16

22.3K 254 74
                                    



ناظرهم بإمتنان وقال وهو ينقل نظراته بينهم : أنتم اللي أن أنتخيتهم ضد الردّي جيتو تنسفون الهقوات، وإن طلبتكم الوقفة وصّلتو خشوم الرخوم لرمال الثرى .. ماني بجاهل مقامكم وإذا على مساعد ، فانا احمد الله عزيز و سابقي حرّه مالي و مال القصير الناقص الداني
خليت الموضوع بيد بن جبار ، هو اللي بيعرف كيف يتصرف معه !
-
-

{ المِـزن }

لما لفت جِدايل شعرها ، أنتشرت رِيحة الحِناء منه
وأنعشت كل خلاياها ، أبتسمت برضا وتركته على ظهرها بعشوائية ، سحبت المبخرة من على التسريحة الصغيرة وأخذت تِمررها على أطراف شعرها ، ناظرت بأريحية لوجهها ثم أخذت نفس براحة ، ما تِحس بطعم الصباح إلا بهالريحة
ومن تركت المبخرة حتى سحبِت الشال الزهرِي من على التسرِيحة ، وطلعت من الغُرفة وهي مبتسمة
ألتفت وهي عاقدة حواجِبها ناحيه أصوات عالية بالصالة ومشت بخطوات سريعة وخايفة ، ومن تُوسطت الصالة حتى توجهت الأنظار عليها
ورنت ضِحكات رحمة ونعمة الساخِرة مسامعها
عقدت حواجبها وناظرت لإبتسامة إستهزاء على ثُغر حكمة وظلت تناظرهم بإستغراب
قال نعمة نبرة ضاحكة يملأها التهكم : كُنتي متعالية ومتغطرسة لأنه ما جاءت على رأسش الرابعة يا المزن ، ولكنش غبية وجاهلة يومنّش ظنيتي إنش بتبقين دائماً الأخيرة ومحد بيجي يعتلي عليش !
ناظرتها بضيق من كلامها وقالت : ما مليتي من دس السم في كلامك يانعمة ؟
رحمة : هالمرة السم ماهب منها يالمزن ، هالمرة من الشيخ راجح
ألتفت ناحية حكمة اللي قالت : خلوها في حالها ، وين القلب اللي بيتحمل اللي بتتحمله
حكمة : سبعة وعشرين سنة وهي الثالثة ولاحد جاء على رأسها
وبعد هالعشرة كلها تجي الرابعة وتكسر ظهرها ماهيب سهلة
ضحكت نعمة وقالت : يوه خلوها تحس بإحساسنا ، كم جلست أدعي إنها تقب حرب بس عشان يأخذ الرابعة
رحمة ناظرت بضحكة لنعمة وقالت : كأنه زوجها لحالها ، بيعرس علينا كلنا مع ذلك نضحك ومستانسين
نعمة قالت وهي تربت ع فخذها : حنا ذقنا هالضيم ودعينا تذوق مثله ، وهذا هو ربي أستجاب زواج راجح من بنت مساعد هِشيمان بعد يومين
كانت تنقل نظراتها بينهم بإستغراب ، ولافهمت وش يقصدون ولا وش المغزى ورى النغزات والنبرات الضاحكة والساخرة ، ولكن من قالت نعمة آخر جملة وأتضحت الصورة قدامها ، ناظرتها بصدمة ورمشت بعدم تصديق : صادقة باللي تقولينه يا نعمة ؟
ضحكت وهي تهز رأسها وتشرب من فنجال القهوة اللي بيدها : اي والله اني صادقة ، اليوم قالت لنا أم سحابة بقرار الشيوخ أمس ، الصلح كان شرطه زواج الشيخ من بنتهم ، والشيخ راجح وافق
بلعت ريقها بصعوبة ، وأنقلب يومها اللطيف ليوم أسود وكئيب بسبب جملة بس ، وفعلاً مثل ماقالت حكمة وين القلب اللي بيتحمل هالوجع ؟
مشت عنهم بسرعة قبل يلاحظون دُموعها
وأتجهت ناحية إسطبل جديلة ، دخلت لها وأستندت على الباب وهي تنحني بيدها على ركبها وتبكي بقهر ، سبعة وعشرين سنة تتُوج بزوجة رابعة ! قوية بحقها
-
-

عبد العزيز اللي من طلع من الخُسوف أمس الظهر
قرر ما يرجع لين تخف عصبيته ، ما يخاف من أي شيء كِثر ما يخاف من نفسه ، كان خايف لارجع وهو ثاير يسوي سوايا لا تُحمد عقبااها
وقف وهو يمسح على وجهه ، وناظر للسماء بإبتسامة مليانه ضيق : يالله وأنا عَبدك اللي في ذراك أحتجى شجاعتي عند سلطانك مهابّه وخوف
نقل نظراته للسحاب بالسماء ، وتضايق أكثر
يومين على طولها ماشافها رغم إنها على كتفه وبسبب هالشيء هو معصب أربعة وعشرين ساعة وهو اللي ما يقدر يتحمل كلمة من أي شخص
ناظر لسند وسعد اللي كانو معه طوال الليل ،رفع رأسه سعد وقال بخُمول : رجعنا
سند أرتفع من على المركى وقال : قم يالله
وقف سعد ومشى خلف عبد العزيز اللي ركب السيارة وتوجهو على طُول ناحِية الخسوف يبون يعرفون وش صار مع شيخ هِشيمان !
ومن وصلو الخُسوف على طول أشر له يوصله للبيت دُون ما يتأخر أكثر وسعد أستجاب ، نزل من السيارة وودعهم ودخل على طول البيت
بينما هم توجهو لمجلس الدِيرة
ناظر لهُدوء البيت على غير عاده وتأفف بضيق وهو يتجه لإسطبل جديلة ، ومن أقتربت خطواته ناحيه الإسطبل حتى عقد حواجبه بخوف وهو يسمع صوت نحِيب وشهقات مكتومة
تزلزت الأرض من تحته ، وضاق نفسه لما ميّز الصوت الباكي ! سارع بخطواته بإتجاهها وفتح الباب بقوة وهو يناظرها منحنية على ركبها وتبكي
أسودت الدنيا بعيونه ، وحس إن كل شيء يبكي من بكاها ، حتى قلبه بكى
من لاحظ الدموع اللي بعيونها وعلى خدها .. حتى حس إنه من قوة ضيقته قلبه بينفجر ..


أقترب بخوف وهو يرفعها ويمسح الدموع على عجل من على خدها ، قرب وهو يضمها ويمسح على رأسها بخوف : وش صاير يا أم عزيز ، من تجرأ ونزل دموعش ؟ من تجرأ وبكاش وهو يدري إني بنهيه عن وجه الأرض
زادت شهقاتها بوجع وهي تشد على ثوبه وهو غمض عيونه بضيق واجم من شدته وكأن قلبه بيتقلص : نذرٍ علي و النذر ما فيه تباديل يا أم عزيز
يا جارحش والله ما يهتني في منامـه ، قولي لي من هو ، وش اللي أوجعش دخيلش إحكي
بلعت غصتها وهي تحاول تتكلم وقالت : راجح بن جبار يا عزيز ، أبوك
أبتعد عنها وهو يناظر للدموع اللي ما وقفت عن النُزول ومسحهت بضيق وهو عاقِد حواجبه : بن جبار ما يوجعش يايمه !
أخذت نفس ورفعت يدها وهي تمررها على لحيته السوداء وقالت بضيق : سبعة وعشرين سنة ، بعمرك أنت .. وأنا معه وحوالينه نسينا الناس من حوالينا ، نسينا الضيم من هله وقبيلته وديرته ، نسينا كل الهموم في سبيل هالحب وهالزواج ، والحين بعد هالسنين الطويلة تجي رابعة تستحل قلبه معي ؟
أرتجف صوتها وقالت : المزن ما تتحمل هالوجع يا عزيز
ناظرها بإستغراب وقال : وش صاير يايمة فهميني من هالرابعة
ناظرته للحظات وهي ساكتة ثم قالت : تنازل هِشيمان السريع واللي أنتهى بيوم وليلة كان بسبب موافقة أبوك على الزواج من بنته !
ناظرها بدون ما يرد ، يحس الصدمة شلّت لسانه
تنازل عن قتل نفس بريئة بإرتباط عائلتين ببعض ؟ وش بيستفيد ، كان يدري إن المشكلة بتنحل بما إنها صارت بين يدين الشيخ راجح
ولكن ماهو بالطريقة هذي .. مو بالطريقة اللي بتكسر قلب أمه ، يهون عنده طارق وجسار وكل قبيلته والخسوف بكبرها ، ولا تهون هالدموع اللي كسرت مجادِيفه
حاوط وجهها بحنية وهو يقول : نذر عليّ يا أم عزيز ما يلحقش ضيم ، خلي الموضوع علي
هزت رأسها بالنفي وقالت : ماحد بيقدر على هالموضوع ياولدي ، هالموضوع ثأر قبايل ولا راح تخمد النار إلا بهالإرتباط ، عزايّ لقلبي وبس
ناظرها بضيق ، وترك يدينه من على وجهها بعتب ، وشلون تظن إن محد يقدر عليه ، وهو عشان دمعة من عيونها يحرق القبيلة كلها !
عاتبها بنظراته ولكنه سُرعان ما ناظرها بحنية وقال بإبتسامة عذبة : إمسحي دمعش ، ورب البيت ما يصير شيء يضايقش ، خذيها من عزيزش وعزش يايمة !
ناظرته بإمتنان وهي تبتسم بضيق ، ولو إنها تدري إن مصير هالشيء يتم ، ولكنها ماودها تِكسر بخاطره
مشى عنها ، وأتجه لمجلس البيت بعدما عرف إن أبوه وسعود جالسين فيه ، ولكنه من كان بيدخل حتى لاحظ خُروجه
وبنفس الوقت ألتفت على دُخول نسيم بخطوات سريعة ناحيه البيت
وقفت جنبه وراجح عقد حواجبه وقال : يالله صبـاح خير وعفو ومغفرة ، وش بلاكم "وشفيكم"
نسيم ناظرته بتوتر ، ولا تدري وشلون أصبح الصُبح عليها ، ولا تدري وشلون عدت ليلتها المرِيرة
من درت ، وش صار بمجلس الشِيخ حتى أرتجفت كُل خلاياها ، من درت إن أبوها بين خيارين إما " إرتباط القبيلتين ، أو القصاص لجسّار وطارق وكُل الرجال اللي حضرو الموقف "
ولأن جسّار كان راضي بأي حُكم يصدر بحقه ، كون الندم يِنهش ضلوعه بسبب تركه للرجل على الأرض وهربه من المكان ، كان نايم طول الليل دون يرف له جِفن ، بينما هي تتأمله وتبكي بخوف ، تحس إن الجاثُوم على صدرها من تخيل الموقف بس ، وشلون لاصار حقيقة !
من أصبح الصُبح وطلع جسار من البيت ، حتى لبست عبايتها ومشت بخطوات سرِيعة ناحيه بيت أبوها ، تبي تتأكد من قراره تبي تتطمن إن الإرتباط كان الخيار اللي أختاره
واقفه جنب عبد العزيز اللي بادر وقال : صبّحت بالخير يا شيخ ، وش العلم اللي سمعناه؟
عقد حواجبه راجح وناظره بحيرة وعبدالعزيز قرب وقال : أنا في ذرى ربي يا ولد جبار ، إلا الرابعة لا تجيبها على رأس المزن
سكت راجح وصد بضيق ، وسعود تنهد وقال : هذا اللي بيصير يا عز ، ما تدري إن رقبة جسار وطارق على المحك ، إن ماصار هاللارتباط طارت أرقابهم
عبد العزيز قال وهو يتذكر شهقات أمه اللي ماغابت عن باله : تطير يا سعود تطير ، تطير رقبة القاتِل وأعوانه ، ولا تطيح دموع أمـي
شهقت وهي تحط يدينها على فمها بربكة ودموعها ملأت عيونها من قوة خُوفها على الرجل اللي منها وفِيها ، وألتفتو كلهم لها بخوف ..
ألتفتو بخوف ونسيم أقتربت وهي تضرب كتف عبد العزيز بخفيف وبعتب ودموعها تحِرق محاجر عُيونها : يروح جسّار لأجل دموع المزن يا عز ؟
عقد حواجبه وهي أردفت بوجع وناظرته وهي ترفع طرف كمها وتمسح دموعها اللي تِمردت غصب عنها ونزلت : الشيخ راجح لاتزوج وتركها ، فمعها عز بيداريها ويطبطب عليها ، ولكن نسيم لاراح جسّار من لها ياعز ؟ فهمني وقل لي من لها !


راجح قال بعدما رفع حاجبه ووجه نظراته بإتجاه عبدالعزيز ، وصل لمُبتغاه
ووصل للي يبيه بعد ما مرت سنين طويلة وهو يحاول فيه بالطيّب ولكنه يرفض
بينما الحين ماعنده خيار ثالث ، بيوافق مُجبر : وش تقول يالـودق ، نرفض الإرتباط ويموت نسيبك ورجال قبيلتك والا نقبله ونكسر قلوب أحبابك الخيار بين يدينك !
سكت للحظات وناظره وهو يرمش بهدوء ومن أستقرت عيونه بعيون سعود قال : خل سعود يأخذها
راجح أردف على عجل : لزوم شيخ الخسوف يأخذها ! وإن كان سعود بيصير الشيخ بيأخذها
سعود رفع يدينه بسرعة وقال: طلعوني من موضوع الشيّخة الله يرضى عليكم ! عندك رجال طول بعرض يايبه ، وعندك فهيّد
عقد حواجبه عبدالعزيز وناظر لأبوه بلوم : تنصِب شيخ للخُسوف وأنت تشم الهواء ؟ عيب يايبه عيب
ضرب بعصاته الأرض بحِنك وغضب وقال وهو يشد بقبضة يده على رأس عصاته : ينصب يا عز ينصب
كونك ما تدري إنك الشيخ من قبل خمس سنين فأنت غلطان ، أنا متواري عن النظر وتارك الساحة لك ، منتظرك تقول خلاص رضيت وبصير الشيخ
منتظرك تقول أبوي إنحنى ظهره وتقّوس ، ولاعاد يقدر يشيل الحِمل أكثر ، منتظرك تأخذ هالجبال من على كتوفي ! ولكن ما منك رجاء
عض على شفايفه بضيق من عِتاب أبوه ، وهو اللي ما رضى على نفسه تمر الفكرة من باله مُرور الكرام ، وشلون يرضى على نفسه ويصير الشيخ عز ، في ظل وجود راجح ! : ماطيعني يبه " ما أقدر " ماعندي إستطاعة على هالدرب ما أقدر أجلس بصدر المجلس وأنت اللي على يميني ما تعودت
أقترب منه وهو يربت على كتفه : كتف راجح تحمل هالجبال أربعين سنة ياعز ، طالبك وأنا أبوك شل هالحِمل عن كتفي إعتق رقبة زوج أختك وعيال ديرتك ، وإحفظ دموع أمك وأجبر كسرها ، كل هالموضوع بيدك وبكلمة منك بس ، أنت بتنصيبك شيخ للخسوف راح تعزني أنا قبل أي أحد وأنا أبوك ، لا تظن الموضوع تقليل من شأني بل العكس تماماً ، أنت بتخفف عني ياعز مساعد يبي يرتبط فينا لأجل تختلط الأنساب ويتفاخر بإختلاطها ، عطه اللي يبي دام الموضوع فيه تنازُل وحفظ للدم
ناظره بتشتت وضياع ، ليه الدنيا تحدّه على المشي والدعس على قلبه بكُل مرة ؟ ليه تحده على هالضيق ؟ ليه دائماً تكون الخيارات إما يبقى معها أو يفارقها بقسوة ؟
غمض عيونه بإندثار شديد وهو يشد على قبضة يده ، وشلون يفهم أبوه إنه ناذر إنه ما يأخذ غيرها ؟ ولا تكون قبلها ولا بعدها مرأة ؟ وشلون يقول له ترى عندي وعد لحمامة على كتفي حطّت رحالها بعدما هاجرت لخمس سنين كاملة ! وشلون يخليه يستوعب إنه ما يبي يعيش قصة المزن وراجح ولا يبي يكررها الزمن من خلاله ! مايبي أحد غيرها !!

راجح قال : وش قولك يابن راجح ؟ هلّ علينا جوابك لأجل نرد لهِشيمان
فتح عُيونه بتثاقُل وهو يوزع نظراته بين سعود المِرتبك ونسيم المِتشتتة والخايفة ووجهها أحمر من كُثر البكاء ، ولمح أمه واقفة بباب الإسطبل وشادّة الشال على كتفها وتناظره بضيق ، ولأبوه اللي يناظره بترقُب وإنتظار ، أنضغط من كُل الجهات وضاقت عليه الأرض بما رحُبت ، ومثلما تعود
دائما وأبدا " المزن " قبل قلبه وقبل كُل شيء وإن كان برضاه أو غصب عنه ، أهم شيء لا يضيق لها خاطِر ، ولكن هالمرة زودٍ على رضا المزن عنده عشم أبوه وعنده حِفظ للدم ، شد على قبضة يده وهو يلُوم الدنيا اللي كل مره تطلع لين سابع سماء ثم تخسف به وبآماله لين سابع قاع !
رفع عينه وناظر لأبوه وهو يهز رأسه بإيجاب ، قال بشُموخ يخفي داخله وجع وكسر خاطر : بحفظ الدم والدمع وبصون الكرامة ، ولا يصير خاطرك يابن جبار إلا طيب !
ناظره بفرحة أعتلت كُل خلية بجسده ، وأخيراً اليوم المنتظر بالنسبة له
وأخيراً شبِيه راجح وافق وبيُنصب شيخ ! تهلل وجهه فرح وبهجة ، وهو اللي كان يدري من لما نطق بالمُوافقة لمساعد ، إنه بيصير هالشيء وبيحقق مُراده
ولا وافق على هالإرتباط إلا إنه يدري إن عبد العزيز بيعارض وبيأخذ الموضوع بعاطفية لأجل المزن
كان جاهل تماماً العواصف اللي تصِير بقلب عبدالعزيز باللحظة ذي ، كل اللي كان يدري به إن بكرة تنصيب الشيخ !


{ناِصف }
اليومين السابقة ، كانت كلها بدِيرة هِشيمان
من رجع مساعد وباقي الجُموع ، حتى تهلل وجهه وكان ينتظر يوصل خبر نِهاية آل جبار
بس من درى بطلب مساعد ، وطلب الإرتباط بهم حتى تهاوى سقف طموحه على رأسه بأبشع الطرق !
كان يظن إن مساعد ناوي على نهايتهم ! مو على بداية هِشيمان
ضايق صدره وهاليومين بقى فيها يوسوس برأس مساعد يغير رأيه ، ولكن هيهات !
مساعد من أعطاه راجح المُوافقة حتى إزدانت الدنيا بعيونه ، وضرب بكل الآراء عرض الحائط
بهالإرتباط محد بيستفيد غيره هو !
ولولا خوف ناصف إن مساعد يقطع ذراعه الثانية
كان شوش أهل هِشيمان عليه ! بقى هنا بهِشيمان بمحاولة منه إنه يزعزع رأي مساعد ولكنه آبى
.

{ الجادِل }

كانت واقفة على عتبة الباب الخارجي ،وتناظر للحوش بعشوائية ، بقلبها مثل الجمرة ولا تدري وش سببها ! اليوم الأحد .. هالوقت المفروض بحصتها الدراسية وتشرح لِطالباتها
ولكن رغبة أُمها ببقائها أجبرتها تلِبي ، وتبقى هاليومين بعد هنا
رُغم إنها ما خبرت البنات ، ولا مُديرة المدرسة عن تغيُبها ليومين كاملة
كون أمس كان بداية الأسبوع الدِراسي ، ولكن اليوم اللي يضايق قلبها هو عدم معرِفة عزيز بِغيابها
كان ضيقها كوم وضيق الِرسالة وعدم وصولها له كوم ثاني ! والحين شالت هم إنه يجي يدور عليها ولا يلقاها هاليُومين ويعتقد إنها راحِت دون رجعة !
تِنهدت وهي تمسح وجهها بأطراف يدها ، ورفعت رأسها وهي تناظر لأُمها اللي مرت من جنبها ، وقالت : يمـة ، يعني متغيبة عن مدرستِي عشان تتركني وحيدة طُول الوقت ؟
أبتسمت أمل وقالت : يكفيني وجودك هنا ، لما ألتفت بكُل زاوية ألقاك ، خليك بالصالة ، شوي وبجيك !
عقدت حواجِبها وقالت : وين بتروحين !
أمل : جدك يبيني ، بشوف وش في خاطره وبرجع لك
هزت رأسها بلامبالاة ووقفت وهي تُنفض الغُبار من على أطراف فُستانها الحرِيري ودخلت للصالة
بينما أمل توجهت للمجلس اللي بالحوش ، دقت الباب بإحترام ودخلت وهي تتجه ناحِيه مساعد
حبّت رأسه وقالت وهي تناظر للأرض : سم يبه !
أبتسم مساعد ووقف وهو يرمي أطراف غترته لورى ظهره وقال : سمعتي بسالفة القتيل اللي من ديرتنا صح ؟
رفعت رأسها وهزته بإيجاب : سمعت ، ولكن ما قلت للجادل ، خايفة إنها تروح من الخوف
مساعد رفع حاجب وقال وهو يقترب منها ؛ خلينا من الجادل الحين ! اللي قتل ولدنا من ديرة الخسوف ! وعلى إثر ذلك وعشان نحفظ الدم طلبت إرتباط شيخهم فينا
ناظرته بإستغراب وهو أردف وقال : بن جبار راح يعرس عليش بكرة !
رمشت بعدم إستيعاب وناظرته بصدمة ومن صدمتها سكتت ولاعرفت ترد
وهو أردف وقال وهو يربت على كتفها : تجهزي نفدى وجهش ، خليش في أفضل شكل ، تراش بتروحين زوجة شيـ..
قاطعته وهي تقول : زواج ماني بمتزوجة يـبه !
أسترسل بضحكة ساخِرة وقال بحدة وهو يناظرها : ومن اللي خذى رأيش ؟ مهب طواعية الموضوع يا أمل ، الزواج ذا غصب عنش
فركت يدينها بتوتر وقالت : أجبرتني قبل خمسة وعشرين سنة على الزواج ، ولكن هالمرة ما راح أرضى
أقترب منها ورفع أصبعه السبابة وهو يدق جبهتها بقوة : وش بتسوين ؟ وش بيكون ردش لاخذيتش الحين ورميتش قدامه ؟ من اللي عنده القدرة علـ....
سكت بصدمة وهو يشوفها ....!!!
أمل من سمعت كلامه ، حتى أجتمع كُل الضيق بقلبها مشاعرها بيوم زواجها من عناد ، للآن تتذكرها من كُثر المُر اللي عاشته فيها ، الفترة اللي كانت قبل الزواج من إجبار وظلم للآن تعاني بسببها ، ولو إنها شخصية ضعيفة ، وأبوها يشكلها مثل ما وده
إلا إنه بظنها ما بقى بعمرها إلا الشيء القليل ومستحيل ترجع تعيش نفس الحكاية لأجل ترضي أبوها ، أقتربت بسرعة وهي تسحب الخنجر من جنبيته اللي على خصره وحطت على رقبتها ، بينما مساعد بتر جُملته وناظرها بصدمة
قالت وهي تناظره بحدة : عندي القوة أذبح نفسي باللحظة ذي وأخليك تصير قاتل بنتك
ناظرها بتوتر وإرتباك ولكن سُرعان ما الحق توتره ضحكة ساخرة : أقول خلي منش الهياط ونزلي الخنجر ، ماهوب لعبة لا تحسبين إنش بتخيليني أذل "أخاف " ! أدري بش رخمـ...
سكت بصدمة وهو يشوفها تجرح جُزء من رقبتها
رفع يدينه وهو يقول بصوت مرتجف : صلي على النبي وأهدي
أمل كان خوف العالمين بقلبها ، ماكانت تظن إن الخنجر بهالحدة القاتلة ، أيقنت إنها لو غرزته أكثر كان فعلاً ماتت ، ولكن من سمعت نبرة أبوها المرتجفة حتى عرفت إنها وصلت لمرادها ، ما تكلمت وشدت بقبضة يدها على طرف الخنجر
بينما مساعد ناظرها بإرتباك ورجع خطوة لورى ويدينه باقي رافعها : نزلي الخنجر ولا هو بصاير الا اللي ودش !
ناظرته بنص عين وهو قال : ورب البيت يا أمل !
قفى به وهو يشتت نظراته للمكان ، ما حسب حساب هالشيء ! ما حسب حساب إنه بنته راح تموت لو زوجها راجح ..

خربت كل حساباته وتهاوت على رأسه ! والحين لازم يرجع يحسبها من جديد ! يستحيل يخلي أحد غيره يأخذ لقلب نسيب راجح !
يستحيل يرضى بعد ما جاءت الفرصة لين رجلينه يرميها لغيره !
مسح على وجهه وهو يغمض عيونه ، وبدأ يفكر بطريقة مختلفة تماماً ، ومن لمعت الفكرة برأسه حتى ألتفت لأمل اللي باقي ماسكه الخنجر على رقبتها ، أقترب منها وقال : ها إسمعي ، لا مبرر لرفضش ، ولولا الخنجر اللي على أطراف رقبتش وخوفي بفقدان بنتي الوحيدة ، كان جريتش من شعرش له ، ولكن بدال ذا كله الحل موجود ! وإن كانش تبين تسمعينه نزلي الخنجر
ناظرته بإستغراب وهو كتف يدينه ويناظرها بإنتظار
سمعت كلامه لما لمحت الجدية بعيونه ونزلت الخنجر وهي تناظره ، أردف وقال : بنت عناد مقطوعة من شجرة ، لا أب لا جد ولا أعمام وأهل
كل عائلتها بالحياة ذي أنا وأنتي
عقدت حواجبها وهو أردف وقال : لا تزوجت بن جبار ، ما عندها أب بيأخذ اللقب منها ولا عاد عايض عايش لأجل تكون له المشورة عليها
الموضوع بيدي ويدش بس
هزت رأسها بالنفي : لا ، الجـ...
قاطعها وقال : يرضيش الحياة اللي هي عايشتها ؟ يرضيش كونها عايشة بديرة غير ديرتها بدون رجال يبقى معها أو يصرف عليها ويحميها ؟ يرضيش تكون طول حياتها لحالها بدون سند ! أنا وياش ندري وش هي الجادل ووش تفكيرها ، إن بقت هاليومين عندنا بهالديرة اليوم الثالث ما ندري وش بتسوي عشان ترجع للخسوف !
قال بنبرة هادية : ما ودش تتزوج شيخ ، يصونها ويعزها ويرضيها ؟ ويدللّها ويحميها وتبقين متطمنة عليها ولا يقلق قلبش ؟
أمل لمست الحنية بنبرة أبوها وحست إنه فعلاً يبي مصلحة الجادل وهالشيء خلاها تعيد تفكيرها بالموضوع وتنظر له من زاوية ثانية
بينما هو يناظرها بترقب ويفرك يدينه بقلق ، هذا مخرجه الوحيد وإن ما صفت أمل بصفه مايقدر يأخذ الجادل غصب عنها !
بعد هدوء ماكان طويل ، ناظرته والقلق مليان بعيونها ، لا يخفى عليه إنها أقتنعت بالفكرة
كون الجادل رح تكون معززة ببيت شيخ ، ولكن فكرة إنها تعيش نفس الصراع اللي عاشته مخوفها !
قال مساعد وهو يطمنها : أنتي كان وراش مساعد لأجل تبقين عنده
ولكن بنتش ماعندها أحد تتكي عليها يا أمل !
عضت على شفايفها بضيق وسكتت للحظات ثم هزت رأسها بإيجاب : موافقة
أبتسم بفرحة وتهلل وجه ، وقال : بنتش بترفض لذلك خلي كل الموضوع سري لين بكرة !
كانت بترفض بس مشى عنها وهو يطلع من المجلس وهي تنهدت ، خايفة كثير من ردة فعل بنتها
-
-
{ عبد العزيز }

وكأنه مِثل بـركان يستعد للثوران بأي لحظة بسبب المشاعر المكبُوتة في داخله ، يومين على مِصراعيها يصارع ملُيون شعور ، يُقاتل مليُون فكرة
يومين لاهو قادر ينام فيها ويرّيح نفسه ، ولا هو قادر يكمِل باقي سواياه .. الندم ينهش كل جزء من قلبه ، والود وده يرجع الزمن لورى خمسة ايام بس
للفجريةً اللي جمعتهم ، لأجل ما يتحرك شبر واحد من دونها
لأجل تكون هي الاولى رغم الظروف ، يومين كانت خلايا مُخه بس هِي اللي تشتغل وعرُوق قلبه هي اللي تِتألم ، بس جسده المُنهك ما يسوي ولا شيء ..
رفَض رفِض تام إنه يسُوون إحتفال للتنصيب ، ورفض إنه يكُون بيوم مُميز لحاله ، ظناً منه لو كان التنصيب والزواج بنفس اليوم راح يتحمل الموضوع ..
وخلال هالُيومين ما قدر حتى يمر من شارع بِيتها
قلبه يوجعه لأنه كان متآمل تكون الوحِيدة والأولى ، كان متأمل إنه بينتهي من الشيء اللي تِحبه ثم يأخذها له قبل أي أحد
ما قِدر يروح لها ويقُول ، خذت القبِيلة الأولوية ولأني شيخ لازم أتحملها
من فجر يوم الأحد وهو يصارع مليُون شعور ، وتفادياً لإنفجار عقله ، أخذ جدِيلة وطلع برى البيت ، برى الديرة
بأماكن يقدر يِتسع فيها ، وتنتشر الرحابة بصدره
ولكن هيهات ، الوجع هو نفسه والتفكير نفسه !
أخذ جدِيلة ، وقرر إنه ينهِي هالمعاناة ويعطيها خبر أو على الأقل يسمع صوتها أو يتأمل عيُونها ، ولكن يجهل لا سمع صوتها أو تأملها راح يِكتوي أكثر
وقف على مقرِبة من بيت أم سعد ، وثبت رسن جدِيلة ، ثم أستند على الجدار وهو يناظر ناِحيه البيت ، الشمس بدأت تُشرق والناس بدؤو يهرجون من بيُوتهم والحياة بدأت تِدب في ديرة الخُسوف
ولكنها أبت تدب في قلبه ، ولو كانت عنده الجراءة عشان يوصل لين أطراف البيت ! ولكن جراءته تبخرت من جاء بباله إنه مُمكن إنه يوجعها كلامه
وهو يتمنى الوجع لكل خلية بجسمه ولا تِمسها غزة إبرة بقى على حاله لساعات ، يِرتجي منها الظُهور أو الخُروج من البيت ، ولكن هيهات
من لمح وحدة تطلع لما سمعت مُرور سيارة نقل المعلمات ، حتى قطّب حواجبه في حِيرة ، ليه هي بس داومت ، الجادِل وين هي !
ما تحرك ولا شِبر واحد من قدام الباب ، ينتظرها ..

{ حيـاة }

جالسه بنهاية الصالة ، وتِناظر لأم سعد اللي بين يدينها ماكِينة الخياطة السُوداء ، وعلى حافِتها قُماش أبيض ، قالت بعد ما تِنهدت : الواحد وده يدري ليه كُل ما تخيطين يكون بيدك قُماش أبيض !
رفعت عُيونها لها وأبتسمت بوقار وبهُدوء : جالسه أخيط فُستان عروس
عقدت حواجِبها وقالت : بسم الله ، ولِمن هذا ؟
ضحكت بُخفوت أم سعد وقالت : الموضوع كان في خاطِري سنين طويلة ، ولأن سعد تركه يعلق في بلعُومي وعيا "رفض" يتزوج ، نسيت الموضوع كنت أتمنى كان عِندي بنت لأجل أخيطه لها وصدري رحِب ولكن الحمد لله على كُل حال
ميّر الحين يا حياة صار عِندي ثلاث بنات ، ولازم من ذلحين أبدأ أشتغل على فساتينكم لأجل تِلحق زواجكم
تعالت ضِحكات حياة وقالت بِحيرة : تونا ياخالة ما ملينا من بعض ، مستعجلة على الزواج ليه ؟
أبتسمت أم سعد وقالت وهي تأشر على أطراف الفُستان : حطيها في إذنش يابنتي، مانيب مخلصة منه إلا وزواجش تِحدد موعده
وقفت بسرعة وهي تِفل شعرها : أعوذ بالله يا خالة ، زوجِي منى أو الجادِ...
سكتت بضيق وهي تِتنهد : مرت أربعة أيام يا خالة ، وقلبي يأكلني والقلق والخوف مو راضين يتركوني ، أربعة أيام بدونها كثيرة والله ! خايفة إنها فعلاً تركتنا وبتبقى عند أهلها ، خُصوصاً إنها تغيبت يومين عن المدرسة ، ومو من عوايدها
تركت أطراف الماكِينة وهي تناظرها بِضيق ، ماكانت أقل منها خُوف ولكن اللي مطبطب على قلبها نظرات الفرح في عُيونها لما ذكرت إنها رايحة لأمها ، واللي مخليها ترتاح إنها بين أهلها قالت بهدوء : لا تذلين"لاتخافين" تراها بحُضن أمها
وإن كانت بُحضن أمها محد يقدر يمسّها بسوء
أبتسمت بضِيق حياة وهزت رأسها بإية : فعلاً حُضن الأم ملجأ والله ملجأ ومنفى و سِعه و إتساع من ضيق الحياه
ناظرتها أم سعد وعضت على شفايفها بِضيق كونها نِست غياب أم حياة ولكن حياة تِداركت الموضوع وقالت : بخاطري أسوي لكم كيكة بُرتقال
سكتت لحظات ثم مشت للغُرفة هي تسحب عبايتها : لافعلاً بسوي لكم
ناظرتها أم سعد وهي تمشي للباب الخارجي : تعالي يالخبش"خبلة" وين رايحة ؟
أبتسمت وألتفت لها : فِكرة كيكة البُرتقال جاءت بوقتها ياخالة ، عاد تدرين ماعندنا بُرتقال قلت أروح للدكان اللي جنبنا وأجيب بقية الأغراض الناقِصة
طلعت بُسرعة بدون ما تسمع رد أم سعد
بينما أم سعد هزت رأسها بآسى : اللي ندخلها غصب للمطبخ صارت تبي تروح تجيب أغراض عشان تطبخ بطيب خاطِر ، أستر علينا يارب من هالتغير
كُل اللي كانِت تحتاجه إنها تطلع من البيت وتغير جو ، لأنها لو بقت بالحالة النفسِية المليانة قلق هذا داخل حُدود بيت أم سعد راح تِنفجر ، مرت من جنب عبد العزيز اللي كان صاد عنها ، ومن داخله يشتوي ، النار هبت من أقصى جسده
ليه الكُل يطلع من البيت إلا هي ! ليه للآن ما ظهرت
وين جراءته اللي ينعرف بها لأجل يدق الباب ويسأل عليها !
وُجود سعد على الأقل معه ، ولكنه شد رباطة جأشه وقرر ينتظر ، بما إنهم ثنتين طلعو ! أكيد الثالثة بتبان ..
بينما حياة إتجهت للدُكان ، وأخذت البِيض اللي كان ناِقص عندهم وأشترت حبات البُرتقال ، ثم مدتها للشيبة اللي غلفها بكِيسة وأخذ الفلوس ومدها لها
أخذتها وطلعت من الدُكان وهي مبتسمة وتناظر يمين ويسار بدون وِجهة ، مِستمتعة بأجواء الصباح وتارِكه التفكير على عتبة بيت أم سعد..
لفت بخوف وهي ترجع خُطوة لورى لما سمعت صوت صهِيل عالي وحوافِر ترطُم بكل قوة على الأرض
ولكنها تعثِرت بحجرة خلتها تطيح على الأرض ، ويطيح كيِسها معها حتى تناثرت حبات البُرتقال على الطرِيق وتكسرت باقي حبات البيض
عضت شفايفها بوجع وهي تمسك طرف رِجلها وتغمض عيونها بألم ، ومن سمعت صُوت رجل فوق رأسها حتى قالت بحدة وبدون تفتح عيونها : لو ما تدل للفُروسية درب ، ليه تركب على ظهر الخيل ؟ كسرت عظامي الله يكسر عظامك
أنصدم من ردها ورفع حاجب وهو يرجع ورى وهي فتحت عُيونها وناظرت له ومن ميّزته حتى وقفت وناظرت له بضجر : أنت يالمُوسيقي !
سند بقى على حاله واقِف جنب الخيل ويناظرها بنص عين ، بينما هي أعتدلت بجلستها وهي تُحاول تِلم البرتقال واللي ماقدرت
قررت تُتركها على الأرض ، ووقفت وهي تُعض على أطراف شفايفها بوجع ، تحملته وناظرت لسند وهي تكتف يدينها : وليه هالنظرات ووش مصدرها؟
سند كشر بوجهها وقال : مصدرها القرنية يابنت العون
حياة ناظرته بطرف عينها وقالت : قبل تناظر بهالنظرات ، وقبل تحاول حتى تنزل من الخيل مفروض الإعتذار سبّاق !


ناظرها بهدوء وهو فعلاً كان ناوي يعتذر بس أسلوبها أستفزه ، لذلك مسك رسن الخيل ، ومشى من جنبها وهي عصبت وبدأت تمشي على رجل والثانية تسحبها بوجع : ياهية ! أنا أكلمك ترى عيب اللي قاعد تسويه ، عيب إنك منت بفارس وتركب الخيل ، وعيب إنك تسبب الضرر ولا تعتذر
سند تنهد ووقف مكانه وهو مُوقن إن شخصية مثل شخصِيتها ماراح تعديّ الموضوع على خير
ناظرها للحظات وهو منتظرها تكمل بينما هي تنتظره يعتذر ، رفعت حاجبِها وقالت : أنتظر إعتذارك !
أخذ نفس وزفره : ماني بمعتذر ، عشان مرة ثانية قبل تدربي براسك بوسط الشارِع تتذكريني
سكتت وهي تِكتف يدينها وتذكرت المحطة فقالت بهدوء ، وخُروجها للنشرة للمرة الثانية بطلب منه وقررت تستغل الموضوع : وإن كنت منت بمعتذر عن هالموضوع ، إعتذر لموقف المحطة !
ناظرها بإستغراب وهي أردفت وقالت : بسببك أن حالياً معرضة للخطر بأي لحظة
عقد حواجبه بصدمة وقال : وأنا وش دخلني ..
ناظرته بحدة وقالت : أنت اللي أصريت على خُروجي للبث مرة ثانية بينما كنت رافضة ، لو كان الحظ بصفي وتِجاهلو البث الأول فبسببك راح أكون بمحط الأنظار في البث الثاني
هز رأسه بآسى : مِعاشرة قُطاع طرق الأخت
حياة قالت بعصبية : تحمل مسؤولية أفعالك ، ليه مسوي نفسك طفل
ألتفت لها وقال بحدة : وصلتي لين خشمي ترى ، من أنتي عشان أتحمل مسؤوليتك ؟ تحملي مسؤولية أفعالك أنتي ، محد راح برجوله للمحطة غيرك محد وقع العقد غيرك ومحد أخلف الوعد غيرك ، ليه تبين شخص ثاني يتحمل المسوؤلية
ناظرته بضيق وأستفزها كلامه ، بس فعلاً معه حق ، ليه تطرقت للموضوع ذا !
ألتفت وأبتسم بفرحة وهو يناظر للي واقف قدامه وهي عقدت حواجبها وناظرت لنفس المكان
أقترب بخطوات سريعة وهو يسحب رسن الخيل معه ، وقف قدام عبدالعزيز وهو يتنهد براحة : عز ياعز ، وش قاعد تسوي وأنا أخوك ! هُروبك من المكان ماراح ينهي الموضوع
أعتدل بوقفته لما شافه وقال بضيق : مهب عز اللي يهرب يا سند وأنت تدري : ميّر بقلبي نااار ناار ولاهي راضيه تطفى دون رضاها
سكت شوي ثم قال بإستغراب : وش دراك إني هنا !
تأفف : أسكت تكفى ، خذيت خيل واحد من الفرسان وتوجهت للأماكن اللي تقصدها بس ما لقيتك ، بعدها تِذكرت الحمامة وأيقنت إنك هنا !
ياعز ، بكرة بتصير شيخ الخسوف ، وبتتزوج من قبيلة هِشيمان ، متى بتسـ..
ناظره بعتب وقال : الخنجر بصدري يا سند ، ليه جالس تضغط عليه زيادة
رفع حاجبه وأستنكر كلامه : ينقص لساني لو قصدي أوجعك ، مير وقوفك عند هالباب من فجر الخير ماهب من شيمك ، لا أنت اللي جاءتك الجراءة كملت وأعترفت لها وأرضيت قلبك، ولا أنت اللي تركتها وأرضيت القبيلة
تنهد بضيق وقال وهو يمسح على وجهه : من الفجر وأنا أنتظرها ، ولاهي راضية تبان يا سند عز بقى على إثر هالباب أكثر من خمس ساعات في رجوى لقاء ولكن هيهات ، خايف كثير ، خايف عليها
سكت سند للحظات ثم ألتفت برأسه لما سمع صوت خطواتها ، وأبتسم وهو يقول : نعرف الحين وش وضعها
قال بصوت شبة عالي : يابنت
عقدت حواجبها ومن رفعت رأسها وعرفته ناظرته بحدة ، توه تاركها وراه تعرج من الوجع ، وش يبي الحين ؟ ومن هذا اللي معه
أقتربت خطوتين منهم وكتفت يدينها وهو قال : بنت عناد ، وين آثارها
سكتت بإستغراب كبير لسؤاله ورفعت حاجبها بعدم إعجاب ، ولا ردت على سؤاله
بينما وصلها صُوت جهوري من خلف الرجل اللي عند سند قال : سألك سؤال ، على قدره هاتي الإجابة بنت عناد وين هي !
ميّلت شفايفها بإستنكار وقالت : ومن أنتو لأجل تسألون عنها !
عبد العزيز ماكان باقي على ثورانه إلا القليل ، ولكنه حاول يتحكم بأعصابه في النهاية وش ذنبها يثور عليها ؟ بينما هي معها حق بسؤالها ، تكلم وهو يحاول يحافظ على هدوءه : أنا عز بن راجح
سكتت وهي تنزل يدينه بهدوء وتناظره بإستغراب ، عز بن راجح ماغيره ، الوطن اللي تركته الجادِل
لكن وش يسوي هنا هاللحظة ! وليه يسأل عنها ! قالت بهدوء وهي تحاول تعطيه إجابة على قدر سؤاله : الجادل لها أربع أيام مو هنا
ترك رسن جديلة من يده وأبتعد من خلف سند وهو يوقف قدامها عاقد حوواجبه وصاد عن وجهها وقال بخوف : وينها ؟
سكتت للحظات ثم قالت : راحت مع مرسول لبيت أمها ، وبعدها رجع وأخذ كل أغراضها الموجودة بالبيت ، ومن أربع أيام مالها حس ، حتى المدرسة متغيبة عنها !
ناظرها بصدمة وهو عاقد حواجبه ثم شتت نظراته للمكان وهو يرفع كفينه ويمسح على وجهه ، حاول إنه يأخذ نفس ويزفره بهدوء ولكن هيهات ، وين يلقى الهدوء له مستقر بقلبه
سمع صوت سند اللي قال : هربت للمرة الثانية ، كنا نقولها إنها قدك وقدود
أستنكر كلام سند وتضايق كثير ، سحب رسن جديلة ، ومشى بعجلة وهو يترك المكان ، قبل ينفجر وتتناثر أشلاءه قدامهم ..


بينما حياة ناظرت سند بحدة : أنتبه تحكي بالنبرة هذي عن بنت عناد مرة ثانية ، هي مو ضعيفة لأجل تهرب ، هي بنت محتاجه حضن أمها لأجل تلجأ له من ضيم هالأيام ، مثل أي بنت هي ما هربت ، هي رجعت للمكان اللي تنتمي له !
سند ناظرها بإستغراب لإنفعالها وهي صدت عنه بعصبية ودخلت للبيت وهي تقفل الباب بقوة : نكد علي يومي ، حسبي الله وبس
مشت من الصالة وناظرتها أم سعد اللي باقي جالسه جنب المكينة : وين أغراض الكيكة
حياة قالت بعصبية : الله ياخذ اللي قرر يسوي كيكة ياخالة
دخلت الغرفة وهي تنسدح على الفرشة وتحط رأسها على المخدة ، بدأت تصرخ وهي تحاول تفرغ طاقتها العصبية ، ومن تعبت وتعب صوتها رفعت رأسها وناظرت للمكان وهي تنتفس بسرعة ، تنهدت بضيق وهي تمسح وجهها : يارب هي في ودائعك يارب لا يصيبها وجع .
-
-
{ مساعد }

بينما هو جالس بمجلسه مع ناصف ، ويشرب قهوته بإسكتنان حتى دخل الرسول اللي راح لـ ديرة الخُسوف وقال : يا شيخ ، وصلنا علم
مساعد رفع يده بمعنى تكلم وهو أردف وقال : الشيخ راجح بن جبار أعلن عن الخليفة ، وبكرة مع الزواج راح يكون إجتماع الشيوخ الصباح للتنصيب وبالليل راح يكون الإحتفال
عقد حواجبه وقال : ومن هو ذا !
الرسول : نصب عز بن راجح شيخ ، يقولون على إثر ذلك اللي بيرتبط فيك عز ماهو براجح
ناصف غرق بين عصبيته وحس الأرض بتطوى من تحت من قوة عصبيته ، يعني اللي راحت لأجله ذراعه واللي بسببه نفى ولد اخته واللي أنقلبت الدنيا عشان لا يصير شيخ ، صار غصب عن الكل ؟
ألتفت لمساعد وهو ينتظر ردة فعله وكيف بيعارض ولكنه سرعان ما ناظره بصدمة وهو يشوفه يبتسم : زين ما أختار ، ولا يستاهل الشيّخة الا عز ، وذاك الشبل من ذاك الأسد ، ما أبرك من راجح الا ولده
رمش بعدم إستيعاب لكلامه ووقف وهو يخرج من المجلس بعصبية ، ولاهو بس المجلس من الديرة بكبرها تارك الشيبة وراها ، تايه من كثر فرحته سواء كان راجح او ولده ما يهمه الموضوع كل اللي يهمه إرتباطه فيهم ،تارك أخو القتيل جالس بنهاية المجلس يندب حظه كونه وافق على هالتنازل مقابل هالسبب ، غارق في وجعه ووجع أخوه
اليوم ثالث أيام العزاء ، وبكرة زواج بنته ؟ ياكبرها عند الله ، حتى وجعه ما أحترموه
طلع من المجلس والدنيا ضايقه فيه ، وقرر إنه يطلع من الديرة لين تنتهي مراسيم هالزفاف ، لأنه لو بقى بالديرة راح تصير أشياء لا تحمد عقباها كون لا فلوس التنازل همته ، ولا الجاه والعز اللي غرقوه فيه ولا فرحة مساعد .. بينما مساعد قرر إن الزواج راح يكون بديرة الخسوف ، واللي يبي يحضر يروح للخسوف
كونه خايف من رفض الخسوف هالإرتباط لادرو إنها حفيدته مو بنته ، وكونه ما يبي أحد يدري بهالموضوع إلا بعد الزواج ! كيف راح يتمم هالفكرة ما يدري ولكنه مُصر عليها
-
-
{ نسيم }

كانت جالسه فوق السرير ، وتتأمله وهو جالس قدامها على الكُرسي وسرحان ، بين كل لحظة ولحظة يمتلأ قلبها بغض لنسيم ، لأنها زعلته
ولأنها تركته يخرج في ذيك الليلة وهو زعلان
جزء من العتاب كان عليها ، لأنها تحس نفسها السبب باللي حصل فيه ، ولكن ما بيدها شيء
ما بيدها شيء لأجل تقوله مالك ذنب ، أترك عنك هالصراع والوجع اللي تعيشه ، يومين يصارع الندم اللي ينبش قلبه ، يحس إنه مسوؤل وظالم وهالشيء يتخطى جسّار الحنون
قالت بحنيّة مُعتاد عليها : جّسار
صحى من سرحانه وناظرها بهدوء وهي أبتسمت له وأشرت على حضنها بهدوء ، وهو ناظرها للحظات ووقف على طول وهو يمشي بإتجاهها ، سند رأسه بحضنها بدون إعتراض ، لأنه حالياً يحتاج هالأمان
رفعت يدها وبدأت تمسح على شعره بهدوء وبحنيّة
ولا تسمع إلا صوت تنفسه الغير منتظم واللي يدل على ضيقه ، قالت بهدوء مُقاطعه للصمت : تدري
ودي يكون أول طفل لنا ولد ، تدري ليه ؟ لأني أبيه يصير مثلك ، لأن هالدنيا تحتاج الكثير من جسّار لأجل تكون حلوة ، يوجعني الموضوع لما تِحسس نفسك إنك مُذنب وأنت ما تحمل للذنب نقطة ، أنت خطأك إنك تبعت واحد حقير مثل طارق ...
أنت خطأك إنك تبعت واحد حقير مثل طارق ، كابت حقده طول الوقت لأجل يفرغه فيك وأنت لحالك ، والضحية خطأه إنه نشمي
يعني كلكم ضحايا طارق ، لا تحس بالذنب وتوجع نفسك أنت من قوة حِنيتك حتى الوردة لا مريت من جنبها تُزهر ، ما تشوفني؟ أكبر مثال على كلامي أنا
مسكت حواف وجهه بين يدينها وهي تلفه لها وتناظر لعيونه بهدوء وهي تبتسم : انت وجهك مثل ساعات الصباح الأولى الهداوه ، و النقاوه ، و الندى ، و الراحه ، والحب والحنية
تظن وجه مثل وجهك يحق له العبوس والكدر ؟ والله ما يحق له



أبتسم بهدوء وهي أبتسمت على طول من إبتسامة ، سحب يدها من على رأسه وقبّلها بحنية وهو يحطها على عُيونه ، كونه عطاها علمه إنه لما يحط يدها على عيونه ، يعني إنه يحمي نفسه من كل وجع بالدنيا عن طريقها
أبتسمت بطمأنينة وهي تناظره ، وتنهدت براحة إن الموضوع فعلاً بينحل بكرة وبينتهي !
-
-
{ راجِح }

نزل من السِيارة وهو مُتخاذل ، كان راجِع من ديرة أهل نـعمة ، والأخص من بيت فهِـيد ما حب يكسر مجادِيفه بالتنصيب لعز في غِيابه ، راح يطيّب خاطره ، راح يعطيه خبر قبل ما يوصله من غِيره ، ومِثل ما توقع كانت ردة فعله قاسِية ، وقطع سالفة حُضوره من النِهاية ، حيث قال إنه وراه سفرة مُستعجلة لـ نجد بسبب شرِيكه ، ولوما راح راح تفلت منه أشياء كثير ، طلب مِنه يُعذره وطلب منه يتعذر من عبد العزيز مُجاملةً ، بينما رفض حُضور حتى أهله بِغيابه
وهالشيء أوجع قلبه ، كونه راح بنفسه لأجل يطيّب خاطره ومِثل كل مرة كان الرفض الرد ..
دخل للبيت ، وتِوجه لجناحه مع المِزن ، يومين وهي تتجاهله ! وهالشيء مو مرضيّه
دخل الغُرفة ولقاها لابسة نظاراتها الصِغيرة وبيدها المُصحف ، وكعادتها ما تنام إلا وتِنهي وردها
لأجل تنام مرتاحة ، بدل ملابسه
وأقترب وهو يجلس على السرير ويناظرها ، ومن أنتهت من القراءة حتى قفلت المُصحف وتركته عند رأسها ، نزلت النظارة ورجعتها بالعلبة
مِتجاهله نظراته تجاهُل تام ، ومن أنسدحت حتى صدت عنه وهي تقفي فيه
عض على شفايفه بضيق وقال بإستياء شديد : سبعة وعِشرين سنة ووجهش بوجهي .. وبعد هالسنين كلها تقفين بي يالمزن ؟ مُوجعه يابنت نجد مُوجعه
ما ردت عليه ، وهو ناظرها ومن ركز عليها حتى أنتبه على رجفة جسدها ، تِضايق لما عرف إنها تبكي
وقف وهو يمشي ويتجه لجهتها ، وجلس على رُكبه وهو يناظر لوجهها ، أبتسم بضيق : ها ليه تجيبين الزعل ثم تبكين ؟
ناظرته بطرف عينها وقالت وهي ترفع رأسها : سبعة وعشرين سنة نهايتها تفكر في غيري ؟ ما تحس إنه سبب يستاهل الزعل ؟

سكت للحظات ثم تنهد وهو يقول : تدرين ، هالموضوع فيه قبايل ، ميّـ...
قاطعته : ومتى القبيلة بتكون قبلك وقبلي وقبل العائلة ؟
ناظرها بضيق وقال : ها إسمعي يالطيَبة ، يشهد الله على قلب راجح هاللي غزاه الشيّب ، إن مالي هوى بمرأة بعدش ، وإنش الخِتام أنا لما وافقت على طلب الإرتباط ، ما نطقت بالموافقة الا وأنا مُوقن إن عز هو اللي بيأخذها ومُوقن إن عز هو اللي بيصير الشيخ ، أنا ما وافقت إلا لأجل أجبره على هالموضوع .. عبد العزيز لو خليته على هواه بهالموضوع بأموت وأنا أنتظر رِجاه !
عقدت حواجبها : قررت تلويّ ذراعه عن طريقي !
سكت للحظات ثم شتت نظراته للمكان : إية ، محد يقدر يلوي ذراعه إلا أنتي
سكتت بضيق وشدت على قبضة يدها وقالت بِإنزعاج : وش ذنب الودق لأجل يتحمل هالحمل يا راجح ؟
ناظرها وقال : ذنبه إنه ولد راجح وشبيهه ! هالموضوع منتهين منه وبكرة الصبح التنصيب والليل زواجه ! ماعاد به مخرج يالمزن
ناظرته بضيق وهي تحس بدموعها : ميّر هالموضوع ظلم ، ليه يعيش نفس قدرك ؟ ليه يتزوج حرمة تكبره بسنين طويلة بس عشان القبيلة
تنهد وهو يمسح على وجهه ووقف وهو يجلس جنبها على السرير : إسمعي زين ، محد قدّ الخسوف غيره ، وأنا رجال تعبت من هالحِمل ، ولا جبت عيال لأجل أتحمل هالحِمل كل حياتي ! صار الوقت اللي المفروض يُنصب الخليفة فيه ،ثانياً أنا رجال وفيّت بحبي ، ورغم إني قدمت القبيلة على قلبي ونفسي إلا إنش بنهاية المطاف كُنتي لي
وحفظش ربي لي لين صرتي حلالي
أنا رجال ماني أجهل الحب ، أنا رجال تعلمته وأنتظرته وتشفقّت عليه ، ولا تجهلني نظرات عِز والا سرحانه
عشان كذا لو هي نصِيبه وقدره ، راح تبقى له سواء تزوج وأرضى القبيلة والا لا ، دريتي باللي أقصده ؟
ناظرته بضيق وهو تنهد وقرب وهو يحّب رأسها بحنِية : لا تقفين براجح يالـمزن ، يقفون كل الناس إلا أنتي .. يضيق الكون على إتساعه يشهد الله ..
ناظرته للحظات وهي تفكر بعبدالعزيز والحياة اللي بيجنيها بسبب القرار اللي أتخذه بسببها ، وسط ضيقتها ووسط رفضها القاطع والتام
ولكنه أصر وقطع الموضوع عليها ، وحلف لايصير إللي برأسه وهالشيء اللي كسّر كل مجاديفها
ناظرت لراجح اللي ينتظر جوابها ، ولا كان بيدها إلا ترضى ، لأن ماهيب بالمزن اللي ما ترضى إذا طيّب خاطرها
هزت رأسها بإبتسامة وهو تنهد براحة : بي عنش من كُل ضيم يا أم عزيز ، أشهد بكرة إن الفرحة فرحتين
-
-
{عبد العزيز }
بينما كان طول اليوم بغرفته ، على غير عادة رافض دخول أي شخص ، لأول مرة من عرف بوجودها يلوم نفسه ويعاتبها ، لأول مرة يتضايق لأنه ما حصل له وقت يسألها !

وش سويتي بدوني ؟ وش صار بالخمس سنين ؟ وين كنتي ومع من


وعايض كيف تركك ؟ وليش ما رجعتي لما توفى ؟ ليه كان دائماً لما يشوفها يضيع الكلام ويبقى بس خاطره يتأملها ! ليه ما فكر إنه يروي فضوله قبل يروي شوقه ؟
كان جالس على الكرسي ، ومنحني برأسه ويناظر ليده اللي مشبكه ببعضها وساندها على رُكبته
هالمرة بقى يفكر بالموضوع ، ولا وده يظلمها ويقول تركتني للمرة الثانية ، لأن نظرات عيونه تحكي له عكس تفكيره
بس اللي مكسر مجادِيف عبدالعزيز ، ليه ما قالت له ؟ ليه ما عطته خبر ؟ ليه من بد الأشياء المهمة اللي يعرفها مثل أمها وطرف خوالها يجهلها !
ليه خذت أغراضها وليه تغيبت عن شيء أساسي بحياتها ، هالمرة كانت الهقوى كبيرة هالمرة لو ضيعتها راح ينهار هالعز ، هالمرة ماباقي لقلبه سبيل لتحمل هالوجع ، فكرة تجيبه وفكرة توديه
ومثل كل مرة الأفكار السيئة هي اللي تتمكن من عقله تنهد وهو يمسح وجهه بضيق تمكن من كل ضلوع صدره ، كالعادة الهموم تجيه دُفعة وحدة
كالعادة الدنيا تجمع كل المساوىء وترميها بطريقه دفعة وحدة ، أخذ نفس وبدأ يزفره بهدوء : عزاي إني تمسكت بهقاوييّ الكبيره لين تفانيت واقنعت إن ما معي حظٍ يجمّلها
غمض عيونه للحظات ثم فتحها على عجل وهو يوقف ويتجه ناِحية الدرج ، سحب الدرج بسرعة وطلع دفترها ، ما يدري ليه يبي يقرأ ويتأكد إنها بغيابه كانت تبكيه مثل ماكان متشفق عليها ! يبي يحس إنها فعلاً بغيابها الحالي قلبها عنده ، و مثل مالدنيا ضايقه عليه ضايقه عليها
تمرد وفتح أول صفحة بعشوائية وأول كلام طاحت عيونه عليه كان كالتالي " اليوم السابع من شهر مُحرم ، بداية يوم كبقية الأيام ؛ حزين تسوده الكئابة ، باغتتني إحدى طالباتي بسؤال صعقني " أستاذة ليش أنتي حزينه دائماً " تفاجأت أن الحزن تمكن مني حتى أصبح يظهر على ملامح وجهي ! المكان بدأ يصبح كئيب وتسوده الوِحشة ، وتملأ أركانه الشوق .. الشوق للوطن ، للأب والسند ، لنفسي القديمة ، أصبحت مُتعبة من كِثرة الحزن
أريد أن أخفف من وجعي ، أريد أن أتحرر من كِثرة الريش على جسدي ، أريد أن أصبح حمامة خفيفة لا تحمل سوى البهجة .. بِتُ أشتاق الفرح
أياماً ليست بالقليلة أَلِفتُ الحزنَ آخاني سنيناً صديقٌ في الشدائدِ
ما أبرَّه ..
لا نفوسٌ مستقرِّة ولا أرواح مطمئنة
رياحٌ كلما قلنا استراحَت ملأنا من عَناها ألفَ جرّة"
غمض عيونه من إنتهى من آخر حرف ، حتى زادت الضيقة لأضعاف أضعاف ، ما قدر يكمل يقرأ اي صفحة ، كانت هالكلمات كفيلة بزرع بساتين من حزن في قلبه ..

أيقن إنها كانت تعانِي ضعف معاناته
وهالشيء كسّر ضلوعه ، ونهش كل الوجع بقلبه
قفل الدفتر ورجعه مكانه وهو يتمنى إن الأرض تنشق وتأخذه داخِلها ، أو ما يكون عبد العزيز باللحظة ذي
يكون شخص ثاني ، شخص عنده قدرة يترك هالدنيا كلها وراه ويهرب
مسح على وجهه بضيق وهو يناظر لوجهه بالمراية ، تأمل ملامحه للحظة وهو يفكر بـمعرفتها بالموضوع ، أو حتى بموعد رجوعها ؟ خطر بباله للحظة إنه بيبقى هالمرة ينتظر سنين ! مثل المرة السابقة ، خطر بباله إن اللقاء اللي كان يقول إنه ماراح تمر النسمة من بينهم راح يكون بعد سنين !
أخذ نفس وزفره بضيق ، وهو يسحب عِقاله من على التسريحة ، ثبّته على شماغه الأحمر وأخذ عطره وهو يرشه على أطراف الثوب ، بينما ألتفت وناظر لبشته الأسود اللي على أطراف السرير
ناظره وطاحت عيونه على خاتمه أبتسم بضيق وهو يتأمله للحظات : ياكثر الضيق يالفجر العذب ، كان ودي ‏نتلاقى على غيّمه دام الشوارع أخلفت ولكن مثل ماقلت .. المُواطن وإن هاجر وأغترب وتغربل بالحياة مصيره يرجع لوطنه
ضغط على كتفه وهو يبتسم : وأنتي مكانك هنا ولا يخفى على أحد ذلك ، وإن ضحيت بعز لأجل القبيلة ، فعزيز هنا باقي
أخذ البشت وهو يرميه على كتوفه بعشوائية وطلع من الغرفة وهو يناظر بأرجاء البيت اللي قايم وقاعد .. اليوم تنصيب عز بن راجح شيخ للخسوف
اليوم زواج الشيخ عز بن راجح ، وهذا الشيء كفيل بأن الخسوف تقوم على مِصراعيها !

من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن