الفصل الثامن عشر

Start from the beginning
                                    

" لم أكن أريد احزانك يا حبيبي لكنني رغماً عني تذكرته "

" لا تقلقي أساساً أنا لا أنساه بتاتاً "

ضمته بحب فهي تعلم جيداً كم حمزه بداخله طفل لا يكبر أبداً ، ليسألها حينذاك

" متى سيأتي الرجل الذي سيقوم بهذا يا أمي ؟؟"

لتقول له هامسة خوفاً من ظهور سماح او سواها فالمنزل مليئ بالضيوف

" لقد آتى يا حبيبي لكنني فظلت أن أنتظر عمي وعمتي وأخاك منصور وعبدالله ليصلون .. خفت يقولون زوجة أخي فرقت بيننا ونست أن نحن أهله أيضاً "

أمسك حمزه بيدها وقبلها ثم قال

" لا يهمني ما يقال او سيقال .. ولا يهمني وجود أحداً سواكِ "

قبلة وجنته ثم قالت باسمة

" ليحميك الله ويطيل بعمرك يا بنيّ "

أثناء ذلك دخلت سماح وبجوارها حورية التي ارتدت ثوباً أبيضاً وقد وضعت زينة على وجهها فكانت أشبه بعروس جديدة فعقد حاجبيه وهو ينظر إليها ، فهو كان ينوي أن يطلقها بعد طهور عبد الغفور لتأتي بهذا المنظر !!

لماذا لا تفهم عليه ؟؟

لم يعد يكن لها أية رغبة وقد وضحا لها ذلك عدة مرات ، فهل تظن أنها بجمالها قد توقعه بشباكها مرة اخرى !!

ألا تعلم أنه عندما وقع بحب روان أخذ وقتاً حتى تطهر قلبه وجسده ممن سواها فلم يعد يفكر او ينجذب لشيء سواها !!!

لم يخطر بباله أنها تكون قد سمعته اما والدته فقد كان لها رأيا آخر فقد تأكدت أن حورية ليلة الأمس تنصتت عليهما لكنها لاذت بالصمت ، كي لا تشعل فتيل الحرب بينهما فهي تظل زوجة حمزه وام ابنه ومن حقها أن تغار وتحاول جذبه ، لتقطع أفكارهم أخته سماح بقولها

" هل أعجبك ؟؟"

مشيرة لحورية وما فعلته بنفسها ، فأدار وجهه عنهن نحو عبد الغفور الغافي بين يديه لتنزعج حورية وتقول

" لم يعجبه لأن التي ترتديه ليست دكتورته "

نظر حمزه إليهن وقد فهم ما عنته فعرف أنها تنصتت عليه ليلة البارحة فشعر بالغضب بداخله ازداد أضعاف أضعافه ، فهذه ارتدت الفستان الأبيض الذي أراد روان ترتديه وتلك قامت بدعوتها ليلة البارحة لتغيظها ، وكل هذا كان هو السبب فيه لأنه هو من تفوه به دون أن يأخذ حذره من تنصت أحدهم عليه فهو غير معتاد على هذه الأمور بمنزلهم عادة ، ليقول بغضب

" اخرجن روان من رؤوسكن واتركنها بحال سبيلها .. وهذا الكلام موجه إليكن الاثنتين .. هل تفهمن ؟؟"

لتعترض سماح قائلة بغضب

" وما شأني أنا بزوجتيك ؟؟"

" ألستِ أنتِ من أرسلتِ لروان ليلة البارحة تدعينها لحفلة عبد الغفور !! "

تبادلت كلاً من سماح وحورية النظرات لتلوذ سماح بالصمت وقد ظهر عليها تورطها ، ليضيف حمزه غاضباً

" ألم أطلب منكن عدم فعل ذلك ؟؟"

أرادت سماح أن تقلب الطاولة عليه لتقول بغيظ

" هل حرضتك علينا تلك الحية ؟؟ فأنا لم افعل شيء لتغضب هكذا يا أخي "

نظر حمزه إليها ثم قال

" ماذا قولتي !!؟؟؟ روان حية !!! اسمعي إن كان هنالك حية هنا .. فهن أنتن الاثنتين يا سماح "

غضبت سماح وسألته

" أنا حية !!! هل سمعتِ ما قاله حمزه يا مليكة لأخته الكبرى ؟؟"

تنهدت مليكة بانزعاج وقالت

" ليهدئ الجميع فالمنزل مليء بالضيوف .. لا يجوز فعل ذلك وخاصة اليوم "

ليزداد غضب سماح قائلة

" هل هذا ما يهمك فقط ؟؟ ضيوفكِ !!"

" وهل كنتِ تظنين أنني سأخذ عصا وأضربه بها يا سماح ؟؟ أخاك يبلغ من العمر تسعة وعشرون عاماً أي انه ليس بطفل ويعرف ما يقوله "

عقدت سماح حاجبيها بغضب وقالت

" تعنين أننا حيات !!! يبدوا أنكِ أنتِ من حرضته علينا يا زوجة أخي وليس دكتورته !!"

وقفت مليكة مستنكرة التهمة التي لم تتهم بها من قبل

" أنا !!!؟؟ لماذا سأحرضه عليكن ؟؟!! ما مصلحتي بفعل ذلك يا سماح ؟؟... سامحك الله "

وقف حمزه بغضب وقد لاحظ غضب و حزن والدته فصرخ بوجه سماح لدرجة أفزعها هي وحورية وألجمت ألسنتهن وشل تفكيرهن

" كم مرة يجب أن اقول لكم أن أمي خطاً أحمر ممنوع أن يتطاول أحداً عليها .. لا أحد يجرؤا على ذلك أمامي او من ورائي .. هل تفهمين يا سماح ؟؟ "

" أمك !! ألا تخجل من نفسك وقد كبرت كفاية لتفرق بين زوجة أخاك ووالدتك ؟؟"

" ذلك صحيح لقد كبرت للسن الذي يجب أن أخجل فيه من نفسي إن أنكرت من أرضعتني وربتني وكبرتني حتى أصبحت ما أنا عليه اليوم .."

وصل منصور وعبدالله ووالديّ حمزه لتسير نحوهم سماح تبكيه وتشكيه ليقف حمزه مكانه ينظر إليها فهي لم تعد صغيرة السن لتقم بهذه التصرفات ، انها تبلغ الثانية والأربعين من عمرها لكن عقلها عقل مراهقة تكيد لهذا وتحشر نفسها بحياة هذا ، لكن مع هذا يجب ان تعلم هي وسواها أن روان ووالدته خطان أحمران لن يترك لها أو لسواها مجالاً لأن يؤذي إحداهن .

تبادل كلاً من منصور وعبدالله النظرات مع حمزه ليجدا أنه غاضباً ومستعد للانقضاض على أحدهم فلاذا بالصمت ، ليزداد غضب سماح حينها قال عبدالله الذي لم يكن يشبه منصور بشيء بل كان رجل مسالم لا يحب خوض المشاكل او اشعال فتيلها

" اهدئي يا سماح .. اهدئي يا أختي من المؤكد أنه لم يقصد ذلك "

" بل قصد ذلك يا اخي "

نظر عبد الله إلى حمزه ليقول حينها باسماً ليمتص غضب اخاه الأصغر

" ماذا حدث يا أبى عبد الغفور ، هل يعقل أن يخرج مثل هذا الحديث منك ؟؟ "

نظر حمزه إلى سماح ثم قال

" لم أقل سوى ما كان يجب ان يقال يا اخي "

سار عبد الله نحوه وأخذ عبد الغفور من بين يدي والده وقبله ثم نظر إليه وقال

" ليرحم الله عمك .. كم كان يود رؤيتك "

حزن حمزه لم يكن يعلم أن اخاه كان يتمنى رؤية أبنائه لهذه الدرجة ، لقد تأكد من مكانته لديه وأن كل ذلك الحب الذي كان يظهره له كان حقيقياً لكنه ابتلع حزنه ، ليقول عبدالله

غيم أسود .. وبدايات شتاء ( مكتملة )Where stories live. Discover now