خائفٌ مِنْ فَقدِكِ .. فالشَوقُ رافَقني حَتى وانا مَعَكِ ..
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○
مرت أيامٌ هادئةٌ مثلت الهدوءَ الشديد ما بين العواصف ..
تلك التي يرافقها التوتر ..
ويزينها القلق ..
كان الملك تايلر قلقًا على فلورنسا للغاية ..
قلقٌ على عزيزةِ قلبهِ وروحه ..
يومُ تَبع آخر ..
ومر شهران بالفعل ..
-مساء الخير جلالة الملك..
-أهلًا ..
-وردت رسالةٌ من فلورنسا ..
أردفت هامسةً .
إنتفض الملك آخذًا الرسالة ..
"مرحبًا جلالة الملك ..
لقد سار كل شيء على خير ما يرام ..
والخطة تجري كما إتفقنا ..
ساعود في غضون شهر تقريبًا ..
ف. "
-إذًا؟
أردفت إيديليا بملامح قلقة.
-كل شيء سار كما هو مخطط له ..
-حمدًا لله ..
-شكرًا لمساعدتنا في الخطة إيديليا ..
-لم أفعل شيء حقًا .. فكرة فلورنسا رائعة .. هذا كل ما في الامر ..
-كل شيء في فلورنسا .. يذهلني يوم بعد آخر ..
-اختي حقًا رائعة .. تقصد جلالة الملكة ..
اردفت متوترة بعد تلعثمها .
-لا بأس .. في النهاية هي اختك قبل ان تكون الملكة ..
-فلورنسا منذ صغرها وهي رائعة .. كانت تثير اعجاب والداي .. رغم انهما حاولا اشعارنا باننا متساويتان .. لكن كان بامكاني رؤية الاعجاب بفلورنسا في عينيهما .. في النهاية فلورنسا كانت تبذل جهد اكثر مني ..
-ينتابني الفضول عن طفولتها ..
-فلورنسا كطفلة .. كانت تحضى بشعبية كبيرة ولكن في المقابل لم تحضى بالحب .. تعرف الاطفال يغيرون من بعضهما .. لم يكن لها سوى صديق واحد .. ادريان .. كانت تقضي وقتها في القراءة والتدرب على القتال واذا اصبح لديها وقت فراغ كانت ترافقني مع امنا لتتعلم عن الادوية والاعشاب .. والدانا علمانا على عدم استعمال مشاعرنا وان المشاعر مؤذية .. انا اقتنعت بهذا نوعًا ما لكن فلورنسا .. فور رحيلها عن المنزل يبدوا بانها اكتشفت ان لها مشاعر خاصة .. كانت تحب إليزابيث حقًا .. ثم هي تحبك كثيرًا .. للغاية .. عيناها تلمع فور ذكر اسمك .. تبتسم عند التكلم عنك .. تحبك للغاية ..
-اما ايضًا احبها للغاية .. لم اتعلق بشخص بقدر تعلقي بها .. مثيرة للاهتمام جدًا .. كلما فكرت في الامر .. اعجز عن صديق انها زوجتي ..
-اجل .. مثير للاهتمام كيف انها اصبحت ملكة بهذه الروعة رغم انها لم تكن اميرة حتى ..
-ماذا عنكِ ايديليا؟
-ماذا بي ؟
-مازلتِي لا تؤمنين بالمشاعر؟
-آه .. بخصوص هذا .. يبدوا بانني اكتشف مشاعري الخاصة ايضًا ..
اردفت مبتسمة .
*
-جلالة الملكة .. إما نربح كل شيء أو نخسر كل شيء!
أردف يناضرها وإبتسامةٌ فيها شيءٌ من الجنون إرتسمت على ثغره.
-ما الذي تخطط له بياتريك؟
-جمع كل جيوشنا وجيش الشرق والغرب والهجوم على كريستيليا!
-ماذا إن كان فخ؟
-وماذا إن كانوا ضعفاء؟
-وماذا لو حاولوا الإيقاع بنا ؟
-وماذا لو كان لهم خطة للهجوم المفاجئ على فينيسيا؟
-هذا ..
-تقبلي الواقع .. هذه هي المعركة الحاسمة .. واحدٌ فقط من يفوز .
-لا أخطط بأي فرصة أن أكون الطرف الخاسر هنا!
-ولا أنا أرضى أن أخسر على يد فتاةٍ شقية ..
أردف وما زال يبتسم بينما يداعب فنجان الشاي الذي على الطاولة .
-ماذا عن ملك الجوب؟
-لن أضم دانيال .. يجب أن لا يعلم بالخطة .. ذلك الفتى .. لا أثق به .. يبدوا أن له علاقة قوية بفلورنسا .
-ربما ..
-إذًا؟
-سأرسل رسالة لملك الشرق أُعلمه بإرسال كل جيوشه .
-لنخرج منتصرين من هنا إليزابيث ..
-كن على إستعداد لشرب الخمر بالقرب من المقصلة المليئة بالدماء .. لأنني أخطط بشكل خاص لإعدام تايلر أمام فلورنسا .. ثم أجعلها تلحق به .. وقد أُهديكَ إيديليا لتستمتع معها قليلًا قبل أن أقتلها في الخفاء كما إعتادت أن تعيش ..
-هممم .. إيديليا.. ؟
-أنها أخت فلورنسا .. من المفترض إنها أحد الجواسيس لدي لكن يبدو أنها تخونني .. هي لم تعد أيضًا منذ شهرين .
-مثير للإهتمام .. كيف تبدوا إيديليا؟
-عينان فيروزتيان .. لا أعلم بخصوص شعرها فهي تخفيه برداء دائمًا .. ربما تكون شقراء مثل فلورنسا .. اما الباقي فهي مطابقة لفلورنسا .. لِمَ تسأل؟
-شيءٌ ما يدور في بالي ..
-وهو؟
-لا يخصك ..
-تشه .. عديم الاحترام .
قابل إمتعاضها بإبتسامة جانبية قبل أن يقف ليتجه الى النافذة ..
هي حفظت هذه الإشارة فهي تعلم إنها تعني إنه لا يريد الكلام بعد الآن لذلك رحلت بهدوء.
*
صباحُ سيءٌ هذا الذي إستيقظوا فيهِ على أبواقٍ وطبولٍ للعدو ..
بفزعٍ يحاولون الدفاعَ بإستماتةٍ عن كريستيليا ..
جيشٌ عظيمُ فاجئهم ..
أعدادٌ مهولةٌ وهم محملين بالسهامِ والمنجنيقات ..
الدماءُ بدأت بالسيلانِ على أراضي كريستيليا ..
جيش العدو تجاهل السكان وسارع بالهجومِ على القلعة لا يودون أن يعطوهم أي ثانية للإستعداد..
-إجعل الجيش يستعد ..
-جلالتك ماذا نفعل للمنجنيق !
تحدث ليمورد
-لا أعلم!
-جلالتك .. ما رأيك بإتباع خطة الملكة فلورنسا؟ هي قد واجهت الموقف ذاته تقريبًا ..
أردفت ميلين
-كيف تخلصت من المنجنيق؟
-بسهام من اللهب أحرقتها ..
-وكيف تصيب السهام المنجنيق من هذا البعد؟
-لقد صنعت اقواسًا وأسهمًا خاصة ودربتنا على إستخدامها ..
-دربتكم؟
-أجل نحن السبعة . جون .. آرثر .. مارتن .. نيكولاس .. ديلا .. فرانكلين .. وانا .. لهذا سمتنا الكتيبة الملكية على الرغم من انه ليس لقب رسمي بالفعل.. وايضًا كما تعرف فان آرثر ..
-ميلين أُعطيكِ الصلاحية لإدارة الكتيبة الملكية كما دربتكم الملكة فلورنسا.
-شرفٌ لي ..
أردفت لتتجه نحو موقعها المعتاد قرب رفاقها ..
-ليتجهز الجميع .. سنسير على خطى الملكة فلورنسا .. لنجعلها تفتخر بنا بعد تدريبها الطويل لنا .. الملكة الآن مريضة وهي لم تستيقظ منذ البارحة .. لندافع عن المملكة لحين شفائها وعودتها لنا سالمة !
إلتجأت لهذه الكذبة لتبرر عدم تواجد فلورنسا للقتال معهم كما إعتادوا من الملكة .
صرخت ميلين وقد كان صوتها مسموعًا لتايلر الذي كان يخطط ليرشد الجيش .. لكن يبدوا أن فلورنسا قد أعطت الجيش الذي دافع معها قوةً ما .
رأى مجموعة كبيرةً من الأقمشة يربطون أطرافها بحجارة .. هو فقط يرى إستراتيجيات فلورنسا التي إستعملتها في الدفاع عن كريستيليا ..
-جلالة الملك طلبت مني ايديليا إعطائك هذه..
أردف ليمورد بصوت خفيض يسلمه رسالة .
"أحذروا !
الملكة وبياتريك يخططان للهجوم على كريستيليا!
سأصل بعد يوم من تسليمكم الرسالة على الاغلب ..
أصمدوا !
ف."
-تحذير متأخر .. لكننا سنصمد لحين قدومها .. جهز لي درعي .. سأشارك في الحرب بكل تأكيد ..
-أمرُ جلالتك!
-خذ جميع الخادمات والملكة الام وجميع النساء إلى الممرات السفلية .. هذه مهمتك .. اعتني بالملكة الام وخذها لمكان آمن!
-سافعل ما بوسعي ..
السهام ُتُطل والنارُ تُشعل وجيشُ العدو لا نهاية له ..
الدماءُ تسيل والطُبولُ تُقرع ..
المشاهُدُ ذاتها تُعاد ..
يعلم جيش العدو إستراتيجية كريستيليا لكن لا يعرفون كيف يهربون منها ..
السيوفُ تُرمى أرضًا ..
والخيالةُ يموتون لتتخبط بعدهم خيلهم ..
تتغلغل الدماءُ عميقًا وتختلط مع الثلوج المتقطعة التي لم تذب ..
مهما قاتلوا ..
مازال منظر الحربِ مهيب ..
فصوت الصُراخِ ونصل السيفِ وحدهُ كافٍ!
هذا مع تجاهلنا لقتل نفوس ..
كل شخص تقتله ..
لديه عائلة .. حياةٌ خاصة ..
أشياء يحبها .. أشياءُ يبغضها ..
أشخاصٌ يحبهم ويحبوه ..
طموحاتٌ وأحلام ..
يتجاهلون كيفَ ستصرخُ كلُ أمٍ لدى مقتلِ إبنها ..
وبكاءُ كلُ طفلٍ لدى فقد أبيه حتى يبيتُ يتيما ..
وتجاهلِ وجهُ زوجتهِ المصفرِ أثناءَ وقوفها على جنازتهِ تحاولِ أن تكفكف دموعها مع إنكسارها ..
يتجاهلون كل هذا .. فلو لم يتجاهلوه لما تقاتلوا ..
لما قَتَلُوا و قٌتِلوا ..
هذه هي حقيقةُ الحرب .
والتي نتذكرها فقط لدى موتِ شخص عزيز ..
ونتجاهلُ الباقين الذين يبكون دمًا.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○
يا فَقيدي وداعًا .. إبنُكَ يَذرِف دُموع ..
يا عَزيزي وداعًا .. زَوجُكَ تكفكف دُموع ..
يا بُنيَ وداعًا .. أُمُكَ نَستِ الدُموع ..
نَصرخُ .. نَبكي بصمتٍ ..
وفي رَحيلَكَ لم تَكفِي الدمُوع ..
لا تُرِوني جَثَةً لنَ تَكفِيني الدموع ..
جُثَةٌ يُغَطيها دمٌ وتُغَسِلُها الدَموع ..
لِنملئ الرِوايَة بِنُجومٍ مُضيئة ☆