18

29.5K 283 36
                                    



توردت خُدودها بخجل وهي تِنسحب من قدامه من فُرط حياءها منه وهو مسك يدها وهو يسحبها له : وين ؟ مايكفي خمس سنين مُر ؟
أبتسمت وهي ترفع كتوفها بهدوء : برتب شكلي ، أحس إني مو مرتاحة بوجهي هذا
ناظرها لِلحظات ثم ضحك بخُفوت : زين ، ماعندي مشكلة دام الموضوع يميّل لراحتش ، سوي اللي تبيّن
أبتسمت بهدوء ، وهي تنسحب من بين يدينه وإتجهت بعدها لدورة المِياة ، ومن دخلت حتى قفلت الباب ، وأستندت على الباب حتى جمعت كفوفها وهي تحط على فمها .. وبكت
هالمرة تبكي وتضحك بنفس اللحظة ، ماقِدرت تستوعب الموقف اللي هي فيه ، ولاصدقت إنها من لحظات بُحضن عزيز .. بكت صدمة وبكت عدم إستيعاب الموضوع كان كِبير عليها كثير
ومن هدأت نفسها ، وفضت كل مشاعرها حتى وقفت وهي تِتجه للمِراية ، وزعت نظراتها على وجهها اللي كان ذابِل هالصبح بسبب مساعد ، ولكنه من فعلته تورد ورجعت لها الحياة بأفضل وسيلة
فتحت الماء البارد وبدأت تغسل وجهها بهدوء ثم سحبت المنشفة الصغِيرة وهي تمسحه
أخذت نفس براحة وزفرته بِرضا ، ثم ألتفت وناظرت للفستان اللي ظنت إنه كفنها .. وأتسعت إبتسامتها أكثر لما عرفت إنه حُجب عن عينيها رؤية وش مخبّي لها القدر
فتحت الباب بهُدوء ، وناظرت له وهو جالس بجلسته اللي بوسط غُرفته ويلعب بأطراف مسبحته وعلى طرف ثُغره إبتسامة .. وسرحت بملامحه وبدأت تتأمله
من كان يظن إنها بتنحط بـ هالموقف ؟ وبتكون بمكان هي ويـاه لحالهم .. دُون مايكون بينهم حاجز !
ناظرت للشنطة الصِغيرة اللي جهزتها أمها لها وكشّرت وهي تتذكر شلون جهزتها
سحبتها وهي تفتحها بهُدوء عشان ما ينبته لها عبد العزيز ، ومن لقت فُستانها السماوي يتزين بِرُسومات باللون الأبيض ويكسوه الدانتيل الأبيض حتى سحبته بسرعة وهي تمشي بخطوات سرِيعة بدلت بسرعة ، ورتبت شعرها اللي تكركب بسبب الفستان ، ناظرت للحُمرة الوردِية وأبتسمت وهي تقرب وتأخذه ، حطت على شفايفها طبقة بسيطة منه ثم ناظرت لشكلها بِرضا ، طلعت وهي تناظره مُوجه نظراته لها وعلى نفس جلسّته ، وأُقشعر جسدها من نظراته .. أرتبكت وملئ قلبها الحياء
لأن نظراته فصفصت كل شِبر بها ، وتأملت كل خُصلة منها من جلستها حتى رفع حاجب وقال وهو يأشر على المكان اللي جنبه : لا تنسين .. مكانش جنبي ولا تبعدين عني حتى بمقدار كف يدش !

ناظرته لِلحظات ثم تبادرت على ثُغرها إبتسامة من لطافة طلبه ، وفعلاً لبّت طلبه ووقفت وهي تِمشي وعُيونها على الأرض من شِدة حيائها
جلست جنبه وهي تشتت نظراتها للِمكان وهو مبتسم على هالحياء .. ومِستلذ أشد اللذة من وجهها المُتورد ، وقف تنفُسها للحظة وحتى رِموشها من قوة ربكتها ما قِدرت ترمِش بها لما أقترب منها حتى لاصق رِمشها رِمشه ، وكان بحركته ذِي يبي يوفيّ بعهده لنفسه وما إن أبتعد عنها حتى تبّسم وهو باقي قِريب من وجهها وقال : قطعت العهد على نفسِي ، إن صرتِي لي وحدي ، ليكون الرِمش نِد الرمش
بلعت ريقها بصعُوبة بالِغة ، من همسه من قُربه المُربك واللي يخلله أنفاسه العالِية وهو أبتسم وأبتعد بوجهه عن وجهها ، رفع كفه وهو يقربهالـ وجهها ، وقربها ناحِيه شفايفها وبدأ يمسح الحُمرة بلطف وسط دهشتها ونظراتها اللي مليانة إستغراب
بينما هو أبتسم : أحبش مثلما أنتي ، لا أبغى زيادة على الجادِل بأي شيء ، ولو إنها حُمرة تخفي جمال مبسمش
أرتشعت جميع أجزاءها وغِرقت بأطراف فُستانها وهي تحاول ما تبّين تأثيره القوي والكِبير عليها
كانت ترتعد مِن داخلها ، كلامه كان يكفي يذّوب قلبها .. والحين بهالقرب منها ، شِلون ما تِنهار ؟
شتّت نظراتها لأنحاء الُغرفة وهو تِبسم وقرر يعتقها لحظات من نظراتَه وكلامه ، كونها بدأت تِنطوي على نفسها وهالشيء ما ودّه به ..
ألتفت على إثر صُوتها الهادي ، ولا ألتفت عبدالعزِيز بس ألتفت كُل جوارحه معه
قالت بهُدوء وهي تعدل جلستها وتناظره : عندي فضول .. آخر لقاء لِنا على شُباك أم سعد وقبل أسبوع بس
سكتت وهو رفع حاجب بإستغراب وقال : أسبوع ؟ يالله .. ومن كان يِظن إنه دهر هالفراق ؟
أبتسمت وهي تناظره وهو قال : ها إسلمي ..
أردفت وقالت : آخر كلامنا بالكاف .. ليه هاليوم تغيّر رغم قُصر المدة بين هاللقائِين ، ولاهوب بس كذا أعترفت لي بالشين وكتبت رسالتك به
وش السر ، في إختيارك لهالحرف بكل موقف ، ما فهمتك ..



ميّل شفايفه بخُفوت وهو يتِكي على المركى ويسحب مسبحته ويحُطها بطرف جيبه وبعدها قال : نادِرة .. وُمميزة .. ومُلفتة .. لدرجة الثمالة
وأنا أي كلمة موجهة لأنثى تنتهي بالشين .. ما أقول إلا لِشخص يحمل صفاتش .. ولا مر عليّ أحد بهالكثرة غِيرش ، سوى أمي
هذا جوابي الأول ، والثانِي يالفجر العذب أنا بعد ما لقيتش بعد خمس سنين .. أيقنت إن هالحرف ماراح يطأ لساني إتجاهِش ، إلا لا صِرتي بهالقرب مني ..
سكت للحظات ثم أبتسم وهو يوزع نظراته على تقاسِيم وجهها : إن شاء الله أرضِينا فُضول حضرة جنابِش ؟
ضحكت بخُفوت من رده اللي أرضاها فِعلا ، ولاهوب بس كذا حتى خلاها تِعتلي الغيم ، كونها مُميزة بهالقد عند شخص مُهيب مثل عِز بن راجح
شخص ما يلتفت الا للنادر الفارِق والغير
هزت رأسها بإيجاب وهو أتسعت إبتسامته من بسمتها وتنهد براحة من عُمق الشعور إللي يحس فيه ، ولا قد حس إن مكان صدره غيمة سوى هاللحظة ، رفع يده وهو يأشر لها تنحنِي له برضاها ، وهي ناظرته للحظات ...
أبتسمت وقربت برِضا وهي تنحني على كتفه وتنحنِي على مُستقرها ومكانها وبيتها .. والوطن اللي بقت تصارع عشانه سنِين وبنين .. أستقرت على كتفه ألين لعبت خُصلات شعرها بأنفه ، أبتسم وهو يشد بيده على كفها ، وتارِك هالخصلات العشوائية على أطراف وجهه ، وهو يتأمل حُضورها جنبه
-
-
كانت طول الليل نايمة على كتفه .. ولا تحركت شِبر واحد ، وكأن هالليلة ضرِيبة الليالي اللي مرت بأرق ودموع
بينما هو بقى طول الليل صاحي ، ماهان عليه حتى يِرمش وهي على كتفه وعلى هالمقرِبة منه ، على حاله .. يده على شعرها ويمسح عليه بلُطف والثانية حول خصرها ، وسانِد رأسه على ورى ، وبينما يناظِرها بشوق وهدوء .. كان مانع عقله يفكر بأي شيء ، كان مصفي ذِهنه ومفرغه بس لتأمل تفاصيلها ..
ومن صدعت مآذِن دِيرة الخسوف بأصوات المؤذنين معلنة دخول وقت صلاة الفجر ، حتى تحركت الجادِل بخفة وهي تفتح عيونها بنُعاس شديد ، رفعت رأسها وناظرته للحظات وهي عاقدة حواجِبها ولما أستوعبت المكان اللي هي فيه حتى عدلت جلستها بحياء وأبعدت خصلات شعرها عن وجهها وبقت تناظر للمكان بدون ما تتكلم بينما هو أبتسم وهو يناظِرها .. ويوزع نظراته على ملامحها المتوردة بسبب الخجل حتى قال : بخاطري إعتذار تدرين ؟
ناظرت له بإستغراب وهو أردف وقال : ودي أعتذر لأيامي اللي مرت دون وجهش ، وشلون كانت مؤسفة وكئيبة ؟
أبتسمت بخفوت وهي تميّل شفايفها بدون تتكلم للحظات بعدها قالت : صباح الخير
ضحك وهو يوقف وقال : آه من وجههٍ تبّسامه مسّرة .. على الله قدرتي تخلين الحياء ونسمع هالصوت يابنت عناد ، وإي والله صباح خير وغير لأنه أبتدأ فيش من غير ما أحرك طرف إصبع ، لأنش دعوة أمي بوقت الوتر
أبتسم وهو يتأمل توّرد خدُودها بفعل كلماته ، ولمعة الفرح بعيونها .. وهالشيء كان كفِيل أنه يرضيه لباقي أيامه .. لطول حياته
كان يتأملها ويتأمل تشتت نظراتها وحركاتها الخجُولة وهو مبتسم أخذ نفس وهو يزفره بحب ومن همسه لنفسه كان يتمتم بـ آه من الشخص اللي من شدة ما إنت تحبه تحس ضلوعك العّوج ثقيله وضيقه لأن حبه واجد وكثير على ضلوعك المستفرده وعلى قلبك الواحد !
رمشت وهي تبتسم من قلب لكلامه وهو بادلها الإبتسامة ، وبعدها مشى وهو يسحب غترته ويناظرها ووده تبقى لوحدها للحظات لأجل تستريح وتريح بالها وتستوعب اللي صار : أنا رايح لمسجد الشيخ أصلي الفجر ، وودي أنتظر للشروق
فهمت مقصده وهزت رأسها بإيجاب : بأنتظرك
أبتسم لها وطلع من الغرفة وهو يقفل الباب ، وما إن طلع حتى أخذ نفس براحة مازارت روحه من قبل أبداً ، وكأن أحد رش الثلج على قلبه
وطلوعه من الغرفة هاللحظة ، عشانه صبر كثير
ولاودِه ينتهي صبره عند هالنقطة وبهالوقت بِالذات
توجه لمسجد الشِيخ القريب من بيتهم وما إن دخل حتى ألتفت له راجح وسعود بإستغراب وأشر له يجي وهو لبّى : وش جابك هنا الحين ؟ متضايق ؟
ناظره للحظات ثم أبتسم : ليه ، العريس ما يصلي ؟
راجح عقد حواجبه بإستنكار من إبتسامته وكونه قبل ساعات ضايقة به الدنيا ، وكونه شخص ماكان يبي هالزواج ، والحين النور بوجهه .. وتسائل وش السر ؟ : لا وأنا أبوك يصلي ليه ما يصلي
هز رأسه بإبتسامة وأخذ الصف الأول وبدؤؤ يصلون الفجر ، وكعادتهم أخذ كل شخص منهم مصحفه وبدؤؤ يقرؤون وردهم ، كون هالعادة ملازمتهم من صغرهم ومن وعو على أنفسهم وبدؤو يقرؤون


{ الجـادل }

كانت واقفة جنب السرير ، وقدام الشباك الكبير اللي بوسط الغرفة ،مذهولة من المنظر المهيب اللي قدامها ، وكأنها فعلاً إطلالة ما تليق إلا بالـودق
كان هالشِباك يطل على مزارع الخُسوف كاملة ، وكون بيت الشيخ مُرتفع عن هالمزارع ، فالمنظر كان لا يُعلى عليه ، كانت تتأمل كل هالتفاصيل ، والرحابة في صِدرها ، أيقنت إنها بتوكيل كل أمورها على الله .. راح تعيش بهالإتساع دائماً
وأيقنت إن كل شيء كانت تظنه شر لها ، ماكان الا خير ولطف من الله .. وأولها رضاها على هالزواج اللي كانت تظنه نهاية حياتها ، وماكان إلا بداية لفصول الفرح
ألتفت بإستغراب لصوت الدق على الباب ومشت بتردد وهي توقف جنبه ، عبدالعزيز راح يدخل بدون هالإستئذان ، من اللي تجرأ ودق بهاللحظة ؟
لما أشتد الدق سحبت شالها وتقدمت وهي تفتح الباب ناظرت بإستغراب ثم عقدت حواجبها بخوف وهي تسمع شهقة عالية أرتبكت وناظرت بتوتر لبشرى اللي فاتحه فمها وتناظرها بذهول : أنتي وش تسوين هنا ؟
توترت الجادل ولا عرفت ترد وناظرتها بإرتباك من صوتها العالي
بشرى ويدينها على رأسها : بسم الله بسم الله ، والله أحس إني مضيعة ، أو أنتي مضيعة العرس أمس والمفروض حضـ...
صرخت بصوت عالي : أنتي العروسة اللي كانت مندسة"متخبية" تحت الطرحة ، أبلة الجادل فهميني وش اللي قاعد يصير ، وش تسوين بغرفة عز ، أنتي شـلون صرتي بنت الشيـ....
قاطع كلامها خوفها من جدتها اللي صرخت عليها وقالت وهي تتقدم بإتجاهها بخطوات غاضِبة : جعل بقعا تصبحش " دعوة جنوبية " وش تسوين عند باب العرسان في أول يوم ؟ تبين تفضحينا عند بنت الشيخ ؟ تبينها تقول ذولا ناس مايحشمون حد
رجعت خطوة لورى بخوف وقالت : صلي على النبي ياجدة ، أنا أنتبهت لعز مع أبوي جنب الإسطبل وعرفت إن العروسة لوحدها وقلت أصبح عليها
وقفت وهي تأشر عليها بالعصا : والله ان قد تذلفين" تروحين" قبل أتوطا في بطنش هالصبح
ألتفت وهي منحرجة وعلى وجهها إبتسامة ربكة : اعذرينا يابنـ...
سكتت وعقدت حواجبها بدهشة وإستغراب ، وهي تناظر للي واقفة جنب الباب ، هي صحيح صار لها فترة طويلة من لما شافت أمل ولكن يستحيل تكون تغيرت لهالدرجة أو صغرت لدرجة تجاعيدها أختفت أو شربت من بئر الشباب ! ، ناظرتها بطرف عينها وقالت وهي تأشر عليها : من أنتي يابنت ، أمل بنت مساعد وين هي ؟ وش تسوين هنا ؟ في غرفة الشيخ عبد العزيز ؟ إنطقي تكلمي
الجادل كانت تناظرهم بإستغراب وربكة ، خصوصاً إنها مو متعودة على هالكلام ولا على هالصدمات .. ولا على التبرير حتى ، ولكن رغم ذلك قررت إنها ترد ، وما إن كانت بتتكلم حتى لمحت إمرأتين يركضون بإتجاههم ويمشون جنبهم وقفو جنب حكمة وهم مستغربين ويناظروها من فوق لتحت بطرف عيونهم قالت نعمة بريبة : ياعمة ، هذي من ؟ وش تسوي بغرفة ولدكم كفانا الله هالبلاء والذنوب ، وأعوذ بالله من سوء الخاتمة ، وين العجوز راحت ؟
رحمة قالت وهي تدق كتف نعمة بصدمة : كود إن عبدالعزيز حوّلها من عجوز لصبية ؟ خبرنا ببنت مساعد عجوز ولكن اللي نشوفه غير هالموضوع
نعمة ألتفت لحكمة وقالت : فهمينا ياعمة وش قاعد يصير ، هالبنت وش تسوي في غرفة عبدالعزيز ؟
الجادل تناظرهم بهدوء وتسمع كلامهم بضحكة بعدها قطعت صمتها وقالت بلامبالاة : أنا الجـادل بنت أمـل
عمّ السكوت لبُرهة وألتفت بعدها رحمة وهي عاقدة حواجبها : حنا أرتبطنا ببنت الشيخ والا حفيدته يا عمة ؟ الشيخ اللي نصبتوه علينا من هو نسيبه !!
نعمة شهقت وألتفت لحكمة وهي تقول : ياعمة الحقي ، أمل اللي كانت معرسة "متزوجة" بالراعي هذي بنتها
رحمة أرتبكت وقالت بعد ما ناظرت للجادل : شيخ الخسوف تزوج بنت راعي ؟
حكمة دقت عصاتها على الأرض بسخط وهي تِناظر حوالينها بصدمة ، كل اللي كانت معتزة به أمس تساوى بالأرض هاللحظة ، وفرحتها إنه وأخيرا عبد العزيز تزوج .. ووحدة تليق بمستواه كونها بنت شيخ مثله وبعيداً أتم البعد عن شكلها أو عمرها
كان يكفيها إنها بنت شيخ ، تلاشت .. وبقى مكانها شعور الصدمة والخِيانة ناظرت بحدة للجادِل اللي واقفة قدام الباب ، ومن خوف الجادل رجعت خطوة لورى بربكة
تقدمت حكمة ناحِيتها بخطوات ثقيلة وعيونها من شِدة نظراتها وكأنها بتحتِرق قالت بحدة : خذي أغراضِش ، والحين تذلفين من بيتي ، نعنبو من يناسبكم يالأوغاد الكذابين ، تخدعونا ؟ تخدعون ال جبار وتزوجون شيخهم بنت راعي !!
خافت بشرى من الموقف ، وركضت بتوتر ناحِية الإسطبل ولكنها أصطدمت بالمزن ورجعت خطوة لورى بوجع ، قالت المزن بخوف : وش صاير ؟ ليه تركضين بـ هالطريقة بدون ما تناظرين قدامك
بشرى أشرت على الدرج ولا ردت عليها ورجعت تركض ناِحية عبدالعزيز اللي كان يمشي مع راجح وسعود ،


وقفت وهي تتنفس بسرعة وقبل ما تتكلم قال سعود وهو يناظرها : شيء بخاطري وودي أدري به ، هالنتفة من اللي مسميّها بشرى ؟ هالبنت ماتجيب الا مصايب ومشاكل وأخبار تسم البدن ، وين البشارة بالموضوع ؟
ضحك راجح وبشرى ناظرته بنص عين ثم ألتفت لعبد العزيز وقالت : أبلة العربي وش تسوي بغرفتك؟ ليه ماهي بأمل اللي يدورون عليها ؟ جدتي والباقين شوي ويخبطونها"يضربونها" حتى جدتي قالت تلف ثيابها وتنقلع من البيت هاللحين تقول غشيتونا ببنت الراعي
عقد حواجبه راجح وقال : بنت راعي ؟
كان بيردف ويتكلم بس قاطع كلامه خطوات عبدالعزيز السريعة اللي تعدتهم بسرعة البرق ، ناظر لأمه اللي تمشي ناِحية الدرج وعض على شفايفه وهو يركض ناحِية غرفته ، كان يدري إن هالموضوع ماراح تتعداه المشاكل ، ولكن ما خطر بباله إنه من أول يوم !
وقف بنص الصالة ووقفت أمه جنبه وهو يناظر للجادِل اللي واقفة جنب الباب وتناظرهم بخوف وشادة على طرف شالّها
تقدم بخطوات سريعة بإتجاههم ولا وقفه بمكانه إلا كلام جدته : هالبنت بنت راعي ولا هي من مقامنا ، هالبنت بضاعة مغشوشة ولازم ترجع لدكانها ، والله ما تبقى لحظة وحدة ببيتي .. هالبنت ماهيب من سلومنا ولا من مواخِيذنا !
أخذ نفس وزفره بضِيق ، وفعلاً هالمواويل ماراح تِنتهي من عنده أبداً
ما تكلم ولا قال شيء ، كمل طريقه إلين دخل من بينهم ووقف قدام جدته ، وسحب الجادِل وخلاها ورى ظهره وناظرهم بهدوء : هها يالله صباح خير يا أم راجح ، وش صاير هالمرة
حكمة قالت : هلا بالشيخ عز ، هلا بولدي المسكين اللي على نياته ، ما دريت الخسيس مساعد وش سوى ؟ خدعنا بحفيدته بنت الراعي وزوجنا إياها ، كنت اقول ، كنت حاسه ما ورى تغطيه وجهها الا كل بليّة وخذها هاللحين ، تورطنا بهالمغشوشة ، تورطنا واخذنا بنت راعي يا الشيخ
عز الله أنفضحنا بين القبايل ، أنهزت صورتنا يا الشيخ
المزن كانت واقفة وتناظرهم بصدمة ، وألتفت بخوف وهي تشوف راجح معصب ، لما عرف باللي صار وسمع كل كلام أمه قال بعصبية ملئت كل قلبه كونه أنحط بوضع المخدوع : والله لا أقلب سماه عن أرضه هالخسيس
ألتفو كلهم برهبة من عصبية راجح الغريبة عليهم ، لأنه شخص يميل للهدوء أكثر ، ولكنه موقفه ما أنصفه هالمرة ، قال بعصبية وهو يأشر بإبهامه ناحِية عبدالعزيز والعصبية أعمت عيونه ، ونسى كل مبادئه لما أستوعب إن القبيلة كلها أنخذعت ، وإن التنازل عن الدم صار عن طريق بنت مهيب بنتهم ! : إسحبها وطلعّها برى ، وهاتها نرميها قدام بيت هالخسيس النذل ، والله لا أنتفه تنتيف ، أنا ؟ بن جبار أنخدع من حثالة مثله يبي يتخلص من نسب الرعاة عن طريقنا ؟
عصب أكثر وقال : وش تنتظر ياعز ، هات هالبنت قبل أدفنها حيّة
أستنكر عبدالعزيز عصبية أبوه المفرطة ولكنه تغاضى عنها لأنه يدري إنه يحس بالخذلان هاللحظة ، ويحس بالخيانة وهالمشاعر لاجتمعت في قلب راجح ينسى اللي حوله ، عض على شفايفه بضيق وهو يسمع صوت بكاها
قال بهدوء عكس البراكِين اللي بجوفه ، وشلون ينطق ويقول هذي اللي ضلوعي ترتجف لشوفها خمس سنين ، هذي اللي دعيّت بوسط كل ليلة إنها إتصادف مع طريقي ، وهالراعِي اللي تستنقصون منه يسوى عندي مليون شيخ .. لأنه أبوها بس ! ولكنه ما يبي يحطها بموقف غرِيب ، كونه أهله ما يدرون عنها : إسلم يابن جبار ، وهد عمرك وصل على النبي ، العصبية ماهيّ بزينة ولا تعودت عليها منك
شد على طرف عصاته بضيق : وشلون ما تبيني أعصب وأفور ؟ ومساعد الخسيس رمانا بهالموقف
وظن بعقله الصغير إنه لعب علينا وخدعنا ؟ وشلون ما سألت ، وشلون ما قلت أنتي بنت من ؟
حكمة قالت : وش يسوي هالعز ؟ الموية تمشي من تحته وهو ياغافلين لكم الله
تنهد وقال : ها طالبكم وحلفتكم بالله إن تركدو على هالصبح ، وإسمعو الحكى مني أنا !
تأففت نعمة وقالت : ماعاد به حكى ياولد المزن ، هالموضوع خالصِين منه !
ناظرتها المزن وهي تتقدم وتوقف جنب عبدالعزيز وتقول بهدوء : هاللي قدامك شيخ الخسوف يا أم فهيد ، عدلي نبرتك وأختاري كلماتك زين قبل تتكلمين
كانت بترد بس قطع عليها عبدالعزيز وهو يقول : أنا رجال شوري بيدي يا بن جبار ، وهاللي سواه مساعد أدري به ، وعندي علم بكل اللي صار
عقد حواجبه راجح وقال : يرضيك الموقف اللي حطك فيه ؟
هز رأسه بإيجاب : مرضيني وعاجبني ، ولاراح ينفتح هالموضوع معه أبداً
حس بيدها تمسك يده وألتفت لها وناظر دموعها أبتسم يطمنها وشدّ على يدها : خليش ورايّ ولا تخافين ، ماراح يمسّش ضر وقدامش عز
عمَ الصمت المكان ، وأُلجمو كلهم .. من نبرته
من كلامه .. من أسلوبه .. والأهم من الشين لها كونهم يدرون كلهم ، إنه شخص يعّز هالمناداة ..



ألتفت المزن بهدوء ناحِية الجادل ، ولاحظت نظرات عبد العزيز لها ، ثم صدت عنهم ورجعت تناظر لراجح اللي ينتظر كلام عبد العزيز
ألتفت عبد العزيز لهم وقال : أنا يابن جبار يمشون بشوري آلاف الرجال ، وتبيني أميل عن شور نفسي ؟ صعبة وقوية يشهد الله هالبنت متوسطّة هالبيت ، ولا هو بس كذا هالبيّت كله يرجى بقاءها فيه لسنين قدام ، مساعد بظنه إنه أخطأ بحقنا ومشّى الموية من تحتنا دون علم مننا ، ولكنه مخطي .. وغبي أنا رجال فاهم وعارف وش يبي يسوي ، وتاركه على هواه لأن يابن جبار اللي سواه أرضاني ، أرضاني لدرجة ودي أشكره على فعلته
حكمة قالت بحِنكة وغضب واجم وضّحته من نبرة صوتها : والله إن أمست بهالبيت الليلة لأحرقها ، ولأنتف كل شعرة برأسها ، منت بصاحي يهالولد ما يكفي بنت نعمة اخذت راعي ، تبى أنت تمشي شورك علينا وتأخذ بنت راعي ؟ هزلت ياعيال راجح عز الله فضحتونا
تنهد وأبتسم وقال : أنا بن راجح شيخ الخسوف ، أمشي رأيي على قبيلة من شيبانها لغرانها ، وأمشيّه حتى على العجوز والصبيّة بنت عناد محلها هنا ، جنبي ومعي ولا يهمني كونها بنت راعي والا حفيدة شيخ ، ولايهمني لا نسلها ولا أهلها ولا قبيلتها يهمني إنها صارت زوجة عز بن راجح ، ولا يعلى على هالموضوع شيء ،
ناظر لرحمة ونعمة بنفس اللحظة وقال : وإن صار وتعرض لها أحد ، فتعرفون أشد المعرفة وش بيصير ، ما ودي أهيّن أحد
راجح كان ساكت من ألتفت عبدالعزيز لها ، ويناظر المزن اللي تناظره بنفس النظرة
وما إن كانت بتتكلم حكمة قال راجح بهدوء : دامك دريت إن شورنا أنتهى ، وشور الشيّخ اللي يمشي على الصغير والكبير فتوكل على الله وسوي اللي في راسك ..

ضربت فخذها حكمة بسخط وقالت وهي تمشي وتتكي بعصاتها ، وصوتها يعلى بعد كل كلمة : لعنبو حيكم يهالرجال ، محد بيقصف عمري غيركم ، محد بينهي وجودي من هالحياة إلا أنتو ، ما يرتبط نسل الرعاة بالشيوخ ، بتسخط السماء علينا بتثور الأرض
نعمة ناظرتهم بسخرية ، ولا أهتمت للموضوع أبداً ، ولكنه وسّع خاطرها أكثر ، كونها مسكت على المزن شيء جديد تضحك عليها به ورحمة مشت وراها وهي كاتمة ضحكتها ، قالت وهي تهمس لنعمة : وش هاللي سمعناه يانعمة ، شيخ الخسوف أعرس من بنت راعي ومغشوشة بعد ، يهالفضيحة اللي بتضحك الخسوف كلها علينا
ضحكت نعمة ومشت وهي تقول : يستاهلون ، حصّاد سنين الفراق لفهيد ، حصاد بذرهم لهالولد وتركهم للبكر
عبد العزيز ناظر لأبوه وراجح قفى ومشى وهو يطلع للسطح ، والمزن مشت وراه بدون ما تتكلم
بينما عبد العزيز تنهد وألتفت على طول ولها ، وأبتسم وهو يقرب خطواته منها ، رفع كفه ومسح دموعها وقال : ماخبرتش حساسة يابنت عناد ، صايرة تبكين على أطرف شيء "أتفه شيء"
ناظرته بضيق وقالت : هلك وهالشيء ماهوب بتافه
أبتسم أكثر وقال : هليّ خليهم علي ، تراهم للحين يجهلونش ، لو يدرون إنش الفارِقة والصعبة اللي تملكت قلب رجال صعب كان صارو يدارونش !
ناظرته ورمشت بضيق وهو أبتسم وقرب منها إلين طبع قُبلته على عيونها ، أرتجفت كل خلاياها وبقت مغمضة بربكة ووضح الإرتباك من رجفة يدينها وهو ضحك بخفوت وشد على يدها وقال : أنتي بأمان الله وبوجهي وشنبي ، ولا بيقربش ضر وأنتي جنبي خليش واثقة
فتحت عيونها بهدوء وهي تبتسم وتناظره بإمتنان بعد ما هدأت نبضات قلبها الخايفة من كلامه ، قال وهو يفلت يدينها : مِتجه لبن جبار ، ليّا قربو صوبش قولي لهم إنش في وجهي
هزت رأسها بطيب وهو أبتسم ومشى عنها ، ناظر لبشرى اللي كانت واقفة وراه ويدينها على عيونها ، قرب وضرب جبهتها بخفة وهو يضحك بخفوت : يهالغرير اللي أبلشتنا وش تبين ؟
بشرى فتحت عيونها وقالت بصدمة : عز ، منت بصاحي
ضحك بصوت عالي وهو يمشي عنها وهي ناظرت للجادل اللي أنسحبت ودخلت الغرفة
مسكت رأسها بيدينها وقالت : ليه ماني قادرة أفهم شيء ، يارب صبرني وثبت عقلي عشان أفهم اللي قاعد يصير
-
-
{ في أراضي الخسوف }

وقفو بالسيارة قدام المحطة الإخبارية ، نزل وهو يوزع نظراته ناحِية المكان ، والثاني نزل ويناظر بحدة لِلوحة المحطة : هذي هي ، أنا متاكد
مسح على وجهه وهو معصب من صعوبة الطريق ، والأسبوع اللي مر بين الشوارع والديّر اللي جنب الخسوف
وما إن تأكدو من المحطة حتى أتجهو لداخلها بدون سابق إنذار
دخل وهو يفتح الباب بقوة على ندِيم اللي فز بخوف : لاحول ولا قوة إلا بالله ، هالمكتب صار سبيل للوحشي والبري ، عسى ماشر ؟ من حضرتكم
دخل حاتم وهو يناظره بحدة : أنت الخسيس ؟
عقد حواجبه وقال : إرفع علومك ياغرير أمك ، من أنت ووش تسوي في وسط محطتي

ألتفت بسرعة ناحية اللي يتقدم صوبه بخطوات غاضبة وقال : حنا أهل اللي ما حشمتوها وخليتوها في كل بيت ، والله إن أهد محطتك ذي على رأسك
ناظره نديم بصدمة وهو يشوفه يتقدم ويرمي كل شيء على مكتبه ، ثم حوّل على الدرج وبدأ يكسر الزجاج اللي قدامه ونديم منجلط ، إتجه صوبه وهو يسحبه ويبعده عن المكتب وهو يتنفس بسرعة ويناظره بعصبية : وينها ، وين النذلة اللي شاركتك هالمهزلة ، وين اللي بتموت على يديّ هالليلة
نديم عصب وقال بصراخ : لفلفو مرجلتكم وأنقلعو تمرجلو بمكان ثاني ، وبناتكم إن ما قدرتو تضبطونهم فما هي بمشكلة خلق الله عشان تثورون عليهم ناسين إنكم في مكان له قوانينه وشيوخه
حاتم قال بحدة : المذيعة اللي بثت الأخبار قبل أسبوع وينها ؟
نديم ناظره للحظات بإستغراب ثم قال : ومن أنت لأجل أعلمك عنها
حاتم رفع حاجبه وقال : أنا أخوها !
نديم سكت وبقى يناظرهم وهم ثايرين وينتظرون كلمة منه بس ، لأجل يشطبون الخسوف عشان يلقونها ، أيقن إنه جاء الوقت اللي تدفع ثمن فسخ العقد وقال بعدم مبالاة : هالبنت في بيت رجال ينقال له سعد ، إسألو عنه
إبن عم حياة قال : وش تسوي في بيته ، إنطق تكلم قبل أنهيك قبلها
نديم رفع كتوفه بعدم معرفة وقال : ماعندي علم ، إسالو عنها بنفسكم ، والحين توكلو من المحطة قبل أكسرها أنا على رؤوسكم
حاتم ناظر لنديم للحظات ثم نقل نظراته لولد عمه وقال : إمش يا ولد العم ، حاجتنا مو عنده هالرجال
إمش ندور لسعد ونعرف الموضوع منها هي
إبن عمه خرج وهو معصب وثاير وقال : ماراح نعرف منها لا حق ولا باطل ياحاتم ، راح ننهي حياتها الليلة ونرتاح
تنهد حاتم ومشى وهو يركب معه السيارة وينطلقون يدورون لبيت سعد
-
-
{ راجح والمـزن }

كان واقف على السطح ، ومِتكي بيده على قبضة العصا ، ويناظر بعشوائِية ناحية الخسوف ، ينقل نظرة بإعجاب وبلامبالاة على كل شِبر من أراضِيه
ألتفت على صوت خطواتها .. ثم أبتسم إبتسامته المعهودة بقُربها
وقفت جنبه وهِي تتِكي بأطراف يدها على حدود السطح وقالت بإبتسامة : وكأني عرفت شيء كان متخبي
ضحك راجح وقال : تعالي تعالي ، عِزتي لهالعز ما يقدر يخفي شيء عنش
أبتسمت وهي تقول : مهب عن شيء ، ولكِني من لمحت لهفته عليها ، طريقة كلامه ونظراته دريت إنها هي ، ولا يخفيك إني مصدومة ومفجوعة في نفس الوقت ، وشلون جاءت وكيف ومتى ماعندي علم، ولكن اللي عرفته إني متأكدة إنها البنت اللي بقى يعاتبها خمس سنين يا راجح
أبتسم راجح وضغط على عصاته براحة ، قبل دقايق بس كان مستعد يحرق مساعد عشانه حطاه بهالموقف ولعب عليه بحفيدته ، وكأنه يبي يتخلص من شيء ما يبيه على ظهرهم ، ولكن .. من تكلم معها عبدالعزيز بنفس أسلوبه مع المزن
حتى عاد ترتيب المعادلة كاملة ، يدري إن ولده ماهوب سبيل بيحب له شخص هالحب بساعات معدودة ، ومثل ما توقعت المزن إنها الحبيبة
حتى هو عرف إنها اللي كانت توضح بعيون عز ويقرأ شوقها بوجهه : محد متجهر"مصدوم "مثلي يالمزن
ميّر قلت لش ، إن كانت نصيبه راح تجي لو كان بينهم مدن ومحيطات وقارات ، ولو بينهم آلاف السنين والأشخاص وقبايل ، من اللي كان يفكر إن الشخص اللي كنا نظن إنه بينقهر اليوم ببعده عن المراءة اللي يحبها عنه ، بنلقاه يضحك على مصراعيه بسببها ؟
أبتسمت براحة وطمأنينة ملئت كل جزء منها ، وسرت بكل عرق لها وناظرت للسماء بإمتنان وكأنها تحكي لله مقدار حبها وإمتنانها وشكرها للطفه اللي غامرهم
-
-
{ عبد العزيز }
من صعد آخر خطوة من الدرج ووقف على عتبات السطح
حتى أتجهت له النظرات الضاحِكة بنفس اللحظة
أستغرب وتقدم صوبهم وهو اللي كان يظن إن أبوه معصب أو متضايق من قراره ، ولكنه يقرأ بوجيههم شيء غير اللي كان يظنه ، وقف وهو يرجع يدينه خلف ظهره وناظر لأبوه اللي قال بإبتسامة : هلا بالشيخ عز
نقل نظراته بين أبوه وأمه ثم حط يده على رأسه وقال بصدمة : ما يخفى عليكم شيء أنتو ، وشلون عرفتو بشيء ما بحت به ؟
ضحكت المزن ورفعت كتوفها : مير إنك تجهل إني بنظرة من عيونك أقراك وأقرا كل شعور تمر فيه
أبتسم بضحك وهو يتنهد : هذا البلاء يا أم عز ، البلاء إني لاضقت تدرين وتتضايقين وهذا والله ما نبيه
ولكن على هالخبر - فتح عيونه على وسعها - تفضلو إقروني لين تنتهو مني ، أنا والله محد بينافسني بـ السعادة هاليوم
أبتسم راجح وقال وهو يهز وأسه : لطف من ربي يابن راجح ، لطف ورحمة لأنك رجال تستاهل الطيّب ، تستاهل ينساق لك الخير من كل بقعة
تعالت فرحته من كلام أبوه واللي مازاده إلا سرور على سروره وكانت هذي مكافئته بعد الضيم اللي مر فيه .. لأيام ولليالي ماهي بقليلة


{ حيـاة ومنى }

كانت واقفة بالغرفة وتناظر من الدريشة قالت بعدما تنهدت : ودي أخذ عبايتي وأطلع أدورها بكل الجنوب .. زاد عن حده ياحياة ، ودي أعرف وينها وهي طيبة أو لا .. لو تتذكرين ماكانت تجيب سيرة أمها وجدها أبداً وكأنهم مو موجدين ، شلون الحين تبقى عندهم هالفترة كلها ؟ خايفة عليها وكل خلية ترتعش مني ، وزود على هالخوف الرهبة لاعرفت عن زواج الودق
حياة كانت تناظر للصندوق البني وتدور بكل زاوية منه ، طلعت أغراضها كلها وناظرت بصدمة للصندوق : منى ، وين سلسالي ؟
منى ناظرتها وقالت بضيق : حياة أكلمك وأشكي لك وأنتي تدورين لسلسالك ، مشاعري مالها أهمية يعني
حياة وقفت وهي تدور بالمكان وترمي المخدات وترجع تنفض الفرشة : سلسالي يامنى ، تكفين دوريه معي ، والله بضيع لو ضااع
منى سكتت للحظات ثم قالت : سلسالك الذهبي بعقد زمردي ؟
هزت رأسها بربكة ومنى أستغربت : ليه تدورينه بالصندوق ، هالسلسال ما ينشال من عنقك ؟ دوري بالبيت أو بالمطبخ
حياة قالت بضيق : دورته منى مالقيته ، من الصبح وأنا أدور
سكتت للحظات وهي تفرك يدينها بتوتر وبقت تفكر حتى شهقت وقالت : ببيت الشيخ ، متأكدة
منى كانت بتتكلم بس ناظرتها وهي تسحب عبايتها وتقول : كله من هالخطوة الجنوبية والرقص اللي خلى حتى شعري يوقف ، رايحة ادوره عندهم
منى : حياة إستهدي بالله وأركدي ، شلون بتروحين بيت الشيخ عشان سلسال ؟
ناظرتها وهي تلف الشيلة على أطراف وجهها : منى .. أنتي أكثر وحدة تدرين وش يعني لي هالسلسال ، ما أبدله بليالي فرح حتى
ناظرتها بضيق وحياة مشت وهي تطلع من البيت ، متجهه لبيت راجح
-
-
{ عبد العزيز }
فتح باب غرفته بُهدوء ، حتى ما أنتبهت له
كانت على نفس الفُستان ، ولكن هالمرة نثرت كل جدايلها على ظهرها ، واقفة قدام شُباك غرفته
والهواء يداعب خصلات شعرها بعشوائِية ، بينما هي لامه يدينها لها ومكتفتها بهدوء ، أبتسم حتى أشتدت عضلات وجهه ، هالمنظر كان المُنعش والمُطهر لعيونه .. لايخفى إن طيفها يحضر كل مرة لغرفته .. ولكن حُضورها هي كان شيء مُهيب
أقترب وهو مبتسم ، وقلبه يرتجف مثل كل مرة يتقدم نحوها ، وقف وراها وإزدات حِدة الهواء حتى بدأ يطير شعرها ناحِية وجهه ، بقى واقف مكانه
وعلى نفس إبتسامته .. حتى إنها أتسعت من الخصلات اللي ترتطم بوجهه
من حست بيده حوالين خصرها حتى أرتشعت أجزاءها ، وأرتبكت وأعتفست حالتها من قُربه
بدأت يدها ترتجف ولاحظها عبدالعزيز وأبتسم وهو يمسك ويثبتها على يده وهو يقول : لما سميتش " الحمامة " ما أخطيت ولا جهلتش أنتي شخص يبقى جنب الشباك ويناظر منه ، وكأنه يطلب العِتق والتحرير
سكتت للحظات ، ثم قالت بهدوء وهي تِبتسم : أنا كنت أتحرى الوطن ، وأدور على المكان اللي تستقر بها روح الحمامة ، أنا شخص يطلب الراحة بعد التعب والطمأنينة بعد القلق .. أنا شخص أطلب عزيز يابن راجح
ضحك بخفوت وهو يشد بيده عليها ويتنهد براحة من لـُطف كلماتها حتى داهمه إردافها وقولها : أنا بأمانك ، ولكن هلك ، قبيلتك وباقي القبايل
مصير هالزواج اللي لعب به مساعد عليكم مجهول
عقد حواجبه وحرر خصرها من يدينه وهو يوقف قدامها ويقول : قبيلتي ، باقي هليّ وباقي القبايل ولا أهتم لهم بمقدار ذرة ، أما عن مصيرش أنتي فهو بضلوع كتفي ، ما قلت لش لا تخافين وأنتي معي ؟
رفعت كتوفها بعدم معرفة : كلام جدتك خلا الرعب يدب بجسدي ، أنا شخص شاركت بمعارك وحروب وأُسرت في ظل غُربتي ، ما ودي أُنفى من وطني عشان القبايل
ناظرها للحظات ثم أبتسم وهو يحضن كفوف يدها ويقول : أنتي في ذرايّ من كل خوف ، إن كنتي تقولين عزيز وطنش ، فهالوطن ما يترك مُواطنه يصارع هالخوف ، خليها عليّ يابنت عناد تراني شيخ الخسوف وبن راجح
تأملت تفاصِيل وجهه للحظات ثم أبتسمت براحة وهي تهز رأسها بإيجاب ، وهو أقترب منها وهو يقربها لحضنه ومسح على رأسها بلطف ، وهي تنهدت براحة حتى حست إن كل الهم ذاب وأختفى
ألتفت على صوت دق الباب وتأفف : أنا رجال محذرهم ما يقربون من بابي وأنا عزوبي ولاحد يتجرأ ويقرب صوبه ، والحين يوم جنبي زوجتي أعتكفو على بابي
ضحكت بخفوت وهو مشى وفتح الباب بقوة وناظر بطرف عينه لبشرى اللي مبتسمة بخوف وقالت : إسمعني ياعز يا ولد أبوي ، أنا جيت ورجولي تتصافق في بعض ، مير أبوي راسلني وقايل الشيوخ جايين يهنونك ، وتدري أنت ماعادك بعز حاف لأجل ماحد يدق بابك ، أنت صرت الشيخ عز عشان كذا بنمسي عندك
ضحك وهو يهز رأسه ثم قال : الله يرسل علي صبر من عنده ، عشان لسانك بس
دخل للغرفة ، وسحب بشته من على السرير ، ورجع للمراية وهو يعدل الشماغ ويثبت العقال بوسط رأسه ،



ومن نسف الشماغ حتى ألتفت وقال بإبتسامة : على قولة بشرى ، ماعادني بعز حاف أنا الشيخ عـز ، ومجلسي مليان شيوخ لزوم أرحب بهم
لا تعتبري هاليوم أول أيامي معش ، حرام يروح بالطريقة ذي
أبتسمت وهزت رأسها بطيب ، وهو قرب ومسك يدها وهو يسحبها : ولا تبقين لحالش بالغرفة تعالي وإطلعي ، تعرفي على أمي وسولفي معها تراها تعرفش من كثر ما لمحتش بعيوني
أرتبكت وكانت بتنسحب ولكنه أصر عليها وهو يشد على يدها : بشرى جنب الباب ، هالبنت ماراح تخلي أحد يقرب منش صدقيني ، إذا على درس السواك والأراك أبلشتنا تظنين بوجودش أنتي برأسش هنا ماراح تبلشهم ؟
سحب شالها من على التسريحة وهو يلفه حوالين وجهها ثم أبتسم وهو يمشي وماسك يدها الين فتح الباب وطلعو ، ناظر لبشرى اللي كانت جالسة بالصالة ورفع يده وهو يأشر لها تجي
ركضت علىً طول ووقفت قدامه ، ثم ناظرت ليد عبد العزيز اللي تحتضن يد الجادل ورفعت حاجبها بإستغراب وهي تهمس : كنا نظنه ثقيل وصعب ، الين جاءت بنت وهدمت ثقله بساعات ، ما أقواك يا أبلة
رفعت رأسها بسرعة وهي تسمعه يقول : بشرى ، لو قربو منها تعالي صوبي
بشرى ضحكت : بعد كلامك الصبح ؟ والله ما يتجرأون يرفعون طرف إصبع ، يارجل حتى أبوي خاف
ناظرها بطرف عينه وقال وهو يترك يد الجادل : رايح للشيوخ وماني بمطول ، انتبهي لها
الجادل ناظرته بصدمة وناظرت لبشرى : يوصي طفلة على معلمتها ، ماشاء الله
ضحكت بشرى وهي تمسك يدها وتسحبها معها لحديقة نسيم : تعالي والله وربي جابك استاذة ، ترى للان منجلطة من وجودك هنا وفي رأسي الف استفسار ، ولكن نظرات عز تقول إعتقيها من فضولك عشان كذا راح أصقله وأخليه بقلبي هالفضول ، يعني تدرين مصيري مع الوقت أعرف
الجادل ماكانت منتبهه لها ، كثر انتباهها للحديقة اللي صارت بوسطها ، مدهوشة من الجمال اللي يحيط بها من كل إتجاه ، صارت تتأمله وعلى ثغرها إبتسامة ولهفة
ضحكت بشرى وقالت : وكأنك لقيتي موطنك الأساسي
ألتفت الجادل وقالت بإبتسامة : هالمكان كأنه مقتبس من قلب صاحبه
رفعت يدها ودقت صدرها وقالت : صدقتي ، صدري مليان ورد وزهور
سكتت للحظات ثم أبتسمت : مير صاحبه الأساسي أختي نسيم ، بنت اللي كانت تخاصمك"تهاوشك"
هزت رأسها وهي تناظر للمكان بإبتسامة تزين ثغرها وبشرى جلست على الكرسي وتناظر لها بهدوء
-
-
{ الـشيخ عبد العزيز بن راجح }

ثبت بِشته بطرف يده اليمين ، ومشى بخُطوات واثِقة لمجلس الديرة ، ومن خطت رِجله على عتبة المجلس ، حتى وقف كل من بالمجلس تحية له
أبتسم وقال : مسّيتو بالخير يا أهل الوجيه الطيبة عسى خواطِركم دايم سالِمة وسالِية
ألتفت ناحيه أبوه اللي كان واقِف معهم ، ثم تنهد وهو يقترب منه ويّحب كتفه ويوقف جنبه
قال أحد الشيوخ : أعزّ من نصبت يابن جبار ولاحد بقّدها سوى عزها
أبتسم راجح وقال : الله الله .. سنين وحنا نلمح ونقول ولكن من يستجيب
قال عبد العزيز مُغيراً الموضوع وهو يناظر لمساعد اللي يشتت نظراته للمكان ، قلبه مليان رهبة وخوف ورعب ، من إنه بيتفشل بأي لحظة ، وبأن خطته باءت بالفشل وأنكشف بأبشع طريقة
ماكان وده يجي هاليوم من قوه خوفه ، ولكنه خاف أحد يتكلم عليه ، كونه المُمثل لقبيلة هشيمان ولاهو بس كذا ، صار نسيب شيخ الخسوف
لذلك كان مضطر يجي رغم كل الخوف اللي بصدره
رفع مساعد نظراته ناحِيه عبد العزيز اللي يناظره بهدوء وبإبتسامة وتسائل عن السبب ، رغم الموقف اللي حطه فيه .. ليه للآن يبتسم ؟
تنحنح وقال : الشّيخة ما تليق إلا فيك يا شيخ عبد العزيز ، ما يبي لها إثنين يحكون فيها ولو إنه كان ودنا .. يبقى حفل التنصيب غير حفل الزواج
لجل يأخذ الحفل حقه ونحتفل فيك بالشكل المطلوب واللي يناسب مقامك
أبتسم عبد العزيز وهو يِفلت طرف بِشته ويجلس ، وبذلك جلسو كلهم وينتظرون رده : إحتفالية أمس .. تكفيني وتوفي ، ماله داعي للكلافات
أبو سند قال : أفا عليك يا شيخ الخسوف ، حنا لأجلك نتعنى !
هز رأسه : وافيّين ولا به شك ، ولكنه يكفيني أمس يشهد الله
ومن بين سوالفهم .. حتى قاطعهم أحد الشيوخ وهو يقول : يوم كنت عبدالعزيز حاف كنت تصنع لأجل الخسوف وتحمي وتبني يعني إن سويت لأجلها شيء شكروك عليه ، ولكن إن تكاسلت وما سويت شيء ، فما عليك ملام ولكن هاللحين وأنت الشيخ عبدالعزيز ، إن سويت شيء لجل الخسوف فهو حق وواجب ولا تشكر عليه وإن ما سويت شيء فهو تقصير وعليك العتب
محد تكلم بالمجلس .. كونهم ينتظرون رد الشيخ ..

إلا إن عبدالعزيز أبتسم بوقار وقال : صادق ، ولا على كلامك عتب .. مير إنك ناسي شيء القصور ما يجي من عيال راجح ، وفهمك كثير أنا خذيت هالشّيخة ، جمّالة بوجه هالرجل الكريم وإن حصل وقصرت فأنا ولدكم ومنكم وفيكم إعذرو تقصيري وإمسحوه بوجهي
تعالت أصوات رجال الخسوف بالتشيّيد به ، وبأفعاله اللي ما نسوها وهو ولد الشيخ أجل لا صار هو الشيخ .. وش بيسوي ؟
إتسعت إبتسامة راجح بفخر أعتلى كل خلية بجسده ، كان يدري بحب الخسوف له .. ولكنه على على توقعاته
ألتفت ناحِية يسار عبد العزيز ، وناظر لسعود اللي مبتسم بثقة وعلى مُحياه إبتسامة مليانه إعتزاز وضاقت به الأرض بما رحُبت ، كونه تذكر فهيّد
وردة فعله من درى إنه بعد هالسنين كلها ، وبعد سواياه كلها وبعد كل أفعاله .. صار عبد العزيز الشيخ
تضايق وصد بضيقه عن عبد العزيز وهو يشتت نظراته ، وبين سوالفهم حتى تقدم سند وهو يجلس جنب سعود وينحني لعبد العزيز بإبتسامة : يا رجل وقفت كل خلايا جسدي إحترام لك ، وش هالهيبة لعنبو حيّك !
ضحك بخفوت عبد العزيز وسعود ناظره بطرف عينه : أقول الأفضل إنك ترفع علومك وتختار كلماتك زين ، أنتهى زمن الميانة الحين تكلم الشيخ عبد العزيز
سند : أقول إطلع من بيننا يالشيبة وتوكل ، أصلاً إنتظر من اللي له أسبوع يصيح إن عنده سبق صحفي بوقت الزواج ، أبلشتنا على الفاضي ؟
عض على شفايفه وهو يلتفت ناحية عبد العزيز : نعتذر يا الشيخ أنتهت فصول التِرزاز ، الحين بتوكل للمحطة قبل يتوكلون للحدث قبلي .. خبرك بي أنتقلت لمجال الرياضة والسباقات عشانك !
أبتسم له عبد العزيز وهو يهز رأسه وقال : الله يقويك يا سعود
جلس سند جنب عبد العزيز وقال وهو يبتسم : لا يخفى علي يابن جبار ، لايخفى عليّ هالفرحة ، لا تخفى علي هالإبتسامة والعيون اللي تِشع ! بعد ما كان الضيق يبان بكل تفاصيل وجهك ومن زوده ما قدرت تخبيه ، وذلحين صار كأنك تلقين البشارة إنطق خبرني وش المعجزة اللي أنهت كل هالحزن والضيق بيوم وليلة
تنهد براحة وهو يأخذ الفنجان من يد هادي : إسلم يابو سحابة
هادي : الله يسلمك يا شيخ !
ألتفت ناحِية سند وعلى مُحياه إبتسامة رِضا : اللي صار معي .. ما ينقال عنه إلا معجزة ، صدقت يا سند
أستغرب سند وعبد العزيز أردف وقال : والله إني ذال "خايف " أقولك تقوم تفضحنا بالمجلس
ضحك بخفوت سند وقال وهو يسند ظهره : لك مني أنصدم على الصامت ، ولا ينسمع لي صوت
أبتسم عبد العزيز وقال وهو يناظره : بنت عناد .. حفيدة مساعد هِشيمان وبنت بنته ، بالتالي تصير زوجتي
عقد حواجبه وناظر لعبدالعزيز بإستغراب شديد ، وللحظة بس حتى أستوعب الموقف وأتضحت الصورة حتى ناظر بدهشة لعبد العزيز وهو يضحك بصدمة ويمسح علىً وجهه وهو ماسك نفسه بالقوة ما يوقف ويلعب سامري من فرحته ويفضحهم : تمزح ياعز ؟
هز رأسه بإيجاب وهو يعدل جلسته ويسحب مسبحته من جِيبه : والله إني صادق ! وبنت عناد صارت زوجتي بدون ما ينرفع لي إصبع بهالموضوع !
سكت سند وهو مبتسم ، وسعيد حتى الصدمة
متجهر .. وشلون بعد هالسنين ، وبعد هالمشاكل بين القبايل من قتل ومن تنازل ومن هرب ، وبعد الهم والحزن والضيق .. صارت زوجته ! بدون علم لا منه ولامنها
بعد سكوت ماكان طويل قال لعبدالعزيز : أيقنت يابن راجح ، إن الشخص لاكان من نصيبك لو تجتمع الأرض ومن عليها ضدكم ، ليبقى لك ولا يأخذه غيرك ، ولكن إن طمعت لشخص ماهوب لك ، لازم تدري إنه مصيره يشرق لشخص غيرك ويتركك بالظلام
أبتسم وهو يطبطب على كفه ويقول : خذها مني يابن فيّاض والله إن العوض بيجيك لو تكون على قمة جبل ، وإن اللي كاتبها ربي لك بتجيك لو هي بنجد والا بغداد
تنهد : إيه ، كان مصيري بعد الركض طول سنوات عُمـري مثل:الظامي اللي طرد وجه السراب لا فَرَح في قطرة الماء ، ولاَ حصّل ذرا .. مير إنها طاحت الشمس من عيني يوم مالت عني الفيّة
عبد العزيز ناظره للحظات ، ثم أبتسم كونه قدر يتخطى وأخيراً ، ويعرف عِزة نفس سند
-
-
{ شروق وسحـابة}

كانت واقفة بباب بيت راجح الخارجي من جهة بيت سحابة ، قالت بضيق : الضيق مستحل كل مكان بقلبي يا سحابة ، فعلة طارق خلته يطيح من عيني ، قاتل وهارب بنفس الوقت والله ان نظرات الحريم أمس خلتني أكره نفسي ، تمنيت إنهم ما تنازلو لأجل يذوق ثمن فعلته
سحابة قالت بعتب : لا تقولين كذا ياشروق ، هذا أبو سند ، أبو وحيدك ، لو تركه الشيخ عبدالعزيز يموت كنتي الحين أرملة وولدك يتيم !
قالت وهي تتنهد بيأس : ولكني الحين زوجة قاتل يا سحابة ، علميني شلون بجلس بمجالس الناس وبتكل نظراتهم وإستصغارهم لي بسببه ، وعلميني وشلون أبوي بيتحمل كلام الرجال عنه وعن ولد أخوه ؟ أنا أمس كنت بحترق بثيابي بسبب همسهم ونظراتهم ..


ربتت على كتفها وقالت : هونيّها وتهون ووقفي بصف زوجك ، الكل يقول إنه رخمة وخسيس وواقفين ضده ، المفروض أنتي توقفين معه وتحاربين معه ، لأنه زوجك ولأنك أخترتيه هو
ناظرتها وزاد ضيقها من كلام سحابة ، رغم كل شيء ورغم ضغط أبوها إلا إنها فعلاً أختارته وهي اللي راهنت عليه ، هزت رأسها بطيب ، وألتفت وبيدها كيس الطحين الأبيض ولكنها شهقت بصدمة وهي تشوفه يطيح من يدها وينتثر
ورفعت رأسها للي رجعت خطوة لورى ، ويدها على وجهها وتكح بعصبية : وجع يوجعك ان شاء الله ما تشوفين
شروق قالت : يوجعك أنتي ، وين عيونك يالهبلة ؟
نفضت حياة عبايتها وشروق رفعت حواجبها وهي تشوفها فاتشة قدامها ، عرفت إنها إحدى المعلمات كون سيرتهم زارت كل بيت ، وبعد ما دققت عرفت إنها اللي ظهرت بالنشرة قالت وهي تناظرها بحدة : وش جابك هنا ؟ لا لحظة ، من اللي بيعوضني عن هالكيس اللي أنتثر كله بسبتك
حياة أخذت نفس ثم شدت على قبضة يدها بقوة وبدأت تفلتها بخفيف الين فتحتها قالت بهدوء وهي تبتسم : أختي في الله ، أنتي إنسانة جالسة تدورين هوشة من تحت الأرض ، وأنا إنسانة ماني برايقة لك ، لملمي حبات طحينك وكيسك هذا وتوكلي على الله ، بعدين هذا بيت الشيخ وش عليك من جاءه والا من راح ؟
سحابة سحبت طرف عباية شروق بضيق وقالت : شروق إستهدي بالله ، وراح أجيب لك كيس ثاني ، ما يحتاج كل هالشوشرة
شروق ناظرتها بطرف عينها وقالت : وش عليك أنتي خليني أفرغ عصبيتي عليها
ضحكت حياة وهي تدفها من طريقها وتمشي من عندها : أقول إسمعي كلام هالبنت وخذي عمرك وإذلفي ، مشكلتك دورتي شخص خطأ لأجل تفرغين عصبيتك عليه ، تراها واصلة معي حدها والله إن أسحب بشعرك ببيت الشيخ هذا
سحابة سحبت شروق وهي تمشي وتقول لحياة : معليش تفضلي ، نعتذر منك
ناظرتهم بنص عين ومشت وهي تنفض عبايتها : بلاء بشكلها ، وكأن ماعند أحد هموم إلا هي ، تبي تزيدني عصبية ووجع
كانت تمشي ببيت راجح وتوزع نظراتها للمكان : هالبيت بكبر الخسوف ، المفروض له شيخ خاص فيه والقبيلة لها شيخ ، العجب والعجاب تلقاه هنا
دخلت لجهة الإسطبل وناظرت لجديلة وأبتسمت : هذي اللي تشارك بالسباقات أكيد ، الله يالدنيا حتى الفرس لها مكانة خاصة عند هالناس
كملت طريقها وهي تتلفت وتدور أحد غير اللي تهاوشت معهم عند الباب عشان تسأل عن سلسالها ، كونها طولت بالطريق وهي تدور بكل الدرب اللي مشوه أمس ولكن ما لقت شيء
أنتبهت للي واقفين بوسط الورد ، ومشت بإتجاههم وهي مستحية ، لأن توها تنتبه على نفسها وتلاحظ إنها أخذت وجه وصارت تتمشى وكأنها ببيتها !
عقدت حواجبها وهي توقف بمكانها ، وترجع أطراف يدها لورى ظهرها وهي تفرك يدينها بتوتر ، ورجعت تناظر للي واقفة بين الورد وهي تدقق بملامحها ، ومن فعلاً صدق حدسها حتى شهقت وهي تأشر عليها : والله إنها الجادل وماخابت عيوني
مشت لها بسرعة وهي توقف قدامها وتمسك كتفها بعصبية : أنتي غبية ، أسبوع غايبة بدون خبر بدون سؤال وبدون تعطينا علم
ناظرت لملامحها وضمتها بخوف وهي تقول : غربلتينا يالجادل ، ما تركتي فينا عقل صاحي ، ليل ونهار نفكر بخوف عليك
سكتت وهي تعقد حواجبها وأبتعدت بسرعة وهي تناظر للجادل المبتسمة ، وترمش بهدوء
بقت تتأملها للحظات ، ثم رفعت حواجبها وقالت : وش تسوين هنا؟ كيف جيتي ومتى وليه ؟ شلون وصلتي لبيته وكيف جالسه بوسطه وبهالشكل ، عرفتي إن عبدالعزيز تزوج وإن أمس ليلة زواجه ؟
ألتفتت لبشرى اللي تقول : هالأسئلة كلنا نبي نعرفها ، ولكن آخر كلامك جوابه عندي ، أبلة العربي زوجة عز وحضرت الزواج أكيد لأنها كانت العروسة
ناظرت حياة بصدمة للجادل اللي تناظِرها ببراءة ، وحياة ضربت كتفها بقوة وهي تقول بعدم إستيعاب : الجادل وش قاعد يصير ، فهميني ؟ كيف تزوجتيه ، كيف غبتي هالمدة ثم رجعتي زوجة عبد العزيز
مسكت كتفها بوجع وقالت : حياة أركدي أوجعتيني ، والله كل شيء مو بيدي
حياة قالت بعصبية : وين كنتي ، ليه ما عطيتينا خبر ، منى تبكيك ليل ونهار من خوفها
تنهدت بضيق وقالت : والله ماهو بيدي ، جدي لوى ذراعي وأجبرني على هالزواج ، ولاأدري عن عزيز ولا أدري إني بتزوج شيخ الخسوف ، كل شيء كان خارج عن إرداتي ، ولكن تحت لطف ربي وبإرادته ياحياة
هدأت من نفسها وهي تناظرها بضيق وعتب ..

من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن