الفصل السابع

ابدأ من البداية
                                    

************

فى صباح اليوم التالى استيقظ عماد باكراً قافزاً من فراشه بنشاط يغمره وأسرع
لتجهيز نفسه وارتداء ملابسه ثم وقف أمام المرآة يصفف شعره القصير الخشن الملمس
بعناية بالغة ولم ينسى بعض زخات من العطر الفواح وأخيراً ألقى نظره سريعة
نحو صفوان الغارق فى نوم عميق محتضناً وسادته وكأنها ستفر منه
خرج من غرفة الضيوف بالطابق الأرضى الذى يقيم بها فى ضيافة عائلة البدرى
ثم تحرك بضع خطوات ببطء حذر
فالهدوء يعم المكان إلا من بعض الأصوات الخافتة الصادرة من غرفة المائدة تحرك إلى هناك
حيث وجد ياسمين وندى تُجهزان الطاولة لطعام الإفطار
مرر أصابعه فوق شعره برفق يتأكد من تصفيفه ثم توجه نحوهم بابتسامة عريضة
ملقياً التحية بمرح :- صباح الياسمين
التفتت نحوه ياسمين وابتسمت بخجل وهى ترد التحية بخفوت
بينما هتفت ندى بشقاوة
:- صباح الياسمين بس ... مفيش صباح الندى
ضحك على مشاكستها وأعاد التحية
:- صباح الندى والياسمين والفل والورد كمان
ضحكت ندى بشقاوة مردده
:- كل ده يا آبيه .... يظهر حضرتك رايق أوى النهاردا
تحركت مقلتيه تلقائياً نحو ياسمين يراقب حركتها فى وضع الأطباق حول الطاولة
بعبائتها الفضفاضة وحجابها الرقيق ناعم اللون قائلاً
:- أصل الجو هنا حلو أوى ومنعش .... الواحد بيفتح عينيه و يقابل الملايكة على الصبح
رفعت ياسمين مقلتيها إليه بفضول، وجدت نظراته مسلط عليها فارتبكت
وأشاحت بنظرها سريعاً أما ندى فرفعت يديها وحركت أصابعها تعزف على
آلة كمان وهمية مردده بمشاكسة
:- حضرتك رومانسى أوى يا آبيه
نهرتها ياسمين بتوتر وقالت بنبرة آمرة
:- ندى يلا عشان نحضر الفطار
تنهد عماد بهيام وراقبهم يختفون بداخل المطبخ بينما عقله وقلبه بدأوا فى حوار هام
ومصيرى يدور حول بطلته ياسمين بملامحها الهادئة الخمرية وخجلها المحبب

*************

مر بعض الوقت حتى أستيقظ الجميع وألتفوا حول طاولة الإفطار
ليتناول إفطارهم فى جو أسرى دافئ بين أحاديث الشباب المرحة التى تثير
ابتسامات العمة أصيلة على مشاكستهم سوياً
وكأنهم يبثون روح السعادة والمرح لجنبات المنزل
بادرهم عماد باقتراح هاتفاً بحماس
:- إيه رأيكو ياشباب ننزل المنيا النهاردا .... أنا سمعت أنها حلوة أوى
لكزه صفوان بخفة فى جانبه محذراً، فلا يستطيع الغياب عن خطيبته أكثر من ذلك
:- إحنا مسافرين النهاردا ... أنت نسيت ولا إيه!!
تألم عماد من أثر اللكزة و التفت نحوه بحنق مردداً
:- ياعم هنروح ... نتفسح شوية ونأخد أخر قطر
جز صفوان على أسنانه مهدداً وأردف بحنق
:- المكتب مقفول بقالة يومين
ثم مال على أذن صديقه وأخفض صوته
:- خطبيتى واكلة دماغى عشان أرجع
تدخل يوسف فى الحوار حتى يُنهى المجادلة القائمة بين صديقيه معتذراً
:- معلش ياشباب أنا تعبتكوا معايا ... ومش هقدر أكون معاكم الفترة الجاية فى المكتب
... بس إبعتولى الملفات على الإيميل وأنا هخلصها وابعتهالكم تانى
هب عماد مقاطعاً بحزم وود صادق
:- إيه اللى بتقوله ده ياچو ... إحنا أخوات وأنت ياما وقفت جنبنا
أكد صفوان على كلامه :- أيوه يامعلم أنت هتعمل فرق بنا ولا إيه! ابتسمت أصيلة
برضا ودعت لهم بنبرة حانية
:- ربنا يخليكوا لبعض ويديم المعروف بناتكم
رفع عماد كفيه مؤمناً على دعائها ثم صاح بمرح
:- يبقى ننزل المنيا بقى
رمقه صفوان شزراً بنفاد صبر فابتسم عماد بخبث وأكمل بهدوء فى محاولة لإقناع صفوان
:- كده كده مش هينفع نفتح المكتب النهاردا ... أوعدك بكره الصبح هنكون فى القاهرة
(ثم مال هامساً فى أذن صديقه بمشاغبة)
وتجيب هدية لخطيبتك تصالحها بها وتهرب من العلقة
ضحك عماد بمشاغبة بينما رفع صفوان حاجبه مهدداً بنفاذ صبر
تعالت ضحكة يوسف العابثة فهذا الثنائى دائم المشاكسة وقال لصفوان
:- أنت مش هتقدر تغلبه يبقى أسمع كلامه أحسن
حرك صفوان كفيه فى الهواء مستسلماً قبل أن يريح أحدهما على كتف عماد
الجالس بجانبه يهزه بغيظ
:- أمرى لله ..... شكل طلاقى هيبقى على إيدك
انطلقت الضحكات على مشاكسة الأصدقاء بينما تنهدت أصيلة بخفوت وقالت بحنين
:- بتفكرنى بعلاء ابنى ياعماد .... ربنا يرچعه بالسلامة ...
كان شجى ويحب الضحك كيفك إكده
أسعد هذا التعليق عماد جداً لرضا العمة أصيلة عنه فابتسم بحبور واسترق نظره
بطرف عينه نحو ياسمين القابعة بهدوء قائلاً
:- ما أنا ابنك برده ياعمتى ولا إيه؟
أومأت أصيلة برأسها برضا وقالت بحنو
:- كلكم ولادى ربنا يكرمكم ويصلح حالكم
مد يوسف يده يلتقط كف عمته ورفعه يلثمه بحب قائلاً بنعومة
:- يبقى تيجى معانا بقي ياعمتى ... تشمى هوا
وضعت أصيلةة كفها الأخرى على صدرها باستنكار هاتفه
:- أنا ياولدى!! .....لاه أخرچوا أنتوا واتبسطوا ربنا يحلى أيامكم
هتفت ندى بشقاوة مشاركة فى الحوار تلمح لضرورة اصطحابهم للفتيات أيضاً
:- جميل وأنا محتاجة شوية لبس للجامعة وياسمين محتاجة كتب وطبعاً شمس
مش هتسيب يوسف يخرج لوحده فى شهر العسل
حدجها جلال بنظره نارية فهو يعلم شقاوة شقيقته وعفويتها فى الحديث ... هتف زاجراً
:- ندى أهدى شوية .... ماحدش قال أنكوا هتيجوا معانا
أحنت رأسها بحرج وإحباط على ضياع مخططها للخروج والتنزه قليلاً
راقب يوسف الموقف بصمت فواضح أن جلال يلعب دور الأب والأخ فى حياة شقيقته الصغرى ويخشى عليها من عفويتها البريئة ولكنه تعاطف مع الفتاة المحبطة بملامحها
الطفولية العابسة وقال مخاطباً جلال بمداهنة
:- خلاص يا جلال كلنا هننزل المنيا مع بعض وأهوا البنات يشتروا طلباتهم بالمرة
انتشت ندى فى انتظار سماع رأى شقيقها بترقب الذى رمقها بنظره متمعنة
فقربت بين حاجبيها الرفيعين بتوسل
حرك رأسه يمنة ويسره باستسلام ممتثلاً لكلام يوسف مما دفع ندى لتهتف بسعادة
وهى تصفق بكفيها :- يعيش چو يعيش چو
ضحك الجميع بمرح وبدأوا فى التخطيط بينما عماد يسترق النظرات نحو ياسمين الهادئة
و شمس تتأمل ضحكات يوسف بسعادة لانضمامها إلى عالمه

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن