-23- أطياف

Start bij het begin
                                    

رفعت بصري نحو ريم فوجدت عيناها تدمعان.
"أنا آسفة يا مينرڤا!"
شهقت وسمحت لدموعها بأن تنزلق على وجهها وتتساقط على قطعة الخبز بين كفيها لتبدأ بالنشيج.

لم أعني أن أجعلها تشعر بالسوء.
لا.
أتساءل إن كان أي شخص عدا هؤلاء الأطفال هنا يشعر بالسوء نحوي.
"لا تبكي..."
تركت ما بين يدي ومسحت بإبهامي دموعها بلطف، بشرتها الناعمة دافئة كقلبها.
"كل ما في الأمر أن النوكتوا ضعاف دون بومهم، وأنا كنت أعامل بقدر لا بأس به من الحرص هنا."
ما بين الحقيقة والكذب وقع كلامي، لم يقم يوناس ومن معه بأي حركة مجنونة خلال السنوات التي أمضوها بالعبث بي لكن بالآن ذاته حقيقة تلك العقود الكاذبة والمؤلمة جوفت جزءًا من قلبي، جزء لن ينير في وجه أفراد ريغان الذين خاضوا في ذلك مجدداً أبداً.

نظرت ريم في وجهي فابتسمت رغماً عني في محاولة لطمأنتها أن كل شيء بخير فتحول لون وجهها لذلك الوردي الجميل عندما فركت عينيها لتجفف دموعها.
"لا تفكري بي أو بأمري كثيراً ريم."
ارتحت في مقعدي، بدت الفتاة على وشك الجدال فرفعت سبابتي أمام شفاهي لتبتلع حروفها على همسي بخفوت:
"لم أتي للحصول على أي اعتذار لأنني لا أريد سماع أي من ذلك، لن أطيل ببقائي ولن أعود ما أن أرحل لذا... لا تضيعي وقتكِ الثمين علي رجاءً."
طلبت فحدقت بي دون أن تنبس بأي جواب.

أخفضت بصرها أخيراً نحو خبزها الهش وبدأت بقضمه.
"مالح."
نبست مشيرة إلى ما تسببت به دموعها لها أما أنا فشرعت أتناول طعامي بهدوء.

انتهت ريم من قطعتها سريعاً ثم نهضت على قدميها لتتمنى لي أمسية هنيئة.

"طلب أخير..."
استوقفتها ففعلت ونظرت لي من فوق كتفها بهدوء، لا أعلم إن كان شعوري وحسب لكن النظرة في عيونها تغيرت، شيء ما صحى في قلب ريم أو ربما تم دفنه بسببي أنا.
"لا داعي لإحضار الطعام لي مراراً."
تلمست رأس غلاكوس الذي هدل وكأنه يترجاني من عدم فعل ذلك. يا له من طائر مدلل وشره.
"النوكتوا يستطيعون الاستمرار دون طعام لأسابيع."
بررت. لم أكن أكذب لأتلافاها لكن لا أريد أن تصطدم بي مراراً فتميل في عيون حراس التوازن عن صوابهم.

"مرة في اليوم..."
رفعت سبابتها وكأنها تفاصلني.
"فرويد ومايبل لن يرضيا بأن أدعكِ دون طعام لبضعة أيام متتالية."
عبثت في أناملها بتردد.
"حتى السيد لن يرضى بذلك وهو يعلم أنكِ هنا الآن."
أمسكت بمقبض الباب وأضافت:
"كما أنه ليس من أخلاقنا عدم الإحسان لضيوفنا."
أعتقد أنني أول وربما آخر نقي سيعتبر 'ضيفاً' في عيون بعض أفراد ريغان.

"حسناً إذاً."
تنهدت بقلة حيلة وشاهدتها ترحل بهدوء. أنهيت طعامي وعندما اختفت الشمس تماماً من السماء شرعت بفتح النافذة ليذهب رفيقي المجنح لمناداة آيجل.

"لا تحتاجين لإرساله في كل مرة."
بصري إنزلق للأسفل حيث جلس آيجل أدنى شجرة قريبة وأسند بظهره لجذعها.
"يبدو متخوماً وغير قادر على الطيران بأي حال."
عيناه ناظرتا هيئة غلاكوس الذي هبط بقربه وبدأ بإصدار صفير خافت كنت قد علمته إياه ليحدثه.

بـومـة مينـرڤاWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu