شبح من الماضي "شانتيل شاو"...

Da amira_iq

233K 4.7K 386

خافيير هيريرا دوق أسباني ومليونير عديم الرحمة، علمته الحياة بأسلوبها الشائك ألا يقع في الحب مطلقآ. اما الان ف... Altro

1.شبح من الماضي
تكملة البارت الاول
2-عرين الأسد
3- خدعة أم حقيقة؟
4- اين المفر؟
5-اعتراف وندم
6-أسيرة!
7-لا.....أرجوك!
8-لست أكرهك
9-صدمة ومفاجأة
10-لا تبعدني عنك!
11-هروب إلى المجهول
note🙂

12-سيدة القصر

19.2K 624 91
Da amira_iq

وقف خافيير أمام باب غرفة نوم غرايس ، فاصغى الى صوت نحيبها المكبوت . فكر بوحشية ان هذا الوضع لا يمكن ان يستمر . مضت ستة أسابيع منذ ان اعادها من المستشفى الى المنزل وما زال الأمرعلى حاله : هو يتربص في الممر خائفا من الدخول والمجازفة برفضها ، بينما تقبع هي وحيدة باكية .
إنه مستعد لفعل اي شيء حتى يراها تبتسم مجددا. ان تعاستها تمزقه إربا ، والاسوأ من ذلك معرفته انه هو المسؤول عن دموعها . قال لنفسه بكآبة إنه ما كان يجدر به ان يتزوجها . كان يجدر به ان يتبع غريزته الأولية فيطردها من القصر حين زارته لأول مرة لتدافع عن قضية والدها ، لا ان يقع تحت إغراء ابتسامتها الخجولة المحيرة .
إدراكه للسهولة التي سحرته بها جعله يشعر بالرعب . لطالما تمكن خلال سنوات عمره الستة والثلاثين من فرض سيطرة حديدية فولاذية على مشاعره ،ولطالما تفاخر بكونه محصنا ضد الحيل الأنثوية . لكن بشكل ما ، ومن دون ان يدرك ذلك ، تسللت غرايس خلف دفاعاته الى ان اصبحت كل ما يهمه في حياته . ان السماح لها بالرحيل قد ينتزع قلبه من مكانه . تقبل خافيير ذلك وهو يمسك بمقبض الباب .
لكنه لا يستطيع الابقاء على حمامته الرمادية اسيرة قصره لفترة أطول .
خرجت غرايس من الحمام المتصل بغرفة النوم ، فتوقفت فجأة لدى رؤيتها لخافيير واقفا عند طرف سريرها . لاحظت بعبوس انه فقد بعض الوزن ، أصبح وجهه نحيلا ذا فجوات عميقة عند جانبي فمه ، لكنه ما زال أروع رجل رأته في حياتها ، فأحست بذاك الألم المعهود حول قلبها .
عاملها خافيير بلطف خلال الاسابيع الماضية ، فتحت تحفظه البارد ايقنت غرايس انه يمتلك قلبا حنونا . بالرغم من معاملتها الفظة له حين لم تثق به ، لم يلمها يوما على خسارة طفلهما . لعله لم ير أي داع لذلك في حين انها تلوم نفسها بنفسها .
إدراكها لحملها كان أمرا جديدا عليها . بالكاد تسنى لها الوقت لقبول ذلك حتى انتزعت منها سعادتها . بكت غرايس الى ان أحست كما لو ان قلبها سينفجر على خسارة هذه الحياة الصغيرة التي حملتها لفترة وجيزة . أما خلال الليالي القليلة الماضية ، فانهمرت دموعها بدافع اليأس ، لأنها واجهت حقيقة ان خافيير لن يحبها أبدا .
وجه خافيير لغرايس نظرة وجيزة ذابلة ، فيما تحركت هي متجهة نحوه . أعاد انتباهه الى الصور المنثورة على السرير ، وقال :" أستنتج أن المرأة في الكرسي ذي العجلات هي والدتك؟!"
تكلم بهدوء وهو يحدق بالابتسامة الساكنة البادية على وجه المرأة التي انعمت على غرايس بجمالها الرقيق ، ثم تابع :" لم أدرك أنها لم تكن قادرة على السير ".
أومأت غرايس ثم التقطت إحدى الصور الفوتوغرافية وقالت :" لسوء الحظ ، فقدت والدتي القدرة على استخدام رجليها خلال المراحل الاولى لمرضها . لكن حتى خلال أسوأ لحظاتها لم تتوقف عن الابتسام".
أخبرته غرايس بذلك وصوتها يرن والفخر تجاه والدتها .
-هل اعتنيت بها في المنزل؟
-نعم . في بادئ الأمر تدبرنا والدي وانا الأمر بنفسينا ، لكن عندما أصبحت تتألم كثيرا ، أمن لها والدي ممرضات مختصات للعناية بها على مدار الساعة . كان ذلك مكلفا بالطبع ، كذلك كانت الرحلات الى لورد الفرنسية والاماكن الأخرى ، حيث كانوا يعدونه بالعلاجات العجائبية . ذلك كل ما تبقى لوالدي ان يأمل فيه .... وبالطبع لم ينفع اي منها .
أطلعته غرايس على ذلك بحزن ، وتابعت :" لكنه احبها إلى درجة جعلته مستعدا لأن يفعل أي شيء لإنقاذها .... حتى سرقة الاموال منك".
أضافت غرايس جملتها الأخيرة بصوت ابح ، قبل ان تضيف :" بالرغم من كل ما حدث ، أنا لا استطيع لومه . إنها حب حياته .... لكنني لا اتوقع منك ان تفهم ".
سألها خافيير بخشونة :" هل تظنين ذلك لأنني لم اختبر الحب من قبل ولا أعترف به ، كما انني لا احترمه لدى الآخرين؟"
وجهت غرايس له نظرة مدهوشة :"انت اخبرتني بنفسك أنك لا تؤمن بالحب ".
قال :" يا إلهي! تفوهت بالعديد من الاشياء اللعينة الغبية . هل سترمينها كلها في وجهي من جديد؟ ان اي شخص ينظر الى صور والديك لا يمكن إلا ان يلاحظ الحب الذي تشاركا به . لا بد ان موت والدتك دمر والدك . لو انني اصغيت إليك عندما جئت إلي ، لعلني كنت سأفهم اسباب تصرفه ، وسأشعر بالتعاطف معه ، عوضا عن إصدار الحكم الصارم وإجبارك على الزواج مني ".
أدار خافيير وجهه ، فكادت غرايس تبكي بسبب قوة المشاعر البادية في عينيه .
همست برقة :" لم يكن الأمر هكذا . كان الخيار بيدي، وأنا أخترت الزواج بك ".
حدق خافيير بالصورة ، ثم دفعها نحوها قائلا :" انت وافقت على عرضي فقط بدافع الحب لوالدك . لم يكن ذلك ما تريدينه . انت اعتبرت زواج والديك السعيد نموذجا ترغبين به لمستقبلك ، لكن ما الذي أعطيتك إياه أنا؟ إنه عقد عمل خال من المشاعر ، وتوقعي منك بان تقسمي بعهود مهمة جدا بالنسبة إليك ، وانت تعرفين أنها أكاذيب . أنا راقبت وجهك في الكنيسة غرايس ".
قال خافيير ذلك بصوت ابح قبل ان يتابع :" أدركت كم آلمك ان تقولي هذه الكلمات لي انا عوضا عن قولها للرجل الذي تحبينه وتأملين بتمضية بقية حياته معه ".
تمشى نحو الموقد الحجري الضخم ، فحدق نحو اللهب المتراقص في داخله . وفجأة شتت الصمت بينهما ، فقال :" يجدر بك العودة الى انكلترا . أنت حزينة وبشرتك باهتة وشاحبة جدا ، لذا انت بحاجة الى تمضية بعض الوقت مع الاشخاص الذين يحبونك".
-فهمت!
أحست غرايس بشق من الألم يقطع جسدها ، لكنها رفضت ان تسمح له رؤية ألمها . ليس بمقدوره ان يوضح لها بشكل أبسط وأوضح أنه لا يحمل أية مشاعر تجاهها . فكرت بذلك وهي تمسح دموعها عن وجهها بنفاد صبر . لعله سئم من رؤيتها تبكي على الدوام . عضت على شفتها السفلى حتى شعرت بطعم الدم . أجبرت صوتها على ان يبدو خاليا من المشاعر، فسألت :" متى ..... تريدني أن .... أغادر؟"
أجابها خافيير وهو يهز كتفيه :" حين يلائمك الأمر. غدا ، اذا أحببت ".
أحست بلا مبالاة كالسكين المغروز في صدرها ، فخنقت تنهيدة كادت تخرج منها . وفيما وقفت بصمت متمنية أن يذهب ويتركها وحيدة مع بؤسها ، تكلم خافيير مجددا قائلا :" غرايس .... اريدك ان تعلمي أن الاشهر القليلة المنصرمة التي عشت فيها هنا في القصر كانت الأسعد في حياتي .... باستثناء الاسابيع القليلة الأخيرة ، التي كانت كالجحيم ".
أضاف ذلك بنبرة هامسة غير مصطنعة .
كان خافيير ما يزال يحدق بالنار ، فيما أدار وجهه بعيدا عن وجهها كما لو انه يتعمد تجنب نظراتها ، لكن اعترافه المفاجئ عنى كثيرا بالنسبة الى غرايس. فطالبته وهي تسير نحوه :" في هذه الحالة ، لماذا ترسلني بعيدا؟"
تعثرت وهي تستعجل للاقتراب منه فوطأت على ذيل قميص نومها . تمتمت لعنة وهي تجمع القماش بيدها ثم تقف أمامه .
قالت بحدة :" ما زال هنالك ما يزيد عن الاربعة اشهر من عقد زواجنا ، وأنا مستعدة تماما لاحترامها . اعتقدت انك تحتاجني هنا حتى تقنع أفراد مجلس إدارة المصرف أنك ما عدت تعيش حياة الرجل الماجن اللعوب ، بل انت رجل متزوج سعيد ".
للحظة لم يقل خافيير شيئا   بل ببساطة أزلق انامله داخل شعر غرايس فداعب الخصل الحريرية وصولا الى خصرها ، ثم قال :" انا استقلت من منصبي في مصرف هيريرا ، وتخليت عن كل حقوقي به . من الآن فصاعدا سيحصل نسيبي لورنزو على السيطرة التامة ".
-لكن .... ! المصرف هو كل شيء بالنسبة إليك .... اهم شيء في الدنيا . من فرط اهتمامها لأن تفهم ما يجري ، قبضت غرايس على مقدمة قميصه فحدقت الى الاعلى نحوه ، وتابعت تقول :" لست مضطرا الى التخلي عنه الآن ، في حين انك اوشكت على ربح مكانك ".
اغمضت عينيها وقد اشرق عليها فجأة الفهم ، ثم قالت وقد تجمعت الدموع في حلقها :" لهذا السبب ستعيدني الى انكلترا . أليس كذلك؟ لا يمكنك ان تنتظر أربعة اشهر أضافية لتفسخ زواجك بي . لا بد انك تكرهني كثيرا بما أنك مستعد لخسارة حقك بالولادة ، عوضا عن البقاء متزوجا مني لأشهر قليلة قصيرة".
انفجر خافيير نافيا :" بالطبع انا لا اكرهك!"
قبض على كتفيها واجبرها على النظر إليه ، وقد رقت نظراته لدى رؤية البؤس المذل في عينيها ، فتابع :" كيف يمكنك ان تظني ذلك أبدا؟"
قالت غرايس من بين دموعها :" الذنب يقع علي لخسارة الطفل . لو انني وثقت بك اكثر ، عوضا عن الاصغاء الى اكاذيب لوسيتا ، لبقيت حاملا بطفلنا".
أطلق خافيير ابتسامة خشنة وقال :" ظننت انني اريد هذا الطفل فقط لإتمام شروط وصية جدي . حتى انا لست عديم الرحمة الى هذا الحد عزيزتي ، لكن اعتقادك انني قادر على قسوة من هذا النوع هو دليل رأيك بي . حسنا! بعد الأسلوب الذي عاملتك به، فأنا أستحق كرهك ".
بدا وجهه كالقناع المشدود فيما جاهد للسيطرة على أحاسيسه . سوف يسنح له ما يكفي من الوقت بعد رحيل غرايس حتى يتعلمل مع اليأس الذي يهدد بالسيطرة عليه . جذبها الى صدره ، فأحس بالدموع تبلل قميصه ، فتوسلها بصوت أبح :" لا تبكي غرايس حان الوقت لأنهاء هذا الجنون . أنت حرة لترحلي إلى منزلك .... إلى والدك ، وأعدك ان انغوس آمن من الملاحقة القانونية . لو كنت في مكانه واقفا أراقب بعجز معاناة المرأة التي أحب ، لفعلت ما فعله بالضبط ".
أعترف خافيير بذلك بصوت خافت جدا الى درجة ان غرايس اضطرت الى ضغط جسدها عليه حتى تسمعه ثم تابع :" أنا اسامحه عزيزتي ، وآمل أنك ستسامحيني يوما ما لأنني سببت لك الأذى".
-أنت لم تؤذني أبدا .... أقله ، ليس عمدا .
قالت غرايس ذلك بحزم فيما ألقت خدها على صدره وأصغت إلى ضربات قلبه غير المنتظمة . انها قادرة على البقاء هكذا الى الابد ، لكنها على الارجح تحرجه. أقرت بذلك بأسف ، فهي تعلم كم يكره خافيير اشارات العاطفة .
استنشقت نفسا عميقا وخرجت من بين ذراعيه لتتمكن من رؤية وجهه بوضوح . أحست غرايس أنه كرمها واحترمها بأعترافه أنه يتعاطف مع والدها ، لذلك يجدر بها ان تكافئ صدقه بصدقها معه .
لطالما اعتقد خافيير طيلة حياته بأنه يتمتع بنقص او عيب ما . كانت والدته قد أخبرته انه غير محبوب ، لذلك لا عجب أنه قام ببناء سور دفاعي حول قلبه . كان الغرور قد دفع غرايس الى نكران مشاعرها تجاهه ، وهي تصرفت بفظاظة معه حين جعلته يعتقد أنها لا يمكن ان تحبه أبدا . كم كان مخطئا بظنه! تمتمت وهي ترفع ذقنها حتى تلاقي نظراته بكل شجاعة :" الذنب ليس ذنبك لأنك لا تحبني ، فأنت اوضحت منذ البداية بأنك لن تحبني ابدا . الذنب ذنبي انا . عندما اتخيل فكرة التخلي عنك ... وعدم رؤيتك مجددا .... ذلك يفطر قلبي ".
تجاهلت نظرة عدم التصديق والاندهاش البادية في عينيه ، فتابعت كلامها :" انا لا أعتقد أنك بارد ومتحجر القلب ، خافيير . فأنت تتحلى بالقلب الحنون وبالحب في داخلك كأي رجل آخر ... وربما أكثر ، لكن طفولتك علمتك أن تدفن مشاعرك وتقفل عليها في داخلك بانتظار المرأة المناسبة التي تدير المفتاح فتحررها".
فجأة لم تعد غرايس قادرة على المتابعة ، فأدارت وجهها بعيدا عنه ، وسالت دموعها نزولا على وجهها . قالت بصوت فيه غصة :" أتمنى لو كنت انا تلك المرأة ، لأنني أحبك من اعماق قلبي . كنت محقا حين خمنت سبب قدومي إليك في مدريد . لم أقو على مقاومتك .... لكنني ما كنت لارضى بإقامة علاقة معك لو لم اكن أحبك ".
-لماذا اذا كنت تنوين الرحيل عني؟
بعذاب يدفعه الإحباط أدارها خافيير حول نفسها وهزها بكل معنى الكلمة ، قبل ان يسحبها الى صدره الصلب . ثم غمغم بصوت أجش :" يا إلهي! عندما فتحت باب السيارة بالقوة ووجدتك مرمية فوق المقود ...."
أحس خافيير بارتعادة تعبر جسده ، فأغمض عينيه لفترة وجيزة ، فيما أحرقت الدموع مؤخرة حلقه . آخر مرة بكى فيها هي حين كان في الثامنة من عمره ، حيث جلس متقوقعا تحت عربة والدته النقالة، بعد ان اقفلت الباب عليه وتركته وحيدا جائعا . منذ ذلك الحين تعلم السيطرة على مشاعره ، فذلك نظام دفاع عن النفس ضد التعرض للأذى . لكن غرايس استطاعت ان تخترق روحه ، فمزقت دفاعاته واحدة تلو الأخرى ، وتركته مكشوفا على طبيعته . ان ذكرى تلك اللحظات القليلة التي تلت الحادث ، حين ظن أنه خسرها الى الأبد ، كانت أقوى من ان تحتمل . لذا دفن خافيير وجهه في شعر غرايس ، فتسربت الدموع من تحته رموشه . ان خافيير وهو يمسح وجهه بعنقها ، ثم قال :" رفضت الحب طيلة حياتي الى ان اعتقدت فعلا أنني محصن ضده . لكنني أحبك غرايس أكثر مما ظننت أن بأمكاني أن أحب ".

مرر خافيير انامله في شعر غرايس ، فأحنى وجهها حتى يتمكن من التحديق الى عينيها . توقدت عيناه الكهرمانيتان بأحاسيس قوية ، فتساءلت غرايس كيف تراها استطاعت ان تتخيله باردا . بدا كما لو أنه يعوض عن كل السنوات التي أقفل فيها على مشاعره فحبسها داخله .
وقفت على اطراف أصابع قدميها حتى تطال وجهه ، فأمسكته بين يديها وعانقته بكل الحب المكبوت الذي أبقته مخفيا لفترة طويلة جدا . أحست به يتردد قبل ان يغمرها ، ببطء وعذوبة ، بمداعبة جعلتها ترتعش بين ذراعيه .
أقر خافيير عندما رفع رأسه :" في بادئ الأمر رحت أخدع نفسي فأقول إنني مسيطر على الوضع . لم اقو على منع نفسي من ملامستك ، لكنني اقنعت نفسي ان هذا فقط مجرد انجذاب قوي بيننا ".
التوى فمه في ابتسامة آسفة وتابع :" إنه أفضل انجذاب على الاطلاق . انا لم اختبر أبدا شغفا مماثلا وسعادة مماثلة في حياتي كلها . لكني لاحقا اضطررت الى إجبار نفسي على الابتعاد عنك خشية ان تدركي انت كم انا ضعيف حيالك ".
همست غرايس بخجل :" ظننت ان هذا هو أسلوبك في إفهامي أنك لا تريدني سوى للفراش فقط ولا شيء أكثر. لطالما تقت لأن تعطيني اشارة صغيرة ما تثبت أنني اعني شيئا بالنسبة لك . ولكم شعرت بالغيرة من الإلفة التي تشاركت بها مع لوسيتا . أنا آسفة لأنني صدقت هي عوضا عن الوثوق بك ".

غمغمت غرايس ذلك وهي تشعر بالخزي والأسف ، لكن خافيير عاد رفع ذقنها حين أخفضت وجهها .
-لم أفعل سوى القليل حتى اكتسب ثقتك عزيزتي . لوسيتا لا تعني لي شيئا . أنت هي المرأة الوحيدة التي احببتها يوما ، وأقسم أنني سوف أحبك لبقية حياتي . انا فقط آسف لأن الامر تطلب أن اكاد اخسرك حتى أقر بالواقع .
عانقها خافيير مجددا بشغف حاد ، لم يترك مجالا للشك أبدا بعمق حبه لها ، لفت غرايس ذراعيها حول عنقه وتعلقت به . أما هو فرفعها فجأة بين ذراعيه ، ومشى بخطوات واسعة خارج غرفتها فعبر الممر نحو غرفة النوم الرئيسية ، حيث وضعها في وسط السرير الضخم ذي الأعمدة الأربعة .
-هذا هو المكان الذي تنتمين إليه .
أغاظها خافيير بكلماته ، لكن على الفور تلاشت ابتسامته فتحولت تعابير وجهه الى ما يدل على التوق والشوق التامين . فقال :" قولي لي ان هذا حقيقي غرايس ، وليس مجرد وهم يرسمه لي يأسي الحاد . إذا تركتني الآن فسوف تأخذين قلبي معك ".
ركعت غرايس ع السرير ووعدته بنعومة :" أنا لن أغادر إلى أي مكان . قصر الأسد هو منزلي ، وأنوي ان اعيش هنا معك ومع الاولاد الذين سننجبهم يوما، لبقية حياتي ".
اضطرب صوتها قليلا عندما تذكرت الحياة الحساسة السريعة العطب التي خسرتها . إنها ليست مستعدة لتفكر بطفل آخر بعد ، لكنها تأمل ان تملأ القصر باطفال خافيير حتى لا يشعر بالوحدة مجددا في المستقبل .
مدت يدها نحوه ، وهمست قائلة :" أريد ان اظهر لك كم أحبك فعلا . لقد عنيت كل كلمة من العهود التي قطعتها يوم زفافنا . لعلني لم أدرك ذلك حينها ، لكن روحي أدركت بأنك توأمها ، ولن أتركك مجددا ،حتى ليوم واحد ".
امسكت به قريبا من جسدها ملامسة بشرته الحريرية برؤوس أناملها .
-أنا أحبك ، غرايس .
تحرك ليغرقها في عناق محموم محمل بلهفته واشتياقه لها . رفع رأسه بعد قليل ليقول :" لا تتركيني ابدا ".
الحساسية الصادقة البادية في صوته جعلت قلبها ينقبض . أن جراح طفولته أثرت بعمق فيه ، وقد يستغرق الأمر سنوات من التطمين . سوف تخبره بحبها كل يوم ، بالكلام وبالفعل ، حتى يعرف كم يعني بالنسبة إليها .
لف خافيير ذراعيه حولها وأمسكها قريبة منه، مداعبا شعرها بيده المرتعشة نوعا ما .ثم همس :" أنت حياتي ، عزيزتي . ولن أدعك ترحلين ابدا ".
ضمته غرايس بعمق أكبر ، وقد أحبت الوهج الرقيق الذي ظهر في عينيه ، فقالت :" أكنت ستعيدني الى انكلترا حقا؟"
-حتما . وكنت يأطلب الطلاق فورا .
أحكم قبضته عليها وهو يقول ذلك ، فيما أطلقت غرايس شهقة مسموعة . تابع يقول:" ... وما ان نصبح غير مرتبطين بعقد الزواج الجهنمي ذاك . كنت انوي ان انتظر لفترة معفولة من الزمن ... لنقل ، أسبوعا واحدا قبل أن أبدأ بتطبيق مخططي ".
-أي مخطط؟
سألته غرايس منقطعة الأنفاس ، فيما تلاشت نبضات قلبها لدى رؤيتها اللمعان الماكر في عينيه .
-مخططي بأن اسعى وراءك وأتودد إليك بشكل لائق ، أدعوك الى تناول العشاء على ضوء الشموع ، واتصرف بشكل ساحر جدا يجعلك غير قادرة على رفضي عندما أطلب منك الزواج بي وقضاء بقية حياتك معي .
تكور فم غرايس وقد خاب ظنها :" آه! أنا احب فكرة تناول العشاء على ضوء الشموع معك لكنني لا اهوى الطلاق ، لذا يجدر بنا أن نبقى سويا بكل بساطة ".
-أعدك بذلك.
أقسم خافيير ، وأمضى الدقائق القليلة التالية مظهرا لها بأساليب عديدة متنوعة وممتعة تماما كم ينوي البقاء مقربا منها .
أخيرا افلتت غرايس نفسها من بين ذراعيه وجلست مستقيمة على السرير فقالت بجدية :" أنا لا أريدك ان تتخلى عن موقعك في رئاسة المصرف . إنه مهم جدا بالنسبة إليك ".
أجابها خافيير بحدة :" لا شيء مهم بقدرك أنت. فأنا لا اريد ان تساورك أية شكوك حيال سبب زواجي منك ".
جذبها بقوة لتعود الى ذراعيه وقال :" لورنزو مسرور لأننا ندير المصرف معا . لكن القرار يعود إليك ، عزيزتي أنا .... كيف سأقولها ....؟ كالمعجون بين يديك ".
استنشق خافيير نفسا حادا حين تتبعت غرايس بيدها حدود فكه . تمتمت ببراءة :" انت لا تبدو لي كالمعجون ".

                  ***************

                      الخاتمة 》

عند حلول ذكرى زواجهما الاولى قطف خافيير الورود لغرايس من حدائق القصر ، لكن الأشواك جرحت يديه ، فأصرت زوجته على ان يمضي بقية النهار في السرير معها حتى يشفى .
عند حلول ذكرى زواجهما الثانية ، قطف الورود مجددا ، فأزاح الاشواك بعناية قبل ان يضع الباقة على السرير حيث كانت غرايس ترضع ابنهما الذي يبلغ الشهر من العمر .
غمغمت غرايس وهي تناول خافيير ابنه ، ثم طمرت وجهها في البراعم المنفتحة قائلة :" خدا ريكو ناعمان كبتلات الورد . انه رائع جدا. أليس كذلك؟ أتمنى أن نرزق بالكثير من أمثاله ".
-هل تمزحين؟ لا يمكنني ان اخوض تجربة ولادة أخرى مثل هذه .
تذمر خافيير بارتعاد ، فيما تذكر الساعات الست عشرة المليئة بالآلام والعذاب وهو يراقب غرايس تعاني من آلام الولادة ، قبل ان يصل ريكاردو هيريرا أخيرا الى هذا العالم .
حك شفتيه بنعومة فوق خد ريكو ، فأحس بقلبه ينبض بالحب ، ذلك الحب الذي ظهر في عينيه حين ابتسم لغرايس . فقال :" سوف نحبه من أعماق قلبينا ، لكنني أخشى بأنه سوف يكون طفلا وحيدا ، عزيزتي ".
قالت غرايس بفرح وابتهاج :" هراء! أنا ارغب بإنجاب اثنين على الأقل ، وانت تعلم دوما أنني احصل على مبتغاي ".
بعد مرور ثمانية عشر شهرا ، فعلت غرايس ذلك بالضبط ، انجبت توأمين من البنات هما روزا وسوزانا فرنت أرجاء القصر بأصوات ضحكات الأطفال .
إن اسد هيريرا لن يمشي بمفرده بعد الآن!

                       النهاية

خلصت واخيرا 😍😍
شكرا لكل اللي شجعني علمود اكملها والله لو ما تعليقاتكم وتشجيعكم چان عفتها من زمااان 😘
ادعولي أنجح ☹

Continua a leggere

Ti piacerà anche

651K 19.7K 37
لقد كان بينهما إتفاق ، مجرد زواج على ورق و لهما حرية فعل ما يريدان ، و هو ما لم يتوانى في تنفيذه ، عاهرات متى أراد .. حفلات صاخبة ... سمعة سيئة و قلة...
73.7K 1.4K 9
مجرد التفكير أنها وقعت في خطته كالحمقاء الساذجة , سامحة له أن يسيطر عليها بالكامل وقد استعمل عاطفتها نحوه ضدها . ووراء المظهر الكاذب الوسيم لرجل الأع...
428K 16.7K 52
هل الجمال الخارجي للمرأة ما يجذب الرجل ام جمالها الداخلي ؟ ماذا ستفعل 'جميلة' حتى تحافظ على منزل العائلة الذي تكاد ان تفقده بسبب الديون ؟ هل سيقع "كم...