الرابع عشر

500 16 0
                                    

الأسود يليق بك

الفصل 14

اكتفت بالابتسام.

لعلها ليلة مناسبة لجني متعة تأخّر قطافها. هذه المّرة سيأخذ ما حافظت عليه طويلاً، وقد تمنحه لغيره. انتابه الإحساس مذ رآها تحادث ذينك الرجلين على مرأى منه. كانت تبدو سعيدة، وحميميّة. لقد أعطتهما في تواطؤ ضحكة، ما لم تعطه إياه خلال عامين. في عرفه، يمكن للضحكة أن تكون فعل خيانة، إنها انصهار كائنين لحظة انشراح. لكن لا بأس، ليستمتع بوقته، لمَ كلّ هذا الأسى وهو ماتوقّع يوماً من النساء الوفاء؟ سألها:

-متى حجزت عودتك إلى الشام؟

أجابت:

-أغادر بعد أربعة أيّام.

علّق:

-تباً لهذه الاجتماعات. لقد مرّ الوقت بسرعة. سأسعى إلى أن نقضي وقتاً أطول معاً.

قالت:

-لا أفهم أن تكون مشغولاً دائماً.

ردّت الكأس الأولى:

-عليّ أن أتعب لينعم الآخرون برخاءٍ أكبر بعدي.

-رجاءً.. لا تُصبني بالرعب.. أمامنا أيّام جميلة.

-عزيزتي، القلقون يغادرون أوّلاً. هكذا هي الحياة.

-أنت من اخترت أن تكون لك مع الحياة هذه العلاقة العاصفة.

270 أجابت الكأس الثانية بتهكّم:

-أحبّ أن أنفق ثروتي في إغراء الحياة.. ما دام مالي سينتهي لدى رجال سيبرعون في إغراء نسائي!

-نساؤك!

-أعني زوجتي وابنتيّ! زوجتي ما زالت جميلة. وستعاود الزواج من بعدي، وكذلك ابنتاي، سيتدافع الرجال للفوز بأوراق اليانصيب الرابحة!

-ولماذا أنت واثق إلى هذا الحدّ مّما سيحدث؟

أجابت الكأس الثالثة:

-لأنّني لا أثق بالنساء، لا أمّي انتظرت أبي، ولا تلك الفتاة التي أحببتها انتظرتني يوم سافرت إلى البرازيل.

-ما أدراك بظروفهنّ. ثمّ، لو أنّ تلك الفتاة انتظرتك، لبقيت في بيروت ولما حققت كل هذه المكاسب. إنّ الحياة لا تعطيك شيئاً إن لم تأخذ منك مقابله شيئاً آخر. ضحكت الكأس الرابعة وأجاب بتهّكم مُرّ:

-تعنين ما أعطتني من مال؟ وما نفع مال يفقدك ما هو أثمن منه؟ الثراء نفسه عندما يزيد على حده يصبح خطراً على صاحبه.

لم تدر كيف تجيبه. هي لم تختبر خطراً كهذا، برغم مُعايشتها لكوكتيل من المخاطر. ((خطر الثراء)) نكتة بالنسبة إلى فتاة كانت تخاطر بحياتها أيّام الإرهابيّين كي تحافظ على دخلها الزهيد من التدريس.

الأسود يليق بك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن