجدته اللي تناظره بحدة وقالت : نعنبو حيّك يالشايب العايب .. تغشون وربي يشوف ؟ يعني تظنوني عجوز رجل بالقبر ورجل بالدنيا وعُيوني قد هي بالبلاء وتظنون إن غشكم بيمشي علي ؟ لابالله تعقب
سعود كان بيتكلم بس ألتفت لسحابة اللي أقتربت منه وهي تِمسك ذراعه وأستغرب وهو يناظرها : وش صاير ؟
كانت مستحية تقول له إن حكمة تغُش لذلك همست له بضحكة: ترى جدتي تأخذ الحبات بشِيلتها
قبل ما تكمل كلامها فز من مكانه وسحب شِيلة حكمة وهو يقول : أفا يالعلم يا أم راجح .. طلعتي منتي بهيّنة
ناظرت لسحابة بقهر وقالت : أفا يا سحابة .. تخونيني يا بنيتي ؟
ضحكت سحابة بإحراج وهي تِرجع تجلس وتناظر بإستمتاع لِـ سعود اللي يأشر لها بمعنى كفو واللي قال : إية بتأقف بصف سعودها .. وش تبِي فيك يا جدة!
بقت تتأمله بإحراج من كلمته للحظات طويلة وعدِيدة .. وهي مغرمة بكل تفاصيله .. شُلون قادر يكون شخص غير تماماً مع أهله .. كانت تِتسائل طول الفترة اللي تتأمله فيها " معقولة يقدر يضحك بهالكثرة ؟ معقولة هذا سعود الحقيقي ؟ وهو يتصنع قدامها ؟ والا العكس صحيح "
كانت غارِقة بالفوضوية حدّ اللامعقول .. ومزاجيته قادر تنهِيها بأي لحظة .. ومن تبسم وضحك لها حتى إنها الدنيا أنطوت وتخبيّت بيدينها !
وقف عبد العزيز بِضحكة لما قلبت حكمة الكيرم على رؤوسهم ووقفت وهي معصبة : نعنبو من يلعب معكم يا بني كُذبة .. يالغشاشين
ناظر لبشرى اللي أنسدحت جنب سعود وهي تضحك ورفع رأسه وهو يناظر للي مكتفة يدينها ومستندة على الجِدار وتناظره بإبتسامة إتسعت إبتسامته
ولكنه ألتفت وهو يسمع صوت بشرى اللي قالِت : مبروك عليك ياعز الفوز بالغُش
ضحك وهو يهز رأسه : تركنا الغُش للي يهّرب الحبات بين أصابع رجله
ألتفت لضحكة الجادل الخافِتة وأستغرب وقال : وش صار
الجادل أشرت على بشرى بضحكة : جالسة تقول "برك عليك بعير"
رفع حاجبه بإستنكار وألتفت لبشرى اللي تخبِت ورى ظهر سعود وهي تضحك : أبلة ، ليه تعلمينهم بأسرارنا .. محلاني أدعي عليه وهو يظني أبارك
سعود يناظر بإستغراب وعبد العزيز ألتفت لها وقال : وش درستِيهم بعد ؟
ضحك سعود وألتفت لبشرى : ما يكفِي السواك يا بشرى
الجادِل قالت بضحكة :
تعرفون إن كلمة "مبروك "
معناها الدعاء على الشخص مو الدعاء له بالبركة والخِير .. الصحيح تبارك له بكلمة " مُبارك" لأنك لما تقول لأحد مبروك .. كأنك تقول له برك عليك بعير .. يعني قعد عليك ألتفت عبد العزيز وناظر لبشرى بحدة وقال : تدعيّن عليّ .. ياللي ما خذِيتي من إسمك شيء
ضحكت وهي تشد على ثوب سعود وقالت : مهيّب قوية ياعز .. ترى أقصى بعير بيبرك عليك سعُود
شهق سعود وألتفت على عبد العزيز وقال : إزهلها يا شِيخ .. الليلة موتها أخت البعير
ضحك عبد العزيز وهو يشوف سعُود يلتفت عليّها ويسدحها بالأرض وضحك أكثر وهو يسمع صوت ضحكتها لما بدأ سعود يدغدغها بأقصى قُوته .. وسِط ضحكة سحابة وإبتسامة الجادِل اللي على إثرها وقف جنّبها ولما وقف قدامها همّس : غرِيمي النوم اللي مأخِذش مني .. والله لو له روح كان خذيتها منه وأرتحت ! العُيون صارت تجوع لش جُوع والله العظِيم
ضحكت من كلامه وهو أبتسم وأشر لها تِلحقه أستجابت له ومشت وراه ومن دخل الغرفة وهي وراه .. حتى ألتفت لها وتأمل وُقُوفها شرُود عيُونها إبتسامِتها الهادية .. تأملها وهو يقرب ويضُمها بكل حنيّة .. حتى إن حنِيته فاضِت من بين ضلُوعه غمضت عُيونها بكل قوتها .. وهي تُجزم إنه لمح حُزنها اللي حاولت بكل إستطاعتها إنها تخبيّه عنه .. ولكن هيهّات .. كالعادة يبان له مثل ضوء الشمِس !
أنتفضت خلاياها وهي تِحس بيدينه تطبطب على ظهرها بهُدوء وكأنه يدري إن ماودها تبُوح باللي يوجعها وتِفضل السكوت .. وكان دائماً يحترم رغباتها لِذلك ماكان منه إلا إنه يغمُرها بدفاه لعلها تستريح ويهدأ بالها ..
لأنه لو سألها .. رح يكُون مُوقن إنها بتُرد آلامها عنه .. وبتِلتزم الصمت .. لِذلك أحترم هالرغبة هالمرة بس !
ذابِت بدفء عزِيز لِتسمع بعده همسه الهادِي اللي تِغلب عليّه الحنيه : أنا أهِد وأهدم كل شخص يفكر يِرسم ملامح الضِيق على وجهش .. تعرفين هالشيء صح ؟ أنا حتى قلبي اللي تجودت به سنين لا ينسرق مني في غفلة صار بيدش و "عجزت أرده كن مانيّب راعيه" تجُوِدي به .. إسترِيحي داخل ثناياه .. وإرسلي دمعش همِش ضيقتش داخله .. والله ما ترجعِين خايبة يا حمامة
شدِت بيدينها على ظهره علامة الإيجاب وهو تنهد وغمض عُيونه بِعتب على سكُوتها عن سبب ضِيقها .. واللي محرصّه كُل الحرص ما يبان .. الود وده يِخترق عقلها مثل مو مخترق قلبِها ولكن هيهات ..



من لمح الضِيق بوجهها وهي تِبتسم له قبل لحظات حتى ضاق الكُون علِيه .. كان دائماً جسور وشُجاع .. ولايهاب شيء بالدنيا إلا إن مُحبينه يضِيقو ولاعنده قدرة على مداراتهم .. يضِيق النفس عليه لمجرد التفكير ! فـ شلون لا كان المِتضايق " حمامة عزِيز " يتدِبل الهم للضِعف ..
-
-
{ يوم جديد
مُنى }

ميّلت شفايفها بِضيق وهي تِتأمل حياة اللي مِستندة برأسها على طرف المخدة وتِلعب بأطراف شعرها وهي تقرأ الكتاب اللي بيدها بلا مُبالاة !
لِبست عبايتها على عجل لما سِمعت صُوت سيارة السواق وألقت عليها نظرة أخِيرة ثُم طلعت ..
ومن خرجت حتى تنهدت حياة وهي تِقفل الكتاب وترجعه جنب رأسها .. ساعة كاملة تدّعي القراءة عشان تُعتق من نظرات مُنى واللي عرفت إن سند رجع .. ماكانت تدري وش منتظرين منها وإيش ردة الفعل اللي يبغون تصدر منها ؟
أسندت المخدة وريَحت رقبتها وهي تغمض عيونها وتِتغطى باللحاف .. هي بنفسها تجهل وش مُمكن تسوي .. وإيش ردة فعلها لِباقي الأيام الجاية ! للآن محصورة بكلامه .. وألف سؤال ببالها ، وش تغير !
خرجت منى بعدما رتبت شنطتها .. فتحت الباب وناظِرت للسيارة بإستغراب .. كانت جدِيدة عليها
فتحِت باب السيارة وكانت بِتركب ولكن أستوقفها وُجود ولد السِت سنين معهم قالت بإستغراب : إستاذة سارة .. ولدك معنا غريبة ؟ وليش مو جالس قِدام دامك جِبتيه ؟
أشرت لها تِركب ، وركبت وهي تقفل الباب وناظرت لها : عشان يكُون محرم .. رفض يجيب أمه يقول مالها حيل تدور بالشوارع .. ورفض يركبه قِدام يقول ما يبي إزعاج
عقدت حواجبها بإستنكار : مو يجيب زُوجته معه يومياً .. وش معنى اليوم يذكر امه ؟
هزت رأسها بالنفي وقالت : ماعرفتي ؟ تغِير السواق .. سعد ولد أم سعد هو الجديد
ناظرتها بصدمة وبذُهول .. وبحركة غريبة سحبت السِتار اللي بينهم وبين جهة السواق .. كاِنت تبي تتأكد ، ألتفت بإستغراب ومن ناظرته حتى صُعقت وهي تشوفه مِبتسم بهُدوء ويناظرها بِضحكة إندهشت ورجعت على ورى لما سحبت سارة المعلمة وقالت بصدمة : منى .. أنهبلتي ؟
تنحنت وسحبت السِتارة ترجعها مكانها وقالت بلعثمة وهي تحاول ترتب نفسها : كنت بتأكد إن أمـ..
قاطعتها بإستغراب وهي تناظرها بإستنكار : مو إنتي طلعتي من عند أمه قبل شوي ؟
رِمشت بهدوء وبلعت رِيقها بصعوبة وهي تحاول تترجم فعلتها ولكن مالقت ترجمة للشيء الغبي اللي سوته .. بدأت تلُوم نفسها وهي تحس بالخجل والإحراج يعترِيها .. ولكن وُجوده باللحظة ذي تعرف أتم المعرفة إنه عشانها .. ولكن مو هالخُطوة اللي تبِيها ! تبِي خُطوة أكثر جدِية ! مع ذلك ما تخفي فرحتها الغرِيبة اللي خلت قلبها يرتجف لُمجرد فكرة إنه حاضر معها بنفس المكان
أما سعد اللي من رجعت بفشلة حتى كتم ضحكته .. أعطى خبر للمُديرة إنه بيتكفل بتوصيل المعلمات الفترة المتبقية للدراسة .. وبيجيب السيارة هو ، لأنه يستحيل يخليها تِتمرمط بهالطريقة يومياً ! كان يحاول يسهل عليها كُل الطرق .. وهو يتحسَب على سند اللي مو قادر يراضي حُرمته اللي واقِف بينه وبينها .. أسند رأسه على المقعد بضحكة وهو يشد على الدرِيسكون لما وصله صُوتها المتلعثم وتبرِيرها الغريب .. وبقى مِستمتع طول الوقت .!
-
-
{ شروق }

إمتلأت حِقد وغِيض وكُره وهي تِسمع الكلمات اللي تُخرج من فم ولدها .. وقالت بضيق عارِم : أنت قلت له بالضبط ، إن أمي بتتزوج ؟
أبتسم سند الصغير ببراءة وهو يهز رأسه بإيجاب : قلت ياسند الكبير بتحضر زواج أمي ؟ وهو ضحك وقال أبشر
شدّت على قبضة يدها بقُوة وصدت عن ولدها وهي توقف وتدُور بالغرفة بكل عصبِية .. كانت تظنه بيحترق ، بينقهر ، بيموت لأنه ضيعها للمرة الثانية .. ولكن يضحك !
صعبة عليها .. صعبة كثير !
التفت وناظرت لولدها للحظات .. تأملته وتِذكرت كيف فهمته عن الزواج بمساعد ، وإنهم راح يعيشون بقصر كبير إذا تزوجت وراح تشتري له كل اللي يبيه .. وبطبيعته الطفولية وافق .. ماكانت متأكدة من زواجها من مساعد .. وكلها أمل إن سند يتحرك ويتقدم لها .. ولكن دام وده يرضى بالإنهزام .. راح تتمرد عليه
وتوافق على غيره .. وهالمرة برضاها .. راح تقهره بزواجها من شيخ قبيلة .. وبتكسر عينه لما يصير ولدها الشيخ بعده !
هاللحظة هذي جلست قدام ولدها وصارت تتأمله بهدوء وإبتسامة هادية على وجهها .. وكل اللي جاء ببالها الجاه اللي بيصير لها ! والمكانة العالية اللي بتمتلكها .. حمدت ربها إنها ما فكرت ترفضه .. وبقت ساكتة عن الموضوع .. وهالمرة فعلاً بدأت تجهز لزواجها اللي بيكون قبل رمضـان .. واللي متأملة إنه بيكون فأل خير عليها ..
{ جسار .. ونسيم }

رمَى العصا على جنب وهو يستند على الجدار .. ويحاول يمشي بكُل طاقته .. وقف على حِفاف الحوش وناظر لها .. وهي جالسة جنب الرِيحان اللي زرعته أول ما وصلو للبيت .. أعلته فرحة عظيمة .. أعتلاه شعور مليان فخر .. بسبب رفضها القاطِع على جلوسهم ببيت أبوها .. أو سكنهم بالملحق الخاص فيهم .. ماكانت قادرة تخليه يعيش شعُور بغيض مثل هالشعور .. قبلت تعيش ببيت أهل جسار اللي كان يتكون من غُرفتين وصالة صغيرة ومطبخ ودورة مياة .. وحوش لا يتعدى المترين .. قدِيم مُرممة بعض أطرافه عتِيق وكان مهجور في السِنين اللي توفى فيها أهو جسّار مع ذلك طوال الفترة الماضية ، ما أشتكت ما أعترضت وحتى ألمها ما أظهرت ! لأجله ولأجل ما يأخذ همها
بينما هو ناسي نفسه تماماً .. وملتفت كل الإلتفات لها .. تأملها من لِبسها الزهرِي بلون الزهر ، لِبطنها البارز بشكل كبِير .. لِشعرها البُني الغامق اللي يزين ظهرها الطُويل .. لإبتسامتها وهي تلعب بأوراق الرِيحان ..
أخذ نفس وزفره بُبطء شديد وهو يتمتم بـ"يارب الثبات "
أنتبهت له ووقفت وهي تناظره بضيق : جسّار .. ليه تمشي دُون عصاتك
أبتسم وهز رأسه بلامبالاة : طفشت منها .. ودِي أغير الروتين
ضحكت بغرابة من كلامه وأقتربت وهي تِمسك ذراعه وهو ما مانع ، تشبّث بيدها وقال وهو يتنهد : متى بتنتهي فصُول الحمل هذي ؟ ماود الورد يظهر
رفعت كتُوفها بعدم معرفة وهي تمرر يدها على أطراف بطنها بعشوائية وضحكت بخُفوت : الواضح تدري عن إنتظارنا لها .. وقررت تِلتزم بطبع أمها الثقيل ..
وقف وهو يلتفت لها وناظرها بإستغراب : طبعك ثقيل ؟
تنحنحت وهي تشد على ذراعه وتكمِل مشيّ وقالت بهمس : ماله داعِي توضح إن الثقل ينهار عندك .. الحين بنتك تسمع وتصير خفيفة مثلي
ماقدِر يكتم ضحكته .. أنتثر صوت الضحكة بأرجاء المكان وهي أستحت وناظرته بطرف عِينها أقترب وهو يشدها من كتفها ومازال مِستمر بالضحك .. على كلامها إللي قدرت تلعب فيه على أوتار قلبه .. كان دائماً يؤمن بالمقولة اللي تقول " مهب كل وراء رجل عظيم إمراءة .. لا والله كل النساء قدامنا وحنا نجري وراءهم " !
-
-
{ سعُود }

دخل البيت وهو يدندِن .. مُروق على غِير العادة أستغرب لما ماشاف أحد بالصالة ، ومع ذلك ما أهتم كِثير .. وكعادِته من يُروق هالوقت لازم يِتجه للمطبخ ويدلّع معدِته
دخل وهو يِلعب بأطراف مسبحته ، ووقف بمكانه بإستغراب وهو ينُقل نظراته لها ألتزم الصمت للحظات وقال بعدّها : وين أم سحابة ما تِطبخ لنا الغداء هي؟
رفعت رأسها على عجل من سِمعت صُوته ووعت من سرحانها .. وناظِرت له نظرة سريعة بعدها رِجعت تناظر للأكل بعدم إهتمام : تِكفلت بالغداء اليوم
أقترب مِنها وهو يجلس على الطاولة اللي جنبّ الفرن ، وفز بخوف من صرخة سحابة : حسبي الله ونعم الًوكِيل ، وش صاير ؟
ناظرته وهي تِكتف يدينها : هالطاولة ينحط عليها أكل ، يا أستاذ ممكن توخر"تبتعد" عنها !
ميّل شفايفه بعدم إعجاب وقال وهو يمشي ويتجه لِلفرن واللي بدأ يفتح أغطية القدور بإهتمام : صايرة مُحترمة زيادة عن اللزوم يا سحابة ، من متى صرت إستاذ
أقتربت وهي تِقفل القدر وقالت : لا تِلعب بأكلي يا ولد الِشيخ .. بعدها بتندم لأنك فوتّه
ضحك ورفع حاجبه وقال : يا شِيخه ؟ لهالدرجة الثقة عندك
أبتسمت وهي تناظره بإبتسامة : إيه ، وإن كان ودك أعطيك منها فما عندي مشكلة ، تراها تِفيض عندي
آرخى حاجبه بعدم إعجاب وناظرها بجمُود للحظات .. وهي خافت وسكتت .. ولكنها أنصدمت وهي تُشوفه يفتح دروج المطبخ بعشوائية : إنتظري عليّ ، والله لأمسح بثقتك البلاط ، وأخلي كبستك ما تسوى ﷼
سحب القِدر وهو يحُطه على الفرن وهي للآن مِلتزمة الصمت ، ومن بدأ يقطع البصل بإنهماك شدِيد ، وبدأت الدموع تستقر بعُيونه بسببه حتى أطلقّت ضحكة عالِية ألتفت لها بسببها وناظرها بطرف عينه : إنطمي يا عاصِفة الرعد أنتي .. قالت إيش ثقتها تفيض .. الحين أوريك
بقت تتأمله وهو جالس يطبّخ ، وتضِحك على طريقته ، وعلى مسّكته للسكين ، وكيف سحب غُترته من على رأسه عشان يمسك طرف الِقدر ، تارة تبتسم حتى تِحس إن أعصاب وجهها على وشك الإنفجار بسبب التبسُط .. وتارة تلتزم الصمت بسبب نظراته الغاضِبة
أنتهى من طبّخ كبسته .. وتنحنح وهو يفِتح غطاء القِدر وعلى مُحياة إبتسامة فخر .. دخل يده للقدر وهي شهقت : لا تفكر تدخل يدك ، الرز حار
قال بهنجمية "هياط" : هذي الحرارة مهِيب شيء عند الرمضاء اللي نتعرض لها .. ولا ينفع نتذوق الطعم بالملعقة كأننا دلوعين
ومن وصلت يده لأطراف الرز حتى نفضها بوجع وهو يلهث من حرارة الرز ، ألتفت لضحكتها العالِية واللي بسببها مررت ملعقة وهي تقول : ياشين الهياط على قل سنع يا ولد الشيخ
ناظرها بطرف عينه وأخذ الملعقة وبدأ يطعم الكبّسة ، وأكتشف إنه كثّر الملح بشكل ماهو بمعقول
ألتزم الصمت بإحراج ، وهي أخذت الملعقة من يده وطعمت الرز ، كتمت الملوحة وبلعتها بصُعوبة ثم أبتسمت بإعجاب : والله كفو ، يطّلع منك تكون طبّاخ
ناظرها بإستغراب وهي أبتسمت له أكثر لما عرفت إنه أنحرج : الطعم لا يُعلى عليه .. ولكِن مانيب بمقدمته للغداء .. أول طبخة تطّبخها وأنا زوجتك .. لازم تكُون لي لحالي ! لا يستلُذون بشيء وهو خاص فِيني
تأملها للحظات ، وهي أستوعبت إسلوبها معه ، طريقة حكيّها ، ضحكتها الغير مشرُوطة ، والأهم محتوى كلامها باللحظة ذِي ، ماكانت قادرة تِنسق كلماتها .. كل اللي كانت تبيه إنه مايحس بالإحراج بسببها ، تركت الملعقة على طرف الطاولة بخجل .. بعد ما حسّت بحرارة شدِيدة بخدُودها .. ورجعت خُطوة لورى وهي متلزمة الصمت .. إلا إنها تِبادرت للأذهان شهقتها بعدما صارت بين ذراعِينه ، ويدِينه محاوطة خصّرها بتمُلك
حسّت برعشة سرت بجمِيع جسدها من قُربه الشديد .. اللي ينهال علِيها بكثرة حسب مِزاجه ، واللي من فترة مو قصيرة ما حضرت بهالقُرب منه
أختلط نفسها برِيحة عِطره الثِقيل وغمضت عُيونها وهي تبلع رِيقها بصُعوبة ، حاولت تِفلت منه وتحرر نفسها ولكن هيّهات .. قبضته كانت مُتحكمة بِها وبشدة .. ليحضر لِمسامعها همّسه الهادِي .. اللي أستحل قلبها من عُذوبته : أنا بهاللحظة ودي أصير أقرب من أصابع يدك لِلكفوف .. أنا صُلب وكل هالرقة قادرة على خدشِي يا سحابة
أرتجف قلبها ، حتى إنها من قوة إرتجافه صارت تِحس إنه بالمسافة الغير موجودة بينها وبِين سعُود .. كان قادِر بإبتسامة منه إنه يزلزل كيانها كامِل .. شلُون بحكيّه ؟
وهو كان ذايب تماماً .. من وجهّها اللي كساه الخجل فجأة ، لطِريقة مبادرتها بدون ما تِكسر كبرياءه بعد طبخه الفاشِل .. لِكلماتها اللي زادت الطِين بلّه ! ماكان قادِر يخليّها تمر مرور الكرام
ومن شدّها له أكثر حتى سِمع صوت شهقة عاليّة ، ألتفت وهو يناظر لمصدرها .. واللي كانت بُشرى داخله وبكتفها شنطة المدرسة ، ويدينها على عُيونها : حسبي الله عليكم غرفتكم ميتين متر ، تجون تحاشرونا بالمطبخ ليه ؟ سحابة صرتي تشبهين سعود ترى ، كنا نظنك أنتي بتعلمينه الخجل ..
غاصّت بثوبها من إحراجها وتمنت تُموت بمكانها ولا تطيح عيُونها بعيون بشرى ، رفعت يدينها وهي تدف سعود عنها ، ولكنه باقي مِتمسك فيها ومبتسم وهو رافع حاجبه : وش عليك يالبزر ؟ جايه المطبخ ليه
نزلت يدينها من على عيونها وكانت بتتكلم بسخط بس شهقت وهي ترجع تنزلها : سعود ، إبعد عن الحرمة وأطلع برى من المطبخ
ضحك لما دفته سحابة بقوتها وهو أضطر يحررها من بين يدينه ويناظرها وهي تِتصدد بوجهها عنه وتحاول تلهيّ نفسها بالمطبخ ، بعدما حسًت إنها تحترق من حرارتها
تقدم بخطوات سرِيعة وهو يضرب جبهة بشرى وقال بترِيقة : بزر ماعلِيك شرهة .. خربتي جوي مع زوجتي
ناظرته بصدمة : أنهبّلت ؟ وش هالحكي ؟ أنتهت الأماكن عشان تعلن حُبك لها هنا ؟
رفع كتوفه بعشوائية وهي هزت رأسها بعدم رجاء : وصدق من قال سلطة الحب قادرة ، تجيه الناس عاقلة " أشرت على رأسها بعلامة الجُنون وقالت" وتروح منهبلة
والله إنك أنهبلت
سحب شعرها وهو يمشي ويضحك بهُدوء ، وبشرى لاحظت حياء سحابة منها ، كانت بتضحك عليها بس رحمتها وأنسحبت من المكان بعد ما أخذت صحن الفواكة عشان تتصّبر له لوقت الغداء
بينما سحابة تنفست الصُعداء بصعوبة وهي تسحب شالها من على رأسها وتقترب من الدرِيشة وهي تتنفس بهُدوء .. تِحس إن الأكسجين أنتهى من هالمكان
لحظات وبعدها غمضت عُيونها وهي تمرر يدينها على خصّرها ، وبنفس المكان اللي تملّكه من لحظات وزفرت بِضيق .. إما يقترب منها لدرجة ينتهي أكسجينها ، وإلا يبتعد لدرجة تنهمر دمُوعها .. ماعنده وسطيّة أبداً ..
-
-
{ عبّد العزِيز }
بعد طلّب الجادل منه توصِيلها لبيت أم سعد .. ما أعترض لبّى بإمتنان
كُونها قادِرة تغير نفسيتها ولو بالقلِيل .. بعد ما تركها ببيت أم سعد .. وألقى نظرة تفُحصية لِلمكان وهو يدقق بكُل بقعة ، وبعدما أرتاح للحظات .. تحرك من جنب البيت وكان بيرجع لِمجلس الدِيرة
ولكن تِذكر إجتماع الشباب بمعرض سعد .. اللي أنهجر الشهُور الماضِية بسبب غِياب صاحبـه !
وقف قدام المعرض بِسيارته ، رمى شِماغه بالمقعد ونزل وهو يقفل البّاب ..


تِقدم ناحِيه باب المعرض وفتح الباب بهُدوء .. وألقى نظرة سرِيعة عليهم .. اللي مِشمر ثوبه .. واللي بفنيلته وسِرواله .. واللي تاكِي وبس يسولف معهم
ألتفت أنظاره لِسعد اللي ترك فُرشاة الصِبغ وقال وهو موجه نظره لسند : خلني عنك يارُجل .. ترانِي صرت أكرهك حتى بأحلامي ناشِب لي
ناظره سند بطرف عِين ثم أبتسم بالامبالاة : وش مضمون الحلم
هز رأسه بآسى ونطق وهو يرجع يِدهن الجدار بالصبغ : شفُتك وأنت تعُض العظام يا سند
ألتفت سند بصدمة لِضحكة عالِية من سعُود اللي كان جالِس على الفرشة الحمراء بوسط المعرض .. وبيده كِيس "حب" وقال وهو يحاول يتمالك ضِحكته : والله إن صدق الحلم يا سند ..
ناظرهم بصدمة .. وهو يلاحظ ضِحكة سعد المكتومة .. وصوت ضحكة سعود العالِية وقال وهو يدّعي عدم الإهتمام وهو معصب .. ومحترق من كلامهم : ما يضر السحابة نبّح الكـ....
سكت بوجع لما حس بالصحن بوسط ظهره وألتفت ناحِية سعود بصدمة وهو يحك ظهره بوجع : أنهبلت أنت ؟ أستخفيت
سعود كمل يأكل الحب بلا مبالاة وقال : لا تنطق إسم زوجتي على لسانك مرة ثانية
سند رفع يدينه وهو يقول : يارب .. ألهمني الصبر على هالمخفّات
ومن سِمع ضحكة عبد العزيز الهادِية .. حتى فزو كلهم وألتفتو للباب .. ناظروه وهو يدخل عليهم .. وبنفس اللحظة أبتسمو
قال سند وهو يوقف جنبه ويشد على كتفه : جاء محزمي .. في أمك خير أنت وياه أسمع نباحكم
سعد ترك الفُرشة ووقف قدام عبدالعزيز وقال : ماعلِيك منه يا شيخ هالنشبة اللي واقف بيني وبين عرسي ، قاطع النصِيب ومفرق الحبيب عن الحبيب
ضحك عبد العزيز بإستغراب وقال وهو يشِد على كتف سند : لا يا سعد .. والله إني ما أرضى على بن فياض بحرف زايد .. ميّر وش هو مسوي يمكن أقدر أحل الموضوع
سكت سند وسعد تِنهد وهو يدعّي التعب : أنا ودي أتقدم للمعلمة اللي تألفت مع أمي.. وودي أبنِي بيتي معها .. ميّر خويك يقول لا تفكر تتقدم لها ولا يطرأ على بالك تخطبّها لين أرجع زوجتي للبيت .. تخيل إني بنتظر يداري زوجته لأجل أعرس
ألتفت عبد العزيز لسند اللي رفع كتوفه بعدم مبالاة وقال : وأنا الصادق ، هالبنت مالها بالجنوب غِيري وغير أم سعد .. وإن فكر ولدها يستقر ببيته .. تعرف وش الإحساس اللي بيطيح بقلبها ؟ أعوذ بالله من شناعته
والله إني ما أرضى عليها تذوق مرارة هذا الشعور .. غير تلايط وخلك لين ترضى .. بأخذ حرمتي وأنت تفنن ببيتك وأخطب اللي تبي
ناظره سعد بنُص عين .. وسعُود وقف وهو ينفض ثُوبه ويناظر لسعد بضحكة وقال : علّمه .. علّم عز اللي قُلته لي
سعد ناظر لسند وكتم ضحكته بقهر : تخيّل يا شيخ .. ناويّ يصالحها ومقطع عُمره أربعة أشهر تفكير عن اللي بيقوله لها ..ومن أي أبواب الرضا بيدخل ، ويقول ياسعد بحكي لها هالحكي .. وبقول لها هالكلام
وبعدها يقول لا والله ما يوفيّها حكي .. ويوم شافها نسى كُل شيء وقال أنا آسف .. والله إنه مهبول هالرجل
ضحك عبد العزيز على ملامح سند الغاضِبة وهو يحاول يهدي سند اللي عصب وحاول ينقضّ على سعد اللي يضحك : وهو صادق يا بن فياض .. ولك وجه تنطق هالكلمة ؟
تنحنح ووقف بمكانه ونزل ثوبه بعشوائية وقال : مانِيب داري تحسبني مثلك أنت وهو وهو ، أنا رجل أول مرة أجرب هالمشاعر .. ما ظنيتي الموضوع يحرق للدرجة ذي
ناظره عبد العزيز بذُهول من كلمة " أول مرة" وسند أبتسم وهو يحرك شعره بلامُبالاة
ليعم الهُدوء للحظات ويخترق السُكون صوت عبد العزيز اللي بادر وقال : نسيت أقُولكم .. مساعد هِشيمان أقبّل عليّ .. يقول بما إن إرتباط القبِيلتين تم .. فلا يمنع إنهم يتزوجون من بناتنا .. وأنا ماني بمعترض في النِهاية العلوم اللي يخبرونها ماهيّب عندي
رفع حاجبه سعُود وعدل وقفته : والله ، وله وجه يقبل ؟ ومن اللي يبي يعرس من رجالهم إن شاء الله ؟
عبد العزيز قال بضحكة : مساعد برأسه ؟
ضحكو كلهم بنفس الضِحكة وقال سعود من بين ضحكة : لا يكون يبي جدِتي حكمة ؟ الوحيدة اللي تناسبه
سند ناظر بضحكة لسعد وقال : لا تنسى أم سعد .. وهي تحتاج لها عرِيس
قمط من نظرات سعد اللي تعدل بوقفته وناظره بطرف عِينه وسند أبتسم ببراءة .. بينما عبد العزيز ركّز بأنظاره على سند وقال بعد بهُدوء : زواجه بعد أيام قلِيلة .. ببنت أبو ساجي
لاحظ إبتسامة ساخرة على وجه سند وأردفتها ضحكة لأنه كان يدري بعد حُضور ولدها : طول عمره أبو ساجي يستغل الوضع بصالحه .. نعنبو حيّه كيف فكر يزوج بنته بشايب عشانه شيخ
ضحك سعود وهو يربت على كتف سند وقال : رجال طماعِين وأنا أخوك
رفع كتوفه بلا مبالاة .. وسعود قال وهو يناظر لساعته : إعذروني .. أنسحب من هاللحظة .. متفق مع كم رجال نسافر قُرب الفجر ..

ودّعهم وطلع .. وعبد العزيز يناظر لسند .. وكبده تِحترق وده يعرف وش المشاعِر الجدِيدة اللي تتصادم بقلبه .. وده يعرف وش اللي يصِير بصدر هالرجُل .. ليصل لمِسامعه صوت سند اللي يدندن ويقُول : داعي الأشواق ناداني الحنين .. جيت لك من كل غربات السنين
قاطعه سعد وهو يلتفت لعبدالعزيز ويوقف قدامه وقال بهُدوء : كلنا ندري يا شيخ إنك مدرسة الحب في القبيلة
رفع حاجبه بإستِنكار وسعد أبتسم ببراءة وقال وهو يتِنحنح : إسلم الله يطول في عمرك .. ميّر هالشيء معروف بالدِيرة كلها ولا أحد يجهله
ناظره بذهُول وقال : هالديرة ما يخفى علِيها شيء ؟ حتى زواجي مدخلين رؤوسكم وتطلون عليه ؟
ضحك سعد وقال بإحراج : المهم يا شيخ .. علّم هالرجال طريقة في التعبير عن حبه .. قسم بالله أقلق عِيشتي .. حنا وش دخلنا نسمع حنِينه ؟ ما يكفي أربعة شهور ؟
ناظر عبد العزيز لسند اللي مكتفّ يدينه واللي قال بغُرور : على هُونك يا ولد صفيّة .. ترى آلاف الناس يتمنُون صوتي لأجل يسمعونه
تِسللت ضحكة سعد لمسامعهم .. واللي بسببها ضحك عبد العزيز ليُردف سند بصدمة : عبد العزيز .. لا توقف مع الحياة وهالشايب ضدي .. يكفي هم
عبد العزيز أبتسم : وهو الصادق .. حنا ندري وش يصير لامنّك تحب .. مير المحبُوب ما يدري .. بدال ماتعلن عن حنينك هنا .. حاول تِراضي الجروح اللي تِسببّت فيها
تنهد بضِيق وهو يمسح على وجهه : وأنا لو أدري على أي باب أدق لأجل ألقى الرضا عشان أقصده ؟ أنا أحّب لي شخص ينافس المُوج بصعوبته يا رجال إفهموني
أبتسم عبد العزيز وربّت على كتفه : وحنا ندري إنك قبطان هالمُوج .. وصاحبه ورفيقه .. ومثلما تِغلبت عليه بوسط البحر .. بتتغلب عليه في عُمق الحياة يا سند
ناظره سند وأبتسم وقال : تهقى ؟
وقبل ما يُرد عبد العزيز وصل صوت سعد اللي سحب ثوبه ولبسه بعشوائِية وقال : يا شيخ .. تسمح لي هالليلة ؟
هز رأسه بإيجاب وقال بإستغراب : إي بالله .. كل الليالي تحت شُورك
تبّسم ثُغر سعد بإنحراج من كلامه .. وقال وهو يناظر لسند : وأنت عودك بسيارتك ؟
سند ناظره بإستنكار وقال : قبل لحظات تسكتّني .. والحين تبي عُودي ؟ والله إن تقضّب الأرض ولا تـ....
سحبه بقوة من طرف ثوبه ووقف قدام عبد العزيز : يالله يا شِيخ .. عندي طريقة نحاول نراضِي فيها الطرفين .. والله إني بديت أعصب من تأجيل هالخطوبة اللي أوجعت قلبي من إنتظارها
ضحك عبد العزيز ومشى وهو يركب سيارته وسعد ركب جنب عبد العزيز وقال لسند : إلحقنا .. بسرعة
زفر سند بعصبية وسعد أبتسم ببراءة وعبد العزيز تحرك وهو يضحك على علاقتهم اللي صارت مُميزة حيّل ..
-
-
{ بِيت أم سعد }

ألتفت الجادِل وهي تأخذ نفس بأريحية وتناظر لِلمكان براحة : ما ظنيت إن سطح أم سعد المتهاويّ بيصير بهالشكل في يوم من الأيام
ضحكت مُنى وقالت وهي تلقي نظرة سرِيعة .. على شتّلات الزرع اللي مُرتصة بطريقة عفوية بأنحاء المكان .. لِـ لُوحتها اللي للآن بطُور الرسم .. لجلستهم البِسيطة والعفوية : هذّي فعايل حياة .. حالفة لتتوشح معنى إسمها الحرفِي
أبتسمت حياة بهُدوء وهي تِسحب كوب العصِير وتشرب منه وهي تنقل نظراتها للبِنات .. لترُدف الجادل وتقول : أشتقت لأم سعد .. ياليتها ما ترقد بدري
ضحكت حياة وقالت وهي تِرجع الكوب : عِزتي لها .. حتى صلاة العشاء تصلِيها وهي تميل من النوم .. وتبيها تنتظرك ؟
ميّلت شفايفها بإستنكار وألتزمُو الصمت للِحظات .. لِتلفت الجادل لمنى بإهتمام لما لمحت سرحان حياة : سند جاء ؟
هزت رأسها بالنفِي وقالت : ما أعتِقد .. ما أدري والله الجادِل .. من متى صرنا نعرف شيء عنها ماتبينا نعرفه ؟ تصرفاتها غرِيبة مرات أقول عرفت إنه جاء من أحد غرِيب وما مر لها .. ومرات أقُول جاء وقلب كيانها فُوق تحت .. إحترت
تنهِدت بضيق : أنا خايفة إنها مِلتجئة للنحِيط .. يعني بكاءها ما يظهر على وجهها .. بل يتردد في صدرها بوِحشة
ألتفتو كلهم على صُوت حياة اللي قالت بِضحكة : إية ، مليان قلبِي من نحيط الدُنيا .. ولكِن لا تصيرون أنتو والدنيا عليّ .. ماله داعي أسالِيب النجوى اللي تِتبعونها .. والنظرات الغرِيبة .. إسألوني بصريح العبارة
الجادِل ناظرتها وقالت على طُول : بِن فياض رجع .. ألتقيتي فيه ؟
تأملت ملامحهم المُتقربة للحظات .. ثم بادرت بالقول بنبرة تملأها اللامُبالاة : من حضّر للخُسوف .. أقبّل لي
ناظرو بعض بنفس النظرة .. ثم أبتسمو وناظرو لها
لتهُم منى بالقول بكل إنبّساطية : وش التبرير اللي حكاه لك ؟ وش سبب هروبه .. وليه بقى جبان طول الفترة السابقة !

رفعت كُتوفها بعدم مبالاة وقالت : ما سألته .. ولاعندي نيَة أسأله .. أنا شلته من بالي .. عيب على شخص مثلي التنبِيش بشيء عافه
تأففت الجادل وقالت بضِيق : أعتذر ؟ أفصح عن خطاه
إلتزمت الصمت حياة ومنى عصبت وقالت : المكابر هذي حتوديك بدواهي أنتي بنفسك تعرُفينها .. والدموع اللي تِبلل مخدتك حتظل طول العُمر تبِللها لو ما سِبتيها
تنهدت وقالت وهي تِناظرهم بنظرة غرِيبة لتُباشر بقولها : أنتم منتم بصاحيّن ؟ تبغُوني أطيّح نفسي بحضنه بأول لقاء بعد هروب إستمر لشهُور طُويلة ؟ تبغوني أعفو وأصفح وأفسخ لبس المكابِر اللي تِوشحته بسببه ليالي عديدة .. بس لأنه دق الباب وأعتذر ؟
حياة أردفت بضِيق : أنا بنظركم شخص بسيط وهيّن للدرجة ذي ؟ ناسيّن إنه شهرين كاملة كان يعتبرني الجِدار الخامس بالغرفة .. وبعدها بقى يهرب مني دُون وجهة .. ليه تحاولون تكسُرون مجادِيفي معه .. مو فاهمة ! كلكم حضرتو الفِيلم .. اللي البطلة قالت للبطل لما قرر يسافر " لو سافرت يا إبراهيم مش هستناك .. مبحبّش إنشف متل الوردة " وكلكم قلتو صحيح هالحكي .. وكلامها بمحله وكفو عليها .. لاتنتظره عشان ما تذِبل والحين لما صار الوضع حقيقة .. صرتو ضدي ! ماهو بمعقول ..
صدت بِضيق وهي تغمض عُيونها بإنزعاج لما لاحت لها ذِكرى قُدومه لها وبدأت تهديّ نفسها " أنا مانيّ بلعبِة بين يدينّه .. وحتى لو أقبل وقال يبِيني من جديد .. الحياة ماتعطِي الرُوح والنفس إلا مرة وهو فرّط فيها "
عم الصمت المكان بعد عِتابها اللي كان بمحلّه .. وكُل وحدة منهم عرفت خطأها.. كونهم يفكرُون يجبرون شخص متربيّ على الكِبرياء لدرجة إن تِمنن عليه شخص بالشعُور .. قطع قلبه ورماه ولا عليّه حسرة !
وبعد دقائق طويلة ، فزت مُنى وهي تعدل جلستها وألتفتو لهم بخوف .. أبتسمت بحماس وقالت : تخيلو ! اليوم وصل لمسامعي من فم أم سعد حكي .. خلاني أفرط من الضحك
الجادل ميّلت شفايفها بإستغراب وحياة ناظرتها بترقُب : وش صاير ؟
كتمت ضِحكتها وقالت وهي تتأمل ملامحهم : شروق بنت أبو ساجي .. إنخطبت
تغيرت ملامح حياة للِدهشة .. للخُوف .. للإستنكار وعدم الإطمئنان والرهبة !
بينما الجادل ألتفت لحياة ورجعت تناظر لمنى بعصبية : طيّب .. وش دخلنا
منى تِداركت الموضوع وقالت بعجلة وهي تِضحك : بمن توقعو !
حياة عصبّت وقالت وهي تحاول ما تعليّ نبرة صوتها : إنطقي يا منى قبل أدفنك هنا
ضحكت وهي تناظرهم : بجد الجادل .. مساعد ماغيّره
سكن الهُدوء ملامحها .. وتشّربت السكِينة جميع أطرافها وهي ترجع تنظم تنُفسها اللي تِلخبط بسبب خُوفها من الفكرة اللي راودتها .. بينما الجادِل تهادت على حِبال عدم التصدِيق .. كيف ومتى ولِيه !
ناظرتها وهي تِرمش بذُهول : منتي بصادقة يا مُنى .. جدِي الشايب بيتزوج بشروق ماغيرها !
ضحكت منى وهي تهز رأسها بإيجاب : رجعت من المدرسة وخالتي صفيّة مع أم صهيب جنب الباب يسولفون .. ناقديّن عليها شلون قدرت تتزوج وهي توها طلعت من العدة .. ولا بمن ؟ بشايب ، متضايقين مرة منها
إلتزمت الصمت للحظات ثم رفعت يدها وهي تغطي وجهها لما أنفجرت ضحك .. ومنى ضحكت معها .. أما حياة ناظرتهم وهي تبتسم من ضحكهم
رفعت رأسها وهي تناظرهم وتقُول : بيصير عندي خوال جُدد يعني ؟ يارب الطف
ضحكت منى وهي تهز رأسها بآسى : هذا اللي هامّك يعني
سحبت الصحن وهي تضحك : مدري .. ما أستوعبت الموضوع غريّب علي .. شلون جدِي اللي يحارب المرض والكبر يبي يعرس بوحدة تكبر حفِيدته !
حياة قالت بعد ما ناظرتهم : تكسّر الخاطِر .. تبِي تضحيَ بشبابها لأجل أمور مالها فايدة
منى تنهدت وهي تقول : بيني وبينكم .. فعلاً مو عاجبني قرارها .. لو ليّ حيلة عدلتها عنه
أما الجادل ألتزمت الصمت .. وهي تفكر بالحياة اللي بتعيشها في بيت مساعـد اللي هربت منه !
-
-
وقف عبد العزيز قدام بيت أم سعد
وناظر لسعد اللي أبتسم بحماس ونزل وهو يناظر لسند اللي مشى بإتجاههم : بلِيد أنت ؟ مجمعنا عند بيتك ليه
ضحك وهو يأشر على بيت أبو صهُيب ويقول : السهرة الِليلة عنده
ناظره عبد العزيز وما أعجبه الوضع وقال : صعبة يا سعد .. مانيّب مقبل على رجل بأنصاص الليل بالطريقة ذي
سعد أبتسم وهو يهز رأسه وقال : بسطها يا شيخ .. هالرجل طيَب وكفو
سند هز رأسه بعدم إعجاب وقال : والله ماني فاهم سبب حركتك ذي
تأفف سعد وقال : إسحب عودك وتعال .. ترى ماعادني بمتحمل أكثر من هالمدة كلها .. إن مارضت لقبل رمضان والله إني لأتعداك .. وخل التلكع ينفعك
تنحنح سند وسحب العود على عجل وهو يوقف جنب عبد العزيز اللي كان بيعترض بس يد سند اللي مسكت ذراعه خلته يتنهد ويسُكت ..


تقدم سعد وهو يوقِف قدام باب أبو صُهيب اللي كان بيته مُكون من دور واحِد .. مُقابل بيت أم سعد تماماً !
دق الباب بهُدوء .. ولحظات معدودة وأنفتح الباب وظهر أبو صُهيب وعلى مُحياه إبتسامة ترِحيب ليُردف بالقول : حيّا الله سعد .. أعز من يمسّي علينا
أبتسم سعد وقال : أشتقنا لليالي الطرب معك ياحمدان .. جيّناك الله نبيّ نجدد العهد .. إن ماكان ضيق عليك
قال وهو يناظر بإستغراب : لا أفا عليك .. الضيّق بالقبور وأنا أخوك .. وأبشرك المزاج اليوم عاليّ وبكرة فاضي لو ودك السهرة صباحيَ .. مير تقول جيناك .. من ...
سكت وهو يشوف سعد يتحنى وناظر لعبد العزيز اللي مِنحرج وواقف جنب سند اللي مثبّته غصب عنه
فز من مكانه وخرج من عتبة الباب وهو يبتسم بفرحة ويهليّ ويرحب من كُل قلبه : أسفرت وأنورت .. علِيم الله أنور كل مكان يا شيخ .. وإن كانت الليّلة زاد نورها فعرفنا وش السبّب
أعتلت إبتسامة إحراج على وجه عبدالعزيز .. ولكِن أبو صهُيب تدارك الوضع وقلطّهم .. ومِثل ما توقع سعد .. الجلسّة كانت بسطح بيته .. مثلما تعود معه .. ضحك بفرحة وهو يجلس على الكُرسي اللي على يسار عبد العزيز وهو يتنفس براحة .. من إنه أختار الجلّسة مع حمدان وبالذات هالوقت .. عشان بِدل ما يسمع صُوت سند هو .. يسّمعه اللي مُوجهه له! لعلّه يحن على سند .. ويحن عليه هُو بعد !
وبعد سلام وسُؤال عن الحال .. وجلسّة يحفُها أربعة كراسّي خشبية .. وبالوسط طاولة عليّه الضيافة اللي قدمها أبو صُهيب لهم .. وبعدما أنتهت السوالِيف قال صهُيب وهو يشوف سعد يأشر بيده بمعنى"الطبّل ": مستعجل على الليلة هاه
ضحك سعد وسند قال بضحكة: أوف لو تدري إن رحلّته كانت عبارة عن تعلم طبّل مع أخواننا المصرين
أبتسم أبو صُهيب ونزل من السطح وسعد ألتفت لعبد العزِيز وهو يقول : ما درِيت يا شيخ .. بعدما درى ذا الفاغر بمشاعره وش سوى
ضحك عبد العزيز على سند اللي ناظره بحدة بمعنى"إنطم" وقال بحماس وهو يعدل جلَسته : علمني يا سعد .. سند حالف ما يحكي لي شيء شكله
أبتسم سعد وأشر على خشمه وقال : يومنّه درى إنه رجوعنا بيتأخر .. قلّب السفينة .. يدور على مسجّل .. ومن اللحظة اللي علمته وش يعني الحب .. لين ذي اللحظة أظن
وهو يسجل لها مشاعره هالخبش
ضحك عبد العزيز وقال بإعجاب : منت بهيّن يا سعد .. أنت اللي علمته الحُب !
قبل ما يرد قال سند وهو يتنحنح : إركد يا الشايَب .. اللي تقُوله كذب وبهتان وزور ..
شهق سعد ورمى عليه غترته وقال : أسألك بالله إن تقول الحقيقة ولا تنكر فضلي يا بن فياض
سكت سند للحظات .. ثم تبسم بضحكة وهو يرجع غترته : لا تبكي علينا .. ولكن لا تبالغ بكلامك .. أنت دليتني وبس
عبد العزيز ناظر لِسند وقال : ولأي المنافِي توجهت !
تنهد بطمأنينة وأبتسم وهو يشد على يد عبد العزيز اللي تهادت على كتفه : لوجهة التايِة ياعز .. وأنت تدرِي بها
ضحك بأريحية وهو يهز رأسه : إية بالله أدري بالله .. وكُلي راحة يومنّك وأخيراً وصلت لها
ألتفتو لحضُور سعيد ومعه الطبّل ومن شافه سعد حتى فزّ على حيله وأستلمه من يده .. وقبل يدُق ألتفت لعبد العزيز وقال : إسّلم يا شيخ .. إن كانك ما تدِري عزّلت مع حمدان بيوت هالحيّ عشان ما تنمحي سهراتنا عشانهم .. فلا يطلع بخاطرك إنحن بنزعج أحد
أبتسم بضحكة وناظر لسند اللي تنحنح .. بينما سعد ناظره وقال : ولكن لا تخاف يابن فيّاض .. بيتنا الوحيد اللي ما عزلته .. سبحان الله حكمة من ربي لسبب ما
ضحك سند وهو يناظر لسعد اللي بدأ يدق على الطبل وهو يغني بصوته العادي .. ويضحك بين كل كلمة ، وهو يطبّل بمتعة ويهز جسّده وهو يناظرهم بإبتسامة ومستمتع بالوضع اللي كان جوه المُحبب أصلاً ..


....

من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن