الفصل الثاني

ابدأ من البداية
                                    

وقف مستندا إلى الحاجز الرخامي لشرفة منزل طارق .. ينفث دخان سيجارته شاردا وهو يتأمل الحديقة الكاملة الجمال المحيطة بالمبنى .. ككل شيء يمتلكه طارق .. كان على منزله أن يكون آية في الكمال والفخامة بشكل لا يضير بحداثته ... المنزل الذي بناه منذ سبع سنوات عندما كان على وشك أن يتزوج ...
خلافا لتوقعات الجميع .. لم يبادر طارق على الفور باختيار بديلة أخرى عن جودي النجار كخطيبة بعد رميها خاتمها في وجهه ... ظن الجميع بأن جرحا عميقا قد خلفه رفض جودي له هو ما منعه من المضي في حياته .... حتى والدته ... لم تكن تعرف سبب إضراب ولدها عن الزواج ... جواد وحده من عرف ثقل الحمل فوق كتفي طارق ... حمل لم يعرف جواد معناه ... لم يتذوق مرارته إلا لاحقا ... مما زاد من فهمه العميق لابن خالته ...
أحس بحركة وراءه فاستدار نحو يارا التي انضمت إليه في الشرفة ... أطفأ سيجارته وهو يبتسم لها قائلا :- :- هل نامت الفتاتان ؟؟
قالت بابتسامة باتت نادرة في الآونة الأخيرة :- بسرعة قياسية ... أظن الإثارة هذا المساء كانت أكبر من قدرتهما ...
لم تخرج يارا حقا من منزل عائلتها منذ طلاقها قبل ستة أشهر .. قبولها بالخروج برفقته وطارق كان بمثابة معجزة بالنسبة لمن حولها بعد إصرار طويل منها على حجر نفسها في اكتئابها الشديد .. أشار إلى الأرجوحة المزدوجة التي احتلت جانب الشرفة قائلا :- تعالي ... اجلسي إلى جانبي .. مر وقت طويل منذ تبادلنا أطراف الحديث وحدنا دون مقاطعة ..
برقت عيناها الخضراوان والشبيهتان بعينيه وهي تتقدم نحو الأرجوحة لتجلس إلى جانبه وقد سبقها .. أحاط كتفيها بذراعه مانحا إياها لحظات قبل أن يقول بهدوء :- انت تعرفين بأن هاني رجل أحمق لا يعرف ما قد خسره بتخليه عنك
أحس بها تنكمش تحت ذراعه .. قبل أن تقول باقتضاب :- انا من هجره يا جواد ... أنا من اختار الرحيل
:- عندما لم يترك لك خيارا آخر
:- عندما عجزت عن منحه ما يريد ..
قال بعصبية وقد كاد يفقد صبره :- توقفي عن لوم نفسك يارا ... أنت لست مذنبة .. لقد حاولت إنجاب ابن له وعجزت .. بل إن حالتك الصحية قد ازدادت سوءا في كل مرة ...
تمتمت وهي تخفض رأسها :- ألا يمنحه هذا الحق في الزواج مجددا والمحاولة مع امرأة أخرى ؟؟
صمت محاولا كبت غضبه ... جواد لم يكن يوما صبورا أو هاديء الطباع ... ورغبته في ترك مجلس ابنة خالته والبحث عن زوجها وإشباعه ضربا في التو واللحظة كانت أكبر من أن تقاوم .. قال بصوت خفيض لم يخف النار المتقدة في أعماقه :- ما دمت متسامحة معه إلى هذا الحد .. ومؤمنة بأحقيته في الزواج من أخرى ... لماذا طلبت الطلاق ؟؟
صمتت وهي تحدق أمامها ... في الأرضية المرمرية للشرفة الواسعة والمطلة على الحديقة ... ثم تمتمت :- من حقه أن يتزوج بأخرى ... ومن حقي أن أرفض التعايش مع ضرة ..
أشاحت بوجهها وكأنها تمنع جواد من رؤية الألم المرتسم في وجهها الرقيق وقالت :- أنا أعرف هاني ... فور أن تنجب له الإبن الذي يريده ... ستنتفي قيمتي تماما في عينيه .. أنا فقط عجلت المحتوم .. ورحلت بكرامتي قبل أن يطردني هو بقسوته ..
تمتم جواد بصوت مكتوم :- وهذا ما أغضبه .. أنك أنت من رحل .. لهذا يحاول الانتقام منك .. تعذيبك وتسبيب الألم لك
هزت رأسها دون أن تبدي دهشتها لتفهم جواد لها .. جواد كان دائما حزمة غريبة من التناقضات .. قد يبدو أحيانا بجمود رجل الأعمال القاسي ... قد يبدو أحيانا أخرى غارقا في صورة الرجل الأناني العاجز عن رؤية ما هو أبعد من رغباته ... إلا أنه تحت القشرة الجميلة الخادعة ... كان شديد الملاحظة ... لامع التفكير .. عميق الحساسية .. خاصة فيما يتعلق بابنة خالته الوحيدة ... ذكرت نفسها بحزن ... لا ... لست الوحيدة يارا ... إياك أن تنسي ..
تمتمت :- فعلت هذا لأجلي ولأجل ابنتي ... وفرت عليهما الإحساس بالإهمال من قبل والدهما والنقص لكونهما في نظره أقل من شقيقهما المنتظر ... كان عاجزا عن احتمال صحبتهما قبل حتى أن يتزوج بأخرى .. وهو لم يفهم هذا أبدا ... سأظل في نظره المرأة الجاحدة ناكرة الجميل والتي هجرت زوجها بعد أن تفضل ورضي بعجزها ..
تمتم من بين أنفاسه :- الحقير .. أقسم أن يدفع الثمن غاليا ..
أحست بذراعه تشدها إليه فأسندت رأسها إلى كتفه تلتمس الدعم العاطفي الذي لطالما قدمه لها ... فسمعته يقول :- أنت تعلمين بأن والدتك هي السبب في كل ما حدث لك
رفعت رأسها لتنظر إليه عابسة :- ما دخل والدتي في الأمر ؟؟
صحيح أنها بمثاليتها المعهودة كانت رافضة في البدء لطلاق يارا ... قلقة من نظرة المجتمع الدونية نحو المطلقات ... ممتعضة من شماتة رفيقات جلساتها النسائية المترفة من انتهاء زواج ابنتها الوحيدة بالطلاق .. إلا أنها لم تكن مسؤولة بأي شكل عما آل إليه زواجها
:- لو أنها لم ترضعني طفلا ... لتزوجتك منذ سنوات .. وجعلت منك المرأة الأسعد على وجه الأرض
ضحكتها المنطلقة هزت أعماقه إذ أن فترة طويلة مرت منذ سمعها آخر مرة .. كما هزت طارق الذي كان يخرج إلى الشرفة في هذه اللحظة لاحقا بهما بعد أن انشغل في مكالمات هاتفية تلقاها في مكتبه بعد عودتهم مباشرة إلى منزله ...
وقف عند الباب المؤطر بالخشب المصقول وهو ينظر إلى شقيقته التي تألق وجهها بطريقة نادرة وهي ترفع وجهها نحو جواد قائلة :- ثق بي .. أنت كنت لتكون الزوج الأسوأ على وجه الأرض ... حتى هاني ما كان لينافسك في هذا المضمار
عبس جواد وهو يبعد رأسه ناظرا إليها من علو باستنكار :- أنا ... الزوج الأسوأ ؟؟؟
بسطت أصابعها وهي تعد مستخدمة إياها :- أولا ... أنت أكثر وسامة مما يمكن لامرأة عادية أن تحتمل ... ثانيا .. أنت عصبي . انفعالي .. ناري الطباع ... بحيث تستطيع حرق زوجتك المسكينة مرة واحدة بعنف مشاعرك ... ثالثا ... انت زير نساء ... ولن تخلص حتى لو حاولت لامرأة واحدة ما حييت ..
للحظات قليلة ... خلا وجه جواد من أي تعبير .... حتى شك طارق بأن كلمات يارا ربما قد أزعجته .. إلا أن ملامحه قد انبسطت بعدها عن ابتسامة ساخرة وهو يعيد رأسه إلى الوراء قائلا :- ماذا يمكنني أن أقول ؟؟ أنا فعلا أشد وسامة مما ينبغي ...
ابتسمت بثقة من يعرف جيدا الشخص الذي يخاطبه بحيث يؤمن بأنه قادر على استيعابه مهما حدث .. وهو ما لم يكن متوفرا أبدا في علاقة يارا وزوجها .. راقبهما طارق من مكانه دون أن يدركا وصوله بعد .. شاعرا بالرضا لنجاح جواد في انتزاع يارا من بؤسها ... وبالحزن لأنه عجز عن إنجاز الشيء نفسه معها .. على مدى سنوات .. ومنذ زواج يارا .. كانت حياتها عبارة عن سلسلة من المآسي .. حملها المتعب للغاية بالتوأم .. إجهاضها المستمر .. زوجها القاسي والفظ والذي اتضح أن انتمائه إلى عائلة عريقة أثارت بجذورها لعاب والدته ... وأرضت غرور الأنثى في شقيقته ... لا يعني أبدا رقي نفسه .. الحقيقة التي لم يتطرق إليها جواد امام يارا رغم معرفة الجميع بها .. هي أن سبب تمسك هاني بيارا وغضبه لخلعها إياه لم يكن بسبب كبرياءه الرجولي فحسب ... بل طمعا في أموالها التي ورثتها عن والدها أيضا ... ما كان يظن بأنها ستخرج من حياته قبل أن يمتص ما يستطيعه منها إضافة إلى كرامتها و وأنوثتها الجريحة ...
ديونه الكثيرة .. والمصاريف الكبيرة التي أنفقها في زواجه الثاني كانت أثقل عليه مما حسب .. ثم جاء تخلي يارا بأموالها عنه كالقشة التي قصمت ظهر البعير ... لقد وجدت يارا في طلاقها الخلاص ... وسرعان ما ستدرك هذا فور أن تشفى جروح روحها التي تراكمت على مدى السنوات التي قضتها كزوجة لهاني ..
سمع جواد يقول :- إذن ... ما رأيك بوظيفة ؟
رمشت بعينيها وهي تنظر إليه مجفلة :- وظيفة ؟؟
:- نعم وظيفة ... إنه العمل الذي يقوم به الناس نهارا لكسب الرزق .. لقد سبق وسمعت به بالتأكيد .. قبل أن تعترضي أنا أعرف بأنك لست بحاجة إلى العمل إذ لديك ما يكفي من المال لإعالتك وابنتيك حتى فترة طويلة .. إلا أن الوظيفة التي اقترحها ليست وظيفة حقا .. هي أشبه بعمل تطوعي في مؤسسة خيرية .. تقوم في المقام الأول على مساعدة ذوي الحاجة من الفقراء وقليلي الحظ في الحياة ..
حثته عندما توقف فجأة عن الكلام وقد اظلمت عيناه بمشاعر عنيفة :- وما الذي يميز هذا المكان بالضبط ؟
أشاح بوجهه وهو يقول :- يديره صديق لي .. سأتصل به وأخبره بأن يتوقع استقبالك إن قبلت ..
تمتمت بتردد واضطراب :- لا أعرف .. لم .. لم أفكر قط بـ....
قاطعها قائلا برفق :- فكري بالأمر يارا .. أنا أعرض الأمر عليك كي تجدي ما تفعلينه عوضا عن التفكير بزوجك السابق وأفعاله بك .. إن لم يعجبك الأمر فانسيه برمته ..
اختار طارق تلك اللحظة ليخطو عبر الباب قائلا :- هلا توقفت عن إزعاج شقيقتي بإلحاحك .. يكفيك سوءا أنك قد فرضت أخوتك علينا فرضا بقطرة حليب استرقتها من والدتي ...
قال جواد ببساطة دون أن تحرك سخرية طارق فيه شعرة :- أنت تشعر بالغيرة لأنها تحبني أكثر منك .. شفقتي عليك .. هي فقط ما يمنعني عنك يا ابن خالد منصور ..
ضحكت يارا وهي تقف متجهة نحو طارق .. لتطبع على وجنته قبلة خفيفة وهي تقول برقة :- شكرا على هذا المساء طارق ... لا أعرف ما كنت لأفعله بدونكما ..
قال بهدوء :- شكرا لك لأنك أتحت لي قضاء مزيد من الوقت مع الشقيتين .. أتراهما قد نامتا أخيرا ؟؟؟
:- وبعمق ... سأصعد لأطمئن عليهما .. ثم أتصل بأمي ... لن تكون مسرورة على الإطلاق لقضائي الليلة هنا
ثم التفتت نحو جواد ملوحة بإصبعها :- من الأفضل أن تتصل بوالدتك أنت أيضا جواد ... ستقتلها يوما ببرودك ولا مبالاتك .. وأنا أخمن مسبقا أنها اتصلت بك هذا اليوم عشرات المرات دون أن تجيب على واحد من اتصالاتها ..
أدار عينيه بسأم دون أن يقول شيئا .. بينما خطت إلى الداخل ... احتل طارق مكانها فوق الأرجوحة قائلا بهدوء :- هي محقة كما تعلم ... أنا أعرف بأن علاقتك بخالتي ليلى ليست جيدة منذ سنوات .. إلا أن لا مبالاتك تقتلها بالفعل ..
قال جواد بجفاف :- هي ليست لا مبالاة .. هي تأجيل للمحتوم .. كل لقاء بيننا يستحيل إلى كارثة ..
قال طارق بسماحة :- أظنها تشتاق إليك يا جواد ... أنت تعرف والدتك .. هي عصبية ونارية المزاج كباقي سلالة آل راغب .. عائلة والدتينا .. وشئت أم أبيت .. أنت ورثت عنها ناريتها هذه .. بل أظنك اسوأ بكثير إذ أن والدك رحمه الله لم يكن هادئا هو الآخر ..
نهض جواد وهو يتناول علبة سجائره قائلا بصبية :- لا ... لم يكن هادئا البتة .. هلا غيرت الموضوع ..
لم يتردد طارق للحظة في تلبية رغبته إذ لم يكن مغرما بدوره بالأحاديث القلبية .... كان هذا جزءا من طبيعته التي ورثها عن والده .. التحفظ والميل إلى الاحتفاظ بمشاعره لنفسه ... وقد كان بهذا مختلفا عن باقي أفراد عائلته .. يارا كانت دائما متدفقة المشاعر .. كوالدته تماما وإن افتقرت إلى قوة الأخيرة وصلابتها ... جواد أيضا كان راغب ... شاء أم أبى ... هذا الجانب منه كان يساوي ما ورثه عن عائلة الشاطر .. مما جعل شخصيته حزمة غريبة من التناقضات ..
تمتم :- ما حكاية الوظيفة التي طرحتها على يارا ؟
قال جواد وهو ينفث دخان سيجارته قائلا :- إنها وظيفة تطوعية ... أظنك قد سمعتني وأنا أخبر يارا عنها .. لقد رأيتك تتريث قبل دخولك ..
قال طارق معترفا :- لقد بدت يارا مرتاحة جدا معك فلم أرغب بالمقاطعة .. من النادر في الآونة الأخيرة أن أراها بهذا الهدوء .. إذن .. أتظنها تحتاج فعلا إلى تلك الوظيفة
:- عصام المهدي - صاحب الجمعية - صديق قديم لي .. وأنا أثق بأنه الوحيد القادر على منح يارا سببا لتعيش وقد وصلت في يأسها إلى حافة الهاوية .. صدقني .. إن كان هناك من هو قادر على افتعال معجزة فإنه عصام ..
قطب طارق وهو يقول :- عصام المهدي !! .. لماذا لم اسمع بهذا الصديق من قبل ؟
قال جواد بجفاف :- هناك الكثير مما لا تعرفه عني ..
تمتم طارق وهو يتفحص وجه جواد الجامد :- أعرف .... أنت لم تكن يوما كتابا مفتوحا يا جواد .. قد تبدو مرتاحا وأنت تغزو العالم بقوتك وقدرتك .. إلا أنك مظلم من الداخل ... وظلمتك هذه .. تخيفني أحيانا ..
افتعل جواد ضحكة ساخرة وهو ينثر رماد سيجارته من فوق حاجز الشرفة :- أنت من يخيفني بهذه البصيرة المفاجئة ... هل تقول بأنك لا تثق بي فيما يتعلق بمصلحة يارا ؟؟
لم يغفل جواد عن العبوس الذي أطل من عيني طارق الداكنتين وهو يرمق السيجارة المحتجزة بين أصابعه .. غير أنه لم يرهب يوما مثالية ابن خالته وشخصيته الفطرية السلطة .. لوى فمه ساخرا وهو يعاود الكرة ناثرا الرماد عبر الحاجز فوق الشجيرات الخضراء والمشذبة بعناية في الحديقة المحيطة بالمنزل .. فقال طارق عابسا في تجاهل لوقاحة جواد المألوفة :- بالطبع أثق بك ... لقد فعلت بالفعل الكثير لأجلها .. وأنا مدين لك بالكثير لأجل هذا .. ربما أنت الشخص الوحيد الذي تثق به يارا وتعتمد عليه حقا
اختفت السخرية من معالم جواد وهو يقول بهدوء :- أنت تستخف بنفسك يا طارق .. يارا تستمد الكثير من القوة من وجودك في حياتها .. أنت عمادها فلا تشك للحظة بذلك ..
وقف طارق قائلا بجفاف :- أتظن هذا حقا ؟؟
صمت جواد للحظات قبل أن يقول بهدوء :- لا ذنب لك فيما حدث قبل سبع سنوات يا طارق ..راقب الدماء تنسحب من وجه ابن خالته دون أن تتغير تعابيره .. منذ فترة طويلة توقف أفراد العائلة عن ذكر ما حدث قبل سبع سنوات .. وكأن مجرد التفكير به كفيل بإعادة الألم الغير محتمل من جديد .. كانت المأساة أعظم من أن يتمكن أحدهم من استيعابها ... وحتى بعد سنوات .. كانت تبدو ذكراها وكأنها محض وهم لم يحصل قط .. تابع الجميع حياتهم وحفرة لا تدرم في صدر كل منهم ... طارق وحده من ظلت حفرته على مدى سنوات تنزف ألما وحسرة وكأن ما حدث .. قد حدث البارحة ليس إلا ..
قال طارق بجفاف :- انت أيضا لا تعرف كل شيء عني
قال جواد بصلابة :- ما كان بمقدورك فعل أي شيء .. ما كان بمقدور أي منا إيقاف ما حدث ..
قال طارق من بين أسنانه والألم يشق طريقه عبر صدره وكأن سكينا يغرز داخل قلبه بلا رحمة :- كان بإمكاني أن أفعل .. لو أنني أجبت عن أحد اتصالاتها .. لو أنني استجبت لتوسلها وحضرت الحفلة .. أنا كنت أكثر كبرا .. أكثر جبنا من أن أفعل ..
