22

27.8K 229 108
                                    


ضحك راجح من قوة هياط ولده وقال : لا لا سهالات ! ولكن تكتمل بقصيد وكم بيت من شعرك ! خبرك مر على آخر سمعنا لقصايدك شهور ، ولاهي من عوايدك
أبتسم وهز رأسه وبشرى قالت : قول يا عز !
عبدالعزيز أبتسم وهو يرز ظهره ويرفع عُنقه : يقول " ألا دوري بشعرك وأسحرينا ، على ونات قلب العاشقين ! "
راجح أبتسم بضحكة وهو يناظر للجادل قال : يااسلام
ضحك بخفوت وكمل القصيد وهم مستغربين قصيده اللي بالفصحى .. كونه أول مرة يتطرق له وبعدها أردف وهو يقول " رأيت الدُعج والعنق الخيالي وأصبحنا مكان الفاتنينا "
ومن ناظر لنظراتهم حتى أبتسم بضحكة وقال : " نعيبش ويش أنتي فعلتي ! لعنتي الدماث الوالدينا
تخيبلنا ولا طبنا وش بنا ، وعادش فالحشى أغلى السنينا.. هقد روفي بقلبٍ جاش صادق
ولا يعرف كلام الكاذبينا ! "
ومن عدل جلسته حتى سحب غترته وعدلها وهو يقول : " لشهدك ما سئمت الوصل يوماً
سأخبرك اليقين وتخبرينا "
-

راجح قال بإبتسامة فرح : آخر قصايدك حزن وهم وأنا أبوك .. ميّر هالمرة تغير الموال
قبل ما يتكلم عبدالعزيز قالت بشرى
بضحكة : يايبه ، ما تسمع وش يقول ؟ رأى الدعج والعنق الخياليّ ! الرجال راح من يدنا وأنتهى الموضوع .. مهب بس كذا قصايده اللي بتسمعها من اليوم لين عمر طويل كلها غزل وإعجـ...
وقبل ما تكمل كلمتها وقفت وهي تضحك بقوة وهربت من المكان وهي تركض ، من عبدالعزيز اللي مسك الفنجان وهو يرميه عليها بضحكة : نعنبو حيك رجال بأشنابهم يسكتون لا تكلمت وأنتي تتكلمين قبلي وبالنيابة عني .. ماعاد به حياء
ضحكو كلهم على هواشهم الغرِيب .. وعلى طيّب نفسية عبدالعزيز العلِيلة اللي صار الروقان مجاورة وبشدة هذه الأيام
ومن بين أصوات ضحكهم العالي .. طلع سعود من غرفته وتوجه للحوش وهو يناظرهم بإستغراب ويدينه خلف ظهره : ألا مساء الخير يآل جبار
وش هالمساء اللي مليان خير !
بشرى اللي رجعت وهي توقف وراه وتضحك : الله يسلمك ياخوي .. الشيخ قرر يغير جو أبلتنا !
عبد العزيز ناظرها بطرف عينه وهي ضحكت وتخبت ورى ظهر سعود اللي ضحك معها وقال : أنعم وأكرم والله بالشيخ وبزوجته .. ياليتكم صحيتوني قبل كذا
رحمة اللي بدأت توزع اللحم بالصحن قالت : ما طافك شيء وأنا أمك .. عادنا حن بنبدأ الحين
أبتسم ومشى لها وهو يبوس رأسها : الله الله أم سعود مستلمة الشويّ .. الليلة العشاء مليان طرب شكله
ضحكت بخفوت على تعبيره وهو أبتسم ومشى لهم والجادل على طول وقفت وهي تنزل وتجلس جنب نسيم وبشرى بحياء من سعود
اللي قال : دريت إن أثيلة والمرزوق .. خذو المركز الأول بسباق البارحة !
هز رأسه بلامبالاة : مبروك عليهم وين المشكلة
سعود قال وهو يشرب فنجال قهوته : مدري ياعز ، مير الموضوع مهب
مطمنّي .. له وجه مليان خداع وفوزه كان أمر سهل .. حتى محد تجرأ يتقدم عليه مع إن كان بإمكانهم يتقدمون !
عبد العزيز قال : لا تتعب نفسك بالتفكير فيه ، ما يطولني يا سعود
سعود قال بخفوت : أدري ولا بمنزلة وحدة بس .. مير الحرص وأخذ الحيطة واجب ! هالشخص نيته بالفوز أكبر من كل شيء يعني لا يهمه لا شأن ولا يهمه من يكون منافسه .. يبي الجائزة وبس
راجح قال بإبتسامة : لا تخاف ياسعود .. ترى السباق الجاي المنافس الشيخ عز .. مهوب يالله اليوم !
أسند ظهره على الجلسة وهو يبتسم بضحكة وسعود أبتسم : الله الله ما يبا لها إثنين يفكرون فيها !
ومن عطتهم خبر رحمة إن العشاء جاهز حتى وقفو كلهم وأتجهو لمكان العشاء ، جلسو يتعشون ما بين ضحكة وسواليف علِيلة .. ومناقشات طوِيلة ومن إنتهو من العشاء حتى رجعو يجلسون بالجلسة ، ومن لاحظت نسيم هدوءهم حتى حست بأنه وقتها المُناسب ومن كانت بتتكلم .. حتى قطعت عليها حكمة وهي تضرب بعصاتها الأرض عشان ينتبهو لها .. ومن ألتفتو لها كلهم قالت وهي تناظر لسعود : البارحة حكينا في موضوع جدِي مع هـادي !
عبدالعزيز قال بإستغراب : وش صاير يا أم راجح !
أبتسمت بثبات وشدت على قبضة عصاتها وهي تنقل نظراتها للجالِسين بنظرة سريعة .. ثم ثبّتتها على سُعود بإبتسامة هاديّة وهي تقول : طلبنا القرب منه .. طلبنا بنته سحابة لـ سعود !
خُفِتت الأصوات ، وعم الصمت أنحاء الجلسة
في حِيرة في دهشة .. ويحيط بهم شعُور مليان إستغراب وإستنكار !
حكمة أردفت وقالت : راجح طلبها .. وأبو سحابة ما قصر وافق وأعطاها !
ألتفت الأعين ناحِية راجح اللي تِنحنح وقال : ما أقدمت على هالخُطوة إلا بعدما حلفت أم راجح إن سعود بلسانه طلبها .. وحلف ما يعرس إلا بها
سعود بلع ريقه بصدمة .. من الخطوة المُستنكرة والغريبة .. ماكان بباله ولا واحد بالمِية ، إن جدته بترضى .. إن راجح بيرضى ، والأهم إن الموضوع يمشي بالسلاسة ذِي !


أرتبك وطقطق أصابعه ببعض وهو يشتت نظراته للمكان بدهشة وتوتُر
بدون ما ينطق بحرف واحد .. وبدُون ما يناظر بأي شخص
ولا قطع إرتباكه سوى صوت أمه العالِي .. اللي من أستوعبت الحكي حتى شاب كل شعرها ، وشبت النار بضلُوعها .. ونفثت كُل نارها بصوتها الملعلع اللي نست مكانها واللي حُولها بسبب فجيعتها : تخسى وتعقب وتبطِي عظم .. والله ما ترتبط فينا لو على مُوتي .. والله إن ما تراجعتو لأرمي نفسي بهالجمر وأموت وأرتاح
ألتفتو كلهم بصدمة بسبب كلامها القوي وردة فعلها اللي أستنكروه
قالت حكمة وهي تطق بعصاها الأرض : إلا إركدي يا رحمة قبل أصب الجمر على رأسش أنا
رحمة أنفعلت أكثر وأشتدت عصبِيتها وقالت بسخط : لا مهب من حقش أنتي ياعمة ! سنين وبنين تسيّرينا على كيفش وحنا منطمين ونمشي على كلامش ، ولكن عند عيالنا ينتهي هالكلام ! عيب عيب .. أكثر من خمسة وعشرين سنة وأنتي حاقدة على هالمزن وكارهتها .. ولا بقى مصيبة ما جريتيها لها لأنها أقل مننا ولأنها مهيب بنت شيوخ ! ولاهوب بس كذا أنتي اللي حاربتي نسيم عشان ما تتزوج زوجها الراعي .. وأنتي اللي نهرتي ونزلتي من مقام زوجة الشيخ عشانها مهيب من نسل شيوخ ! وذلحِين بعد القيامات والحُروب والمصايب اللي صارت في هالبيت بسببش .. وبسبب تفكيرش ناويه تزوجين ولدي ببنت قهوجِي ! تبطون عظم والله ما يشارك أهله بهالنسل وما يعرس إلا ببنت شيوخ مثل منزلته ومقامه ! مهب من حقش تربطين مصِيره بإخوانه .. بس لأنهم أرتبطو بناس أقل مننا
ماكان الرد من حِكمة .. كان من راجح اللي عصب وقطب حاجبه بعصبية وبغضب أحتل كل جسده .. من إسلوبها وصوتها العالِي على أمه قال بحدة : إقضبي أرضش يا رحمة ! عيب هالحكى وعيب رفع الصوت على أم راجح .. ما تعودنا منش على قلة الإحترام
رحمة سكتت وناظرت لهم بنظرة سريعة وفهمت إنهم مِستنكرين فعلتها .. ولكنها ما أهتمت كل اللي يهمها ينتهي هالموضوع بدون إرتباط سحابة بسعود ! قالت بضيق : ما تشوف يا أبو فهيّد ! اللي أقدمتو عليه لا يرضى لا عقل ولا قلب وشلون قيّمتو الدنيا على الشيخ برأسه لأن زوجته بنت راعِي ! والحين ناويّين تزوجون ولدي سحابة المنتفة ! فهميني منطقش ياعمة
حكمة قالت بهدوء وهي تناظر لسعود : سحابة غِير سحابة تربيتنا تربيتي تربية آل جبار من ولادتها وهي تحت جناحي وتحت ظِلي وأعرف أصلها وفصلها ودينها وعُرفها مهِيب نكرة من نطق إنه يبيها دون غيرها وأنا أقول زين ما أختار ! ولا يستاهل غِيرها
رحمة قالت : لا والله .. هي ما تستاهله ولا هادي بكبره يستاهل يناسب سعُود .. هالموضوع لو يتم راح أنتحر ياعمة ! مانيب ناقصة نظرات إستصغار من أحد !
بعد ما سكتو للحظات والموقف كان قدام عُيون عبدالعزيز .. وتحت أنظارهُم .. كانو شاهِدين كلهم على هالصدمة قال بهدوء : عندي سؤال إن كانو ماهوب بمقلل من قدرك يا أم سعود
تنهدت بعصبية وهي تكتف يدينها وقالت : إسأل ياشيخ
عبدالعزيز قال وهو يرفع حاجبه : أنتي زايدة على بنات حواء .. بإذن أو بعين أو بيد والا خُلقتي من تراب الماسي خالطينه بذهب والا منزلة من السماء والا وش السالفة ! مانيب فاهِم هالإستنقاص كله من الناس .. مانيب فاهم التعالي والغُرور اللي عايشين فيه ! لا المزن ناقصة ولا الجادل ناقصة ولا حتى جسّار ناقص يومنش تخصينهم بكلامش اللي أقلقني ، هم أكمل مني ومنش ! وإن كنتي تستنقصين من بنتنا سحابة .. تربية أم راجح فهزُلت صدق من قال" كم فيك من عيبٍ وأنت تعيبُ"
رحمة عصبت وحاولت تكتم عصبيتها بس ماقدرت ، ضربت كتف سعود بعصبية وقالت : رُد تكلم .. عاجبك كلامهم ! عاجبك عصيانك لأمك وإطاعتك لهم .. عاجبك كسرك لقلبي ياسعود ألا ياحيف هالشنب يا ولد راجح
*
سعود كان بعالم غِير تماماً .. لا يسمع كلامهم ولا هو ملتفت لخصامهم وصوتُهم العالي ! كان يفكر وينهشه التفكِير عن خوضه لتجرُبة جديدة بنفس النُوع .. ولكن هالمرة لشخص آخر موقف بينهم كان في صُبح هاليوم .. ومهب أي موقف !
موقف شديد .. موقف عسِير ولا كان يظن إن نهايته بتكون بالشكل ذا
للحظة ، كان بيسخط وبيعصب وبيرفضها أشد الرفض هو في غِنى عن كل المشاعر اللي بتنعاد علِيه بسبب تجربته المُرة الماضِية وخصوصاً بعد كلامها عن إنتظارها لشخص عيّت لا تفصح عن هُويته له !
ولكن اللحظة الثانِية شبت النار بصدره وهو يتذكر كلامها عنه .. رفضها له ! وإحساس الإهانة اللي يزُوره بكل مرة يتذكر هالحكِي يصدع بقلبه
ولاراح يليّن ، ولا ينجبر هالصدع مهما سوت .. مهما لملمت وأعتذرت .. لأن وكأنها رشت الملح على الجُرح بِالنسبة له !

مع ذلِك زاوية من قلبه تِحترق من كلامها الصُبح من فِكرة إنها فعلاً تنتظر على بابهم شخص .. لسبب ما مِنقهر والود وده يعرف هالشخص ويهدم قُدرته ويهد حِيله فعلاً ! ولكِن بدل هالطِريق الملتوي واللي ما راح تظهر نِهايته رفع رأسه ناحِيه راجح اللي يناظر له وقال بهدوء : رضاك يايبه قبل رغبتي وقبل لهفتي وإختياراتي
قال راجح بخفوت : لا وأنا أبوك .. حياتك أنت محد غيرك بعيشها .. لازم تختار أنت أنا قد قلت إني ما أقدمت على هالخُطوة إلا بعد ما قلت إنك تبيها !
هز رأسه وقال بهدوء : أجل سعود بن راجح ما يُرد العطِية .. ودامك طلبتها من هادي وهو أعطاني إياها ووافق .. فأنا قبلت بها وبنسبهم
أبتسم راجح من كلامه وحكمة أرتاحت ولاحد أحترق سوى رحمة اللي بدأت تبكي بسخط وبعصبية وهي تلعن وتسب وتشتم بدون وعي .. كان خوفها الأكبر سُخرية الناس منها .. كونها كانت الوحيِدة اللي للآن ما زوجت عِيالها .. واللي ما أرتبطو بأحد .. كونها اللي كانت تقول إنها ماراح ترتبط إلا بشيوخ من نسلُهم ! وبعد ما كانت السُخرية والنظرات الساخِرة من نصيب نعمة والمزن لـسنين .. الحين بتتوجه لها ، وهالشيء بيحرقها من حُر الشعور اللي تِحس به
وقفت بُشرى ومشت لها وهي تحاول تِخفف عنها ولكن رحمة دفتها بعصبية ومشت وهي ترمي الصُحون بقوة على الأرض وتمشي لغرفتها بسخط
قالت حكمة : ألا جعل يدينها الكسر هالبلّية كسرت صحوني .. جوها الجنون هالليلة
سعود تِنهد وعبدالعزيز اللي ما أهتم لفورانها قال بضحكة لـ سعود : أثاري عينك على سحابة طُول السنين ياسعود .. معقولة ما تلحلحت ولا تحركت من مكانك إلا بعد هالسنين كلها ! والله إنك ضعيف إرادة وأنا أخوك
سعود مسح على وجهه ثم رفع رأسه وناظره وهو يحاول يخفي توتره وإرتباكه .. من التفكير بالموضُوع .. وعبدالعزيز أنتبه عليه قال : إن كانت زلة لسان فقل من الحين يا سعُود .. مهيب سحابة اللي تستاهل هالشوشرة والـ...
هز رأسه بالنفي وبجدِية وقال بخُفوت وهو يشتت نظراته للمكان : أنا للآن أصارع الماضي يا عز
قطّب جبينه بضيق من الموضوع اللي أنفتح ولا أعجبه .. هو يالله يتناساه ويتناسى فِعلته .. ليه ينفتح هالحين ! قال وهو يعدل جلسته وبلامبالاة : اللي فات مات يابن راجح ، وأصابعك ماهيب سوى ، سحابة ربت معنا وكبرت معنا وتربية آل جبار .. إنتبه تساوي الثرى بالثريا ، لا تبقى رهِين التجربة الخطأ .. حرر نفسك ترى محد بيخسر غِيرك
تنهد وميل شفايفه بضيق وهو يرفع عيونه ناحِيه راجح اللي بدأ يتكلم مع جدته بهُدوء والواضح متعمقين بالتفاصِيل .. ولنسيم اللي تناظره ومبتسمة .. رد الإبتسامة لها بصدر رحب وهو ممُتن لوجهها المبتسم اللي خفف من عبء قلبه ! أستأذن بعدها وخرج من الحوش وهو يتجه لغرفة أمه .. اللي بقى واقف عند الباب دقايق طويلة وهو يحاول يتكلم معها أو يرضيها ولكن هيهات !
بشرى اللي ضاق صدرها من حركة أمها معها رجعت تجلس جنب الجادل وهي تحاول تكتم دمُوعها .. ومن أنتبهت عليها الجادِل حتى عضت على شفايفها بضِيق ، ورفعت كفها وهي تحتضن كفوف بشرى ثم أبتسمت وهي تقول : لا تقربين من الشخص المعصب والغاضِب مرة ثانية.. يصب عليك عصبيته كلها وكأنك السبب
ميَلت شفايفها بضيق والجادل أردفت : لا تزعلِين .. ما يليق عليك إلا الضحك .. عاد أنتي بالذات لا زعلتي يوقف العالم وتقوم الدِنيا
ولما أنتهت من كلامها العذب اللي سلى قلب بشرى حتى أبتسمت وهي ترجع خُصل شعرها لورى إذنها وتعدل جلستها وتِفرد وجهها بإبتسامة .. كون الجادل أول شخص يرضِيها باللطف ذا
بعد دقايق قالت بضحكة : عاد تصدقِين ، عز أول مرة يحكي قصِيدة باللغة العربية الفصحى ، دائماً شعره عاميّ .. ولكن بيني وبينك يبي يعلم الناس إنه زوجته معلمة عربي .. ما يبيهم يقولون شعره عامي وزوجته تدرس فصحى بمدرسته
شهقت وقالت : قال هالشعر عشان يكون زوج يليق بمعلمة عربي !
الجادل اللي كانت كاتمة ضحكتها طول الوقت ، ما قدرت وأنفجرت تضحك بصُوت عالي على كلام بُشرى اللي دغدغ قلبها ولعب بأعصابها بضحكة
ومن رفعت عيونها حتى أنحرجت بسبب نظراتهم اللي توجهت لها منهم كلهم ، نزلت عيونها بفشلة وهي تسب نفسها على الميانة اللي عاشتها ، بينما عبد العزيز اللي من سمع ضحكتها وسط جدِية الجلسة حتى فز قلبه بسرعة ووجه نظراته عليها وومن لاحظ وجهها اللي تِلون بالأحمر بسبب إنحراجها حتى ضحك بخفوت : ياا ضِحكة أربكت جدِية المجالِس !



{ بيت هاِدي أبو سحابة }

قَرر يأجل موعد إخبارهم بطلب الشيخ .. لحين عودة سعُود .. بحيث يعرف الكُل بوقت واحد
ومن درى إن سعود حضر صُبح اليوم حتى عزم الأمر وعقد النيّة وأفصح بما في قلبه لشريكته في الحياة
بدرِية أم سحابة ، كان يتوقع منها الإنهيار من الفرحة
الضحك حتى التجمد من السعادة .. الزغردة والرقص على سبيل المثال !
ولكن اللي ما توقع إنها تُثور ، وتسخط ويعلى صُوتها بالنفي والرفض التام
قال وهو يحاول يتحكم بأعصابه : بدرية يابدرية ، إلعني الشيطان وإستهدي بالله وإركدي ترى اللي طلبني راجح بن جبار .. وأنا أصغر غرير بال جبار ما أرده .. تبيني أرد كبيرهم ! والله إني أستنكرت ردة الفعل الغريبة ذي ، المفروض تركبين الطبل على ظهرش وترقصين !
قالت بعصبية وهي تبلع ريقها من كُثر التوتُر وقالت بحدة : لو يطولون الفضاء ما يطولون السحاب
هادي قطب حواجبه من إنفعالها الحاد وٓوقف وهو يقول : وش اللي مهب مرضيش في سعود بن راجح ، رجال وشيوخ بقبايلهم يتمنُونه
قالت بضيق وهي تحاول تكتم دمُوعها : مرضيني سعود .. كفو وينشد به الظهر
ناظرها بذهول : أجل وش هالشوشرة والإحتراق عشانه
أنفجرت تبكي وقالت بصرامة وضيق : سحابة رقيقة يا هادي ، إسم على مُسمى .. تبيني أرميها بين الوحوش ؟ سنين وبنين وأحنا شاهِدين على عذاب المزن ، شاهِدين على بكاها ودمُوعها اللي تذرفها من حُر أفعالهم معها.. والحين تبيني أخلي بنتي تعيش نفس المصِير ، صعبة ياهادي صعبة
تنحنح وقال : زوجة الشيخ لها ثلاثين سنة تحت ظِله رغم كل اللي سووه
قاطعته وقالت وهي تمسح دمُوعها : ولكن ياهادي سحابة مهيب المزن ، سحابة مثل ورق الخرِيف إن هفيت عليه بطرف إصبعك أنكسر وطاح .. مانيب راضِية تنهار بنتي بالطريقة البشعة ذي ، بسبب إرتباط بنت القهوجي بولد الشيخ .. لا يحلمون يشوفون ظفر لها !
هادي أخذ نفس وحاول يخفف توتره ، وهو شخص فهم مقصد زوجته وأعطاها الحق .. وكُل الحق !
لأن كلامها منطِقي ، وهي كأي أم حنونة وتملك بقلبها حُب لضناها ماراح ترضى بعيشة الإهانة
جلس بضيق وهو يسحب غُترته من على رأسه : صادقة يابدرية ، نذر إنش صادقة ولكني بنكسر لارديت الشيخ .. وش بيقول ؟ طلبت منك ياهادِي القرب اللي يتمنونه رجال وشيوخ ، وأنت تردني ؟ كبيرة عليَ يا بدرية ، ولا أقوى أنحط في هالموقف
بطيح أنا .. بدال سحابة
قربت وهي تِجلس جنبه ، وربتت على يده وقالت : الدنيا قِسمة ونصيب ياهادِي ، وإن ماطاح الأب لأجل عيون بنته وضناه ، لأجل من بيطيح !
ياهادي أنت ظهرها .. لا تِرضى تنهان عشان ما تتفشل قدام الرجال
تأفف وهو يسند رأسه على المركى بتشتت وهو يفكِر في الموضوع من جميع النواحِي !
-
-
{ الجادِل }

صباح يوم السِبت .. عودة جديدة لـ صفوف المدرسة ، ولمكتب المُعلمات .. وللوقفة بالفصل وجنب السبُورة .. شعور جميل يتجدد بكل صُبح تِداوم فيه .. أمنية جدها وأبوها ماكانت تظنها بهالحلاوة ، ولا كانِت تظن إنها بتلقى نفسها فيها
أبتسمت بخفوت وهي تشد السكارف الكُحلي على أطراف شعرها الأسود اللي يناسِب لون تنُورتها وبلوزتها البيضاء الرسمِية .. بسيطة وهادئة كعادتها
لا تكلفت ولا كست نفسها بالذهب لأنها تِزوجت شيخ القبيلة .. بقت مثل ماهي "أبلة العربي الجادل"
ألتفت لما أنفتح الباب بهدوء ، ورفعت عُيونها على طُول وهي تناظره يقفل الباب ويوقف جنبه ، كانت بتعاتبه وتلُومه .. كون الليل مرة ثانية مر دُونه ..
كان صباحها الأول لرجوعها للمدرسة بيمر بدُون حضوره ! ولِكن من لمحت التعب تخلل كُل تفاصيِل وجهه ، واللي من شِدته واضح عليه الذبُول ولو إنه قاومه بإبتسامة عذبة من ثُغره لحظة اللي تلاقِت عيونه بعيونها ، أبتسمت بخفوت وهو تنهد وقرب وهو يوقف جنبها وناظرها بهدوء بدون ما يتكلم
سكتت للحظات ثم أتجهت لشنطتها ، وفتحتها وهي تطلع قلمها الأزرق ، ومن تقدمت صُوبه حتى ناظرته يراقِب تصرفاتها ، سحبت كفه من أطراف جيبه ، وأسندته على باطن كفها ، وهي تفتح غطاء القلم وتبِدأ تكتب بباطن كفه ، ومن أنتهت حتى قفلت القلم ، وأبتسمت وهي ترفع رأسها وتناظره
رجع يناظر لكفه ومن قرأ الكلام حتى أبتسم " علاج الـ( ِ) بـ(ُ) تعيد للقلب الـ(ْ) بعد الـ(ّ)" وبعدها ضحك وهو يقرب منها ويُضمها وهي مبتسمة من ضِحكته ، ومن أبتعدت حتى قالت وهو ما زال يضحك : ماكُنت أدري إن الزواج من مُعلمة عربي ، راح يكون بهالمُتعة وهاللطف
رفعت حاجبها وهو ضحك أكثر وهي أبتسمت ورفعت يدها وهي تمررها على أطراف وجهه : إن جيت مكسور فضمك واجب ، أنا في هواك أخالف حتى الإعراب
أبتسم بخُفوت من كلمتها ، وضحك بهدوء : معلمة عربي تخالف الإعراب ، ياسخط الأفعال



رمشت بهدوء وقالت بعد ما تنهدت : خبرنا بالشيخ يبقى بمجلس الدِيرة دُون يلحقه تعب ولا يذبل له وجه !
هز رأسه بإبتسامة وقال : والله ما يتعب عزيز سوى جمالش ، غيره عابر يابنت عناد
تبسمت بهُدوء وهي تتأمله ، رغُم التعب والإنهيار اللي يعيش فيه ، وهي مُوقنه إنه ليلة كاملة واقِف على حيله ، ويشرف على كُل أمور ديرته بنفسه بدون ما يتِكل على أحد أو يوكل أحد نيابة عنه ، لأنه شخص إن أخذ مسؤولية تحملها عن بكرة أبيها
ليبتسم بخفوت من بين أثر التعب وهو ملاحِظ نظراتها ، قال وهو يلعب بخُصلة شعرها المِتمردة : ما هان عليّ يعدي أول صبح لإستاذة العربي وزوجة الشِيخ بدون حُضوري وبدون تواجُدي معها ، يشهد الله تركت كل اللي بيديني وجيتش أسابِق الخُطوة !
غمضت عُيونها من قوة الشُعور الي حست فيه باللحظة هذِي ، ومن شِدة نبضات قلبها اللي تعالت وبِشدة بسبب قُبلته اللي زِينت جُفون عيونها !
فتحتها بِبُطء وهي تناظره مبتِسم بضحكة من خجلها اللي للآن حاضِر بينهم ، وقبل لا تتكلم قال بإبتسامة : إن جهزتي .. فيالله عشان أوصلش معي
أبتسمت وهزت رأسها بطيب وهي تِبتعد عن ذِراعه وتتجه للدرج وهي تأخذ عبايتها ، وهو عطاها خبر إنه بينتظرها بالسيارة ، طلع من الغُرفة وأنتبه لِسعود اللي جالس بوسط الحُوش ، ومن رفع عُيونه ولاحظ ملامح عبد العزيز المِنبسطة حتى عقد حواجبه في حِيرة .. من دقائق معدُودة مر من جنبه وهو تائه والتعب يبان من عُيونه ولو إنه يكابِر ، والحين الضحكة تبان !
أستوقفه وهو يقول : صرنا نشتاق نشوفك يالشيخ ، حتى راجح اللي كان شيخ لأربعين سنة ما سوى سواتك وأختفى
ضحك بخفوت وقال : عندي أشغال لين رأسي يا سعُود ، لولا إنك صحفي وكل شوي وأنت بديرة كان سحبتك معي
رفع يدينه وقال : قد قلت لك ، أمور الديرة طلعني منها تكفى ، إلا وين أنت رايح
عبد العزيز سحب المفتاح من جيبه وقال : مِتجه لمجمع الخسوف ، بوصل معلمتي
رفع حاجبه وقال : الله يالدنيـا ، وين قد صارت شيخ برأسه وبكبر مقامه يوصل معلمة للمدرسة !
عبد العزيز ناظره بهدوء ثم ضحك بخفوت وقال وهو يأشر عليه : عليكم أنتو شيخ ومتسّيد ، مير لبنت عناد عزيز وبس يا سعود
ناظره بضحكة بعد ما آرخى حاجبه وقال : مهيب هينة يارجل .. قدرت على اللي ما قدرو عليه رجال بأشنابهم
هز رأسه وقال وهو يستند على أطراف الجلسة ويناظره بعدما هز رأسه بإيجاب : ما قدرت على شيء .. سوى إنها هزت قلب ما يهتز
أبتسم وقال : وهذا بحد ذاته قُدرة يا عز .. مير وأنا أخوك إنتبه .. ترى ينهد الحيّل لاحبيت
ناظرها وهي تِطلع من الغرفة ثم بانت على وجه شبح إبتسامة وقال بهدوء : لو حبها يهد الحيل ، أهد حيلي وأحبها يا سعود
قال بعدها : خلص أمور زواجك ، وخلص تغطياتك الديرة محتاجه رجال يوقفون على حيلهم عشانها !
هز رأسه ووقف وقال : أبشر ولا طلبت شيء ، الحين بطلع وراك
مشى عنه بعد ما قال هالكلام وطلع للسيارة وهو يركب جنب الجادل اللي قد ركبت معه
أبتسم وقال : ألا حيا الله الضمة والإعراب
ضحكت وهي تضرب كتفه بأطراف يدها بخفة وقالت : عن المزح اللي ماله داعي يا عزيز .. يعني معلمة عربي تعلمت وعلمت الإعراب لخمس سنين ، تجي تقولك بتخالفه عشانك ، وأنت تضحك عليها والله ...
قرب منها وهو يضحك وقال : نعتذر يا حمامة .. ولكن الموضوع لاقى إعجابي عشان كذا تطرقت له مرة ثانية
هزت رأسها بطيب وهي تضحك من ضحكته ، وهو شغل سيارته .. وتحرك للمجمع
ومن وقف قدام بوابة المدرسة .. حتى فز الحارس من مكانه ومشى بإستعجال وهو يقول : حيا الله شيخنا
أنحرج عبد العزيز وألتفت للجادل وقال : إنزلي يالله .. هذا نصيب اللي تكون زوجة شيخ
ضحكت ونزلت على طول وهي تِتجه للمدرسة ، بينما هو نزل للحارس سلم عليه ووصاه على المجمع كالعادة..

وهي من دخلت حتى أنصدمت بالترحِيب ، ووجود المديرة برأسها عند الباب حتى تستقبلها
لفت ولقت بشرى واقفة ومبتسمة بضحكة وأقتربت وهي تقول بهمس : شرايك فيني ، نفضتهم من الفجر اقول زوجة الشيخ بتجي
ولا قصرو ، ماكان باقي الا البساط الاحمر يفرشوه
ضحكت وهي تأخذ الورد من البنات وتناظر لبشرى بضحكة
وكملت طريقها لغرفة المعلمات ..
-
-
{ سعود}

من طلع عبد العزيز حتى وقف ، وجمع أوراقه وهو يسفطها بترتِيب في الملف
وبعدها أتجه للباب الخارجِي .. ومن خطت رجلينه لبرى البيت ، حتى أنتبه لـِ هادي اللي على بإسمه
ألتفت وأتجه له بسمع وطاعة وعلى مُحياه إبتسامة
ومن وقف قدام هادي حتى تنحنح هادِي وناظره بإحراج .. يوم كامل ماقِدر يكلمه .. كون يوم أمس كان يوم جمعة .. وسُعود طول وقته مع راجح ، وأنحرج يحكي معه وهو عنده !


قال سعود : تفضل ياعم هادِي .. في حلقك كلام والله واضح .. لا تنحرج حنا أهل
رفع يده وهو يحك لِحيته بضيق وقرر إنه يعطيه من الآخر وقال : طالبك العذر وأنا أبوك .. مالك نِصيب عنـدنا !
عقد حواجبه سعُود بإستنكار شدِيد وهو يناظر لهادِي بصدمة وبذُهول من الرفض المُطلق اللي تعرض له .. خصوصاً ما توقع ولا واحد بالمية يجي الرفض من هادِي .. كل اللي جاء بباله باللحظة هذي إن سحابة هي اللي رفضِته وهي اللي ما تبي قُربه ، للحظة ضاق به الكون لِتعرضه للرفض منها
ولكنه رجع يناظر لهادي بهُدوء .. وبدال تعابِير الإستنكار بُدلت للهدوء قال بعدها : وش السبب اللي قطع النصِيب بيني وبين بنتك ياعم ! مانيب من مواخِيذكم ! ما أرضيت طلباتكُم والا !
هز رأسه بالنفي على عجل وقال : لا يا أبوك .. حنا اللي مو من مواخِيذكم ، صعبة يا سُعود صعبة
من اللي بيمسك لِسانه عني بنتي ، من اللي ماهوب ماسِك لسانه عنها ، من اللي ماهوب قايل إنها بنت قهوجيهم وشِغيلهم ! ماني براضي للإهانة لبنتي يا سعُود
سعود آرخى حاجبه بخفوت بعدما عرف إن سبب الرفض ماكان نفس ما توقعه ، قال : في ظِلي ما ياصلها ضيق ولا تقليل ياعم
تنهد هادِي وقال بضيق : ظِلك ياسعود هو اللي بيكسرها ، أمك وهلك بيكسرون مجادِيفها .. بيقللون منها بيهينوها .. وبنتي مثل الغيم والسحاب يا سعود ، تِنكسر من لفحة هواء فما بالك بكلامهم اللي مِثل حدة السكين ! ما طيعني "ماقدر"
ماطيعني أرمي بنتي للنار بيديني ، ولو إني متشفق على نسب ال جبار !
ناظره للحظات وهو ساكِت والأفكار تجيبه وتوديه ، بعد كلام أبوها زادت رغبته فيها ، أكثر بكثير عن قبل ! ثم نطق بعد سُكوته وقال : في شِيباني ورأسي يا أبو سحابة .. ما يصيبها ضيم من هلِي ولا يقربها لا هم ولا كدر مِنهم .. لو هذا سبب رفضك ! فـ يا كبر الأفا يا أبو سحابة يا كبرها
هادي كان بيتكلم بس قاطعه إِرداف سعود اللي قال بعدها : خُذني عصا تِتكأ عليها ياعم ، خذني سند وخذني لباقي أيامك سعد ! وعطني بنتك وهي في ظِلي والله إن أصونها وأخليها أغلى من نور عيوني بشويّ !
ناظره بتردد وبعتب من كلامه اللي حطاه بموضع حِيرة وضُعف إرادة من قراره ، ولا خلاه يرد عليه إلا كلمة سعود : ماانيب بحابها وبس ، والله إني لها أمن وإطمئنان
سكت هادي ثم أبتسم بخُفوت وهو يهز رأسه ويقول : يشهد الله يومين وأنا مارقدت ، جفاني النوم وأنا أفكر وشلون أتصرف بالموضوع ذا ، وكيف أحله بدون ما يزعل بن جبار وأعلمك سبب رفضي لهالقرب .. ولكنك مليت قلبي راحة يا سعود عرفت إني بخليها بين يدين أمينة .. عرفت إنك بتكون جاهها وبتزيدها رِفعة ، ولكن طلبي منك يكون الزواج بين الأهل .. دون القبيلة !
رفع حاجبه بعد ما كان مبتسم وقال : أفاا يالعلم .. لا والله لها عرس يشهـ....
قاطعه : إختصره يا سعود .. وخل الموضوع منك أنت
تنهد وهز رأسه وقال : اللي تأمر عليه يا أبو سحابة
أبتسم وهز رأسه ثم أستأذن ومشى عنه ، وسعود كمل طريقه وهو يتنهد براحة وبخوف من قوة الكلام اللي قاله
بينما دخل هادي للبيت حتى أستوقفه حُضور سحابة اللي كانت تِتجه لجهة ال جبار قال بصوت جهوري : سحابة
ألتفت على عجل وقالت : سم يايبه
أبتسم وأشر لها : تعالي تعالي
مشت بخطوات سريعة وهي توقف جنبه وتناظر له وهي مبتسمة من إبتسامته : علم خير يا يبه والشيء واضح بوجهك .. هِل على سحابتك من هالخير
هز رأسه وقال بإبتسامة : خير وبركة إن شاء الله
تقدم لك رجل .. ينذاع صِيته بالخير وحسن السمعة .. مصلي فروضه الخمس وصائم وإبن ناس يشهد لهم بالخير
بلعت رِيقها بصعوبة وناظرته برجفة .. والضِيق أتخذ مجراه بقلبها ، حست إنه ضاق لدرجة بينفجر من ضِيقه بأي لحظة .. طول السِنين الفائتة
كانت الدعوة اللي تقولها قبل تِنام يارب ما تنحط ببشاعة هالموقف .. ولا يحضر لِسمعها تقدم أي شخص غير اللي ببالها .. ولكن الليلة حضر لها هالكلام ووصل لمسامع إذنها
غمضت عيونها وبعدها فتحتها بهدوء وقالت : وإن قلت يايبه مالي خاطِر .. تجبرني ؟
هادي قطب حواجبه بإستغراب وقال : مير يا أبوش ما سمعتي عنه ولا عن إسمه .. تراه رجال كفو ولما رفضته جاء يقول إنه بيكون لش أمن وأمان وأنا ما أبغى من أي رجال يأخذش .. غير يعيشش بطمأنينة
سكتت وهو أردف وقال بحنية : سحابة .. تدرين ليه سميتش بذا الإسم ؟
ناظرته بهدوء وهو قال : لأنش من خُلقتي وأنتي رقيقة يا بنتي .. من طاحت عيني عليش وأنا موقن إنش بتكبرين وتصيرين مثل رقة السحاب وطول عمري أداري قلبش الرقيق لأجل لا تصيبه حتى غزة من شوكة .. ظنش بعد هالسنين برضى برجال يوجعش ؟

ناظرته بعد ما أمتلت عيونها دموع وهو أبتسم وقرب وهو يمسح دموعها وقال : بن راجح يقول عهد عليه بتكونين في ظِله وأمانه .. مهب مرضيش هالعهد ؟
من سمعته الإسم حتى رفعت نظراتها ناحِيه أبوها بإستغراب وعقدت حواجبها بحِيرة : بن راجح ؟
أبتسم وأبتعد عنها وهو يضحك بخفوت : إييية .. سعود بن راجح اللي تقدم لش !
ناظر ليدها اللي بدأت تشبك ببعض وتضغط عليها ووجهها اللي تِغيرت تعابِيره لـِ دهشة .. ذُهول .. صدمة.. وإسِتنكار
قال وهو يمسح على شعرها : كنت بتهور وأنا أبوك وأرُده .. ولكِن لطف من ربي ، خلاني أكلمه قبل أبوه
صدقيني يا سحابة .. منتي بلاقِيه بزوج يصونش مثله .. طيعي أبوش .. إسمعي شوره !
ماردت عليه .. وبقت تِشتت نظراتها للمكان
تعيش صدمة مو سهلة عليها .. كيف ؟ وشلون ومتى وليه أقدم على هالخُطوة ؟
وخصوصاً بعد آخر موقف بينهم ، موقِف لاذِع صعب ويشتت .. ليه يكون الإرتباط بينهم هو آخر الدرب من ناحِيته ! معقولة عشان يكسر كلمتها .. ويهين الإنتظار اللي شهِد عليه !
هادِي من لما لمح سرحانها .. حتى أنسحب
وهو متأكِد إنها بتختار الخِيار الصحيح .. وهي مشت بخطوات هادية وهي تِجلس بأقرب مكان
وهي تِناظر بعشوائِية للمكان ، وتنتقل من فكرة لـ فكرة .. ومن شعور لشعور ! وقلبها يرتجف
ويدها من حرارة الشُعور تنتفض ، خايفة .. مذهولة .. مصعوقة وهالكِلمات لا تُنصف إحساسها باللحظة ذي !
-
-
{ حـياة }

صحت بكل حيوية .. وهذا كان صباحها الثانِي اللي تعيشه بكل لطف .. متجاهله كل المشاعر السيئة اللي تجيها بين لحظة والثانِية
ومن لبست وعدلت شكلها .. حتى طلعت من الغُرفة وأتجهت لأصواتهم اللي سمعتها بحوش البِيت .. أبتسمت وهي توقف جنبهم : يااصبااح الخير
أبتسمت أم سند وقالت : ياصباح كل الخير يابنتي ، جيتي بوقتش .. تعالي للفطور
هزت رأسها بالإيجاب وهي تجلس جنب سند ، اللي فسح لها جنبه .. بدأت تفطر معهم وهي تنتقل من سالفة لِـ سالفة ، بضحكة تعلو وجهها .. وبتحريكها ليدها وجسمها ورأسها بكل سالفة.. وسط حماسهم وضحكهم !
كان يسمع كلامهم وعلى مُحياه إبتسامة بسِيطة ولكنها تِبدلت لذُهول وإستغراب شدِيد .. وصدمة لِكلام حياة اللي خلاه يرفع رأسه بِعجل شديد
ويناظر لوجهها اللي أعتلاه الإحراج من إنفعالها .. أستغرب كونها شخص كتُوم ويخبي كل شيء بقلبه ، ولكِن ما قدرت تُكتم إعجابها بصُوته وباحِت به بطريقة خلت قلب سند يفز بذُهول .. ما تِكلم ولا رد عليها بكلام ولكِنه أبتسم وبدأ يدندن بخفوت " اليوم يمكن تقولي يا نفسي أنك سعيدة
تشهد على صدق قولي دقات قلبي الجديدة
تسعة وعشرين عام ضاعت وسط الزحام
ليلي ونهاري وقلبي أصبح يحب الظلام
وأنا في درب الهلاك ظهرت لي ياملاك
غيرت مجرى حياتي شفت السعـادة معاك"
من إنتهى حتى ألتفتو لتصفيق أبو سند اللي قال : الله عليش .. الله عليش
ضحك وقال وهو يحرك أطراف شعره بتباهي : من يومي يا ابو سند بس عليك وش هالشين .. طيحت هيبتي
ناظره بطرف عينه وألتفت لحياة : الله عليش يابنتي .. تغيرت النبرة واللحن والمضمون من جيتي
فعلاً كان في درب الهلاك لولا إنش أحييّتيه من جديد
أبتسمت بخفوت وبإستغراب شديد ، وسند تنحنح بإحراج .. الأغنية ظهرت بعقله بدون سبب .. ولاكان لها هدف ، ما عرف كيف فهمو الموضوع بالطِريقة ذي .. تمنى شيء يصير عشان ينسحب من المجلس وفعلاً وقف على صوت دق الباب .. وقف على طول وهو يمشي للباب ومن فتحه حتى لقى عبد العزيز
تهلل وجهه وقال بفرحة : يااحي من لفاني يا شيخ
أبتسم عبد العزيز وقال : حي نباك يا سند
سند قال بضجر وهو يناظره :من يشوفك يدخل الجنة
ضحك وقال بصوت شبه هامِس : خلها على ربك يابن فياض .. انت اللي كنت تدفني عشان أخذ الشيخة ، شفني خذيتها وهي خذتني منك
تأفف وقال بضيق : لو أدري الموضوع كذا ، يشهد الله ماعارض غيري .. إقلط إقلط حياك بس
عبد العزيز قال : لا .. مستعجل أبـ...
قاطعه إلتفات سند برأسه ومن ما شاف أحد حتى سحبه بسرعة وهو يدخله للبيت : لا يشوفوني الخسوفييّن يقولون سحبنا بشيخهم ، ادخل بس خل عنك هالحركات
ضحك عبد العزيز وهو يرتب ثوبه الأسود ، ودخل وهو ساكت ، بينما سند قال : القهوة يالطيبين الشيخ عندنا
دخلو المجلس .. وماهي إلا لحظات ودخل أبو سند سلم وجلس لدقائِق وهو يأخذ أخبار الشيخ ، ويتطمن عليه والأهم يشاركه بأفكار التوسيع الجديدة .. وبردة فعل التُجار على الإعمار الجديد .. وبعدما أنتهى طلع على عجل لأن راجح ينتظره كالعادة بمجلس الدِيرة
عدل جلسته سند وهو يسُولف ويبتسم بين كل لحظة ولحظة ..

وأختفت إبتسامته العادية بسبب سُؤال عبد العزيز المُباغت اللي قال فيه : على غِير العادة مبتسم وصدرك مِنشرح ويبان هالشيء بوجهك ... نقول بديت تعيش الحياة ؟ وتركت الضيم والموت وأنتي حيّ لهله ؟
ناظره للحظات بهُدوء وضح على ملامحه ، ليه هالإنشراح الكُل لاحظه بوجهه ، لهالدرجة يبان عليه الراحة و الهدوء ؟ بس هو يحس بالإستقرار بس ! أستقرت رُوحه وهدأ باله .. وسبب إبتساماته كُل ما سرح يجهله رفع رأسه وهو ينزل غُترته من عليه ويحطها جنبه وقال بلامُبالاة : خير وبركة .. والحياة ما أنتهت لأجل أبدأ أعيشها من جدِيد !
ناظره بإبتسامة بعدها رفع حاجبه وقال : ما أنتهت ياسند الله عليك .. مير ذبلت وكلنا شاهِدين على ذلك ، ولكن الحِين بوجهك تتفتح الورد ولا يخفى على أحد هالشيء . . دُر مافي قلبك . . مانيب غرِيب !
ضحك بعد ما ناظر لإبتسامته وقال : حاشى منت بغرِيب . . أقرب من الضلوع ياعز . . ولا يخفى عليك
هز رأسه بمعنى كمِل وهو سكت للحظات بعدها قال : ما يبي لها كِثرة حكي يا عز . . تعرفني نشمِي وشنبي ماكان على رجال لو رضِيت لبنت هالإهانة ولو إنهم اهلها . . مارضيت تنخبط " تنضرب" بالطِريقة المهينة ذيك .. مدري وش كان تفكيري لحظتها مير ياخوك قلبي كان مِحترق عليها . . دقت بصدري الحميّة وخذيتها عشانها ..
كرامةً لها ورحمة أستولت على قلبي ولأني شخص أدربي برأسي بهالدنيا دون وجهة ، ودون شيء يستاهل ، قلت أعتق رقبة . . والا أنا مالي فيها هوى . . ما ملت لها بمقدار ذرة ياعز
-
بلعت رِيقها بصعوبة وهي تحس بنار تحترق بجوفها . . وكل خلاياها تِرتجف .. حتى قلبها تحس بصُعوبة دقاته من حُر ما سمعت .. تركت دلة القهوة جنب الباب بدون ما تنبهه لحضورها ، وتركت المكان وطلعت لغرفتها بهدوء ..


أعتلت إِبتسامة ساخِرة وجه عبدالعزيز .. ونظرة مليانه بالإستِهزاء على تعابِير وجهه وقال وهو يمسح على لِحيته بِحنكة : خبرتك تدري إني أعرف إن كنت صادق بكلامك . . والا تحاول تلف وتدور وخُبرك كبير بعد . . إني شخص اتنرفز ليا حسيت بالإستغفال ، خصوصاً من ناحية مشاعرك أنت بِالذات
ناظره بضحكة وشتت عيونه للمكان وقال : مانيب كذاب والله يشهد . . ولكن ذاك شعور اللحظة يا عز . . بوقتها قلت دامك ياسند عايش بهالطريقة
خل لك منفعة لشخص يحتاجك
ولكن شعور هالوقت غِير . . يومني فكرت بطريقة غير أكتشفت إن الموضوع مهوب رحمة لها . . قد ماهو لي ياعز أنا شفت سند فيها . . لقيت نفسي بين حروف حكايتها . . لقيت وجعي بين دموع عيونها . . لقيت شعوري بوسط قلبها
الضيم والوجع . . الشوق والخيانة والغدر . . الإنتظار الموجع كل المشاعِر المرة اللي عاصرتها . . لقيتها فيها لقيت سند فيها يا عز . . تعرف هِيبة هالجملة ؟
آرخى حاجبه بِخفة وبدهشة يعتلِيها إستنكار شدِيد .. وهم برفع يده وهو يحك أطراف جبهته ويناظر لِسند بهُدوء : صرت متناقض يا سند
رفع كُتوفه بعدم معرفة وأخذ نفس ورُغم ضِيقته تِبسم بخفوت وقال : عِشت معها التناقضات كلها يا عز . . أحس إني ضايع ومِحتاس . . للآن أجهل كِثير أشياء . . ولكن الأهم إني ألقا بعيونها نفسِي . . هذا اللي للآن عندي عِلم عنه ! هي وأنا .. مثل الجريح اللي يواسي له جريح يونّ ويواسي رفيقه .. لين ماتوا كلهم
لِيبتسم عبد العزيز بخُفوت وهو يتمتم بِـ صوت أشبه للهمس : والله طِحت ومحد سمى عليك يا سند . .
قال بعدها : الحب بلوى ، يصيب القلب دُون ما تِحس يا بن فياض . . الوِكاد إنه من تولّع في الهوى يتوه . . ولكني عندي علم إنك منت بجاهل . . وتِدل الوجهة عدل
سند اللي تِنهد وهو يرفع كفه ويخلل أصابعه بين خُصلات شعره الأسود وهو يشتت نظراته للمكان
قال بعدها عبدالعزيز : طالت الجلسة .. جيت أعطيك خبر إن الليلة السمّرة عندي ! ولا أبي تخلف عنها . . صابني الشوق لك ولصوتك ولِمجلاسك !
ضحك سند من كلامه وهو يقول : أعتلاني السحاء ولا هوب لي ياعز . . وعلى خشمي
الشيخ تعنى وجاء بنفسه . . ولا ألبِي ؟ أشهد إني ردييّ إن سويتها !
أبتسم بخفوت ووقف وهو يطلب الإذن ووقف معه سند .. ومن ناظر لِصحن القهوة حتى تذكر إنه ما قهواه لِيشهق بخفوت ويقول : إمسحها ب وجهي أنا طالبك يشهد الله غاب عن بالي
رد بعدها عِز وهو يبتسم : ما بيننا كلافات . . حتى العتب على فنجال قهوة ما بيننا . . اعتبره أنشرب يابن فياض
ناظره وهو يطلع من البيت ومسح وجهه بِضيق من الموقف وهو يخرج من المجلس ويدخل الصِالة
ليسأل أمه عن اللي قدم القهوة ، وجاوبته بإستغراب إنها حياة
هز رأسه وطلع لِـ الغرفة وفتح الباب وهو يناظرها جالسه على الكُرسي الهزاز ومغمضه عُيونها






ليهم بعِتابها : ليه ما نبهتيني إنك حضرتي بالقهوة ؟ راح الرجل دون يشربها ياحياة
إنحنت جفونها عن عُيونها البنيّة بعد ما زفرت بِضيق وبإنزعاج شدِيد من صوته اللي قطع عليها حبل أفكارها اللي بدأت ترتبها . . رفعت رأسها وناظِرت له واقِف ومستند على قبضة الباب . . لتعتدل بجلستها بهدوء وتكسو عيونها نظرات القوُة الوهمِية . . والعتب الشدِيد .. تمتمت بعدها بِـ نبرة ساخِرة : كيف حال الشُروق يالموسيقي . . عساه يجلي بحُضوره سواد اللِيل

قطب حواجبِه بتعجب شدِيد .. وهو يرمِي نظرات إستنكار على هُدوءها قوتها .. حرارة كلِماتها
والأهم نظراتها اللي يكسُوها الحيِرة والعتب
بلل شفايِفه وهو يُدخل ويقفل الباب خلفه وأخذ نفس وزفره بخُفوت وهو يلتفت لها ويناظِرها بهُدوء . . ماغاب عن باله مغزى سُؤالها ولا كلامها عن الشُروق فِي ظل حياتها الساكِنة . . خصوصاً إنها من دقائق معدودة كانت مِثل السكر . . ليه الحين يذُوق مرارة نظراتها ؟ لِيهم بالكلام ويُقول : إن ظهر الشُروق ومحى عِتم الليالي . . مصير الغُروب يحِين إن كان أحد متعلق بالشُروق ويظنه تفريج وتوسِيع قلب . . فنصيحتي يخلي بباله إن الغروب يحُضر بعده . . وتنزاح الشمس ويبقى قابِع بوسط الظلام مِير إن تعلق بالحياة وسايرها . . بتعطيه لين ترضِيه . .
سكت للحظات وناظرها بهُدوء : إتركِي عنك الشُروق
كانت ترمُقه بنظرات هادِية . . وبعد ما بدأ بالكلام صرفت النظر عنه وبدأت تِشتت نظراتها لِلمكان وهي ترجع يدينها خلف ظهرها وتُثبت أصابعها ببعضها البعض .. وتُضيق المسافة بينهم وهي تِضغط عليها ب توتر شدِيد .. وبعدها رفعت عُيونها وهي تِناظر لـ عُلبة شِبة قديمة كانت أعلى الدُرج . . تسلل بعدها الفُضول بداخِله ورفع عيونه وهو يسترق النظر على اللي تِناظره لِيعض على شفايفه بضيق أعتلى كل صدره وهو يِتذكر هالعُلبة اللي جمع بها كل أشياءه القدِيمة بالليلة اللي قرر يتزوج بها حياة . . ومن ضِمنها وردة ومكتوب كان باقي مِحتفظ فيها .. تسلل الندم والقهر لِـقلبه كونه نِسى يرميها دون رجعة . . فهم من نظراتها إنها صارت على بيّنة بعلاقته القِديمة وإنه مهب خالِي مثل ماهي مهيب خالِية ! ليتقدم بخُطوات سرِيعة وهو يوقف قدامها ويقول بِضيق : الماضي ماضِي . . لا نِنبش فيه ونقهر بعض . أنتي طحتِي وتعثرتي وأنا عصاك ، ولا عاد له داعِي للقهر بسبب شيء فات وعدى
أخذت نفس وبدأت تِزفره بِبُطء شدِيد وهي تُوسع المسافة بين كفينها .. وتِعتق أصابعها من الضغط عليها لِترفع عُيونها الناعِسة له . . من قرأت المكتوب وهي تِشتعل نار
أنقهرت من كلامه لِـعز وطلعت للغرفة . . ولأول مرة يطيح نظرها على وُجود هالعلبة .. أخذها الفضول وفتحتها وهي تمرر نظراتها الهادِية لأشياءه . . ليزيد تعجبها وهي تُشوف وردة ومكتُوب . . أعتلاها التطفل على هالشيء المركُون على درج بعيد عن نظرها وهمت بفتحه وهي تقرأ مكنُونه . . وبعد كل حرف تِقرأه تحس النار تحرق جُوفها . . ما خُفي عليها إنهم شخصِين عاشو نفس الشعُور . . ولكن هي غِير هي غير تماماً
ومن رجعتها حتى جلست على الكُرسي وهي تِجمع القطع الضائِعة . . وتركبها مع كلام شُروق اللي قالته بآخر مُقابلة لهم . . حتى فهمت كُل اللي يدور حولها
رجعت خُطوة لورى وهي تقدم يدها وتِصدها عنه
لِـ يتسلل الكلام لِـ ثغرها الساخِر بقولها : لما الماضِي يصير بالماضي نقول عنه ولى وفات . . ولكن لما يكون بتفاصِيل أيامنا نقول عنه حاضِر يا سند
رجع شعره للِخلف بعشوائِية من جُملتها وقال : بس أنا وأنتِي عشنا هالشُعور سوى . . أدري بِـ ولد ...
قاطعته وهي تُقوس شفايفها بغضب شدِيد وهي : أنا وأنت مو سوى . . أنا نِسيت أنا ماضِيّ دست عليه ومشيت و واللي خالق سبع ما ألتفت ولا مرة . . أنا لما وافقت علِيك ، قلبِي كان خالِي مهب لأن ودي يفِيض يا سند . . ولكِني شخص ما أداني الخِيانة ولو إنها بالشُعور . . جِيتك حاضر بدون إِلتفاتة وحدة لِلـمستقبل ، قُلت لك إني شخص يكره الشفقة .. يكره ينحط بموضع المُتمنن عليه ، يكره الإستغلال .. ولِكن كل اللي لِقيته أشيائي المُكروهة ، أنا ماني منتظرة منك قلب ولا حنِية ولا حتى شُعور بالحب . . بس اللي أبغاه النقاوة الإخلاص لي . . لحتى تِنتهي الشفقة وأقدر أتحرر منها
صدت بِضيق وهي تِلتفت عنه وتناظر من الشُباك وهي تحاول تِحتوي مشاعرها اللي فاضِت وتِلم دُموعها اللي ناوِيه تتمرد عليها على غِير عادة
وهي تِتمنى يعتقها هاللحظة . . ولا يِباشر ويرد عليها بأي كلمة لأنها بموضع مكسُور حالياً ،


ومن سِمعت مقبض الباب يُفتح . . وصوت تقفِيلة الباب
حتى تنهدت وهي تِمسح على أطراف وجهها بضِيق
إقتربت من السِرير وهي ترمِي نفسها عليه بكدر وافِر وهي تغمض عُيونها وتِحاول ما تُغوص بكلامه . . وتفكر فيه لأجل ما تِبهت قُوتها وتِخر وتبقى ضعِيفة ناحِيته . . ولا هو ودها
-
_
{ نِسيم }

ألتفت له وهِي تبتسم بخفوت بعد ما وصل لِـمسامعها مُناداته لها . . وعلى مُحياها يبان الهُدوء والفرحة الهادِية ، أقترب وهو يتناول يدها بِخفة وهو يبادِلها الإبتسامة الهادِية ليقول بعدها : كتمتِي الخبر مدة طويلة عن أهلك . . خايف من حماسك تعطينها بوجههم كِذا وتصدمينهم خُذيهم بالهداوة
ضحكت بِتوهُج شدِيد وهي تِضغط على يده برِقة وتقول بعدها : تدري بيّ .. مُحنكة ما يظهر الكلام إلا على المقام . . لا تخاف
أبتسم بِخفة وهو يمسح على جبِينه وقال : هالشيء اللي طيّح قلب وأغرى عين وعقل . . إية محنكة وقادِرة وكل شيء تعطينه حقه . . حتى قلبي ولا عليك لا خُوف ولا رهبة . . مير كلامي عشان هالمرة الخبر كبِير والفرحة طاغِية
هزت رأسها بإبتسامة خجولة نتِيجة كلامه وتمتمت بعدها بِـ : أبشر . . كل شيء على قد المقام مِثل ما قُلت . . إنتظرني هنا . . لا تروح دُوني
هز رأسه بطيب وهو يحرر كفِينها ويستند على طرف السيارة . . بينما هي همت بالدُخول للبيت . . لتُزين إبتسامة خافتة وجهها وهي تشوف المزن قُرب الإسطبل أقتربت على عجل وهي تسلم عليها . . وتسأل عن أخبارها لتهم بالسُؤال عن الجادِل ردت عليها المِزن بـ : اليوم أول أيامها بالمدرسة بعد الزواج . . راحت عليك
ضحكت بهدوء وهي تقول : ماهِيب مشكلة ليَا حضرت ورجعت عرفت . . أمي وجدتي وين
ألتفت المزن وهي تأشر على الجلسة اللي قُرب حديقة الورد لِتبتسم بعدها وهي تشبك ذراعها بِذراع المزن وتقول : عندي لكم خبر كلكم وأنتي بالذات لازم تتواجدِين
أبتسمت المزن من إبتسامتها وعرفت إن الخبر خير . . لذلك ما علقت على الخبر لحتى وصلت لجلستهم ، وقفت بهدوء وهي تناظر لنسيم اللي سلمت على جدتها ثم على نعمة اللي ميّلت شفايفها بقهر من تشابك ذِراعهم لرحمة اللي سلمت بدون نفس
جلست بعدها بنفس طيبة وهي تِسأل عن الحال والأحوال . . لِـتبدأ بقول الكلام اللي يقرقع بقلبها ليالي عدِيدة واللي منعها من القول المرة السابِقة سالفة سعُود وخِطبته لِسحابة . . ولكنها حست إن هالمرة لازم يعرفون . عشان يفرحون من فرحتها : عندي بِشارة متأكدة بتنال على فرح قلوبكم وبتفرحون من فرحي خصوصاً أمي
لتقول نعمة بضجر : إن كنتي بتقولين فهِيد جنب الباب ف هذا الشيء الوحيد اللي بيفرحني غيره تِساهِيل
لتُقوس نسيم شفايفها بضيق من كلامها وتِلتفت لحكمة اللي قالت : قولي يايمة . . وش هالبشارة شوقتيني
أبتسمت بهدوء وقالت وهي تعدل جلستها وتِنحنح بخُفوت : بيشرفنا حفِيد جديد لِـ آل جبار
ما فهمو عليها بالبِداية وناظروها بإستنكار لِتردف بقولها : حصِيلة الخمس سنين طفل صغير بيكون بين يديني أبشركم إني حامل
تهلل وجه حكمة بفرحة واجِمة ، وقالت وهي تِوقف وتقول : يااجعله من الصالحِين الباريّن
وقفت وهي تضحك بفرحة وقبّلت رأس حكمة وبعدها ناظرت للمزن اللي مبتسمة بفرحة وكفينها مجمعتها حوالِين صدرها : الله يبارك لك يااروحي يا نسيم . . والله خبر يثلج الصدر من رقته
أبتسمت وهي تقرب وتُضمها . . لتلتفت لأمها اللي جالسة ولرحمة اللي قالت : وأخيرا شرف مبروك يانسيم
قالت بهدوء : يبارك فيك ياعمة
وقفت قدام نعمة وقالت : يمة . . بتصيرين جدة مرة ثالثة ولكن لبنتك . . ليه ماني قادرة أشوف فرحتك
رفعت رأسها نعمة وناظِرتها بِحدة وهي تِشد على قبضة يدينها والعصبية أتخذت مجراها بكل خلاياها من حُر الخبر وسط ذُهول نسيم . . وبعد الصمت اللي دام لِوقت ماهو بطوِيل قالت وهي بِـ صوت يكسُوه البغض والبُؤس : كل لياليّ عدت وأنا أدعي دعوتين . . يصون فهيد .. والثانية لا يرتبط دمنا بدم راعِي . . ولا يصير لنا حفِيد من صُلبه !


من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن