20

29K 230 92
                                    



حياة عدلت جلستها وهي تقول : الموضوع مربك يامنى .. أنا بنزف لشخص خذاني عشان يعتقني من القتل ! مو لأني حياة
ربتت على كفها الجادل وقالت : قلتيها .. أنتي حياة وإن خذاك عشان يعتقك من القتل فهو تِجمل ، ولكنك فعلاً بتكونين له حياة .. صدقيني
ميّلت شفايفها بضيق ومنى سحبتها وهي توقف لما شافت أم سعد تدخل وبيدها الفستان ، اللي من شافته تجمعت الدموع بعيونها ، وصدت بضيق
وأم سعد أبتسمت وقالت : سهرت الليل عشان أنهيه ، والحمد لله جاء على اللي ببالي .. الحمد لله إني حضرت هاللحظة ياحياة ، ولا ودي أشوفش تبكين بهاليوم
مسحت دموعها بتعب وهي تناظرها وتتذكر أمها .. ضحكتها لهفتها حماسها ، كلماتها نظراتها .. كل شيء راودها باللحظة هذي
تمنت لو انها باقي عايشة .. وعاشت هالشعور كـ طبيعة أي بنت .. ندبت حظها .. وحظ صديقاتها كون اليوم اللي المفروض ينبسطون فيه
يسحب منهم الحياة وينهيهم .. ولكن رغم حزنها ماحبت تضايق صدور هالناس الي ضغطو على نفسهم عشانها
-

{ سند }
كان واقف مع عبد العزيز قدام الباب .. ويناظر بلامبالاة ينتظر أخوها عشان ما يضيع
ألتفت لعبد العزيز وقال : تكفى ياعز إدخل وإقلط بالمجلس .. ماهيب زينة بحقك واقف معي عند الباب وأنت الشيخ !
ميّل شفايفه وقال : خلنا من هالحكي يا سند .. لي ساعة واقف معك وأقول بيعطيني العلم ، وبيقول وش صار بين ليلة وضحاها ، ماهو بمعقول اللي قاعد يصير .. كونك حتى الزواج رافض تسويه !
تنهد وقال : مهب رفض ، ولكن ياعز كل شيء جاء على بعضه ، ماعندي وقت أسوي زواج ولا ألعلع بالقبيلة وأنفضها
ناظره بطرف عينه وقال : ماسكين عليك شيء ؟
سكت للحظات ثم رفع عيونه وقال : أهلها مستعجلين ، عشان يبي يرجع لديرته اليوم .. بيني وبينك يا عز هالموضوع ماهو بهيّن ..وهالبنت كانت بتموت بين يدين ولد عمها لولا فزعتي ، كانت بخبر كان .. لذلك أستعجلت ولكن حط ببالك إن البنت شرِيفة وبنت قبايل وكفو ولاعليها كلام .. البلاء باهلها وتفكيرهم
عبدالعزيز كان يناظر لسند وطريقة كلامه ، وفزعته لبنت ما يعرف عنها سوى إسمها .. أستنكر الموضوع بالبداية ولكنه تنهد وهو يتمنى إنه أختار الخيار الصحيح رغم إنه مافهم أساس الموضوع : كفو وعدّاك اللوم يا سند .. وخطوتك ذي تدل على النخوة اللي ما تخفى على أحد
أبتسم له سند براحة ثم ألتفت وهو يشوف سعد وسعود يوقفون بسيارتهم اللي مزيّنها بالورد ، نزل سعد وبيده البشت وهو يوقف جنب سعود ويقولون : عريسنا يابدر بادي .. دامت لياليك السرور
وعريسنا ياعطر زاهِي.. نخرق بها عين الحسود
ضحك سند وألتفت لعبد العزيز اللي قال : ولو إنه زواج مستعجل ، ولكن لازم تعيش يومك .. وقلت مالها الا سعد وسعود
قرب سعود وهو يسحب سند من جنب عبد العزيز ، وسعد ألتف من وراه وهو يثبت البشت على كتفه ، بينما سعود نسّف شماغه وعدل عقاله
وسط إبتسامة عبد العزيز ، وفرحة سند فيهم وبحضورهم .. كونهم قدرو يغيرو جوه بلحظات
وأم سند تناظرهم من الشباك ..وبعيونها الدموع
كانت تتمنى تزفه مثل كل أم .. وتلعب بفرح بزواجه ، ولكن ما بيدها شيء ..
-
-
{بيت أم سعد }
ألتفت حياة وهي تمسك أطراف فُستانها الأبيض وهي تضحك على تعليقاتهم
الجادِل قالت بإبتسامة مليانه راحة ، بعد ما لاحظت الفرح على وجه حياة : حلوة حلوة .. مِثل الحياة
أبتسمت وهي تناظرها بإمتنان لكلمتها ، وألتفت لأم سعد اللي تمسح دُموعها بطرف شِيلتها ، أقتربت وهي تتنهد وتبوس رأسها : وش صار ياخالة .. تونا نضحك
أم سعد اللي ناظرتها وقالت : دموع فرح يشهد الله .. ولاناقِصها شيء .. ضاربين بكل الناس الجدار دامنش سعِيدة هاللحظة
منى وهي تأشر على الفستان وتقول : حياة تلبس فُستان من شغل يدك ياخالة حرام تكون حزينة وهو يكسُوها
ضحكت بخفوت حياة وقالت : الله .. فعلا كلام منى صحيح ، ما يصير الحزن
وبين سوالفهم وضحكهم .. ورقصُهم وطربهم اللي كان بعد قرار إنه ما يمر هاليوم مرور الكرام ، ولو إنه جاء بغتة وعلى حِين غُرة إلا إنهم فعلاً ملو الحزن .. ودامهم عدو سالفة أهل حياة بالراحة هذي .. ما تركو للحزن مجال !


ولِتوثيق هاللحظة المُميزة .. إتجهت مُنى للدرج وهي تِسحب الكامِيرا ، وترتب الورق فيها ، ومشت على طُول وهي تناظرهم بإبتسامة : يلا حياة .. مستحيل تُمر هالذِكرى مرور العابِرين
أبتسمت حياة وفعلاً بدأت تأخذ وضعِيات للتصوير .. وبعدها أجتمعو وأخذُو لهم صور سوى .. ومع أم سعد
-
-
{ شُروق }

اللي كانت طالعة من بيتها .. وبيدها شنطة ملابسها وبيدها الثانية مثبتة سند اللي كان كل شوي يِفلت منها ويحوس بالمكان ، من وقفت برأس الشارع اللي بنهايته بيت سند ، حتى زار مسامعها صوت صاخِب لزفة عريس ، أستغربت الموضوع ولكن ما أهتمت وهي تلتفت تبي تدخل البيت ، ولكن أفلت سند الصغير يدها وهو يركض ناحِية الصوت وهي صرخت : سند تعال قبل أجيك !
ما سمع لها وكمل طريقه وهي عصبت وتركت شنطتها وهي تمشي وراه بعصبية
وما إن وقف على مقرِبة من وقوف الرجال الأربعة .. واللي يحيطون بشكل دائري على شخص يكسو ثوبه الأبيض بِشت أسود ولا بان وجهه ، إلا لما أقترب سند الصِغير منهم وهو يقول : الشيخ عز
ناظره عبد العزيز بإستنكار من هالطفل اللي ما تذكره ، بينما سند من لمح وجهه حتى عرفه وميّزه على طول ، وقبل ما ينحني ويأخذ ولدها بين يدينه حتى رفع عيونه وهو موقن إنه بيشوفها بمكان ما ..
لحظة تلاقِي عيونهم ببعض .. نظراته الهادية تِجاه نظراتها المدهوشة
حتى طاح كل العتب بقلبه ، وأنتهت كل فصول الحزن
ولا باقي بقلبه .. أي ذِكرى عابرة لشخصها .. ماكان يدري وش السبب ولا وش المغزى من هالنظرة اللي نِسفت كل اللي فات .. ولكنه كان موقن إنه لو لمح هالنظرات بعيونها من قبل .. كان بينتهي كل شيء
وهذا كان لقاءهم بعد خمس سنين علِيلة على قلبه .. اللقاء الأول والأخير واللي وضّح كل الخربشات اللي على عُيونه .. وصار واضح الرؤية لمشاعره .. أيقن إنه باللحظة هذي تجّرد من شُعوره ، وصار سند حاف .. دون ينذكر الشروق بأي تفصيلة له
أبتسم بغُرور وهو يبعد نظره عنها وأنحنى وهو يأخذ ولدها بحضنه : هلا بسند الصغِير ، وش تسوي هنا
سند الصغير كان يلتفت ويناظر للمكان بلهفة وطُفولية : سمعت الصوت وجيت ، الشيخ عروس مرة ثانِية
ضحك سعد وقال : ضاعت هيبة شيخنا بسبب هالغرير ، لا مهب عروس .. سند العروس أبشرك
ناظر سند بطرف عينه وسعود ميّل شفايفه وقال : الود ودي أعرف وين أبوه الخسيس عشان نذبحه ونرتاح .. مسّود الوجه
عبدالعزيز ناظر لسند الصغير ثم ناظر لسند .. وتأمل ملامحه للحظات وهو يقّيس مشاعره ، وينتظر يمر الحزن لمعة بعيونه ، ولكن من لاحظ إن تصرفاته طبيعية ، ولا تمِيل للحزن أبدا حتى تبّسم براحة وهو يأخذ سند الصغير ويحّب خده وهو يقول : سبحان من جعل هالصغير غير عن أبوه
سند الصغير أبتسم لعبدالعزيز ببراءة ، وهو نزله على الأرض وهو يقول : يالله .. إرجع البيت بسرعة
تأفف وهو يناظره ويبغى يبقى عندهم ، ولكن ألتفت وهو يناظر لأمه اللي تأشر له يجي ، وعلى طول ركض لها ولكنها من مسكت يده ، مشت خطوتين لورى .. حتى أنهارت وهي تبكي بكل قوتها ، ماكانت تظن إن هاليوم بيجي ، ولو إنها تحرم على هالسند وصارت لغيره ، وهو من حقه يشوف حياته .. ولكن بقلبها سيل من الغضب كونه وأخيرا قدر يتحرر منها ويعيش لنفسه ولحياته
كانت تقول مستحيل ينساها ، وراح يظل طيفها محاصره طول حياته .. وراح يبقى ينتظرها طول العمر ، بدون ما يفكر بالإرتباط بغيرها
ولكن كل تفكيرها أنهار على رأسها وهي .. كانت تظن إنها بتبقى طول حياتها هِناك سوى كانت معه والا لغـيره ! تشوف البِشت على أطراف كتفه .. والضحكة على ثغره ، ونظرات عيونه اللي كانت خالِية تماماً من وجودها ومن طِيفها ، ومن الفرحة اللي تحيط فيه ، أستنكرت هالزواج اللي جاء بغفلة ولا صدقت وهي تمسح دمُوعها بعنف وتمشي وبيدها سند الصغير ، ومبعده تماماً فكرة إنه تخلى عن وجود طيفها معه
-
ألتفتو كلهم لحضور حاتِم اللي وقف على طول وهو يناظرهم بهدوء وبقلبه مليون شعور ..
‏طوال فترة بُعد حياة عنهم كان يتمنى أنها ما تتقاطع طرقهم مرة ثانية .. يتمنى أنها تبقى بخير بعيد عنهم كونها لأقتربت خطوة منهم ودّعت حياتها ولكن من ظهرت على شاشات التلفزيون حتى خابت كل آماله وهو يسمع ولد عمه ‏يتكلم عن ظهورها وإنه بيبدأ يبحث عنها .. حتى شد حزامه وتبع خطاه ‏خوفا من أن فعلا يذبحها ، وبعد ما لقاها صدفة بشوارع الجنوب ، حتى بدأ يصارع الصدمة ‏.. صدمة لقاها بعد ست سنين غياب وحضُورها بهالوقت بالذِات .. ولو انه ترك ولد عمه يسوي اللي بخاطره لأجل ما يتهور بعدها .. ولكن بحضور سند وكلامه عنها ودفاعه عن أخته حتى كِبر بعيونه ، ووافق دون تفكير .. لأن كل اللي كان يبغاه .. تِبتعد عنهم عشان تكُون بخير

ناظر لأخويا سند .. وسند اللي متوسطهم وقال بهدوء : السلام عليكم
رحبو به وردو عليه السلام بطيب خاطر .. عشان سند
وهو رد عليهم وقال بعدها : مستعجل .. خلنا نخلص بسرعة
هز سند رأسه وهو يقول : الشِيخ بالمجلس مع الوالد .. حياك !
مشى وراه وعبد العزيز وسعود وسعد ماتركو سند لحاله أبداً ..

من أنتهت لحظاتهم حتى سمعُو دق الباب .. اللي على إثره مشت أم سعد وهي تِفتحه .. ومن لقته سند حتى تلثِمت وقالت : مبروك يا بن فياض
أبتسم سند وهو يلتفت لها : هلا بأم سعد .. الله يبارك فيك
أم سعد : زين ما أخترت .. حطها بعيونك تراها بمنزِلة بنتي .. لا يمسها سوء من طرفك وأنا أمك تراها على إسمها .. حياة لكل شخص يعيش معها لا تحكم عليها بالذبول
أبتسم سند وهو يهز رأسه : على خشمي وفي عُيوني ياخالة
ألتفتت أم سعد ودخلت للبيت ، وناظرت لحياة اللي تلبس عبايتها ، أشرت لمنى تِشغل المسجل الصغِير وقالت بصوت عالي : العروسة ما تطلع من بيت أهلها إلا بزفة تلِيق بمقامها
ضحكت منى وشغلت المِسجل على أعلى صوت ، والجادل من حماسها قطفت رِيحان وورد من حوش أم سعد وبدأت تُنثره عليها ، وحياة تضحك من زغارِيد أم سعد ، ووقوف منى وراها وهي ماسكه فُستانها وتتمايل مع الجادل اللي مبسُوطة من ضحكاتهم حياة .. اللي كانت متجهزة ولابسة .. خرجت أم سعد قبلها عشان تفتح لها الباب وناظرتها وهي تطع وأبتسمت لها وفسحت لها الطرِيق وهي تخرج من الباب .. ومن طلعت حتى فتح لها سند الباب وساعدها تِركب
زغردت لهم أم سعد ومازال صُوت المسجل على عُلوه .. وسط إبتسامة سند الهادية وشعور الإمتنان طغى على قلبه لـ العجوز اللطيفة .. اللي مارضت يمر الحزن بقلوب بنات لجئو لها وبعدها ركب السيارة .. وشغلها وهو يقول : أول شيء .. مبروك وعساه خير لي ولك .. وبعدها ، عقدنا النِكاح .. وأخوك رفض يبقى أكثر طلع لديرتكم على طول
هزت رأسها وقالت بخفوت : الله يبارك فيك
بعدها شتت نظراته عنها وهي تسند نفسها للشباك .. والغصة بحلقها .. كيف قدر يروح دون وداع حتى ؟
بينما سند مشى بلامبالاة وهو .. يناظر للشمس اللي على وشك الغُروب .. أخذ منهم الزواج يوم كامل دون ينتبهون ولكنه ما ينكر إستمتاعه
ماكان يظن بيوم من الأيام .. إن يوم زواجه بيعدي بهاللطف وبهالسلاسه واليُسر .. حمد ربه
-

وبينما الجادِل تجهز نفسها عشان حُضور عبد العزيز حتى جلست منى وهي تناظِرها بهدوء ، ومن تِنهدت حتى ألتفتت الجادل بإستغراب : وش صار ؟
منى وهي تشتت نظراتها بضِيق ، من خلو حياتها منهم بنفس الوقت .. ولكن اللي مضيق عليها أكثر .. أفكارها اللي أجتاحِتها قالت بعتب : الجادل ما ودي أضيق عليك بس تخيلي .. لو ماكان هالشيخ عبدالعزيز .. لو كان شخص غيره ! لو أنتهى الحلم وصار كابُوس ، أنا مقهوره منه .. لأنه وافق على شخص غيرك وأنتي على رجال غِيره .. لو ماكان الحظ بصفكم وكنتم لناس غير .. وكان الحزن حلِيفك لباقي حياتك
عقدت حواجبها وكان غايب عن بالها تماماً النظر للموضوع من هالجهة .. ما ناظرت له من هالزاوية أبداً ، السعادة اللي كانت فيها كانت مخليتها غافِلة عن هالعِتاب .. فعلاً هو وافق على شخص غيرها وهي بنفس الوقت كانت لشخص غيره ومجرد حُضور الفكرة ببالها حتى أنهال عليها الحزن من كُل مكان .. ونظرِتها اللي كانت مليانة فرح صارت رتِيبة وباهِتة .. ولكن ما أسعفها الرد
من سمعت صوت سيارة عبدالعزيز ودق الباب اللي أعلن حُضوره .. سلمت على مُنى بعشوائية وودعت أم سعد ، وخرجت وهي تركب السيارة وبقت بهدوءها طوال الطرِيق .. في ظل إستغراب عبدالعزيز ولكن أحترم رغبتها بالصمت ، وماعلق على هُدوءها ، ومن وصل البيت حتى لقى هادي ينتظره ويخبره عن وجود ضُيوف له ، نزلت هي على عجل ودخلت للبيت وهو عقله عندها .. ولكنه أتجه للمجلس كرامةً للضيوف
-
-
{ حياة وسند }

من دخلت البيت .. حتى لاحظت نظرات أم سند المُستنكرة لها .. تنهدت بضيق كونها بتدخل بصراع مع أم هالشخص .. وهي بغنى عنه ولكنها لاحظتها تتقدم وتِبارك لها بهدوء غرِيب عليها ، ومن لاحظت وجود سند جنبها حتى توقعت إن هالسلام جمالةً لولدها سند .. دعت تعدي هالليلة على خير .. كونها شخص تحمل فوق طاقته .. وحاول يعيش السعادة قدر المُستطاع ولكن لامفر من الحزن في حياتها .. من دخلت غُرفة سند حتى فسخت عبايتها بعشوائِية وتركتها على حافة السرِير وهي ترجع يدينها خلف ظهرها .. وسط نظرات سند اللي فهم توتُرها ، وزع نظراته على شكلها الهادي .. وفستانها البسِيط الساتر جميع أطرافه .. ومن تلاقت عُيونه بعيونها حتى أرتشعت أجزاءها بحياء غرِيب عليها .. وبتوتر ماعاشته أبداً
كون هاليوم جاء بشكل غريب .. وعلى نحو مُثير للشفقة بالنِسبة لها
عقدت حواجبها وهي ترفع عيونها وتِناظر له وهو يتكلم بهدوء : عندي علم .. إن هالموضوع خارج عن إطار إرادتي وإرداتك .. ولكنه تم عشانك
وعشان شخص مثلك .. حرام تُسلب حياته منه
عندي علم إنك متوترة من وُجودي .. وودك بالنُفور وعدم الإقتراب مني .. لأنك تجهليني وتجهلين من هو سند .. ولكن يا بنت الحلال أنا أعطيك عهد مني ، ما أتعدى الحُدود بيننا أبداً ولا أقرب بمقدار كف منك ولا أجيك.. ببقى بعيد منك خطوة وثنتين وثلاث .. ولا أقرب صوبك و جنبك أبداً .. لين ترضِين أو تترتب حياتك وتنزاح من عينك هالنظرات .. عهدٍ عليّ وعهد بن فياض ما يخلِفه .. خليك متطمنِة .. إني خذيتك عشان تكُونين بخير ماهوب عشان تعيشين هالتوتُر من جديد خليك بعيدة عنِي .. وماني بمقرب منك أبداً

ناظرها بهدوء وهو يلمح الدهشة بِنظراتها .. ولكنه أبتسم وهو يفسخ بشته وشِماغه .. ويمشي من جنبها وهو يقول : خُذي راحتك .. بطلع لحظات لين تبدلين .. ثم برجع عشان هلِي
طلع من الغرفة .. وهي جلست على السرِير وهي تمسح على وجهها بضِيق .. حياتها محتاسة .. وقدرها مجهُول ، حتى الشخص اللي أرتبطت فيه وكانت تِظنه خلاصها وطُوق الأمان لها .. ماكان إلا سِلم للنجاة حتى توصل للوجهة .. والآن طاحِت بنفس الدوامة .. وبنفس الشعور اللي تصارعه بكل حياتها
-
-
{ الجادِل }

كان وجودها بالغرفة كاتِمها .. ولا قِدرت تتحمل مُكوثها فيها .. أخذت شالها الهادي وطلعت وهي تِتمنى ما تلتقي بأحد من أهل عزيز .. وفعلاً وصلت للحديقة اللي تعرفها وتطمنت وهم غايبين عن ناظِرها
ولكن لفت إنتباهها صوت صهِيل عالي .. حتى قادتها أقدامها بإتجاه الصوت .. ومن وقفت قدام الإسطبل حتى ظهرت جدِيلة وهي تترنح بمشيتها وتتمايل بهدوء .. أبتسمت غصب عنها
كون هاللِقاء يُعتبر الأول لهم سوا .. وأقتربت وهي توقف جنبها ، رفعت كفها وهي تِتمنى جديلة تبقى مكانها ومن مسحت على شعرها بهُدوء وبقت جدِيلة مكانها حتى أتسعت إبتسامتها بِبهجة : وأخيراً اللقاء المعهُود يا جدِيلة .. وأخيرا إجتمعنا بنفس المِكان

جدِيلة صهلت وأبتعدت عنها وهي تُدور بالإسطبل .. والجادل وقفت على أعتاب السُور وضمت يدينها لِبعض وهي تناظر لـِخطوات جدِيلة وهي تتمنى فعلاً لو تِغادرها هالأفكار .. لامت مُنى على تفتيحها لعيونها للمُوضوع وتمنت لو بقت غافِلة عن هالعِتاب طوال حياتها ولا ناظرت للموضوع من هالجِهة .. تنمت لو بِقت جاهلة .. والسعادة عاميه عيونها من كل الجِهات ..
تنهدت لما تِرقرقت دُموعها غصب عنها وأمتلأت محاجِرها بحرارتها .. تِمنت لو هي قوية قلب .. لأجل ما تهزها مُجرد فِكرة !
ولكِن من وين بتلاقِي القوة لفكرة مثل هالفكرة ! ولو إنها عدت لكن الحزن أتخذ قلبه من مرورها .
أشتد الهواء .. لما أعلنت الشمس غُروبها وبدأ البرد يحُيط بأنحاء الخُسوف .. وهي باقي على وضعها وتناظر لجدِيلة بِضيق .. دون وعي منها وتعاصِر أفكارها بقوة !
-
-
{ عبد العزيز }

من إنتهى من مجلس الضُيوف .. ولبى طلباتهم ووعدهم يتكفل بالموُضوع اللي جايين عشانه ولا يصير خاطرهم إلا طيب .. حتى وقف بسرعة وهو يطلع من المجلس ،
طوال الوقت وهو على نار .. فِكره عندها ، وبباله يصارع شُعوره معها .. وش سبب ضِيقها ؟ ولو إنه رد على ضيوفه بالرد المُناسب إلا إن تفكيره بعيونها اللي مليانه ضِيق
دخل الغُرفة ولما ما لقاها ميّل شفايفه بإستغراب
ولكنه سحب الفروة من جانِب الدرج الخشِبي وحطها على كتوفها بعجل وهو يطلع من الغُرفة .. ويوزع نظراته للبيت يدور عليها
ولما ما لِقاها بمُحيط عُيونه حتى توجه بخطوات سرِيعة لحديقة الورد مشى وهو يدور عليها وأستغرب غِيابها حتى هِنا .. ولكنه رفع رأسه على صوت صهِيل جدِيلة اللي خلاه يمشي بإتجاهها على عجل .. وبينما هو يمشي حتى وقف بمكانه .. وإبتسامة عذبة تعلُو وجهه وتزِين ثغره
جدِيلة تتبختر بمشيتها .. وتترنح وهي تلعب بُخطواتها بالإسطبل .. والجادِل واقفة على سُور إسطبلها .. ونظراتها تراقِب خُطوات جدِيلة .. ولا كان فيه منظر قادر يآسره باللحظة ذي
غير منظرهم سوى . . جدِيلة والجادِل
أقترب من وراها وهو يفتح ذِراعه ، ويرفع طرف الفروة وهو يحاوط كتوفها ويقربها ناحِيته بكل حنية حتى أحتضنها كلها بحضنه ومن حست بحُضوره حتى أرتشعت أجزاءها وأنتفضت كل خلاياها .. وزادت ضِيقتها للضِعف
كون حضوره خلاها تِنتفض أشد من حُضور البرد ، باغتها همسه الهادِي وهو يقول : البرد يكسر ضُلوع يابنت عناد .. وش اللي موجع قلبش .. لأجل تنسين نفسش بحضُوره


عضت على شفايفها وهي تمنع دُموعها من النزول .. هي ضعيفة من ناحِيته .. شلون لامنها فكرت بأن شخص غِيرها كان بيحظى بدفء هالحُضن ؟
أستغرب سُكوتها وأبتعد وهو يشيل الفروة من على كتفه ، ويثبتها على كتفها .. ثم ألتفت وهو يوقف قدامها .. ومن لمح الدُموع على خدها حتى عقد حواجِبه وعدل وقفته وهو يمسحها بضيق : علمتش .. أنا وياها ما نِجتمع كأنش تبينها تبقى معش .. عطيني علم لأجل أروح !
ومن ماردت عليه حتى ألتفت لجدِيلة وكان بيمشي لها ولكن يد الجادِل كانت سبّاقة ، أحتضنت كفه وسحبته لها وهو ألتفت على طول وتأمل نظراتها الخايفة والمذعُورة ، عض على شفايفه وأقترب وهو يتنهد وحاوط كتفها : أجتمعنا .. وصرتِي في ظلي قريبة بين كتفي وذراعِي .. ماباقي للحزن بيننا مكان .. ليه الضِيق ؟ وليه الدموع مانيب فاهم !
قالت وهي تناظره بعتب وترمش بضيق : لو كان شخص غيري .. لو ماكان الحظ بصفنا وكنت لغيرك ..
نزلت دموعها بضيق : أنت وافقت على شخص ماتدري من هو ، ورضيت تصير على ذِمتك بنت غيري !
كان يتأمل نظراتها ولمعة عيونها .. نبرة صوتها والرعشة اللي تتخللها .. رجفِة شفايفها وإرتباكها .. تارِك لها حُرية العتاب .. والتعبير عن اللي بقلبها
كونه شخص كان لام أطراف الموضوع من البِداية ولاخفى عليه شيء .. مثل ماخفى عليها هالعِتاب !
ولكن لأنه مّل .. مل كثير من حياة خالِية منها
ومن حياة هي فيها ومليانه عتب وحزن .. قرر إنه يتجاهل الموضوع ، وينفيه على رف مهجُور ، وبما إنها ما فتحته كان الوضع بصالحه .. ولكن الحين
لما بدأت تعاتِب ، على قَبول كل شخص منهم لشخص غير .. ولحياة ما ينتمون فيها لبعض
ولا خُفي عليه حزنها اللي كسى كل ملامحها .. ترك لها المجال لحتى تفضي كل مشاعرها الحزِينة واللي أنهكتها بساعات قليلة .. كونه شخص يشتري رضاها براحِته .. وشخص يبيع فرحه لأجل ما يشوفها حزينة
أوجعه ولو بالشيء القليل عِتابها لأنه بمحله .. مع ذلك مارد وبقى يناظرها بهُدوء تكسوه الحنِية الغير مشروطة
ومن أنتهت وناظرته حتى غِرقت عيونها بالدموع أكثر ، وصدت بسرعة وهي تمسحها عشان ما يروح
ومن رجعت تناظر له ، حتى لقت على مُحياه إبتسامة هادية ، أستنكرت وُجودها
بينما هو رفع يده وهو يتسلل بأطرافها لناحِية شعرها ، ومن بدأ يمسح على رأسها بلطف حتى تبِعته نظراتها وتساؤلاتها عن حركاته الغريبة بعد فصل العِتاب الطويل
تبسّم وأقترب منها وهو يسترسل بكلامه ويقول : العتاب ما بينتهي يا حمامة ، لو بنجلس نعاتب بينتهي العمر ميّر أنا شخص يبي عمره ينتهي على حب ، ومودة ولهفة وحياة تخلو من هالشعور ما خفى عليّ حرارة هالفكرة ، وكونها تمر من عقلي مرور بس .. تخلي الرغبة في حرق قبيلة هشيمان في كبدي ، ولكني متناسي ذا كله .. وتارك هالعتب كله ، لأنش صِرتي هنا .. معي ولي ولا لأحد فيش نظرة ولا كلمة ولا حتى طرف إصبع
هالحضن مُحرم دفاه على شخص غيرش .. إتركي الزعل وخلي العتب على قلب يحيَا في إبتسامتش
ومن بعد يده عن شعرها حتى بدأ يمررها على أطراف خدها ، وهو ينقل نظراته لِـ وجهها المُحمر وعيونها اللي تشتتها للمكان
فتح كفه وهو يقول : إن كان رضيتي بكلامي فحطي كفي بكفش ، وإن بغيتي تلعبين بقلبي فالشكوى لِله
.. قد قلت لش إنش فجري العذب ، وكل شيء يجي منش أستلذ بعذوبته ..
سكت وهو يناظر ليدها اللي تِسللت من طرف الفروة وأحتضنت كفه وهي تِشد عليه وهي تشتت نظراته للمكان بشكل عشوائِي
أبتسم بضحكة وهو يتنهد براحة ، كون هالعتاب أنتهى هنا ، وكونه بكلامه يقدر يطبطب عليها ويرضِيها
ألتفت لحضور جدِيلة ووقوفها على مقربة كبيرة منهم ، وصهِيلها العالي اللي أعلن حُضورها
تبسم وهو يقول : جدِيلة .. حمامة عزيز هِنا والشخص اللي بقيت أكابِد في غياهِب غيابها .. وأتخيلها حلم لسنين طويلة صارت هنا ، واقع وملموس .. أنتي سعيدة من سعادتي !
ما تحركت جدِيلة بينما هو رفع صوته وهو يناديها بنبرته المعهودة عليها : جدِيييلة
وهي صهلت وهي ترفع حوافِرها عن الأرض وسط ضحكته ، ألتفت وهو يناظر للجادِل اللي تناظرها بإعجاب بينما أبتسم وقال : يستحيل أرضى يخرب صفو أيامي بسب مشاعر عابرة
تعالي .. وقفي جنب بنتي اللي شاركتني كل مشاعري معش
أبتسمت بضحكة من كلامه وهو نط من على السُور وهو يأشر لها تقرب ، قربت بإستغراب وأنحنى بجسده العُلوي وهو يحملها بين ذراعه وسط صدمتها وإرتباكها من حركته المُفاجاة ، ناظرها وهي متقلبه بين حُمرة الحياء والخجل وأتسعت إبتسامته وهو يباغِتها بكلامه : أعجبش الموضوع ؟
كشرت وهي تفك نفسها منه وتلتفت بحياء للمكان خوفاً من أحد موجود .. ولكنها أرتاحت إن المكان خالي


مسك الرسن وهو يثبت جدِيلة وقال : بنتي عنيدة يا حمامة .. ومتخيّرة ، ولا ترضى كائن من كان
تخصرت وهي تقول : والله .. مستكثرين علينا هالجلسة ، ومغرورين بهالشكل الكارِثي ليه ؟
ضحك وهو يمسح على شعر جدِيلة ويرفع كتوفه بلامبالاة : يحق لنا .. ولا فيها كلام ؟
ناظرته للحظات ثم تبّسمت وهي تهز رأسها بإيجاب : سنتين وأنتم بمحط أنظاري .. وأتمنى أكون ثالثكم .. يحق لكم حد التباهى بالغرور
أتسعت إبتسامته من كلامها وناظر لجدِيلة وقال : بعد هالكلام ، عيب م تنحني لها .. ولا ؟
ما تحركت من مكانها وهو أبتسم وهو يأشر لها تقرب .. ناظرته بتردد للحظات ، ولكنها سُرعان ما أقتربت من جدِيلة ومنه .. وهو ثبت الرسن بِذراعه وهو يمسكها من أطراف خصرها ويرفعها لين أعتلت ظهر جدِيلة .. أبتسمت بفرحة وهي تشوف جدِيلة ثابِتة ولا هاجت .. أو ثارت بسبب ركوبها
وعبد العزيز مبتسم من وضعه معهم .. تارة ينقل عيونه لها ، وتارة يثبت الرسن ويمشي بها بأنحاء الإسطبل وهو مستمتع بضحكتها اللي تتعالى من فُرط سعادتها .. بإجتماعها .. وركوبها الأول مع جدِيلة
-
-
{ فهِيد }

كان تاكي على المركى بمجلس خاله الشيخ .. ويوزع نظراته على المجلس الخالي منه ومن خاله .. والهموم ترمي به من فكرة لـ فكرة .. خسر أشياء كثير بسبب أنانيته وحِقده ، وبأفعاله ما حد أنهار سواه .. بينما الكل فاز
بدأت العِتابات تتوالى .. وأكثر شخص هو شارهه عليه " نفسه" كان شارِهه كثير والعتب ماهو بقليل لأنه بدأ يحسب حساباته .. بدأ يستوعب وش سوى بحياته .. طمعه لشيء مو له ، خيانته لأهله ، غدره لأخوه .. كان ضريبتها خسارة أهله وقبيلته .. وبقاءه لحاله طول عمره ، بدون سند .. بدون أخوان
مقطوع ذكره .. لاحد يذكره ولا احد يجيه ويسأل عن حاله من رجال قبيلته
بينما كان بإمكانه يرضى بالمقسوم .. ويبقى عزيز نفس ورأسه مرفوع بدون أفعال الردييّن .. ولكن يبقى العتب القليل على أبوه .. اللي ما أعطاه الموضوع من نهايته ، ولا وضح له أسبابه بإنجذابه لعبدالعزيز .. لا يخفي حزنه اللي اعتلاه بليلة التنصيب وإن من قوة ضِيقته دموعه هلت ونفسه ضاقت .. ولكن بعد جهد جهيد ، رضخ للأمر الواقع وأستسلم ورفع رايته البيضاء تجاه الخسوف
رفع عيونه وهو يشوف ناصف يجلس جنبه وهو مكشر ، تأفف وهو يعدل جلسته وناصف ناظره بحدة : إية خلك كذا .. خلك دائماً بوجه الغروب ، في ذمتي ما تشرق عليك الشمس أبداً وأنت غشيم وعقلك ماهو برأسك
تنهد وهو يحط يده تحت ذقنه : أنا اللي خسرت الكثير ، وأنت اللي محترق .. فهمني وش عليك من الموضوع كله ؟ عشان هالعصبية كلها
ناظره بطرف عينه وهو يقول بغيظ ويأشر على ذراعه : راحت ذراعي يا فهيد ، أصبحت محط سخرية للكل ، والكل يهزأ بي بسبب فعلة الخسيس .. واللي حارق كبدي إنه ما يصيبه ضر ! قتلو رجال ونهبو حياته .. ويوم قلت راحو ضحايا فعلتهم ، ازدانت الدنيا لهم وأرتبطو بقبيلة هِشيمان وأخوك اللي كنا نهادد على الشيخه عشان ما يأخذها .. خذاها غصب عني وعنك ، وصار الشيخ عبد العزيز بعد ذا كله ، ما يحق لي أصير شعلة نار وأحرقهم ؟
وزع نظراته للمكان وتنهد من خاله اللي مستحيل يتعدل
واللي بيبقى أناني وخسيس طول حياته .. وقال مجارياً له : وش ناوي تسوي ، ومن اللي بتحرقه ؟
أبتسم بهدوء وهو يسند ظهره للخلف :كلما ظنو إني ركدت وبرضى باللي صار بنفس هادية رجعت لهم وحرقتهم بشكل أقوى .. ولكن هالمرة راح أجيهم من مكان يجهلونه ، ماراح تسمع الا الخبر يا فهيّد .. ترقب
ميّل شفايفه وهو يتنهد ويوزع نظراته على جلسة الثقة لناصف وهو يوقف ويستأذن من خاله الشيخ ثم توجه لبيته ، تارك ناصف يغرق بـ أفكاره الغريبة !
-
-
{مُنى }
كانت جالسة بغرفتهم .. وعيونها على شباك الجادِل
تلتفت يمين ويسار .. تدور طيفهم عندها تمنت لو رضت عليهم الأقدار وبقو سوى .. بنفس المكان ، ولا يفرقهم أي ظرف
نزلت عيونها ، وهي تناظر لُصورهم اللي ألتقطتها أيام الجامعة .. والأيام اللي بقو فيها سوى
تنقل نظرة من هالصورة لـ هالصورة .. وتِتذكر الذكريات اللي مرت فيها ، والضحكات اللي كانت مُوثقة بالصور .. بدأت تحس بالوحشة ، ولوعات الفِراق بدأت تعطي مفعولها .. كونها أول لياليها بدونهم الثنتين .. وأول مرة راح تبقى بمكان بدون ما تكون وحده منهم معها
لمت أطراف يدينها لها .. تتفادى وحِشة الفراق
ولكن هيهات ، بدأت دموعها بالنزول بشكل كارِثي وقلبها بدأ ينبض بشكِل كارثي .. كونها أطلقت العِنان لشهقاتها ، وسمحت لنفسها بتفريغ كل طاقِتها بالبكاء .. كعادتها



ما قِدرت تتحمل وحشة هالغرفة .. ولا وجود أطيافهم فيها ، وقفت وهي تسحب صورتهم الصباح سوى ، ومشت وهي تطلع من الغُرفة .. ألقت نظرة على غرفة أم سعد الصغِيرة .. واللي أم سعد نايمة فيها بتعب .. بعد يوم شديد الفرح
قفلت الباب بخفوت ولفت نظرها ناحِية البيت وهي تمسح دموعها بعشوائِية .. ومن طاحت عُيونها على غرفة سعد .. حتى تجرأت وساقِتها خطواتها على عجل إتجاهها ومن فتحت الباب .. حتى وزعت نظراتها على الغرفة تدريجياً .. أخذت نفس وزفرته بضيق وهي تدخل وتناظر للسرير .. تقدمت وهي تنسدح بهُدوء ،تركت صورتهم جنب رأسها وبقت تناظر للسقف وأفكارها توديها وتجيبها حتى غلب عليها نُعاسها وغطت بنومها العميق .. وهي مُمتنة لسعد على بقاء غرفته مفتوحة ، لأنها صارت تِحس إن بهالغرفة سحر عجيب .. يجذبها ويخليها ترتاح من بعد همومها
.
٠
بعد ما مرت أيام عديدة قرابة الأسبوعان .. طويلة وبغيضة على البعض ، يتخللها الضيق والحزن والمواساة الوحيدة لهم كانت " الُدموع " والمناجاة الوحِيدة كانت " يارب أعط الفرح لأمتك وأبعد عنها وحشة الشُعور والمكان "
ومرت على آخرين مُرور الكِرام .. لطيفة وعابرة ومليئة بالهدوء .. وآخرين مليئة بالمكائد .. مشبعة بالحِقد والغيرة ، وقلوبهم تِشتعل من سعادة الآخرين وتعاستهم !
بينما مرت على البعض مِثل" نسمة باردة" مثل هُبوب الجنوب وأمطاره العذبة ، روت كل الشوق وأزهرت بكل القلوب .. بدلت الذبول بالزُهور
وأحيّت قلوب هشِيمة وذابلة .. كانت مثل الغيث على الجدب .. والنُور بوسط العتم ومن بين طمأنينة أيامها اللي صارت معه .. والفرحة اللي بين كل ثانية والثانِية ، تعترف إن حياتها ما خلت من كلام حكمة ونغزات نعمة ورحمة ..
ماكان يهمها أبداً .. لأنها بوطنها وبالتالي ماراح تِسمح لأحد مرة ثانية يعكر صفو حياتها .. لا أفكار ولا أشخاص
لبست فُستانها العُودي وبأكمام سادة وبزم بسيط من ناحيه كفها ، ورتبت خُصل شعرها الأسود وهي تضع الشال عليه ، طلعت من الغرفة وهي تناظر بعشوائِية للبيت ، حتى ألتفت لبشرى اللي تمشي ناحيتها : صباح الخير
أبتسمت الجادل وقالت : هلا بشرى ، صباح الورد ..
بشرى شدت حزام شنطتها وأبتسمت بضيق وقالت : متى بترجعين للمدرسة ؟ أشتقت أشوفك هناك وتعطينا دروس كالعادة ، وأبي أتفاخر فيك قدام البنات
ضحكت بخفوت وهي تلعب بشعرها وقالت وهي تبتسم : قريب .. قريب جداً
رحمة اللي كانت تمشي بإتجاههم من سمعتها حتى رفعت حاجبها وهي تقول : بشرى .. بسرعة للمدرسة لا تتأخرين
بشرى ميّلت شفايفها وقالت : يالله بروح قبل أتأخر على هادي
هزت رأسها بطيب ، ومشت من جنب رحمة بدون ما تعطيها وجه ، وعلى طول توجهت لجدِيلة
كون عبدالعزيز هالفترة مشغول .. بين مجالس الشيوخ وأوقات التدريب وأمور القبيلة ، صار أغلب وقتها مع فرسه .. تمضيه معها وتتسلى مع المزن عندها ، وإن حضرت نسِيم تحب تجلس معها
بعد أول لقاء لهم إستولت على قلبها بسبب شخصِيتها اللي تفرض نفسها . . وإللي كانت قريبة جداً من شخصية عبدالعزيز . . . ومن قربت من سُور حديقة جدِيلة
حتى وقفت مكانها وهي تناظر لعبدالعزيز اللي جالس على أطراف السُور ومتكي بيدينه على فخذه وجديلة واقفه جنبه .. وشعرها الأبيض بين كفوف يديه يجدّله وهو يدندن معها
أقتربت منهم وهي تتخصر ، وناظرته بغِيرة وهي تضرب برجلها الأرض عشان ينتبه لحضورها
ميّل شفايفه بخفوت وهو يضحك ، كان منتبه لها من الأول ومنتبه لحركاتها العفوية واللي ألتفت لها بسببها وقال : هلا بحمامة عزيز
قوست شفايفها وهي تكتف يدينها وتقول : الفرس .. خذت كل الحب يا عزيز ، ما بقى للحمامة مكان
ضحك بخفوت وهو يناظرها ويتأمل ملامحها الغاضِبة ، أردفت وهي تقول : عندي علم ، كونك شيخ ماراح تبقى طول الوقت عندي .. ولكن يارجل لما تلقى لك وقت تروح لجديلة وتتركني ، والله عيب حتى شعرها جدَلته
سكت للحظات ثم رفع رأسه وأبتسم لها ، هذي كانت أول مرة يرجع البيت ويتجه للإسطبل قبل يجيها ، ولكنه يدري إن هالحساسية من إنه بقى خارج البيت ليلة البارح ، قال وهو يبتسم : إية زين تدرين ، ما يأخذني منش إلا الكايد والكبير مير يابنت عناد .. جديلة ما تنافسش بالحب
ميّلت شفايفها وهي تشتت نظراتها للمكان وهو لاحظ إنها فعلاً حست بغيرة ، وهالشيء أستنكره ... وشلون تغار من "فرس" ؟
تمتمت بِصُوت أقرب لِلهمس وهي تِناظره بهُدوء : خذ بعين الإعتبار ، ترى مانيب غيورة للدرجة هذي ، ولكن ما ودي بشيء يشغلك عني .. ولو إنها جدِيلة



أتسعت إبتسامته بضحكة ، وهو يلف عنها ويربط أطراف شعر جدِيلة ، ومن خلص حتى نط من على السُور وهو يوقف قدامها : مانيب مأخذش بعين الإعتبار ، لا والله إني بأخذش في عيني أنا
ضحكت من كلمته وهي تناظره ، إلين شافته يسحب يدها .. لـِ حديقة نسِيـم .. واللي من توسطوها ، حتى أنحنى بجسده للأمام وهو يبعد الشال عن شعرها ، ألتفت بسرعة وهي تقول : عزيز .. أخـ..
قاطعها بإبتسامة : أنا رجل يغار على شعرة من شعرش ، ظنتش لو عندي علم إن سعود في البيت بخليه يلمح شيء منش ؟ هزُلت
سكت لِلحظات وقال : سعود راح يغطي السِباق ، تعرفين اللي بيتأهلون فيه بيواجهونا بالسِباق الجاي !
رمشت بهدوء ، ثم أبتسمت وهو من لاحظ إبتسامتها حتى قرب وهو يمسك أطراف شعرها بيده ، وبدأ يجدله بهدوء .. وسط ضحكتها إنه فعلاً لمح غيرتها الغرِيبة ، ولا حب يكسر بخاطرها
كان يتأمل سواد شعرَها اللي بين أطراف يدينه ويتسائل "وشلون شعر يعذب يدينه ؟ "
مُهيب .. كهيبة لونه اللي يطغى على بِشت الشيوخ
ولا صابت هالهيبة إلا قلب هالعزيز ، اللي أستولى هالسواد على كُل قلبه .. وما إن أنتهى حتى سحب الجدِيلة وخلاها على كتفها وهو يتقدم قدامها ويبتسم : عسى هالخاطر الزعول .. رضى ؟ خبرش ، ما يهون علينا يزعل ولو بمقدار ذرة
سكتت للحظات ثم قالت : رضيت .. وفيه أحد أنت تداريه ولا يرضى ؟
ضحك بخفوت وهو يهز رأسه بإيجاب بينما هي أردفت وهي ترفع الشال على رأسها : ولكن الود ودي .. أعرف ليه لا جيت تكلمني .. تكلمني بصيغة الجمع . . أنا مفرد ياعزيز
جلس على نُص ركبة قدامها وهو يميّل شفايفه ويضحك بهدوء وهو يقول : بلاش ما تدرين .. إن اللي يحبش مهب بس عزيز
رفعت حواجبها بإستغراب وهو قال بإبتسامة : أنا أتكلم عن عيونه .. وقلبه .. وجوارحه .. عندش علم إن حتى أطراف أصابعه تِحبش ، وتبِي قُربش . . أنتي لو تدرين عن رجفتها لا مرت على جِلدش
قرب وهو يمررها على خدها : وتقولين ليه أتكلم بصيغة الجمع ، أنتي كثيرة على شخص واحِد !
ومن لمح إبتسامتها وتوردت خدودها خجل ودهشة من كلامه ، اللي كان ولازال المُتسع الوحيد لها من الحياة حتى برّد قلبه ، وكأن هالكلام الرِضا بعد الليلة الخالِية منه
كانت بتتكلم بس قاطعها ظهور أم سحابة اللي تقول بصوت خافت من حيائها : يا شيخ .. رجال القبيلة بمجلس الديرة ، يقصدونك
رفع يده وهو يقول : وصل العلم ، جزيتي خير
رجع يلتفت لها وهو يقول : كنتي بتقولين شيء ، وش هو ؟
وقفت وهي تمسك يدينه وتوقفه معها : لما ترجع ، الحين الرجال ينتظرونك
عبد العزيز قال بهدوء : ترى لش الأولوية ، علميني وش بخاطرش ؟
أبتسمت وهي تقول : مهيب مشكلة ، مهب ضروري هاللحظة .. لما ترجع أقولك
هز رأسه بطيب بدون ما يعارض ، وأبتسم لها بهُدوء .. وهو يمشي متجه للمجلس
بينما هي تنهدت براحة عميقة من وجوده .. لأنه رغم الإرتباطات اللي صار له ، والمسؤولية الكبيرة اللي على كتفه .. إلا إنها تحس إنه يتخفف من حمله معها .. وهالشيء كان يكفيها عشان تبتسم
٠
٠
{ حيـاة }
كانت منسدحة على السرير .. وتناظر بعشوائية
للسقف ، للتُحف ، للشُباك وهي شادة على قبضة يدينها بعُنف
الأيام الماضِية .. كانت هادية ولا فيها شيء يُستنكر عليه حياتها مع سند ، حياة خالية من كل الإرتباطات
وكأنها ضِيفة عندهم فقط لاغير ، كل الكلام اللي كان بينهم كان سلام . . وكيف الحال . . و سؤال عن حاجتها ، أو لو تبي شيء وهالشيء كان مضايقها .. لِسبب تجهله ماكانت حابه تقضي باقي فصول حياتها بهذي الطريقة الخالية من المشاعر ، ولا كانت تدري وش بيصير بعلاقتها معه ، وعند أي منحنى بتنتهي هالفزعة
ولكن مع ذلك علاقتها مع أهله كانت طيّبة ، لا تخفى إنها بالبداية أستنكرت علاقتهم .. ولا كانت وطِيدة وحلوة بسبب كلام الناس عن زواجهم المستعجل ، واللي خلاهم يشكون ويتكلمون عليها .. في ظل دفاع سند وقوله إنه اللي طلب الإستعجال وهالشيء اللي خلى أم سند تنفر بعض الشيء منها ، ولكن رغم ذلك ورغم حيوية حياة المعروفة عنها .. والطاقة العجيبة اللي تنشرها بالمكان
تركت أثر لطيف بقلب أم سند .. وخلتها تستلطف وجودها معها ، وتُعجب بها بعض الشيء
وبذلك قدرت تحسن علاقتها معها .. وقدرت تبني بينهم سلم للعلاقَة
ومن بين هالأيام اللي عاشتها معهم ، فاجأها طلب أم سند منها بتغطية وجهها .. كونها تخاف عليها من كلام الناس اللي بيمسّها ، نظراتهم
والأهم إنها خايفة عليها من الأذى ، خايفة يصيبها مكروه
كلام أم سند باللحظة ذيك .. كان له أثر كبير على قلب حياة ، لدرجة لان ومال عن شوره ، ولا فكرت إلا إنها تقبل بكل سهولة .. والسبب إنها ماعاشت شعور هالحنِية من قبل
وكأنها فعلاً طلبت منها هالشيء .. خوفاً عليها
لا يمسها ضر بغير حضورهم ..



تنهدت وهي ترفع رأسها من على المخدة وتمسح على وجهها بضيق .. من أمس تحاول تتخفف من العصبية اللي تصارعها ولكن هيهات
الكلمات كانت عالقة برأسها ، وكل حرف أنقال لها من ثغر شروق بقى محفور
لما أصرت عليها أم سند تحضر معها عِند جارتهم .. وحُضور شروق وأمها بنفس الوقت....
وفي ظل مللها من الجلسة اللي ماكانت من مودها أبداً حتى لفت بإستغراب لجلوس شروق جنبها ، بالبداية ما عرفتها .. ولكن شروق كانت مفصصة كل شيء فيها
من عرفت إن حـياة المذيعة اللي أستولت على حياة سند .. حتى ظهر بقلبها شعور غريب ، أستنكرته وحاولت تكتبه ، ولكن ما قدرت . . جهة من قلبها مجهولة تحترق من لما سمعت بزواجه وإنه فعلاً بذاك الصبح أنزف لعروسته !
قالت بإبتسامة تُخفي مغزاها : ماشاء الله ، مبروك يالمذيعة
رفعت حواجبها وهي تعدل جلستها وقالت : يبارك فيك يارب .. وش سر هالنبرة
شروق رفعت كُتوفها بلامبالاة وقالت : مهيب عن شيء ، ولِكني مستنكرة ، وجودك للآن معه . . كنت أحسبه صعب المُعاشرة
ميّلت شفايفها بعدم رِضا من كلامها ، ولا أهتمت لا لمقصدها ولا للمغزى ورى مبادرتها بهالحكي ، ولكن من قالت شروق بإبتسامة إستفزازية لما لِمحت عدم المبالاة بوجهِها : إسألي عن الشروق يالمذيـعة، يستحيل أحد يفلت من حُبـه
حتى وقفت حياة وهي تتنهد بإستغراب وبعصِبية مكبوتة ، ثم ألتفتت لأم سند وقالت بخفوت : ماودك نرجع ، صابني الملل ؟
هزت رأسها بطيب ووقفت وهي تلبس عبايتها ، ولما كانت بتطلع من المجلس حتى دخل سند الصغير وهو يركض لأمه .. قالت شروق وهي تبعد المركى من جنبها وتقول : سند الله يهدِيك ، تعال أجلس جنبي
رد سند الصغير بعدها وقال : طيب يمه
حتى أرتبكت حياة ، وبدأت نبضات قلبها تزيد بغرابة ، ولشعور سيء تمكن من قلبها
وقلب حياتها الهادية ، لحياة تمشي بها على الألغام
و تخطي بها على أفكار زادت الهم لأضعافه عندها
٠
٠
{ مُنـى }

كانت جالسة بحوش أم سعـد ، ومتوترة كون سواق المعلمات راح عليها ولا أنتظرها ، ولما كانت بتمشي لوحدها حلفت عليها أم سعد توقف حتى تجيب لها أحد يوصلها
منى للآن مستحية من أم سعد ، بعد ما قلبت البيت فوق تحت وهي تدورها .. وآخر شيء لقتها بغرفة ولدها
حست بالفشلة وتمنت إنها علقت نفسها بالمروحة ولا لقتها بهالغرفة بالذات .. ولكن أم سعد ما شرهت من لما أنتبهت لصورتها مع البنات جنب رأسها
عرفت إنها تعاني من وجع الفراق .. ومن دخلت أم سعد وهي تقول : يالله تعالي ، أرسلت عيال جارتنا يدعونه وذلحين هو ينتظرش
وقفت وهي تنفض التراب من على عبايتها ، وأخذت باقي أغراضها وهي تقول : والله ماكان له داعِي التكليف ...
قاطعتها وهي تقول : لا كلافة ولا شيء يابنتي ، هذا سعد ما بينش وبينه كلافات
ناظرتها بإحراج من كلامها ، وقالت : بروح معه لحالي ؟
أم سعد قالت : لا ماعليش ، خليت ولد جارتنا يركب معكم
هزت رأسها بطيب ومشت وهي تطلع من البيت ، وما إن وقفت عند باب السيارة
حتى ناظرت لولد جارتهم اللي ما تعدى الثلاث سنين بحضن سعد ، ويلعب بلحيته .. وسط ضحكات سعد العالِية
ناظرته بإستغراب شدِيد . . يعني من بين كُل الأعمار ليه أبو الثلاث سِنين الموجود ؟
بلعت رِيقها للحظات ، وكان هذا لقائِهم الثاني بس من حضرت للخسوف .. ومن أنتبه لها سعد
حتى سكت وهي فتحت الباب وركبت
تنحنح وقال بهدوء وهو يمد ولد جارتهم : يمديش تخليه عندش ؟ خايف إنه يحوس علي وأنا أسوق
ما تكلمت وأخذته من يده وهي تحطه بحضنها وتثبته بيدها ، ظلت صامته للحظات ، وتنقل نظراتها لِـ اللوحات اللي بكيسه جنبها .. تسائلت عن هالرجل ، اللي قضى حياته كلها بالفن
كيف مرت سِنينه لوحده .. في معزل مع لوحة وفرشاة
تجرأت وقالِت : قبل فترة مو طويلة ، لقيت لوحة مرميّة جنب الباب .. جاء ببالي إنها لك .. و إنك نسيتها أو سقطت سهو منك ، لأن هالفن مستحيل يظهر من شخص هاوي .. تركتها بغرفتنا لو حاب نرجعها لك والا أنا الود ودي تبقى عندنا ..



سعد كان مرتبك ، وكل اللي بعيونه تفاصيِلها كاملة من ضربة رجلها بالخِلخال ، لحتى شعرها اللي يتمرد وينتثر على إثر خطواتها .. لميلان خصرها وجسدها
وهي تتكلم عن لوحة .. بقى يرسمها ساعات طويلة
وكان موقن إنه ولاشيء قادر يغلب جمال رسمه
ولكِن من لمحها .. حتى غاب وهج كل الإبداع عن عينه
وصار طموحه للأعلى .. لصُنع من الله عجز يتخطاه
ويلقى اللي يطغى على جماله ، كان ولازال كلما سرح لقى وجهها قدامه .. ولو إنه شيء يحاول يحاربه ولا يلقاها بعقله ، إلا إنه ما قدر أبداً
قال بخفوت وهو يركز على الطريق : أبد .. دامها نالت إعجابش خليها تبقى معش ، يعز علي أخذ شيء وهو بخاطرش
سكتت وهي تبتسم من كلامه وناظرت للطفل اللي نام بين ذراعها ، عدلت جلسته وناظرت لسعد وهي تقول : عندك علم إني معلمة فنيّة .. بالتالي أنا وأنت نشترك في نفس الهِواية ، وبصراحة لما عرفت إنك رسام سُعدت لسبب أجهله
أبتسم وهو يرجع ظهره لورى ويمسك الدريسكون بأطراف يده وهو يقول : الله الله .. وأخيراً ناس يقدرون الفن والفنانين ، ليتش جيتي من زمان
بدال الصقل والسخرية اللي تصير من عيال هالديرة
قالت بإستغراب : يسخرون منك ؟ غريبة كنت أظن الخسوف يقدرون هالنوع من الفن
ضحك وهو يقول : والله ظنش مهب في محله ، أنا من كثر ما أخاف على لوحاتي ما أطلعها من سيارتي إلا لغرفتي .. محد يقدر الفن غير الشيخ عز على موعدنا أنا وياه لفتح معرض ونقش (نجمع) هاللوحات اللي هنا ونحطها فيه ولكني شخص حالياً متوقف عن رسم الطبيعة
منى قالت بإستغراب : غريبة ، رسم الطبيعة متوسع للنفس .. ما ينمل منه ولا تقدر توقف عنه
أبتسم بخفوت وهو يعدل طرف غترته : الوكاد إني لقيت لي متوسع غيره
ناظرته بإستغراب وهو أردف وقال : ويوم إنش معلمة فنيّة .. يعز علينا ما نعلق ولا لوحة من إبداعش ، شاركِيني يا منى
سكتت بهدوء .. مستنكرة نُطقه لإسمها والنبرة الغريبة اللي تخللته ، ومع ذلك ردت وقالت : فكرة مو بعيدة .. أكيد لو بيحصل .. فلي الشرف أشاركم
هز رأسه بإبتسامة وهو يناظر للمدرسة اللي صارت نصب عينه .. تضايق ، كون الوقت مر بسرعة وهو معها ولا حس بنفسه وهو يتكلم معها
عشرين دقيقة كان يستمع فيها لكل كلامها وهو مبتسم ، وخاطره منشرح
ولو إنه حتى ما رفع عينه وناظر لوجهها .. أو فكر نظره يتمرد عليه ، إلا إنه كان مبسوط بوجودها
لما وقف قدام المدرسة ، تركت الطفل على المقعد ومسكت الشنطة بيدها الثانية ، أستوقفها فضولها ومنى مو الشخص اللي تقدر تكبت هالفضول قالت : نسيت أسألك عن عمرك
قال لها : عشرين دقيقة
عقدت حواجبها بإستنكار بسبب رده وهو أبتسم بخفوت وبقى ساكت وهي ميّلت شفايفها بإستغراب لما ماعد تِكلم وهي تأخذ باقي أغراضها وتقفل باب السيارة وهي تتجه للمدرسة
بينما هو فتح شباك سيارته وهو باقي مِبتسم .. وفعلا لمس الإستخفاف منها
ولكنه كان فعلاً صادق بكلامه .. ليه حس إن عمره كله تمحور على عشرين دقيقة بس !
ناظر لولد جارتهم اللي نايم ثم أبتسم : الحمد لله إني طردت أخوك وجبتك لحالك بس . . والا من بيقدر يأخذ ويعطي عند غِران ينشرون حتى حرف الألف من فمك
ضحك بخُفوت وهو يناظر لباب المدرسة اللي تِقفل
ولف بِسيارته وهو يكمل طرِيقه

من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن