الحادث

4.7K 150 4
                                    


العمل هو الدواء الشافي لجراح القلب المؤلمة , ألقت فرنسيس بنفسها في تمارين العمل أستعدادا لبداية الموسم في ليدز , التمارين مضنية حتى أنها مع نهاية اليوم كانت تجد نفسها وقد أستلقت في سريرها تنشد الراحة ولا تقوى على التفكير ..... ومع الوقت أستجمعت توازنها وحاولت أن تقنع نفسها بأنها لا تهتم لرأي فيلكس بها , بدأت تنمي صداقات جديدة في محيط عملها , وتدريجيا بدأت علاقتها المدمرة بفيلكس رافنسكار تتراجع في أهميتها.
رحبت فرنسيس بفكرة تمديد عملها في ليدز وأبتهجت لبقائها بعيدة عن لندن..... البعد عن فيلكس هو مبتغاها في الأبتعاد عن لندن , كانت صديقتها زوي تمدها بأخبار لندن في رسائلها المتواصلة , أخبرتها أن دورها في التمثيلية قد مدد للسنة الثانية ...وصلتها رسائل من الليدي رافنسكار تدعوها لزيارتها في أول فرصة تعود فيها الى لندن , ولكن فرنسيس كانت تجيب على رسائلها بطريقة ودية وتجعل الفترة الزمنية في كل مرة أطول بين رسائل الليدي ورسائلها الجوابية , وهي ترجو أن تختفي تدريجيا من مسرح حياة الليدي , لم تكن ترغب في تلبية دعوات الليدي بعد عودتها الى لندن , لأنها كانت واثقة أن اللقاء بينهما من جديد ستترتب عليه خيبة أمل كبيرة لها.
منتديات ليلاس
في منتصف شهر أكتوبر ( تشرين الأول) عرض المسلسل التلفزيوني الجديد بنروت مما زاد من شعبية فرنسيس في الفرقة حيث تعمل في ليدز , ظهرت في الجرائد اليومية صورة فيلكس مخرج المسلس مع رهط من الممثلين والممثلات كدعاية للمسلسل , ومن مفارقات القدر أن صورتها تجاور صورته في الجريدة .... طبعا هذا لن يسره , قرأت ما كتب تحت الصور وتذكرت وقائع التصوير وما رافقه من أحداث وذكريات حية ......ذكرت الجريدة أن فيلكس يعمل حاليا في أخراج مسلس وثائقي عن الناس الذين يعيشون في جزيرة مول , شعرت بمرارة أكيدة وهي تتذكر أتهاماته القاسية المتجنية عليها , بدأت تفكر بتفسير لقائها الأخير معه تفسيرا فلسفيا علّها تجد له ما يبرره , نجاحها في مسلسا بنروت ساعدها على مداولة جراح قلبها.
عادت فرنسيس الى لندن في عطلة الميلاد وهي تتجول في الشوارع وترىزينة المحلات أستعدادا لأستقبال مواسم الأعياد .
نجاحها في مسلسل بنروت عاد عليها بعروض عمل عديدة في المسرح والتلفزيون , وبعد تدقيق أختارت دورا في رواية عصرية حديثة كتبت خصيصا للتلفزيون , كتبها كاتب قدير ونالت حمدا وثناء من النقاد , عرضت على شاشة التلفزيون في شباط ونالت ما تستحقه من النجاح.
مر على علاقتها بفيلكس حوالي الستة أشهر , حاولت فرنسيس أن تخرج مع عدد من الشبان ولكن أحدا منهم لم يحرك فيها أكثر من عاطفة صداقة ...... كانت مستعدة لتقبل علاقات جديدة علّها تنسيها مأساتها بفيلكس , ولكن أملها خاب ولم تجد في هذه العلاقات ما يثير حماسها أو عاطفتها.
لم تكن مفاجأة لها حين حين دعاها مخرج التمثيلية الأخيرة لتحضر برفقته غداء أقيم على شرف ممثل قدير أمضى ستين سنة يعمل على خشبة المسرح.
وجدت فرنسيس نفسها محاطة بممثلين ومخرجين وعاملين في مهنة التمثيل , أجالت النظر حولها تتفرس في الوجوه العديدة التي تعرفها, وهي تسير مع مرافقها وسط قاعة الأحتفال الفخمة في فندق كبير بلندن , جلست الى طاولة ونهض جميع الجالسين من الرجال ترحيبا بقدومها , لفت نظرها وجه أليف: وجه فيلكس رافنسكار.
شعرت فرنسيس بالدماء الحارة تسرع الى وجنتيها ثم أرتبكت وأحست أن قلبها قد توقف لحظة عن ضرباته المعتادة , أبتسم لها فيلكس أبتسامة باهتة , وأنحنى يصافحها مرحبا:
" أهلا فرنسيس....... كيف حالك؟".
منتديات ليلاس
ظنت فرنسيس أن الصدفة قد جمعتهما , وأنه لا بد أن يتصرف تصرفا لائقا أمام الآخرين , الذين يعرفون حق المعرفة أنه عمل معها في المسلسل التلفزيوني بنروت ...... ومن غير المعقول أن يتجاهلها تماما.
حاولت فرنسيس أن تبتسم له , ولحسن حظها بدأ تقديم الطعام على الفور وأنهمك كل منهما في طعامه , الطعام يبدو لذيذا ولكن قابليتها قد أختفت وتوقعاتها لتمضية سهرة مبهجة ...ضاعت معها , قالت في نفسها : لا تدعيه يفسد عليك سهرتك.... تجاهليه تماما , أنسيه..... ولكن هذا هذا شيئا معقولا؟
بدأت الخطابات الرسمية تتوالى ,كانت ممتعة وخفيفة , ولكن ظروفها كانت غير مؤاتية ولم تستطع أن تركز تفكيرها في ما تسمع بل وجدت جل أنتباهها ينصرف الى الرجل الذي لا يبعد عنها ألا أمارا , كان بأمكانها رؤية شعره الأسود وسماع صوته الدافىء الرنان الواثق......
غضبت فرنسيس لسوء طالعها الذي جعلها معه على طاولة واحدة , ولكن فكرة أن الصدفة هي التي جمعتهما تبخرت تلقائيا حين نهض مرافقها في نهاية الحفلة وأنحنى يكلمها متمتما:
" أنا مدين لفيلكس ببعض الجميل , ولهذا سأتركك برفقته الآن , لقد أصر على أن أختفي وبسرعة مع نهاية الحفلة , ولكنني أعترف لك بأنني أفعل ذلك كارها , صدقيني , لا يمكنك أن تتعاملي معه بسهولة..... لقد عملت معه في السابق ومن الواضح لي أنه يحتاجك لمسلس جديد , أستفيد من هذه الفرصة السانحة وأتمنى لك حظا سعيدا".

 لقاء واحد يكفي - جاكلين غيلبرت - روايات عبيرالقديمة  Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt