Part 15: أقدارٌ مُتزاحِمة

ابدأ من البداية
                                    

جلس المعلم وهو يسحب انفاسه ويخبرهم ان رحلته شارفت على الانتهاء, فقد علم منذ ان وصل الجزيرة انها المرة الاخيرة, تذكر كلمات رفيقه القديم قائد احد القبائل حينما زار هذه المنطقة من العالم فأخبره محذرا الا يحاول القدوم لهذه الجزيرة مرة اخرى فربما ستكون الاخيرة.

اخبر اريليوس ان يدنو منه, نزل اريليوس على ركبه وهو يستمع, وضع المعلم يده اليسرى على كتف اريليوس وتحدث يقول: "ايها الشجاع, من اليوم ستكون وريثي في ما علمتك اياه, رغم اني عندي اولاد كُثُر الا انهم لم يرغبوا بتعلم حرفتي, عليك ان تعود للقصر وتعد الوصفة الشافية وتعطيها للفتاة, انني متيقنً تماما انك لن تخذلني وقد اصبحت جاهزا".

بيروس: "ابي ارجوك دعني احملك على ظهري, انني استطيع فعل ذلك, ارجوك لا تكن عنيدا".

المعلم:" بني انها رغبتي لقد تعبت وعشت حياة كاملة, فالتبلغ حبي وقبلاتي لوالدتك زوجتي وحبيبتي الوحيدة, ولتقبل رأس اخواتك وتخبرهن بحبي لهن, ولا تنسا اخوتك الشجعان, اخبرهم باني فخور بكل واحد منهم, لن اموت وعندي رجال يتنفسون على وجه الارض".

نزلت دموع اريليوس ورأسه على صدر المعلم وهو يبكي قائلا: "لماذا افارق كل عزيز احبه, لقد لعنتني الالهة".

المعلم وهو يمسح على شعر اريليوس: "انه مصير العظماء, ولتعلم يا اريليوس انك ستعود يوما الى قبيلتك وستقودهم وستغدو اشجع رجل, لتجعلني ووالدك فخورين بك, لا تسمح للظلم ان يرتقي ولو كلفك ذلك حياتك, اجعل سيفك مسلولا في وجه كل ظالم, لا تصمت عن حقك ابدا, واياك ان تسلم قلبك لمن ليست من لونك, واحذر ان تسير على خطى اتيلا".

بيروس الذي لم يفهم اخر جملة, استمر يبكي وهو يحاول جاهدا اقناع المعلم بأكمال الطريق, نظر المعلم الى عيني اريليوس وهو يمسك راس الفتى بيديه, تحدث اخر كلماته: "عش شامخا ومت شامخا يا مغير الاقدار".

تركته الحياة فاتحا عينيه وغادرت روحه الجسد وهو يبتسم الى اريليوس الذي تنير وجهه الشعلة, وهو سعيد يحدق في عينيه الصبي, لتسقط يداه على جسده وتنحني رقبته نحو اليسار قليلا, كانت تلك اللوحة لجسد المعلم اخر ما سيراه اريليوس من الانسان الذي كان الوالد والقائد والمعلم في طفولته القاسية, الذي غير حياته ليجعله انسان يدرك معنى ان تكون بشريا.

بيروس الذي بكى بصمت, تمالك نفسه, حاول السيطرة على مشاعره ليتحدث قائلا: "علينا ان نشرف موت والدي بأنهاء ما بدأناه, لنكمل المسير".

اغلق اريليوس عينيه معلمه ونهض يمسح دموعه, ثم ضم قبضتيه بقوة واخبر المعلم يقول: "لن تضيع تضحيتك هباء, اعدك ان اصل بالدواء".

ركض بيروس يتبعه اريليوس, والفجر يوشك على البزوغ, ساروا مسرعين مرورا بطريق كثيف بالاشجار نزولا نحو الغابة القريبة من الشاطئ ليكون بعدها الطريق المؤدي الى الشاطئ.

فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن