تبدلت نظرات رافايال مباشرة .. و توقفت قدماه عن التقدم اكثر
حدق باتجاه الطفل الصغير الذي لم تبدو على ملامحه المزاح أبدا ليهتف مباشرة
_" متى ؟"
فرد زين بهدوء
_" كان في نفس اليوم الذي تعرضت فيه مدينة الحماة الى هجوم من مصاصي الدماء ... كان هو الشخص الذي يقودهم "
اسودت تعابير رافايال و الصدمة الشديدة التي تلقاها لم تكن أبدا بسيطة فقد اثرت حتى على تفكيره فغاب عن ذهنه اي كلام او سؤال
_" بني زين أنت لا تعرف زينون متأكد من أنك مخطئ "
كان هذا كل ما استطاع رافايال تبربر كلام زين به أما زين فقد حافظ على ملامحه الجدية و قال
_" لقد كان هو انا متأكد فقد رأيت صورته للتو في بيت العم زيركو ... كان نفس الشخص حتى أن وجهه لم يتغير مطلقا شاب اشقر ذا عينين حمراوين مثل الدم و بشرته شاحبة للغاية ... بابا رافايال أنا متأكد "
نظر رافايال من حوله في المكان الخالي الذي كانا يسيران فيه إنحنى لطول زين و سأله ببعض القلق
_" ماذا قال لك ؟"
في داخله كان رافايال قلقا من أن يكون زينون قد أخبر زين الحقيقة حتى انه خاف من هذا اكثر من اي شيء آخر.
نظر زين للهفة رافايال و القلق الذي ظهر على ملامحه ليرد بعد صمت قصير
_" لقد طلب مني أن انقل اليك رسالة بابا رافايال "
_" رسالة لي انا ؟ لما ؟ لما لم ينقلها لي مباشرة ؟ "
_" لقد أخبرني انك مراقب لهذا لا يستطيع أن يلتقيك و الا تعرضت للخطر "
و مع كلمة مراقب زاد استغراب رافايال فمن تراه يكون الشخص الذي يراقبه دون علمه ... مع قوته الحالية لم يكن هنالك اي احد من الممكن أن يقترب منه الا و كان على معرفة بوجوده ...
و وسط حيرته تلك تابع زين قائلا
_" لقد طلب مني أن احذرك من السيد سوارين "
اتسعت مقلتا رافايال و لم يسعه فعل شيء غير حمل زين مباشرة و القفز بعيدا عن ذلك المكان و العودة الى البيت ...
دخل البيت و وضع زين أمامه و طلب منه بجدية
_" زين بني فلتخبرني بكل التفاصيل لما قد يطلب مني زينون توخي الحذر من سوارين "
_" عندما كنت خارج البيت اتى زينون إلى هنا و قد طلب مني ان انقل لك هذه الكلمات و انا حتى لا اعرف من يكون السيد سوارين او لما يجب على بابا رافايال توخي الحذر منه طلبت منه أن يخبرني بمكانه كي انقله اليك و لكنه لم يفعل "
استقام رافايال يفكر في جدية الأمر ... ان كان زينون بالفعل قد اتى و حذره من سوارين فهذا طبعا يعني بأن مصيبة كبيرة على وشك الوقوع
_" بابا رافايال لقد أخبرني بأن اقول لك ان القلادة معك لم تخرج قوتها الحقيقية بعد و قد كان توقفها عن العمل فقط لأنه لم يردك أن تؤذي اي احد من اتباعه و تندم لاحقا "
و مع تلك الكلمات اقتنع رافايال مائة بالمائة أنه كان زينون بالفعل ...
نظر لزين مطولل و سأله بنوع من القلق
_" و هل أخبرك شيئا آخر ؟"
فكذب زين و رد
_" كلا "
بينما ذاكرته استعادت بين طياتها ذلك العناق الذي دام بينهما لوقت اطول حتى من مدة الحوار ...
عناق حميمي لاب افترق عن ابنه لسنوات طويلة و لم يكن زين وقتها بحاجه الى اي تفسير فقد كان يشك من البداية و حالما رآى زينون لم يمنع نفسه من مبادلته العناق او البكاء حتى بين احضانه ...
جلس رافايال واضعا كل الاحتمالات أمامه ليفكر مليا في هذه المشكلة ...
ان كان زينون حذره من سوارين فلا يسعه الا أن يصدقه فثقته بزينون اكبر حتى من اي احد في العالم كله ... و هو يعلم جيدا أن زينون ضحى من قبل من اجل البشرية و لن يتغير هكذا بين ليلة و ضحاها و ربما من الأصل يكون لسوارين يد فيما حدث قبل سنوات و كان سببا في اختفاء زينون طوال هذه المدة ...
ربما يكون العدو الخفي الذي اختبأ منه زينون لسنوات هو رئيس مدينة الحماة سوارين نفسه و ليس الأعداء المحتملين الذين هم مصاصي الدماء ...
في هذه الحالة الا يجب أن يبحث عن زينون ليشرح له كل شيء بنفسه فالغموض الذي يلف الرسالة التي نقلها له ابنه لم يساعد سوى باضافة ضبابة معتمة في طريق رافايال ...
و بهذا كانت ليلته كلها مليئة بالحيرة و التفكير في جميع الاحتمالات الممكنة ...
حتى حل صباح اليوم التالي على تلك المدينة ...
و هذا اليوم سيشهد حدثا مهما للغاية و هو اختبار النخبة من الطلاب لاختيار الأفضل و الذي ستكون مهمتهم تعويض الحراس الاثني عشرة السابقين في بناء حاجز جديد ليكون أقوى و اكثر متانة من ذي قبل ...
و قد نظم هذا الحدث عن طريق جينتا الذي اهتم بكل شيء سلفا و حهز الطلاب المشتركين في المسابقة ... و من بين الحكام كان زيركو و سوارين و احد المحاربين من بين الحراس الاثني عشرة السابقين و يدعى نيفيريا ...
وقف اربع و عشرون طالبا في خطين متوازين من بين الطلاب الذين تم اختيارهم شخصيا من طرف جينتا من المدرسة العليا للتدريبات و قد كانوا مميزين و اقوياء بالفطرة رغم انهم كانوا لا يزالون شبابا ...
كانت طبيعة الاختبار هي الكشف عن القوة الجسدية الحقيقية لكل واحد منهم لهذا توجب عليهم القتال ضد بعضهم و الاثني عشرة الفائزين سيقوم نيفيريا شخصيا باختبار قدراتهم في الختم ...
و وسط تلك الساحة الضخمة تصدرت منصات للقتال و كان عددهم اثنا عشر ...
وقف جينتا وسط الساحة و هتف بصوت مرتفع ليسمع صوته كل من حضر و شاهد هذا الاختبار
_" القوانين واضحة من يستطيع أن يدفع خصمه خارج الحلبة او يجبره على الاستسلام يفوز ... و الآن فلتتقدمو و ليأخذ كل واحد رقم و لينطلق الى الحلبة الخاصة به و عدوك هو صاحب نفس الرقم "
بينما كان الجميع في حالة من التأهب و الحماس كان رافايال يراقب سوارين بعينين محتارتين
* لما ؟ لما حذرني من سوارين بالذات ؟ ما الذي فعله سوارين لك حتى تقدم على خطوة جريئة كاقتحام المدينة و ترك هذه الرسالة لي ؟*
انتبه سوارين لنظرات رافايال فنظر نحوه و ابتسم ليبادله رافايال الابتسامة بينما عقله مشوش بسبب تلك الأفكار ...
و ما أيقظه كان صوت بدأ المنافسة بين الطلاب ... و حالما نظر الى الحلبات الاثني عشر كان ما رآه هو مجموعة شباب اقل من العشرين من العمر بملامح فتية و لا يمكن إنكار وسامتهم رغم حدة نظراتهما و شحوب بشرتهم و كأنها لم تعني الاهتمام الكافي من أصحابها و هذا كان أمر بديهي فالنخبة يجبرون انفسهم على التدريبات القاسية ليلا و نهارا و قلة ما يحظون بالراحة ... هذا على الأقل ما يتذكره من ايامه السابقة في مدينة الحماة ...
و لكن الجو لا يبدو مختلفا عن ذي قبل فتلك الهالات اسفل اعين الطلاب كانت تثبت أن شيئا لم يتغير ...
او هذا ما كان يعتقده رافايال ...
أطلق جينتا اشارة البداية لتنطلق المعركة بين المتبارين و لكن السرعة الخارقة التي انتهت بها المنافسة و دخان الإشارة لم يختفي بعد ... جعلت الجميع يفتح افواههم بصدمة
ظل اثني عشرة متنافسا في نفس الوقت واقفين وسط الحلبة بعد أن طردوا منافسيهم بعيدا عن الحلبة بعشرات الامتار ...
كان هذا حدثا غريبا للغاية و مثيرا للإهتمام تعالت بسببه اصوات الدهشة و الاستغراب
و من بينهم رافايال الذي كانت عيناه تحدق فيهم بصدمة
* هل هم بشر حتى ؟*
لم يرى في حياته سرعة كتلك و المفاجأة أن المتبارين الاثني عشر انتهوا في نفس الوقت كأنهم متفقين فيما بينهم ...
يتبع
أرجو أن يكون الفصل عند حسن ظنكم ❤️❤️
لا تحرموني من آرائكم و لا تنسو الفوت من فضلكم😊
و شكرا 😘