قال جواد بذهن مشوش :- ما الذي تقصده طارق ... لا أحد منا عرف بأن لصا سيقتحم منزل العم محمود في تلك الليلة بينما تعج حديقته الخلفية بالضيوف ... لم يعرف أحد بأن أمل ستكون ضحية صدفة بشعة بوجودها في المكان غير المناسب .. في الوقت غير المناسب ..
قال طارق بصوت مختنق :- لقد اتصلت بي ... تلك الليلة ... لقد اتصلت بي عشرات المرات .. وأنا كنت أتجاهل اتصالها في كل مرة .. بل أنني كنت ناقما عليها بعد تلاسن كلامي جرى بيننا في صباح ذلك اليوم .. لقد كنت غاضبا منها .. تلك الصغيرة .. رباه ... ما الذي فعلته ؟
أخفى وجهه بين كفيه المرتعشتين وهو يتذكر تلك الليلة عندما اتصل به والده يطالبه بالحضور فورا إلى منزل العم محمود ... العم محمود كان زوجا للأخت الصغرى لوالدته ... كانت قد ماتت قبل سنوات طويلة تاركة طفلة صغيرة في عهدة زوجها وعائلتها التي كان هو فردا منها ...
لم يخبره والده بالكثير من التفاصيل عبر الهاتف ... إلا أن صوته كان مختلفا .. لقد تخلله شيء من الإضطراب وعدم الاتزان ... مما دفع طارق لترك اجتماع عمل متأخر والاتجاه فورا إلى منزل العم محمود الواقع في نفس المنطقة الراقية التي تقيم فيها عائلته منذ سنوات
تلك الليلة ... عندما وصل إلى المنزل البسيط ... صدمته الحشود المجتمعة خارجا ... سيارات كثيرة .. عاد بعضها إلى الشرطة المحلية بينما انتمى ما تبقى إلى رواد الحفل بالتأكيد ... حفل عيد ميلاد أمل .. ابنة الرابعة عشرة ... أوقف سيارته خلف إحداها وترجل عاجزا عن تجاهل رؤيته لبعض المدعويين وهم يغادرون المكان برفقة بناتهم المراهقات في حالة من الذهول والشحوب الشديد ... بينما انهارت بعض الفتيات بكاءا وهن يحملن حملا إلى سيارات ذويهم خروجا من المكان ... والده كان في انتظاره في البهو الذي امتلأ برجال الشرطة .. راعه وجه والده الذي بدا وكأنه قد طعن في السن فجأة ... وقبل أن يطرح أي أسئلة قال والده مرة واحدة :- محمود قد مات ... لقد قُتل في مكتبه هذا المساء .. يظنون بأن لصا اقتحم المنزل مستغلا انشغال الجميع بالاحتفال .. ففاجئه محمود على حين غرة
الصدمة كانت أكبر من أن يستوعبها طارق مرة واحدة .. أطلق ضحكة مرتعشة وهو يقول :- هذا غير صحيح .. لا يحدث أمر كهذا بهذه البساطة ...
عندما ظلت ملامح والده المتعبة على جمودها ... صفعته الحقيقة متبعة بإدراك من نوع آخر .. هتف بدون تفكير :- أمل ... أين هي ؟؟ يا إلهي ... هل عرفت ؟؟ أين هي أبي ؟؟
( طارق )
أحس طارق بأصابع جواد تمسكان بكتفيه وتهزانه بشيء من القوة وهو يقول بتوتر :- طارق ... تماسك .. رباه .. لم يسبق أن رأيتك على هذه الحالة ..
انتزع طارق نفسه من بين يدي جواد واتجه نحو الحاجز الرخامي للشرفة وهو يمسح وجهه صعودا نحو شعره المرتب دائما بإتقان ليشيع فوضى غير مألوفة بين خصلاته الكثيفة .. كان عاجزا في تلك اللحظة عن رؤية الحديقة التي لم تخفي الظلمة جمالها ... أو القمر المنتصف الذي اعتلا السماء وأنار سوداها في مشهد بدا حزينا للغاية ... تماما كتلك الليلة
سمع جواد يقول من وراءه :- لم تخبرني قط عن اتصال أمل بك تلك الليلة
تمتم طارق وهو يحاول تمالك نفسه :- ليس بشيء أفخر بذكره ..
لقد كان جواد مسافرا في رحلة عمل خلال تلك الفترة ... والدة طارق ويارا ... بالإضافة إلى والدة جواد ... كن قد غادرن فور وصول الشرطة بأمر من والده .. مباشرة بعد اكتشافهن ما حدث وانهيارهن تحت تأثير الصدمة
عندما أخبره والده بأن لا أثر لأمل في أنحاء المنزل .. وشكوك الشرطة بأرجحية أخذ القاتل لها معه .. أو هروبها في حالة من الذهول بعد رؤية والدها قتيلا .... تذكر اتصالاتها الملحة به .. والتي تجاهلها بعد المواجهة المحرجة التي حدثت بينهما في وقت سابق من نهار ذلك اليوم .. استل هاتفه واتصل بها ... فدوى رنين هاتفها الطفولي النغمة قادما من المكتب المفتوح الباب .. والمزدحم بالضباط والموظفين الجنائيين .. جمد الجميع عندما صدر الصوت من تلك البقعة المنسية أسفل المكتب الكبير ... بصعوبة منع طارق نفسه من النظر إلى الجثة المغطاة في زاوية الغرفة .. واتجه نحو مصدر الصوت متجاهلا التحذيرات والأوامر بعدم الاقتراب ... هاتفها كان هناك ... مرميا على الأرض .. صغيرا .. وردي اللون .. إلى جانب آثار حذاء موحل إلى جانبها ... عندها كان من السهل على الجميع إدراك ما حدث ... لقد رحل القاتل مصطحبا معه غنيمته ... دون أن يترك أي أثر له ... لا بصمة ... لا دليل يثبت هويته .. أو يرشد إلى أي طريق إليه ..
منذ ذلك الحين .. لم يعرف أحدهم ما حدث حقا لأمل .. البحث عنها لم يتوقف لسنوات دون أن يسفر عن نتيجة ..استمرت الحياة ... تزوجت يارا ... وتوفى والده فجأة في سريره .. ظلت والدته متربعة على عرش محيطها المخملي .. بينما ظل جواد يعيش حياته بطريقته السريالية .. محتفظا على الدوام بجزء من نفسه لنفسه ... استمرت الحياة ... إلا أن أمل لم تعد .. وبالتالي .. ظل طارق محتجزا بين قضبان رحيلها .. عاجزا عن تجاوزها ليمضي في حياته .. بطريقة ما ... هو وحده ظل عالقا في تلك الليلة ... وكأن ماضيه كله قد تلاشى قبلها ... ومستقبله قد توقف حتى إشعار آخر من بعدها ..
تمتم :- لقد اتصلت تستنجد بي تلك الليلة ... وأنا خذلتها ... أنا المسؤول عن اختفاءها ... ولن أسامح نفسي قط على هذا ...
صمت جواد للحظات طويلة وهو يفكر بطارق الذي تغير فجأة قبل سبع سنوات من رجل اعتاد استفزاز جميع من حوله بتوازنه المستمد من حياة مثالية لم تشوبها يوما أي عقد ... تحت جناح أب امتاز بهدوءه و أخلاقه الراقية .. خالد منصوركان رجلا رائعا بكل ما تعنيه الكلمة .. لقد كان أبا مثاليا كما لم يكن والد جواد قط .. كما كانت خالته ملك أما مثالية بطريقتها الخاصة .. حتى ومثاليتها جزء من الدور الذي تحب أن تلعبه سواء في حياتها العامة أو الخاصة ... بعكس والدة جواد .. التي ربما لو كانت الظروف مختلفة لكانت أما أفضل ... وربما صديقة أفضل له ..
ما حدث قبل سبع سنوات غير طارق تماما ... مازال يحتفظ بلمسة الكبر اللا إرادية في كل ما يحيط به .. في ملابسه المنتقاة وأسلوب حياته المرفه .. في نظرته المتعالية والتي تفلت من عينيه دون أن يدرك اتجاه كل ما هو أقل شانا منه ... إلا أن شيئا واحدا تغير فيه منذ ذلك الحين .. نظرته اتجاه نفسه ..
لقد كان طارق دائما يبدو مرتاحا في جلده الخاص كما يقول الغرب ... في حين كان جواد يراه الآن وكأنه يتمنى لو ينتزع جلده هذا الذي ما عاد يتناسب مع روحه التي شوهها الذنب فيختبيء عن الأعين خشية أن يراه الآخرون حقا ...
لقد ظن الجميع بأن انتهاء خطبته بجودي كان ما غيره ... حتى جواد نفسه ظن هذا في البداية حتى بدأ يدرك بأن الضغينة كانت آخر ما أحس به طارق اتجاه خطيبته السابقة ... لقد كانت نقمته عند فسخها الخطوبة موجهة نحو نفسه ... وما لم يدركه جواد .. وربما طارق نفسه .. هو أن هذه النقمة ... وهذا الاحتقار للذات لم يتعزز حقا إلا عند اختفاء أمل ...
مرر طارق أصابعه عبر وجهه مجددا في محاولة منه للخروج من حالة الاضطراب التي اعترته فجأة بعد فترة طويلة تمكن خلالها من التماسك .. والتناسي ليس أكثر ... ربما ما حدث مع يارا ... حزنها وبكائها ... ضعفها وهشاشتها الذين شهدهما هذا المساء .. ذكراه بطريقة ما بأمل ... التي كانت منذ صغرها مقاتلة صغيرة ... بلسانها الطويل .. وعينيها المشاكستين .. وشعرها الفوضوي دائما ...
ابتسم وهو يتذكر تذمر والدته الدائم من إهمال العم محمود لصغيرته ... وعدم بذله أي جهد لزرع شيء من الأنوثة والتهذيب في تصرفات وحيدته .. التي سرعان ما ستكبر لتتحول إلى عروس ينفر منها العرسان المناسبون بسبب وقاحتها و صبيانيتها ... حتى أنها قد حاولت مرارا أن تأخذ ابنة أختها تحت جناحها إلى جانب يارا علها تنجح في تحويلها إلى الفتاة الراقية التي تفخر بها أي عائلة عريقة .. غير أن الفتاة كانت أصعب من أن يسيرها أحد ...
اختفت ابتسامته .. واعتراه حزن كبير وهو يتذكر حوارهما الأخير ...
كان يستعد في صباح ذلك اليوم للذهاب إلى عمله عندما وجدها في بهو منزل عائلته ... أسابيع كانت قد مرت على انتهاء خطوبته وجودي ... كان خلالها نائيا بنفسه عن الجميع رافضا أن يتحدث إلى أحدهم في الأمر ... وكأن مجرد ذكره يزيد من إحساسه بالحرج لأن امرأة اختارها قد نبذته لأجل رجل آخر ... الجميع احترم رغبته إلا تلك الصغيرة .. التي كانت تنتظره جالسة بزيها المدرسي فوق منضدة أثرية كانت والدته مغرمة بها تصدرت البهو الواسع ... شعرها الفاحم السواد أشعث حول وجهها وكأن مشطا لم يعرفه يوما .. رغم هذا كان شديد النعومة وهو يغطي نصف وجهها الصغير فلا يظهر سوى عينين زرقاوين براقتين متوعدتين بالمشاكل .. كانت تلوح بساقيها المغطاتين بالجوارب القطنية بينما رمت حقيبتها إلى جانبها أرضا ...
شيء ما ... نذير داخلي أخبره .. بأنها كانت في انتظاره هو ...
لطالما كانت الطفلة الصغيرة في العائلة .. والمتواجدة دائما في الأنحاء .. تشكل جانبا هامشيا في حياته .. لم يسبق أن أعارها ما يكفي من الأهمية .. كانت خيالا نحيلا كثير الثرثرة والمشاكل ليس أكثر .. في الواقع .. لم يسبق أن حدث احتكاك حقيقي بينهما إذ ما كان من النوع العاطفي المتفرغ لتدليل أو الترفيه عن طفلة تفصل الكثير من السنوات بينه وبينها ..
رفعت رأسها وهي تقول :- أخيرا استيقظت ... لقد كنت في انتظارك ..
عبس وهو يكبت دهشته وحيرته مما تريده منه أمل .. والتي غالبا ما اقتصرت الأحاديث بينهما على ما هو ضروري لا أكثر :- ما الذي تفعلينه هنا أمل ... من المفترض بك أن تكوني في المدرسة ..
:- أنا ذاهبة إلى المدرسة بالفعل .. بعد أن أرى خالتي ملك .. لقد طلبت مني الحضور لرؤيتها صباحا قائلة بأنك ستوصلني بنفسك إلى المدرسة بعد أن ننتهي من الحديث
قال بجفاف وهو ينظر إلى ساعة معصمه متابعا طريقه نحو الباب :- لم لا تطلبي من السائق أخذك إلى المدرسة .. لا وقت لدي أضيعه إذ أن عملا كثيرا ينتظرني هذا النهار
:- أنا عذراء
شحوب وجهه لم يستمر سوى لحظات قبل أن يصطبغ وجهه بحمرة الصدمة والارتباك وهو يلتفت نحو الطفلة المشاكسة هاتفا بحدة :- هل جننت ؟؟ أي هراء تتفوهين به ؟؟
رمشت بعينيها الزرقاوين وهي تنظر إليه مجفلة وحيرة ممزوجة بجرح طفولي تعتلي ملامحها :- ما الذي فعلته ؟؟؟ أنا أخبرك فقط بأنني من برج العذراء ؟؟
بصعوبة تمكن من تمالك نفسه مصدوما بالسهولة التي تمكنت فيها كلمة عفوية من تحطيم دروعه .. هتف بغلظة لم تكن من طبعه :- ما الذي تريدينه أمل ؟؟
:- أن أدعوك إلى عيد ميلادي بالتأكيد .. أنا من برج العذراء وعيد ميلادي اليوم ... ظننت الأمر واضحا .. لهذا السبب دعتني الخالة ملك إلى هنا ... كي نتفق على تفاصيل الحفل الذي يخطط والدي لإقامته لي الليلة ..
قال بعصبية وهو يصلح ربطة عنقه :- لن أستطيع الحضور أمل ... لدي الكثير من المشاغل اليوم
قبل أن يصل إلى الباب كانت قد قفزت من فوق الطاولة واعترضت طريقه خلال لحظة .. هتفت بحدة :- و أنا لن أسامحك أبدا إذا تخلفت عن الحضور ..
قال بنفاذ صبر :- لا وقت لدي لألاعيب الأطفال يا أمل .. ينتظرني موعد مهم بعد نصف ساعة
:- أتعلم ... أنا لا ألومها لتركها لك .. أنت مغرور ومتكبر ... ولا تطاق أبدا .. ولا أظنك استحقيتها قط ..
كان قد أمسك بمقبض الباب عندما جمدته عبارتها ... تشنجت أصابعه حول المقبض المذهب وغشاء جليدي يغلف قلبه .. لم يكن طارق سهل الغضب ... كان دائما متماسك المشاعر .. متحفظ الاحاسيس .. كما لم يتوقع يوما أن يشعر بكل هذا الغضب من ابنة خالته التي لم يعطي وجودها حقه قط .. والتي تمكنت بكلمات قليلة ربما لم تكن تعنيها حقا أو تستوعب معناها من أن تمس أعمق مخاوفه .. قال من بين اسنانه بلهجة جليدية كانت لتخيف أي أنثى أكثر نضوجا بحيث تميز الخطر بين نبراته :- من الأفضل أن تحفظي لسانك يا أمل .. اشغلي نفسك بحفلتك ودعي شؤون الكبار لهم ..
نظرت إلى عينيه عبر خصلات الشعر الكثيفة التي حجبت عينيها فلم يظهر منهما سوى بريق التحدي :- أنا لن أبقى طفلة إلى الأبد طارق ... سنوات قليلة وأستحيل إلى امرأة ناضجة .. لن تتمكن بعدها من تجاهلي كما تفعل دائما ..
فتح الباب قائلا ببرود :- أنا لا أتجاهلك يا أمل ... أنا فقط غير مهتم .. وسأظل كذلك مادمت الطفلة المدللة والوقحة التي أنت عليها الآن .. مادمت لا تسببين للعائلة سوى الحرج والمشاكل ...
..... كلمات قاسية تلك التي تفوه بها في آخر حوار دار بينهما قبل أن يغادر المنزل ... رباه ... ربما كان الحوار الوحيد الذي سبق وتبادله معها منذ ولادتها ... أتراها تذكرت كلماته تلك عندما تجاهل اتصالاتها في أشد لحظات حاجتها إليه ؟؟ عندما انتزعها الرجل من منزلها بعد أن قتل والدها أمام عينيها ؟؟؟ إن كان قد قتلها .. وهو الاحتمال الذي رجحته الشرطة وقد اختفى أي أثر لها منذ ذلك الحين ... أكان تصريحه بأنها لا تساوي شيءا في نظره هو آخر ما فكرت به قبل أن تلاقي بارئها ؟؟؟
تمتم جواد نازعا إياه من أفكاره :- ارحم نفسك قليلا يا طارق .. لقد مرت سبع سنوات كاملة .. لقد آن الوقت لتنسى ووتتابع حياتك من حيث توقفت .. توقف عن دفن نفسك معها
تمتم طارق :- قد أفعل يوما ... إن فعلت أنت ... ربما إن توقفت عن استعمال والديك كعذر لحياتك الفارغة فعلت المثل ..
ابتسم جواد قائلا بتهكم :- وتوقفت سلالة آل منصور وآل شاطر عند هذه النقطة ..
ضحك الرجلان بدون مرح قبل أن ينظر جواد إلى ساعة معصمه قائلا :- إذن ... لا أظنك تدعوني للمبيت في منزلك أنا الآخر ... صحيح ؟؟
:- وأغامر بمقتل ما تبقى من اشجار حديقتي برماد سجائرك ؟؟؟ بالتأكيد لا .. اظن عليك الذهاب لرؤية والدتك على أي حال ... ستقتلها يوما بالفعل بقسوتك هذه ..
لوح له جواد مغادرا دون أن يعلق ... وعندما استقل سيارته التي أوقفها قبل ساعات قليلة أمام منزل طارق ... استل هاتفه وهو يدير المحرك ليتصل برقم محدد ... فور أن أجاب الطرف الآخر قال بحزم :- عصام ... إنه أنا .. جواد الشاطر ... يجب أن أراك غدا إن كنت متفرغا .. سأرسل لك الموعد والمكان في صباح الغد
أنهى المكالمة ... ثم أغمض عينيه بقوة للحظات قبل أن يفتحهما منطلقا بالسيارة وهو يتصل برقم آخر .. وفور أن سمع صوتها قال باقتضاب :- أمي ... سأمر بك لدقائق قبل الذهاب إلى شقتي إن لم تخلدي للنوم بعد




قراءة ممتعة..
يتبع...

تبكيكِ أوراقُ الخريف(الجزء الرابع من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن