لننعش الذاكرة

95 4 0
                                    

مرحبا بكم.
أنا عمكم يزيد الحانوتي، وهذا هو لقاؤنا الثاني، والذي أهنى أن يكون لقاء
ممتعا، أو مرضيا لكم في أسوأ الأحوال، فأقل من هذا وسيتملكني الإحباط،
وستنطفئ جذوة حماستي لأقص عليكم المزيد من مغامراتي الشنيعة والمثيرة، عبر
عوالم الكون المختلفة.
من قرأ سر الحانوي يعرفني جيدا، ويعرف الأهوال التي مررت بها في لقائنا
السابق، تحديدا في تلك الفترة الحرجة، بين مراهقتي، وبداية شباي.
إنه ذلك الوقت الذهبي الذي لا هكن تكراره قط، والذي كنت فيه متمتعا
بقسط كبير من صحتي وحماستي، وجزء أكبر من جهلي ونزقي.
وأنا على يقين تام، بأن من قرأه قد استمتع به كثيرا، وبات يعرف كيف انتهت
مغامرتى السابقة، ولأين قادتني تلك المغامرة، التي انتهت ي إلى عبور ثغرة
مضطربة بين العوالم.
تلك الثغرة اللعينة التي أجبرتني على مغادرة عالمي على غير رغبتي، وتوقعي،
وانتهت ي إلى التجسد في عالم غريب ..
أجهل عنه كل شيء، أو ما ينتظرني به؛ وذلك بعد الموت - غير المؤكد - لتهافي
الغجرية.. أم الجماجم .
تلك الساحرة العجوز الخبيثة، التي كانت تمارس نوعا معقدا ومحرما من
السحر الأسود، وبسببه بدأ كل هذا الهول.
وذلك كله من أجل تحقيق أمنية مستحيلة؛ نتج عنها استحضار مخلوق دموي
رهيب قادم مما وراء العالم..
والذي هاجمها بضراوة، ومزق أطرافها، لينتهي كل أثر لها مع اختفائه، واحتراق
منزلها.
أما الكارثة الكبرى التي نتجت عن اختفائها/موتها فهي: تقوض سحرها القوي
النادر.
والذي أدى بدوره إلى كارثة أكبر، وهي: حدوث اضطراب هائل في تلك الثغرة
الشيطانية التي قامت بفتحها في النسيج الكوني مستخدمة أحد أعقد أنواع السحر
الأسود وأحقرها.
مما حول الثغرة إلى بوابة جهنمية بين العوالم، فتحت أبواب الجحيم على
قريتي وعلى عالمي، وعلى عوالم عديدة مأهولة بالمخلوقات؛ سواء الوحشية أو
المتحضرة، عير مسارات كونية استثنائية، مهددة بفنائها.
من قرأ سر الحانوتي يعرف أيضا تفاصيل كثيرة عن (نوارة) .
تلك المخلوقة الغامضة، القادمة من عالم آخر لا أعرف عنه الكثير، إلا أن نساءه
ساحرات، فاتنات، وشديدات الرقة، ويخطفن القلوب دون استثذان أو تردد..
وأنهن برغم لمسة السذاجة الروحية التي تغلفهن، قد يكن خطرات كأفاعي رقطاء،
مفعمة بالسم والدهاء.
وأفضل مثال على ذلك: هي نوارة نفسها التي سرقت قلبي، كما تسرق الحلوى
أعين الأطفال.
ونوارة التي لها قلب زهرة، وغموض قبر مغلق منذ ملايين السنين، تمتلك أيضا
قدرات بطلة خارقة قادمة مما وراء النجوم.
قدرات لم هتلكها أحد في عالمي قبلها، ورها لن هتلكها أحد بعدها، كالقدرة على
التخاطر، والنفاذ عبر الجدران والحواجز المادية، وقراءة عقول الموتى، واستخلاص
ذكرياتهم وخبراتهم ومعارفهم، فيما يشبه النكرومانسي الفضائي.
وبعد مغامرتي السابقة معها، أدركت أن لديها القدرة على العيور بين العوام،
عن طريق خلق ذبذبة تتسبب في اضطراب حواجز الزمكان، باستخدام السحر
الذي كانت تتقنه بطريقة كنت أجهلها في حينها.
وإن كانت حتى هذه اللحظة لا تستطيع التحكم في دفتها، ولا تملك طريقة
محددة لتحديد المكان الذي تذهب إليه، أو الزمان الذي تتواجد خلاله، وبالتالي
فنحن طوال الوقت في مهب ريح القدر والمجهول.
وبرغم كل سلبيات الأمر، ولكنها على كل حال قدرة خارقة، يمكن تطويرها
ذات يوم والتحكم فيها.
وبيني وبين نفسي أدرك أنها سلاح خطير للغاية، وأن نوارة كارثة تنتظر فقط
الوقوع.
عاصرت مع نوارة أهوالا لا تحصى في مغامري السابقة، والتي كادت أن تفنيها
فيها بكتريا فضائية غامضة، حولتها من هيئتها الطيفية التي عرفتها بها منذ البداية،
إلى مسخ شديد البشاعة والخطورة.
وهي نفس البكتيريا الملعونة التي أنقذتنا معا عندما ظننا أنها النهاية.
من قرأ سر الحانوتي سيعرف أيضا أن نوارة مازالت على قيد الحياة، وأنها
شفيت من إصابتها بشكل كامل ومبهر.
كما أنها لم تعد بهيئتها البشعة السابقة، التي تثير النفور والتقزز في النفس، بل
بهيئة جديدة طازجة، وبشرة صافية تهيل إلى الزرقة، جعلتها أقرب للحوريات، أو
مخلوقات الأفتار ببشرتها الفيروزية.
لا بل هي إلى الحوريات أقرب..
لأنها بمقاييس الجمال البشرى أجمل بكثير من أن تكون أفتار هلامحه الحادة
العنيفة، وأذنيه الطويلتين، وقسمات وجهه الغريبة.
إنها الجمال، والرقة، واللطف، والغموض، القادمين مما وراء النجوم..
الساحرة التي تمرح في تلك المنطقة الرمادية الواقعة بين الواقع والهلاوس،
والتي تعبث بقلبي، بكل توتر من يحاول تفكيك قنبلة شديدة الانفجار، يقترب
عدها التنازلي من الصفر.
من قرأ سر الحانوتي سيعرف كذلك، أن مغامري السابقة مع نوارة، لم تنته
نهاية جيدة على أي حال.
فأمام كل هذا الشر الذي واجهنا، وبرغم قدرات نوارة الفريدة، غير الأرضية،
لم يكن لنا اليد العليا في نهاية الأمر..
فقد قاتلت أنا ونوارة بكل قوتنا من أجل حياتنا، وأنقذنا عالمي جزئيا!!
إلا أننا لم نترك خلفنا وسيلة حقيقية تمكن قاطنيه، من مواجهة كل هذا الشر
الخارج إليه من أعماق الثغرة.
وذلك لسبب بسيط أننا لم نكن ملكها، ولم نكن نبحث عنها من الأساس في
خضم صراعنا للنجاة بأرواحنا..
هذا لو كان لها وجود حقيقي!!
فالقامة الطويلة التي وضعها العلماء، والتي تحتوي على توقعاتهم لنهاية
العالم، لأسباب كثيرة: منها الاحتباس الحراري، والتلوث، والحرب النووية، والنيزك
القادم من الفضاء، وتفشي وباء لا علاج له، وعاصفة شمسية قاتلة، لم تكن تحتوي
على فتح ثغرة عن طريق السحر، يتدفق عبرها أسوأ مخلوقات الكون.
والآن على كل قاطني كوكبي أن يواجهوا المجهول من دوننا ..
ربما هي آخر أيام الأرض ..
أرضي أنا..
وربما لا ..
ولكن الشيء المتوقع، والذي لا فرار منه..
أن تغزوا كائنات هذه الثغرة كل مكان في عالمي الذي تركته خلفي، دون
هوادة، وأن يتحرر الشر الكبير، الذي أجهل عنه كل شيه، وتم تحذيرنا منه.
ولمن لم يصطدم بالمعلومة القادمة بعد، أخبره أن الشر ينتصر داما في النهاية
في عالم الواقع..
وهذا ليس جيدا للبؤساء الغافلين عن طبيعة هذا الخطر، ولا لأسرتي التي
تركتها هناك.
وعلينا نحن أيضا أن نواجهه هنا، في تلك الأرض الجديدة التي ألقتنا فيها
الثغرة الملعونة، بعد صراعنا مع الفزاعة والمخلوق الذي لا جلد له.
كنت سأطلق على هذا الكتاب عنوان (الأرض الثانية) وهو عنوان مناسب جدا
للمكان الذي تواجدنا فيه.
ولكن ما واجهناه هنا فرض العنوان الجديد..

(العفريت).
وأرض معادية لا تعرف إلا الشر ..
إنها رحلة جديدة ..
مثيرة لمن يقرا ..
شنيعة من يعاصرها ..
ولكنها في كل الأحوال جزءا من قصتي ..
جزء من سر الحانوتي الكبير ..
معكم يزيد الحانوي، في أرض جديدة، بصحبة فتاة من عالم آخر، زرقاء اللون،
تمتلك قدرات خاصة ..
ولم يكن هذا عزاء جيدا في تلك الأرض الملعونة ..
لنقرأ الآن.

العفريت لعمرو المنوفى

#كوالا
فوت وكومنت 👀👀

العفريت لعمرو المنوفى(مكتمله)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن