فائدة 6

36 5 0
                                    


في مسألة القضاء و القدر

دعونا نتخيل أنك في العام 2050، العالم وصل حداً من التطور و التقنية، أنت باحث علمي مرموق و لديك من المال ما لا تخشى نفاذه، قمت باختراع رجل آلي محمل عليه ذكاء اصطناعي أعطيته وظيفة أن يلقي بالقمامة من المنزل، ثم أدخلت في برمجة هذا الآلي أمرين، أن يختار هذا الآلي المكان الأنسب لرمي القمامة، و الأمر الثاني أن يجنب نفسه ما قد يحيط به من أخطار.

استمر هذا الآلي في أداء مهامه يخرج و يلقي بالقمامة في مكانها المخصص في الأسبوع الأول

غير أنه في الاسبوع التالي صار يترك القمامة عند باب المنزل، لماذا؟ هل فعله هذا متوقع بالنسبة لك؟

ثم رجع يلقي القمامة في مكانها المخصص، لماذا؟ هل فعله هذا متوقع بالنسبة لك؟

ثم أصبح يدع القمامة في المنزل، لماذا؟ هل فعله هذا وارد بالنسبة لك؟

بمحاولتك التفكير في إجابة هذه الأسئلة قد تتضح لك معالم القضاء و القدر التي وضعها الله عز و جل لهذا العالم و هي من ضمن القوانين و السنن التي سنها له.

إن الله عز وجل أول ما خلق من مخلوقات هذا العالم هو القلم فقال له : اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الخليقة بألفي عام كما تقول الروايات.

ثم خلق الانسان و أعطاه القدرة على الاختيار، و هنا مربط الفرس.

إن الله قادر على كل شيء و قوته و ملكه و جبروته لا حدود لها، و مشيئته لا يوقفها شيء أو يعدلها أو يقارب لها شيء، و علمه يسع كل شيء من سبع سماوات بما فيها من مجرات إلى الجزيئات و الذرات الأصغر من الجراثيم، و هو قيوم على هذا كله لا يفوته شيء، و بين ذلك كله، تدور حكمته المطلقة في إدارتها، و عدله الذي لا يقارن، و رحمته التي تسع هذا كله.

و بناء على هذا

عندما وضع الله الانسان في الأرض و زوده بمهامه و أعطاه التعليمات و التحذيرات، إن نفذ التعليمات فسيكافئه، و لم ينتبه للتحذيرات فسيعاقبه، مضافاً إليه حرية الاختيار فهو يسير في هذا الخط لا يخرج عما كُتِبً في اللوح المحفوظ، جميع اختيارات حياته و نتائجها و احتمالاتها.

كيف تكون له حرية الاختيار و هو لا يستطيع الخروج عما هو مكتوب؟

عندما تدمج كل العناصر، اختيار الانسان، تحت علم الله و مشيئة الله، يصبح لديك نتيجة هي أن القدر مطلق و نسبي في آن واحد، نسبي في معظمه و مطلق في بعض نقاطه و جميع احتمالاته في علم الله موجودة.

أي أنه مكتوب على الانسان ما كان و ما يكون و ما سوف يكون و ما قد يكون.

نفرض أن انساناً قرر أن لا يخرج من البيت فجلس فيه، كان مقدراً و معلوماً من الله، اذا عدنا في الزمن و هذا الانسان قرر أن يخرج من البيت فلقي محتاجاً فساعده، أيضاً مقدر و معلوم من الله، كلا الاحتمالين موجودين و مكتوبين و معلومين من الله، و الانسان هو الذي اختار بينهما.

بالتالي فإن الانسان نعم يتحمل نتيجة أفعاله لأن الله أعطاه جميع الاختيارات و الاحتمالات، و الله يعلمها كلها.

مطلقية القدر تكون في الأمور التي أنفذها الله على خلقه، خصوصاً الرزق و ساعة الموت، فمهما عمل الانسان من خيارات فإن هذه الأمور ستتحقق في أوانها لا محالة.

نبقى في سؤال، لماذا يقدر الله الأمور السيئة على بعض الناس؟ لماذا يسمح لبعض الناس بتحقيق الشرور على آخرين؟ هل القضاء و القدر فيهما الشر؟

جواب ذلك سهل إذا أدخلت في المعادلة أمرين، وجود الحسنات و السيئات، و وجود اليوم الآخر، تقدير الأمور السيئة على بعض الناس قد يكون فيه رفعة حسنات أو حط خطيئات أو عقوبة على أفعال، لو أن زلزالاً وقع في بلدة و قتل الآلاف ، هل يمكن أن نقول أن هذا شر؟ لا يمكنك أن تنسب الشر إلى الله، و هذه الأرواح التي زهقت يتكفل الله بأمورها في اليوم الآخر، جميع الأشرار الذين تسببوا بالمعاناة لغيرهم، سيتكفل الله بهم في اليوم الآخر بين الضحية و الفاعل.

في النهاية، لا يمنعك معرفة ذلك من الدعاء بما فيه الخير لك، فالقدر بيد الله، و ربما غير قدرك من سيء لحسن، فهو لا يتغير إلا بهذه الطريقة.

تساؤلات دينية؟ أحضرها هناWo Geschichten leben. Entdecke jetzt