Evanglin | H.S

By DounniiaKhaaled

48.6K 4.2K 1.6K

"يَضِيقُ بِكَ العَالَم ويَتَّسِعُ لكَ فى قَلبِ شَخصٍ واحِدٍ". More

Introduction.
الفَصلُ الأوَّل.
الفَصلُ الثَّانى.
الفَصلُ الثَّالِث.
الفَصلُ الرَّابِع.
الفَصلُ الخَامِس.
الفَصلُ السَّادِس.
الفَصلُ الثَّامِن.
الفَصلُ التَّاسِع.
الفَصلُ العَاشِر.
Note.
Characters
الفَصلُ الحَادى عَشر.
الفَصلُ الثَّانى عَشر.
الفَصلُ الثَّالِث عَشر.
الفَصلُ الرَّابِع عَشر.
الفَصلُ الخَامِس عَشر.
الفَصلُ السَّادِس عَشر.
الفَصلُ السَّابِع عَشر.
الفَصلُ الثَّامِن عَشر.
الفَصلُ التَّاسِع عَشر.
الفَصلُ العِشرُون.
Note.
الفَصلُ الوَاحِد والعِشرُون.
الفَصلُ الثَّانى والعِشرُون.
الفَصلُ الثَّالِث والعِشرُون.
الفَصلُ الرَّابِع والعِشرُون.
الفَصلُ الخَامِس والعِشرُون.
الفَصلُ السَّادِس والعِشرُون.
HELP!!
الفَصلُ السَّابِع والعِشرُون.
New Story.
الفَصلُ الثَّامِن والعِشرُون.
الفَصلُ التَّاسِع والعِشرُون.
الفَصلُ الثَّلاثُون.
الفَصلُ الوَاحِدُ والثَّلاثُون.
الفَصلُ الثَّانِى والثَّلاثُون.
الفَصلُ الثَّالِث والثَّلاثُون.
الفَصلُ الرَّابِع والثَّلاثُون.
الفَصلُ الخَامِس والثَّلاثُون.
الفَصلُ السَّادِس والثَّلاثُون.
الفَصلُ السَّابِع والثَّلاثُون.
الفَصلُ الثَّامِن والثَّلاثُون.
الفَصلُ التَّاسِع والثَّلاثُون.
الفَصلُ الأربَعُون.

الفَصلُ السَّابِع.

1.2K 117 21
By DounniiaKhaaled

تَذكيرٌ قَبلَ القِرَاءَة..
اللَّهُمَّ آنِّى أَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ نَفسى.

* * * * * * * * * *

-فى مَكانٍ ما-

استَيقَظَت لِتَجِد نَفسَها مُلقَاةً على أرضيَّة صَلبَة فى مَكانٍ واسِعٍ خَالٍ مِ أىِّ كائِنٍ حىٍّ، حَاوَلت تذَكُّرَ ماحدَث اللَّيلَة المَاضيَة لكِن لم تُسعِفهَا ذَاكِرَتُها، حاوَلت أيضًا التَّحرُّك والوُقوف لِتَجِد يدَاها وقدَماها مَربوطَتان بِحبَالٍ قاسِيَةٍ، حتَّى أنَّها شعرَت بتَمزُّق جِلد مِعصَمِها مِن شِدَّةِ رَبطهِ.

قاوَمت وحاوَلت نزعَ الحِبالِ عَن يَديها إلَّا أنَّها لم تُزِد نفسِها إلَّا جُروحًا أُخرَى؛ لتَكُفَّ عَن المُحاوَلة وتَتنهَّد بيأسٍ، فهىَ الآن بِلا حَولٍ ولا قُوَّة.

ظلامٌ دامِس، مُجرَّد فَتيلَةُ مِصبَاحٍ تُضيء بِخُفوتٍ، تجَوَّلت بِنَظرِها لهَذا المَكانِ المُتواجِدَة بهِ لتَجِد أنَّهُ تَقريبًا مَخزَنٌ قَديمٌ وباللَّافِتة فى نِهايَة الجِدَار علِمَت لِمن يَخُصُّه.

مرَّ بِبالِها كلُّ ماحدَثَ لهَا فى السَّنَةِ الأخيرَة، ماكانَ يَجِبُ علَيها أنْ تُقحِمَ نَفسها فى هذا الأمرِ، لكِنَّهَا كانَت مُجبَرة.

من يَلومُها وهى قَد قضَت مُعظَمَ حَياتِها فى مَلجأٍ للأيتَام يُسَاوى فى داخِلهِ سِجنَ المُجرِمين؟ الطَّعامُ طعَامُ جِرذانٍ، حتَّى الجِرذان لن ترضَى بأكلهِ وأيضًا مرَّةً واحِدَةً باليَوم.. المُعامَلة كالخَادِمين وبِدونِ مُقابِل، فقَط إهانَة وحِرمَان والعَيش كـ ذَليلَة.

تَحكَّمُوا بحَيَاتِهَا وقَلبِهَا، أخضَعُوها للعَيشِ والتَّصَرفِ بأمرٍ منهِم، وللأسَفِ كانَ هذا فى البِدَايَة؛ عِندَما لم تَكُن تُدرِك أنَّهُ بِسَبَبها تَتفَرَّق عائِلَة ويُقتَل أُناسٌ أبرِيَاء ويَضيعُ مِنها حُبَّها الوَحيد.

تذَكَّرَت فى هذِه اللَّحظة مافَعلَهُ بِها ليام وكيفَ تخَلَّى عَنها فى لَمحِ البَصرِ وحَديثهِ الجَارِح، أدرَكَت أنَّهُ لن يَفعَل كُلَّ هذا إلَّا فى حالَتين.. أنَّهُ لا يُحبُّها أو أنَّهُ عَلِمَ بِفعلَتِها.

قبَضت يَديها بِخَوفٍ مِنَ الإحتِمالِ الثَّانى.
"أرجوك يا إلهى.. لا تَجعَلهُ يَكرَهُنى."
همَست بِصَوتٍ يَكاد يَخرُج مِن حَلقِها الجَاف، شعَرت بِغَصَّةٍ عِندَ نُطقِها بِسَببِ عَدم شُربِها للمَاء منذُ مُدَّة.

أرجَعت رأسَها للوَراء لا تُريدُ مِن دُموعِها الفِرار، لقَد هربَ مِنها ما يَكفى لِملء المُحيط إن جفَّ.

حبَت لِتَصِل لعَمودٍ تَستَنِدُ عَليهِ، ظلَّت فى هذا الهُدوء ودُموعَها قد خَانَتها لِتَسيلَ بِهدوُءٍ على وجنَتيها، شعرَت بِحرَكةٍ حولَها واعتَدَلت فى جلسَتِها.
"م-مَن هُناك؟"
خرَج صَوتُها مَهزوزًا وضَعيفًا لتَتحمحَم وبِصَوتٍ أعلى.
"من هُناك!"

"هلْ استَيقَظت القِطَّة؟"
جَاءَها صوتَهُ كَريهٌ لِقَلبِها ثَقيلٌ على مسَامِعها، تصَنَّعت أمامَهُ القُوَّة لكِن فى داخِلها تَعلَمُ من الأقوَى.

"هذهِ القِطَّة التى اختَطفتَها الآن كنتَ تُقبِّل قَدَميها فى المَاضى."
ألقَت كلامَها وهى تبتَسِم بُسخرِيَّة؛ لـ تَتلقَّى صَفعَةً جعَلت وجهَهَا يلتَفُّ للجِهَةِ الأُخرَى وتُرِكَت آثارَ يَدهِ على وِجنَتِها.

"انتَبهِ لِكلامكِ، فـ أنتِ الخَاسِرَة."
تحدَّثَ بِهُدوءٍ وبِملامِحٍ ثابِتَة لـ تَبتلِع بِبُطءٍ ولم تَرُد.

"جيِّد.. والآن لـ يَبدأ جَحيمُكِ."
قالَها وهو يُشيرُ لاثنَين مِن مَفتوُلى العضَلات لـ يَأتيا باتِّجاهِها وهُما مُبتَسِمينَ بِشَرٍّ.

"افعَلوا ما يَحلو لَكُما بِها."
نطقَ بِهذا بابتِسامَةٍ جانبيَّة لـ يَدُبَّ الرُّعبَ فى قَلبِها.

* * * * * * * *

مرَّ يَومان منذُ خِلافِها مع نايل، فى الحَقيقَة هي تشعُرُ بالذَّنبِ تِجَاهَهُ فـ هوَ قد قَلِق عَليهَا وبحثَ عَنها لِتُعامِلهُ هكَذا؟ هى فقَط لا تَفهَم سبَب غضَبهِ عَليهَا ومُعامَلةِ مايكل بِهذهِ الطَّريقَة.

بذِكرِ مايكل هى لم تَرهُ مِن وقتِها، أيضًا ولا يُشكِّل لهَا الأمرُ فارِقًا فـ هى لَم تَشعُر بالإرتيَاح مَعهُ على أيَّةُ حالٍ.

قد يَظنُّ البَعض أنَّها تُبالِغ إذا اعتَرَفت باشتِياقِها لـ نايل، بل على العَكسِ تمَامًا؛ فى المُدَّة البَسيطَة التى عرَفَت بِها نايل تغَيَّرت حياتِها حتَّى لو بنِسبَةٍ قَليلَة فـ على الأقَلِّ تغَيَّرت.

هىَ كانَت وَحيدَةً تمَامًا، حَياتُها روتينيَّة، تَقضى الأيَّام بِمُفرَدِها وتُحادِثُ كلبًا لا يَعى مُعظَم حدِيثِها، تَجِدُ من لهُ عائِلَة أو أصدِقاء أو أحِبَّاء؛ أما هىَ لهَا أربَعُ جُدرَانِ غُرفَتِها.. وعِندَما يَبتَسِمُ لَها القَدرُ مرَّةً ويُلقى فى طَريقِها صَديقًا قَد يُعوِّضُها ولَو عَن ليلةٍ واحِدَة قَضتهَا بالبُكاءِ تَقومُ بإبعَادِهِ عَنها.

عزَمت أمرَها ونهَضت لـ تَذهب إلى نايل فى مَنزِلهِ، هىَ قد حَفِظَت الطَّريقَ أيضًا، نادَت على هارلى وأخذَت مفَاتيحَ مَنزًلها وللأسَف تذَكَّرَت هارى وأنَّها سَتجِدهُ هُناك.. ذِكرَى صُراخهِ بِها مرَّت بِبالِها لتَشعُر أنَّها توَدُّ البُكاء.

ظلَّت واقِفَة فى مَكانِها بينَ رأيَين.. أتَذهب لحَلِّ خِلافِها مَع صَديقِها الوَحيد الآن أم تَبقى حتَّى تُنَفِّذ طَلب هارى وألَّا تُريهِ وَجههَا ثَانيَةً؟

Evanglin's P.O.V

"سأذهَبُ ويَحدُث ما يَحدُث."
حادَثتُ نَفسى لتَشجيعِها، فـ أنا ذَاهِبَةٌ لـ نايل ليسَ لرؤيَة وَجههِ القَبيح.

'ليسَ قَبيحًا وأنتِ تَعلَمينَ هذا'
عقلى أرجُوكَ اصمُت الآن!

ارتَديتُ حِذائى وهارلى يَقفِزُ بِجانِبى، ومَا إن فَتحتُ الباب حتَّى وَجدتُّ مايكل أمَامى.

"مايكل؟"
اندَهشتُ من وجُودهِ المُفاجِئ فـ لم أتوَقَّع مَجيئَهُ.
"سَعيدٌ لـ تَذَكُّركً اسمى."
ابتَسَم بِوسعٍ ودلَف لـ دَاخِل مَنزلى..!

"ماذا تَفعل؟"
"أكُنتِ سَتترُكينَنى عِندَ الباب؟ بالطَّبعِ لا، اختَصرتُ عَليكِ الأمر." قَهقه بِصَوتٍ عالٍ وأنا لم أبتَسِم حتَّى.
"مايكل ألم تُلاحِظ أنَّنى كنتُ سأخرُج؟"
"حقًا؟ إلى أين؟ سأوصِلُكِ هيَّا."
خرَج مِن مَنزِلى سَريعًا مُتَّجهًا لِسيَّارَتهِ وأنا مُتعجبة من أفعَالهِ.. من أخبَرهُ أنَّنى سأدَعه يوصِلُنى هذهِ المَرَّة؟ ولِمَن؟ لـ نايل!

"شُكرًا لِعَرضِك مايكل لَكِنَّنى أرفُضهُ؛ سأذهَبُ وَحدي، سَعِدتُّ بِرؤيَتِك وسَأكونُ أسعَد إن أعلَمتَنى بِمَجيئِك فى المَرَّة القادِمَة."
ألقَيتُ كلامِى عَليهِ وتَركتُه وسِرتُ مَع هارلى بِدُونِ أن أسمَعَ رَدَّهُ حتَّى.

"وأتَمنَّى ألَّا تُكونَ هُناكَ مرَّةً قادِمَة."
همَستُ لِنَفسي وزَفرتُ مِنَ البَرد لكِن أكثَرَهُ مِن هذا المايكل.

أعلَمُ أنَّ منزِلَهُ بَعيدٌ عنِّى لكِن أُريدُ السَّيرَ، لا أعلَمُ ما سأقولَهُ عِندما أرَاه أو كيفَ سأعتَذِر مِنهُ..
"مرحبًا نايل أسِفة على إهانَتي لَك وأنتَ الذى انتَظَرتَني وقَلِقتَ علىَّ فى حينِ أنَّ عائلَتي ترَكَتني."
خِطابٌ رائع إيڤانچلين هيدسون.

شدَدَتُ سُترَتي حولَ جسَدي بعدَ أن قَرَّرت ألَّا أُجهِّزَ حديثًا؛ فـ نايل بالتَّأكيد سيتَفهَّمُني.. أتَمنَّى.

أثنَاءَ سَيري مرَرتُ بِزُقاقٍ مُظلِم؛ على الرَّغمِ من أنَّها الثَّالِثَةُ والنِّصف عصرًا إلَّا أنَّ الضَّوء لا يَصِلُ لهُ جيَّدًا، استَمَعتُ لِصَوتِ ضَجَّةٍ خَفيفَةٍ صادِرَةً مًنهُ.. وهل يَفوتُنى؟ بالطَّبعِ لا.

اقتَربتُ قليلًا لكِن أخفَيتُ جسَدي وراءَ حاوِيَة قِمامَة وأمعَنتُ النَّظرَ في الجَسدَين القَابِعَين هُناك، هُما يتَقاتَلان!

شَخصٌ أصلَع ضَحمُ البِنيَة ومن هيئَتهِ تَظنُّ أنَّهُ سيُجهِز على الآخَر الأقلَّ مِنهُ حَجمًا؛ لكِن ما يَحدثُ الآن هوَ العَكس.. استَطعتُ رؤيَة وجهِ الأصلَع لكِن الآخَر كانَ شَعرهُ طويلًا حاجِبًا مَعالِمَ وَجههِ.

ظلَّ يُسَدِّد إليهِ اللَّكمات فى وَجههِ ومَعِدَتهِ إلى أن فقَد وَعيَه وألقَاهُ لـ يَرتَطِمَ رأسُهُ بالأرض، نهَضَ ثُمَّ بصقَ عليهِ وأرجَع شعرَهُ إلى الخَلفِ لـ يتَّضِحَ لي أنَّهُ .. هاري!

"يا إلهي!"
نَهضتُّ بُسرعَةٍ وبِدونِ قَصدٍ شَدَدتُ طَوقَ هارلي؛ لـ يَصطَدِم بـ حاوِيَة القِمامَة وتُصِدرُ صوتًا عاليًا جعَلت هاري يَنظرُ باتِّجاهِنا.

جذَبتُ هارلي لي أكثَر وهرَعتُ إلى الطَّريق مُبتَعِدَةً عَن هذا الزُّقاق وأنا أدعو أنَّهُ لَم يَرَني.

وصَلتُ أخيرًا وأنا ألهَثُ مِنَ الرَّكضِ المُتواصِل، توَّقَفتُ لـ سَحبِ أنفاسي قَليلًا وعدَّلت ملابِسي.. ضرَبتُ الجَرَس ليَصدَح صَوتُهُ فى الدَّاخِل وأستَمِع لـ صَوتِ بيري تتَذمَّر بأنَّ لا أحَد يُساعِدها فى هذَا المَنزِل لأُقهقِه بِخِفَّة.

فتَحَت لي البَاب بـمِئزَرٍ مُتَّسخٍ وشَعرٍ مُعبَّأ بالكرِيمَةِ المَخفوُقَة وبيَدِها مِلعَقةُ طَهوٍ.

ابتَسمتُ على مَظهَرِها "مَرحبًا بيرى."
"إيڤانجلين، أهلًا بكِ." قالَت وهي تَحتَضِنُني ولم أُمانِع الإتِّسَاخ؛ فـ عِناقُها مُحبَّبٌ لي كثيرًا.
"مَا كُلُّ هذا؟" سَألتُهَا بعدَ أن فَصلتُ العِناق وأنا أُشيرُ لـ مَظهَرِها مُقَهقِهةً.

"أُحاوِل صُنعَ كَعكَةٍ للمَعتوه نايل ولا أحَد يُساعِدُنى ويتَصنَّعًونَ الإنشِغال." قالَت بـتعَابيرٍ سَاخِرَة عَلَيهم لأُقهقِهَ أكثر "لِمَ تَصنَعين كَعكَة لـنايل؟ وبالمُناسَبة أينَ هو؟"
سألتُ وأنا أخلَعُ سُترَتي ونتَّجِه سويًا لِغُرفَةِ المَعيشَة وجلَسَ هارلي بِجانِب الأريكَة.

"هوَ بـمكَانٍ ما، ونحنُ نُريدُ تَحضِيرَ مُفاجأةْ لَهُ فاليَوم يَومُ مِيلادَه."
قالَت بعدَ جُلوسِنا على الأريكَة لأقِف مُجدَّدًا.
"يَوم مِيلادَهُ؟ لِم لَم يُخبِرني أَحَدٌ؟ لَم أُحضِر لَه شَيئًا."تحدَّثتُ بِدَهشَةٍ وضِيقٍ وكنتُ على وَشكِ أن أرتَدي السُّترَة مُجدَّدًا لأخرُج وأُحضِرَ هَديَّةٍ ما وأوقَفتنِى يَدُ بيري.

"أيَّتُها الحَمقاء من أخبَركِ أنَّ نايل يَهتَمُّ بِهَذهِ الأشيَاء؟ هوَ فقَط يُحِبُّ وجودَنا حَولَهُ و توَاجُدكِ اليَوم سَيَجعلهُ سَعيدًا بِلا أدنَى شَكٍّ."
تحدَّثت بِلطَافَة حتَّى لا تَجعَلني أشعُر بالسُّوءِ لأوميء لها بابتِسامَةٍ.

في هَذهِ اللحظَة فُتِح الباب ودخَلَ مِنهُ هاري لـتَتوقَّف أنفَاسي.

"أهلًا هاري.. هذهِ إيڤانچلين تَعرِفها مِنَ المرَّة السَّابِقَة." تحدَّثت بيري بـمرَحٍ وأنا أُحاوِلُ عدمَ صُنعِ توَاصُلٍ بصَري مَعهُ.. كيفَ سأنظُرُ فى عَينَيه بعدَما رأيتُهُ يُحاوِلُ القًضاء على أحدِهم؟ وأيضًا الكَارِثَة أنَّهُ ربَّما يكونُ قَدْ رآني.

"لقَد تَركتُ الكَعك فى الفُرن!"
فُزِعَت بيري وركَضت نحوَ المَطبَخ وترَكتني مَعهُ.. أطلُبُ العَونَ مِنَ الإله.

شعَرتُ بِخُطواتهِ نَحوي وأنا ناظِرَةٌ تِجاهَ الأرضِ، شدَّ سُترَتي مِن بينِ يدَاي لأنظُرَ لهُ وهوَ يتَفحَّصُها.
"بالطَّبعِ أعرِفُها، فـ هي من أكلَها الفُضول أليسَ كذَلِك؟"
أجابَ سؤالَ بيري أولًا ووضَع السُّترَة فى وَجهى مِن ناحِيَةٍ مُعيَّنة لـ تَظهَر بُقَعَةُ طِلاءٍ.. مِن أينَ أتَت؟

"ماذا؟"
إدَّعَيتُ عدَمَ الفِهمِ لـ يَقتَرِب مِن وَجهي وأتوَتَّر بِشدَّة.
"جيَّد أنَّكِ رأيتِ ماذا أفعَلُ بِمَن يتَعدَّى مَمنوعَاتي، أظنُّهُ يُصارِعُ بينَ الحيَاة والمَوت الآن."
تنَفَّستُ بِسُرعَة وابتَلَعت..
"مَ-من هذا.. مالذي تَتحدًّثُ عَنهُ؟"
حاوَلتُ أن أتحدَّث بِدونِ تَقطُّع لكِنَّني أتحدَّثُ عَن هاري الآن الذي يَقِفُ على بُعدِ إنشَاتٍ منِّي.

"الذى رأيتِيني أُخرِجُ اللَّعنَة مِنهُ منذُ قليل."
"أنا لَم أرَك."

"تَوتُّرُكِ أمَامي الآن يُثبِتُ العَكس." ابتَسمَ بِجانِبيَّة وهوَ يَبتَعِد عَنِّى قَليلًا.. "وأيضًا أنتِ بلهَاء لـ تَعرِفين أنَّكِ استَندتِ على حائِطَ الزُّقاق؛ وهوَ لازالَ رَطبًا وعلِقَ الطِّلاء بٓـسُترَتَكِ."
ألقَى بالسُّترَة على الأرض وتحَوَّلت مَلامِحَ وَجههِ للغَضَب فى ثانِيَةٍ واحِدَةٍ.

"كَم مرَّةٍ عليَّ أن أُحَذِّرَكِ؟ ما الجُزء في ابتَعِدي عَنِّى لا تَفهَمينَهُ؟ لا تَظُّنين لأنَّكِ فتَاة سأتسَاهَلُ مَعكِ.. أنا لا أرحَمُ أحدًا."
همَس بِشدَّة ضَاغِطًا على أسنَانهِ، وماكانَ مِنِّي سِوىَ الإيمَاء، على الرُّغمِ مِن أنَّهُ كانَ بإمكَاني أن أُخبِرهُ أنَّها مَحضُ صُدفَةٍ لا أكثَر لكِن فضَّلتُ الصَّمت؛ فـلن يستَمِع لي على أيَّةِ حالٍ.

خرَجَت بيري فَجأة لـ ترَى نظرَ هاري المُعلَّق بي.
"أكلُّ شَيء على مَا يُرام؟" سألَت باستِغرَابٍ وهي تُبَدِّلُ نظرَها بينَنا ليَنظُرَ لها هاري ويُوميء.

"بالطَّبع، كنَّا نتَعرَّفُ على بَعضِنا أكثَر.. أليسَ كذَلِك؟" ابتَسمَ بِجانبيَّة وقرَص وجنَتي اليُمنَى بِخفَّة لأتَصنَّع الابتِسام وأُوميء أيضًا.

"أتمنَّى ألَّا تَنسي ما أخبَرتُكِ إيَّاه، أو فَلـتَنسيه؛ لأنَّني أوَدُّ إعَادَة َمَشهدَ الزُّقاق لَكِن بِطريقَةٍ ألطَف وأمتَع." قالَ لي وهوَ يَصعَدُ الدَّرَج وغمزَ لي بالأخير وأكمَل صُعوده.

"ماذا أخبَرَكِ؟" سألَت بيري لأنتَبِهَ لهَا بعدَما كانَ ذِهني مَشغولًا بِما حدَث "ل-لا شَيء.. متَى سيَأتي نايل؟" غيَّرتُ مسارَ الحَديث ونَظرَت لى بـعَدَمِ تَصديقٍ.

"أظنُّهُ سيَأتى فى السَّادِسَة.. لا أعلَم."
كنتُ سأرُدُّ لولا فَتحِ الباب بِشدَّة ودخُول زَوج بيري غاضِبًا.. لا أذكُر اسمَهُ.

"زين مابِك!"
اتَّجهَت ناحِيَتَهُ بيري وهى تَتلَمَّس وجنَتيهِ؛ فـ أبعَدها عَنهُ برِفقٍ لأُشيحَ بِبَصري عَنهُم.
"لاشَيء أنا بِخَيرٍ.. هَل رأيتِ هاري؟"
سألَ لأرفَع نَظري نَحوَهُ عِندَ ذكرِ اسم هاري وكان لازالَ غاضِبًا.

"نعَم، فقَد وصلَ مُنذُ قَليل وصعَد لغُرفَتهِ." قالَت لهُ بيري ليُقبِّلَ وِجنَتها "جيِّد، لا تَغضَبي حسَنًا؟" ترَكها واتَّجهَ للدَرَج، رَآني في طَريقِه ليُلقي عَلىَّ التَّحيَّة سَريعًا ويَركَبُ الدَّرج قبلَ حتَّى أن أرُد.

"ماذا يَحدُث؟"
"لا أعلَم إيڤانچلين."

* * * * * * * *

فتَحَ البَاب بِقوَّة ودلَف للدَّاخِل وأغلَقهُ خَلفَهُ بـنَفسِ القُوَّة، وجَدَ الآخَر جَالِسًا على كُرسيهِ المُفضَّل واعتَرى وَجهَهُ ملامِحَ البُرود واللَّامُبالاة بسَبب كونَه يَعلَمُ لِمَ الأوَّل غَاضِب.

"فقَط أخبِرني أنَّ ما سَمِعتُهُ خَاطِيء."
تحدَّث بـعصَبيَّة لـيَرتَشِفَ الآخَر من كوبِ قَهوَتهِ ثُمَّ يَضَعهُ على الطَّاولَةِ أمامَهُ؛ انتَصِب مُعتَدِلًا بـوقفَتهِ كاشِفًا عَن طُولِ ساقَيهِ، ربَط يَديهِ خلفَ ظَهرهِ وتحدَّث بـصَوتهِ العَميق..

"وَ ماذا سَمِعتَ زين؟"
"أنَّك تَقودُ نَفسَك للجَحيمِ بـقدَمَيك."

"اسمَع هارى، أرجُو أن تدَع هذا الأمرَ يَمُر، خلِّد ذِكرى والِدَتك وحقِّق لَها ماكَانَت تَتمنَّى، سافِر و جُب العالَم، تزَوَّج وأنجِب أطفالًا.. أىُّ شَيءٍ إلَّا ماتَنوي عَليهِ." طلَب زين بـنَبرَةِ توَسُّل.

"حتَّى لَو أفنَيتُ عُمري كُلَّه ورَاء هذا الحَقير لن يَكفي لإطفَاء حَرقَةِ قَلبي، لو انطَبقَت السَّماء على أرضِها لن أتراجَع.. توَقَّف عن مُحاوَلة استِمالَتي زين." قالَ هاري بـملامِح جامِدَة لـيتَنهَّد زين فى تَعبٍ ويَفرُك مابينَ حاجِبَيه، لقَد عانَى كثيرًا فى إقنَاعهِ عن التَّوقُّف لكن أبدًا لَم ولَن يَستجِيبَ.

ألقَى بِحملِ جسَدهِ على السَّريرِ "اللَّعنَة هاري." قال بـقَهرٍ وضربَ بـقبضَتهِ على الفِراش "وطبعًا وصَلَت الأخبَار لـستيڤ وسيُحادِثَك فى أىِّ وَقتٍ، أخبَرتُك أنَّهُ لايزَال لا يَثِق بِك.. أنتَ فقَط تبحَث عَن المشَاكِل."

ما كَانَ مِن هاري إلَّا أن أدارَ ظَهرَه، واتَّخذَ مِن مَجلِسهِ سابِقًا مكَانًا لـقِراءَةِ مابينَ يَديهِ فى اندِماجٍ، لا يُعطي لعنَةً لـزين القَابِع بـجانِبه.

"هل تَعلَم أنَّهُ كانَ مِن أتبَاعِ چاكلين و ليسَ ستيڤ؟ وأنَّهُ قامَ بِـمُراقَبتِك تحتَ تهدِيدِها بابنهِ المَولوُد حديثًا؟ لم يكُن يُخطِّط لشَيءٍ أكثَرَ مِن مُراقَبَتِكَ لها لـحِمايَة ابنهِ؛ والآن هو مُلقى فى مَشفىً عَام يُصارِع للحَياة مِن أجلِ طِفلٍ فقَد أُمَّهُ بسَبَبِ الوِلادَة، والآن سَيَفقِد أبيهِ بسَبَبِك."نطَقَ زين بعدَ مُدَّة مِنَ الصَّمت ونظرَ إلَيهِ هاري بـعَينَين مُتَوسِّعَة.

"قُل لى أنَّك مُخطيء.."
مازالَ هارى على حَالهِ ممَّا سَمِعَهُ، نهَض زين مِن مُضطَجَعهِ ليَفعَل هاري المِثل مًن مَجلِسهِ.

"لا هاري لَستُ مُخطِئًا."

"أُقسِم أنَّني ظَننتهُ من أتبَاعِ ستيڤ ولم أكُن.."

"ثأرُكَ أعمَاك هاري، جعَلك تتَحوَّل لـشَخصٍ بِلا مشَاعِر، لا تُحِب لا تشتَاق لا تحزَن؛ فقَط الثَأرُ هوَ كُلُّ ما يَشغَلُ بالَك وتَفكِيرَك وحيَاتَك، أصبَحتَ تَعلَم أنَّهُ لن ينتَهى إلَّا بـ مَوتِك، وعلى الرُّغمِ مِنَ هذا لازِلتَ مُستَمرًا، قد يَصِل بِكَ الحالُ يَومًا لـقَتلِ أيٍّ مَن فى طَريقِك حتَّى وإن لم يَكُن لَهُ ذنبٌ بِكَ، هارى سابِقًا لم يَكُن مِنْ مَعدُومي الشعُورِ؛ لقد كانَ يخَافُ جَرحَ فرَاشَةٍ حتَّى.. أتمنَّى أن يعوُدَ صَديقى القَديمُ يَومًا."

قالَ زين بِحُزنٍ شَديدٍ وترَكَ هارى فى دائرَة الفَراغ خَاصَّتهُ، شدَّ خُصلاتِ شَعرهِ بِقَهرٍ فـصَديقهِ لا يَعلَمُ ما بـدَاخِلهِ.

لا يَعلَمُ أنَّهُ لم يَعُد يُحِبُّ أحدًا لأنَّهُ يَعلَم النِّهايَة، سـيُترَك وحيدًا فقَط يَعيشُ على ذِكرَاهُم التى تَعتَصِر قَلبَهُ.

لا يَعلَمُ أنَّهُ لم يَعُد يَشتاق لأحَدٍ لأنَّ شَوقَهُ يَعصِفُ بِهِ بينَ ثنايَا الفُرَاق، يَراهُم بـأحلامهِ ولا يَستَطيعُ لَمسَهُم فـهُم مُجرَّدُ طَيفٍ سيَختَفى بَعيدًا عندَ استيقَاظهِ.

لا يَعلَم أنَّهُ لم يَعُد يَحزَن لأن حيَاتَهُ أصبَحت هالَة مِنَ الحُزن، لَمْ يَزُره الفَرح أبدًا ولَنْ يَفعَل؛ فـمَصيرهُ مَحتوم ونُهايَتهُ قد كُتِبَت.

Continue Reading

You'll Also Like

753K 13K 14
"نحن لا نريدكِ ابدًا" "لماذا أنتِ هنا؟" "فقط اذهبي وضيعي" "كان الجميع سعداء حتى أتيت ، لقد أفسدتِ سعادتنا" "عديمة الفائدة" دموعي انهمرت بينما هم لم...
8.9K 1.1K 17
لم يدفعنِي أحد ولم أقع فِي الحب كمَا يقع البَشر في الأخطاء، بل أنَا بوعِي التام تطوَعت للقفز نَحوه. كمن يختَار الغرق في أعمَاق بحرٍ مظلِم مدركًاً كل...
158K 6.8K 42
" أعْـلمُ أنِّـي أنَـانـيٌّ و مـِزاجـيٌ ، لـدرجـةِ فُـقـدانِ الجَـميـعِ الرغْـبة بالتَّـحدث مـعِي .. أنـْخدعُ بالـمَظاهـرِ حَتـى تشعـرَ أنـِّي سـَاذ...
4.2M 247K 61
أن تُسَجن في عُمرِ الزُهور وِسط أسوارٍ كوَّنها حُبّ مُتمّلك مَنع عَنها الحَياة ..! صَبيَّة في مُقتبلِ العُمر تُطارَد مِن قِبل أقرَبُ الناس اليها أن ت...