-4- الأيّم الشقراء

Начните с самого начала
                                    

"لم أره منذ مدة طويلة، لقد نمى كثيراً."
نورمانوس علق وكأنه يحدث نفسه حين لاحظته يحدق بأثر فرويد فسألت بفضول:
"معارف؟"

هز برأسه بشيء من الموافقة مجيباً:
"أبناء عم."
أجاب وعيناه تضيقتا على الهيئة التي اختفت. هذا يفسر الشبه، شعر داكن وعيون متوهجة. الطبيعة وحدها ما اختلف. من اللطيف أن تمتلك قريباً مباشراً لكن ... ما معنى ما حصل للتو يا ترى؟

همّ ليضيف شيئ آخر إلا أن تعلق ريم بساقه منعه. سحبت الفتاة طرف معطفه السكري الخفيف وكأنها تطلب منه التركيز عليها ففعل وانحنى على ساق واحدة أمامها.
"كيف لي أن أساعدك؟"
سأل ورغم أنه كان يبتسم إلا أن مسحة القلق لم تفارق وجهه. لا يبدو معتاداً على التواصل مع الأطفال.

"لم أراك تتناول الكعك في حفلة ميلاد الجدة..."
ريم تحدثت وهي تبحث بجد في جيبها عن شيء ما.
"لذا سأهديك هذه."
أخرجت قطعة حلوى من جيب فستانها الكتاني المورد ووضعتها في كفه لتجعله يقبضها بأناملها فتتأكد من أنه لن يرفض.

"أشكركِ."
بدا مدهوشاً للحظات لكنه سرعان ما استدرك الأمر وعلق ناظراً في عينيها البحريتين مباشرة:
"إنه لنبل منكِ أيتها الآنسة الصغيرة أن تفكري بي."

أسندت وجنتي لباطن كفي بتفكير، كان من الصعب عدم ملاحظة كيف تحولنا لكائنات غريبة اجتماعياً أثناء تلك الحفلة. أردت تناول الكعك بالمثل لكنني تراجعت لزاوية فارغة أتنهد إحباطي من هيئتي الطفولية.

"مينا قالت أن الهدايا تسعد الأفراد وتقوي العلاقات وتبنيها مهما كانت بسيطة."
رفعت ريم أنفها وتحدثت بفخر أما أنا فكتمت أنفاسي للحظات. أهذا ما كانت تتجول وتخبر الناس الذي تقوم بتقديم الهدايا لهم به؟!

نورمانوس رفع حاجباً قبل أن يتحرك صدره ما أن سمح لضحكة قصير بترك فاهه.
"مينا محقة، أنا بالفعل سعيد."

"جيد جداً."
هزت رأسها برضى ثم تناولت كتبها وأقلامها قبل أن تركض للخارج وهي تلوح صارخة:
"أراكم قريباً!"
تركتني مع إحراجي وحدي معه.

.
.
.

سكبت الشاي والشاب أمامي تنحنح:
"أنتِ حقاً تبالغين بضيافتي."
نظرت نحوه بطرف عيني.
"دائماً ما أحتسي أنواعاً مختلفة من الشاي أو العصائر أثناء دروسي مع الصغار فلا يشعرون أنها رتيبة للغاية ويصيبهم الضجر."
أسندت الغطاء الزجاجي وحملت الإناء بحذر لأضعه جانباً قبل أن أدفع الفنجان الخزفي الأبيض أمامه مردفة بابتسامة بسيطة:
"أنا لا أعني التقليل من احترام نضجك لكنني سأعاملك كما أعامل أي تلميذ لدي لذا أرجو ألا تحاول رفض ما أقدمه."

"هكذا إذاً..."
غمغم وهو يتناول الفنجان بحركة أنيقة ليرتشف الشاي بهدوء. يبدو أنه ملم بالآداب بشكل جيد ولا أحتاج لتنبيهه. لاحظت ذلك من أمسية مولد الجدة. كان يبقي على يديه بجانبه أو خلف ظهره ويقف باستقامة ويحافظ على ابتسامة. سلوكه كان أنيقاً ومازال.

بـومـة مينـرڤاМесто, где живут истории. Откройте их для себя