غرفة الفحص الجزء الأول

2.9K 130 38
                                    


ما إن دخلت غرفة الفحص، تفحصت المكان حولي بحذر. شعرت أن قلبي كان على وشك الوقوف؛ أعصابي تحطمت و راحة يدي و ظهري تعرقا أكثر من أي وقت مضى، الخرز المالحة تتدحرج على جبهتي و بطني أيضا. انعقدت معدتي وتلوت من الخوف حتى .أستهلكني الإحساس بالغثيان لتجتاحني الرغبة بالتقيء

بجانب الحائط الأيسر من الغرفة وقفت ثلاجة فولاذية ضخمة مشابهة لتلك الموجودة في غُرف التشريح، ولم يسعني إلا أن أتساءل عما إذا كان وجودها لنفس الغرض. ارتعش عمودي الفقري عند رؤيتي لطاولة فولاذية مع كل أنواع الأدوات الجراحية الحادة المخيفة فوقها. بجانب الطاولة كان هناك سرير مشابه للسرير الذي تجده في المستشفيات مغطى بمحرم رويل أبيض. كان وكأنني دخلت غرفة الفحص في المشفى.

وقف أمامي رجل أسود الشعر شاحب البشرة يرتدي ملابس الأطباء، ظهره يواجهني. كان مشغول بتحضير شيء ما بجانب المغسلة. انتظرت واقفا في مكاني أن يقال لي ما يجب القيام به. كان لدي بالفعل معرفة جزئية عن عمليات الفحص والتفتيش التي سيجرونها، مثل الفحص البدني، وإذا كان يحتاج إلى التفتيش التجويفي (أو الباطني)، مما جعلني حذراً وأكثر خوفاً.

مرت الدقائق واحدة تلو الأخرى، وسرعان ما انزعجت من تجاهل ذلك الرجل لوجودي؛هو لم يلتفت إلي ولا مرة واحدة ليواجهني أو على الأقل يلقي لمحة لوجهي. لكنها لم تكن مفاجأة بالنسبة لي؛ أنا الآن في السجن  لذلك لا ينبغي علي أن أتوقع إنه سيتصرف بوديةٍ نحوي. لذا قررت التصرف من نفسي وسرت إلى السرير وجلست عليه لأكمل انتظاري.

 بدا لي أن أفعالي قد حصلت على أنتباه الرجل، لأنه إستدار نحوي، وأخذتني عيونه الخضراء المتوهجة على حين غرة.

استدار الرجل نحوي .كان يرتدي قناعا طبيا مخفياً الجزء السفلي من وجهه، شعره الأسود يلمع بفضل الأضواء الشديدة. والآن بعد أن ألقيت نظرة أفضل على بنيته الجسدية، رأيت أنه يمتلك جسداً رياضيا. ذُهلتُ من نظرته الشرسة التي ألقاها علي، أبتلعت ريقي وزحفت بقلقٍ إلى زواية السرير.

راجعت نفسي. ربما لم تكن فكرة جيدة أن أفعل ما يحلو لي هنا.

بأسلوب دفاعي، قلت بجبينٍ متجعدٍ مبررا عن فعلي "أنت لم تخبرني ماذا أفعل لذا اعتقدت أنه يمكنني أن أرتاح قليلاً بينما تنهي الخلطة التي تعمل عليها." حاولت جاهدا أن أضع وجهاً خالي المشاعر حتى لا يتيقن بما يحصل داخلي من إضطراب وقلق يخالف خارجي.

حدق بي لثوان، بدا لي وكأنه يقيمني بنظرة باردة وخالية من المشاعر. إذا كنت أعتقد أن قلبي سيتوقف من قبل، إذا أنا متأكد من ذلك الآن. كان هناك شيء مريب في عينيه، شيٌء شبه خطيرٌ، كنت أشعر بالحقد الذي يشع منه على شكل موجات، قاومت الرغبة المفاجئة في التشنج من نظراته المتفحصة مجبراً نفسي على البقاء هادئاً.

ماذا سيفعل بي على أية حال؟

الإبتسامة التي ظهرت على وجهه فاجأتني، صعقتُ مفزوعاً منها . ودون سابق إنذار، مشى إلى هاتفٍ أبيض معلق على الحائط.  مرة أخرى، أعطاني ظهره وضغط أرقام على لوحة الإرقام قبل أن يلتقط سماعة الرأس ويضغطها على أذنه.

"بعد حوالي ثانيتين، أيا كان من اتصل به رد على الهاتف، " مساء الخير، سيد جيرارد.

لم أكن حقاُ مولعٌ بالتنصت على الآخرين، ولكن لم يكن باليد حيلة. ليس الأمر وكأنني سأضع أصابعي في أذناي فقط لكي لا أستمع إلى محادثته. بالإضافة إذا كان هذا الإتصال مهم أو سري، لما كان سيجريه بوجودي.

"أحتاج مساعدتك؛ هناك سجين معين يحتاج بعض التأديب. نعم. شكرا لك."

 شحبتُ ملامح وجهي تمام عندما سمعت كلامه. ماذا كان يقصد بالضبط؟ نشف حلقي من الخوفٍ.

أغلق السماعة واستدار لمواجهتي بنفس تلك النظرة المتفحصة تجاهي، ثم أمال رأسه إلى الجانب ببطء، ومرة أخرى، بدأ بتقييمٍ كاملٍ لشكلي بعينيه كما لو أنه كان يحاول تخزينها في ذاكرته.

".أنظر ، أنا لا أقصد أن أسبب أية متاعب." اعتدلتُ بسرعةٍ ونزلت من السرير. "لقد كنت متعباً فحسب. لا يمكنك لومي حقاً"

"لا، بالطبع لا، أنا متأكد من أن هناك أماكن مناسبة أكثر لتكون فيها من هذا المكان. لذا من فضلك خذ راحتك" قال الرجل بسرور وهو آتي باتجاه السرير ويعطيني بابتسامة صغيرة لم تكن تصل إلى عينيه. 

ترددتُ لثانية وعيناي. في تلك الثانية عملت مسحاً شاملاً للغرفة كما لو كانت الإجابة على الجدران.

 لماذا بالضبط كنت كالمغناطيس الجاذب للمشاكل؟

صوت النقر على الباب من خلفي يليه فتحه لفتَ إنتباهي. قبل أن أعرف ذلك ، شخص ما كانت ذراعيه تحيط صدري من الخلف، محاصرة يداي بينها .

بسهولةٍ طُرحتُ أرضاً لأجفل خصوصا عندما شيء حاد جدا طعن رقبتي وثقب الجلد هناك. شعرت بسائل يتم حقنه في رقبتي بينما انفجر ألم هائل في رقبتي، ثم جسدي كله.

 أيا كان من أمسك بي أطلق سراحي فجأةً.

تعثرتُ، ساقاي تشعران بالخدر والضعف فجأةً ولم تكن ساقي فقط، جسدي كله ، يداي ، صدري ، رأسي ، شعرت بأن جسدي ثقيل أو ضعيف جدا للتحرك. أجتاحتني موجة من الإغماء لأستسلم لها ، ساقي ضعيفة جدا لدعم وزني. انهرت على الأرضية واستلقيت هامداً دون حراك على البلاط ذو رائحة المعقم متسائلا ما الذي حقن بي بحق الجحيم. هل كان نوع من المخدرات؟ بالتأكيد كان كذلك!

 شيئا فشيئا زاد تشوش رؤيتي لتصبح غائمة وغير واضحة، توقف جسدي عن العمل بأكمله ، ولكن قبل أن يغمرني الظلام كلياً ، رأيت زوجين من الأحذية تتقدم نحوي.

"عمل ممتاز ، جيرارد."

****

الويكند البارت الثاني ان شاء الله. 

السجن - مترجمةDonde viven las historias. Descúbrelo ahora