14

28.8K 268 141
                                    



تنهد بعتب وناظرها بضيق : أنتي سويتي فيني شيء ماهوب بقليل ، أنتي تسللتي من عتمة هالحياة لنوري ، بعدها سحبتي كل هالنور دون شفقة وخلِيتيني مظلم ووحيد .. أنتي مثل اللي قالت " أنا احب الشعر وامتلك فن بس الكسور الزايده أتعبتـنيّ
‏وأنا اللي علمتك ووزن القصـايد إلى أن ‏صرتي تتقنين أوزانها .. وكسرتيني
سكت للحظات ثم قال : كنت صاينك يوم الزمن شح والدنيا ذُبول ، والله اني كنت حافظك مثل الأمانة وِحرصي للخويّ ، وأنا والله كل مابغيت أسامحك ينتخي جرح ‏ويلوذ في وجه الكرامة و أعييّ
هالكلام ماكان نقطة من بحر عتابه، وبما إن الليلة كانت ليلة يفضون فيها قُلوبهم من كل هالمشاعر المكتومة ، اللي بقت حبيسة القلوب لخمس سنين كاملة ، قرر إنه ينفض كل اللي بقلبه كله ، ولأنه لو بقى يعاتب من اليوم لين آخر أيامه على هالوجع ، ما سكت لذلك ختم كلامه وهو يتنهد بضيق :
‏لاجيت أنا بسامحك تبكي الجِراح ماودّها
ناظرها نظرة أخيرة ، وهو يبلع رِيقه بصعوبة
وهاللحظة بدل ما يعاتبها عاتب نفسه ، شلون قدر يقول هالكلام القاسي للحمامة الرهيفة اللي قدامه ؟ شد على قبضة يده وصد عنها وهو يوجه نظراته لجديلة اللي واقفة على جنب كان بيمشي لها
ولكنه ألتفت بسرعة وهو يسمعها تِكرر طلبها منه
طلبها الأوليّ ، إللي أنعاد ثاني مرة على مسمعه
وهو ما يقوى ، والله ما يقوى على كل هالشعور : عزيز لا تتركنـي
عض على شفايفه من قوه وقع هالكلمة عليه وتمتم بضيق : عيوني أنتي ، من يترك عيونه ؟
ناظرها بتأمل للحظات ، من شالها الأسود
اللي يغطي نُص وجهها ، لين خصلات شعرها المتمردة اللي ظهرت من بين الشال ، لعُيونها الدامعة واللي ما وقف الدمع منها ، لأطراف يدها اللي ترتجف للحين ، اللي يقوى على تغيير ديرة من جذورها واللي يشيل الكايدات ويقويّ هلايم ، هو نفسه اللي ما يقوى على تخطِيها ، وهو نفسه اللي يقوى على كل شخص بالدنيا إلا هي ، لأنها الغير لأنها الفجر العذب ، ولأنها تنتمي له وهو وطنها !

أقترب منها وبضيق وقال بعتب وعُيونه بعيونها : آه يا حمامة ..تدرين ‏يوم أشيلك بقلبي ، وأنت جرّاحه؟ كنّي اللي يشيل الجمر في حثله"طرف ثوبه"
ناظرت لعيونه بتأمُل ثم ما قدرت ما تبتسم ، نزلت دمعة متمردة ، كونه للحين يشيلها بقلبها ، وللحين يعاتب وللحين تلمع عيونه لا تكلم معها ، يكفيها والله يكفيها إنه ما نساها ..
قالت بإرتجاف : يكفيّني اللي فقدته ، يكفيّني اللي راح من بين يديني ، ما أبي أفقد أكثر
عقد حواجبه وقال بإستغراب : وش اللي راح من بين يدينك؟
رمشت بهُدوء وهي تتجاهل الغصة اللي تمكنت منها وقالت بإبتسامة مُتعبة : أبو عـناد
سكت للحظات وبقى يناظرها ، بدون شعور بدون ما يحس بأي شيء بقلبه : الله المـستعان الله يطيّب ثراه ويرحمه رحمة الأبـرار ، أشهد بالله إنه خبر كسر ظهري
أخذت نفس وزفرته بهدوء وهي تشتت أنظارها للمكان ، وهو أنتبه لضيقها ولا كسر ظهره هالخبر
كثر كسره بمعرفته إنها بقت فترة طويلة بمكان يجهله ولوحدها ، كان يظن إنه الوحيد اللي عانىّ من هالفراق ولكن ظنه مهوب في محله ومخطي ، بهاللحظة أيقن إنه عذابها كان دبـل عذابه وهالشيء أهلكه ، أهلك قلبه
ناظرها بدون ما يتكلم ، ولعله يبي يوصل بنظراته المشاعر اللي يخبيها بقلبه لعلّه يبيها تُكون طبطبة لقلبها المُنهك‏، وهالنظرة كانت عبارة عن " أنا إللي يخاف عليك من جُور الأيام ، إللي يقول و أن بانت حدود الحّزن في ملامحك سرقت لك من وجه الأيام ضحكة "
كانت كفِيلة بتحليّه كل مُر مرها ، وكل ضِيق عبّرها
ماهي بنظرة قد ماهِي وسيلة للطمأنينة ومدعاة للراحة !
ميّلت شفايفها بضيق ورفعت كفها الصغير المُرتجف وهي تمسح طرف دمعتها : عـزيز
عبدالعزيز قال بلا وعِي من سمع إسمه من طرف ثُغرها : لبيـه وسمِي
أبتسمت وقالت : أنا ما وصلت لهنا قطعة وحدة ، وماكنت بهالثبات إلا لسبب واحد ؛ لأنه كان عندي أمل وعشم إني بلقاك بأحد الدروب
ولا كان يداري ضِيقتي إلا ذكرياتي معك .
سكتت للحظات وهي تتأمله بهُدوء ثم قالت : بعد هالتعب كُله ‏ودي إني بين يديك ارتاح من عقب جهدي ما تحس إن الليالي طوّلت واحنا وقوف ؟ ترى ‏مابي أحب ولا أنحب إلا منك ..
رمش بعدم إستيعاب ، لكلامها اللي كان مِثل العاصفة اللي رمت به بكُل وادِي ، ولجراءتها وإفصاحها عن كل مشاعِرها بُدون خوف ، ولرميها كل اللي بقلبها بين كفينه
وهو اللي رهِيف من ناحيتها وهي ساكته ، أجل عُقب هالكلام وش بيسوي ؟
أردفت وقالِت : خفيفه جيّتك مثل ابتسامه عابره وإثنين تمادوا بـ الصدف حتى تمادوا بالنظر نوبه !

من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن