26

20.6K 189 38
                                    



الحوار دار على مسامع نعمة اللي كانت جالسه على مقربه منهم.. بغرورها المعتاد تنقل نظراتها للمكان باستصغار وعدم إعجاب تمتمت بسُخرية وهي تقول : حتى عرس نسيم من الراعي ينحكى فيه للحين .. وهذي الناقصة عرسها بين اهلها وبيننا يالله من فضلك
صغّرت عيونها وهي تميّل شفايفها بتساؤل وهي تناظر لرحمة : الود ودي يارحمة .. أعرف وش صار بين ليلة وضحاها وصلش الخبر وكنتي بتنتحرين .. والحين ضحكتش تملا وجهش !
*

{ رحمة }
اللي واقِفة بجانب أم سحابة .. تتبادل معها الضِحكات .. بعد ما وطّنت وليّنت العلاقة معها خِلال الفترة الماضية .. لا تُنكر بدرية إستنكارها بالبداية .. وخوفها من تغير رحمة الملحوظ .. ولكنها بعدت مخاوفها والأفكار الغريبة .. وأكتفت بفكرة إنها ناويّه تحسن العلاقة بينها وبين زوجة ولدها !
تركت رحمة المِبخرة على الطاولة والتفتت وهي تِشوف بشرى بوسط الحوش .. رافعة فستانها الوردي وترقص بكل خبالة على صوت دقات الطبل
أقتربت وهي تنزل ثوبها بفشلة وقالت : أرقصي زين يالفضيحة ، فشلتينا
وقفت وهي تتنفس بسرعة بسبب حماسها بعدين ناظرت لأمها وضحكت بفرحة وهي تمسك يدها : جيتي وربي جابش .. كملي معي هالشوط
حاولت تفك يدها بفشلة بس بشرى تمسكت فيها بقوة ولا تركت لها مجال للرفض
أبتسمت رحمة بهدوء وبدأت ترقص مع بنتها .. وهي ملاحظة نظرات الإستنكار على وجيّه كل الحاضرين ..! ولكن ما بيدها شيء
إما تنبسط وتضحك وتتقبل الواقع بصدر رحب .. والا تنهار وتبكي وتنطرد لبيت أبوها مذلولة !
عفست ملامحها وهي تنزل رأسها للأرض بضيق وهي تتذكر موقفها مع راجح .. بالليلة اللي تِطاولت فيها على حكمة
" كانت جالسة على سرِيرها تنّتحِب بكل ما أُوتيت من قوة .. صدرها يهبط ويعلو من قوة بكاءها وتنفسها السريع .. فكرة زواج ولدها بإبنة القهوجي فكرة بتدمرها .. كلما تفكر بنظرات خواتها .. بكلام أهلها .. بإستحقار الناس لها .. تتفجر بداخلها نار وتحرق كل جسدها
لطالما كانِت شخص همه الأساسِي كلام الناس ونظرتهم لها ولِعيالها .. ولطالما كانت حزينة والسواد يكسُو حياتها بسبب هالشيء ! رفعت رأسها برعب وبذهُول من صوت الباب اللي ضّربه بقبضته بكل قوته
بلعت ريقها بصعوبة وهي تشُوفه واقِف قدامها مِتكي على عصاته .. ويناظرها بشموخه المعتاد .. وملامحه يكسوها الغضب
نطّق بحِدة من حُر الشعور اللي يحس فيه : أنا رجال حليّم يا رحمة .. صبور وقلبي يفيض بهالصبر ! تحملت وتحملت هرجكم وحكاكم لأني رجال ماني لعوب وفاضِي وأتبع كلام النسوان اللي لايودي ولا يجيب .. ولكن عندي خطوطي الحمراء إن فكرت وحدة منكم تعتبها والا تتطاول عليها والله لا أنهيها .. كلامش لأمي ما تعديته ويعلم الله لولا خوفي إني أهينش قدام عيالش كان شفتي شيء من راجح طول عمرش ما فكرتي إنش بتشوفينه ! سكوتي في ذيك اللحظة رغم عصبيتي مهب تقليل من شأن أمي .. إلا لأني محترم عشرتي اللي معش .. ولكن صدقيني هالعشرة بكلمة من لساني بتنمحي وبتنتهي .. والسنين اللي بينا ببيعها وبشرب وراها ماء .. إما تبقين بإحترامش اللي تعودت عليه .. والا ينتهي هالإرتباط عند ذي النقطة
أردف قبل ما يسمع ردها : هادي ضلعي اليمين .. ورجال له معي أكثر من ثلاثين سنة ما شفت منه إلا كل خير .. طلبت منه هالزواج وأنا متطمن على بنته اللي بحسبّه بنتي .. إن صابهم شيء منش يمسّني الموضوع .. حطيها خرص"حلق" بإذنش إن فكرتي تهيني اهلها .. والا تقللي من كرامتهم والا توسوسي برأس سعود لأجل ينتهي هالزواج .. والله والله واللي رفع سبع يا أم سعود ليكون طلاقش الكلمة الوحيدة اللي بتسمعيها مني
رفع سبابته بتهديد : إسمعيها مني .. إقضبي أرضش وراعي شؤون بيتش وإحفظي زواجش ترى كلام الناس ونظراتهم لا هي رافعتش ولا هي بنافعتش إلا بيخرب بيتش بسببهم .. الزواج بيتم وعلى أحسن وجه .. وإن صار غير هالحكى لي تصرف ثاني معش
ألتفت وهو يشد يده على قبضة عصاته ويطلع من الغرفة وهو يقفل الباب .. كتّم غضبه طول الجلسة بس عشان ما يستصغرها قدام اللي بالحوش .. وهي بقت مكانها مذهولة من تصرفه .. ودموعها تنزل بإنهمار شديد بصدمة وبخوف على حياتها اللي بتنتهي لو فعلاً طبّق الكلام اللي قاله !
-
-
{ الجادِل }
بيمين الحُوش ،وبمكان شبه هادِي
نظرات فقط تدور بالمكان ،وعقول بمكان غير هالمكان تماماً
الجادِل كانت تتأمل رحمة بضحكة ،والود ودها تعرف وش صار لأجل تتغير شخصيتها مية وثمانين درجة بهالسهولة !
ألتفت وهي تضحك ناحِية منى اللي عقدت حواجبها من شافتها تلعب بأطراف يدها بعشوائية ،وعُيونها تراقب أصابعها



ومن أصدرت تنهيدة عمِيقة حتى تسائلت الجادِل بخوف وهي تقرب منها وتهمس لها : وش سر هالتنهيدة ؟
ألتفتت لها منى على عجل والجادل عقدت حواجبها وقالت : صباح الأمس كنتي بخير .. والضحكة تملأ وجهك .. وش صار ؟ وش سبب هالتنهيدة ؟ أحد ضايقك ؟
أبتسمت بهدوء من نظرات الخوف اللي تملأ عيون الجادل وقالت وهي تربت على كفها بهدوء : مافيّ شيء يخوف ،أفكر بوحدة من الطالبات ،أكتشفت إن بقيَة الطالبات قايمين حرب عليها !
آرتخى حاجبها بإهتمام وقالت : ليه ، هي مسويّه شيء ؟
تنهدت وهي تعدل جلستها وقالت بضيق : لا .. هي من القرية اللي ورى ديرة الخسوف .. وبيني وبينك حالة أهلها ميسورة .. وهي بين طالبات أهلهم متنعمين برزق من ربي
ناظرتها بضيق وقالت : يضحكون على لبسها ، على عدم ترتيب شعرها ، على أغراضها .. يحاولون يضايقونها بأبسط الأشياء
ميّلت شفايفها وقالت بنبرة مليانه حنيّة : الجادل البنت مثل العسل ، اه لو تشوفيها حلوة ولطيفة .. والأهم حسّاسة .. ودُوبني أكتشفت عملتهم لها قبل يومين هزئتهم وقلت لهم يسيبوها في حالها بس خايفة إنهم من ورايا يضايقوها
أبتسمت وهي تِربت على كتفها وقالت بنبّرة مليانة لُطف : تغلبني حنيتك يا مُنى .. وشلون شِلتي همها وكأنها منك
هزت رأسها بإيجاب وقالت بجد : الوحدة قبل تفكر تكون معلمة .. لازم تحط ببالها إنو قبل ما تكون معلم راح يكون أم وأخت وصاحِبة لأن المعلم مهنة عظيمة .. تتطلب شخص يقوم بها على أكمل وجه
إتسعت إبتسامتها وقالت بنبرة مليانة فخر : صح عليك يا روحي وهالبنت ما دُمتي معها وحطيتي عينك عليها راح تكون بخير .. متأكدة
بادلتها الإبتسامة وهي ترجع يدينها بحضنها ، وتعُض على شفايفها بضِيق حاولت تخفيه .. ماكان ودها تبوح لها بسبب ضيقها الأساسي .. لأنها خايفة ومليانه تردد وأسئلة لا حصر لها .. كيف لمحها ؟ ومتى
هي لمحت بعض الأوراق ولكنها تأكدت من إنه رسمها بالمرة اللي دخلت فيها غرفته وقت إختفاء الجادِل .. بسبب رسمه المُتقن .. وبسبب تفاصيلها الي رسمها كامِلة ! ألتفت للجادل اللي دقت كتفها وقالت بهمس : وش فيها ؟
ناظرت لحياة اللي من شدة سرحانها ما أنتبهت للجاكيت اللي آرتمى من على كتُوفها وصارت تِشد يدينها على ظهرها من البرد
رفعت كتوفها بعدم معرفة وهي تناظرها بإستغراب
ألتفت لها الجادل وهي تتأمل وجهها بهدوء .. رفعت كفها وهي تِزيح خصلة شعرها البُنية من على وجهها .. أنتبهت لها حيّاة وناظرتها بنظرات هادّية
أبتسمت بخُفوت وتمتمت بهمس وبحنيّة : أكبر ضماد وش فيها مجروحة ؟
رمِشت بذُهول من عُمق الوصف اللي رمته علِيها الجادِل .. وميّلت شفايفها بضِيق
أبتسمت وقالت وهي تنقل نظراتها بينهم : أنا من خوفي عليكم أدسكم "أخبيكم" بوسط قلبي .. فلا يمسكم لا ضر ولا خوف ! أنتو رقيقات كثير على دنيا مليانة قسوة
سحبِت حياة نفس بقوة وهي تشتت نظراتها لِلمكان .. فعلاً كلام الجادل صحيح .. هم رقيقات كِثير في وجه دنيا ترمي جروح لا حصر لها بطريقهم !
منى أبتسمت للجادل وهي تشد على كفها .. والجادل ناظرت لحياة بخُوف وهي تتأمل وجهها .. هالمرة الضِيق ما قدرت تخفيه .. وواضح على وجهها وضوح الشمس .. قالت وهي تحاول تسحب الكلام مِنها : هاتِي همك يا حياة .. إحنا نحمله عنك أنتِي يليق فيك الضحك وبس !
ثبتت نظراتها على منى والجادل اللي يناظروها بخوف وحنيّة وأُجبرت على الإبتسام من قربهم حولها !
هي فعلاً الشيء اللي رضت عليها الدنيا فيه .. هو وجود هالشخصين بحياتها !
سكتت للحظات ثُم قالت بعد تردُد بسيط وبصوت أشبه للِهمس : إنتهى طريقي مع سند .. ووقفنا عند نهاية مسدُودة
عقدت حواجبها بصدمة ومنى ناظرتها بذُهول وألتزمو الصمت في حيرة من قرارها اللي الجمهم !
تأملت نظراتهم للحظات ثم أبتسمت وهي تمّيل شفايفها بضيق : لا تتضايقون ولا تنصدمون .. والأهم لا تلوموني
منى قالت بضيق وهي اللي كانت تتمنى تِستمر حياة مع سند .. كونها كانت تظن إنه بيكون سندها مثل إسمه وإنها بتعيش حياة بسيطة معه : أكيد إنك ما سِبتي كبريائك على جنب ومشّيتي العلاقة بناء على كرامتك .. مو هوا قال أنتهى ماضيه مع الزفته اللي ما تِتسمى
ناظرتها بحِنكة وقالت بصوت ضايِق : منى أنتي أكثر وحدة تدرين إني شخص مستحيل يرضى على نفسه بالتهمِيش .. ولا بالتنقيص من قدره
منى أردفت : طيب كان سمعتي رده ؟ وكلمتِيه قبل تتخذين هالقرار
تنهدت وقالت وهي تِمسح على وجهها : أنا أشوفه عشان أتسائل عن كلامه ؟ هو شخص أتخذ الهرب سبيل بيني وبينه .. أيام بليالها ظل يهرب مني .. أنا بالنسبة له عبأ وثقل يا بنات .. مستحيل أرضى على نفسي بهالإهانة !


الجادل قالت بعد صمت طويل وهي متضايقة حِيل .. هي شخص تِشهد على نخوة سند من كلام عبدالعزيز عنه .. ويستحيل يكون صديق عمره شخص ما يُعتمد عليه : يالله يا حياة حتى باللغة العربية الساكنان ما يلتقون .. لازم واحد منهم يتلحلح !
سكتت شوي بعدها قالت : عطيتي هالعلاقة حقها ؟ عشان ما تِندمين بعدين
ضحكت بسُخرية وهي ترجع شعرها خلف ظهرها : ‏ عطيته شمس ما تغرب ولا بيَّن بعينه نور .. وبأول موقف قدر يفضفض فيه قال إني ثقل على قلبه
قالت بصوت مبحوح من الضِيق : كنت مستعدة أمحي كل الضِيق من حياتي وأرتبط فيه .. ولو إني من البدِاية شفت الثقب اللي في سفينته مع ذلك تحدِيت الحياة وأبحرت معه .. ونسيت ، نسيت إن اللي يتحدى الحياة يرجع مخذول
قاطعت كلامها وقالت بضيق بعدما حسّت بكتمة وبحرارة دمُوعها اللي بأي لحظة راح تخُونها وتفِضح كل مشاعرها : خلونا نقفل الموضوع !
الجادِل الي كانت خايفة حيّل على حياة .. هي قرأت الحبّ بعيونها .. هي شخص ما تجهل الهوى ولا تجهل وش يسوي حب شخص بالقلب .. ووش يسوي الفراق بالحال .. خافِت كثير على حياة من هالمشاعر قالت وهي تحاول تقنِعها : ماعاد فِيه مجال للتفكِير .. ما يستاهل بن فياض فرصة ثانِية ؟
ناظرتها للحظات ثم ميّلت شفايفها وقالت بغُرور خالطِه ثقة .. تخفي بها إحساسها الحقيقي واللي لو حاول يقرب خطوة راح تمد له مسافة لا حصر لها ! : أنا من الناس إللّي إذا صدّت قلوبهم وتجافت أطبق الشطر اللي أنقال فيه " فـ لو تبكي علىٰ فرقايّ نص الليل ، ابتوضّىٰ دموعك فجر وأصلّي" أنا قلبي جفاه ومُستحيل ليني يغلب جفايّ ..لأن ما عاد ورا الجفا شيء
منى قالت بضيق وقلبها مشتعل غضب من شُروق .. اللي فتحت عيونها على علاقتها مع سند : بتتركينه للي ماعندها ذرة إيمان ؟ ملتفتة لرجال وهي متزوجة ؟ .. بتُتركينه بعد اللي صار .. بعد أخوك والحقير اللي ما يتسمى ولد عمِك ؟ بعدما ظنينا إنه العوض بعد الخسِيس اللي هرب !
أبتسمت وهي تِتنحنح بهُدوء وبعدها ألتفت لمُنى وهي تِناظرها بنظرة الشُموخ المُعتاد عليها من حياة : أنا أطهّر منهم وأعذب، وأشهى من يحبّ إن حبّ .. أنا اللي ألبس سواد قلُوبهم كلهم .. وأحليّه أنا مو شخص يبقى على الرفّ وينتظر أحد يحيّه .. أنا حياة لوحدِي
قالت بنبرة مليّانة ثقة : ولا هو يستاهل عشان يوقف العُمر عليه
أبتسمت الجادِل وقالت بحنيّة : لا تلوميّ كلامنا وعتابنا .. حنا نخاف عليك من الحزن ومن الخسارات
ضمت كفوف حياة لكفوفها وقالت : حنا نستمد القوة منك ويوجعنا الضعف بعيونك نخاف عليك من الدنيا وكوارثها ونخاف على قلبك من الكسر
أبتسمت من كلامها مُنى وقالت وهي تضم كفوفها معهم : صح ياحياة .. والله العظيم نخاف على صدرِك من الضيق ونخاف ما تكفيك قلوبنا عشان تكونين بخير
أبتسمت غصب عنها وهي تحارب دموعها باللحظة ذي .. وقالت وهي تتأملها : المُريح بأيامي إن صديقاتي اللي ظنيت فيهم خير .. هم صديقاتي للحين
ناظرت لبُشرى اللي منطربّة لحالها مع الطقاقات ووقفت وهي تبعد الجاكيت عن مكانها .. ناظرت لهم بضِحكة أمتزجت بإبتسامة وقالت بحماس : قومو .. لابارك الله باللي يحاول ينكد علينا عيشتنا .. يعني نسمع هالطرب ونبكي ونِشكي ؟ عيب عيب .. قومو نرقص ونرمِي حزننا من على خصرنا
ناظرتها مُنى بتردد ومن حالتها اللي أنقلبت فجأه مع ذلك ما أعترضت وقفت وهي تِمسك يدها ناظرو للجادِل اللي تتأملها بهدوء .. وأيقنت إن الجرح بقلبها لا يمكن يطّيب .. هي موقنة إن حياة تِرمي أحزانها بداخِل ضحكتها ولا تبيّن ضيقها لأحد ،لذلك خايفة عليها خوف العالمين.
أبتسمت لها حياة وأنحنت وهي تمسك يدها وتسحبها : تعالي وإتركي عنك كثر التفكير .. تراه ما يجيب خِير .. قومي تبختري وتباهيّ قدام نقمة واللي ما تِتسمى الثانية .. غربليهم بوجهك
ضحكت من قلبها على كلام حياة ووقفت وهي تِمشي معها .. وبدؤو ينطربون على حماس الطقاقة .. اللي مازال صوتها يعلأ .. وطُول الوقت ما وقفت .. إلا عشان تشرب مويَة
تشبثُو بيدين بعض .. وخطو الخطوة الجنُوبية بكل براعة .. قالت بشرى بضحكة وهي تناظر لمنى : أبلة منى .. آخر مرة رقصتيها بعرس عز .. كنتي كنك قردة تتحركين بطريقة غريبة
شهقت نسيم وضربت جبهتها وبشرى مسكت جبهتها بوجع : وش فيك يا البريَة
نسيم ناظرت لمنى بفشلة وقالت وهي تتعذر عن بشرى : آسفين والله .. هالبنت ما تحسب حساب لكلامها أبدا
تغصبّت منى الإبتسامة بعدما أنفجعت من كلمة بشرى وناظرت بحياة والجادل اللي ميّتين ضحك على ملامحها
قالت بشرى وهي تمّيل شفايفها بعدم إهتمام وناظرت لنسيم : الواضح إنك ما شفتي السيد جسّار اليوم

رفعت حاجبها وناظرتها بنص عين وبشرى كتفت يدينها وقالت : إلا أعرفك تقلبين بريّة إذا ماشافك
ناظرتها للحظات ثم قربت وهي تقُبصها بفخذها وهي تقول : انطمي فشلتينا
صرخت بشرى بوجع وقالت : وربي انك ما شفتيه .. يامتوحشة
إنفجرو البنات ضحك من تصرف بشرى ونسيم ضحكت معهم وهزت رأسها بآسى وهي تناظر للجادل اللي همست لها وقالت : جسّار فيه شيء ؟
ناظرتها بتردُد للحظات .. هي فعلاً بقلبها إحساس فضيع .. وتحس بالكتمة بين الثانِية والثانيِة ولكنه نبّهها إنه ما يقدر يشوفها قبِل الزواج .. وإنه بيكون مشغول بالمحل لصلاة المغرب .. بسبب حضُور شيّخ قبيلة عشان يشتري من عنده بِالذات .. أبتسمت وقالت : لا طيّب وبخير .. هالبلشّة ما ينسمع لكلامها
أبتسمت بمرح وهي تناظر لبشرى بحب : بس ما ينمل منها
ضحكت وهزت رأسها بإيجاب : إيه من هالناحية هِي حلاوة البيت لو يصيبها شيء لينطفي نور هالمكان
هزت رأسها الجادِل بإيجاب وهي تبتسم وتناظر لبطنها : أخترتو إسم للحلو اللي ببطنك ؟
ضحكت بتناغُم من لذة الكلمة وهزت رأسها بالنفي : للآن ما قررنا .. بس السيّد جسّار يقول بيسمِيها ورد إن كانِت بنت .. وأنا متوقعه ولد فعشان كذا عطيته على جوه
ناظرتها بإبتسامة وقالت بفرحة وهي تِشهد على ضحكة نسيم : عاد لو كانِت بنت .. فبتأخذ من حلاك الكثير .. ما خاب جساّر لما فكر يسميها ورد
أبتسمت بحُب ولطف وقالت : عقبالك يارب .. ونأخذ ولد الشّيخ بالأحضان
تنهدت بإبتسامة وقالت : إن شاء الله يارب
ألتفت عن الجادِل وناظرت لأمها اللي جالسة لحالها وتِناظر بإستصغار ..
تقطع قلبها لمُجرد تردُد كلمات أمها على مسامعها .. أيام طويلة بقت تِحارب فيها الكلمة .. وبقت تحاول تتخلص من تأثيرها على حياتها .. ولكِن ما قدرت طول الفترة الماضِية كانت تحاول ترجع تبنيّ اللي أنهدم !

*

بِمكان ما يبعد الكِثير عن أجواء العرس .. وبوسّط مجلس الدِيرة
اللي يحتضِن صدره .. شيخ الخُسوف وأبوه .. والعرِيس سعود وباقي أشراف الدِيرة
ضحكات عالِية .. وزوامِل بسيطة كانت على قد الحُضور .. ومع تحريّص راجح على أن المُعاونات ممنُوعة .. إلا إن الرجال أستحو يقبلون على زواج ولد شيخ بإيدينهم !
لذِلك شار عليه عبدالعزيز بأن اللي قدم المعاونة وتعّب نفسه يأخذونها لصندوق دعم الطالبِات بالجامعات
وفعلاً وافق راجح بفرحة .. أستقبل عبدالعزيز السُؤال من أحد الضيُوف برحابة صدر : يا شِيخ .. محد بناقد ولا شارِه على هالزواج العائِلي .. اللي أغلب الخسوفيّين كان عندهم الرغبة بحضُورهم
قطب سعود حواجبه وقال بهمسه : الله يسِد نحرك على سؤالك اللي مهب وقته
ضحك بخُفوت عبد العزيز ثم أبتسم بثبات .. وقال برزانة : الخسُوفييّن ما ينقدون ولا يشرهُون علينا .. مع ذلك من حقهم يزعلون
ربت بيده على كتف سعُود : هذا زواج زِينه رجال الخسوف .. وإن ماحضروه فنقص من عُمرهم .. أما إختصار هالزواج على هالحال .. فجوابه عند العرِيس .. أنا أنسحب منه
رد له الضِحكة سعود بعدما توهَّق من رمِي عبد العزيز الكرة بملعبه وهمس وهو يناظر بوهقة : ما أتفقنا على كذا
ضحك وقال من بين أسنانه : تِستاهل .. منت براضِي تعلمنا وش السبب .. الحين تقوله على وجهك
رفع بصره سعود ناحِيه هادي اللي كان على يمين أبوه .. واللي يناظره بهُدوء وينتظر إجابته ثم أبتسم وقال : مهب تقليل من قدر الخسوفيّن .. ولكن تقليل للتكالِيف .. أنا رجال أدري إن العرب بيقبلون لزواجه من كل مكان .. واللي بيحضر مستحيل يحضر بيده .. بيستحي على نفسه وبيحاول يتديّن لأجل ما ينحرج وأنا شهِدت على هالموقف بزواجات كِثير .. جمالةً بوجيه الكرام اللي ينحرجون من هالشيءِ وإختصاراً للموضوع بينكم يالقرايب والحبايّب
أبتسم راجح وهو يناظره بثقة من كلامه اللي كان منطِقي ومعقول .. وسعود ألتفت لِسعد اللي جلس جنبه: مسويّ نفسك تقول حكم .. وأنت خرطي ؟
ناظره بنُص عين وقال بتريّقة : أنت ماكنت مأكل علف " أكل المواشِي " قبل شوي ومنطم .. ومسوي نفسك حزين .. من اللي طلّعك من جوك ؟
ضحك بخفوت سعد وقال بعدما ثبّت ظهره على الكنب : لاحقِين على الزعل .. بكرة بأزعل اليوم زواجك .. لزوم نفرح ونوقف للخويّ وقفة خويَ
أبتسم سعود من كلامه .. ووقفو كلهم لما دخلو المُطبلين للمجلس .. وذا وقت الطرّب عندهم قبل العشاء
سعد اللي ما صدق على الله يقبِلون وكان يتحراهم بشُوق .. وقف بسرعة وركض وهو يوقف عندهم .. ويبدأ يدق معهم على الطبل وهو يضحك .. تارة يساعِب .. وتارة يرجع يطق معهم بضحك
والحضُور يراقبون الرجال .. اللي ألتمو على شكِل دائرة .. وبدؤو يتنابون على السعب .. مع سعُود اللي رمى بِشته على ذراعه .. وبدأ يجاملهم بالسعب وهو يحاول يتناسى .. الليلة والمر اللي بيحضر بعد هاللحظات !


كان يحاول يتناسّى هالسحابة اللي غربتله وودع النوم من تلى راجح خبر خُطبته لها .. واللي صارو الأرق والتفكير الكِثير ، والسرحان أصحابه بهالفترة !

ناظِر لعبد العزيز اللي سحب خنجره من جنبِيته .. ودخل للدائرة وبدخولها خرج الشخص اللي كان يساعب مع سعُود .. بدأ يساعِب معه بفرحة أحتلت كُل خلاياه .. للِشخص اللي رغم خطأه الكبير معه .. اللي إنه نذر سنين من عمره لأجل يرضِيه وأرضاه .. بدُخول راجح اللي تحمس معه .. وبرفعه لعصاه وهو يساعب معهم وضحكة كبيرة تملأ وجهه .. تحمسو الرجال وبدأت تِعلا صفقاتهم .. وبدأ سعود يندمج أكثر بالجو لما أرتفع صوت المطُلبين بحماس من دخول راجح ومن سعّب رجال ال جبّارسوى.. لما رجع راجح
رجع عبد العزيز معه .. وبقى سعُود مِستلم المهمة ..
قال راجح بهمس لعبد العزيز : صهرك وين هو ؟
عبد العزيز جاوبه بنفس الهمس : يقُول عنده شغلة مهمة لبعد المغرب تعذر مني ومن سعُود .. وطلب العذر منك .. يقول بيحاول يلحق على العشاء
هز رأسه بإيجاب .. وعبدالعزيز ألتفت ووزع بصره على المكان .. عقد حواجبه بإستغراب لما ما لمح سند والتفت بجسده للجلسة .. لقاه جالس ويناظرهم بعدم إهتمام
تخلى عن الوقوف برأس الدائرة وأنسحب من عند الرجال وهو يجلس جنبه .. أنتبه له ورفع رأسه وأبتِسم بخفوت وهو يقول : لا تِتخلى عن الطرب لأجل تبقى معي .. تراك إن بقيت بتفتح على نفسك أبواب من الهم .. تعرفني نكديّ وأحب الحزن
شهد على تقطِيبة حواجب عبد العزيز اللي قال بعدها بضيق : يوجعني كلامك يا سند .. والله انك خسيس
ضحك وهو يربت على كتفه وهو يقول : تعرفني .. كل ما طقيتها عوجاء .. عشان كذا
ميّل شفايفه بعدم إعجاب وقال بتساؤل : وش صاير .. ليه منت بمندمج بالجو ؟ خبري بك من تسمع الطبل تقوم تزور"تنهبل" علينا
أبتسم بضِيق وهو يحاول يداري عبدالعزيز بإبتسامته ورفع كُتوفه بعدم معرفة : مانِيب رايق بصراحة
رفع حواجبه بإستغراب وسند أردف بعد ما تنهد :عبد العزيز .. أنا قررت أقطع هالإجازة وأرجع للدفة حقتي .. ولسفينتي .. وأرجع أتقلب بين موجة وموجة
تنهد عبد العزيز وقال بإستنكار : هالعبد العزيز ما تطلع من حلوقكم إلا لا تضايقتو .. إنطق وش بلاك ؟
ليه بتقطع إجازتك ؟ مهب أنت خمس سنين ضايع بهالبحر بدون ما تأخذ إجازاتك اللي تستحقها ؟ منت تقول إنك هالسِت شهور ماراح تِذكر السفينة على لسانك
أبتسم بثُقل شديد وهو يحس بالضياع وقال بهمس قاتِل وبنبرة يملاها الضيق : ملجأي بين الموج يا عز .. ما حسبت إن هالست شهور بتعطيني حياة .. ثم بتنتزعها مني بقسوة
رمش بعدم إستيعاب من كلامه .. وقال وهو يناظره بإستِنكار : محد يقدر يأخذ شيء وأنت تبغاه يبقى
هز رأسه بالنفي : محد بيبقى في مكان ما يبغى يكون فيه .. وأنا ماني قوي لأجل أتشبث بشيء ناويّ الفرقى
لما وُضعت النقاط على الحروف.. وأستوعب كلامه ميّل شفايفه بضِيق وقال : قلنا إنك رسيت على بحّر الأمان
ضحك بسُخرية وقال: محد قادر على تحملي يا عز .. أنا كليّ شوك ولاحد بيقدر يلمنيّ
تنهد بضِيق وقال بحزم : تساهِيل يابن فياض .. والله ما يستاهل ربيع عمرك إلا من شرب صيفك .. ودثر شتاك بدفاه!
أبتسم بخُفوت وهو يجُزم على كلامه ويأكد عليه : الله الله .. الغصن عايش ولو طارت عصافيره
ناظره عبد العزيز ثم ضربه على كتفه بقوة ووقف وقال : قم قم لعنبو من يضيق خاطرك يارجل .. يشهد الله لو كلك شوك لأضمك وأشد عليك بس .. خلهم عنك
ضحك من قلبه على كلام عبد العزيز ووقف وهو يمسح على ظهره بوجع : كان طيعك " كان بإمكانك" تقول هالكلام بدون هالخبطة " الضربة "
كسرت كتفي يارجل
أبتسم براحة من ضحكته وقال وهو يهز رأسه بإبتسامة وييخليّه يتقدم عليه بخطوة : يا عسى مشارق ضحكتِك مالها غروبْ يابن فياض
علِيم الله ما يستاهل قلبك إلا الفرح !
*

{ سحابة }

ناظرت لشُروق وهي تِبتسم بهدوء .. وورى هالإبتسامة فيضانات من الخُوف والرعُب .. تحاول ما تبِين رعشة جسدّها .. ولا دقات قلبها اللي تِخترق صدرها من قُوتها كلما أقترب موعد لقاءها معه كلما تذكرت أنتفضت جميع أجزاءها
مشاعر كِثير تتنافس وتحاول تِغلب بعض .. خُوف ، توتُر ، رُعب ، إِرتباك ، فرحَة ، رحابة صدِر
تجمعت المشاعِر الكبيرة كُلها بقلبها اللي بحجم الكف !
تمتمت بهمس بعدما سِمعت بداية زفتها : لا تُتركيني يا شُروق
أبتسمت شُروق بهدوء وهي تِطمنها: ماعليك .. بنكون وراك
أشرت على السلة وعلى بُشرى اللي ماسكة سلة ثانِية وبدرية ورحمة اللي واقفين جنب بعض .. وبيدهُم المباخِر .. وأغصان الريحان
أبتسمت لها بهُدوء .. ووزعت نظراتها على رحمة وأمها .. وأنتقض قلبها .. الخُوف كل الخوف من رحمة وتغيرها المفاجىء اللي تظن بيكون بعده أشياء لا تُحمد عُقباها !


ألتفت وهي تشوف بشرى واقفة جنبها وتِغمز لها : سحابة يابنت .. منتي بهينة طلعتي حلوة مثل الغيم .. ياويل حال سعود لاشافك بيموت
ناظرتها بذهول وإحراج شديد من كلامها وبشرى أبتسمت لها إبتسامة واسِعة وهي تأشر على الحوش : إنطلقي المضمار لك الناس ينتظرونك
عضت على شفايفها وهي تِحس بحرارة خدودها من كلام بُشرى
وتقدمت خطوة ووقفت مكانها بحياء تلبّسها
دفتها بُشرى وقالت : ترى وربي بدعي " بنادي " سعود يشيلك ويوصلك .. ماصارت عاد وأنتي تسحبين رجولك وراك
رحمة ضربت جبهة بشرى وقالت بعصبية : عيب
ميّلت شفايفها بوجع وقالت وهي تمسح جبهتها : جبهتي اليوم عدوتكم ، كل من جاء طقّها
مشت بسرعة ورى سحابة اللي تحركت بضحكة ، وأول ما صارو على مشارِف الحوش .. وقفو الحضُور بفرحة .. وسكتُو الطقاقات لما شغلو الزفة بالمسجل .. بدأت تِمشي بهُدوء .. والقُماش باللون الأبيض الناصِع يكسو جسدّها اللي يشاابهه .. طرحة بسِيطة مرميّة بعشوائية على وجهها .. مجموعة ورد قُطفت من حدِيقة نسِيم تزيّن يدها اللي محنايَة باللون الأحمر الغامِق .. تمشي بتثاقُل .. بس تبان الثقة بمشيتها
وراها بُشرى وشروق .. ينثرُون الورد بإبتسامة عليها ويناظرون للحضور وهم يزغردون لما وقفت سحابة على أعتاب الكُوشة البسِيطة وقفو جنبها وهم يوزعون نظراتهم على الحُضور .. ومن أستقرت عيون شُروق بالعيون اللي تِناظرها بحدة وترمِي عليها الشرر منها
حتى ناظرت بِصدمة وإستنكار ناحِية النظرات الحادة لها وعقدت حواجبها بإستغراب وهي تُنقل نظراتها عنها
الجادِل سحبت فستان منى بضيق وقالت : منى .. وخري "بعدي "
عيونك عنها .. عطيتيها أكبر من حجمها
منى ناظرت لحياة اللي تِصفق وهي تناظر لسحابة ومبتسمة تكلمت بقهر واجِم وهي تهمس للجادل : الله يأخذها هاللي ما تستحي .. وربي ودي أفجر فيها ، مادام إنو كانت تحبه ، وتزوجت ولد عمها وسابته ، ليش تخرب بيته الحين ؟ وش تفِكر فيه هالبهيمة ؟
تنهدت الجادل ومسكت يدها وهِي تشد عليها وقالت : محد بيقدر يوقف قِدام النصيب .. لو فعلاً سند يستاهل الحياة .. راح تِرضخ له ولو إنه باقي يفكر في شروق .. فلا يحلم يلمح طرف منها ..
تأففت مُنى .. وهي تصد عنها .. وتحاول ما تِلتفت لها ولا هي قادرة .. تحس إن سبب خراب بيت حياة ، هي !
لأنها تجرأت تذكُر علاقتهم الماضِية !
تنهدت وهي توقف جنب حياة .. اللي ألتفت وقالت للجادل بضحكة : الجادِل .. ترى زواجي وزواجك أفضل زواجيّن بالحياة .. وحدة كانت تبكي وكأنها مومياء بطرحتها .. ووحدة خبط لزق لا تنهنت ولا فرحت
أبتسمت بضيق وبعدها قالت وهي تِشد على كتف منى : العوض بزواج مُنى .. بخاطري حتى الحِنى اللي أسكثروها عليّ مساعد وبنته
منى قالت بضيق : رجعت أمك ؟
تلاشِت إبتسامتها وعدلت وقفتها وهي تناظر لسحابة بلامبالاة : جاءت العصر .. سلمت وبقت للحظات ثم أنسحبت وراحت أعتقد إنها ما تحملت نظرات الحريم بعد اللي صار .. طول عمرها راح تبقى ضعيفة
قبل ما يتكلمون البنات ضحكت الجادل وقالت وهي تأشر على أم سعد : خالة أم سعد .. عاجبّها فستان سحابة المُستر .. شوفي كيف تناظره
حياة كانت بتتكلم بس أنتبهت لأم سعد لما لفت لها وناظرت لكتوفها العارِية بنُص عين وضحكت من قلب وهي تحاول تِصد بوجهها عنها ومنى ضحكت وهي تقول : وراك تكسير عصا على ظهرك ياحياة
حياة وهي تُحاول تسكت .. رفعت رأسها وأعتدلت بوقفتها وهي تناظر لسحابة : أسكتي تكفين .. وربي واضح من نظراتها إنها راح تذبحني الليلة
أم سعد صدت بنظراتها عنهم وهي معصبة من حياة .. اللي أول ماشافتها عاتبتها على فستانها واللي تحججت إنها كل فساتِينها بهالطريقة
كانت واقفة مع حِكمة اللي تتمايل بعصاتها وهي تضحك مع سحابة
ومع المزن اللي تِصفق بإبتسامة
لِتلفت بإستغراب ناحِية المراءة اللي وقفت جنبها وقالت : أم سعد .. وشحالش يا وخيتي
ردّت أم سعد برزانتها المُعتاد عليها وإبتسامة هادية تُزين ثغرها : طيبة جعلش بخير .. وش أخباركم أنتو ؟
أبتسمت بهدوء وقالت : أخبارنا تسرش .. تخبرين ولدي ناصر على وجه زواج .. وقد لي فترة حاطه عيني على بنت .. مير ربطت يدينيّ إنها ما تتغطى .. والحين من دريت إنها تغطت جيتش جري " ركض" عشان أتكلم معش بالموضوع .. تعرفين من صارت ببيتش صارت بحسبة بنتش !

عقدت حواجبها وناظرتها بطرف عُيونها وهي تقولين : تقصدين منى ؟
هزت رأسها بإيجاب وهي تبتسم : لو فيه نصيب .. نجي بكرة والا بعد بكرة ونخطبها ونشوف ردكم
ميَلت شفايفها بهُدوء وقالت بخفوت : الله يقدم اللي فيه خير .. حياكم الله بأي وقت
أبتسمت وهزت رأسها بإيجاب ومشت عنها وهي تِتأمل منى بنظرات إعجاب وهي تدعي تكون لولدها
جلست سحابة بحيّاء يتخلله فرح وهي تِناظر للي يرقصون قدامها .. لِفرحة أمها ولضحكة صاحِبتها ..

أبتسمت بإمتنان للمزن اللي أقبلت بكأس موية وهي تِمده لسحابة : الواضح إنك عطشانة
ردت بإبتسامة وقالت : جعل عمرك طويل ياعمة .. اي والله مع البلشة نسيت أشرب
وقفت جنبها وهي مبتسمة .. وتناظر براحة لرحمة اللي تسولف والضحكة على وجهها مع حكمة
بعدما صار الوقت خاص فعلاً للعريس وأهله
سحبت أم سعد طرف شِيلتها ومشت وهي تقول لمُنى : ها ليه تبينا نرجع مشِي للبيت بهالليل .. ومخليّه المسكين سعد ينكسف
منى اللي مليانه إحراج .. من أم سعد اللي من طلبت منها هالطلب حتى قالت لسعد " توكل على الله ياسعد .. بنرجع حنا والبنات مشي .. ما يبون يشوفون وجهك على هالليل "
زاد ضيقها الضعف بعد ما تذكرت موقفها معه .. ولاكان ودها تشوفه بعد اللي صار .. لذلك فضلت التواري عن الأنظار .. قالت بمرح تخفي فيه ضيقها : ياخالة ..هواء الخسوف ما يتعوض بهالليل .. حرام نخسره بركوبنا للسيارة
ألتفت أم سعد وهي مِميلة شفايفها بعدم إعجاب وقالت لحياة اللي متكاتِفة مع منى ومتثبشه بذراعها اليمين : وأنتي وش اللي مرجعش معنا .. وراه ما ترجعين مع حوش بيتش ؟"أهل زوجك"
تنحنت حياة وقالت بإبتسامة .. كون هالوقت مو وقت مناقشة أبداً : الله يسلمك ياخالة .. قررت الليلة أنام عندكم .
ناظرتها بطرف عينها وقالت : بشنطتش ذي ؟
توهقت وقالت وهي تخبيها ورى ظهرها : إية .. أشتقت لكم وعطيت خبر لسند إني بطول
هزت رأسها بعدم إقتناع ومشت .. وحياة تنهدت وهي تمشي وراها .. تذكرت نظرات أم سند وهي تقولها إنها بتنام عند أم سعد الليلة وأوجعها قلبها حيل .. هي ما صدقت على الله تِلقى هالحنيَة بأحد .. تقوم تنؤخذ منها ؟
*

كان يمشِي وراهم .. ويدينه خلف ظهره .. متضايق .. متشتت .. ويحس إنه فقد إحساسه بالحياة
موقفه معها بالعصر ما عدّى أبداً .. شلون يعديّ وهو أنكشف قدامها بطريقة مهينة له ؟ ولا عنده مبرر للموضوع .. وش يقول ؟ " همِت فيش لدرجة صارت أوراقي عبارة عنش "
تنهد وهو يمسح على وجهه بإرهاق .. لما عرف إنه حتى حضوره ما تبي تحس فيه .. مع ذلك ماكان قادِر يتركهم يمشون بالليل لوحدهم .. تبعهم بخطوات هادية بعيدة عن محط أنظارهم .. وهو يدعِي .. تفهم هالمُنى شعوره
*

{ سعُود}
ناظر بحدة لبشرى اللي تسحبه من بشته ووقف وهو يسحبه منها : نعنبو حيك .. عيب عيب احترميني
ناظرته بتملل وهي تقول : تراك أبلشتنا .. أنا عريس وأنا عريس
كأن ماحد أعرس غيرك .. سحابة المزيونة تنتظرك تفتشها
وأمي وعماتي .. وحتى جدتي وخالاتي ينتظروك .. والله لو إنك بتدخل جمل معك
مسك معصمها وقال وهو يمشي معها : إي والله بدخل جمل معي وفي يدي
شهقت لما أستوعبت كلمته وحاولت تفلت يدها وهي تقول : ياللي ما تخاف ربك
ضحك سعود وهو يفلت يدها منه لما وقف ببداية الحوش .. رتّب نفسه وألتفت لصُوت المسجل ووقوف أمه وجدته .. والمزن ونسيم جنب بعض وهم يزغردون بفرحة .. وعلى أنغام الزفة المُعتاد عليها " عريسنا يا بدر بادي "
تنهد بشُعور غريب أجتاح كل صدره .. لما تِذكر هالزفة وهالحدث مع كوثر .. أنعصر قلبه بعصبية وتغيرت ملامح وجهه من الهُدوء للإستنكار والضِيق
تقدم بخطوات سريعة .. وكأن وده ينهي هالموضوع .. سلم على أمه وهو يتغصب الإبتسامة
وأنحنى وهو يسلم على رأس جدته .. باركِت له وأبتعدت عنه بعد ما تِقدم وهو يوقف قِدام سحابة اللي كانت واقفة بمكانها ..
تِحس ماهي على الأرض .. من فرط الشعور اللي تِحس فيه .. واللي يطغى عليه .. الخُوف
من مصِيرها معه .. من مصِيرهم سوى !
رفع الطرحة من على وجهها وشهِد على زغاريد أهله .. وجلس بدون ما يناظر لها .. ولا يلتفت لوجهها
أنصدمت من حركته .. وكتمت دُموعها وهي تحاول ما تنهار باللحظة ذِي .. على بُروده بأهم لحظة لهم سوى !
جلست وهي تناظر لِـمسكة الورد بنظرات عشوائِية.. مليانه إرتباك
تحس شُعورها واضِح على وجهها .. ولو رفعته للي حولها .. راح يقرون كل الرُعب اللي بقلبها .. حاولت تِضغط على نفسها .. وتِتغصب الإبتسامة وهي توقف وترفع رأسها لما سمعت بدُخول راجح وهادي لهم .. وقف هادِي قدامها .. وخانِته دموعه غصب .. تقدم بكل حنيَة وهو يقبّل جبهتها ويتمتم بِـ همس مليانه غِيرة .. بسبب وجود رجل ثاني بحياتها : لا تسهين .. أنا أول رجل تحبينه .. أنا معقود بقلبش .. إن كان بن راجح بينعقد في الكِتاب
أبتسمت وهي تِحس بحرارة الدُموع تسكُن عيونها .. ومن شاف دموعها .. سحب طرف شماغه ومسحها قبل يلاحظ وجُودها أحد ! أبتسم بعدها وقال بهُدوء خالطه حنيّة : مبروك .. ياجعله بيت خيّر
أبتسمت غصب عنها .. وحست بأن دفء الكون تجمع بين كفيّنها لما قبّلها بحنيّة !

ألتفت بعدها لِسعود وهو باقي واقف بمكانه وقال بصوت جهُوري وهو يأمل إن رسالته تُوصل: أعطيتك ضلع من ضلوعي يا بن راجح .. وحدة مأخذوة من فوق همم الجبال .. سحابة بنت هادي أبى قبل تتوسط صدر بيتك .. تتوسط قلبك .. ما أبغى الدمع ياصل لمدامعها وهي زوجة لك .. سنين وهي تحت ظلي ماذاقت ضيم وطول عمرها مدلّلة وكل اللي ينقال لها " سمِي وآمرِي " .. لا تذُوق الضيم يا بن راجح
أبتسم بعدها سعُود بهدوء من كلامه وهز رأسه بإيجاب وهو يأشر على خشمه : تأمر أمر يا أبو سحابة .. بنتك في الحفظ والصون
طاحت عيُونه عليها غصب عنه .. بلّع ريقه بصعوبة وناظرها بتوتُر وهو يلمح إبتسامة فخر على وجهها وهي تِناظر لأبوها .. والدمع بمحاجر عيونها .. أهتز كيانه لِلحظة وحسّ بتصلُب عظامه .. ولا أنقذه من شعوره إلا راجِح اللي ضربه على كتفه بخفة .. وبإبتسامة قال : لا تخاف ياهادي .. بنتنا خذت ولدنا والله إنها بمحبة بناتي
تمتَم براحة من ردُودهم .. وهو اللي كان خايِف عليها من وحشّية الناس اللي حُولهم .. بس بما إن بن جبّار بظهرها .. محد بيقدر يهيّنها : رجال ولا على كلامكم كلام ياشيخ
بقى للحظات هادي .. ثم أستأذن وطلع
وبعدها بدأ سعود .. يكمل باقي طاقته مع أمه وجدته وخواته .. اللي ما تركو الطقاقات يرجعون بيتهم .. أجبروهم يوقفون لين تكمل طاقتهم كلهم
ما خلى السعب والرقص . . من محارشات بشرى .. وضحكها على شكل سعود
ولا من إبتسامة نسيم الهادية اللي كلها فرح لسعادة سعود .. ولا فرحة حكمة إن كلامها هو اللي فعلاً مشى .. ورحمة اللي كانت تِتغصب تفرح عشان ترِضي راجح اللي عيونه عليها !
بعد ما إنهد حيِلهم أنحنت المزن وهي تِهمس لسعُود : يايمة .. وشرايك تِنسحب ؟ مهب حلوة تِبقى لوقت متأخر معنا هنا .. المسكينة سحابة بتِحس بالتهميش
رفع رأسه لها وهو يعدل عقاله .. ثم أبتسم وهو يوقف : على خشمي يا أم عز .. ما طلبتي شي ء
أبتسمت له بهدوء .. وألتفت لرحمة اللي قربت منها وهي مِميلة شفايفها بتساؤل عن الهمس اللي كان بينهم
سعود تنحنح وقال : يالله .. حنا بنتجه لجناحنا .. وأنتو كملو سهرتكم
ما أمداه يكمل إلا مشى خطوتين ولا وقفة إلا صراخ بشرى اللي قالت : والعروسة يا مشفوح
فتح عيونه بصدمة من كلامها وهي أبتسمت ببراءة وأشرت على سحابة اللي غاصِت بين فستانها من شعورها السيء باللحظة ذِي "يعني من بدايتها نسيان وإنسحاب ؟ وين الوعد اللي قدمه لأبوي "
رجع بخطوة سريعة لورى .. ووقف جنبها بدون نفس لحد ما وقفت .. مشى وهي مشت جنبه وأمها ساعِدتها بحمل فستانها من ورى .. كانت مقهُورة .. ومتنرفزة لأن بينها وبينه مسافة تقدر سيارة تخترقه " حتى يده ما قدِر يقربها من يدي .. مِنك لله يا سعود على فضاعة هالشُعور "
تنهدت وهي تحاول ما تِبكي ومشى وهو يسابِقها بالخُطوات .. لحتى دخلو لباب غُرفته ومن دخلت سحابة ووقفت بنص الغرفة .. حتى أنسحبت أمُها وهي تِقفل الباب وراها
أنسحب كُل الأكسجين من رئتيها .. وحست إن الأرض ما تِقدر على حملها من كثر الشعور اللي تِحس فيه .. إختلاط مشاعر مُهيب .. وتناقُضات تعيشها هاللحظة .. الوقت اللي كانت قادرة تهُرب فيه منه ولّى .. هالمرة محد قادِر يدخُل بينهم !
كانت مجهزة نفسها لِلحظة ذي.. بس ليه لما صارت واقع أنهار كل تجهِيزها على رأسها ؟
ألتفت وهي تِناظر لسعود .. اللي توجه لِلجلسة اللي بنهاية الغرفة .. وجلس فيها وهو يحط عقاله وشماغه على جنب .. أسند رأسه على المركى وغمض عيُونه بتعب وهو يحس بهلاك عظِيم بعظامه
وسط صدمِتها من حركته .. مشت خُطوتين وهي تِجلس على السرِير .. وتِناظر له وهو منِسدح على الأرض ولا تِنازل حتى ورفع عيونه وناظرها .. أنكتمت وأنكسرت مجادِيفها باللحظة ذي .. وفعلاً حسّت بالتهميش والوجع بقلبها .. لِيه مو قادر يصُون الشيء اللي حارب عشانه ؟ واللي حلّف برأس شيبانه إنه بيحافظ عليه ! تجمعت الدموع بعيونها بضيق وهي تتأمل جلسته وآخر موقف لهم سوى يتكرر برأسها ..
وهو كان النفس صعب عليه .. ليه يحس بالإختناق ؟ ليه مُر الشعور زاره لما لمحها جالسة ببياضها على الكوُشة ؟ ليه ذكريات عقِيمة ومُرة راودته .. وخلته يُنفر منها ؟
ليه حتى ما هو قادِر يرفع عيونه ويتأملها ؟
حاول يدِعي النوم .. لعل تمُر هالليلة بِسلام ! عليه وعليها
*

عبد العزيز اللي أضطر يبقى مع آخر رجال إنسحب من الزواج .. وقف وهو يِلم بشته .. ويفتح البوابة الرئيسة للبيت بعد ما توقع خلُو الحوش من كل النساء .. إلا محارمه
ومن دخل .. حتى ألتفتو كلهم
أبتسمت بعدما تنهدت براحة وهي تشُوفه داخِل عليهم .. وعيونه تِدور عليها .. ومن أستقرت عُيونها بعيونه .. حتى أبتسم لها بِخفة وكأنه لِقى وجهته



تمتم بسُكون أمتزج بطمأنينة"البسمة اللي ترحب بيّ وأنا مقبل
يا جعلنّي ماخلا من وجه راعيتها "
ألتفت بإبتسامة واسِعة وهو يسمع صوت ترحِيب أمه .. وكأن صدره أنشرح : هذا وجه لا أقبل عمّت الدنيا خير
أقترب وهو يحّب رأسها وهي أردفت على عجل .. وهي تِسحبه معها وتتوسط الحُوش : تعال نِساعب سوى ياعزيز .. راحت علينا بزواجك من كُثر الهم اللي صار فيه
بشرى قالت وهي توقف جنبهم : لو ندري إن نهاية أبلة العربي اللي طيحت هيبة عز .. كان ساعبنا
ناظرها بصدمة من كلامها وأقترب وهو يسحب طرف شعرها وهي صاحت : بسم الله
قطّب حواجبه وقال بعدم إعجاب من وضوح نقطة ضعفه للكل : لا تتعدين الخط الأحمر
تخصّرت بطفولية وقالت : وليه بس خطوطك الحمراء لنا .. ليه أبلة العربي تضرب بهالخطوط عرض الحائط
هز رأسه بضحكة وهو يناظرها وسحب يدها ويقول لما سّمع صوت الطبل : تعالي ساعبي وأنتي ساكتة .. يا لسانك اللي يبي له قص
ضحكت وهي تساعب معه ومع المزن .. وسط نظرات الجادِل الضاحكة من نقاشهم ..و وقوف نسيم معها بعدما حست إنها ضغطت على نفسها بالرقص وكانت خايفة جداً على ولدها .. أنتهى زواج سعُود وسط ضِحكاتهم العالية .
-
-
{ جسّار}
ناظر لخروج الشُيوخ من محلّه .. وتنهد براحة وهو يحاول يرجع كل الأطقم مكانها .. ماكان يقدر يأجل جيّتهم . . كونهم تعنّو وجاءو من ديرتهم بس عشان جسّار وذهبّه !
رتب الأغراض على عجل.. وناظر لساعته وهو يِشد على قبضة يده بضِيق .. الساعة صارت ثمانيّة ونص المساء .. وهو للآن قابِع بمحلّه ولو إنه فوت العشاء ولكن على الأقل يظهر بنهاية الزواج .. توجه للمراية المُعلقة على جدران محلّه وعدَل نسفة الشماغ .. ألتفت بعدها بسرعة لما طاح نظره على طيف طارِق يتوسط المحل .. ناظره بنظرة سريعة من فوق لتحت .. وهو عاقد حواجِبه بصدمة ويناظر بإستنكار : القاتـل ؟
قهقه طارِق بسخرية وعصبيّة أعتلت كل جسده بفعل كلمة جسّار اللي رماها عليّه وأقترب منه وهو يقول : إلزم حدك يالطفيلي !
آرخى حاجبه وقال بإستهزاء وبإبتسامة قهرت طارق : الحُدود معك ما تمشي أنت بالذات .. خسِيس ونذل وقاتِل .. ولو إنك رخمة على الأقل مثّل إنك قوي ! يالرخمة
أستجن طارق من كلماته .. خصُوصا إنه بعد آخر لقاء لهم كان متوقع إنه بيكون خايف منه .. خُصوصاً إنه وضّح له إنه بيقتله ولا عليه من أحد : منت بهيّن يالطفيلي .. جسارتك طلعت مهيب نفخة
أبتسم وهو يرفع حاجبه بإستنكار .. وهو برأسه ما يدري ليه هالهجوم عليه .. ليه كان يمثّل إنه يحبه لأجل يهينه ويضغط عليه ويذّله ؟ : من يومي جسور ! ولا أهاب خسيس مثلك .. أنت من زود رخامتك متخبي مثل الخسيس ببيتك .. تحسب إننا ما درينا بوجودك بالديّرة .. مير مستنكرينك .. وداعسّين عليك .. لأن واحد مثلك نكرة كان بيودي قبيلة كلها بدواهي بسبب ذكوريتك اللي جالس تفرضها على قل سنع
أقترب منه وقال بتهجُم : رجال غصب عنك يا جسّار
ضحك بسخرية خالطتها نبرة مليانه إستهزاء : أعقب يالردّي .. أنت ما تقرب للرجولة صوب .. والحين إقضب الباب وتوكل من محلي
وارجع خطوة لورى .. ثم أبتسم وهو يهدِي نفسه .. هو فعلاً سمع كلام الناس عنه .. وعرف من عمه أبو ساجي وش الفكرة اللي خذوها أهل الخسوف عنه .. ولاعاد يقدر يعدلها ولا يصلحها ! لِذلك .. بما إنه ماهو قادر يصلحها .. قرر يخربها زيادة
بإنهاءه لحياة الرجال اللي سلب منه شيء كان يبيه .. طارق كان واحد من الرجال اللي تقدمو لِـ نسيم ..!
ولكن الرفض كان الجواب .. كحال بقية الرجال
عصب وجزع وسخط .. وظل يستصغرها كونها رفضت شخص مثله
ومن قبلت بجسار حتى أنهار عالمه على رأسه .. شلون تقبل براعي وترفض ولد تاجر ؟
ظل يراقبه لسنين .. شلون كِبر .. شلون بدؤو الناس يحبونه ويحترمونه .. شلون صار رجال يهابونه الكل ! والأهم شلون صار يحتزمون به ال جبار والمفروض هذا المُلك كله يصير له!
خمس سنين وحقده يتضاعف .. ولو إنه ببعض المواقف يظهر عاديّته وحبه .. إلا إن بقلبه بحور من الحقد !
ولما حسّ إن الموقف يستدعي موته قرر يخرج خنجره بنفس باردة ! ولكن بخروج هالخنجر وحضور الشيطان في ذيك اللحظة .. ماتت نفس بريئة .. وأنحكم على شخصيّن بريئين بالزواج غصب عنهم !
وهو نجى من الموضوع بكل سهولة .. ورغم ذلك كله .. يشوف نفسه الضحية بالموضوع !
طارق رفع شماغه وهو يتلثم به .. وقال بهُدوء : قفل محلك وإلحقني
رفع حاجبه بعدم إعجاب لا للنبرة .. ولا لطريقة كلامه .. وقال بهدوء : وإن ما لحقتك !
طارق أبتسم وقال وهو يمشي ويأشر عليه : إلحقني عشان مصلحتك أنت .. ومصلحة آل جبار .. والا بيصير لهم شيء عمرهم ما حسبو حسابه من وراك
طلع من المحل ومشى .. وجسّار شد على قبضة يده بعصبية ..


وقفل المحل على عجل وهو يلحق فيه .. ومن طلعو من السوق صرخ جسار بعصبية : ها أنثبر مكانك .. وإنطق ياخسيس وش عندك
أقترب منه بخطوات هادية ووقف وراه بسرعة.. ودخل يده بجيبه وهو يطلِع السكين الصغير وهو يقربه من جانبه اليمين لين حس جسّار بغرزه في ضلعه اللي ماحسب حساب خطوته .. ولا فكر بجراءته هذي ! وخصوصاً بعد ما راحت نفس بريئة بسبب فعلته
قال طارق بهمس : إما تمشي معي ذلحين وأنت منطم .. والا تجهر بصوتك وتعلمهم بوجودي .. وبعدها والله إن أسلب نومك من عيونك .. ماغاب عن عيني إنك بتصير أب
والله إن أترصد لولدك لين يوم موته
كان يحاول يفك نفسه .. لكن من نطق طارق بكلامه حتى تجمد بمكانه بصدمة .. قال بصوت حاد بعدما اعتراه الغضب وتمكن منه : تخسى وتعقب تلمس شعـ...
عض على شفايفه بقوة لما غرزه أكثر وقال : حرك حرك قدامي .. قبل ينتثر دمك هنا
جسار قال وهو يضغط على أسنانه بقوة : وش ناوي عليه يالكلب
ضغط على السكين أكثر .. وقال : تحرك معِي .. والا بتموت بهالمكان دون محد يعرف
مشى معه جسّار وهو يجارِيه بخطواته .. ومن وقف قدام باب بيته مع نسيم حتى عقد حواجبه بصدمة وحاول يفك نفسه برعب لما همس طارق بضحكة : سلبتها مني ..وسلبت مني حريتي يا جسار .. بسببك ضاع اعتباري .. وصارت سمعتي ما تسوى ريال .. لأنك طفيلي لأنك تتغذى على دم غيرك وأنت مرتاح .. بتموت قدام باب بيتك . . منهان ومذلول
حاول يفك نفسه .. ولكنه ما قدر .. ومن حس إن طارق فعلا راح يغرز خنجره .. حتى ضغط عليه بقوة بمعصه على بطنه وضربه برجله من ورى .. حتى رجع خطوة وقدر جسّار يفلت منه بسهولة
تنفس بسرعة وهو يحط يده على الجرح اللي بدأ ينزف وقال وهو يناظره بحدة : خسيس .. ردي وبتبقى طول عمرك ردي
ضحك بسخرية وقال : والله إن
شهق شهقة عالِية .. لما وصلت لمسامعه صوت رصاص أخترقت إذنه قبل تخترق رجله وظهره
ناظر بعيون مدهوشة .. وبصدمة أعتلت كل جسده لمصدرها
كان هو .. ولا فيه غِيره
أخو الضحِية ! واقف وراه والمسدس بيدينه .. وضحكة إنتصار على مُحياه .. ياما أنتظر هاليوم .. ياما خطط وياما شغل مخه .. أيام بلياليها كان يوقف على باب بيت طارق .. أيام بليالها يراقب تحركات جسّار
ومن عرف .. ولمح إن طارق رجع للخسوف .. حتى بدأ تخطيطه الحقيقي!
بالوقت اللي بيكون الكل ملتهي .. الكل ماراح ينتبه على صوت الرصاص .. الوضع بيكون طبيعي
والأهم . . محد راح يشك بوضعه !
ومن بدأ يراقب خروج طارق من بيته بحلول المغرب .. حتى بدأ يتتبع خطواته بشكل مستمر .. دخوله لمحل جسّار .. لحاق جسّار له .. طعنه بالسكين ووقوفه عند بيته ! وهذي كانت فعلاً اللحظة المناسبة .. لانهاء حياة الشخصين اللي قتلو أخوه !
جسّار كان يناظر بصدمة لطارق اللي طاح على الأرض .. ويصارع بيدينه ورجلينه ورجع ينقل نظراته للشخص اللي واقف والمسدس بيد .. وبيده الثانية دبّة سوداء
ناظره وهو يتنفس بسرعة .. وأبتسم أخو القتيل وهو يقول : إفتح باب بيتك يا جسّار
هز رأسه بالنفي لولا صرخته اللي قال فيها : والله لو ما تفتح لأفرغ المسدس برأسك
أرتجفت كل خلاياه .. وهو يتقدم ويفتح باب البيت .. وقلبه متطمن من خلو نسيم منه .. كونها بزواج أخوها باللحظة ذي
أشر بمسدسه على طارق وقال : إسحب هالكلب ودخله
ناظره بإستنكار وصدمة .. ولكنه أنطلق وهو يسحبه بعدما لمح نظرات الجدية بعيون هالرجال .. وإنه فعلاً ناوي على الشر الليلة ! ومحد راح يردعه ! خصوصاً إنها مرت دقايق طويلة ومحد أستنكر صوت الرصاص !
دخل للبيت وهو يسحب طارق اللي يحاول يفك نفسه وهو يشهق ويتنفس بصعوبة .. ولكن وقوف أخو القتيل وراهم كان لهم بالمرصاد .. أشر له على أول غرفة كانت بوجهة وقال بحدة : للغرفة ياخسيس
عقد حواجبه بصدمة وكان بيردف لولا إنفعاله الشديد وهو يقول : يعلم الله إن الشيطان في رأسي يلعب .. تحرك أخلص علي !
ناظره بضيق وهو يحاول يتدارك هالعصبية ويحل الموضوع بالساهِل ! كمل طريقه للغرفة اللي أشر عليه ودخل وهو يرمي طارق على الأرض بقوة بعدما ثقّل عليه .. تنفس بسرعة وألتفت لأخو القتيل وقال : صل على النبي .. وإهدا وخل هالموضوع يعدي على خير .. اللي تسويه لا يرضي الله ولا يـ..
قاطعه بحدة وقال بجنون أستحل كل خلاياه : موت أخوي النشمي على يد هالكلب .. وبسببك يالخسيس
يرضي الله ورسوله ؟ عفو شيخنا عن قاتل أخوي بس عشان يرتبط بشيخ قبيلتكم يرضي الله يا كلب ؟
عظام أخوي تنتفض بالقبر .. محد أخذ إنتقامه .. قاتله يتنفس هواء الدنيا وهو مرتاح نذرت نفسي لأجيب ثأره بيدي .. ولأخذ روح اللي أخذ روحه ..

من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن