11

22.6K 264 223
                                    


{ الجادِل }

أبعدت خُصلة شعرها لخلف إذنها وهي تثبت مِرفقها على طاولة مكتبها ، أخذت نفس
وهي تناظر لِإطار الصورة وهي تبتسم بضيق
رفعت كفها وهي تمرر بإصبعها على ملامح وجهه
وتمردت دمعتها غصب عنها ، ولا ملجأ لها من كمية هالحزن إلا بين أوراق دفترها !
فتحت الدفتر وأخذت القلم الأزرق وهي تفتح أول صفحة فارغة قدامها ، أخذت نفس وزفرته بكل ضِيق وهي تبدأ تخط بيدها مشاعِرها ، كعادتها تنثر جميع حِزنها بين أوراق دفترها ، ثم بعدها تِمثل السعادة ! " من قال أن الألم يختفي أو يتوقف ؟
من قال أن الألم يرحل !
من قال أن شوق فراقهم يبقى لفترة ثم يودعنا؟
من قال ذلك فقد كذبو علينا !
من قال أن القلب يلتئم فقد إستغفل بكلامه عقلنا كي نتوقف عن الدمع
أبداً لن يرحل ذلك الألم .. ألم الشوق لهفة الرغبة في الإرتماء في أحضانهم ، الحاجة لصراخ بأعلى صوت "لقد اشتقت لكم "
الشعور بالألم في ذلك القلب الصغير الهش،
الألم الغريب..
الإحساس بأن القلب قد انشطر
ذلك الجرح أبدا لا يرحل او يختفي ..
إنه مجرد إعتياد لحياة أصبحت تخلو منهم
وفي ذات الوقت تنتظر عودتهم
تنظر إلى أماكنهم
تتأمل صورهم
تسترجع ذكرياتهم
و صوت خافت داخل القلب يقول : متى يعودو أو متى أذهب لهم !
صوت خافت يأتي ليقول لي
ليذكرني أن قلبك الصغير المنشطر على فراقهم
لن ينسى الألم أبدا فقد سيعتاد الحياة بذلك الألم .. "غ.ا"

بُتر كلامها ووضعت القلم على الطاولة بخوف وهي تِلفت لمنى اللي تتنفس بسرعه وتناديها : الجادِل بسرعة تعالي
وقفت بقلق : وش صاير ؟
أبتسمت بلهفة وحماس : تعالي مطر ، حتى مرا قوي
الجادل أخذت نفس براحة : خوفتيني يا منى ، على بالي صاير شيء
دخلت وهي تسحبها : تعالي بالله عليكِ اخرجي للحوش ، تعبتي نفسك بالبكاء كل ليلة
هزت رأسها بطيب وهي تمشي ورى منى اللي تسحبها
ومن وقفو بالحوش الصغير لفت لحياة اللي واقفه بنصه وضامه يدينها لصدرها ، قال الجادِل : يوم انك تبردين وش اللي حادّك تبقين تحت المطر
ألتفت لها وناظرتها بنص عين : وأنتي وش عليك ؟ أبقى بالمكان إللي أبيه
منى ضحكت وهي تقول : ماعليك منها جاءتها الحالة
ضحكت الجادل بخفوت وهي تتذكر انها بكل مرة تعصب فيها حياة ، تقول هالكلمة
هزت رأسها بهيّن وهي تدخل تدخل المطر ، ولكنها أنحنت بسرعة للأرض وهي ترمي الموية بيدّها على حياة اللي عصبت : الجادل اتركي الجنون عنك ، طفلة أنتي ؟
ضحكت وهزت رأسها بإية : طفلة وش عندك ؟
ناظرتها بطرف عينها للحظة ثم أنحنت بسرعة وهي ترشها : تفضلي ، إن كان عقلك صغير فبصغر عقلي مثلك !
بدؤؤ يرشون بعض وسط ضحكاتهم العالية ، وإستمرار نزول المطر ولعبهم تحتهم ، وكأن هالليلة كانت رحمة من ربي عشان ينسون كل معاناتهم المُرة !
بعد ما حسّو بالبرد ، لجئو للبيت وبدلو ملابسهم على عجل ، وإجتمعو بالصالة الصغيرة
جلست الجادل وبيدها كوب الشاي اللي يتوسط كفينها بهدف تدفئتها، وبدأت تشرب بهدوء
قطع صمتهم حيـاة إللي قالت بعدما تنهدت وهي تِسند رأسها على الجدار: للآن مصرين على سالفة تعييّنكم بالجنوب ؟
ألتفت لها الجادل وناظرتها للحظات ثم هزت رأسها بإيجاب :لو وافقو ، راضيّه وبمشي أنا ! وبنفس اليوم
منى : وأنـا بعد رايحة ، ذاتاً هالمكان مش مكاني
تأفتت حياة : يعني ببقى هنا لوحدي والا شلون؟
الجادل ناظِرتها بهُدوء وهي تنزل الكوب من يدها : لا طبعاً ، راح تجين معنا ! ووصيّة جدي ماراح ننقضها
مثل ما قال "إبقو سوى ولا تخلون الفراق يدخل بينكم" راح نبقى !
-
-
{ سند }

مسح على وجهه وناظر للمِيناء اللي رسو على مّتنه
نزلو المرسّاة ، وسحبو الأشرعة
أبتعد عن الدِفة وهو يتنهد براحة ، رحلة جديدة كُللت بالنجاح وهذا يعتبر إنجاز مو قليل بالنِسبة له !
ألتفت للقبطان المساعد اللي رفع يده ودق له التحيّة بفرحة وبإبتسامة : كفو يا كابتن ، والله انك كفو
ضحك سند وربت على كتفه : لحد يسمعك يظن إني بالرحلات السابقة رميت بكم في جبل ولا غرقنا
أبتسم بإحراج : ولو ما قصدي كذا والله
سند سحب الراديو وقال : ولا يهمك
فتح على المحطة اللي تبّث السبِاق ولا لحِق الا على سماع صوت مراسيم التكريم ، وهذا كافي يكفيه بحد ذاته ، أبتسم بفرحة وهو يوقف لما سمع صوت عبد العزيز يشكر القائمين على السباق والمشجعين ، ويخص بالشكر ديرة الخسوف
ضحك وهو يرجع الراديو مكانه ويتنهد براحة ، صار له من وجه عبدالعزيز أكثر من سنة
بسبب رحلاته اللي تطول ، وكانت أطول فترة إفترقو فيها عن بعض
ولكن رغم هالفراق كله ، كان يداري البعد والفراق ..

من قريت الشعر و انتي اعذبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن