صـــه || HUSH

By merry_ah

98.7K 7.4K 7.9K

{K.TH&J.JK} -حيثُ تحتضِنُ العاصمة لندن القصر الشامِخ لأعظم عائلة سحرة في التاريخ، عائلةُ السيد كيم، دافنةً... More

{مَــدخَــلْ.}
{إعلان الرواية.}✨
{ رَقصَـة - الـرَجُل المُقنَـع. }
{ خَفـيفُ اليـد - عَـرضُ الضـاحيـة }
{ عَـشاء - دَاكِـنُ الـعَينين وَثَـقيلُ الـصَوت. }
{ فُرشـاة - أشقَـرٌ مَخملـي. }
{ دَعـوَة - غمـوضٌ وفضـول. }
{ المَاضي - سِـرٌ مَكنون. }
{ تَفسيـرات - قناعُ الأرنَـب. }
{ نَـوايا - ابنُ الـدوق. }
{ حقائق - تِلك الإشارات. }
{ الجناحُ الغربي - مواجَهة أولـى. }
{ ذاتَ الحُسن - سِـرُّ الليدي. }
{ هَمَسـات - قرارُ الـوَريث. }
{ زِيـارة - مكنونـاتُ قَلـب. }
{ تشتُّـت - خطُّ البدايـة. }
{ حِكايـات - الطريـقُ لِلمجـد. }
{ أفكَــار - ثعـابينٌ فضيّـة. }
{ صحـوَة - انطِلاقـة جـديدة. }
إعلانُ الباب الثاني/ فصلُ الصيف.
{افتتاحيّـة -أرنبُ القَصـر.}
{بنينُ الـعتمة -مَـلِكُ الرُقعـة.}
{طلَـب -شوكـولا حُلـوَة.}
{خطـوة -غُــرابٌ داكِــن.}
{لُـعبة -نبـضٌ قديـم.}
[وعـود- رابِطـةُ كيـم.]
{التـوأم-همـسٌ وتـاروت.}
[جـولَـة- ذاتَ الكـراميـل.]
{خفايا -الماضي والحاضر.}
{الشـروق-ما يقبـعُ في القلـوب.}
{مُفتـرَق-الـرحلة والنتيجـة.}
{خيـوط -على الأعتـاب}

{ مَتـاهة - عَـرينُ الأخـوَين }

3.4K 350 413
By merry_ah

مرحباً جميعاً!.
ب

ِمُناسبة وصولي الى 3 آلاف مُتابع انا أشكُركم بشدة وأهديكُم عِناقات وقُبلات! -تبكي عند الزاوية بسعادة-.
جميع من قدّم لي الدعم الرائع ولو بتصويت او مُشاركة رواياتي، من كَتب كلماتٍ جميلة أسعدتني ومن أحبّ ما كتبته أنا في رواياتي..
أُحِبُكم جميعاً! -توزع باقات ورد وتنثر البتلات-.
كـهدية/ تم تنزيل من كل رواية أكتُبُها بارت واحد طويل وممتع، أرجوكم استمتعوا بها وأطلعوا عليها!.
مُلاحظة/ انا في مرحلة السادس اعدادي ايها الشعب الطيب، لذا أرجوكم تفهموا سبب اختفائي هذه الفترة للدراسة!، أدعو لي!.

أترككم مع البارت~.

--------------------------------------------

.

.

.

- 3 -

" مهما فعلتِ، لا تتجولي وحدكِ في هذا القصر. "

.

.

.

------------------------------------------------

أخرج زفيراً من جوفه، كما لو كان يحبسه هناك لفترة طويلة لمحاولةِ وضعِ تركيزٍ شديد على راحة يده التي يبسطها أمامه.. عقد حاجبيه انزعاجاً من نفسه ولكنه لم يبدُ بأنه سيستسلم عن المحاولة سريعاً.

يجلِسُ أسود الهيئة على أريكةٍ مُنقشة بأحترافية، غرفة مُنارة بفعل ضوءِ الشمس النابع من نافذة زجاجية كبيرة لا سِتار لها مُزينة بأفخم الأثاث ذو الطراز اللندني.. كل شيء من الجدران المتباهية بلوحاتها الغريبة وساعتها حتى الطاولات والأرائك المنتشرة حوله صانعةً غُرفة بهية المنظر.

كان منحنياً بنصفه العلوي الى الأمام ويحدق فقط براحة يده أمامه بنظراتٍ مباشرة تكادُ تفقد ثقتها، شابٌ أسود الشعر صحي البُنية ورتيب المظهر، لا يبذل جهداً كبيراً ليبرز جاذبيته ابداً كونها تمثلت بهالة البرود حوله والتعابير الفارغة التي ارتسمت على وجهه وقتها بغض النظر عن عُقدة حاجبيه الرجولية.

عِدة مرات كرر ما يفعله بهزِ يده قليلاً ثم معاودة النظر اليها بثبات كأنه ينتظر حصول شيءٍ ما، كان مُصمِماً على ان يُنهي ما بدأه ولكنه سمح لتركيزه ان يتشوش مذ انه لا يعلم لمَ لم يتمكن من فعلها بعد.

وبالصمتِ الذي يغزو المكان حوله.. أنفاسه المُنتظمة هي الوحيدة التي كانت تُسمع، ولكن كل شيء.. انحنى وتنحى جانباً ليخضع لهيبةٍ فُرِضَت بقوةٍ في الغرفة، حين صدى وقعٌ لخطواتِ أقدامٍ متزنة وبطيئة تتجول على الأرضية الخشبية برشاقة، وحينها شعر الصغير بيدٍ تحط على كتفه فجأة واستفاق من شروده رغم انه لم يفُك حاجبيه المُنعقدين ولم يرفع رأسه سوى انه استرخى من فوره لعِلمه ان أخيه بقربه.

كانت لمسة هادئة مليئة بالثقة، وومضَ وقتها بريقٌ لخاتم أزرق ترتديه تلك اليد حين أقترب صاحبها من أخيه الذي يجلس أمامه.

حافظ الأصغر على ثباته وجمود تعابيره بشعوره ان أخيه انحنى بنصفه العلوي اليه حتى منع ضوء الشمس من الوصول اليه وطغى ظله على وجهه، بهدوءٍ وخفة حتى شعر برأسه يستقر قرب خاصته من الجهة الاخرى التي وضع يده عليها.. كان يبدو انه سيريح رأسه على كتف الصغير.

نظراتٌ حادة ومُباشرة جعلت هدفها يدُ أخيه الأصغر، صوتٌ ثقيلٌ وثابت انطلق فجأة ليُحدثه فيدرك الآخر للتو مدى قربه منه حين شعر بأنفاسه المُنتظمة تضرب أذنه..
" دعهُم يعلمون.. انك ذو السُلطة هنا كوك. "

همس بوهن كما لو انه يخبره بسرٍ كبيرٍ استوعبه المدعو جونغكوك بسرعة، أرخى جسده فشعر أخاه بذلك مذ انه يضع يداً على كتفه.. في حين يركز جونغكوك على يده في محاولة أخيرة، تحركت عينّا الآخر بهدوء لتحط على وجهه القريب مُحدقاً بترقبٍ تام كما لو انه يتفحص عينّي الأصغر بنظراتٍ ثابتة تُخبِرُك ان صاحبها مليءٌ بالثقة..
ويحمل (الكبرياء) كـأسمٍ أوسط له.

لم يخب ظنُه ابداً حين أطلقت عينّا جونغكوك ثقةً تُرجِف القلوب، وحينها علم ان لا خوف عليه ولا قلق.. فـبقي يُحدق في وجه أخيه وهناك ابتسامة بدأت ترتسم على شفتيه، هادئة ونرجسية كالعادة في حين تُخبِرك ملامحه انه الرسمة المُفضلة للرب لِشدة المثالية التي تختبئ في وجهه ذو العينين الثاقبتين.

لم يحتَج الى النظر الى يد جونغكوك المنبسطة مذ انه علم انه سينجح، وها هي عُقدة حاجبّي جونغكوك تُفَك أخيراً فتستعيد تعابيره برودها فور ان رأى لهيباً مُشابهاً للهيبِ النار الذي تصنعه ولاعة يتراقص فوق أحد أصابعه فجأة.

استعاد شعوره بما حوله أخيراً وأدرك ان أخاه لا يزال هناك يُحدق في وجهه وعلِم انه أطلق قهقهة صغيرة خافتة فتلامس أنفاسه أُذنه مجدداً، أحتدت عينيه وبدى كـدميةٍ مُتكلمة بكل ذلك الفراغ والبريق الميت فيهما حين تكلم بصوتٍ خافت، ثابت ورجولي نافس صوت شقيقه الأكبر في الثقة.

" ليس كافياً. "

" اوه انه كافٍ!.. لم أقُل ان مُنافسة الكمال سهلة. "

فوراً جاءه رد الأكبر حين أعلن جونغكوك عن عدم رضاه بأدائه فشعر بعدها بيده تربت على كتفه في الجملة الأولى، ثم يرفع أصبعاً ليداعب وجنة جونغكوك التي يراها لطيفة رغم انها مختبئة خلف الجدية التي تُخيم على تعابيره.. حينها عقد حاجبيه ورفع عينيه الى أخيه مُحاولاً اخباره من خلال نظراتهما انه منزعج من عبثه بوجنته باصبعه ذاك.

وهنا حيث تلاقت نظراتهما بذلك القرب فقط ليبرُزا ذلك الغموض الذي تبادلاه لوهلة بين أعينهما الداكنة، حيث أمال الأكبر ذو الهالة العظيمة رأسه قليلاً فيسمح للخبث ان يُسيطرعلى تعابيره مُليناً لمساته الهادئة على وجنة أخيه كما لو انه أخبره للتو بشيءٍ لا يفقهه أحد سواهما بِلُغة العيون.

أشاح جونغكوك بناظريه مُفرقاً وجهيهما ونظراتيهما فور ان أدرك ان الآخر يتعمق في نظراته نحو عينيه كما لو انه يخطط لاستخراج شيءٍ ما من بَحرِهما، كما لو انه اكتشف ان تفكير الصغير كان مشوشاً قبل قليل ولهذا لم يُتقِن الخُدعة بسهولة.

حينها عبث جونغكوك بذلك اللهيب ونقلّه بسهولة بين أطراف أصابعه مُزيحاً اي شك في كونها مجرد خدعة صغيرة.. ثم ما لبث ان أطلق صوته بتعليقٍ تسبب في ظهورٍ ابتسامة هادئة أُخرى على شفتّي أخيه كما لو انه يشير اليه عن انزعاجه التام لمحاولته تلك في معرفة ما يعتمل في دواخله مجدداً.

" لا تدرُسني، لأنك لن تستطيع التخرج ابداً.. تايهيونغ. "

وحينها جاء رد تايهيونغ، ساحر العصر العظيم حين همس قارصاً وجنة جونغكوك بقوةٍ شيئاً ما ليحذره من نبرته تلك التي تحدث بها، وليذكره بشيءٍ ما لا يعلمه سواهما بعُمقِ صوته الغليظ ونظراته الحادة التي فضّل الصغير الّا يبادله اياها حين رافقتها ابتسامة جانبية هادئة ومريبة.. فيميل رأسه أقرب لأُذنه بعد ان تبعثرت خُصلات شعره السوداء مُغطيةً عينيه وتلامس وجنة الصغير.

" لا تُعجبني نبرتك، ولكنني سأحاول غض النظر عنها.. كُن لطيفاً، ولا تستغل ذلك.. جونغكوك!. "

لكن وقتها جونغكوك حصل على اعجاب تايهيونغ مُجدداً، حين بقي هادئاً وصامتاً.. بل ثابتاً بنظراته وتعابيره دون ان يبتلع ريقه خوفاً او يهتز جُفنيه رهبةً، وببساطة استمر في تفحص اللهيب على اطراف اصابعه بنظراتٍ مُباشرة قبل ان يمد تايهيونغ يده الحُرة فجأة.. ويبسطها أمام جونغكوك بحركةٍ أطفأت لهيبه بسبب الهواء الذي أحدثته.

تصنم الصغير، وحدق بكل هدوء ليد تايهيونغ التي تحتلها عِدة خواتم غريبة الشكل بينما يُطلق فرقعة من أصابعه لتشتعل نارٌ ذات لهيبٍ عظيم حين بسطها ثانيةً أمام عينيه فتعكس حدقتّي جونغكوك القاتمتين وهجها.. ويتأمل مثالية تكوّنها في يده بينما اتسعت ابتسامة الوريث وهمس ثانيةً بأنفاسٍ حارة قرب أُذن أخيه بنبرة لعوبة يتخللها الغرور.

" هكذا.. تُنافِسُ الكمال!. "

.
.

----------------------------------

أخذت نفساً مطولاً لتُهدأ من روحها القلِقة، وزفرته فور ان سمعت صوت فتح باب العربة من قِبل السائق ففتحت عينيها المُغلقتين وقابلت وجهه لتعرف انه يقف باحترام قرب الباب الصغير والمنفرج مُنتظراً اياها ان تنزل من العربة بعينين تُحدقان في الأرض.

تسللت النسمات الباردة داخل العربة كما لو انها تدعوها للخروج بدلاً من التحديق والتفكير بنمط الحياة الجديد الذي ينتظرها، فتنهدت لآخر مرة منذ ان توقفت العربة في الساحة الكبيرة للحديقة الخارجية لقصر السيد كيم العظيم.. ثم أخيراً سحبت نفسها لتخرج منها بحذرٍ وهدوء.

مَد السائق لها ذراعه، فتمسكت بها قبل ان تنزل درجات العربة الصغيرة ثم أطلقت سراحها فور ان حطت بقدميها على ملكية عائلة كيم الأنجليزية.. وعيناها تجولتّا حولها علّها تستوعب المساحة العظيمة لتلك الملكية وسط الهواء الطلق الذي حامَ هناك.

على يسارها لمحت البوابة السوداء الضخمة التي اجتازتها العربة على بعد عِدة أمتار، مُحاطة بحدائق كبيرة وواسعة على الجانبين صانعةً طريقاً لمرور العربات من الرخام الأبيض.. ثم تدحرجت حدقتيها لترى الأشجار المُقلمة بعناية والزهور المنتشرة في الحدائق التي تحاوطها من كل جهة بلونها الأخضر البهي ونافورات المياه أنيقةُ الشكل مُغلفةً بتماثيلٍ مُصنّعة بعناية فائقة وجودة غالية.. فظنت ان تصميم المكان مُستلهمٌ من الجنة!.

لكنها لا يمكن ان تنكر غرابة التماثيل بالأشكال التي تتخذها، ولا هدوء وخلو الأشجار من العصافير المُغردة تاركةً المكان صامتاً عدى عن صوتِ المياه التي تتساقط في أحواضِ النافورات.

" آنستي!. "

أخيراً التفتت الى يمينها حين أنطلق صوتٌ لرجلٍ من هناك فتنتفض كونه ظهر فجأة وسط شرودها، وأدركت عيناها هيئةً تقف قريباً منها بقامةٍ طويلة.. هي حدقت به لوهلة لتحفظ وجهه مذ انه يمتلك ابتسامة مُشرقة ولطيفة ترسُمُها شفتيه وعينيه مقوستين نتيجةً لها، يقف باستقامة ويضع يداً خلف ظهره بينما الأُخرى التي يُغلفها قفازٌ أبيض تسللت أمامه كي ينحني اليها فور ان تلاقت أعينهما.

انحناءة هادئة من ذلك الرجل الأشقر الذي استمتعت ببريق حدقتيه العسليتين لوهلة مذ انها شبهته بأميرٍ لطيف قفز من احدى رواياتها حينما رأته بهذه الصورة اللائقة التي تمثلت ببذلةٍ قانية اللون مذ انها خمرية وذات قماشٍ فاخر، هي لم تستطع سوى الاجابة بانحناءةٍ صغيرة من رأسها كـتحيةٍ اليه قبل ان يستقيم مُبادلاً اياها النظرات بابتسامة أراحت شيئاً من تفكيرها المظلم.

" أُدعى كيم جونغهيون، انا رئيس الخدم في قصر عائلة السيد كيم.. وبالتأكيد أتشرف كثيراً للقاءِك آنسة فايوليت!، أرجو ان تتبعيني ريثما يتولى الخدم أمر أمتعتك. "

شرح لها بسرعة وبساطة، قبل ان يمد يده ليشير لبعضِ الخدم الى العربة قاصداً ان يحملوا حقائِبها، وهي تفاجأت للحظة من ظهورهم مذ انها لم تنتبه لوقوفهم أصلاً خلف المدعو جونغهيون فهو حصل على كل تركيزها في البداية.

راقبت الخدم المُحتشين بالبذلات السوداء القاتمة والقفازات البيضاء فتتذكر لون خاصة جونغهيون المُختلف، بينما هم يُنزلون حقائبها هي التفتت ثانيةً نحو رئيس الخدم فتراه قد مد يده بأدب ليشير اليها بالتقدم قُربه كي يقودها الى داخل القصر.. لذا تركت كل شيءٍ خلفها وتقدمت بخطواتٍ متزنة نحوه وعيناها لا تُفارقان وجهه المبتسم.

ربما كان مُريحاً للناظرين، لكنه في الوقت ذاته أوقد ريبةً في نفسها.

بعدما أتحدت خطواتهما معاً للمسير، هي رفعت عينيها ناحية القصر الذي انتصب بشموخ وسط الملكية الواسعة.. فتبرُق عيناها باندهاش من ضخامته رغم ما تعرِفُه عنه من همس الألسُن في المدينة، وعن الهيبة التي يحملها في جُدرانه القائمة أمامها.

كان مُرتفعاً جداً لدرجة انها اضطرت لرفع رأسها وتضييق عينيها مذ ان الشمس تسطُع امامها وتنعكس عن قمته، كلما أقتربت بخطواتها كلما اختبئ قُرص الشمس الذهبي خلف القصر.. فتتضح النوافذ الزجاجية الكبيرة والنقوشات الغريبة التي تملأ الواجهة.

لاحظت أيضاً الكثير من المُلحقات التي جعلت واجهة القصر مُميزة.. كتماثيل المدخل الذي يقبع أمامها، ثم بُهِرت باللون الذي يُغلِفها مذ انه بُنيٌ غامِق.. ثم ما يلبث ان يبرُق تحت أشعة الشمس فتمنحه هالة عظيمة وثقيلة على أنفُس الناظرين.

حينها أخفضت ناظريها فور ان أدركت قربها من المدخل الواسع الذي سبقته عِدة درجات تؤدي الى العتبة، فشهدَت جونغهيون وهو يمد ذراعه لها كي تُغلفها بيدها ويساعدها على صعود الدرجات.. ورغم انها لم ترَ لهذا حاجة الا انها علِمت انه يليق لمنصبه بشدة مذ انه نبيلٌ حقيقي.

تقبلّت هذا منه وتمسكت بذراعه وهي تصعد الدرجات التي ظنت لوهلة انها مصنوعة من الألماس للمعانها وبريقها، ثم ما لبثت ان تصعد بخطواتها على العتبة الواسعة للقصر.. حين تركت ذراع جونغهيون هي تنهدت رافضةً ان يظهر القلق على تعابيرها بينما تشهد تحرُك الخادمّين الّذين يقفان كتماثيل قرب الباب الضخم الذي انتصب امامها.

بنقوشاتٍ غريبة ولونٍ بُني كالخشب تميز الباب الخارجي الذي برقت مقابضه الذهبية الكبيرة حيث تولى كُلٌ من الخادمّين فتح احدى ذراعّي الباب.. الذي أنفرج ببطءٍ وثُقل مُتراجِعاً للخلف كي يكشِف عمّا يقبع بداخله شيئاً فشيئاً.

حين فُتح الباب على مصراعيه، بدى صعباً قليلاً لفايوليت ان تتقدم مذ ان عينيها صافحتّا الرُدهة الواسعة للقصر فوراً.. هي علِمت ان الأرضية تلمع للعناية الفائِقة هُناك ورأت انعكاس شيءٍ ما ضخم عليها كونها بدت كالمرآة لشدة نظافتها.

انتظرها جونغهيون بكلِ أدب ان تتحرك، وبالفعل تمالكت نفسها وتقدمت ببطء ليتبع رئيس الخدم خطواتها بصمتٍ تاركاً اياها تُحادث نفسها وتخبرها بأن تهدأ مذ انها دخلت صفحة جديدة ومُختلفة تماماً في حياتها.

أول شيء جذب انتباهها هو ما لمع في السقف البعيد، فرفعت عينيها وبُهِرت بمنظر الثُرية الضخمة التي تُزين السقف العملاق.. كانت تبرُق بفخرٍ لتُشير الى انها تحمل الزُمُرد الباهض الذي لم تتوقع رؤيته في الرُدهة، ولكنها عائلة السيد كيم بعد كل شيء.

أخفضت نظرها بعدها وهي تستمر بالسير بخطوات هادئة وتعابيرٍ مُتزنة رغم حدقتيها المُتجولتين حين شاهدت وسع الرُدهة الكبيرة وكيف انها تتفرَع لِعدة أبواب على الجوانب لتِصل أجزاء القصر ببعضها، ثم لاحظت ذلك السُلم الضخم الذي يتوسطها.

ربما يبلغ عُرض الدرج أكثر من عشرة أمتار، كان يبلغ بِقمته طابقاً آخر للقصر حيث رفعت عينيها ثانيةً واستطاعت رؤية حدود السُلم الذهبية التي تطُل على الرُدهة هُنا من الأعلى.. وعلى عكسِ أرضية الرُدهة اللامعة تغطت درجاتُ السُلم بسجادة حمراء قانية برزت نقوشات ذراعَيه الذهبيتين.

بعدها كان عليها ان تتبع جونغهيون الذي تقدمها في المسير.. مُخبراً اياها الى انه سيقتادُها الى غُرفتها التي خُصصت لها، فعلِمت انها لن ترى حالياً من القصر الا ما سيظهر أمامها خلال الطريق الى هُناك.

وخلال رحلتها في السير.. بدءً من الأثاث الفاخر الذي تراه حولها هُناك، والجُدران البُنية ذات اللوحات الغريبة والمُميزة لرسامين مشهورين وانتهاءً بتصميم القصر الذي تجولت فيه خلف جونغهيون علِمت ان المُختصين والمُحترفين فقط من جعلوا هذا المكان جنةً لمن يسكُنُه.

طابعٌ انجليزي بالطبع، جعلها تشعر انها تسكُن احدى قصور الملكة اليزابيث العظيمة، كانت تستطيع رؤية السجادات ذات اللون الأحمر القاني تُغلف أغلب الأرضيات اللامعة.. لكنها لم تستطع ايجاد شيءٍ رخيص ابداً يُزين القصر، فكل ما تراه تقريباً –كما حزرت- كان مُغلفاً بعَضهُ بالذهب، الألماس والزُمرد!.

رأت العديد من الأبواب والمنعطفات والأروقة العريضة والواسعة، رأت تُحفيات باهضة وتماثيل عظيمة الهيئة، وعلِمت أن قصراً كهذا لا يتواجد إلا في الروايات، رغم إن عائلة السيد كيم أوجدته في الواقع بأموالها.

متاهة.
قفزت هذه الكلمة في رأسها فجأة حين عجزت عن تذكُر المُنعطفات التي سلكاها، او عدد الأروقة التي مرّا بها.

كانت تستمتع حين تمر قرب نافذة، فالنوافذ هُنا كبيرة وواسعة جداً.. هي تطل على الحدائق حول القصر وتسمح لشعاع الشمس بالدخول بحرية مذ انها لا تتقيد بأي ستار، كان المنظر خلالها رائعاً جداً جعلها تشعر -ولِعدة لحظات- ان ما تتخيله من قصور في الروايات أصبح حقيقة.

القصرُ مليءٌ بالنور، لكن لسببٍ ما لم تكن تشعر براحة رغم كل ما أبهر عينيها من أحجارٍ كريمة وتُحفيات ونوافذ تعُم الأرضيات بلمعانِ أشعة الشمس، كان صدرها يزعجها بضيقٍ غريب.. وروحها لم تتوقف عن التذمر من هالة القصر الغريبة.

هي ظنت انها مجرد أعذار مذ انها تركت منزلها اجباراً ولن تستطيع العودة ربما لحياتها القديمة، وربما لهذا السبب فقط هي منزعجة.

كان جونغهيون هادئاً طوال الطريق ولم يتكلم معها، لكنه جذب انتباهها فوراً حين مرّا قُربَ بابٍ كبير وتمتم بينما خطواته تتباطئ علّه يحظى برؤية ما خلفه مذ انه كان مفتوحاً قليلاً.

" أظن ان السيدّين يحظيّان بدرسِ الأدب التاريخي، لم أعتقد انهما سيكونان هنا الآن. "

ربما كانت مُخيلتها لكن من وجهة نظرها حين تفحصت ما استطاعت ان ترى من ملامح وجهه علِمت انه حاول السيطرة على تعابيره قبل ان يحتويها القلق، وبسرعة هو التفت لينظر الى عينيها لأقل من ثانيتين كي يوجه لها ابتسامة صغيرة ودافئة مُعتذراً عن تمتمته.

" أرجو المعذرة آنسة فايوليت، ستحظين بشرفِ مُقابلة السيدّين في وقتٍ لاحق."

بدى انه يعتذر عن هذه الفرصة كونها غير مُناسبة لألتقائها بوريثِ عائلة كيم وأخيه الأصغر حين رآهما في تلك الغرفة بشكلٍ مفاجئ لم يتوقعه، وبسرعة هي وافقت على هذا في داخلها حين بلعت ريقها لسببٍ ما وشعرت بالضيق فور ان تذكرت انه عليها مُقابلة من سيحتجزانها هنا في نهاية المطاف.

اجتاز هو الباب ببساطة بعدما نظر الى الطريق أمامه، الا ان فضولها هي تمكَن منها حين أصبح الباب قريباً منها.. وبعد ان تأكدت ان جونغهيون مستمرٌ في السير، هي توقفت فجأة امام الباب.. والتفتت برأسها الى اليمين لتنظر من خلال ذلك الشق الواسع تقريباً الى داخل الغرفة المعنية حيث ظنت انه رأى الأخوين فيها.

وبالفعل.. سمعت صوت رجلٌ كبير في السن تقريباً، وهو يُلقي ما علِمت انه الأدب التاريخي بصوتٍ غليظ ورخيم أصبح واضحاً حين اقتربت لتلك الدرجة من الباب حتى ملأ الغرفة، وقبل ان تُركز في الأثاث والجُدران الفاخرة كالعادة.. جذبتها هيئتين قريبتين.

عيناها حطتّا على شابّين يجلسان على أريكة مخملية واحدة وبدى انهما يُقابلان المُدرس، فركزت بحدقتيها عليهما مذ انها علِمت انهما لا بُد ان يكونّا الأخوين.. السيدان كيم تايهيونغ، وكيم جونغكوك.

بهدوء تأملت أولاً ذو الهالة القوية، جذب عينيها بشدة مذ ان هالته تصرخ بالعظمة.. الا انها كرهت الكبرياء الذي يرتسم حوله كـرفيقٍ حقيقي.. طريقة جلوسه توحي بالثقة المُطلقة، وبعد ان تفحصت سترته ذات اللون الخمري التي يختبئ خلفها قميصٌ أسود يبرز بشرته السمراء، رأت خواتمه الغريبة البراقة وتعرفت على ذلك البريق الذي يصدُر من خاتمٍ أزرق جذاب.

حين علِمت انه الغريب ذو القناع الأبيض الذي خاطبته في الحفلة تلك الليلة، رفعت عينيها مباشرةً لوجهه.. فتتأمل تلك الملامح التي ظنت انها تنتمي لدُمية حقيقية، كانت ترى صوره في الصفحات الأولى من الجرائد، العظيم كيم تايهيونغ، ولكنها لم تظن ان رؤيته على أرضِ الواقع سيشكل اختلافاً كهذا.
كما انه ليس أبيض البشرة، بل يتميّز بسُمرتها الجذابة!.

عينان حادتان ونظراتٌ ثاقبة ومباشِرة، حدقتين قاتمتين وتكحيلٌ أسود وهمي تراه يحاوطهما ليمنحهما المزيد والمزيد من الحِدة.. أقشعر جسدها للحظة حين فكرت كيف من الممكن ان يكون تأثير تلك العينين حين تنظران مباشرةً نحوها.. لكنها تذكرت انها بالفعل جابهتهُما في الحفلة التنكرية!.

شعرٌ أسود قاتم كسماءِ الليل، وتعابيرٌ باردة تكادُ لا تفضح شيئاً عدى عن الغرور.. وملامُحٌ منسقة لدرجةٍ جعلتها تعلم لمَ تصدر المركز الأول كـأوسمِ رجلٌ في العالم لِعدة سنوات.

كان يضع ساقه اليُسرى على اليُمنى.. ويتكئ باحدى يديه على ظهر الكنبة بينما يده الأُخرى تستقر في حضنه، ولاحظت بالكاد كيف ان أصابع يده اليُمنى تتحرك كما لو انه يردد في نفسه أُغنية يتّبِعُ لحنها رغم وجهه الساكن وشفتيه المُطبقتين.

أخيراً انتزعت عيناها عنه حين رغبت برؤية جونغكوك، الأخ الذي ظهر بعد الوريث تايهيونغ بخمسة سنوات لتدرك فوراً انه يجلس كالأول تماماً.. عدى عن انه يعقِد ذراعيه الى صدره.

وقتها شعرت ان هالته مُختلفة عن أخيه، كانت تعابيره هادئة جداً، لكن صارمة جداً.. خُصلاته تمتاز بلونها الأسود كشقيقه ايضاً ولكنها كانت مُصففة بطريقة مُختلفة، تعابيره لا تفضح شيئاً ابداً كما لو انه فارغٌ من كل شيءٍ عدى عن ملامحه الوسيمة التي سرقت قلوب الكثير من الفتيات حول العالم بالطبع.

ببساطة هو كان يرتدي القميص الأسود وحده دون سترة تُغطي صدره العريض، فبرز ذلك اسمرار بشرته وحِدة فكه.. ثم انه لا يرتدي خواتماً غريبة.. بل يكتفي بقُرطين أسودين لامعين على أُذنيه.

عيناه كانتّا أقل حِدة، لكنهما بالقتامة نفسها كما لو ان الأخوين يُخبئان بئراً عميقاً داخل حدقتيهما.. ورغم انه تشارك هالة الرجولة والثقة مع أخيه.. الا ان قلبها مالَ ليشعر انه مُختلف بطريقةٍ ما، رغم تشابه كل شيء بينهما.

للحظة ابتلعت ريقها، وأهتز جفنيها ما ان تعمقت بالنظر الى وجه من تعرفت عليه على انه السيد كيم جونغكوك.. هي تراه دومًا في الجرائد، ولكنها لم تظن يوماً انه يشبه رفيقها الغائب أكثر من هذه اللحظة.

جونغكوك الصغير والمشرق ذو العروض السحرية على ناصية شوارع لندن، لمَ دوماً تشعر انها تُبالغ حين تلمح شبهاً يختبئ في ملامح كيم جونغكوك البارد ابن عائلة السيد كيم؟.. لطالما طاردها هذا الشعور، ولطالما دفعت به الى أبعد زاوية من تفكيرها بحكم انه شيءٌ مستحيل، فهو مجرد تشابه اسماء.. ومجرد تشابُه ملامح..
فهي لا تعلم أصلاً كيف بات شكلُ رفيقها حين كَبِر.

حينها استفاقت من شرودها فور ان لمحت تايهيونغ يقوم بحركةٍ بسيطة، فنظرت اليه لترى انه سحب تركيزه من الدرس.. وباتت عيناه الحادتان تنظُران الى جانبه الأيسر، هي ظنت ان هنالك من يقف هناك ولم تره هي.. لكن المكان الذي ينظر اليه كان فارغاً تماماً.. كما لو انه ينظر الى الهواء.

فجأة رفع تايهيونغ رأسهُ ببطء وبتعابيرٍ هادئة نحو الجدار خلفه حيث تستقر لوحةً صغيرة جداً وضِعت هناك للزينة، فتبعته عينّا فايوليت الفضولية لتدرك ان اللوحة على وشك السقوط وافلات المسمار الذي تتعلق به، بالفعل.. هوت اللوحة بعد لحظة فقط لكن يد تايهيونغ كانت الأسرع في التقاطها فور ان مدها نحوها.

توقف صوت المُدرس الذي لا تراه من مكانها.. والتفت جونغكوك بهدوء نحو أخيه ليرى تلك اللوحة المُستقرة في يده، وببساطة.. وضعها الوريث قربه على الأريكة، وتزامن رأسه بالالتفات مع أخيه نحو المُدرس كما لو انهما آلة واحدة.. ليطلب بنظرةٍ مباشرة وابتسامة خفيفة احتلت شفتيه ان يُكمل الرجل الدرس.

بايماءة واحدة سمح تايهيونغ لصوت المُدرس ان يظهر ثانيةً في الغرفة.. ولكن فايوليت كانت تقف هُناك مُندهشة تماماً وغير قادرة على التفكير بوضوح بسبب ما رأته.

حين نظر تايهيونغ مُسبقاً الى جانبه الأيسر، بدى ان هنالك من همس له بشيءٍ ما ليخبره وينبهه بأمر اللوحة التي كادت تسقط.. لكنها متأكدة بأنها لم ترَ أحداً هُناك! فالمكان فارغٌ تماماً!.

كان تفكيرها مشوشاً وحاجبيها انعقدّا بسبب غرابة الموقف، لكنها انتفضت حين رأت جسداً قريباً من الباب.. فأدركت ان هنالك من يقف قربه منذ البداية وكان من الممكن ان يكشف وجودها هُناك.. لذا صوت جونغهيون أنقذها وقتها.

" آنسة فايوليت؟. "

استقامت ونظرت بسرعة للأمام حيث رأت جونغهيون يقف أمامها على بُعد عِدة خطوات، كان يُحدق في وجهها بتعابير مُتسائلة عن وقوفها هكذا هُنا فهو عاد أدراجه فور ان لاحظ انها لا تتبعه.. ورغم ان نظراته التي جالت بينها وبين باب الغرفة القريبة جعلتها تشعر انه علِم ما كانت تفعله الا انه ابتسم بلطف، ودعاها الى ان تتبعه مُجدداً.

" من هُنا!. "

كان من لطفه الا يُعلِق على فعلتها، لذا هي شكرت نُبلَهُ في نفسها واومأت له بسرعة.. وهذه المرة لم تتأخر عنه حيث تبعت خطواته الهادئة فوراً لتبتعد عن تلك الغرفة التي تحوي الأخوين الّذين جعلاها تشعر بالغرابة وتصنع ألف سؤال فقط برؤيتهما وتلّمُس هالتيهما.. فكيف لو التقت بهما وجهاً لوجه لاحقاً؟.

وبانشغالِ عقلها بما رأته طوال الطريق حيث ان هالة الأخوين وهيئتُهما لم تُغادر فكرها، هي لم تشعر الا وبجونغهيون يتوقف فجأة فتدرك انها وصلت الى غرفتها المُخصصة.

أخيراً ها هي تقف أمام بابٍ عريض ذو لونٍ هادئ، مقابِضُه ذهبية بالطبع وتقف بالقرب منه خادمة أمتازت بأسودادِ فُستانها كـحال الخدم الآخرين.. بأحترامٍ شديد ودون ان تنظر اصلاً في وجهها فتحت لها الباب ووقفت تنتظر دخولها الى الغرفة.

لوهلة وقفت فايوليت هُناك تحدق بالأرض، ثم رفعت عينيها بعد ان قررت ان تترك الشرود وتتقدم بهدوء حاولت ان يُغلف تعابيرها منذ ان دخلت الى هذا القصر فقط لتُشير الى انها ليست قلقة.

وبالطبع لم تفشل الغرفة في ابهارها، فهي كبيرة وواسعة وتضُم أجود الأثاث وأجمل الزينة على الجُدران.. سريرٌ واسع بمُلاءة بيضاء نقية يتوسط الغُرفة، ومرآة حوافُها الذهبية مُنشقة باحترافية أمام كُرسي لطيفُ الهيئة في احدى الجوانب، ثم يتواجد دولابٌ كبير جداً يتميز بالحواف والمقابض الذهبية أيضاً وتستطيع بالكاد رؤية الزخارف الناعمة عليه.

سجادة بيضاء تُغطي مُعظم الأرضية اللامعة ولوحاتٌ مختلفة لأزهار او لمناظر طبيعية تتعلق على الجدران كما لو انها أُختيرت خصيصاً لها، ثم تستطيع رؤية الساعة الكبيرة هُناك والمدفأة الخشبية لم تشتعل بالنار بعد بل يستقر الحطب فيها بسكونٍ فقط..
بدى انها مُختلِفة عن بقيةِ أجزاءِ القصر.

غُرفة في قصر أغنى أغنياء لندن والعالم، تستطيعون تخيُل الشرفة التي تتصل بها طبعاً؟.
أمامها استقر الباب الزجاجي الذي يفصُل غرفتها عن الشرفة، وتستطيع معرفة كونها واسعة ايضاً وتطل على الأغلب على الحديقة الخلفية للقصر مما تراه من مكان وقوفها.. فأدركت انهم تجهزوا لأستقبالها بطريقة رائعة جداً بتوفير كل هذا لها.

أخيراً رأت أمتعتها تستقر على الأرضية قرب الدولاب فيبدو انها وصلت قبلها الى هُنا، وبعد تلك الدقائق من التأمل تحدث جونغهيون حيث لا يزال يقف قرب الباب مع تلك الخادمة الهادئة ليجعلها تلتفت اليه.

" سآتي بخادمتكِ الخاصة لتُرتب أمتعتك لو أحببتِ يا آنسة فـ.. "

" لا.. سأفعل هذا بنفسي. "

هي قاطعته، فتوقف عن الحديث من فوره مُبادلاً اياها النظر بصمت مذ انه لم يتوقع اجابتها تلك بنبرتها الهادئة والحازمة.. لم تحبذ فكرة ان يلمس أحد أغراضها فهي لم تعتد على ان يقوم أحد بهذا الشيء الصغير من أجلها بينما تستطيع هي فعله.

" كما تُحبين آنستي!، علّكِ تُفضلين لِقاء خادِمتكِ الخاصة لاحقاً.. أرجو منكِ ان تحظي بقسطٍ من الراحة فأنتِ مدعوة الى العشاء هذه الليلة مع السيدّين. "

مُجدداً تكلم بلُطف وابتسامة هادئة حين أعلن انهم جهزوا لها خادمة خاصة ايضاً، ولكنها بقيت تُحدق في وجهه حين ذكر العشاء مع الأخوين هذه الليلة.. فلا بد انه اللقاء بينهم!.

بهدوء اومأت هي له دون ان تسمح له ان يشك بشيء، فانسحب بعدها باحترام مُحاولاً الخروج من الغرفة.. الا انه توقف بعد خطوة واحدة ليدفعها الى مُعاودة النظر الى وجهه.

هي لمحت شيئاً ما في عينيه، حاول اخفاء شيءٍ ما حتماً حين نظر الى حدقتيها ولم تُعد ابتسامته موجودة على شفتيه كما لو ان ما سيقوله في غاية الأهمية.. فأطلق جُملةً جعلتها تُحدق فيه مُتسائلةً عن النبرة التي استعملها وقتها.

" مهما فعلتِ، لا تتجولي وحدكِ في هذا القصر. "

كان يبدو كـتحذير، نبرته كانت جادة تماماً وعيناه فضحتّا شيئاً لم تستطع تحديد ما هو، الا انه ومن فوره رسم ابتسامة جديدة لكن زائفة بنظرها حين رآى انه اقلقها بسبب تعابير وجهها وباشر لتفسير قوله.

" أعني بأنكِ قد تتوهي في الأروقة دون مُساعدة أحد يا آنسة!، أُعذريني من فضلك!. "

كان الأمر في غاية الغرابة، حين التفت بعد انحناءةِ احترام وغادر الغرفة تاركاً اياها بمفردها فور ان أغلقت الخادمة الباب خلفهما.. فسيطر الصمت والهدوء على المكان حولها بينما كل ما تفعله هو التحديق بالباب المُغلق الذي كان يقف جونغهيون قربه قبل ثوانٍ.

جُملته كانت غريبة، هالة الأخوين غريبة وجو القصر غريب!.. تتساءل عن شعورها بعدم الراحة في ظل المكان هُنا ولكن لم يبدُ ان لها خيار حين جوّلت بعينيها في الغرفة وهمست لنفسها بأنها منزلها الجديد.

ورغم انها رحبت بالصمت –رفيقها العزيز- الا ان فكرها كان مشغولاً كفاية لتُفرِغه في ترتيب أمتعتها علّ ذلك يُلهيها عن الأسئلة الكثيرة التي صنعتها حول هذا القصر وسُكانه.

العشاء مع الأخوين؟

هي لم تعُد حتى متأكدة، شعرت للتو بروحها المُضطربة وأفكارها المُتخبطة، هي لم تعلم حتى ما خطبها.. لكنها علِمت ان عُقدة حاجبيها دلالة على عدم أرتياحها، وكأن الايام القادمة..
ستحمل لها مُفاجئاتٍ كبيرة!.

-----------------------------------------

" أيرل؟. "

تمتمت فايوليت ببطء وعيناها تتفحصان الخادمة التي تقف أمامها الآن بابتسامة واسعة وروحٍ مشرقة بالكامل، هي رفعت ناظريها نحوها لتراها تومئ لها بايجاب وتُجيب بنبرة مُبتهجة كما لو انها طُفلة بعينيها الزرقاوتين ووجنتيها المتوردتين.

" أجل يا آنسة! الجميع يُنادي الأيرل تايهيونغ والأيرل جونغكوك بهذا اللقب، فقط المٌقربون من يمكنهم مُناداتهما بالسيدّين مذ ان هذا اللقب أقلُ منزِلة. "

" أظُن أنهما من أصلٍ كوري، لا؟. "

تكلمت فايوليت ببرود، كما لو انها تتساءل عن هذه العائلة ذات العرِقِ المُختلط.. فالخادمة الصهباء ابتسمت بلُطف وأجابت باحترام بينما تتقدم بضعَ خُطواتٍ نحوها كونهما تقفان وسط غرفتها الجديدة.

" بالطبع، لكن بما ان العائلة تعيشُ في لندن منذ سنواتٍ عديدة فشجرةُ العائلة مليئة بالأفراد الأنجليزيين.. عائلة السيد كيم المُحترم مُعترفةٌ بها تماماً من قِبل انجلترا لذا منحت الأيرل تايهيونغ هذا اللقب كأولِ فردٍ يحصُل على لقبِ شرف انجليزي.. فتبِعه الأيرل جونغكوك!، انها ثالثُ طبقةٍ نبيلة في انجلترا رُغم عِرقهما المُختلط لذا هذا شرفٌ عظيم للعائلة!. "

توقفت الخادمة أمامها تماماً مشبوكةَ اليدين بابتسامة واسعة لتتنهد فايوليت مذ ان صدرها يضيق كلما أطالت المكوث هنا وهي لم تصل سوى في الصباح!، لكنها فقط لم تود ان تُخرج انزعاجها في وجه هذه المسكينة التي بدت كـوردة مُتفتحة باشراقها ذاك.
لكن بالفعل.. لقبُ شرفٍ انجليزي من الصعب والمُبهر الحصول عليه!.

على أي حال.. كبير الخدم جونغهيون لم يُنادِهما بالأيرلين سابقاً، كيف يكون هو مُقرباً مِنهمُا؟، ولم لم يُمنَح السيد كيم أيضاً لقبَ شرف كونه والِدهُما؟.

كان وقت الغروب قد حل بالفعل واشعة الشمس الباهتة تتسلل الى الغرفة بلونٍ ناعس عبر الباب الزجاجي للشرفة، وها هي قابلت خادمتها الخاصة التي حدقت فيها فايوليت لوهلة مذ انها لم تخبرها باسمها بعد.. لذا ارتبكت الخادمة من نظرات الآنسة المشوشة وانحنت من فورها تسعين درجة لتهتف باسمها بسرعة حين أدركت خطأها.

" أُعذريني يا آنسة! أُدعى اوه آنا وسأتشرف كوني خادمتك الشخصية!. "

اومأت بعدها فايوليت بفهم وهزت باحدى يديها اليها كي تُشير الى انه لا داعي لهذا الهلع فاستقامت آنا مُجدداً ولاحظت ابتسامة الآنسة الهادئة التي ظهرت على شفتيها مذ ان خادمتها لطيفة جداً وهذا ما جعلها ترسم ابتسامة دفعت بـآنا الى طرد تعابيرها القلقة لتضع هي الأُخرى ابتسامة مُشرقة على شفتيها.

" رُغم اننا لا نستقبل ضيوفاً أبداً، لكنني سعيدة باننا استقبلناكِ كـواحدة يا آنسة!. "

لسببٍ ما جذبت هذه الجملة انتباه فايوليت، فخفّت ابتسامتها وعقدت حاجبيها قليلاً مذ انها لم تفهم.. وطلبت تفسيراً من آنا المُبتسمة التي كانت ممتنة كون آنستها طيبة جداً منذ اللقاء الأول.

" ماذا تعنين؟. "

" اوه!، قصر السيد كيم لا يستقبل ضيوفاً ابداً.. هُم مهتمون بخصوصيتهم لهذه الدرجة حتى ان الصحافة والناس يدعون القصر بالقصر المُقفل، وحدهم مُدرسو الأيرل من يدخلون ويخرجون من القصر.. كما انني وهيلدا الخادمتان الوحيدتان هُنا! لذا سنسعد كثيراً لو استقبلنا آنسة بدلاً من سيد!. "

أتمّت آنا شرحها بابتسامتها اللطيفة المُعتادة، ولكن فايوليت أظهرت تعابيراً جدية على وجهها كونها استغربت الأمر.. ذاكرتها ساعدتها على البحث حين ذَكرَت آنا بأنها وهيلدا الخادمتان الوحيدتان في القصر، لذا فلا بد ان تكون تلك الفتاة التي فتحت لها باب الغرفة صباح اليوم هي هيلدا.. وبقية الخدم أجمعين.. ذكور!.

" لمٓ؟! أعني انه شيءٌ غريب ان يحظى القصر بفتاتين فقط كـخدم. "
تساءلت فايوليت بحاجبين معقودين بينما تنهدت آنا بقلة حيلة وتلاشت ابتسامتها وهي تهز برأسها.

" لا أعلم يا آنسة. "

أشاحت حينها فايوليت عيناها عن آنا، وبدت كما لو انها تُفكر بجدية.. الا ان خادمتها لاحظت بعضاً من القلق يتمكن من تعابيرها، فصمتت لوهلة تحاول التفكير في طريقةٍ تُبهج بها آنستها التي لم تشهد منها سوى القلق والصمت كما لو انها زهرةٌ ذابلة.

جالَ الهدوء في الغُرفة المُنظمة، وانعكست اشعة الشمس البرتقالية على الأسطُح اللامعة فتتوهج حول فايوليت ذات الجمال الهادئ.. وتحدق بها آنا كما لو انها تتساءل عن السبب الذي يجعل السعادة تُختَطَف من وجهها.

فجأة ابتسمت آنا ثانيةً، وتكلمت فور ان تجولت فكرة صغيرة في رأسها لتجعل من فايوليت تنظر اليها مُجدداً.

" أتعلمين ماذا أفعل حين أقلق آنستي؟. "

حدقت فايوليت بزرقاء العينين التي بدت جميلة كدُمية بابتسامتها التي نافست اشراقة اشعة الشمس على وجهها اللطيف، وتساءلت في نفسها عن الطريقة التي علِمت بها انها ليست بخير بل وكادت التساؤلات تبتلعها.

تقدمت ذات الثوب الأسود القصير والقفازات البيضاء، وتبعتها عينّا الآنسة حتى تجاوزتها لتدرك انها تتوجه نحو الباب الزجاجي للشرفة.. فتسحبه جانباً ليُصدر صوتاً ملأ الغرفة الصامتة، وتسمح للنسمات العليلة ان تدخل فوراً وتُحيي جو المكان بنقاوتها.

عادت بعدها آنا بخطواتها الى فايوليت التي تراقبها بصمت، وتفاجأت حين أمسكت يدها برفق وسحبتها معها بابتسامة لطيفة نحو الشرفة.. وخطواتهما توقفت أخيراً حين سحبت آنا يدها من يد فايوليت تاركةً اياها تقف قرب حافة الشرفة بأقل من دقيقة.

استوعبت فايوليت المنطر امامها، وأخذت تُحدق بشرود الى المساحة الواسعة للحديقة الخلفية للقصر.. تستطيع رؤية بما اشبه بالقاعة المُغلقة في البعيد، وهناك متاهة أيضاً تزيّنت بجدرانها الخضراء الطويلة في الجانب الآخر.. وبالطبع تنتشر الورود والأشجار المُزهرة فيها بتنظيمٍ شديد فتتباهى بجمال ألوانها تحت اللون الناعس لقُرص الشمس في السماء.

اخيراً أدركت ان الحديقة تُنار ليس بأشعة الشمس فقط، بل انتشرت أنوارٌ صغيرة كلئالئ براقة تتعلق بالأشجار وعواميدٌ مزخرفة تشع ضوءً ذهبياً من قمتها فتغطي المكان برونقٍ ساحر بطريقة انتشار الأضواء المُبهرة للأعين.

هدأت روحها، وتجولت عيناها براحة في الحديقة مذ ان النسمات ساعدتها على ان تسترخي.. فقد كانت تُداعب وجنتيها وتبعثر شيئاً من خصلات شعرها البُندقية.
وحينها استمتعت آنا برؤية آنستها مُرتاحة البال ولو لفترة قصيرة، ففايوليت شكرتها في سِرِها لطرد التساؤلات والقلق من روحها.

كانت بحاجة لمنظرٍ مُشابه، ولنسماتٍ لطيفة.. فاقتربت أكثر من حافة الشرفة وتمسكت بها لتتلمس زخارفها وطريقة نحتها المُبهرة.
أُعجِبت بشدة بالطريقة التي أناروا بها الحديقة بل باختيار مكان المتاهة التي كانت مُظلمة شيئاً ما مذ انها لم تحظى بإنارة كافية لسببٍ ما، وأيضاً شعرت بالفضول مما يوجد داخل القاعة الزجاجية البعيدة التي تعكس اشعة الشمس بوفرة وتلمع كجوهرة نفيسة.

كانت تعابيرها قد استرخت بالفعل، وهي تأخذ أنفاساً مُطولة بين فترةٍ وأُخرى لتُنعش رئتيها بالهواء البارد وتشعر انها لا تزال على قيد الحياة.
وبهذا لم تكن آنا تود ان يُعكر شيءٌ مزاج آنستها الذي برز جمال ملامحها الهادئة فهي ابتسمت برضا مذ انها نجحت في جعلها تسترخي، ولكن صوتُ اصطدام ما أشبه بحديدٍ ثقيل مع بعضه صدى في المكان جاعلاً من فايوليت تعقد حاجبيها مذ انه ظهر فجأة لدرجةِ انه طَرد راحتها بذلك الجو الساكن.

" اوه! انهما الأيرلين!. "

همست آنا بعينين متسعتين دفعت بفايوليت الى ان تُخفض ناظريها الى الأسفل أكثر مذ انها تذكرت للتو ان خادمتها تقف قربها ونبهتها ان تنظر الى حيث تتجه عيناها الزرقاوان.
الأخوين هُنا؟.

بالفعل ظهرت هيئتين لشابّين يتميزان بلون شعريهما الأسود، وكلاً منهما يرتدي قميصاً أبيض فضفاض وبنطالاً أسود اللون.. وبالطبع برزت البشرة السمراء لكليهما كون ياقتيهما واسعتين، وأكمامهُما ترتفع حتى سواعديهما لِتُظهرهما بسخاء.

كانّا يحملان نصلين لامعين كسيفين ذوي مقابضٍ مُزخرفة بعناية، وبدى انهما يرقصان برشاقة بخطواتٍ مُتزنة حين يتبارزان بذنيك السيفين بُكل مهارة فيصدران صوتاً نتيجةً لاصطدام النصلين مع بعضهما في كل مرة يقوم أحدهما بهجومٍ على الآخر.

" انهما يحظيان بدروس المبارزة قبل العشاء. "

كانت آنا تتكلم، ولكن فايوليت كانت شاردة فيهما كفاية لعدم الاستماع اليها.. شدتها الحركات الرشيقة لكلاً منهما وكيف انهما مُتناغمين جداً بأبسط الحركات كسيمفونية واحدة لا خطأ فيها! لم يصدر اي شيءٍ خاطئ ابداً منهما!.
حين يهجم أحدهما بنصله، يصدُّه الآخر ثم يتقدم لغرضِ الهجوم بدوره.. لكن الأول يصد الهجوم بحركة غير متوقعة!.. ماهرين بالفطرة!.

تستطيع رؤية النصول وخواتم الوريث تبرُق تحت الأنوار واشعة الشمس الباهتة، فتلمعُ أيضاً أقراطُ الأخ الأصغر حين يدور في مكانه ويشِنُ هجوماً بارعاً صدّه الأكبر بسهولة غير متوقعة.. فتشرَد في صوت النصول واللهيث المُنخفض لكُلٍ منهما.

فجأة اصطدم النصلين بشدة حين قرر كلاهما ان يقوما بهجومٍ أخير، وأقترب وجهيهما من بعضِهما حتى لا يفصل بينهما سوى السيفين الحادين.. فتستطيع تخيل ان أنفاسيهما تتضارب بِثُقلٍ أيضاً هناك.
أمال الوريث رأسه نحو اليمين بنظراتٍ لعوبة بعينيه الثاقبتين وقد رسم ابتسامة جانبية تُفشي عن مدى رضاه واستمتاعه بمهارة أخيه الأصغر في المبارزة رغم انه لم يَرَها أحدٌ سواه.. فأضطر الآخر ان يرسم ابتسامة خفيفة جداً كـردٍ اليها كما لو انها سرٌ بينهما بذلك القرب بين وجهيهما.

" أحسنتُما ايها الأيرلَين! انه درسٌ آخر ممتاز. "

تفاجأت فايوليت حينها بظهور صوتٍ رخيم لرجُلٍ اقتحم المشهد من دونِ سابقِ انذار فتدرك ان الأخوين لم يكونّا هُناك وحدهما منذ البداية.. لكنها القت اللوم عليهما مذ انهما سرقّا تركيزها عن أي شيء آخر حولهما.

رجُلٌ بنهاية عقده الثالث ربما، يقف بتعابيرٍ راضية وهالة واثقة ببذلته ذات الطراز الانجليزي العتيق تعرفت عليه على انه المُدرس بالتأكيد.. ثم هُنالك رجلٌ ببذلة خمرية يحمل آنية فاخرة على سطحها كأسين زجاجيين من الماء علِمت انه جونغهيون مذ انه يتمتع بالابتسامة الدافئة ذاتها.

رأت أيضاً رجُلاً ذو بذلةٍ رماديةٍ ثقيلة وقميصٍ أسود، كان يقف باستقامة وتشُع منه هالة البرود والثقة بشكلٍ فاضح!.. بُنيته صُلبة ويتمتع بشعرٍ رمادي ربما وملامحٌ جامدة كما لو ان لا حياة في عينيه ذوات النظرات المُباشرة والمُريبة، وبالطبع لمعَت ساعة روليكس كان يرتديها في معصمه الأيسر.

" الرجُل ذو البذلة الرمادية.. "
تمتمت فايوليت دون ادراكٍ منها وهي تتأمل الرجل الغريب، ففهمت آنا الواقفة قربها مقصدها على الفور وشرحت لها هويته.

" اوه! انه الحارس الشخصي للأيرل الوريث! او كان كذلك.. انه يتولى حراسة الأيرلَين الآن فهو ماهِرٌ جداً وكفوءٌ للعمل!. "

صمتت فايوليت لتدل على فهمها، وأشاحت بعينيها عنه حين أبتعد الأخوين عن بعضهما بعد أن أشار المُدرس بانتهاء درس اليوم ليَتضح وجهيهما.
قطراتُ العرق كانت تنساب على جبهتيهما ووجنتيهما بهدوء، وتميزت عينّا جونغكوك القاتمة حين دفَعَ بِخُصلات شعره الرطبة عنهما بحركةٍ من رأسه.. بينما عبثَ الوريث تايهيونغ بخُصلاته هو باحدى يديه بارزاً لسانه ليُبلل شفتيه.

تقدم حينها جونغهيون منهما وقدّم اليهما كأسّي الماء باحترام، فأمسك كلاً منهما بكأسه لتبرق خواتم تايهيونغ كالعادة بينما تتميز يدُ جونغكوك بعروقٍ واضحة فضحَت قوة ذراعيه.. ثم رفع كليهما الكأسين معاً وارتشفّا الماء سويةً.

لوهلةٍ ظنَت انها رأت شيئاً يتحرك، فتوجهت بعينيها الى زاويةٍ ميتة لا تستطيع رؤيتها جيداً من مكانها على الشرفة.. هُنا لمحت شخصاً ذو خُصلاتِ شعرٍ شَقراء يختفي بعد ان شاهد المبارزة، فأوقد فيها فضولاً مذ انه كان يرتدي بذلةً أنيقة وباهضة كما رأت فلم يكن من الممكن ان يكون أحد الخدم.

" من ذلك الرَجُل؟ ذو الشعر الأشقر الذي غادر للتو؟. "

وعلى الفور سألت آنا التي لم تنتبه له، فجوّلت عيناها بغية ايجاد من تقصده آنستها الا انها عقدت حاجبيها بعد ان فشلت وأجابت بتردد.
" ذو شعرٍ اشقر؟ لكنه السيد جونغهيون هناك!. "

" كلا لم أعنِ جونغهيون.. "

تمتمت فايوليت بعد الرد الذي حصلت عليه مذ انها تعلم ان جونغهيون أشقرالشعر لكنه لا يزال هُناك ولم يغادر!، ورغم ان آنا بقيت تُحدق بها بتساؤل الا انها لم تقل شيئاً وانسحبت من قرارها بالاستفسار عن ذلك الشخص على الفور عندما أكتشفت ان آنا لم ترَه يُغادِر.

" يا اللهي! الوقت يتأخر! علينا ان نقوم بتجهيزك من أجل العشاء! هيا أسرعي يا آنسة!. "
وفجأة هتفت آنا بهلع مُتذكرةً أمر العشاء، فنظرت اليها فايوليت لترى انها قد أسرعت للداخل بتعابيرٍ مذعورة وهي تناديها للإسراع بدورها.. لكنها لم تتحرك من مكانها في البداية فهي ألقت نظرة أخيرة على الأخوين لِترى ان بعض الخدم أحاطوهما فإثنين منهم يحملان السيفين عنهما وإثنين آخرين يسلمونهما مِنشفةً صغيرة بغرضِ تجفيف عرقهما.

وبما انها رأت ما يكفيها رغم فضولها فهي فضلت التوجه للداخل قبل ان ينتبه أحدٌ لوقوفها هناك، فأنسحبت ببطء والتفتت بصمت بعد ان انتزعت عينيها عن الأخوين.. وقادتها خطواتها لغرفتها ثانيةً لتساعدها آنا في الاستعداد للعشاء.

وفي حينِ ان لا أحد انتبه فعلاً لوجودها تُراقبهم من شرفتها من الأشخاص الموجوين في الأسفل، الا ان زوجاً من العيون ارتفعتّا حيث شرفتها فور ان اختفت هي من هناك ليُحدق بها بهدوء.

الى المكان الخالي الذي كانت تقف فايوليت به منذ قليل كان ينظُر الوريث بحدقتيه القاتمتين بينما هو يُمرر المنشفة على رقبته ليُجفف عرَقَه وفي عقله يرى تلك الليلة التي قابلها فيها لأول مرة في الحفلة.. ولم يستطع اخفاء ابتسامته الخبيثة التي جعلت من عينيه تحتدان بُمتعة مذ ان موعد العشاء اقترب..
وستكون هي في مواجهته قريباً!.

" آنسة فايوليت، سنلتقي مُجدداً كما وعدتُكِ ليلتها. "

.

.

.

.

.

.

.

انتهى!
بارت طويل صح؟🌚

رأيكم؟.. خقيتو عالأخوين لو بعد؟😂.

لا تنسو تعلقون بآرائكم على اي شي لمحتوه في البارت وتعتقدون له علاقة بالاحداث القادمة اللي حتصير!.

فوت+كلمة حلوة💗.

بيس!✋🏻.

Continue Reading

You'll Also Like

443K 33.2K 27
كانوا خمس أولاد إستطاعوا النجاة حتى مع ندوبهم الكثيرة لهذا ظنهم الجميع شياطيناً.. حتى أنا روبين ديميرو الفتاة الَّتي كان من المفترض أن تكون حياتها ه...
76K 5.5K 47
حياة عائلة يحب أفرادها بعضهم البعض بشدة . Minsung=minho=top Changlix=changbin=top Woochan=woojin=top Limin (seungmin X leewan)liwan=top Hyunin=hyunji...
141K 6.8K 32
كل شيء رائع و مثالي في حياة أزميرالدا الهادئة،من إستيقاضها في الصباح حتى قضاء الليل مع اصدقائها في النادي الليلي.تنقلب حياة أزميرالدا بعد مشاهدتها لج...
158K 6.8K 42
" أعْـلمُ أنِّـي أنَـانـيٌّ و مـِزاجـيٌ ، لـدرجـةِ فُـقـدانِ الجَـميـعِ الرغْـبة بالتَّـحدث مـعِي .. أنـْخدعُ بالـمَظاهـرِ حَتـى تشعـرَ أنـِّي سـَاذ...