الفصل الأول "لقد قابلت حورية!"💁🏻‍♀️

1.1K 47 8
                                    

في أحدى الأُمسيات المُعتادة لِدى 'مريم' حيث أُرجوحتها التي لا تمل و لا تتعب أبدًا من الجلوس عليها..صوت الهواء..حركة الأشجار من حولها..منظر النهر أمامها و تعامد الأنوار عليه أعطته مظهرًا جذابًا يُريح من ينظر إليه.. الهدوء الذي يعم حديقة منزلها ولا يقطعه سوى الصوت المنبعث من الأرجوحة..أنشودتها المفضلة المنبعثة من سماعات الأذن خاصتها، تُعتبر هذه الأشياء من طقوسها اليومية، التي تُخفف عنها عناء السير طوال اليوم بين المُعلمين و الدروس الخصوصية، و التي تُعتبر فرض عليها كونها فتاة في الصف الثاني الثانوي..
قطع تفكيرها و غنائها مع الأنشودة حركة غريبة في الأشجار التي أمامها، ظنت أن هِرة أو طائرًا ما يلعب في الأشجار و بعدها سينتهي هذا الصوت، لكن استمرت الحركة الغريبة و تحركت الأشجار بسرعةٍ أكبر و بدأت تصدر أصواتًا غريبة من وراء تلك الشجرة!
فَلم تستطع مريم كبح فضولها، وتغلبت على خوفها وتسللت بهدوء إلى تلك الشجرة الكبيرة التي تقع على النيل مباشرةً و المنبعثة منها تلك الضوضاء..
كانت تتلفت حولها في كل خطوة وتدعو أن لا يراها أحد أخواتها الصِغار فَيجلب الباقي و ينتشروا في الحديقة، فَإن حدث هذا سَتفقد الهدوء التي تُحبه و لن تستطيع أن تحصل عليه مُجددًا لأخر اليوم!
'""""""""""
ظهر أمامها جسد أنثوي صغير لا تظهر تفاصيل وجهها بسبب شعرها الكثيف و الطويل الذي التصق عليه بفعل الماء، ويبدو أنها تُحاول أن ترفع نفسها من الماء و الصعود إلى أعلى ومن الواضح أنها على وشك النجاح أخيرًا..
شهقة صغيرة انفلتت من جوف 'مريم' واحتلت وجهها علامات الذعر، وكانت سترفع صوتها لمناداة أباها ليأتي وينقذ تلك الفتاة ظنًّا منها أنها ستغرق، ولكن ما ألجمها حقًا هو أن باقي جسد تلك الفتاة لم يكن كباقي البشر !
خرج باقي جسدها من الماء و الذي كان يشبه من الأسفل الأسماك و لكن حجمها أكبر بكثير من تلك الأسماك التي يأكلونها! إنها ليست سمكة بل هي تُشبه الحوريات التي تُشاهدهم في الأفلام الخيالية و لم تتخيل أبدًا أن تلقاها في الحقيقة!
نظرت لها تلك الحورية بعيونها الزرقاء الواسعة و التي يُحيطها أهداب كثيفة، ثم تحدثت وهي تقول بإبتسامة كبيرة والحماس يشع من عينيها:
- مرحبًا، أنتِ مريم أليس كذلك؟
جحظت عين "مريم" في رعب ثم قامت بضرب جبهتها حتى تستفيق من هذا الحلم العجيب، وعندما وجدت نفسها في مكانها، قالت في صوتٍ مُرتعب:
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لا لا أنا مش مريم و معرفش حد بالاسم ده..
ضيقت تلك الغريبة عينيها وهي تقول بنبرة مالت للعتاب! صائحة:
- مريم لماذا تكذبين عليّ يا مريم؟ لقد أتيت لكِ خصيصًا، إنني أُراقبك كل يوم و وددت لو أجلس معكِ، و أن تأخذيني في جولة في هذا العالم الغريب الذي تعيشين فيه..
نظرت لها مريم ببلاهة فَالفتاة تتحدث معها وكأنهم أصدقاء منذ زمن بل و تُعاتبها أيضًا!
تحدثت مريم و هي تلوح بكفها و تُشير إلى الماء أمامهم:
- لا معلش مش باخد حد في جولات أنا! و بعدين هتمشي إزاي بمنظرك ده ؟
ثم أمسكت رأسها و هي تهتف بِضحك:
- ايه اللي أنا بعمله ده بس يا رب أنا بسأل سمكة؟ أنا مجنونة آه بس مش للدرجة دي..
نظرت لها ثم بدأت الحديث بِجدية مزيفة وهي تحاول أن تستعطف تلك السمكة لِترجع مكانها قبل أن يراها أحد:
- بصي يا أستاذة سمكة، أنا مقدرة حماسك و إنك عايزة تجربي تعيشِ معانا فوق، بس نصيحة مني بلاش والله دول ناس وحشين و لو شوفتيهم هتقولي أنا ايه اللي جابني هنا، أرجعي مكان ما جيتي و خلصينا من الحلم العبيط ده..
نظرت أمامها لِترى أثر هذا الحديث على تلك الغريبة، وجدتها مستلقية على الأرض واضعة إحدى يديها على وجهها لِتُسنده، و ناظرة لها بِملل، ثم سألتها:
- أنتهيتِ من حديثك الآن ؟
كان الرد عليها إماءة حركة صغيرة من رأس مريم تُشير بالإيجاب من، فأكملت حديثها وهي تُشير إلى نفسها:
- أول شيء أنا لستُ سمكة أنا 'رِيوانة' ابنة هذا النيل أو مثلما تقولون عروس النيل!
ثم أكملت و هي تشير بأصابعها للرقم اثنين:
- ثانيًا أنا أعلم مدى قذارة عالمكم إنني أسمعهم أثناء سباحتي ف الماء، و أيضًا انظري حولك يوجد قمامة في كل مكان في النهر! من المتسبب بها يا تُرى؟ إنهم البشر لا يفقهون في أي شيء سوى تلويث كل شيء حولهم..
كانت تسمعها 'مريم' وهي مندهشة من إنفعالها هذا ثم قالت و هي تدافع عنهم:
- على فكرة مش كلنا وحشين آه فينا ناس وحشة بس مش كلنا.. و بعدين لما إحنا وحشين كدا عايزة تطلعي تقعدي معانا فوق ليه؟
ترددت 'ريوانة' قليلًا أتقول لها أنه لا يوجد لديها أي أصدقاء في النهر، وأنها أحبتها كثيرًا و تُريد أن تجلس وتتجول معها، ولكنها لم تعتاد أن تٌفصح عن حُبها لأحد، فقالت و هي تتظاهر باللا مبالاة :
- أريد أن أرى هؤلاء الناس عن قرب، أريد أن أتجول بالقرب منهم و أرى طريقتهم في التعامل مع بعضهم البعض..
ثم نظرت إلى 'مريم' بتلك النظرة البريئة، ثم قالت بصوتٍ رقيق:
- أرجوكِ يا مريم سأفعل لكِ أي شيء تريدينه، أرجوكِ.
نظرت لها 'مريم' بجمودِ مُصطنع لم يدم كثيرًا و تحول إلى إبتسامة صغيرة:
- خلاص خلاص انتِ كيوت كدا ليه، هخليكِ تيجي معايا علشان تعرفي قلبي الطيب بس..
و لكن لاحظت ذيلها الطويل و الذي لن يُساعدها على الحركة بالتأكيد، فَقالت لها بتساؤل و هي تشير إلى جسد 'ريوانة' من الأسفل:
- بس هتمشي إزاي بمنظرك ده؟ أكيد مش هشيلك يعني..
ضحكت 'ريوانة' بخفوت عندما تخيلت تلك ذات الجسد الضئيل و هي تحملها، و لكنها قطعت ضحكتها ثم أشارت إلى نفسها بِفخر:
- لا تقلقي يا مريم أنا معي حل لكل شيء.
ثم أخرجت من مكانٍ ما بجانبها صَدَفة صغيرة لامعة، و رفعتها أمام ناظري 'مريم' و قالت في حماس:
- أنظري إن هذا ترابٌ سحري لو وضعت القليل منه على جسدي سأتحول إلى إنسية مثلك، و أتجول في جميع الأماكن براحة !
كان رد 'مريم' الوحيد هو نظراتها المبهورة بِهذه القابعة أمامها فَهي لم ترى في أشد أحلامها غرابة مثل هذا الذي يحدث الآن..
تنهدت مريم بتعب من الأفكار الكثيرة التي توجد في عقلها، ثم قالت بِإستسلام:
- واضح إنك مجهزة كل حاجة قبل ما تقوليلي.. المهم هستناكِ بكرا الساعة تلاتة هتيجي معايا الدرس، في الطريق و هناك هتشوفي أشكال مش بعيد بعدها تنطي في الميّة تاني و متطلعيش منها أبدًا..
صفقت 'ريوانة' بيديها و قالت بِحماس:
- أشكرك كثيرًا يا مريم، كنت أعلم إنكِ لطيفة و ستوافقين على طلبي..
ثم تابعت و هي تلقي بنفسها إلى الماء، و قبل أن تغوص داخله نظرت إلى 'مريم' و لوحت لها قائلة:
- إلى اللقاء مريم أراكِ غدًا.. و لكن أريد منكِ طلبًا آخر، أحضري أي شيء يُمكننا أن نكتب عليه و قلم للكتابة!
نظرت لها "مريم" بتساؤل :
- ليه و بعدين هو انتِ بتعرفي تكتبي زينا؟
- لا، و لكن أنتِ من سَتكتُب سأقول لكِ لماذا أطلب منكِ هذا ولكن بعد أن ننتهي من جولتنا تلك..
و قبل أن ترد مريم عليها أو تقول أي شيء كانت أختفت هي فجأة في الماء كما جائت، و تركت ورائها واحدة تتخبط من الحيرة ولا تعلم من هذه ؟ و كيف ستكون جولتهم تلك؟ بل و السؤال الذي كان يدور بقوة بداخل عقلها أهي حقيقة أم مُجرد شيء خيالي لا يتواجد سوى في مُخيلتها؟
#يتبع
#تدمير_ذاتي
#منةالله_محمود

تدمير ذاتي Where stories live. Discover now