حَمِلتُ لَهُ قَلقًا عَظيمًا فالفُؤادُ كانَ فيِهِ متيما!
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○
فقط في الحرب والحب
سترى خوفًا لم تعتقد إنك تملكه ..
سترى إندفاعًا منك بدون رغبتك..
سترى جوانبًا جديدةً لك كنتَ تجهلها..
ستقدم تضحيات لم تتوقع انكَ ستقدمها..
وستبكي دمًا بعد جفافِ الدمعِ من عينيك..
ستعرف شعور العاشقِ والفقيد ..
ستشعر بالرجفة في كل فعل ..
والتردد في كل خطوة ..
ستدعي مع إختلاف الدعاء في كلاهما ..
ستبكي مع إختلاف البكاء في كلاهما ..
ستفرح مع إختلاف السبب في كلاهما ..
وستسقط متعبًا في النهاية .
إن كنت عاشقًا أو محاربًا ..
هذا لا يشكل فرقًا كبيرًا ..
فالحب هو الصورة الأُخرى للقتال ..
والعشق هو الوجه الآخر الموت !
في وسطِ الجو الماطر وصلت فرسٌ الى القصر و كان نوعها أصيلٌ
فرسٌ سريعةٌ للغاية ..
نزل عنها مُمتطيها ليركض إلى داخل البلاط الملكي
متخبطًا سائلًا عن الملكة ..
وجدها أخيرًا تمشي بسرعة تتجه إلى مكانٍ ما لكنه اوقفها بمناداته لها ..
وقفت تناظر هيأتهُ المبتلة لتقطب حاجبيها حتى تداركت من يكون ..
-لدي رسالةٌ لكِ .. قد تكونُ متأخرةً قليلًا أعتذر !
-لا .. لا بأس ..
قالت تأخذ الرسالة منه بسرعة لكنها نظرت بتعجبٍ إلى مرسل الرسالة ..
-ليومورد؟ ماذا عن الملك؟
نبست وهي تبتعد عن الفتى لتذهب الى غرفتها .
فتحت الرسالة بيدين مرتجفتين خائفتين ..
"مرحبًا جلالة الملكة ..
أسف على تأخري في الأرسال ..
إضطررت لفتح الرسالة بنفسي .. الملك تايلر مصابٌ بحمى شديدة منذ أيام وهو يكاد لا يستطيع فتح عينيه ولا إستيعاب شيء .. حاولي المقاومة في حال حدث الهجوم قبل وصول الجيش .. الأعاصير لا تتوقف هنا .. لا أعلم حتى متى سيستطيع هنري أن يوصل الرسالة لجلالتكِ .. أتوسل لجلاتكِ أن تجدي طريقة لحماية المملكة ريثما نصل .. قد نتأخر .. تماسكي !
إحترامي
المستشار الملكي ليمورد"
أخذت يديها ترتجف كثيرًا .. ترغب في البكاء لكنها تذكرت بأن لا وقت لهذا .. أحرقت الرسالة وحاولت معها إحراق قلقها على تايلر .. ففي الحقبة التي تعيش بها لم يكن أمرًا مستحيلًا أن يموت الناس بالأمراض التي تشبه أعراضها الحمى ..
تنهدت قبل أن تعود لعملها وقد أخذت تعمل بجد أكثر ولا تفوت أي تفاصيل ..
من المفترض أن يصل الجيش هذا الأسبوع .. لن تستغرب إن وصلوا غدًا ..
بكل قوتها حاولت أن تجد حلولًا وقد عملت كثيرًا لتبقي جميع من بالمملكة بأمان ..
أعلنت حالة طوارئ في تلك الليلة الموحشة لتُخرِج كل المواطنين وتجعلهم يذهبون الى البيوت التي بنتها في الجبال ..
هذا كان بعد أن وصلتها رسالة من إيديليا تخبرها أن الجيش إقترب للغاية من الوصول .. يومان على أكثر تقدير وسيكونون أمام القلعة ..
أستطاعت في هذا الأسبوع المنصرم أن تقوم بحفر خندقٍ وتخفيهه بالتراب حتى بات غير مرأيًا .. إضافة الى السراديب التي كانت موجودة في القصر أصلًا لكي يهرب الجميع في الحالات الطارئة ..
قامت بنقل أغلب الخدم وأبقت فقط عدد من الخدم الذي يكفي لأطعام الجيش القليل الموجود .. عددهم لا يتجاوز المئتان ليس إلا .. إضافة إلى أصدقاء الملك وإخوته .. لكن الباقين جميعهم قد نُقلوا الى الجبال بينما تكفلت الملكة بإطعامهم من مخزون القصر .. سيكفيهم الطعام لأسبوعين تقريبًا ..
وقررت اخيرًا ان تتناقش بشكل شخصي مع الملكة الام لذلك زارتها وبعد التحيةِ شرحت لها ما يحصل ..
-لذلك يا جلالة الملكة الام اطلب منكِ ان تغادري القصر فالوضع ليس آمنًا ..
-لن أُغادِر القصر يا فُلورنسا .. وإن تحتم علي الموت هنا! .. أَنا في النهاية أبقى الملكة الأُم .. وهذا قصري!
-لكن جلالة الملكة .. أنتِ تعرضين نفسكِ للخطر .. قد يتحتم علينا التضحية بانفسنا لحمياتكِ!
- لا داعي لذلك .. لا حاجة لحماية إمرأة عجوز مثلي.
-هذا غير صحيح جلالة الملكة .. حسنًا انظري لدي حل يرضي كلانا .. ما رأيكِ فور وصول الجيش عليكِ النزول الى القبو والسراديب السفلية .. حسنًا؟
-حسنًا .. لكن يا فلورنسا ..
-أجل؟ ماذا بعد؟
-أَستكونين بخير؟ عليكِ البقاء بخير .. لن نسمح لك بالرحيل ببساطة !
-لا تقلقي جلالة الملكة .. لست بشخصٍ ضعيفٍ سيموتُ في هذه الحرب .. انا لا أُقاتل بطريقةٍ تقليدية .. انا اقاتل بطريقتي الخاصة!
في تلك الليلة عجزت عينيها عن النوم وهي تناظر شروق الأشعةِ الأُولى لليوم ..
شعرت بأنهم سيصلون الآن .. هذا دفعها لإعلام الجميع للتأهب وإرتدت درعًا حربيًا خاصًا طلبت من شخص ما أن يصنعهُ لها تلاه ربطها لشعرها وإرتدائها لرداءٍ رمادي غطى حتى وجهها .. حملت قوسها لتخرج .. سمعت صوت أبواق الحرب تُطرق لتسري رعشةٌ في كامل جسدها ..
لا مجال للتراجع !
لا مجال للأستسلام ..
لا وقت للخوف !
صعدت إلى أبراج القصر حيثُ إستطاعت رؤية العدو يقترب بأعدادٍ مهولة لن يكون باستطاعتهم مواجهتهم .. أعطت الجيش الذي كان من المفترض ان يخرج للقتال إشعارًل بعدم التقدم والبقاء في القصر .. حان الوقت للخطة الثانية .. لا مجال للأحباط!
نظرت على يمينها لتراهم متأهبين ..
وهم وكما أطلقت عليهم "الكتيبة الملكية الخاصة"
هم تلك المجموعة التي تكون نخبة المملكة في القتال ..
إستطاعت أن تطور من قدرتهم في الفترة الفائتة ..
جون برداءٍ أزرق غامق ناسب لون عيناه..
مارتن برداءٍ بني فاتح ..
نيكولاس برداءٍ أصفرٍ باهت..
آرثر برداءٍ أخضر باهتٍ كذلك ..
فرانكلين برداءٍ أحمر قاتم ..
وأخيرًا
ديلا الفتاة الشهباء برداءٍ أبيض ..
ميلين ذات الشعر الأسود الطويل والعينان السوداء برداءٍ أسود..
فلورنسا برداءٍ رمادي ..
وجميعهم قد أخفوا دروعهم خلف رداءهم ..
الجميع قد حمل أقواسًا متباينة في الحجم من تصميم فلورنسا لكنها كانت من معدنٍ خفيفٍ لا من الخشب ..
لكن السهام كانت من الخشب ورأسها من المعدن ذاته مما جعلها حادة للغاية!
-لن يكون تدريبنا بلا نفع .. لنحمي المملكة !
أومئ الجميع بتردد لتصرخ بصوتٍ عالٍ للجنود بعد رؤية الخوف والتردد في عينيهم
-لا يفوزُ الخوفُ ..
فبالنسبةِ لي لا الشجاعة تهزمُ الكثرةَ ولا الكثرةَ تهزمُ الشجاعةَ بل الذكاءٌ هازمٌ لهما!
آمنوا بكل خطةٍٍ صغيرةٍ كلفتُ كل واحدٍ منكم بها! ..
العدو على بواباتنا .. فالموتُ إما لنا أو لهم ..
الصمودُ سيجلبُ لنا الفوز ففور وصول التعزيزاتِ لنا سينتهي كل شيء ..
تماسكوا ولتعلموا أن الأملَ موجودٌ ولا تخافوا ..
دافعوا فإن خسرتم لا داعي للتمسكِ بالحياةِ ..
فالعدوُ لن يجعلَ حياتَكُم جميلةٌ ولن يبقيكُم على قيدِ الحياةِ..
قد تعيشُ عائِلاتُكم وزوجاتُكم لكن الإغتصاب لهم مَصيرُ!
كل محاربٍ من العدوِ قذِرٌ فلا تجعلوهم يحتفلون بفوزهم وسط بكاءِ نسائِكم!
أبنائكم لن يغدوا سوى عبيدًا في النهاية وبناتكم لن يكن سوى جارياتٍ يائساتٍ
لا تخذلوا شعبًا
وليدُم الجيشُ سورًا للوطن!
الكلماتُ هذه أتت في الوقت الصحيح ..
جعلت البعض يبكي والآخر يندفع بإصرار..
-أخيرًا..
دعنا نلعبها بذكاء!
إقرعوا طبولَ الحرب وإعزفوا أبواقها !
فالحربُ على الأبوابِ واقِفةُ فالنُرَحِب بها!
مع إنتهائها قَرعوا طبول الحرب وعزفت الأبواق مما فاجئ العدو ..
فكما إعتقدوا المملكة لا تعرف بقدومهم ..
لكنهم لن يتوتروا بسبب كثرتهم..
لا يعلمون متى تكونُ هذهِ الكثرةُ نِقمةٌ لا نِعمة!
ليست الكثرَةُ هي النِقمةُ حقًا ..
بل الغُرور الذي يرافقها والتهور الذي يكون نتيجةً لها!
لنرى إن كانت فلورنسا مُحقةً ..
هل الفوزُ للكُثرةِ ؟
أم للشَجاعةِ؟
أم للذكاء؟
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○
فمَعَ تَوقِي لرؤياكَ زادَ كبرِيائي ..
وَمعَ إِشتياقِي لِعيناكِ فَارقتنَا الأَزمانُ .
-مجهول.
لِنملئ الرِوايَة بِنُجومٍ مُضيئة ☆