الفصل السادس "والأخير" 💁🏻‍♀️🤍

198 23 11
                                    


أفزعهم صوت الفتاة القادم من خلفهم فهي لم تُصدر صوت منذ قدومها، ابتسمت الفتاة ثم قالت بحرج:
- أنا آسفة إني بتدخل كده بس كلامكم شدني بصراحة وحبيت أشارك.
بادلتها ريوانة الإبتسامة ثم أردفت:
- لا تعتذري يا جميلة فَنحن نريد حل بالفعل ويسعدنا مشاركتك.
نظرت لها الفتاة بإندهاش من هيئتها وطريقتها في الحديث، فضحكت مريم ثم قالت بنبرة مازحة:
- نصيحة مني متحاوليش تفهمي مين دي علشان أنا لغاية دلوقتي مش فاهمة برضو، بس عموما دي سمكة صاحبتي.
كانت تتابع ريوانة حديثها ثم قالت بنبرة منزعجة:
- لن تكفِ عن مزاحك السخيف هذا أبدًا.
ثم تابعت حديثها بإبتسامة وهي تنظر إلى الفتاة:
- مرحبا أنا ريوانة جئت من النيل ولكنني لست سمكة، وأنا هنا مع مريم صديقتي ولكنني لن أدوم كثيرًا!
حاولت الفتاة جاهدة أن تخفي نظراتها المندهشة حتى لا تحرج ريوانة، فابتسمت لها ثم أردفت:
- وأنا يارا، ومبسوطة إني شوفتك.
كانت تتابع مريم حديثهم بملل فَهي تكره لحظات التعارف، فقالت بمزاح تعلم أنه لن يضحك أحد:
- وأنا مريم لو حد حابب يعرف يعني، ممكن ندخل في الموضوع على طول قبل ما المستر يدخل.
أردفت يارا بنبرة جادة:
- أنا سمعت إنك شاطرة في الكتابة، وأنا بحب التصوير وأعرف واحدة بتحب ترسم، كل واحدة فينا هتستغل موهبتها دي وهتبدأ تتكلم عن الأماكن إلي بنشوفها مش أحسن حاجة.
أشارت إلى ريوانة ثم تابعت حديثها:
- ريوانة شافت الزبالة بس تقريبًا، وحلها إن ممكن أنا أصورها وانتِ تكتبي عنها أضرارها مثلًا وإزاي ممكن نغير ده، والبنت ترسم عن شكل المكان من غير زبالة وإزاي هو أحلى بكتير..وهنعمل كده مع كل مكان وحش هنشوفه وهنبدأ نعرض كل ده على جروب مثلًا، يمكن الفكرة تفرق وحاجة تتغير فعلًا.
إنتهت من حديثها فوجدتهم ينظرون لها بإعجاب وأول من صرحت بهذا الإعجاب كانت ريوانة التي أردفت بإنبهار:
- يبدو أنها فكرة رائعة أحسنتِ حقًا.
ابتسمت لها يارا بإمتنان ثم نظرت إلى مريم تنتظر رأيها، فقالت مريم بإبتسامة صغيرة:
- الفكرة تحفة فعلًا وعجبتني، بس مش عايزة أكون محبطة وأقولك إنها إحتمال كبير تفشل!
ضربتها ريوانة ضربة صغيرة على ذراعها وهي تقول بصوتٍ غاضب:
- إنكِ سخيفة فعلًا، إنني أقول منذ الصباح أن لا يوجد شيء يسمى فشلًا وأنتِ هنا تُعيدي الكلمة مجددً أمام الفتاة.
ثم نظرت إلى يارا وقالت بإبتسامة:
- لا تكترثِ لحديثها فهي بائسة ومتشائمة هكذا دائمًا، ليست مثلك.
ضحكت مريم على حديث ريوانة ثم تحدثت لتوضح لهم رأيها:
- أنا قلت إني مش عايزة أحبطك بس أنتِ شبههي أفكارنا وأحلامنا جميلة بس للأسف مش بتجذب الناس، أنا نفذت أفكار كتير وكل كنت ببقى متحمسة ليها زيك كده بس تقدري تقولي إن كتر الفشل بيطفي الحماس ده..
أرجعت يارا ظهرها على المقعد وهي تأخذ نفس عميق ثم قالت بهدوء:
- أنا فاهماكِ على فكرة لأني زيك برضو بتعب في الحاجة إلي بقدمها جدًا بس مفيش مقابل أو حتى تقدير قصاد إلي بعمله، بس لو فكرتي هتلاقي إن دي طبيعتهم إلي إحنا عايزين نغيرها وأكيد عمرهم ما هيتغيروا في يوم مثلً ولا حتى في شهر بس إحتمال يتغيروا بعد سنة مثلًا! محدش هيعرف الوقت ده غير إلي هيكمل ومش هيقف..
صمتت قليلًا لتلتقط أنفاسها وتُعيد ترتيب الكلمات من جديد ثم تابعت:
- الشخص إلي هيكمل ده بقا لسه مش موجود..أو موجود بس مكسل وخايف من وهم اسمه هفشل!
قالت جملتها الأخيرة وهي تنظر في أعين مريم لتُحفَر الكلمات في عقلها ولا تخرج أبدًا.
تحدثت مريم أخيرً فتسائلت بصوتٍ منخفض:
- يعني هننجح؟
- معرفش النجاح مفهومه ايه بالنسبة ليكِ ، بس كل إلي أعرفه إن المحاولة نفسها تُعتبر نجاح.
صمت الجميع بعد هذه الجملة وكل واحدة منهن غرقت في أفكارها..كانت مريم تُعيد التفكير في أحلامها، فهي تمتلك العديد من الأفكار ولكنها لن تستفيد شيء إن أبقتهم داخل عقلها فقط، أمسكت القلم وبدأت في كتابة جميع الأفكار وجميع الأشياء التي ستكتب عنها ثم طوت الورقة ووضعتها داخل حقيبتها..بعدها أمسكت هاتفها وفتحت شيئًا ما ووضعته أمام يارا التي نظرت لها بتساؤل، فأجابتها بحماس:
- اكتبي رقمك علشان أكلمك ونبدأ، المحاولة مش هتخسرنا حاجة فعلًا.
ابتسمت لها يارا ثم بدأت في تدوين رقمها، وأثناء هذا كانت تتابعهم ريوانة بإبتسامة كبيرة تنم عن سعادتها فهي تشعر أنا أدت دورها الآن!
إكتشف ثلاثتهم أن المكان أصبح مزدحم الآن وهناك من يقول أن المعلم سيدخل بعد قليل..شعرت ريوانة أنها بدأت تتوتر قليلًا وكان هذا واضحًا على ملامحها فقامت يارا بخلع معطفها ثم أردف وهي تشير على غطاء الرأس الملتصق به:
- البسيه وحطي ده على دماغك، أهم حاجة شعرك ميبانش وهو مش هياخد باله إن شاء الله.
فعلت ريوانة كما قالت لها، وحاولت مريم ويارا إخفائها بقدر الإمكان حتى تمر هذه الساعة بسلام..
*******
إنتهت الساعة أخيرًا وخرجت مريم وريوانة من "السنتر" بعد توديعهن ليارا وإتفاقهم على ما سيقوموا بفعله قريبًا..كانت ملامح ريوانة لا تبشر بالخير، فتسائلت مريم وهي تنظر لها بإهتمام:
- في ايه حصلك حاجة؟
أردفت ريوانة بنبرة توحي أنها ستبكي الآن:
- ليست حاجة واحدة يا مريم إنني أشعر أن دماغي ستنفجر الآن من صوت معلمكم هذا..ولكن الأبشع حقًا هو هذا المقعد الذي كنت جالسة عليه، إنه آلة تعذيب ليس مقعد طبيعي صدقيني، إنني لا أشعر بقدمي!
كانت تتابع مريم حركات ريوانة وطريقتها في الحديث وهي تحاول إخفاء ضحكتها، فريوانة ذكرتها بنفسها عندما أتت هنا لأول مرة..أمسكت يد ريوانة لتساعدها على الحركة ثم قالت مازحة:
- دي علشان أول مرة تيجي هنا، بس بعد كده هتتعودي.
قاطعتها ريوانة صائحة بصوتٍ مرتفع:
- لن يكون هناك مرة ثانية، أنا لست غبية لأكررها.
ضحكت مريم ثم قالت مؤيدة لها:
- حقك بصراحة، أنا لو مكانك مش هكررها خالص.
قررت مريم أن تمشي قليلا هذه المرة حتى ترى ريوانة أماكن أكثر، لم تستطع ريوانة أن تراقب المكان بهدوء وتستمتع به بسبب المضايقات التي تقابلها، قطع سكوتهن صوتها الغاضب وهي تقول:
- ألا يوجد عمل وراء هؤلاء الولاد؟ ما الممتع في وقوفي كالأبله هكذا وأنا أفعل حركات حمقاء بوجههي..من الذي قال لهم أن شكلهم جذاب إنهم مقرفين!
كانت تتابع مريم حديثها بتفهم فهي أيضًا تكرههم وتكره حركاتهم وكلماتهم تلك..لماذا لا نوأد أشباه الرجال هؤلاء؟ تحدثت بقلة حيلة هذه المرة:
- دول بالذات موعدكيش إني هقدر أغيرهم لأنه صعب، بس ممكن أحاول وربنا يستر بقا!
اكتفت ريوانة بابتسامة صغيرة، فهي تشعر أنها لن تستطيع التحدث براحة وسط هؤلاء الحمقى، وقفت مرة واحدة كأنها تذكرت شيئًا ما، ثم قالت بابتسامة:
- كانت جولةً ممتعة يا مريم، استمتعت بها كثيرًا وأرجو أن تكوني استمتعتِ أنتِ أيضًا..عالمكم جميل به مناظر جميلة، وناس جميلة يكفي أنكِ تنتمي إليه! أريدك أن تتكلمي عن روعة مكانكم أيضًا لا تذكري السلبيات فقط، وأرجو أن يكون كل شيئٍ جميل وأن يتوقف الناس عن تدمير أنفسهم..
توقفت عن الحديث قليلًا ثم قالت بطريقة مضحكة وهي تتحرك بعشوائية في المكان:
- أنا لا أستطيع أن أقول كلام جيد ولكن كل ما أريد قوله أنني أحبك يا صديقتي.
- ريوانة خلي بالك!!
قُطِع كلام ريوانة إلى الأبد وانتهت جولتها القصيرة، نعم أنها لم تدم كثيرًا ولكن مفعولها سيدوم إلى الأبد..
#يتبع *الخاتمة*
#تدمير ذاتي
#منةالله_محمود

تدمير ذاتي Where stories live. Discover now