الفصل الثالث

ابدأ من البداية
                                    

اختفت الأبتسامة الساخرة من عينيه الخضراوين وراح يتأملها بجدية وهدوء , ثم وجّه اليها ما لا يمكن وصفه إلا بنظرة أيطالية مذنبة , وقال لها :
" يمكنني أن أضعك بين قطعتي خبز محمصتين وألتهمك دفعة واحدة !".
قفز الى جانبها وعانقها بسرعة , قائلا لها:
" أنك , رائعة , مثيرة ! أنت على حق , فحياتي كانت ضياعا وهباء قبل أن تدخليها , حان الوقت كي أستقر , فهل تقبلين الزواج مني؟".

ضحكت دونا وقالت :
" لا بد أن الصدمة ستقتلك لو قلت لك شكرا وهيّا بنا الى أقرب كاهن على الفور".
" لا , ولكنني سأشعر بسعادة بالغة , أنت فتاة تحب مدى الحياة , أليس كذلك؟ هل أنت خائفة من أن أدوني سيكون زوجا متعبا يبدأ مع نهاية الأسبوع الأول لزواجه في ملاحقة النساء الأخريات؟".
" من المتعارف عليه أن العادات القديمة لا تموت إلا بصعوبة بالغة".
وتذكرت فجأة ريك لورديتي , فأنتبهت لنفسها وقالت له بلهجة مختلفة:
" يجب ألا تكون هنا , يا سيد , تتحدث بمثل هذه التفاهات وتقاطع عملي , سوف تشعر أمك بأستياء كبير , أذا أتت الى هنا , ولاحظت أنني أضيّع وقتي معك , بدلا من أن أطبع لها هذا الفصل من الكتاب , أنها تريد مراجعته في وقت لاحق اليوم".
" أذا تزوجنا يا دونا , فلن تعودي مضطرة للعمل طوال حياتك".
" حقا , وهل ستقبل أمك أن تبقينا معا على نفقتها..... وبمثل هذه البحبوحة؟".
" أنت قاسية جدا , أيتها الحبيبة! كنت أعتقد أن قلبك رقيق كبشرتك ! أوه , كم أتمنى أن أجعلك تذوبين حبا بي! أنت مثيرة بشكل مذهل ! هل تعرفين ذلك؟".
خاطبته دونا بحدة ظاهرة وتوتر واضح:
" أرجوك توقف ! أنت تشعر بالضجر ولا تجد شيئا أفضل من الحضور الى هنا , والتفوّه بكلمات سخيفة تافهة..... أنظر الآن ماذا جعلتني أفعل!".
أرتكبت عدّة أخطاء لا يمكن تصحيحها بدون تشويه الورقة بكاملها , نظرت اليه غاضبة وقالت:
" أذهب , أرجوك !".
" لدي شرط واحد".
" أرفض قبول أي شروط كي أنعم بقليل من السكينة والهدوء , يا سيد".
" أذن سأبقى هنا وأحرمك من الهدوء , يا آنسة".
" أنك حقا شاب مدلل , لو كان أبي مسؤولا عن تربيتك , لجعلك بالتأكيد رجلا بكل ما في الكلمة من معنى".
" آه , ولكن ليس باليد حيلة أذا كنت أجدك شابة ممتعة , وأشعر بحاجة للبقاء معك , عديني بأنك سوف تتناولين معي طعام العشاء , وسوف أتركك على الفور مع هذه المذكرات المثيرة للفضائح".
" أنها ليست كما تقول".
" أنتظري قليلا , يا صغيرتي لحلوة , وستجدين أنني على حق.... عندما تبدأ سيرافينا في التحدّث عن عالم السينما , لدى أمي الجميلة الساحرة , كما لأي نجمة مشهورة أخرى , حاجة كبيرة لتظل محط أنظار الجماهير , تريد والدتي العزيزة أن تصبح مذكراتها من أروع القصص وأن تبيع منها ملايين النسخ , ولا يمكن تحقيق ذلك في هذا العصر وهذه الأيام , أن لم تكن هناك مقبّلات مثيرة وفضائح! أعدّي نفسك للصدمة , يا صغيرتي البريئة , عندما تبدأ السيدة نيري بكشف أسرار مثيرة عن أشخاص عملت معهم ..... أسرار لا يمكن لهؤلاء الأشخاص نفيها أو الأعتراض عليها , لأنه لدى أمي فضيلة مثيرة للدهشة والأستغراب ...... وهي أنها لا تكذب أبدا!".
" أنا لست جاهلة وغبية , كما تعلم , لم أكن أتوقع أبدا أن تكون مذكرات ممثلة مشهورة عبارة عن مقالات علمية خالية من الأثارة , كان أبي يعمل في عالم صناعة الأفلام وأعرف بالتالي بعض الأمور التي تجري هناك".
" صحيح أذن ما يقوله هيتشكوك الذائع الصيت عن الشقراء التي تبدو باردة وهادئة الأعصاب..... أنها في داخلها شعلة نار حارقة ! ".
" سأشتعل فعلا يا سيد , أن لم تذهب وتتسلّ في مكان آخر , لديّ عمل يجب أتمامه خلال وقت محدد".
" قلت لك أنني سأذهب كصبي مطيع أذا وافقت على تناول العشاء معي , لا تكوني متعجرفة , أقبلي دعوتي وقولي أنك ستأتين".
أبعدت ذقنها بعصبية عن يده وسألته بحدة:
" ألم تقاومك أي أمرأة من قبل؟".
برقت عيناه الجميلتان بأبتسامة تحولت فجأة الى قساوة وبرودة وقال:
" لا ترغميني على التخلّي عن تواضعي أيتها الحبيبة , هل يوجد شيء أفضل لفتاة تكد وتتعب طوال النهار , من أن ترتدي ثوبا جميلا , وتقفز الى سارة سريعة , وتذهب مع شاب وسيم الى مطعم جيد ؟ هل يمكنك مقاومة ذلك؟".
فكرت دونا قليلا ولاحظت أنه لا بأس على الأطلاق بقبول هذه الدعوة المغرية , ولكنها تعرف أن أدوني نيري يميل كثيرا الى المغازلة والمداعبة , وأنها بالتالي غير راغبة في أن تمضي أمسيتها على أحدى الطرقات الجبلية الجانبية تدافع عن شرفها وكرامتها , عاد يسألها بهدوء:
" أسألي نفسك أيّهما أهون الشرّين ! أن تجدني أمي معك هنا , أو أن تقومي معي بنزهة جبلية هادئة ؟ توجد مجازفة في هاتين الحالتين , وسأترك لك حرية الأختيار بينهما".

🌿 - خاتم الأنتقام🌿 - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن