الفصل الثانى

Start from the beginning
                                    

اخجلت من تعليقه وشعرت بسخافتها فى هذه الاثناء هرولت والدته من المطبخ على صوت صراخها وجدتها تطرق نظرها للأسفل باحراج
بينما هو عيناه متعلق بها همست متسائلة بريبة  :
- جرى يا حبيبتى بتصوتى ليه ؟! مالك ؟!

قاطعها أنس بلهجة مستنكره قائلًا :
- يا نبع الحنان لما فيه ضيوف فى الصالة مقولتيش ليه هااا ولا أنا دكر بط فى البيت عايش معاكى

ضربت نوال صدرها ثم ضحكت قائلة :
- يووووه نسيت يا أنس  .. على سيرة البط بقى
انهارده ونس معزومه عندى على بط
ثم تابعت حديثها : بقولك ابقى قول للواد امير يطلع يتغدا معانا بحبه الواد ده اوى

جز  أنس  على شفتيه  وهو يميل برقبته
بحركة مستنكره وكاد أن يشد شعره من الغيظ :
بط أيه ؟! وامير ايه؟!  بقولك مش تقوليلى  عندنا ناس وانتي عارفه انا بنام ازاى

ربتت على كتف ونس التى تحاول كبت ابتسامتها
واعادة نظرها إلى ابنها قائلة بغيظ :
- ما خلاص يا واد انت مش سترت نفسك بلاش غلبه ويلا عشان نفطر وتنزل السوق تجبلى الطلبات

اتسعت عيناه وفاه سويًا وبينما هى لم تقدر على كبح ضحكاتها اكثر فأنفلت منها ابتسامة ناعمة وظهرت غمزتها
ثم اسرعت تمضى خلف والدته  وقف ينظر فى اثرها وقلبه يدق بعنف يهمس لنفسه :
- طب عليا النعمة كانت عايشه مع بهايم دي نحس ديه
اومال الوليه الحشريه اللى ساكنه تحت دي ايه
ده بتستجوبنى كل يوم الصبح وبليل

انهوا طعامهم سريعًا ثم نهضت واقفة بابتسامة هادئة   تستئذن للخروج فاندفع هو  دون وعى او ذرة عقل يسألها :
- انتى رايحه فين كده على الصبح ؟!

ثوانٍ  من الصمت فأسرعت والدته تنهى ذلك الصمت
وتلكزه فى كتفه :
- رايحه تدور على شغل متتأخريش بقى عشان الغدا
وانت يلا انجز عشان تلحق السوق انت هتقعد تحكى

هزت رأسها وانصرفت بخجل من تصرفت تلك السيدة العفوية التى كادت تصيب ابنها بذبحة صدرية واغلقت
الباب خلفها

****

عادت تسير بخطوات متثاقلة نحو البنايه
وكل ما يشغل بالها شيئًا واحد هو أن تُعيد غدًا
نفس الجولة فى البحث عن عمل فى تلك المدينه
الكبيره ..
أما هو رأها تخطو من امام الورشه تتجه نحو مدخل البناية بحالة شرود غير واعيه لخطواتها،
لحقها مسرعًا وهو فى حالة تعجب من ذاته لم يراها سوى مرتين وتشغل باله
يود أن يعرف كل شئ عنها ، صعدت الدرج لكنها شعرت بأحد يتبعها استدرات مندفعه تضربه بحقيبتها
فوق رأسه ، رفع يده ليحمى وجه وهو يصرخ بها :
- انتى مجنونه ؟!

ميزت صوته وعضت على شفتيها باستيحاء من فعلتها
فهمست بخفوت :
- اسفه كنت فكراك حرامى

مازال واضعًا يده على رأسه من أثر الخبطة ثم اجابها
بتهكم :
- حرامى !!!!
وحرامى دخل وراكى لحد البيت ليه الحته مفيهاش رجاله

- اه
اندفعت فى الاجابة بينما هو توسعت عيناه من الصدمة :
- نععععم

هزت رأسها يمينًا ويسارًا تنفى ما وصل إليه قائلة :
- اه يعنى فيها .. اسفه بس أنا فعلًا اتخضيت

انفرجت شفتى انس بابتسامة وهو يمرر نظره على  ملامحها :
اه افتكرت ..على العموم حصل خير

رفعت عيناها إليها كان يرتدى (تيشرت) رماديًا
وسروال باللون الأسود وعيناه داكنتين وملامحه الرجوليه الخشنه،
دقه مغايرة لدقات قلبها عندما وصلت إلى عيناه، ابتلعت وهى تكبح نظراتها
حاولت الهروب منه فهمست :
- اسفه تانى عن اذنك

لم تنتظر رده واسرعت تصعد الدرج وصدرها يعلو
ويهبط بالكاد تلتقط انفاسها ، شيعها هو بنظراته
حتى اختفت من امامه ، وضع يده على موضع
قلبه متسائلا :
- معقول !! طب ازاى ؟! ولا أمته ؟!
لأ دي اكيد صعبانه عليا

****

بعد مرور عدة أيام كان انس فى ورشته الخاصة يعمل و عقله ليس معه بل مع تلك الفاتنه ،   مازال يشغل تفكيره بها  يراقبها كل يوم  صباحًا تذهب وتعود عصرًا
أما اليوم فشمس قد غابت وهى لم تعود ، حاول صرف تفكيره وصب انتباه على السيارة التى يقوم باصلاحها  لكنه لم يستطيع فتركها وجلس على مقعده ينظر امامه بشرود كم هى رقيقة للغاية ،لكن هل هى بالفعل نحس
نهر نفسه ورفض التفكير هكذا
كيف لبشر أن يحكمون على احد انه وجه الخير او الشر
اللفظ فى حد ذاته صعب غضب وضيق عارم يتملكه
عندما يتذكر ذلك ، لكن لماذا تركها زوجها ايضًا ؟!
هل لهذا السبب أم لسببًا اخر ؟!
قطع تفكيره ظهورها امامه بفستانها الأسود وحجابها احمر اللون شارده كالعاده بملامح حزينه ، لكن يبدو انها كانت تبكى
ولجت لمدخل البناية نهض مسرعًا خلفها
اتسعت مقلتي عيناها وهو يصعد خلفها الدرج
يحاول اللحاق بها وقفت عاقده ذراعيها امام صدرها :
- خيررر

بلل شفتيه يسألها بأهتمام جلى :
- ونس مالك شكلك زعلان ؟!

اجابته باقتضاب وهى تصعد للأعلى ثانيةٍ بنبرة تحمل برودة الشتاء  :
- ماليش مش زعلانه عن اذنك

صاح بها بعنف وهو يجذبها من معصمها ليجبرها على الاستدارة له  :
- لما أكلمك تقفى هنا ، مالك ؟!

جف حلقه عن الكلام عندما طالع دموعها تنهمر على وجنتها ..
يتبع

إرتواء الروحWhere stories live. Discover now