25

23.6K 224 104
                                    


على هالحال مرت أيامها ، مابين تجهيز لِزواجها ، وترتِيب أغراضها
وتفكير لا حصر له .. وسوء تغذِية ورهبة وفزع ! وخوف وحلطمة كبيرة من ناحية أمها .. اللي كان صمت رحمة مخوفها .. وكاتم على نفسها
وشلون بعد الشوشرة اللي تصِير بكل زواج مختلفة فيه الطبقات .. تبقى رحمة ساكتة وهاجدة ! وتِكمل هي بنفسها الناقص لِسحابة ! كانت خايفة إن بنيتها شيء سيء لبنتها لذلك تصُب خوفها بقلب سحابة .. اللي ماكانت خاليه منه أصلا !
كانت جالسة بوسط صالة بيتُهم .. وعلى جنبها المزّينة .. ويمينها شُروق اللي ما قدرت ما تكون معها هالليلة
قالت بغِيض ما قدرت تكتمه : مقهورة يا سحابة .. يعني ولد شِيخ وإسمهم بكل مكان .. ليه رفض يسوي عرس كبير ؟ ليه ما كان عرس مجلجل مثل عبد العزيز ؟ يعني مهب كلهم عيال راجح
تنهدت سحابة .. وعقلها صار مثل حلوى الهلامي من التفكير .. من التوتُر .. ومن الربكة
ساعات معدودة .. وتِبقى بمكان خالي من الكل دونها ودون سعود
اللي بقت تتهرب منه أيام طويلة .. والحين ما يكفي هذا .. زادت عليها الربكة شروق وأمها
تنهدت ورفعت رأسها وهي تِبعد يد المزّينة عن وجهها : شروق واللي يعافيك .. وربي كأني أتنفس من ثقب إبرة تكفين أسكتي .. هو حر باللي يبي يسويه زواجه وبكيفه .. وأبوي موافق بعد .. وأنا راضية إنه يكون بالطريقة هذي .. من متى والعروسة تستمتع لاصار زواج الناس يجون فيه من الشرق والغرب !
ميّلت شفايفها بضِيق وعدلت جلستها وقالت وهي تحط المخدة بحضنها : ما أدري سحابة ، بس مقهورة لأن كأنه تقليل من قدرك .. ولكن لو أنتي راضية مهب مشكلة
مسحت على وجهها بضِيق وهي تِشتت نظراتها للمكان .. طارق أعلن حُضوره للديرة قبل إسبوع من الآن
وأنخبصت كل الديرة بسببه .. اللي ضربه واللي هاوشه .. واللي تلاسن معه بالكلام .. واللي يسبه من قدامه ومن وراه .. ماباقي له إعتبار بمقدار ذرة بالخُسوف .. ولا باقي لا له ولا لأبو ساجي اللي متكفل فيه مكانة عالِية بسبب فِعلته ،ولو إنه باقي عايش .. ولكنه مُهان وجداً
وهي من رجع ماذاقت الهناء ،من إسلوبه وتعامله الشديد معها ،يذوق المر برى البيت ،ويجي يصبه عليها
وحالها لا يُسر لا عدو ولا صدِيق معه ،صارت تِتمنى إنه مارجع ،وبقى خايف طول عمره
أصدرت تنهيدة عميقة ،خلت سحابة تناظر لها بإستغراب : عسى ماشر يا شروق
ألتفت لها وقالت بلا شعور وبرغم كل الهم اللي بقلبها من زوجها : المذيعة بتحضر الزواج،ووجهي بوجهها طول الوقت
رفعت حاجبها بعدم إعجاب : وإن يكن ؟ مانيب فاهمة وش هي مآذيتك فيه البنت متزوجة وحالها حال نفسها ،ولا بيوم سمعت إنها تعرضت لِك
تأففت وهي تقول : البلاء باللي متزوجته يا سحابة وأنتي تدرين
قالت بضيق وعدم إستيعاب لمنطق شروق : أنتي أنانية ياشروق ،لازم تحررين نفسك من هالشعور ! أنتي تركتيه وتزوجتي وعشتي حياتك بالطول والعرض .. حتى الولد صار عندك بينما هو بقى خمس سنين يتعذب بسبب هالحب ،ولما قرر يستقر ويتزوج ويعيش حياته،أنتي ناويه تخربين عليه !
قطبّت حواجبها بعدم رِضا من سحابة وقالت بعتب : ليه ماحد فاهمني ؟
سند مستحيل يحبها ،هو مآخذها لأجل ينساني ،وأنا أبغى أفهمها هالشيء عشان ما تكون أداة للنسيان ، سند مستحيل يتعداني يا سحابة ولو عندي عشرة عيال ،أعرفه أنا
ضحكت بعدم تصديق من تفكيرها : الله يهديك يا شروق ،إذا بعد الشروق يجي الغروب وينسيّنا إياه
فـ حب مثل حبكم ينتسى ، لو كان فيه فُتور وتضييع قلوب ، لا تتوهمين
ورجعت تعدل رأسها عشان تقدر المزّينة تكمل تزييّنها وكلما ناظرت لشروق تهز رأسها بضحكة وبسخرية من تفكيرها وشروق كانت تراقبها بضيق من كلامها ، مع ذلك ما أهتمت وبقت مقتنعة باللي تفكر فيه !
٠
٠
{ سعود }

الشخص الصخرِي .. المعروف بالقسوة ناحِية جنس حواء .. بسبب صدمته اللي أنهكت كل مشاعره .. واللي خلت الحنيّة تُنفض من جميع أجزاء قلبه .. ولكن هذا يقتصر بس على البنات .. فـ عند الشبّاب معروف بالفكُاهي المزوح
مرت أيامه بين أرق وبين تعب .. يركُض من محطاته .. لين أماكن عرض الحدث ، لِتجهيزات زواجه
ولِـ بقية مشاغله اللي ينكُشها من تحت الأرض عشان لا يفكر يعترِيه الغضب الشديد من سحابة ، كُلما حاول يقترب منها ويحاورها قبل تكون على ذمته تهرب ، لأبعد مكان منه
مابقى طريقة ما حاول بها الإقتراب .. حتى أرعب الطرق" بُشرى" أستعان فيها ولكن سحابة كانت فطِينة وعرفت مقصد بُشرى وأنسحبت قبل يجي .. معصب إنهم بيبدون حكايتهم بشيء من هالمشاعر البغِيضة ، ماهو قادر يبعد نظراتها من عُيونه .. ولا نبرتها الساخِرة من إذنه ، وبنفس الوقت
موافقتها عليه للآن تربكه .. ولكن الليلة بيحل كل التعقيدات بهالحِكاية !


ألتفت إلتفاتة كاملة بجسدِه ، وهو يناظر للناس المُحيطة بعدالعزيز بعد ما أنتهو من فصل التبريك لزواجه وشرهتهم على إنه عائلي أنسحب على طول بينما إستلمو.. هذا يرحب وهذا يهليّ ، وهذا يقول الشوق قاتلنا يا شيخ ، وهذا يركض بدلته يبي يوجبّه " يكرمه" وهذا يضحك من وقوفه بجنب الشيخ بفرحة
وعبدالعزيز مبتسم، ويرد بصدر رحب على الكُل
تنهد وهو يتأفف ويمسح على وجهه : يالله أنا في رجاك .. وش اللي قبصني "قرصني" وخلاني أجي مع الشيخ لسوق الديرة كان جيت لحالي وأنا متلثم وقضينا
جاءه صوت جسار الضاحك من وراه : ما تخلي كلامك ياسعود
إللي التفت له سعود بحِنكة : ياجسار الله يسلمك أنقذني يا رجل .. والله إن هالشيخ دخل يسحب فيني من على فراشي حتى فنجان قهوة عيا علي "رفض" أشربه .. يقول نخلص الشغل اللي أجلته بسبب محطتك والله يا رجل أهلكني من الصباح بهالسوق .. والمشكلة ما سوينا شيء ينذكر .. بس نسلم على هذا وننرد الترحيب على ذاك ونطيّب خاطر الزعلان عشان هالزواج
ضحك جسّار من قلبه على ملامح سعود المعصبة .. وصوته التعبان وقال وهو يربت على كتفه : تعال يارجل .. أحلى ترحيب بمحلي لأحلى عريس .. ولا يهمك
هز رأسه بإبتسامة وهو يقول : أنعم وأكرم .. عاد محلك أنت بالذات لازم أدخله وأنا على طهارة وموضي وتوني مصلي صلواتي الخمس .. يلمع لمعان مهب صاحي
لِيشهد على ضحكة عالية من ثُغر جسار .. خلته يتلفت بخوف من إن الناس شرهو عليهم .. سحبه من كتفه وهو يقول : فشلتنا الله يغربل إبليسك يا جسار
جسار اللي يحاول يكتم ضحكته بس مو قادر : روح الله يسعدك يا سعود .. محد يطلع ضحكتي الحقيقة غيرك
ناظره بطرف عينه وقال : ليه أختي ما تسوي لك فقرة نكات عشان تضحكك
عض على شفايفه وهو يحاول ما يضحك أكثر .. ولكن ما قدر
وسعود سحبه أكثر وهو يدخله محل جسّار للذهب : الله يحفظ عيوني من هاللمعة .. تقل شمس مو ذهب وبلاط
أخذ الدلة اللي كان مجهزّها قبل ما يلاحظ التجمع اللي بنص السوق .. وقرب وهو يصب لسعود : إذكر ربك بس .. عينك فيها عود يا سعود
ضحك سعود وقال : وين سند بس يلحن هالكلمة ويغنيها لنا .. ماشاء الله لا تموت علينا بس ويبقى ولد أختنا يتيم بسم الله عليه .. ولد الرقة بنت الورد
جسّار كتم ضحكته بعدها أبتسم من وصف نسيم اللي ما يختلف عليه إثنين.. وجلس يتقهوى مع سعود .. وهو يتسائل عن أخباره
وبعدما مرت ساعة .. ألتفتو على دخول عبدالعزيز .. اللي وقف سعود ووراه جسّار : ما بغينا .. والله يا عز تلاقيّ بيت راجح ينشل وينحط بسبب تأخرنا وأنت تسلم على ذا وذاك .. يارجال إتق الله بعمرك .. سلمت على الخسوفيّن كلهم .. وللآن الإبتسامة شاقة حلقك .. كشر عن أنيابك محد قدامك إلا جسّار وأنا
ناظره بضحكة وقال برزانة وهو يمزح مع سعود : ‏خبل العرب لا شار مانستشيره
شهِد على تحول ملامح سعود من الهدوء للصدمة .. وناظر لجسَار وهو يقول : قد شهدت على قلة إحترام أكثر من كذا يالصهر ؟ والله لولا إنه الشيخ وإنه بنص عيال قبيلته كان كوفنته هنا قدامك
ضحك عبدالعزيز والحقته ضحكة جسّار .. وأقترب وهو يضم سعود من كتفه : ماهيب قلة إحترام يا سعود .. ولكن حكني جلدي أحارشك على طاري التأخير .. تعرفني مهمل سلامهم بسبب مشاغلِي ودامني جيت قلت فرصة أعبر عن شوقي لهم
ناظره بطرف عينه وقال : شوقك بيسبب بلاوي يا عز .. إخلص علينا وش اللي حادنيّ أجي مع شيخ .. لو إن عندي جزء من الذكاء كان أرسلت حدى" أحد" الصبيان يكملون الناقص
أبتسم وهز رأسه : ماباقي شيء .. اللي أبغاه لقيته أبشرك .. ولا هي زينة بحقك تكمل هدايا حرمتك واهلها بيوم الزواج عن طريق الصبيان .. بنفسك تجيبها وهذي السلّوم
هز رأسه بتملل وقال وهو يمشي : أكرمك الله ياجسار .. سليت خاطري الله يسلي خاطرك
أبتسم وقال : بأي وقت يالوجه الضحوك
كان بيمشي عبدالعزيز .. بس أستوقفته العلبة الزجاجية اللي قدام الجلسة .. أقترب وهو يناظره ويبتسم بهُدوء وهو يأشر عليه : هاته يا جسّار
أقترب جسار وناظر لِلي يأشر عليه عبد العزيز ثم أبتسم بإعجاب من ذوقه وهو يطلعه من العلبة ويمده له : زين ما أخترت .. عاده اليوم الصبح واصلني
هز رأسه بإبتسامة وأول ما لمحه طارت لمعته بعيونه من قوة فخامته .. قال بعدما تأمله للحظات : سعره ياجسار
جسار قال : ما بيـ..
قاطعه وهو يناظر لسعود اللي يأشر له بمعنى "بنفجر" : عجل يا جسار قبل ينفجر سعود علينا
ضحك بعدما فهم قصده .. وأخذ الخلخال وهو يوزنه .. وبعد ما قدّر سعره وعلّم عبدالعزيز .. ناول الفلوس وأخذه بجيبه وهو يمشي مع سعود .. برزانة وبثبات
منها يطوفون على محل الأقمشة .. اللي توسع وصار محلات آل جبار .. ومنها يكملون هدايا عايلة سعود الجديدة !

{ مُنـى }
إقتربت الساعة من الرابعة العصر
وهالوقت يعتبر تأخرهم عن الزواج خصوصاً إنه يقتصر على الناس القريبين من آل جبار بس ..
ومن بينهم سعد وأمه .. ويستحيل يتخطون منى لأنها بنفس البيت ..
ناظرت بوجهها للحظات بالمراية .. وأبتسمت بثبات وهي تِتذكر آخر مساء جمعها مع سعد
(بعدما تعطلت سيارة سواق المعُلمات وتأخرت منى عن الرجوع للبيت
وكالعادة .. ماكان عند أم سعد حل
إلا إنها ترسل عيال جيرانهم ينبشّون عن سعد من تحت الأرض .. ويعلمونه وش تبي .. وهو على عجل يلبِي النداء ، ولكن هالمرة بنفس اللحظة ترك اللي بيده وسحب ولد جارتهم وركب سيارته وبأقصى سرعته مشى للمدرسة .. ومن كثر الحماس بشعوره الود وده يأخذ السيارة على ظهره ويركض بها هو
وصل ووقف على باب المدرسة يتنفس بسرعة ، وكأنه يركض فعلاً طول الطريق تنحنح وقال للحارس : ما تحركو المعلمات لذلحين ؟
هز رأسه وقال : بعضهم جاءو اهلهم وخذوهم .. والبعض عاده
ناظره للحظات ثم قال بعد تفكير عميق : زين ، إدع لنا" نادي" معلمة الفنيّة
قال الحارس بإهتمام : وش إسمها ؟
ناظره بنص عينه وقال : قل معلمة الفنية أهلش عند الباب وبلا كثرة هرج يا أبو شاكر
تفشل ورفع المكريفون وفعلاً تكلم مثلما طلب منه سعد .. ولاكان يظن إن أحد بيخرج .. ولكنه تفاجأ بالمعلمة اللي تخرج من الباب وتِتجه لسيارة سعد
كان جالس بمكان السايق .. ويقلب بالأوراق اللي على الكبوت بعشوائية .. وهو يقول لولد جيرانهم : ها تلايط"اجلس" مكانك يا ولد وخل القزاز على جنب .. أبلشتنا
جلس مكانه بإحترام وسعد رفع رأسه لما شاف وحدة بتفتح الباب .. قال وهو يحك جبهته : مير حنا ننتظر معلمة الفنيّة يا أخت العرب
ركبت منى وهي كاتمه ضحكتها على جملته وقفلت الباب وسعد رفع حاجبه وكان بيتكلم بس سمعها وهي تقول : السلام عليكم
أنبّلم للحظات بمكانه وتِنحنح وهو يعدل جلسته على عجل .. وسكت للحظات قبل يرد عليها السلام .. مِنذهل ، لا الكلمة قلِيلة بحقه .. مِنصعق من تلبيتها لرغبته ، كان يكسوها السواد .. حتى أطراف أصابعها ما تبان .. هي فعلاً غطت وجهها عن قناعة تامة ، ولو إن كلامه كان آخر نقطة على السطر واللي أقتنعت من بعدها .. ناظرت لوجهه من المراية الصغيرة ببداية السيارة .. وأبتسمت بضحكة وهي منتبهه لنظراته المنذهلة
أسندت ظهرها على المقعد وناظرت من الشباك بعشوائِية وألتفت لما سمعته يقول لولد جيرانهم : إسمع يا صُهيب .. وحدة من بنات العرب المِزاييّن دخلت على أهلها .. وألقت عليهم السلام في هدوء تام .. تعرف يا صهُيب وش ردو عليها ؟
صهيب ناظره بطرف عينه وقال : وش بيردون ياعم سعد ويقولون ؟ والله انك زي ما يقولون خبش وفاغر ، بيردون عليها السلام
سمع ضحكة منى المكتومة وتفشل .. رفع كفه وضرب جبهة صُهيب وهو يقول : إحترم عمك يا ورع "طفل"
بعدين أقولك مزيونة .. تقول يردون عليها السلام بذي السهولة!
صُهيب إبن العشر سنوات مسك جبهته بوجع وهو يفركها بخفيف .. وقال مُجارياً لكلام سعد .. اللي درى لو ما أعطاه على جوه راح تكون الضربة الثانية أقوى : إسلم يا عم سعد .. والله ما قد شفت مزيونة للحين عشان أتوقع وش ردو عليها
تنحنح سعد .. وهو يبتسم بخُفوت ويده اليسار تِلعب بشعر لحيته اللي تكسوه بعض شعرات الشِيب .. اللي ما زادته إلا هيبة ووقار : يوم أقبلت برقتها .. وسِلمت بصوتها اللي كأنه من مزامير داؤود
قاطعه صُهيب وقال : يااوه قال وش دراك إنها كذبة .. قال من كبرها
رجع رأسه لورى بوجع من خاتم سعد اللي طبّع بجبهته وأنلخم وهو يقول : كمل ياعم
ناظره بغيض وقال وهو يحاول يمسك أعصابه .. هالمقدمة كلها كانت عشان يرد على مُنى بطريقة ملتوية .. خصوصاً إن صهيب ما تبقى فولة بفمه إلا وقالها .. ولا يبيَ يعدي إستجابتها لرغبته بهالسهولة ! يبي يحسّسها إنها أنتشلت قلبه من أعماقه قال بهدوء : وعليكم السلام والحب، ورحمةُ الله على قلوبنا، وبركاتٌ منهُ على هذا الوجه، ثم السلام لكم فيما أبقيتم لنا
صهُيب ناظره وعلى رأس علامة إستفهام لأنه ما فهم مقصد سعد
بينما منى أبتسمت إبتسامة واسعة .. وهي تِتنهد بعُمق من لطافة الشعور اللي غمرها .. موقنة إن سعد موجة هالكلام لها ، خصوصاً إنه شخص يبان عليه الإرتباك .. وطريقته بالكلام مو مباشرة .. يحب الطُرق الملتوية
غمرها دفء شعور غريب .. وقلبها زادت نبضاتها بسرعة مفاجئة
لطالما داهمها هالشعور بحُضوره .. وبكل مرة تحاول تِنكر تزيد حرارة هالشعور .. تِذكرت لما باحت بمشاعرها للجادل وحياة بآخر جلّسة لهم سوى وبعد مهاوشات حياة بأنها لا تلتفت لحتى يدق الباب ويتقدم لها .. قاطعتها الجادل وقالت بإبتسامة " لو صدق اللي تقولينه .. لا تنتظري الدليل .. صدّقي أحساسك"



وفعلاً في ظل عدم إنتظارها للدلِيل جاءها لين رجولها .. وتأكدت من مشاعرها إتجاهه .. مابها زِيغ ولا رِيب .. هي فعلاً تعمقت فيه بطريقة مُعقدة جداً ما يقدر أكبر عالِم فكّها
أرتبكت وأنتفضت بخوف وهي تِسمع صراخ أم سعد : الود ودي أعرف يابنات هالأيام وش تصبغون وجيهكم به .. عيني عينش يامنى أشوف مكياج بوجهش
مسحت الروج على عجل بقفى يدها وهي تلبس عبايتها بعشوائية وتركض بسرعة
بينما سعد .. اللي كان بيده علبة متوسطة الحجم باللون الأبيض .. واقف قدام الباب ويناظر لأمه : دخليها يمة دخيلش مافيني...
قاطعته وهي تأشر بعصاتها على باب غرفته : هو ذياك" هو ذاك" باب غرفتك .. إذلف حطه أنت
تنهد وهو يقول : طيب إركبي الله يسعد لي وجهش
مشى وهو يتحلطم من أمه .. وبيده محكم قبضته على أطراف العلبة .. اللي رتب بها فوضوية مشاعره وأوراقه .. إلتفت وهو يسمع نداء أمه وأشر لها بطيب إنتظري
وبإلتفاتته للحوش .. إصطدم بالسواد القاتِم وأختلت العلبة البيضاء وطاحت على الأرض .. مع سقوط منى اللي ما أنتبهت لوجود سعد من ربكتها .. ولا أنتبهت لوقوفه وهي مغطيه وجهها
مسكت ظهرها بوجع .. وحاولت توقف ، ولكن قبل تِفكر بالوقوف .. رفعت عُيونها .. وناظرت للأوراق اللي تكسو مكان سُقوطها .. أوراق بمختلف الأحجام .. بألوان لا تُعد .. مختلفة بالحجم واللون ولكن المحتوى كان واحد " مُنـى"
بلعت ريقها بصعوبة وهي تِسحب طرف شيلتها وتناظر بوضوح للأوراق اللي يملأها وجهها ، أطراف رجلها اللي كان الخِلخال مِزين ساقها ، معصم يدها والإسوارة اللي كانت باللون الزُمري بيدها .. شعرها الكستنائي ، حتى إنحناءات جسدها مرسومة بالدِقة ، أنتفض قلبها أرتشعت أجزاءها ، مابقى بها عِرق صاحي وهي تشُوف نفسها بأوراق سعد ، متى وين وكيف قدر يملح هذا كله ؟
رفعت يدها وهي تِحاول تلتقط الأوراق من الأرض ولكن أنصدمت من يد سعد السبّاقة .. اللي صار يجمع الأوراق على عجل .. ويده تنتفض والعرق يصُب من جبهته بإحراج وخوف شديد
طبق العلبة .. وأخذها وهو يدخل غرفته .. دخلها بالدولاب وقفل وهو يطلع من الغرفة .. ناظرها وهي باقي على الأرض لكنه ما فكر حتى يساعدها .. من شعوره المُحرج باللحظة ذي ، يحس أنفضح بطريقة مُخزية جداً .. خلت وجهه كله يطيح بالأرض من الفشلة.. بأي حق يخترق خُصوصيتها ويكسو أوراقه بوجهها وتفاصِيلها .. تعدّاها وركب السيارة
وأم سعد تصارخ عليه يساعدها ولكنه آبى يسمع لها
منى كانت تنتفس بصُعوبة ، من هول المشاعر اللي أحاطت بقلبها ، عاشت تناقضات عديدة بثواني معدودة ، شعر جسدها للآن واقف من الأوراق اللي كست الأرض ،حست بالدموع تتجمع بعُيونها ونفسها يزيد بطريقة مُفجعة ، رفعت يدها وهي تِتحس مكان قلبها من قوة النبضات العالية
ولا أستوعبت الموقف ووعت على نفسها إلا من أم سعد ، اللي مسكت يدها ووقفتها وهي تقول : وش صابش ، فغرتي " فهيتي" وقعدتي على القاع
بلعت ريقها بصعوبة وقالت : ماعاد راح أروح
قاطعتها وهي تسحبها : إمشي تبين نرد دعوة الشيخ ، وهو من بين خمس مية عايلة خصّنا حنا
سحبتها غصب وركبتها بالسيارة ، ومنى كاتمه عبراتها ، وتحاول تتنفس بصوت خفيف بدون ما ينتبه سعد على وجودها ، مية شعور يحطيها باللحظة ذي ، ولاهي قادرة على تفسير أي شعور منها !
أما سعد كان الصمت يكسره ، شعور الإحراج والندم يعتري كل خليّة منه ، شلون تجرأ ؟ وشلون قدر يلملم تفاصيلها قدامها ؟ ليه حسّ إن هالصندوق بمحتواه يخصه حتى هي ما يحق لها تأخذه !
تنحنح وهو يعدل جلسته ويشد على قبضة الدريكسون وهو يحاول يوضح الهدوء بتصرفاته .. ولكن ما قدر
ولا وصل لبيت الشيخ ، الا وقلبه بيوقف وهو يدري إنها جالسة وراه ، ولا يفصل بينهم إلا مقعد السايق ! الود وده يلتفت ويناظرها على الأقل لأجل يعرف شعورها باللحظة ذي ! ولكن هيهات ، نزلت بسرعة وقفلت الباب بقوة وهي تمشي تدخل بيت الشيخ وأم سعد أستغربت ومشت وراها على عجل
تنهد وهو يمسح على وجهه ونزل رأسه على الدريكسون بتعب : عاد حن قلنا إنها تحبنا ، لأنها رضت وغطت وجهها عن الكل بسببي ! ولكن بعد هالمشهد حامض على خشمك ياسعد ترضى فيك
تأفف وقلبه يعتصر من شدة الضيق
ومشى لمجلس الدِيرة ، الي تجمع الرجال كان فيه ..
-
-
{ حيـاة }

واقِفة أمام الشّباك .. تِناظر بلا وجهة .. عُيونها على الناس اللي تِمشي من الشارع اللي جنبهم .. من قوة الفراغ بقلبها كانت تِفكر بمشاعر كل شخص يمر .. بالطريقة اللي يعيش فيها .. بالحياة اللي ينتمي لها .. تتسائل بغرابة هل ممكن فيه شخص يعيش بنفس الطريقة المُرة الي تعيشها ؟؟
أخذت نفس وبدأت تِزفره بهُدوء .. وهي تِلعب بأطراف عقدها الزُمردي وبُفستانها الأزرق القاتِم .. بأكتاف مكشوفة بطريقة بسيطة وخفيفة
الساعه بدأت تُشير للخامسة مساء .. والوقت بدأ يمشي بِبُطء
ليالي عديدة تُصارع شعورها .. تِبكي وتنهار وبنفس اللحظة تقويّ نفسها وتِدعي اللامُبالاة .. دائماً كانت ترفض الوسطِية .. ولا تِقبل تكون بالوسط مهما تعسفت الأُمور .. يا تكون الأولى .. يا فلا
ولكن هنا .. هي مجرد هامش .. ومُدعاة للرحمة والشفقة ! وطريقة يكسب فيها أجر .. حياتها معه مُرة بطريقة تِبقى مرارتها عالِقة بالحلق .. شخصيته عجزت تفهمها .. دائماً يتخذ الهُروب الحل الأنسب له .. من وقت مرضها كان يتهرب منها .. وعُذره الشاغل هو سعود وقروشة عِرسه وإنه يساعده .. ولا مرة فكر يكلمها أو يبقى معها أو يسأل عن حالها
كان يرجع لانامت .. ويروح قبل تصحى .. وهي بطبيعتها ما فكرت تترصد له أو تترقبها لأنها ملّت .. ولو إنها تعلقت فيه .. بصُوته .. وبحنيته إللي تظهر عليه ببعض الأحيان إلا إنها تكسر خشم قلبها ولا عليها منّه وتبتر يدها لو كانت نقطة ضعفها ، تسوي الكثير عشان تمشي بليّا حملٍ يكسرها.. وبدون ضعفٍ يحني رقبتها حتى لو على حساب نفسها
بعد كلام أم سعد .. كانت مستعدة تنسى اللي حصل .. وتتفهم موقفه وتعقد معه الصلح .. ولو يجيها خطوة لأحتوته وتقدمت له عشر ولكن الأيام اللي تهرب فيها منها .. وبقى يتحجج بحجج فارغة عشان يبقى بعيد عنها . . كشفت لها إنه عايفها .. وإنه يرفض وجودها رغم كل الي حصل بينهم ، ولا هي قادرة ترضخ لقلبها وتبقى معه رغم كل المشاعر السيئة الي يخليها تحس فيها .. قررت إن الإنفصال هو الطريق الوحيد اللي يقدرون يسلكونه سوى والحل الوحيد لعلاقة عقيمة مثل علاقتهم ، أنبنت على أساس نسيان حبه الأول ! ولو إن البنات عارضوها بقرارها وبشدة ،ونصحوها تبقى لأنها راح تندم خصوصاً إنهم قرؤ حبه بعيونها .. ولكنها رفضت رفض تام تبيع كرامتها وترضخ لقلبها على حساب كبريائها

أم سند وأبوه راحو من الظهر للزواج ،ولكنها رفضت تروح معهم بحجة إنها بتنتظر سند
وهي تدري مصيره يرجع للبيت اليوم عشان يبدل ملابسه
بساعات إنتظاره ، رتبت أشياءها القليلة بشنطتها الصغيرة وتركتها على السرير ،وجهزت نفسها وهي مقررة تحضر الزواج كـ زوجة سند وبعدها تِرجع حياة حاف ! تأملت إسواراتها وهي تِحس بحرارة الدمع بعيونها ، من الشعور اللي كتم عليها ،ومن قلبها اللي بيذُوب من قوة الإحساس الفضِيع اللي تحس فيه كتمّة ، غصة ، وضيق تنفس ، وحزن شديد خيّم على قلبها من فكرة الإبتعاد عنه ، زفرت بضيق وهي تبتسم من بين دموعها اللي مسحتها وقلبها يفيض من العتاب ، للشخص اللي لو يقول إسمها بحنيّة لرضت عنه ، ولكن حتى إسمها مستكثرة عليها : ‏يا ليتَ روحي سِوارٌ حولَ مِعصم هالمُوسيقي ‏
مع العُروق،مع الأعصاب، أنعقد وأنلف
أو على الأقل يكون يا قلبي سَجِينٌ بين ضلُوعه ‏
مع الوريدِ ، إلى الأهدابِ، أنتقل
قربت من المراية وهي تعدل مكياجها اللي ساح بسبب دموعها وقالت بحزم : ما ترك للتمنيّ مكان يا حياة ، هو فرط فيك ، مستحيل ترضين عن شخص فرط فيك !
بقت تتأمل وجهها الذابِل ، واللي حاولت تخفي ذُبوله بالمكياج ، وهي تتمنى محد يلاحظ الحزن بعيونها ، حُزن فراقه كوم ، وفراق أبوه وأمه كوم ثاني ،هالشخصِين ملئو قلبها حنان الين فاض،كيف لها قلب تودعهم
هزت رأسها وهي تنفض هالأفكار من عقلها لأنها لو رضت تمشي عليها ، مارح تتحرك شبر واحد من هالمكان !
*

{ سند }

دخل يده بجيبه وهو يطّلع مفتاح البيت،فتحه ودخل وهو متطمن إنها غايبة، وموجودة بالزواج مع أهله
دخل وهو يتجه لغرفته على طول ، يبي يتسبّح ويبدل على عجل بعدما أشرف على تفاصيل العرس وجهز أغلب الأشياء مع سعد ،عشان يلحق باقي مراسم العرس ،وقبل حضور بقيّة الضيوف المهمين
ناظر لباب غرفته المفتوح وميّل شفايفه بإستغراب وهو يتقدم ويوقف على عتبة باب الغرفة ،توقف الزماان عنده ،وعند هاللحظة توقفت رُموشه عن الرِمش وإلتصقت جُفونه للخلف وهو يتأمل وقوفها بهيبتها المُعتادة بشُموخها البارز ،اللي يهابه قلبه شُعلة حياة تنتفض منها ،لأول مرة يستوقِه طول عُنقها ، الشامة السُوداء اللي بكتفها ، سمّارها المُلفت ، عُيونها البُنية اللي تِنافس القهوة بلونها واللي عكّستها له المراية .. فُستانها المُلتف حول جسّدها الفتّان ، اللون القاِتم عليها ، واللي زاد من رزتّها المُعتاد عليها
أربكت قلبه بطريقة خّلت كل خلاياه تِنتفض .. ماكان متوقع إن هالمنظر راح يستقبله .. ماكان متوقع إن قلبه راح يتبرأ منه ..
حط يده على قلبه وهو يحاول يخفف من حِدة دقاته .. اللي من قوتها خاف تِسمعها حياة وتِلتفت له ..
تقدم بخُطوات ثقِيلة .. وهو يوقف وراها ..


ألتفت له بخوف لما أستوعبت حُضوره .. وناظرته وهي تِبلع ريقها بُصعوبة وهي تتأمل نظرات الإعجاب والإنبهار بعيونه
ذابِت كل عظامها وحست بالفُتور يتملك كل خلاياها وهي تِسمعه يقول تحت تأثير جمالها باللحظة ذي : قلت ماراح أقترب منك إلا برضاك .. ولكن أعذري قلبي .. أنا ما أقوى على حسنك .. أنا أبيع الدنيا باللحظة ذي لأجل أختلي بقلبك
وصله صوتها .. بنفس همسه وهي تحاول تُفك يدينه من على خصرها .. ولكنه شدها لها أكثر وهو ينتظرها تِتكلم .. قالت بعتب وهي تِتمتم بهمس : تِتهرب مني أيام طويلة.. وليالي كِثيرة تتجنب وجهي .. ما كنت تبي تشوفني لأجل ما أعاتبك .. والحين تبي تختليّ فيني ؟
أبتسم وهو يحاول يرتب دقات قلبه وهو ملاحظ إنها ما بادلته الحُضن .. ولا بادلته بالشعور مع ذلك ما أهتم كِثير همس بُخفوت : إيه .. ‏أنا كل الدروب اللي تبي تشوفك
بلعت غصتها بصعُوبة .. وهي اللي حلفت ما تِنهار ولا تظهر خِيبتها المُرة منه ..
همست بصوت تكسوه القوة .. وهي تحاول ما تبّين الضعف بنبرتها : أنا بأمسّ الحاجه لأطنان من اللِين ومواقف مليانه رقّه ووجيه تفاصيلها حنونه .. أنا ماعاد أبي أعيش ايام ممتليه صلابة ووقفات شامخه ، ماعاد فيني والله
أرتخت يدينه .. وبعد لحظة حرّر خصرها وأبتعد خطوة لورى .. وهو يشوفها باقِية بنفس وقفتها وشُموخها .. ناظرها بتساؤُل وهي أردفت وقالت : ذقت المُر بحياتي معك عشت مشاعر أسوء من مشاعريّ الأولية .. كنت أخاف الوحدة .. والحين حتى من دقات قلبي السريعة أخاف .. تهربك مني .. كلامك ، تفاصيل حياتك اللي تظهر لي إن مالي مكان ولو بمقدار كفي وأنت تعرفني أهد وأترك العلاقات وأهزّ المكانه العاليه اللي ماتنهز عمداًفي حال كان عندي ١٪ أحساس بعدم أمان .. ولاهو إحساس بس .. هذا واقع صرت أعيشه معك
أنت منت الوجهة الصحيحة لحياة .. أنت خطأ أرتبكته بحق نفسي ورضيت أبقى للحظة ذي رغم كل شيء .. أنا تعبت .. حيل من المشاعر المُرة اللي تغلفني بسببك .. أنت منت قادر على تخطي الماضي والنسيان .. وأنا ماعندي قلب أقدمه لك على طبق من ذهب لأجل تخنقه وتخليه ينزف من الحزن.. أنا وياك لو بقينا نمشي حتى بنفس الطريق لسنين وبنيّين بالنهاية ماراح نلتقي !
كان يناظرها ويسمع كلامها وهو مِتجمد بمكانه مِنصدم ، مذهُول ، اليأس والحِيرة وعدم التصديق تعترِي قلبه .. ماكان يظن إن كلامها بيسبب هالوجع بقلبـه .. بعُمره ماظن إنه بيبث هالمشاعر السيئة بقلب شخص .. ولكن هالمرة مو أي شخص عاديّ .. بثّها بقلب كان يحاول ينقذه ويداريه من سوء الدنيا .. وزاد سوءه أكثر !
تناظر بعيونه اللي مكسُوه دهشة من كلامها .. والحزن اللي كسى ملامح وخيّم عليه .. ولكنها تحاول تدّعي اللامبالاة .. هي فعلاً عانت منه بما فيه الكفاية .. ليه يدعيّ الحزن بالحظة ذي ؟ هي كانت تشوفه دائماً مثل القمر .. كُل ليل يضم السماء ولا يضمها والحين لما عافت حتى ضوء القمر .. أقترب خطوة مِنها !
هي ملّت لدرجة فكرة الدخول بتجربة جديدة معه .. والرضوخ للمحة الحزن بعيونها .. متعبة
سحبت نفس وهي تزفره بصعوبة وتِصد عنه .. وهو مو قادر ينطق بحرف واحد لها .. ولا قادر يرد على عتابها إللي زلزل قلبه .. هو له وجه أصلاً ؟
أردفت وهي تقول : خذيتني عشانك نشميّ وعندك حميَة رجال .. ولكني الحين بأمان .. ومصدر الخوف أختفى .. ماعاد عندنا عذر لأجل نكمل بزواج من بدايته منتهي .. ومن بدايته منعاف أنا وحدة تعبتني الدنيا بما فيه الكفاية والجروح ما تعرف إلا قلبي .. ماعاد عندي قدرة أصارع شعوري معك يا سند .. ماعاد عندي قدرة أعطيك من عمري
رجع يدينه خلف ظهره .. وهو يبّلع ريقه بصعُوبة .. وقلبه ينتفض من كلامها .. ماكان يظن بيوم من الأيام إنه بيحس بكمية فضاعة وحزن يعصر بسبب تصرفاته .. أو بسبب كلام كان هو السبب بقوله
لمح الضيق ، الحُزن ، والخذلان ، والتعب .. بعيونها .. ماكان يظن إن المشاعر اللي عاشها من قبل بسبب شخص مستهتر ! راح يجيّ يوم ويعيشها غيره ؟ جبال من الهم أستوطنت قلبه !
آرتخى حاجبه بهُدوء .. وهو يتأمل تفاصِيلها .. وتارك كلامها للحظة على جنب وهو يفكر " سند .. أنت تستاهل شخص مثلها ، أنت قدّها ، قد قوتها ومشاعرها ؟ " والإجابة الوحيدة كانت تتردد بعقله"مهب قدّها أبداً ويظن انه ماهو يعطيها مثل ما بتعطيه "
دام الصمت للحظات .. والعُيون كانت الوحيدة الناطِقة .. ولا قطّع حدته سوى صوت سند الهادِي .. اللي تكسُوه الحنيّة والعتب الخفيف : أيامنا سوى وشعورنا لِبعض ماكان لايق لا فيني ولا فيك .. أشهد إني مقصر ولك حق بهالعتاب ولكن مع ذلك ياحياة ..ودعِيني وداع يليق بالمُوسيقي .. حتى صُوتي غلبتِيه بعتابك وكلامك .. معقولة الوداع بيكون بالطريقة الـ...

سكت وهو يشوفها تِقترب وتعانق رقبته بقوة .. رجع بسببها لورى وهو يشد بيدينه حوالين كتفها بصدمة
ما توقع ولا واحد بالمية تِقترب منه بعد الكلام اللي قالته .. ما توقع تِلتف هاليدين حوالينه .. بعد المُر اللي ذاقِته منه .. تِمنى إنه ما طلب هالطلب .. لأنه باللحظة ذي ولا شيء قادِر يفلتها منه
حست بسائل حار يخترق خدها .. وحاولت تِكتم شهقاتها بصعُوبة لما حست فيه يشّدها لصدره .. كانت هذِي أمنيتها للحظة تُكون " أقرب له من زرار ثُوبه "
وهذا مُناها تِحقق ورأسها معقُود بطرف صدره .. وقِريب أشد القُرب من زرار ثوبه .. وهذا يكفيها ، ولا عاد تبِي منه شيء باللحظة ذي ..لو يكون بمنزلة القمر وتقدر تضمه بيدينها ما ضمته !
أبتعدت وهي تفك يدينه بِشدة من على كتوفها ومسحت دموعها بعدما صدّت بوجهها عشان ما يلّمحها .. تنحنت عشان يطلع صُوتها بعد ما علق بسبّب غصتها المكتومة .. وقالت بصوت هادِي يكسوه البُرود : أنتهينا هِنا .. ولكنِي الليلة بحضُر الزواج وأنا حياة زوجة سند .. ولكن بكرة بكون حياة بدونك .. وبننتهي بشكل رسمي .. تمام يالمُوسيقي
تأمل الذُبول اللي ما قِدرت تخفيه حتى بالمكياج الهادِي .. وألتزم الصمت للحظات وهو يُبحر بتفكيره العميق " منت بقدّها .. حرِرها من الحزن اللي يحيط فيها بسببك "
هالجملتين الوحيدة اللي شاركت في التردد برأسه .. واللي بسببها هز رأسه بإيجاب وهو مؤيد كلامها
ألتفت وهي تناظر لنفسها للمراية .. وطبطت على وجهها بعجل شديد وهي تحاول تِخفي أثر دموعها.. عشان تِتجه للزواج اللي تأخرو عليه مرّة .. والكل بيشهد تأخيرهم ..
رجع لورى على عجل وهو يفتح درج ملابسه .. سحب أول ثوب لقاه قدامه .. ودخل الحمام وهو يتسبّح على عجل .. يبي يتحرر من النار اللي بقلبه بماء مثل الثلج بوسط فصل الشتاء .. ولكن هيهات
طلع من الحمام وهو يدور عليها بعيونه ولكن ما لقاها .. أحترق قلبه للحظة .. وهو يحس بأن الجاثوم يجلس على صدره .. حاول يتفادى هالشعور وهو يقترب ويأخذ الشماغ .. ويحطه على كتفه بعشوائية
طلع من الغرفة لقاها تنتظره بالصالة وهي لابسه عبايتها وجنبها شنطتها الصغيرة .. إنحنى وأخذ الشنطة .. ومشى وهو يطلع من البيت ويفتح باب السيارة ويحطها على المقعد .. ألتفت للبيت وناظرها وهي تقفل الباب ببرود .. وتمشي للسيارة وتركب بدون ما تِتكلم
أخذ نفس وهو يحس إن الأرض كلها على صدره .. هذا موادع ؟ وهذي ليلة فراق والا وش الوضع ؟
ركب السيارة .. وهي جالسة جنبه
ورأسها مِستند على شُباك السيارة
وتناظر بلا وجهة وبعشوائِية .. تدعي يمر الوقت بأسرع قدرة ممكنة .. ماعاد تبي تبقى أكثر قُربه .. لأنها ماسكه نفسها بأقوى طريقة ، ولو أنهارت .. بتنهار كلها
وقف عند باب بيت الشيخ .. ونزلت وهي تلتف وتفتح الباب .. وتاخذ شنطتها وهي تشوفه واقف قدامها .. بلعت ريقها بصُعوبة وحاولت ما تِهتم وهي تمشي بخطوات سريعة لداخل البيت .. وأول ما دخلت فكت نِقابها وهي تتنفس بسرعة عالِية .. وتحاول تكتم دموعها قد ما تقدر
أما هو مسح على وجهه بضيق .. وهو يراقب خُطواتها : كل هالسرعة لأجل تبتعدين عني يا حياة ؟ والله إني مُفرط .. وأستاهل الوجع أضعاف مُضاعفة
ومشى وهو يركب سيارته وهو يردد " أنت اللي حكمت على نفسك بالوحدة والوجع طول حياتك "
-
-
{عبد العزيز }

إنتهت أغلب التحضِيرات للزواج
وتجمعو كل المعازِيم .. اللي كانو على مقربة كبيرة من آل جبار .. كون الزواج عائِلي بحت ومختصر .. بطلب من سعود ، اللي رفض أتم الرفض زواج كبير ! " بسبب هادِي وكلامه له "
الشمس كانت على وشّك الغُروب .. وألوان السماء كانت مزِيج ما بين البنفسجي والأزرق وبعض الأشعة اللي مازالِت مُتمردة .. وقف عند عتبة باب مجلِس الديرة بعدما حيا أغلب المعازِيم .. وناظر لأبوه اللي بالصدر بإبتسامة واسِعة ..
ترك المجلس على عجل الِتفت وهو يناظر لِسعد اللي أقبل وهو يستِشيره عن موعد العشاء .. وعن فرقة الطبول .. أعطاه العِلم
وفهم البقيّة عن اللي يبيه .. وسط فرحتهم الواسِعة ، إنه الشيخ بنفسه اللي معهم .. لا وسيط ولا أحد ينوب عنه .. هو فعلاً اللي على رؤوسهم
بعدما أنتهى .. ألتفت وهو يتجه للبيت .. دخل من البوابة الخلفِية .. بحكم تجمع النِساء كان جنب بحديقة نسِيم اللي بالقُرب من البوابة الرئيسية ..
تنحنح وهو يقول : طرِيق .. يالله
دنى برأسه وأرتاح لما ماشاف أحد .. وكمل خُطواته الهادِية ناحيه غُرفته .. للحظة كان يمر من قِدامه طيّف خلاه يلزم مكانه ولا يحرك ساكِن .. الوقت وقّف ، المكان أصبح غِير مرئيّ تماماً إلا من هالطِيف .. كل شيء سكّن وهدأ
إلا دقات قلبه الصعب .. إللي صارِت تسابق سُرعة الضوء ..


تزداد حُسناً بشكل يُخرسه .. يخون أبجدِية حُروفه .. تنهار أبيات قصايده
بكُل مرة كان يقول أنا بقاوم هالعُذوبة .. وصلابتِي بتبقى مثل ماهِي
تِظهر مثل طِيب وتهشّم كُل هالصلابة بلمحة بس منها .. كُل اللي قِدر يسويه إنه يرفع كفه ويضغط على صدره بِخفة .. عل وعسى تِباطأ الدقات ويهدأ ولكن هيهات ..
من فُستانها الذهبِي المنفوش بحركة بسيطة من الخصِر .. لِـعقدها الذهب وأساورها الكثِيرة بمعصم يدها .. لِشعرها الأسود شبِيه بشت الشيوخ والليل بسواده .. لما سرح جدِيلتها بصباح ذاك اليُوم.. ماكان يدري إنه هو اللي أنعقد ..
ألتفت بسُرعة وهو يسمع صوت سعود وهو يناديه : وينك يارجل تأخرت على الناس .. يقولون وين الشـ...
أنكتم نفسه وأنبترت جُملته برعب دبّ بجسمه وهو يرجع خطوة لورى بسبب نظرة عبد العزيز الحارِقة .. دب الخوف بقلبه من إنه سوى شيء قوي .. هو اللي خلَى ملامح عبدالعزيز تِتحول للشكل المُرعب هذا
ما قِدر يتحرك من مكانه .. ويحس عظامه تِنتفض .. وهالرعب كان صعب عليه .. خُصوصا إن عبد العزيز أصغر منه ، حاول يقوي نفسه وهو يقول " سعود أنت الكبِير ، مهب معقول نظرة خلت عظامك ترتجف "
ولكن فعلاً النظرة كانت حادة ، قاتِلة ، وحارقة
رفع عبد العزيز يده .. وهو يأشر لسعود بكل عصبيّة تملكت قلبه بمعنى " إطلع وبلحقك"
سعود فهم عليه .. ولكنه مازال مِستنكر ردة فعله اللي أذهلته وأستغربها منه
طلع من البيت وصُوت حلطمته ينسمع: عريس أنا مع ذلك محد ناويّ يحترمني يالله من فضلك يارب حتى الورع اللي أصغر مني يهجدني بنظرة .. يا سخط رحمة منك ياسعود
بينما عبد العزيز ألتفت عن سعود .. اللي كان على مقربة بسِيطة من رؤية الجادِل اللي ماكانت منتبهه لا له ولا لسعود
جنّ جنونه من فكرة إنه ممكن يناظر لشعره منها .. وتفجرت براكِين الغضب من فكرة شلون لاصار شيء أقوى .. تنحنح وهو يمسح عل وجهه بهُدوء : والله إني خايف أحرق بدون رحمة اللي يفكر يناظرها .. واللي يناظرها بدون قصد .. يارب لطفك من هالنار
تِحسس بيده جيبه من برى وهو يتأكد من وجود الخِلخال .. وفعلاً لما تأكد تقدم بخُطوات سرِيعة قبل تدخل للصالة ووقف قِدامها
وهو مبتسم بهُدوء .. وينقل نظراته على جميع أجزاءها بنظرة تأملية أخترقت كل تفاصِيلها
الجادل اللي أندهشت من وجوده ومن وقوفه بهالسرعة قِدامها .. رجعت خطوة لورى وناظرت لإبتسامته .. بعدها ميّلت شفايفها بعتب .. وناظرته بلُوم ومن تلاشِت إبتسامته حتى تحررت من تأثِيرها .. قفّت وهي تِمشي عنه ..
رفع حاجبه بعدم إعجاب وبإستنكار لِـفعلتها
بخطوة سريعة وهو يسحبها من مِصعمها اليمين ويسحبها له بقُوة .. حتى أختل توازُنها وكانت بتطِيح لولا يد عبدالعزيز السبّاقة واللي ثبتها على ذِراعه وهو يمِيل شفايفه بإبتسامة وحواجِبه لازالت معقودة بإستنكار .. وجهه كان مُقابل لوجهها وقال قبل تِتفادى صدمتها من حركته : من مِتى تقفين في وجهي .. موجعش بشيء ؟
أنكمشت على نفسها بخجل وهي تِحس بحرارة عظيمة بجميع جسّدها .. من حركته وقُربه ويده اللي ضاغطه على خصرها .. ومن المكان بكُبره .. خصوصاً اليوم الكل مُستنفر ممكن أي أحد يشوفهم
حاولِت تسحب نفسها ولكنه رفع حاجبِه وهو مِنتبه على خجلها وخُدودها اللي أشتعلت من شِدته وصارت تمِيل للإحمرار
أبتسم بضحكة وقرر يعتقها ويتركها
وهي تِنحنت وأعتدلت بوقفتها وهي تعدل فُستانها الذهبِي .. ما تِكلمت وبقت بملامح الغضب والزعل وهي مكتفه يدينها ومنزله عُيونها للأرض وهي تِشتتها بعشوائِية .. دنَى منها وهو ينحني بوقِفته ويثبت نظره على ملامح وجهها .. وهو مذهول من تصرفاتها .. ولا عِنده تفسير : منتي على عهِدي .. الضِيق أستحل عيونش وهي بيتي ومِكاني.. من اللي تجرأ وطفى النور بوجهش ؟
زمِت شفايفها بعتب وهي ترفع يدينها بحركة طفُولية وتبدأ تأشر لأصابعها وهي ترفعها بعفوية : عدّى اليوم الأول وأنا بس شفتك دقايق بس .. وبعدين اليوم الثاني صحيت ومالقيتك .. واليوم الثالث لما قلت وأخيراً بزيح الشوق عن قلبِي جلست مع أبوك بعيد عني وبعدها أختفيت
ناظرته بنُص عين وهي ترجع يدِينها خلف ظهرها : غيابك وبعدك عني .. اللي تجرأ وزعلني .. وإن كنت السبب بزعلِي .. وش بيدك تسوي لأجل ترضِيني ؟
ميّل شفايفه بخُفوت .. وهو باقِي بمكانه ووجهه قريب لوجهها .. تأمل تفاصيلها العفوية وحركاتها الطُفولية وهي تحكي سبب زعلها .. وللحظة أنقهر .. هو فعلاً يحس إنه مهملها ، ورغم إنه يلقى الوقت اللي يتأملها فيه .. ويلقى الوقت اللي يلّمها لصدره إلا إنها ما تنتبه له ..
الشيّخة خذت وقته وهو ما حسب حساب هالشِيء .. ولكن هي تدري
وهو يدري أكثر منها .. إنه ولا شيء يعُلو عليها بالمحبة سوى المزن


نزلت عُيونها وتنهدت بضِيق وهي تشبك أصابعها ببعض وتلعب فيها بعشوائِية : أدري إنك مشغول .. والمفروض ما أعاتبك وأنا عندي علم إنك شيخ .. وإنك مسؤول عن قبيلة كلها ولكنه من حقي أزعل وأتضايق وأنت اللي قلت إنك مسؤول عن قلبي بعد ..
أبتسم وهو يتأملها بِثبات : أنا والله .. ماني بمستهين فيش .. ولا بشوقش لِي ولكن .. مثل ما قلتي قبِيلة على كتفي
قاطعته وهي تميل شفايفها بضيق : كتفك بيت الحمامة ياعزيز
شهِدت على بُروز غمازته بسبب ضِحكته الهادية واللي أقترب منها وهو يضمها بهُدوء .. غاصِت بثوبها من الخجل وهي تفك يدينه من على خصرها : عزيز .. ترى المكان مليان ناس .. ماني ناقصة تعليقاتهم
أبتعد وهو يهز رأسه بضحكة : طيب إسمعي .. وإن قلت عهدٍ عليّ ما يأخذني منش شيء .. من قبل اليوم ومن بعده الأولوية كلها لش
رفعت حاجبها وهي تدقق بملامحه وقالت وهي تنتظر إجابته : مِتأكد ؟
أبتسم بضحكة وهو يهز رأسه بالإيجاب : متأكد ورب قلبي اللي يحبش
حط يدينه على رأسه بحركة عفوية وهو يضحك بخفوت : أوه يا زعلش .. من اللي بيقدر عليه ؟
ومن اللي بيقدر يزعلش مرة ثانية ؟
بغيت أموت من نظراتش
ضحكت وهي تنزل يدينه من على رأسه بإحراج وهي تقول : تستاهل .. ألزم ماعليّ شوقي لك .. ولازم تبقى لأجل يبتعد عني
أبتسم وهو يشّد على كفوفها وبعدها أقترب وقال بهدوء : شفتي أمش ؟
تغيرت ملامح وجهها للغرابة .. وتنهدت وهي تهز رأسها بإيه
خاف من ردة فِعلها وأردف وقال : ضايقتش ؟ ضايقوش بشيء ؟ ليه هالتنهيدة ؟
رفعت نظراتها وهي تثبتها على ملامح وجهه اللي أكتست بالخُوف.. رسمت على وجهها إبتسامة هادية عشان يتطمن وقالت بخُفوت : مهب شيء كبير .. بس مدري قلبي ماهو قادر يسامحهم على فعلتهم ولو إني ألتقيت فيك .. والحمد لله .. الحمد لله صدق بس فكرة إنهم فرطو فيني .. وهانت عليهم دموعي ماقدر أنساها
زمّت شفايفها لما أقشعر جسدها من الطاري .. وبعدها سحبت نفس بهدوء ثم أبتسمت بمرح تخفي فيه ذبولها وهي تقول : بس سلمت عليها .. وفرحت كثير لما شفتها .. تبقى أمي رغم كل شيء .. شكراً إنك فكرت فيني وطلبت حضورها ، هي حضرت ببداية العصر .. وجت وسلمت عليّ وبعدها راحت على طول
أبتسمت أكثر وهي تحاول ما تبين ضِيقها .. لأنها فعلاً فرحت كثير بشوفتها رغم كل شيء .. رغم الإنقطاع اللي صار .. رغم عدم تفكيرها في بنتها .. رغم عدم زيارتها .. ومع ذلك كان اللقاء فيه من البرود الكثير .. لذلك تضايقت حتى حست إن قلبها بينفجر مع ذلك ما حاولت توضح هالشيء .. وبقت تحاول تكون مبسوطة وتداري خاطرها بحضور منى وحياة وأم سعد
رمشت بتثاقُل وهي تناظر له بإبتسامة هادِية تنتظر رده .. ولكنها غمضت عيونها بقوة وهي تحس بحرارة دموعها لما أقترب وهو يلّمها لحضنه بكل قوته .. وكأنه يبي يخفف شعور الضيق اللي تحس فيه .. هالإبتسامة اللي كانت تِظنها حاجز بين ضيقها وبين عزيز .. ماكانت إلا تأكيد إنها حزينة لدرجة البكاء
حست بدموعها الحارة تِنفلت من عيونها وتنزل بكل برودة على صدر عبد العزيز اللي رفع كفه ومسح على شعرها بحنيّة وهو يهمس بهدوء : على هُونش يا الفجر العذب .. ياحمامة عزيز على هُونش توصِي بي لحالي .. تراش كل أحبابي
أمانة وأنتي ترسمين هالإبتسامة اللي كلها ضيق وحزن على وجهش .. ظنش بصدقش ؟ وبقول عدّى الموضوع بالساهل
قال بنبرة هاديّة وحنونة وكأنه يكلم طفلته :تراني وطن ، يعني وسيع وكبير كثير يوسع هالوطن كل ضيقش ..
تنهد وهو يشدها له لما حس بدموعها أكثر : لو ملاش الهم هاتيه لصدري أتسّعة .. أنا والله ‏أداري قلبش وكأن الله عليش محرصني يا عروق قلبي
ألتفت وهو يشوف أمه واقفة ببداية الحوش وتناظرهم بخوف
هز رأسه وأشر لها بمعنى " تطمني"
وهي تنهدت براحة وتأملته للحظات ثم أبتسمت وهي تتمتم بِـ : " ياويلنا من رِقة القاسِي إذا حبّ "
قاسي مع الكل دوني .. والحين مع محبوبته .. جعلكم بخير يا ضلوعيّ !
صرفت نظرهم عنهم وهي تبتسم وتتجه للحوش الكبير .. بعد ما صلت المغرب وبيبدأ الحين الطرب بعد ما حضرو الطقاقات ..
أبتعدت عنه وهي تمسح دموعها على عجل وهو تنهد بعُمق وهو يقول : عليم الله إنش لا بكيتي كأنش مسجد توفى شِيخه
رفعت عُيونها له وهي تناظر للدموع اللي على صدره .. حاولت تِمسحها بيدها وقالت وهي تبكي بخفوت : وصخت ثوبك .. الحين وش بتسوي ؟؟
ضحك وضحك من قلبه على بكاءها الغريب ..ومسح دموعها وهو يبتسم : طالبش يا بنت عناد اغرقتيني بهالدموع .. بس بس والله لو إنها تتعبأ يومياً ما صارت بهالكثرة
ضربته بخفة على كتفه وهي تناظره بطرف عينها : قل ماشاء الله
ضحك وهو يقول : عشان تكثر ؟ لا والله مانيب قايل .. خليها تقل أحسن قطعتي معاليقي ببكاءش



أبتسمت : اليوم زواج أخو زوجي .. وأنا جالسة بنص الزواج بحضنه.. يافشلتي لو أحد شافني
كتم ضحكته على كلامها وقال وهو يمسح على خدها وهو يقول بحنيَة : يهون .. الأهم ما تحزنين بدوني .. ولا تبكين دون ما يكون صدري اللي يصد هالدموع ..الأهم يكون عزيز موجود باللحظة اللي تنزل هالدموع على خدش .. لأجل تكون يديّ سباقة
أبتسمت بحب وهي تناظره بنظرات مليانه رِضا .. عليه وعلى وجوده
هي فعلاً كانت تحتاج وجوده باللحظة ذي ، أبتسمت أكثر وبخجل شديد وضح على ملامحه : النور في خدِش ياحمامة .. والنار في كبدِي
أبتسم من ملامحها وهز رأسه بمتعة من خجلها .. اللي يجذبه لها أكثر .. ويخلي كل شاعِريته تنحني قدام إحمرار خدها
ومن ضحك على خدودها اللي فعلاً حمّرت من إبتسامته وقربه حتى تمتمت بهمس بفضيع وإبتسامة بسيطة على شفايفها : ‏عن الثقلّ والضيق والقهر و الله مرسل ضحكتك توقف بصفّي ؟
قال بإستغراب وهو يقترب منها : وش تهمسين به ؟
ناظرته بعيون ضاحِكة وقالت بإبتسامة : أقول طاح وجه الضيق يومنك ضحكت
بادلها الإبتسامة بحنية .. وهي سكتت للحظات ثم أبتسمت بغيض أكثر وهي تقول : ما قلت لنا يا شيخ عبدالعزيز .. ليه تركت ضيوفك الأعزاء اللي تاركني عشانهم وجايّ ؟
ضحك بصدمة من إنقلاب حالتها المزاجية اللي صدمته وقال وهو ينزل يده من على خدها ويدخلها بجيبه : على سور قلبي لا يغرش جموع الناس وكثرتهم ووجودهم .. ترى ورب قلبي ما ورى بيبانه إلا مداهِيلش
أبتسمت إبتسامة واسِعة لما سمعت كلامه اللي أربّكها .. ودائماً كان يكفيها كلامه لأجل ترضى !
ميّلت شفايفها بإستغراب وهي تشوفه يمسك يدها ويسحبها معه وهي مشت وراه طواعِية .. وقف قدام الجلسّة وأشر لها تجلس على الكُرسي ، ناظرته بتردُد بس أستجابت لِرغبته وجلست على الكُرسي وهي تميّل شفايفها بإستغراب
جلس جنّبها وهي رصت نفسها على ظهر الكُرسي بإستغراب
سحب الخِلخال من جيبه وهو يبتسم .. ومد يده وهو يقرب منه .. وينحني بجسده للأمام .. رصت نفسها بقوة على ظهر الكرسي وهي تِزم شفايفها بخجل .. ومبتسمة بحياء شديد ما شِهدته من قبل .. حست بدقات قلبها تتضاعف وهي تشوفه يقفل الخلِخال برجلها اليسار .. ورفع رأسه وهو يبتسم : من لمحته .. قلت ما يتباهى إلا لاصدى صوته بسبب إصطدامه برقة عظام ساقِش
رفع كتوفه بعدم معرفة وهو يبتسم بخُفوت : ماقدرت أتعداه
ناظرته بإبتسامة ثم دنت برأسها لرجلها وهي تمرر أصابعها على الخلخال بإبتسامة .. قلبها بيطير من فرط الشعور اللي أحاط فيها .. شلون هي ملازمة عقله وقلبه حتى بغيابها عنه .. وشلون هي قادرة تخليه يتذكرها بأبسط التفاصيل
ما قدرت ترد عليه إلا بإبتسامة عرِيضة وهي تناظره بنظرات إمتنان
أبتسم وهو يوقف ويناظرها بهدوء ثم قال : ما خفى عليّ حُسنش المُبهر .. ولكن الشمس غابت والرجال في حضور .. لنا لقاء ثاني لا توسط القمر وسادتش
ضحكت من كلامه وهو أبتسم ودنى لها وهو يثبت وجهها بين يدينه .. ويقبّل جفن عيونها بحنيّة .. ثم أبتعد بهدوء وقال : راجع ترى
هزت رأسها بضحكة وهو أبتسم ومشى عنها وهو يطلع للمجلس
وهي تنهدت براحة سكنت كل أعماقها .. ومن تذكرت إن حياة طلبت منها جاكيت بسبب البرد اللي ما حسبت حسابه.. وهي تأخرت هالفترة كلها وقفت بسرعة وهي تمشي لغرفتها .. سحبت الجاكيت الأسود اللي حسته يليق بلبسها وطلعت من الغرفة وهي تِتجه للحوش
-
-
ضباب كثيف ينبعث من المبخره المثبتة بيد رحمه تفوح منها رائحة العودة الثقيلة.. يتزين سقف الحوش الكبير بلمبات تضيء باللون الاصفر والابيض ويكسو العشب الاخضر القماش الوبري اللي تمّيز بامتزاج اللون الاحمر والبني .. وعلى يمين ويسار الحضور واضعين مجمر مليئ بالجمر نتيجه برد الجنوب المعهود .. اصوات الطبل يملأ المكان و رئيستهم اللي أتخذت مكانها جنب المجمر الكبير رفعت صوتها أكثر وصار يرن بالاذان بسبب حماسها وانفعالها الكبير.. والحضور مقتصرين على اقارب ال جبار بس .. عرس رغم بساطته الا انه يميل للفخامه .. سوا من ناحيه المكان اللي تحفه حريقه الورد او من التجيهزات اللي قامت فيها رحمه بنفسها .. وسط صدمه واستنكار الكل لفعلتها وخصوصا خواتها اللي مرتزين بصدر المجلس ويناظرون لاختهم اللي واقفه جنب ام سحابه وتضحك معها وهي تلوح بالمبخره بيدها
تمتمت اختها الكبيره بنبرة ساخرة : مرت راجح اللي ادوتنا (قروشتنا ) بنسب الجبار والارتباط فيها .. تركت ولدها يرتبط ببنت قهوجي وضحكتها تملا فمها .. الحمد لله امي ماتت قبل تشوف هالمنظر
ردت عليها اختها : خليها ع ربش ما توقعت بيوم من الايام ترضى ع نفسها وتقبل هالفعل .

من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن