عندما خرج من الحمام وهو يدعك رأسه بمنشفة صغيرة .. وجدها قد سبقته إلى السرير .. تبدو كالملاك وشعرها الأشقر يحيط بوجهها بنعومة .. لقد كانت جميلة .. جميلة جدا .. أجمل بكثير مما يستحق .. بل هو على الأرجح لا يستحقها على الإطلاق ..
راقبها وهي تقوم بطقوسها المعتادة .. فتربت بأصابعها على بطنها المحدبة .. وتبدأ بالهمس لجنينها وكأنه حقا يفهم ما يقول ... ظل ينظر إليها بانبهار للحظات .. بدون اي شك لديه بحبها الخالص لطفلهما المرتقب .. هذاالحب الذي كما كان يقتله حبا بها .. كان يخيفه ويؤرقه .. أتراها عادت إليه لأجل الطفل لا أكثر ؟؟
أحست بعودته إلى الغرفة فرفعت رأسها إليه وابتسمت .. بتلك الطريقة التي كانت تدفع قلبه للخفقان بعنف وكأنه يراها للمرة الأولى .. اقترب منها لينضم إليها فوق السرير قائلا :- إذن ... هل سأعرف بما كنت تتآمرين عليه مع طفلي هامسة ؟؟
اتسعت ابتسامتها مما جعل هما كبيرا ينزاح عن قلبه وهو لا يجد أي أثر لذلك الألم الذي رآه يكسو وجهها في مطبخ عائلته .. وقالت :- لا ... إنه سر بيني وبينها ... أمور نسائية لن تفهمها ..
قال متسليا :- تبدين واثقة من كونها فتاة ... ماذا إن خالف توقعاتك وكان صبيا ؟؟
قالت بدون تردد :- الأمر لا يشكل فارقا بالنسبة إلي .. سأحبه بجنون مهما كان جنسه .. إلا أنني أشعر بأنها فتاة .. قلبي يحدثني بهذا .. كما أن نوار قامت بتلك التجربة التي علمتها إياها جارتها أم أسعد .. خدعة ما لاكتشاف جنس الجنين .. لقد أخبرتك عن الأمر ..
قال غير مصدق :- تلك الخدعة حول إلقاء الملح فوق كتف الأم الحامل ... بحق الله يا زين .. أنت لا تصدقين هذه الخرافات ..
قالت باستمتاع :- لا ... لا أصدقها .. وهذا لا يمنعني إطلاقا من القيام بالتجربة كل يوم تقريبا .. أنا زوجة غير عاملة .. ولدي كل الوقت للقيام بكل الطقوس المجنونة التي تقوم بها عادة النساء الحوامل ..
هز رأسه وهو يقول :- تأثير فتيات آل شاعر عليك جلي للغاية .. لقد بت تتحدثين كأسرار .. أمازالت خطط اجتماعكن غدا على ما هي عليه ؟؟
:- نعم ... سنجتمع في شقة نوار للاحتفال بعيد ميلادها ... أسرار رتبت للأمر برمته بهدف التسرية عن نوار قليلا ..
قال مشاكسا :- هل أنا مدعو للحفل ؟؟ أم أنه مقتصر على نساء آل شاعر ؟؟
ضحكت قائلة :- قد يأتي همام ... إلا أنه استثناء عن القاعدة ..
عندما رأى بريق عينيها الفرح .. لانت ملامحه وهو يقول :- أرى أنك تتفقين جيدا مع عائلتك الجديدة
بهتت ضحكتها ... وتحفظت ملامحها وهي تقول بهدوء :- نوعا ما ... علاقتي بأسرار جيدة .. أكثر من جيدة في الواقع .. هزار ونوار .. ما يزال الأمر حديثا بيني وبينهما ...
صمت للحظة ثم قال :- أنت لا تخونين عائلتك الأخرى بصداقتك معهن يا زين ..
همست :- أعرف ..
ساد الصمت للحظات كانت تتحاشى خلالها النظر إليه ... قبل أن يقول بهدوء :- آسف على زلة لسان أفكار .. أعرف بأنها قد أزعجتك بملاحظتها .. للأسف .. تنتقل الكلمات بدون تنقيح ما بين دماغها وفمها ..
أسرعت تقول :- لا بأس .. أنا لست منزعجة .. أعرف بأنها لم تقصد سوءا ..
:- زين ..
رفعت عينيها إليه عندما خاطبها بصوته الأجش ... فرأت العاطفة الفجة في عينيه ... تلك العاطفة العنيفة التي لطالما فاحت منه .. منذ لقائهما الأول كانت قادرة على معرفة أي رجل عاطفي هو .. حتى في قسوته .. في وقاحته .. في غزله الصريح .. كل ما في رائد العمري كان صاخبا بالعاطفة
:- لقد رأيت النظرة التي ارتسمت في عينيك ... الطريقةالتي تزوجنا بها .. ما زالت تؤلمك .. وتحرجك .. وتذلك ..
أخفضت رأسها ... فأكمل بقهر :- لو أنني أستطيع محو كل الماضي من رأسك ... واستبدالها بأخرى جديدة ..
همست :- أخبرتك ... أنا لا أريد أن أنسى ..
:- أنا أريدك أن تنسي كل ما يؤلمك .. أنا لا أريد تلك النظرة في عينيك بعد الآن ..
ازدردت ريقها وهي تقول بخفوت :- لقد كانت لحظة عابرة ... لحظة عابرة لا معنى لها ... وقد انتهت فور أن ..
:- فور أن ماذا ؟؟
مد يده يلمس ذقنها ويرغمها على النظر إليه مجددا .. فالتقت نظراتهما طويلا قبل أن تهمس :- فور أن دخلت أنت ...
قال بخشونة وهو يمعن النظر في ملامحها الرقيقة :- ما الذي تقولينه يا زين ؟؟
تمتمت :- أقول بأن الماضي لا يعني شيئا ... وأن الطريقة التي تزوجنا بها لا تعني شيئا ... ما دمت أنت معي .. إلى جواري ..
تقتله ... بكل ما فيها تقتله ... برقتها ... بجمالها .. بنعومتها وبرائتها ... وجد نفسه يقول بخشونة :- أتحبينني يا زين ؟
أجفلت ... وقد فاجأها سؤاله .. تمتمت بحيرة :- لماذا تظنني عدت إليك إذن ؟؟
:- لا أعرف ... ربما لأجل الطفل .. أو لأجل ما يقوله الناس .. أو كي لا تكرري خطأ والدتك ..
هزت رأسها قائلة :- أنت محق ...
جمد تماما وهي تنظر إليه بتصميم قائلة :- أنا عدت إليك بهدف عدم تكرار خطأ والدتي ..
لم يتخيل أبدا أن يكون الأمر مؤلما إلى هذا الحد .. حتى وقد توقعه .. مرغما .. أخفض عينيه وغصة تمنعه من التعليق على كلماتها بأي شيء .. وإذ بها تمسك وجهه بكلتي يديها وترغمه على النظر إليها قائلا بحزم :- أنا ما كنت لأفعل مثلها فأتخلى عن الرجل الذي أحب بهذه السهولة ..
مش بعينيه وهو يحدق بها غير مصدق ... فأكدت مرددة :- أنا أحبك رائد .. أحبك .. وأحب طفلنا .. وأؤمن بنا .. ألا تؤمن بنا أنت أيضا ؟؟ بأننا نستطيع تحدي كل شي فنكون سعيدين معا ..
قال بصوت أجش :- أنا مستعد لتحدي كل شيء .. مقابل أن تكوني سعيدة معي ..
جذبها إليه ليقبلها بشغف ... معترفا لها بالأفعال هذه المرة إلى أي حد يحبها .. مؤمنا بحبها هو الآخر .. بهما .. وبسعادتهما معا

🎉 لقد انتهيت من قراءة في قلب الشاعر(الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول)مكتملة 🎉
في قلب الشاعر(الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن