-8- ضياء نجم مسائي

Start from the beginning
                                    

"و...تعلمين أني لم أعني أياً من هذا في الواقع."
يوناس تحدث بهدوء تاركاً تروس عقلي لتبدأ بالدوران بسرعة أكبر.
"أنت تعلم؟"
سألت بشك فلم يكن يلمح سوى لأمر عرض زواجي الغير مقرر بعد.

"السؤال هو كيف لا أعلم."
هز بسبابته أمام وجهي ثم ارتاح للخلف.
"نورمانوس أعلم الجدة باتريشا قبل أن يرحل ببضعة أيام، كان على ثقة بأنه سيضطر للمغادرة."
لم أرى وجهه لكنني شعرت بأنه قام بدحرجة مقلتيه. هو الطبيب وأول من يعرف بالأمور بعد الجدة وريالين، ليس لأنه مخول بذلك وحسب بل لأنه يريد ذلك.

"كيف كان موقفها إذاً؟"
سألت بفضول وأسندت بمرفقي للطاولة أمامي، أستطيع التخمين بأنه يعلم ذلك أيضاً.

"كانت متحمسة، الاقتران بأحدهم سيخرجك من قوقعتكِ كما أنها ستتأكد من خلاله من أن نورمانوس سيظل أمام ناظريها."
صرح ببساطة وهو يرتاح أكثر في مقعده المبطن فألحظ ملامحه ترتخي بابتسامة، يوناس متعب بدوره لكنه لا يستطيع منع حماسه في الخوض بمثل هذا الحديث.

"أتظن الجدة باتريشا بأنه سيتخلى عن حراس التوازن؟"
سألت بشيء من السخرية، لم أعني الإهانة لكن ما قصتهم مع هذا الشاب بالضبط ومعظم أفراد ريغان يسرحون ويمرحون على هواهم في الأرض وخاصة من في مثل سنه اليافع.

"لم تصرح باتريشا بذلك جهراً لذا لا أستطيع جزم ظنوني."
علق بموضوعية.

"لم أكن لأقلق فريغان لا يملكون مكاناً لأنفسهم سوى ضمن عائلة حراس التوازن."
نطقت كلماتي مع ابتسامة مطمئنة، هذا كان شيء واحد يتم غرسه كالجذور في الأرض في وعينا ولا وعينا من قبل ذوينا.

"لهذا تبارك جمعكما، أنتما تتفاهمان."
نظر لي بطرف خفي، ظن أنني لن ألاحظ.

"الشاب لم يحصل على فرصة ليقابل و يتحدث مع المزيد من أفراد ريغان فحسب. لم يكن في موقع يسمح له بالتعلق بأي شخص وهو مازال فتياً يبحث عن الاهتمام فاستعجل الأمور."
بررت الحدث الذي يعتبره الجميع -عدا مايبل- على ما يبدو عظيماً ثم أسندت فكي لباطن كفي أشيح بوجهي.

"مينرڤا، أيتها البومة الحكيمة، نحن نعرف بعضنا منذ زمن طويل، أنتِ تستطيعين مسايرة كل شخص. متواضعة وباسمة وذكية. هذا ما يبحث كل شخص عنه في شريكه. لم يختركِ بعشوائية أو يتخذ قراراً اعتباطياً."
نقر على الطاولة بأنامله وأضاف بخفوت وأنه يحدث نفسه:
"أنتِ مثالية لمرافقة شخص كنورمانوس ريغان."

"تتحدث وكأنه مختلف."
عاتبت، عيناي تميلان نحوه بكسل. نحن الذين مكثنا في القصر اعتدنا الخوض في مثل هذه السيَر. أحاديثنا هذه تعتمد غالباً على الظنون لكن لا تعجبني ثقة يوناس العالية من حكمه الليلة.

"بحقكِ مينا، سحرة الظلام مازالوا أكثر الأفراد غموضاً، حتى ودمائهم تسير في عروقنا مازالوا يمنعون حراس التوازن الذين لا ينتمون لخط آستور من دخول أراضيهم وكأنهم يخفون شيئاً لن يتفهمه سوى أفراد بني جلدتهم، نورمانوس وبوضوح لا يتفوه بما يدور معهم هناك ولا أحد يجرؤ على استجوابه... حتى باتريشا نفسها."
علل وأخذ يهرش ذقنه التي كانت قد نمت لتغطي شدقيه.

بـومـة مينـرڤاWhere stories live. Discover now