لمسة من الخطيئة

By Mefree2020

33.6K 1.1K 2.8K

بعد نقله إلى بلدة ساحلية هادئة ، كان جونغكوك مستعداً لمواجهة عام هادىء من عمل إدارة التحقيق الجنائي ، لكنه وج... More

الفصل الثاني: الإبحار لرأس الميث
الفصل الثالث: بوم زفاف النمور
الفصل الرابع:تجربة كافية في وضح النهار
الفصل الخامس:فحم أسود، جليد رقيق
الفصل السادس: نمل في الماء
الفصل السابع:الاتجاهات لرؤية شبح
الفصل الثامن: كله رمادي وقرف
الفصل التاسع: كن مرتاحاً، أيها المخلوق
الفصل العاشر: خاتمة

الفصل الأول: فتى المستنقع

14.5K 296 610
By Mefree2020

كان جهاز المُسجّل كأحد تلك الأشياء المحمولة القديمة ، شيء كأسطورة جبل أوليمبوس ، شيء غامض من التسعينيات.. كان هذا الجيون جونغكوك قد تهكم منه بالفعل، لكن ذلك نوعاً ما أضحكها ، لذا لم يكن هذا بالأمر الكبير.

بعد وضع الشريط الصغير بداخل شق المُسجّل ، نقرت هييون على الغطاء.. دفتر ملاحظاتها الذي أصبح سميكاً من مياه الأمطار التي جفت عليه ، لا يزال موضوعاً في حجرها وقد تم فتحه على الصفحة الأخيرة من مقابلة جونغ هوسوك ، وقد تلطخ الحبر بالكامل.

صوت انزلاق الباب أعاد انتباهها.. نظرت إلى البحر ، ثم إلى طاولة الفناء -والتي كانت نوعاً ما قذرة ومثيرة للإشمئزاز - حيث كان جونغكوك يضع طقم الشاي.

جلس جونغكوك أخيراً أمامها ، واصطاد مُنتشلاً علبة سجائره المجعدة.

"إذاً، ماالذي تريدين معرفته؟"، قرر بالفعل تخطي الشكليات..مضغ فلتر السجارة قبل أن يُميل رأسه ، "هل تمانعين؟".

أخبرته هييون بأنها لا تمانع ولفّت أصابعها المُخدّرة حول الكوب الخزفي الصغير، "حسناً ، أعتقد كل شيء".

"ألم يخبرك هيونغ بما يكفي؟".

"من جانبه ،على الأقل.. وأخبرني أيضاً بأن كل ما قاله بالكاد شيئاً يُذكر عندما يتعلق الأمر بماضيك الخاص. أو بارك جيمين".

كانت سعيدة برؤية أن الإسم قد أخرج منه ردة فعل نوعاً ما ، حتى لو كانت الطريقة الجديدة الهزلية التي حرك بها حاجبيه.

"لماذا تريدين معرفة جانب بارك جيمين؟".

"هو كان ... ماذا كان - مستشار خاص-؟".

"نوعاً ما".

حسناً، هذا المُعدّل للكلمات في الدقيقة بالتأكيد سيؤدي إلى تسريع قضيتها.

"الطب الشامل ، أليس كذلك؟"، رأته هييون وهو يومىء برأسه، "حسناً ، أنت بالتأكيد تعرف مدى أهمية كل جانب.. جميع القصص ، والجداول الزمنية.. أنا نوعاً ما أجمع هذه الأشياء ، وأفرزها في الوقت الحالي، وقد قال المفتش جونغ أنك تعرف بارك جيمين بشكل أفضل".

"ربما"، نظر بعيداً، "لا أصدق أنه قام بإعطائك الأسماء.. هذا أمر سري ، كما تعلمين".

"رؤسائك أرادوا إخفاء قضية هوانغ تماماً ، أليس كذلك؟".

"لديك طرقك ، هاه؟".

"المفتش جونغ - هوسوك من السهل التحدث إليه".

رفعت هييون الكوب إلى وجهها المُخدر ، وسرعان ما توردت من الدفىء المُعطّر.. مضغ جونغكوك شفتيه ، ربما يحاول إختيار الكلمات.

زفر نفساً. "لمَ لا تذهبين وتسألي بارك جيمين بنفسك إذا كنتِ جيدة في العثور على الأشخاص؟".

إبتسمت، "أوه ، لا تقلق ، سأفعل.. وجهات النظر ، صحيح؟ لكن الآن أنا بحاجة لوجهة نظرك"، هز كتفيه.. هذا جعلها تشعر بالغرابة، "شيء طريف، كان هوسوك متأكداً من أنك ستخبرني أن أبتعد واللعنة".

ضحك جونغكوك بانفتاح أكثر الآن، والذي جعل هييون تفكر بأنه كان يبدو نقي المظهر بشكل مفاجىء.

ولكن بعد ذلك كان هذا صحيحاً ، لقد فعل جونغكوك ذلك نوعاً ما ، حيث طلب منها أن تبتعد واللعنة في البداية - ليس بهذه الكلمات بالطبع-، ولكن مع سلوكه السيء القذر.

كان جونغكوك قد رفض حتى السماح لها بالدخول.. لا يزال مواكباً لمجاملاته الرسمية ، مع كل ذلك الخطاب المهذب الفظيع والوجه المذنب.. حتى أنه كان خجلاً قليلاً في ذلك.

بلا عدائية ، كان هذا جيون جونغكوك.. من النوع الذي يظهر على السطح بأنه رجل هادئ. لكن هييون قالت ما نصحها هوسوك بقوله.

"أيها اللعين الممتص للبواسير"، كانت قد قالت له -لا بل اقتبست - حرفياً كلمة بكلمة.

كانت غير متأكدة تماماً، لكن التعبير الحذر على وجه جونغكوك تحوّل إلى مفاجأة.

سمح لها بالدخول.

كانت الشقة عبارة عن فوضى صغيرة ومأساوية ، مثل كهف نموذجي لرجل ولكن مع لمسة ناعمة غريبة كانت تراها عادة في منازل كبار السن.. خشب عادي ممل بالخطوط البيجية البسيطة، مع نوافذ ضخمة تطل على البحر الهادئ.

"هل مشيتي إلى هنا؟"، سألها جونغكوك ، عابساً في ملابسها المبتلة.

كانت قد ارتدت أفضل ما لديها بمقابلتها مع هوسوك حيث انتهى بها الأمر لقضاء الليلة ، فقط لأن الحديث استمر لفترة طويلة.. في الصباح التالي ، استغرقت الرحلة حوالي ساعتين من غوانجو إلى الجزيرة حيث كان عليها تبديل الحافلات في مدينة جيوجي ثم الوصول إلى هذه البحيرة الطينية الصغيرة في البلدة الساحلية القذرة.

كانت السماء تمطر ، لكن هييون سارت من محطة الحافلات على طول الطريق إلى الساحل.

"نوعاً ما"، قالت وهي تهز كتفيها.

كانت هييون ملفوفة الآن بالملابس التي قدمها لها سابقاً، قميصاً أبيض حجمه أربعة أضعاف ، وشورتاً ملوناً يبعث على السخرية.. حدقت في هذا الهراء بانعكاس صورتها على باب الثلاجة وأرادت التقاط صورة فقط للمتعة ، لكن جونغكوك كان يسألها عن شيء ما.

سألها عن سبب حاجتها بالضبط إلى معرفة جانبه من القصة.

قامت هييون بتنعيم قطن القميص ، قبل أن ترد، "أعتقد بأنه يمكنك مساعدتي. وربما يمكنني مساعدتك..أن أقول قصتك وكل شيء.. أنا أحرر كتاباً".

"قصتي مجنونة نوعاً ما ،هييون شي".

كان هوسوك قد ذكر شيئاً عن أن جونغكوك لم يُجري أي مقابلات مطلقاً ، ولم تستطع هييون إلاً أن تتساءل...

"هل أنت خائف من أن يعتقد الناس بأنك مجنون؟".

ضحك حونغكوك، "أنا فقط أعلم بأنه من الأفضل عدم التحدث عن أشياء لا يمكنك التحدث عنها".

"بالتأكيد.. رغم ذلك أنت سمحت لي بالدخول بالفعل، وأنا مثل ، أفضل مُستمعة".

والشيء المثير للفضول في هذا الأمر ، أن قضية هوانغ لم تكن قضية ساخنة حتى ، - ليس لفترة طويلة على أي حال- ، لأنها كانت مجرد واحدة من تلك القضايا التي كُنست تحت السجادة حيث تم القضاء عليها في مهدها بعد يوم واحد من التحقيق الفعلي في مسرح الجريمة ، ثم تم رفع مستوى السرية إلى أصحاب التصريح الثالث لمنع وجود أنوف تتطفل حولها.

كان هوسوك واحداً من هؤلاء القلائل الذين عملوا في القضية ولا يزال على استعداد للتحدث عنها ، بصرف النظر عن الحقائق الجافة التي تم الضغط بها على جميع المشاركين بالقضية من قِبل المسؤولين الكبار.. وعلى الرغم من أن هيوون قد تمكنت من الحفر في البقعة القذرة لهذا الهراء ، وحتى لو تمكنت من إخراج القصة من جونغكوك ، فسيكون ذلك عديم الفائدة بالنسبة للنشر.

ومع ذلك، فهي لا تزال بحاجة إليها.

"لقد كان نوعاً ما وجهك هو الذي فعل ذلك ، أيها المفتش. ماجعلني آتي إلى هنا".

"أي وجه؟".

"في الصور الإخبارية المحلية".

"لم يعد هذا متاحاً للعامة بعد الآن".

هزّت هييون كتفيها ، مفترضة أن وجهها فارغاً بعناية.

"كيف وجدتِ أياً منها؟".

"اسمع أيها المفتش...".

"جونغكوك".

الآن ، كان هذا جيداً.. كان خفض الشكليات أمراً جيداً. "أنا لست هنا من أجل سبق صحفي رخيص.. أنا فقط بحاجة إلى كتابي"، إبتسمت، "لذا من فضلك ، جونغكوك ، إذا استطعت.. لأجلي، وقد يكون لأجلك أيضاً".

على الشرفة الآن ، وهي تحتسي شايها ضعيف المذاق ، كانت هييون تنتظر جونغكوك للتحدث.

لم يبدأ على الفور.. كان يحدق فقط في المًسجّل ، وربما يحاول التفكير في كيفية البدء بذلك.. كانت سيجارته تحترق.. وأخيراً، أصدر صوتاً، "إذاً، ماذا أفعل؟".

"ربما تبدأ من البداية"، بحثت عن كلمات أفضل ، وقد رأت حيرته، "لنقل، عندما أتيت إلى الجزيرة".

"ذاكرتي ضبابية نوعاً ما".

"حسناً"، قالت بصبر ، "هل قابلت هوسوك وبارك جيمين في يومك الأول؟".

"لا. كان جيمين هيونغ في وقت لاحق. في موقع هوانغ".

همهمت هييون وهي تنقر على الصفحة بقلمها، "ما هو انطباعك الأول عنه؟".

ضحك جونغكوك، "لم يعجبني".

"هوسوك قال بأنكما صديقان مقربان".

"أجل"، فرك جونغكوك أنفه ، "نحن جميعاً كذلك".

"إذاً ، موقع جريمة هوانغ؟".

"ماذا عنه؟".

تنهدت بثقل، "أخبرني فقط كيف حدث ذلك".

فكر جونغكوك لمدة دقيقة.

"الجار هو من أبلغ عنها، لكن في مكان كهذا ... كان هذا الأمر برمته لايُصدق نوعاً ما.. كنت قد اعتدت على الريف بحلول ذلك الوقت ، كما تعلمين ، كم كان بطيئاً ومتماسكاً ... فقط سرقات تافهة ، جدات تتقاتل في سوق السمك.. إخراج القطط العالقة من الأشجار وأياً كان.. ثم فجأة بوووم ، من اللامكان".

تحققت هييون من التواريخ في دفتر ملاحظاتها ، رغم أنها لم تكن بحاجة إلى ذلك.. كان ذلك يُعطيها مظهراً أكثر أهمية ، نوعاُ ما.

"إذاً، كان ذلك في نوفمبر لعام 2014 ، أليس كذلك؟".

ˍˍˍˍˍˍˍˍˍ

استيقظ جونغكوك على المكالمة الهاتفية التي انفجرت في صمت منزله.

مزعجاً ، الصوت ، كم كان مزعجاً.. زمجر وتركه يرن.. مستمعاً.. المطر ينهمر على السطح ويصطدم بالممر المُعبّد في الحديقة المتضخمة.

لم ينم طويلاً ، علم ذلك بينما يتحقق من الشاشة قبل الرد على المكالمة.. بالتأكيد كان هوسوك,،لأنه يمكن فقط أن يكون هوسوك ، كن في الساعة السادسة صباحاً أو ستكون جنازة جونغكوك القادمة.

"جونغكوكي"، قال هوسوك ، "كنت سأقول انهض وأشرق ولكن - نعم ، عليك التحرك ، وأعني الآن!".

كان هوسوك يناديه دائماً بهذا اللقب، ولكن حتى من خلال ضبابية الصباح ، شعر جونغكوك بأن صوته قد بدا مضطرباً قليلاً وغير متساوٍ..كان يقول شيئاً ما ، لكن جونغكوك لم يكن بإمكانه سوى التقاط تلك الكلمة العريضة -جريمة قتل-.

"في الجانب الجنوبي..لقد حدثت مذبحة حقيقية هناك يا صديقي.. سأكون عندك خلال خمسة عشر دقيقة".

انقطع الخط ، وأسقط جونغكوك الهاتف على معدته بصفعة ناعمة.. رمش ، وحاول فرك القشرة من عينيه الضبابيتين قبل أن يقوم بمجموعة من تمارين الإطالة السريعة ، ليصبح بعدها مستعداً لتسريع روتينه الصباحي.

كان لا يزال غير قادر على التعود على ألواح الأرضية القديمة التي يظهر صريرها تحت قدميه العاريتين.

في الحمام ، كان كل شيء مغموراً بظلال زرقاء داكنة.. كانت الأنوار هنا لا تزال ميتة والمصابيح بحاجة للتغيير ، لكنه كان قذراً بعض الشيء بشأن وعوده للسيدة كيم.. الحقيقة أن مالكة المنزل كانت سعيدة بوجوده في الجوار ولم تتذمر كثيراً.

صفع خديه بالماء البارد برفق ، وحاول التركيز على جريمة القتل التي في متناول اليد بدلاً من ذلك الظل الذي يظهر في زاوية عينه.

كان هناك ، علم جونغكوك..في المحيط.

كان شكل إنسان يتلألأ دائماً هناك ، وهو شيء أحضره معه إلى هنا ، ثم استغرق الأمر عدة أشهر لهوسوك حتى يسترخي مع نشاطه الغريب.. كان هوسوك لا يزال يشعر بالقلق بالطبع ، في كل مرة كانت عينيّ جونغكوك مشوشتان قليلاً برؤية الأشكال.

واليوم كانت الأشكال تتحرك في المرآة بضبابية ، والظلال تملأ أذنيه بحفيف ناعم من الملابس غير المرئية.

المادة 250 ، فكّر، المادة 250 ، جيون جونغكوك، قام شخص ما بجريمة قتل حقيقية هنا ، لذا احسب أنفاسك ، واستمع إلى الدكتورة تشوي العجوز الجيدة ، واغسل وجهك الغبي.

في المطبخ ، حاول أن يسحب برميل ماء لصنع القهوة ، لكن انتهى به الأمر إلى إحداث فوضى كاملة حيث أسقط المغرفة وأخرج الأواني وكاد أن يفقد توازنه تقريباً.

"اجلس" ​​، الصوت خشن ، مختنق قليلاً.

استدار جونغكوك ، فقط لرؤية السيدة كيم في المدخل.

قامت بتلويحه على وسادة الأرضية وذهبت لتحضير القهوة.

"لمَ الجلبة المفاجئة؟".

"آه ، حدث شيء ما"، تردد، وتحقق من هاتفه مرة أخرى. "هيونغ سيكون هنا بعد عشرة دقائق".

"هذا كثير من الوقت".

فحصت الموقد وشغلت الراديو.. واحدة من أغاني الحرب القديمة مرة أخرى ، الأصوات فيها تلاشت بمرور الوقت وتسللت داخل دماغه بهذه الطريقة الميتة والمؤرقة للغاية.

"مات شخص ما"، قالت.. لم يكن سؤالاً على الإطلاق، "جيد".

"ماذا؟".

"جيد أن هوسوك لديك الآن.. اثنان من أبناء المدينة الكبار يعرفان أفضل ، أليس هذا صحيحاً؟".

"لست متأكداً"، قبل الكوب الذي يتصاعد منه البخار من حيث كانت تحمله أمام وجهه ، لكنه على الفور أحرق لسانه من أول رشفة، "شكراً لك".

"عليك أن تكون حذراً.. إذاً، من هو؟".

"أنا لا أعرف حتى الآن".

"أليس لديك العنوان؟".

"أنا لست جيداً مع الأسماء حتى الآن"، قال، ثم استيقظ بالفعل بما يكفي لإدراك ما كانت تسأله، "آه ، أجوما ، لا يمكننا الكشف عن هذا النوع من الأشياء على أي حال".

لم ترد ،كانت مشغولة بغرف الحبوب من جرّتها الخزفيه لمذبح المنزل.. بدت حركاتها فجأة متضخمة للغاية ، كل صوت ثقيل جداً داخل رأس جونغكوك النابض.

"جونغكوك، أنت تتحدث في نومك.. لا يبدو الأمر جيداً.. أنت لا تبدو جيداً على الإطلاق".

"أنا آسف.. لم أكن أعرف".

همهمت ، والتقطت خصلة من الأعشاب، "لا داعي لذلك.. لكن هناك شيء ما في أحلامك لابد بأنه يزعجك".

"أنا بخير ، أجوما".

"الآن، الآن ، لماذا الأكاذيب؟ لماذا الأكاذيب؟".

"أنا لا ...".

لكنه كان يكذب ، مجرد جزء منه ، لكنه كان كذلك.

"أنت تتجول في أرجاء المنزل مثل الظل"، قالت ، مما جعله يجفل، لم تبدو هكذا من قبل . "ولكن هذا شيء تراه أيضاً. أليس هذا صحيحاً؟".

ربما كان بسبب الصباح ، لكنها بالكاد كانت منطقية في صرير نطقها وجسدها.

"ماذا.. ماذا تعنين؟".

بعد حفر شمعة في وعاء الحبوب ، تحركت على ركبتيها لتميل إلى جانب جونغكوك، كما لو كانت على وشك مشاركة سر.. وجهها الممتلئ المتعب ذو البشرة الرقيقة بدا رمادياً قليلاً في هذا الضوء ، وشعر بأن يدها على ركبته كأنها ورقة معرقة ذابلة.

"أنت تتجول ، لكني لا أرى الحياة فيك جونغكوك، يا ولدي، الأشياء الوحيدة التي أراها سيئة للغاية".

"أنا.. ماذا؟".

ماذا بحق اللعنة ، أراد أن يسأل بدلاً من ذلك ، ماالذي تقصدينه بحق الجحيم ، أيتها السيدة الصغيرة؟.

"أنت بحاجة إلى شامان كي ينظر إليك. أنا أعرف أشخاصاً جيدين. مودانغ لطيفة في القرية الشرقية أيضاً. يمكننا ترتيب طقوس".
ملاحظة: مودانغ، من ألقاب الشامان..على الاغلب للأنثى.

"لا أعتقد بأن..امم.. الطقوس قد تساعد".

"أنت مسيحي؟ بوذي؟".

غريب كيف أنهما طيلة الأشهر الخمس كلها لم يتحدثا عن ذلك.

"لا. أنا فقط نوعاً ما لا اهتم بكل هذا...الشيء".

شعر بنظرتها فجأة تثقبه ، مما أرسل قشعريرة من خلال عموده الفقري لعمق عظامه. "هل تعتقد أنك تعرف العالم أفضل من أسلافنا؟".

تنحنح جونغكوك. "أعتقد فقط ... أن هناك سبباً لأن يكون الماضي من الماضي".

"إذاً، أنت مهتم بكل شيء عن العلم فقط؟".

"لا أعلم.. لكن لدينا فرص أفضل للوصول إلى مكان ما باستخدام اشياء من هذا القبيل".

"كيف ذلك؟".

"هذا نوعاً ما يعمل مثل ... إنها تشبه وظيفتي لحد كبير..هي تتعلق بما لا نعرفه ، صحيح؟ نحن نمضي قدماً فقط من خلال إعترافنا بالشك، كما تعلمين.. الحقائق تتغير- وتتعلق بتلك الشكوك والإستنتاجات الجديدة منها.. على عكس ... الكثير من الأشياء"، قام جونغكوك بإيماءة غامضة. "هذا كل ما أعتقده".

"لا تبدو مُقنعاً لهذه الدرجة عندما تبكي في نومك".

صوت جلجلة عالية تردد صداها في الردهة ، مما جعله يجفل.. لكن مجدداً. هذا الصوت المدوي كان من ارتطام معدن على الأرض.

ارتفع رأسه بسرعة ، وأصبحت عيناه المثبته على المدخل محجوبة في ظلام الصباح.. إيقاع من الصمت ، ثم طقطقة ناعمة.. هل يمكن أن تكون أقدام؟ السيدة كيم ليس لديها أطفال.. لم يكن لديها أحد.. فقط المطر إذاً؟.

عاد جونغكوك بنظره إلى مظهر جديد على وجه السيدة كيم اللطيف.. عيناها اليرقتان ، الشاحبتان والمغيمتان مع تقدم العمر ، تحدقان به من تحت الخصلات المصبوغة الأنيقة.. شعر جونغكوك بقشعريرة تجري على ذراعيه.. أدرك بأن الموسيقى قد تحوّلت منذ فترة طويلة إلى صوت تشويش.

امتد الصمت بينهما ، لكنه كان صمتاً مكتوماً ..آذانه ممتلئة بالقطن ، وجلده أصبح ساخناً.

انفجر بوق السيارة الصاخب في الهواء ، مما جعل جونغكوك يهتز.

ابعدت يدها عن ركبته.. كانت تبتسم وقد اختفت كل آثار اللون الرمادي على وجهها الآن ، مما جعل جونغكوك يعتقد بأنه قد بدأ يتخيل أشياء سيئة لم تكن هناك شيء.. ذكرت الدكتورة تشوي نمطاً من هذا النوع ، كيف كان شائعاً حقاً في مثل حالته.

"جونغكوك، هّلا قمت من فضلك بإيداع مؤخرتك في السيارة اللعينة!".

بدا صوته كثيراً وكأنه غاضب جداً ومحروماً من النوم على عكس جونغ هوسوك الذي يعرفه ويعتز به.

المسافة القصيرة للركض من المنزل إلى الطريق أغرقت جونغكوك تماماً ، حتى مع محاولاته المثيرة للشفقة لإرتجال مظلة من حقيبة يده.. سقط في مقعد الراكب ، وهز رأسه مثل كلب مبلل ، وهو يفرك وجهه بقوة.

"تبدو كالقرف"، لاحظ هوسوك، وأعطاه نظرة جانبية. "هل حدث شيء ما؟".

"ليس بالفعل، الأجوما أرعبتني واللعنة.. قالت بعض الهراء الغريب".

"مثل ماذا؟".

لقد حاول إخباره بالضبط مثل ماذا ، لكن هوسوك لم يكن مهتماً كثيراً.

"قالت بأنني أبكي أثناء نومي أيضاً"، قال جونغكوك، "موسيقاها عبارة عن عرض رعب لعين. من يستمع لذلك؟ والبيت دائماً رائحته نتنة من الملفوف اللعين ، إنه يقودني إلى الجنون".

"يمكنك الإنتقال يا صاح".

"لا ، أعني ، إنها رائعة في الواقع. إنه فقط هذا الصباح....".

بدلاً من التعمق في ذلك ، قاد هوسوك ببساطة ، ولكن ليس بطريقة يمكن تسميتها سريعة.. كان الأمر أكثر شبهاً بالزحف لتجنب الإصطدام تحت المطر ، لكن شيئاً ما في جونغكوك بدأ في التصاعد ، شيء فاسد ومقلق.

"هل يمكن أن تكون أبطأ؟" ، قال، و زفر نفساً.

حدق من خلال ضبابية المياه المتدفقة فوق الزجاج الأمامي.. كان ضغط المسّاحات ينمو ليصبح مزعجاً للغاية.

"إهدأ"، قال هوسوك بهدوء، "هم ، الجثث لن يذهبوا إلى أي مكان".

"جثث؟!".

"أجل"، سحب هوسوك الغمازات ، "إنهم عائلة".

***

الشارع بالكامل كان قد جُرد تقريباً من رصيفه ، المطر أغرقه لبحيرة طينية عملاقة.. اصطفت الأكواخ ذات الأسطح المصنوعة من الصفيح على جانبي الطريق الضيق مع الخردة المنزلية القديمة المتراكمة تحت خطوط الكهرباء المنخفضة.

ثلاجات صدئة وغسالات، الإطارات وأجهزة التلفاز الشبيهة بالفقاعات.. لم يستطع جونغكوك حساب عدد الدرّاجات أو الأحواض البلاستيكية.. كان كل منزل تقريباً يحتوي على مصابيح صغيرة متدلية تحت الأفاريز.

عندما وصلا إلى نهاية الشارع الفارغ ، أدرك جونغكوك بأن الحي بأكمله يشكل نوعاً من خلية بشرية حول مسرح الجريمة أمام الفناء الأمامي للمنزل الأخير على اليمين.. شاحنة تحمل شعار قناة تلفزيونية محلية تم ايقافها على الجانب الآخر، كان عندها رجلان يبدوان منزعجان من المطر.

لم يزعج هوسوك نفسه بأي أخلاقيات لإيقاف السيارة حيث انزلق متجاوزاً الحشد ، وهو يتعمد الإسراع قبل أن يتوقف بالقرب من السياج الجانبي.

"أنت وغد" ، ضحك جونغكوك.

عشرات المتفرجين، الذين أصبحوا الآن ملطخين بالطين، حدقوا في السيارة.

"ليس لديهم الحق في التحديق بمأساة شخص ما ، كما تعلم؟".

"أوه ، توقف عن الهراء"، هز جونغكوك رأسه وهما يشقان طريقهما بين الحشد.

الضابط كواك كان يحث الناس على إفساح الطريق بزيه الرسمي الغارق بالمطر ، ثم رفع الشريط الحاجز لهما.. القماش الأبيض جعل جسده المترهل مرئياً بشكل مؤلم.

"شكرا بيونغكيو"، أومأ هوسوك برأسه عندما صعدا إلى الفناء. "هل قمت بمقابلة الجيران بعد؟"، قال كواك بأنه لم يفعل. "حسناً، من قدّم البلاغ؟".

كواك فقط هز كتفيه.. كان الوضع برمته يثير حقاً صبر هوسوك السخي.

"حسناً ، احضر كانغ وباي ، واسألوا الجيران. وهذه المرة ، اكتب إفاداتهم بشكل صحيح ، هل فهمتني؟ جيد".

نظر جونغكوك حوله ، امتعض وجهه عند رؤية بحيرات البرك المؤدية إلى المنزل.. كان هناك حبل معلق عند البوابة مع نوع من مسحوق برتقالي متناثر تحته.. قد تكون أشياء طقسية ، خمّن لنفسه.

بيت كلب عند الجدار المُسيّج البعيد ، طبل مكسور في مكان قريب.. كانت هناك سقيفة صغيرة وبها حبل آخر فوق بابها المفتوح حيث كان شرطي شاب يُفرّغ أحشائه ويده ممسكة بالمقبض الصدئ.. تعرف عليه جونغكوك كواحد من صبية الدورية الذي كان من المفترض أن يقوم بمقابلة الجيران الآن.

"أنت تُفسد مسرح الجريمة اللعين" ، جونغكوك جعد أنفه، "لماذا لا يرتدي أحد القفازات ، بحق اللعنة".

"تساهل معهم، إنها المرة الأولى لهم".

مشيا متجنبان البرك التي فكر جونغكوك أنها تبدو وكأنها نفايات سامة أكثر من أي شيء آخر ، كلها حمراء وقذرة ، ولكن من المؤكد أنها لم تكن كذلك..في جميع أنحاء الفناء الصغير ، توجد برك غامقة من الدم المتجمد بالمنحدرات الطينية الصغيرة ، كما لو أن شخصاً ما قد تم جره حول هذا المستنقع القذر.

كان هناك أثر داكن على خشب الشرفة والرواق، العلامات الحمراء تختفي في ظلمة المدخل.. حبل آخر مثل الاثنين الذين رآهما بالفعل ، والمزيد من المادة البرتقالية أسفله.. ألقى هوسوك نظرة أفضل على تلك المادة المنتشرة فوق الخشب الجاف ، قائلاً إنها ربما كانت من الصلصال.

المصابيح الصغيرة تحت الأفاريز هنا كانت غير مضاءة وتهتز في الريح المعتدلة.. كان هناك وعاء غسيل أحمر أسفل الشرفة، والمطر يثرثر في قاعه البلاستيكي ، لكن جونغكوك شعر أنه يضرب داخل جمجمته بدلاً من ذلك.

كيم تايهيونغ ، الطبيب الشرعي ، كان مسترخياً مع سيجارة مثبتة بين شفتيه السمينتين ، وقفازاته الملطخة تتدلى من جيب سترته الواقية من المطر.. أومأ برأسه تحية لهوسوك وأخذ وقته اللطيف قبل أن يتحدث أخيراً.

"الكثير من العصير هناك"،قال بنبرة مستمتعة قليلاً، "أصابع مقطوعة ، أظافر منتزعة ، مثل. نجم سينمائي حقيقي".

الآن ، كان هذا الرجل مجرد متدرب يقوم بأداء فترة تدريب ما بعد التخرج في حفرتهم القذرة النتنة ، لكن الوغد هو من طلب هذا على وجه التحديد ، لذا لم يكن جونغكوك يشعر بالذنب بشأن الإضطرار لإلقاء القرف عليه بشكل منتظم ، ودائماً ما يبدأ تايهيونغ ذلك أولاً على أي حال.

بدا تايهيونغ اليوم سعيداً جداً.. تساءل جونغكوك عمّا إذا كان هذا مثيراً بالنسبة له ، لأنه أخيراً سيجعل نفسه بعمق كوعيه في الأعمال الورقة.

"أنت أعجوبة ، تايهيونغ"، قال هوسوك.

"هل حددت هويته؟"، سأل جونغكوك، واستدار كلاً من هوسوك و تايهيونغ ليحدقا به بطريقة توحي بأنه أحمق لعين تماماً، "ماذا؟".

"إنه منزل هوانغ يسام..هو مالك ذلك المخبز في وسط المدينة"، وضح هوسوك، "هل لمس أي شخص أي شيء؟".

"كواك كان أول من استجاب للبلاغ"، قال تايهيونغ ، وهو يومىء برأسه..كان صوته يحمل هذه العجرفة الكثيفة ، نفس الصوت الذي يثير استياء جونغكوك.

"هو لم يخبرنا بأي قرف. من قدّم البلاغ".

"الجار"، تحقق تايهيونغ من هاتفه ، "تشوي كوانغهو، صحيح.. أبلغ عن وجود اضطراب.. كما تعلم لقد كان الأمر روتينياً، مجرد متابعة، مثل. أصوات عالية ، صراخ ، صوت شجار، لذا قام مركز البلاغات بتوكيل كواك بذلك.. جاء وقام بتتبع الإجراءات المعتادة لأن البوابة الخارجية كانت مفتوحة ، ثم هذا الباب المفتوح.. واسمع هذا ، قام بإشعال الأضواء ، وقام بإغلاق الأضواء - وتقيأ في المكان بأكمله".

"اللعين المسكين"، قدم هوسوك، "أفهم من ذلك بأنك لم تعالج أي شيء؟".

"في الواقع ..."، بدا أن تايهيونغ مذنباً تقريباً، "فعلت..الضحايا فقط! ليس السقيفة رغم ذلك ، فقط المنزل"، أشار إلى حقيبة الأدلة والكاميرا.

"أوه ، هيا ، تايهيونغي"، زمجر هوسوك لكنه لا يزال قادراً على أن يبدو وكأنه عم لطيف،"أيها القضيب الصغير المتزمت ، أنت تعلم بأنه ليس هناك بروتوكول ، ليس حتى....".

"لكن كواك كان هنا بالفعل ، وهو مسؤول رسمي!".

فرك هوسوك وجهه ، "هل حركت الجثث؟ أي شيء؟".

"إهدأ. قمت بفحص الأدلة البصرية فقط".

"حسناً ، اللعنة. إذاً ما هو الوضع؟".

"النساء متواجدات في المنزل.. هوانغ والطفلة في السقيفة".

"حسناً، أين دالسو شي؟".

"لا أحد يستطيع الوصول إليه".

"ماذا تعني بأن لا أحد يستطيع..."، كان هوسوك قد حصل على القليل من التورد، كما لو كان يقترب من شكل جديد من الإحتراق.

كان غو دالسو هو الطبيب الشرعي الوحيد لديهم ويعمل في أوكبو ، لكن كان من المفترض أن يُجيب على كل مكالمة لمهمة خاصة.. كان بإمكان جونغكوك رؤية أن هوسوك يبدو منهكاً حقاً في الصباح.. يبدو نوعاً ما ميتاً ، ربما بدأ بالتحلل في المرحلة الأولى.

صرخ هوسوك في وجه شرطي الدورية بالقرب من السقيفة ملوّحاً له للقدوم، وضع يده على كتفه المتوتر وبدا الصبي المسكين وكأنه أخضر الوجه.

"أحضر لي شخصاً يعمل في مكتب الطبيب الشرعي ، حسناً؟ أحضر لي غو دالسو، اجعله يأتي واللعنة إلى هنا".

أومأ الصبي برأسه بشكل محموم وانطلق بعيداً نحو سيارة الدورية في الشارع.. كان يضغط قبعته العسكرية على رأسه لمنعها من السقوط.

شاهد هوسوك انسحابه المُحرج بوجه متورم، "نحن مثل الأطفال هنا ، بحق اللعنة.. غارقين بالفعل حتى اثدائنا ... "، تنهد، "سيكون كابوساً من الأعمال الورقية.. ما الذي يفترض بي أن أقوله لسونغ؟".

"لا تكن نكداً"، هز تايهيونغ كتفيه، "من يبالي واللعنة. سيرسلون حفنة من رجال المدينة الأوغاد لتولي هذا الأمر على أي حال ، كما تعلم".

تنهد هوسوك بصوت أعلى، "هيا ، سِر بنا من خلال كل ما جرى.. دخن لاحقاً".

"السير بكم ليس وظيفتي".

"هل تقول بأن كواك من يجب أن يفعل ذلك؟ انظر إليه ، هيا".

استدار الثلاثة ليلقوا نظرة على الحشد حيث كان كواك يحاول تفريق الجميع ، بما في ذلك طاقم الأخبار.. وكما لو كان عند ذكره ، انزلق وهبط في الوحل بصفعة غنية.

"أجل، أجل ، حسناً ، أعطني ثانية"، قال تايهيونغ.

أطفأ عقب السيجارة مباشرة على الشرفة - ومثل..بحق اللعنة؟- أخرج مصباحاً كشافاً من حقيبته.

بمجرد دخولهم ، ضُرب جونغكوك برائحة قوية وراكدة للغاية ، سقطت مثل شيء ثقيل ولزج في حفرة معدته.. احتفظ بها محاولاً تحديد التفاصيل.. جاء العرق والدم أولاً ، ثم نفحة القيء والفاكهة الناضجة.

أشعة المصباح اليدوي ،قطعت المكان لتلتقط لمحات من محيطها وتشكل صورة في النهاية.. كان المنزل صغيراً ، غرفة واحدة فقط تجمع بين غرفة نوم وغرفة معيشة ومطبخ.. في الضوء المحدود ، كان بإمكانه رؤية فوضى تتفق مع حدوث شجار.

"حسناً، لا يوجد دخول قسري ، هذا حقيقي"، تمتم هوسوك. "يا لها من فوضى رغم ذلك.. أي شيء مسروق؟".

"لم أتحقق. لم أكن أريد إفساد مسرح الجريمة أكثر"، وجّه تايهيونغ الضوء إلى طاولة المطبخ. "الأم".

"اسمها سويون" ، قال هوسوك ، متجهاً إلى جونغكوك.

"تيبس أعضائها غريب ، لكنني أخمّن بأنها ميته منذ خمس ساعات على الأقل"، تابع تايهيونغ ، "سنعرف المزيد بعد فحص الطبيب الشرعي الأولي".

جثم هوسوك وهو يرتدي القفازات.. كانت المرأة مستلقية على جانبها ، منكمشة في وضعية الجنين.. ركبتاها مشدودتان إلى صدرها ، وشورتها القصير يكشف بأن ساقيها مغطيتان بعلامات مخالب ، ويداها متشابكتان تقريباً كأنها تُصلي أمام وجهها الشاحب.

انحنى هوسوك إلى الخلف ، ووجد الدعم على كفه،"هل يمكننا الحصول على بعض الضوء اللعين هنا؟".

"هيونغ ، لا يمكننا فعل ذلك".

نقر هوسوك على لسانه فقط، "كل شيء قد تم إفساده واللعنة بالفعل بالنسبة لما يتعلق بالإجراءات ، لذا قد نتجنب أيضاً التحرك كالعميان في هذا القذارة".

سرعان ما امتلأت الغرفة بالضوء الباهت لمصباح السقف الفردي.. بريقه رسم جلد المرأة باللون الأصفر الغامض ، ولم يبقى سوى ذراعيها ورقبتها بهذا اللون الأحمر الصارخ.

اقترب هوسوك لفحص جسدها ببطء..قدميها المصابة،ملابسها المتسخة ، أصابعها المتيبسة والتي فقدت معظم أظافرها ، ثم شعرها القصير الخشن، كان لزجاً بالدماء.

"ملابسها"، بدأ هوسوك ، "لا بد أنها كانت تعمل.. ليس بالخارج رغم ذلك ، فالجو بارد جداً لذلك. ربما كانت تغسل الملابس وذهبت إلى الشرفة لتصريف المياه ، وحينها رأت المهاجم ، وأسقطت وعاء الغسيل وركضت...".

نظر إلى أثر خط الدم المتدفق من الشرفة.

"...لكنهم أخذوها قبل أن تتمكن من الدخول.. حاولت الزحف مبتعدة، وقد ذهبت لمسافة بعيدة رغم ذلك.. أياً كان المهاجم، ليس من الممكن أن يكون وزنه ثقيل، لكن أظافرها....".

أدار هوسوك قليلاً راحتيها المشابكتين، مُظهراً لحم أصابعها.. وجّه الضوء تحت الطاولة حيث تم خدش لوحين أرضيين عريضين بشكل لا يمكن إصلاحه.

"ها هم هناك".

خطوط طويلة وفوضوية تم نحتها في الخشب ، وانحنى جونغكوك ليجد أظافر ملتصقة بالسطح.. كانوا بطلاء وردي ، وهناك خدوش فوقهم. كان لبعضهم قطع من اللحم ملتصقاً بأطرافهم غير المستوية.

"أتساءل ما الذي يمكن أن يكون مروعاً للغاية"، قال هوسوك، وحاول فك يديها لكن دون جدوى.

"ياله من تيبس شديد" ، تمتم جونغكوك ، وهو يتجول حولها. "هيونغ ، تحقق من التمزقات الجلدية".

أطلّ هوسوك على ساعديها ، إحدى أصابعه المغطاة بالقفاز تتبعت جرحاً واسعاً.. أحصى عدداً قليلاً على كل ذراع ، كلها تقريباً بلون أسود تحت طبقة الدماء.

"العظم مرئي"، قال له ،"ليس سكيناً، أو أي شيئ قاطع حقاً... الحافة فوضوية للغاية.. شيء غليظ لكنه حاد بما يكفي لتمزيق الجلد والعضلات.. لا أعتقد بأنه ....".

أشار إلى جونغكوك لإعطائه المزيد من الضوء.

"تبدو مثل الأسنان...".

"حيوان؟".

"لا أدري. رقبتها مع ذلك ، انظر، الشكل والمسافة بين العلامات.. صغيرة جداً لأي كلب، أنيقة جداً لأي كلب".

"ماذا تقول؟".

"أنا أقول بأنها تبدو مثل أسنان الإنسان ، جونغكوك".

الكلمات كادت أن تجعله يُسقط المصباح.. انحنى لإلقاء نظرة أفضل حيث كانت رائحة الدم والقيء أقوى.

كان الأمر محيراً إلى حد ما ، ما رآه جونغكوك.. بدا الأمر كما لو أن رقبة سلحفاة دموية رفعت إلى فكها ، تم اقتلاع جزء كبير من لحمها ، لكنه لم يكن كبيراً بما يكفي ليكون من عمل الكلب بالتأكيد ، ولكن من الواضح بأنها كانت عضة.

"كيم تايهيونغ شي"، جونغكوك سلّم تايهيونغ مصباحه اليدوي ، "هل يمكنك مساعدتي؟ سأحتاج فقط للحظة".

مع وجود ما يكفي من الضوء على جسدها الآن ، يمكن لجونغكوك الرسم بسهولة.. جثم ، وسحب دفتر رسوماته، وسرعان ما حدد ملامحها.. قلم الرصاص كان يحتاج إلى شحذ لكنه فعل ذلك بسرعة كبيرة ، مع التأكد من إعطاء العنق والذراعين مزيداً من التفاصيل.

استطاع أن يشعر بنظرة هوسوك الثقيلة على جلده لكنه اختار تجاهلها لصالح إنهاء الرسمة.. بدت جيدة بما يكفي لإستخدامها لاحقاً ، لذلك أعطاها تقييماً نهائياً وأغلق الدفتر ليضغطه تحت ذراعه.

ثم انتفض فجأة شيء ما في المحيط.. ابتلع جونغكوك ، غير متأكد ما إذا كان يجب أن ينظر.. المزيد من الحركة ، ثم هوسوك شهق إلى جانبه.

وجهها.. كان وجهها.. كانت شفتاها تتحركان.. جفل هوسوك في مكانه ، وشاهد برعب بينما بدأ فمها يتحرك.

"ماذا بحق...؟"، قفز جونغكوك على قدميه وتراجع خطوة للوراء.

سقط فمها منفتحاً ، فقط ليخرج فأر مبتل.. كان فراءه لزجاً بالغضاريف.

بدأ هوسوك فجأة في الضحك ، "أصابني بنوبة قلبية".

"أليس الوقت مبكراً بالنسبة لهم؟"، بدا صوت جونغكوك مهتزاً حتى لأذنيه.

نظر مرة أخرى إلى الأسفل ورأى هوسوك يبتسم له، "جونغكوكي، هل أنت خائف من الأشباح؟ أو ربما من الجثث المتحدثة؟ تبدو شاحباً بعض الشيء".

"هيونغ ، اخرس"، زمجر، "أنت الشخص الذي كاد أن يبكي".

"أياً كان ماتقوله"، أغاظه هوسوك وتحرك ببطء عبر المطبخ. "مذبح منزلهم لم يُمس.. غريب".

تتبع جونغكوك طريقه إلى السرير، ونظر إلى المناطق المحيطة أولاً ..لم يلاحظ حقاً أي علامات على وجود قتال في هذا الجانب من الغرفة.

"يبدو أن القتال كان مقصوراً على المطبخ"، قال ، "لكن لا يمكن أن تكون الأم...".

كان الجسد هنا مفلطحاً على الأغطية ، بطريقة جعلتها تبدو شبه مسترخية، وكأنها كانت نائمة عندما وصل إليها المهاجم ، وكأنها لا تزال نائمة الآن.

سعل جونغكوك وشد على قفازاته بصعوبة، "إذاً، ماذا عنها؟".

"شين هوجونغ"، قال تايهيونغ، "والدة زوجها، يا رجل ،كانت عجوز صغيرة مضحكة".

كانت المرأة العجوز ترتدي الهانبوك ، القميص أبيضاً والتنورة منقوشة بلون أخضر كالغابة.. تم نقع القماش تماماً بالدماء من فوق الشريط.. رغم ذلك، فلا يزال بإمكانه أن يرى بأنه باهظ الثمن.

"كان لديهم أمراً عائلياً .. لم تكن لتلبس شيئاً باهظاً كهذا لولا ذلك"، أدار رأسها قليلاً إلى الجانب لإلقاء نظرة أفضل، "جروح متعددة على الرقبة"، عدّ واحداً وعشرون، "تبدو عميقة.. من الواضح بأنها مبالغة بالقتل ..تبدو مُقشّدة، واللعنة ..."، نظر بشكلٍ أقرب ، ورأى الجروح الفوضوي، "لم يكن دقيقاً رغم ذلك.. ربما تحفز بسبب اللحظة؟".

"بماذا تفكر؟"، سأل هوسوك من مكانه عند خزانة الكتب.. كان يدرس الرفوف.

وضع تايهيونغ علكة في فمه ، مبتسماً في وجه جونغكوك.

صك جونغكوك على أسنانه، "هيونغ"، قال لهوسوك، "لا أريد القفز للإستنتاجات ،لكن الأمر يشبه.. إنه عفوي ومكثف، نعم ، لكنني لن أسميه .. شخصياً؟ أو عاطفياً".

"كان بإمكاني أن أخبرك بذلك"، قال تايهيونغ ولايزال مبتسماً، "لقد نزفت بسرعة كبيرة.. ربما كانت مشلولة جداً على التحرك.. ليس بالضبط فيزياء الكم".

"أنا فقط أقوم بعملي ، حسناً؟"، قاوم جونغكوك الرغبة في لكمه،"ليس خطئي بأنه لا يمكنك اتباع الإرشادات.. ربما تكون هذه الطريقة التي تقومون بها في المزرعة....".

"اسمع ، ياوغد المدينة الصغير...".

"يا رفاق ، ربما يجب أن تكونا في الجانب الإحترافي أكثر من ذلك بقليل"،تدخل هوسوك، "اتركا فحولتكما العظيمة بمقارنة حجم خصيتيكما لما بعد ساعات العمل".

بدا هوسوك منزعجاً للحظة قبل أن يستأنف بحثه.

"كل المجوهرات في مكانها ومدخراتها كذلك، لكن هنا"، أشار إلى بركة الدم المتخثر تحت خزانة الكتب ،"يبدو أن شخصاً ما كان ينزف لفترة من الوقت..جالساً..مستنداً على الرف السفلي، ثم تغير النمط ، هل ترى؟"، تتبعت عينيّ جونغكوك النمط الأحمر الذي أدى إلى الباب، "خذ تخميناً جامحاً إلى أين سيقود".

السقيفة، فكر جونغكوك، وأعاد انتباهه إلى الجدة.

"لا توجد علامات أخرى مرئية هنا"، سحب بعناية أكمامها إلى مرفقيها، "لا توجد جروح دفاعية.. لا أستطيع حقاً تحديد ما إذا.. انتظر....".

وصل من فوق جسدها إلى شيء ما يلمع على الأرض.

"إبرة حياكة...".

سخر تايهيونغ في ذلك ، وهو يربت على كاميرته ، "هنا بالفعل ،يا أشعة الشمس.. كما قلت ، لا يتطلب الأمر عبقرياً".

"دعونا ننتظر تشريح الجثة"، ذكّرهما هوسوك بصبر، "رغم ذلك، فهناك شيء واحد واضح، طريق الصراع؟ لم يكن أياً منهما..كانت سويون هي أول من تم مهاجمتها ، على الأرجح".

"هيونغ ، لا أرى الكثير من الصراع هنا أيضاً.. الفراش مجعد ، الوسادة منزوعة ،لكن هذا كل شيء..هي لم تتحرك".

"هل تعتقد أنها كانت نائمة عندما حدث ذلك؟".

"إذا كانت لديهم مناسبة ما ، فمن الممكن أنها كانت منهكة لذا نامت، واستيقظت بعد فوات الأوان على التحرك بشكل صحيح أو حتى خوض قتال".

"ربما ، نعم.. هل لديها أي جهاز للسمع؟".

لم يكن هناك أي شيء على جسدها ، لكن بعد بحث سريع ، استعاد جونغكوك الجهاز من تحت السرير.

"لا بد أنه سقط من المنضدة الجانبية"، قال له ، "هذا يشرح سبب عدم استيقاظها من الصراخ بذلك الحين".

"كيف فوّت ذلك؟"، رفع هوسوك حاجبيه في تايهيونغ ، وبدا الآخر وكأنه مستعد للدفاع عن نفسه بصوت عالٍ جداً، "حسناً، خذ الأمر ببساطة، هذا يحدث.. فقط انفض البصمات عنها ، تتبع الأثر ، قم بعملك".

"لا أستطيع الإنتظار للتعامل مع هؤلاء اللعناء من مختبر بوسان".

"ليس الأمر وكأن لديك المعدات هنا"، سخر جونغكوك.

"يمكنني فرزهم في دلو لعين به مجموعة من الحصى ، لا يهمني".

"لا تكن نكداً"، قال هوسوك وهو يربت على كتفه.. نقر أصابعه لجونغكوك مشيراً إلى الخارج ، " كوك، السقيفة".

***

كانت السقيفة الصغيرة ذات سقف الصفيح قاتمة ورائحتها لا تختلف عن رائحة المنزل.

تحت المصباح العاري في المنتصف ، كان رجل كبير الحجم ممدداً على بطنه وذراعه ممدودة أمامه ..كان هناك شيء مشدود بيده المتيبسة ، بينما ذراعه الأخرى مضغوطة تحت وزنه.

لا توجد جروح ظاهرة -على الأقل من هذا الموضع لم يستطع جونغكوك رؤية أي ضرر- لكن البركة الداكنة يجب أن تكون قد أتت من مكان ما.. البطن.. خمن جونغكوك، واكتشف بأن اليد الأخرى قد استخدمها لإيقاف النزيف.

"الأحشاء"، تمتم جونغكوك، "من المؤكد أنه كانت لديه".

ملاحظة: جونغكوك تلاعب بالمعنى حيث استخدم كلمة أحشاء والتي تُستخدم أيضاّ للإشارة إلى الشجاعة أو العزيمة.. أي أن الرجل كانت لديه عزيمة لإيقاف النزيف.

"إنه مُتأنق أيضاً"، علق هوسوك وهو يجثم بالقرب من ظهره، "حسناً، هذا يبدو وكأنه نوع جديد من الرعب".

انحنى جونغكوك ليُضيء وجه الرجل ويمكنه فقط التحديق بصمت.

لقد تحوّل إلى ظل غريب من اللون الأزرق الباهت ، بينما كانت عيناه منتفختان ، وفمه متجمد بإلتواء فظيع.. استقام جونغكوك وهز رأسه للتخلص من الضغط الذي كان يتراكم في صدغيه الساخنين، فجأة تحوّل إلى البرد بدلاً من ذلك.

ركز على المناطق المحيطة.

كان أثاث السقيفة محدوداً ، حيث لم يكن هناك سوى عدد قليل من الرفوف مع بعض الأدوات فوقها ، وطاولة صغيرة بها كومة من الأطباق المتسخة ، ومذبح منزلي آخر بأوعية معاد تعبئتها حديثاً.. انتقل جونغكوك إلى الزاوية ورأى بأن سجادة الأرضية الرقيقة قد تم لفها فوق غطاء بلاستيكي كبير.

ملاءات قذرة على الفراش ، بدون وسادة ، لكن كانت هناك قيود ملفوفة متكدسة، هذا النوع من القيود ذو الجلد البني مع الأحزمة ، بدت مثل تلك الأشياء التي يستخدموها في المستشفيات لمرضى الهذيان الذين رفضوا العلاج.

كان هناك لحاف ملطخ ومتكوّم على البلاستيك اللامع ، في بركة من الدماء الطازجة.. أزال اللحاف جانباً، ووجد جونغكوك جثة لفتاة برقبة شاحبة وهانبوك لامع غارق بالدماء.

استغرق الأمر منه لحظة حتى يستقر ، ولكن بمجرد أن حدث ذلك، شعر بضربة مؤلمة في معدته.

كان الوجه به مسحة صفراء مخضرة ، مشوهة ومتألمة وتذكره بطريقة ما بوجود حيوان.. عيناها العمياء الليلية حدقتا به بالمقابل بفراغ .. كانت هناك قشرة صفراء في زوايا جفونها المنتفخة الملتهبة ، وفمها المرتخي كان متسخاً بالدماء وملطخاً بالرغوة الجافة.. عالقاً بين أسنانها ، أجزاء معضوضة من... شيء ما... قُطع حلقها من الأذن إلى الأذن ، ولا يزال هذا الدم الكثيف الداكن ينزف منها.. بدا مثل القطران.. كما أنه لم يكن منطقياً.

"هل تم إيجادها هكذا؟"، فحص جونغكوك بطانة اللحاف. "يبدو بأنه قد تم تغطيتها مؤخراً".

"ربما واحد منا".

"اسمع ، الدماء ، وجلدها ، تقريباً.. يبدو أنها ماتت قبل دقائق.. كيف هذا ممكن؟".

"لا تسألني، انتظر تشريح الجثة".

ركز جونغكوك على الحافة الموحلة للتنورة ، ثم على ذراعها الأيسر الذي كان يحجبه القماش الباهظ.. كان يعتقد أن الأوان قد فات على الإهتمام بالحفاظ على أي مسرح جريمة في هذه المرحلة ، فقام بنفض الحرير على الجانب ووجد كفها الصغير مفتوحاً وملطخاً بالدماء.. سكين نحت ، شيء يُستخدم للأسماك النيئة ، لامع في المسبح المجاور لها.

"أراهن بأن جروح الرجل ستتوافق مع السكين"، أشار هوسوك وهو ينظر إلى وجه الفتاة، "لقد رأيت وجهاً كهذا من قبل".

"ماذا ، في فيلم زومبي؟".

"في مرضى داء الكَلَب"، أطلّ هوسوك عليها، "هذا بالضبط مثله".

"لكانوا سيأخذونها إلى المستشفى".

"هذا القرف يعني موتاً سريعاً وبشعاً بمجرد ظهور الأعراض.. لا جدوى من المستشفيات ما لم تكن تخطط لتقييدهم حتى الموت".

"إذاً، تركوها تموت في المنزل؟".

"حسناً، لقد مر حوالي أسبوع من الألم الرهيب، العدوانية الشديدة، الهذيان، التهاب الدماغ ... على الأرجح تم الإبقاء عليها هنا. ثم بعدها كما هو واضح شيئ ما قد حدث".

امتد الصمت القاتم بينهما.. في النهاية بدا أن هوسوك قد سئم من الشعور بالإنزعاج ولعن.

"أين الطبيب الشرعي اللعين؟"، نظر إلى الفتاة مرة أخرى واستدار نحو المخرج، "جونغكوك، لقد انتهينا هنا".

"سآخذ لحظات فقط"، جلس جونغكوك القرفصاء بجانبها مع دفتر رسوماته وقلم الرصاص، "ساكون هناك".

"اسمها هوانغ مينام"، قال هوسوك لسبب ما.

لمحاربة الغثيان المألوف ، بدأ جونغكوك في رسم وجه هوانغ مينام الذي لا حياة به.

***

لقد توقف المطر وأصبح الجو الآن مكتوماً ورطباً.. مرتجفاً في سترته الرقيقة ، جونغكوك تبع هوسوك في جميع أنحاء الفناء أثناء فحص المحيط بحثاً عن أي شيء مفيد.

تضمنت النتائج طبلاً آخر ، وسكيناً صدئاً سميكاً ، وأوعية من كعك الأرز ممتلئة بالمطر ، ومجموعة متشابكة من الأشرطة تستريح على كومة جديدة من الأوساخ كما لو سقطت عن طريق الخطأ.

"غريب جداً"، تمتم هوسوك، "كل هذا.. غير منطقي. حتى هوانج ييسام".

"ماذا عنه؟".

"في قبضته"، انحنى هوسوك على البئر لينظر بالداخل ، "كان لديه خصلة من الشعر، طويلة، ممزقة ودامية".

كان البئر جافاً.

"شعر مينام...".

الطين جعل من المستحيل تتبع خطى أي شخص أو تحديد الكثير على الإطلاق.. حوّل هذا المطر المشهد إلى فوضى واحدة متسربة.. نظر جونغكوك إلى حبال الغسيل التي تم تعليق الأسماك عليها لتجفيفها ، وهي تُحرك ذيولها في مهب الريح.

"أياً كان ما احتفلوا به ، فقد أقاموه بالخارج"، قال هوسوك وهو يشير إلى كومة التراب، "لماذا يحفرون في الليل؟".

"ليحافظوا على لياقتهم الجسدية؟"، قال جونغكوك ، وهو يشعر بقليل من المرح.

"ليس الجميع مثلك ،جونغكوك"، ضحك هوسوك، "هذا فقط عديم الفائدة. لنذهب".

"هل يجب أن نتصل بأوكبو للحصول على رجال لتمشيط المكان واستجواب الناس؟".

"بأوسع مايمكن، لكن هذا ... لا يبدو وكأنه عمل شخص مختل تقليدي.. هل تشعر بذلك أيضاً؟".

"قليلاً ، نعم".

هز جونغكوك كتفيه. وبدا هوسوك غير راضٍ عنه.

سارا عبر الوحل إلى البوابات حيث كان الحشد لا يزال يحدق.. كان طاقم الأخبار - رجل هزيل المظهر وكأنه مريض مع رفيقه مصور الكاميرا - يندفعان بالفعل في اتجاههما.

"أيها المفتش" ، قفز الهزيل عليهما بمجرد خروجهما ، "أيها المفتش ، هل يمكنك إخبارنا بما حدث؟ ماذا وجدت في الموقع؟ هل هي طائفة دينية؟ هل يمكن أن تكون طائفة تعبد الدماء ، هل هي رسالة؟ في رأيك ، ماذا يعني ذلك لمجتمعنا؟".

"لا تعليق"، لم يأبه هوسوك حتى في إلقاء نظرة، "يجب أن تعرف أفضل من أن تضغط على قضيبي ، جيهوون. والآن انصرف".

لم يسأل جونغكوك عمّا يدور هذا ، لكن هوسوك كان لا يزال يتمتم كيف أن هذا السيء المحب للجدل فقط يتنقل في المساحة ليصطاد الأخبار.

أسقطا القفازات في المقعد الخلفي ، لكن هوسوك لم يكن في عجلة من أمره.. كان على الراديو اللاسلكي بسرعة متحدثاً إلى مركز البلاغات، وهو يتكىء على باب السائق.. سمعه جونغكوك وهو يقول شيئاً عن الطبيب الشرعي اللعين.

"تحقق واثبت"، قال هوسوك في جهاز الاستقبال.

اثبت، فكر جونغكوك. الثبات هو ما كان ينقصه.

نظر جونغكوك حوله، وقد أصبح بإمكانه التقاط الصورة بشكل أفضل الآن.. كل شيء رمادي باهت، والناس الجشعون يتدفقون في الهواء الكئيب الهش.. لا يرى الكثير من الناس حلق شخص ما تم نزعه ، وبالتأكيد ليس حلق جارهم.

ثم سمع شيئاً.

صوت.

مثل نقرة في رأسه ، مفتاح قد تم تشغيله.

تلاشت كل الأصوات وزاد الضغط على صدغيه.

حثته بعض القوى غير المرئية على أن يرفع نظره، على أن يبحث عنه ، وعندما وجده ، رأى بأنه رجل.

وقف الرجل على الجانب الآخر من مسرح الجريمة ، أمام كشك طعام مهجور.

كان شاباً ، حليق الذقن ، ونوعاً ما في غير مكانه.. توهجت بشرته مع قطرات المطر حتى في هذا الضوء.. كان شعره جافاً ، لكن قميصه الرقيق المصنوع من الكتان الخشن غارقاً تماماً.. كان ملتصقاً بصدره العريض ، مثقلاً بحزمة من القلائد الثقيلة.. بدا أن عينيه ، المغطاة بخصلات طويلة حبرية ، تحدقان مباشرة من خلال جونغكوك.

ثم وجدت عينيه التركيز.

كاد جونغكوك أن يتأرجح في مكانه من هذه الموجة الملموسة للحرارة التي اندفعت من خلاله عندما التقت أعينهما ،بشكلٍ صحيح .. لم يكن يبدو أن شيئاً يتحرك في جسد الشاب.

صوت جديد في رأس جونغكوك، مثل همسة من أوراق الشجر أو الأصوات.. لقد شكلت أغنية قديمة في منتصف كل شيء ، وتجمد العالم.. أبقاه شعور رهيب بعدم الإرتياح متجمداً في مكانه حيث كان يقف مرتجفاً من النقص المفاجئ للأصوات، ويحدق بالمقابل.

مد الشاب يده ببطء ليلمس شفتيه ، بلا كلمات ، ثم غطى فمه.. لم يكن يبدو بأنه يرمش.. استمر التجميد عدة ثوان ثم أسقط الشاب يده ، واندفعت كل الأصوات والألوان مرة أخرى بقوة وكأنها تعتدي على حواس جونغكوك.

شهق جونغكوك، واستدار.

"ما الخطب؟"، كان صوت هوسوك هادئاً. وقد انهى مكالمته للتو، "هل أنت بخير هناك؟".

"أجل"، نظر جونغكوك من فوق كتفه، "من هو هذا الشاب؟".

"من؟ ذلك؟"، ابتسم هوسوك، "جيمين؟".

"يبدو مريباً لك؟ نوعاً ما غامض".

"من؟ جيمين؟"، نبح هوسوك ضاحكاً على ذلك.. شعر جونغكوك بارتفاع حرارة وجنتيه، "أنت مضحك. هذا فقط جيمين".

"نعم ، فهمت ذلك ، ولكن ماذا يفعل؟ لماذا يوجد هنا؟ أن يتصرف..بغموض".

"ربما يكون قد فات انتباهك ، لكن المدينة بأكملها هنا"، سقط هوسوك أخيراً في مقعده وشغل السيارة، "جيمين هو فقط جيمين.. إنه غير مؤذي.. هيا".

كان لا يزال جونغكوك يشعر ببعض التردد ، حتى من خلال وخز الإحراج.

نظر مرة أخرى ، ملاحظاً ظهر جيمين المغادر.. كان هناك شيئاً كبيراً أسفل القميص بالقرب من القماش الشفاف.. شيء مكتوب أو نقش داكن أو صورة.. أدرك جونغكوك أنه كان نوعاً من الوشوم.

لم يكن هناك الكثير من الأشخاص غير المؤذيين الذين لديهم أشياء من هذا النوع في أي مدينة كبيرة ،فكّر جونغكوك، وهو ينزلق إلى الدفء النسبي للسيارة.. ولكن مرة أخرى ، لم تكن هذه مدينة.

"إلى أين؟"، تنهد.

"لننهي الجزء الأكبر من الأعمال الورقية الأولية.. سيستغرق التشريح قرناً آخر. وإذا كان من يقوم به هي المؤخرة المحترمة للدكتور غو دالسو ، فتوقع التقرير العام المقبل".

"هل يمكننا الحصول على بعض البولغوغي أولاً؟ أنا أموت".

"لا شيء يؤثر على معدتك ، أليس كذلك؟".

بينما كانا يقودان سيارتهما ببطء على طول الشاطئ ، مروراً بالفنادق نصف الفارغة والمراسي الخاصة ، بدأ جونغكوك يشعر بأن هناك حافة لهذا الأمر برمته لم يستطع أياً منهما استيعابها تماماً.

ربما كان شيئاً آخر ، لكن العلامة على ظهر ذلك الرجل المدعو بجيمين ، والصارخة جداً على الجلد الملطخ بالمطر ، لم تترك عقله.

***

"العصائر كثيرة هناك"، قال هوسوك ، ووجهه متوهج بالإحمرار تحت أضواء النيون في الردهة، "أظافر مقطعة".

أظافر مقطعة...

رمش جونغكوك، الردهة كانت مغطاة بالجثث ، وشظايا الزجاج اللامع ، والدماء ، وبدأت الخطوط الصلبة لكل الأشياء من حوله تتلألأ.

كان هوسوك متكئاً على الحائط بجوار الباب ، الغرفة الوحيدة ذات الباب المغلق في المكان بأكمله ، وكان يمضغ ورقة النعناع.. هل كان النعناع؟ شيء عشبي بقوة.

"هيا ، يافتى. لقد حصلنا عليه تقريباً".

عندها نظر جونغكوك إلى الأسفل ووجد يده ملتوية حول سلاح ناري.. كان إصداره من الشرطة و زر الأمان مغلق.. نظر إلى هوسوك مرة أخرى ، ولكن هذا الوجه المتوهج تغير ، وأصبح وجه بارك جيمين.

عرف جونغكوك بأنه كان حلماً.

كان لديه عدد قليل من أولئك الأحلام مع بارك جيمين يتسكع بهم.. هذه المرة بدا جيمين مختلفاً ، أكثر حياة مما كان عليه عندما رآه جونغكوك لأول مرة ، في موقع الجريمة، أو في الليلة الماضية بحلم آخر.

"هذا لأنني أنا"، ابتسم جيمين ، وكان شعره الأسود المتألق لامعاً.

ابتلع جونغكوك، وفحص مسدسه مرة أخرى قبل مواجهة الباب.. لم يكن هناك رقم عليه، "هل أنت متأكد من أن كويك موجود هناك؟".

"كويك هناك"،قال جيمين ، "كويك هناك".

كان يبدو أن الصوت يأتي من داخل رأس جونغكوك نفسه.. لم يسمع جيمين يتحدث أبداً، فلماذا كان متأكداً جداً من أن هذا، هنا، هو صوته الحقيقي؟.

جيمين تحرك ، طرق الباب مرتين، "هل أنت هناك؟".

فُتح الباب ببطء..كان جونغكوك يتقدم إلى الداخل ، في الظلام الأزرق للغرفة التي بدت وكأنها داخل السقيفة.

السقيفة مع الفتاة ، هوانغ مينام ، ووالدها المٌنتزعة احشائه.. لكن هذه المرة لم تكن هناك فتاة ترقد في الزاوية ، ولا أب منتفخ في المنتصف.. لكن تحت المصباح العاري ، في بركة من الدم المتجمد ، وقف صبي.

الصبي من المنزل ، الصبي ذو العيون الميتة.. كان لا يتحرك ، صامتاً.

حتى فتح فمه ليقول، "لم أرك منذ وقت طويل",

وبينما تصبح الغرفة ضبابية ، تم إغلاق الباب خلف جونغكوك بقوة، وتلاشى كل شيء في الظلام.. أغنية جيمين ، مثل الهمسة البعيدة ، ملأت أذنيه حتى شعر بنفسه يُصاب بالصمم.

استيقظ جونغكوك على ضوء الغرفة السيئ ، لاهثاً بثقل، رأسه بارد.. كان غارقاً في العرق، ورئتيه تؤلمانه.. رمش بسرعة ، وحاول أن يهدأ.

كانت هذه غرفته فقط ، وكانت السيدة كيم تشخر خلف الحائط ، وكان كل شيء حاداً وحقيقياً.

"لم أرك منذ وقت طويل"، زفر، "فقط دعني لوحدي".

لقد احتاج حقاً إلى بعض المهدئات اللعينة.

ˍˍˍˍˍˍˍˍˍˍ

"إذاً، لماذا بالضبط طلبت من بارك جيمين مساعدتك؟".

لم يجب جونغكوك.. لقد كان سارحاً بهدوء بعد أن أعاد سرد تلك الرحلة الفوضوية في مسرح الجريمة.

الأمر كان ، أنه كلما طلبت هيوون المزيد من التفاصيل عن بارك جيمين ، وبإصرار شديد ، كان يقتضب كلامه حيث ذكر فقط أنه رآه في مسرح الجريمة ، ثم ظل يتهرب بعدها.

بدا أن خط الإستجواب هذا كالإصطدام بالجدار معه.. كان على هيوون أن تبتعد أكثر عن السطح ، ثم تحفر قليلاً في الخلفية.

"بالمناسبة جونغكوك، أخبرني عندما قابلت هوسوك لأول مرة".

ظهرت ابتسامة خجولة على وجهه المتوتر،"ماذا قال لك هيونغ عني بالضبط؟".

ضحكت هييون وعبثت بالمسجل.

كان هوسوك قد مازحها عن ذوقها المبتذل للأشرطة الصغيرة قبل أن يخبرها بالفعل عن قضية هوانغ.. لقد طلبت منه التحدث عن شريكه المفقود ، لأنها واجهت مشاكل في العثور على جيون جونغكوك، وقد قال هوسوك لا داعي للقلق وأنه سيعطيها الجوهر.

كان لدى هوسوك أيضاً قطة حمراء ، شيء يشبه الرسوم المتحركة حقاً مع كل خطوطها وشواربها.. كان يشتم القطة كثيراً لكنه يخدش تحت أذنها كلما زحف الشيء الرقيق إلى حجره.

استمر في فعل ذلك بينما يغوص أخيراً في موضوع جيون جونغكوك، تقريباً كما لو كان يريد أن يفعل شيئاً بيديه.

"كيف كان جونغكوك؟"، سألته.

"هادئاً نوعاً ما، متوتراً بعض الشيء"، هزّ هوسوك كتفيه. "تمكنت من أعرفه بشكل جيد فقط بحلول الوقت الذي حدثت فيه جرائم القتل لهوانغ.. لقد كنا حينها شركاء منذ متى..خمسة أشهر ، لكن الفتى كان لا يزال منغلقاً نوعاً ما ، كما تعلمين ، مثل...".

هسهس على القطة حين عضت إصبعه.

"غامض، ربما فزعاً؟ الضابط الآخر الوحيد هو كواك ، لم يكن أبداً مشرقاً جداً، لذلك أعطى الفتى جحيماً عدوانياً بسلبية حقيقية عند انتقاله.. لم يخبرنا أحد حقاً لماذا تم إغراق موهبة من الساحل ورميه في حفرة القرف الراكدة لبعض القرى المنعزلة ، كما تعلمين؟".

وإخبار جونغكوك بذلك الآن ، جعل هيوون تشعر بقشعريرة جديدة ترتفع على ذراعيه. يمكن أن يكون تعبير جونغكوك هذا....

انفتح لها، أخيراً، لإظهار شيء محزن للغاية ، وهذا جعلها أكثر فضولاً.

"حفرة القرف..."، تمتم جونغكوك وهو ينفض الرماد عن الطاولة.. دفعت هيوون طبق شاي تجاهه..نظر إليها وقال ، "حفرة القرف؟".

ˍˍˍˍˍˍˍˍˍˍ

جزيرة جيوجي بالكاد كانت كذلك ، هي أشبه بكونها مهد خطيئة للسياح المتوترين أكثر من كونها حفرة قرف.

مدينة جيوجي ذاتها كانت باهتة..لكن أوكبو كانت رطبة وصاخبة ، زيتية وفضفاضة من نشاطات شركة دايدو والملذات الفاحشة للأجانب.

كانت أوكبو كذلك ، لكن بلدتهم بالجنوب قليلاً ، كانت مستنقعاً.

بطيئة ، ريفية ، هادئة.

كانت أرقام القتل السنوية لمقاطعة كيونغنام بأكملها تنجرف عادةً ما بين ثلاثين وثمانين حالة ، وكانت حصة الجزيرة من ذلك صفراً بالضبط.. الحوادث بالتأكيد تقع ، لكن القتل لم يكن نوعهم المفضل من العصير.

قاموا بنقل جونغكوك في أوائل يونيو.. لقد أنهوا الأعمال الورقية في غضون يوم تقريباً وشحنوه في صباح اليوم التالي.. لم يرى هذا الأمر قادماً.. آخر ما توقعه من رؤسائه هو أن يكون رخيصاً إلى هذا الحد.

في يومه الأول ، بعد الظهر بقليل ، التقى بالرئيس- رجل عجوز يبدو فوضوياً يُدعى سونغ بانسو - وكان الآن يقوم بتنظيم مكتبه الجديد.

كان مخفر البلدة الصغيرة عبارة عن غرفة مظللة باللون الأخضر بها ثلاثة مكاتب ، -مكتب الرئيس، حيث يأتي سونغ للتحقق منه مرة واحدة شهرياً من أوكبو - غرفة أرشيف في الطابق السفلي مع محتوياتها التي لا تزال تنتظر رقمنتها ، وزنزانة احتجاز.

الأرضيات مربعة شاحبة ، المدخل الرئيسي جدار زجاجي.. لم يكن يبدو وكأنه مخفراً للشرطة.

كان مشرفه الجديد ، كبير المفتشين جونغ هوسوك ، شاباً رائعاً من جنوب جولا.. نحيفاً وطويلاً ، نوعاً ما متجمعاً بمهارة ، وجهه مفتوح،و تنبعث منه رائحة القهوة والدخان الخفيف، قميصه المجعد ذو الأكمام المطوية وربطة العنق اللامعة والتي ذكّرت جونغكوك بالمحققين الفوضويين في أفلام الجريمة المبتذلة.. لقد تخيل أن هوسوك يطارد المجرمين على أسطح المنازل وأحواض بناء السفن ، ويطلق النار في منتصف الخريف ، ويدخن في الليل الممطر ، كل شيء.

"إذاً،وصلت بشكل جيد إلى هنا؟"، سأل هوسوك فجأة ، ربما ليجعله مسترخياُ قليلاً. أومأ جونغكوك برأسه بابتسامة خافتة. "أنت لا تتحدث كثيراً ، أليس كذلك؟ حسناً. الوظيفة لا تتعلق بالثرثرة ، صحيح؟".

أومأ برأسه مرة أخرى ، ولعق جونغكوك شفتيه الجافة، "كان الجو حاراً نوعاً ما".

"الجو ليس حاراً في بوسان؟".

"ليس بهذا الشكل".

"هل أتيت بالعبّارة؟".

"الحافلة".

لقد كانت رحلة صباحية.

ربما لأن لديه صلات عائلية ، لذا كان هناك القليل فقط من الجلبة للقلق بشأنها.

ولأنه كان هناك القليل من الجلبة التي تدعو للقلق بشأنها ، وجد نفسه لا يزال في قطعة واحدة فعالة للغاية يقف في منصة مزدحمة بمحطة أوكبو للحافلات.. كان عرق السائحين القوي والنفط البائس يغمر الأجواء هناك ، كان كثيفاً وخانقاً في حرارة الصباح الباكر..كانت سيئة للغاية لحاسة شمه الحادة.

تذكر جونغكوك ركوب الحافلة المتهالكة .

الطرق تنشق عبر منحدرات التل ، والمناطق شبه الاستوائية الصاخبة ، ورائحة الإحتراق الداخلي.. شعر بأنه لزجاً في جلده وقميصه المنقوع.. كانت المرأة التي بجانبه تضغط عليه بقوة أثناء نومها.. لقد مرت بضعة أيام منذ أن نام آخر مرة ، لكن عقله المتقرح جعل من الصعب التأكد.. ولكن لأنه مضى وقت طويل بالنسبة له ، فإن مشهد تلك المرأة جعله حزيناً بشكل مستحيل.

سمح لها بالنوم وشاهد المنظر شديد الإنحدار مع تركيز مدمن يغلي بالعرق في منتصف طريق إقلاعه.. من المقاعد الخلفية كان يسمع صوت طقطقة منخفضة من بعض محطات الراديو القديمة، شيء تحبه والدته ، فكر وأغمض عينيه لقطع الشمس الساطعة.

الظلام أعاد الغثيان على كل منعطف على الطريق.. تمكن من عدم تقيؤ أحشائه حتى وصوله.

محطة الحافلات التي غسلتها الشمس بدت في حاجة إلى الطلاء.. درس زجاجها المتصدع ، غير منزعج من النظرات الغريبة التي كانت هذه السيدة العجوز تطلقها عليه.

بدلاً من ركوب سيارة أجرة ، مشى إلى الساحل وعيناه مغمضتان في الشمس.

عند التقاطع ، أمام الشاطئ مباشرة ، كان هناك حيوان ميت في منتصف الطريق ، ملقى بالكامل باللون الأحمر.. يتم طبخه في هواء الظهيرة الحار.

كان هوسوك الآن جالساً على مكتب جونغكوك، شيء عن ذلك صرخ بأنه عادة.. كانت نظرة هوسوك متوقعة ، وشعر جونغكوك بالحاجة إلى بذل جهد أو شيء ما.

"كانت رحلة الحافلة مجنونة بعض الشيء"، قال جونغكوك.

ذلك جعل هوسوك يبتسم لسبب ما ، لكنه أيضاً جعل جونغكوك يتنفس بسهولة.. نظر إلى ما وراء هوسوك ، ليواجه تحديقاً مزعجاً للغاية.

كان الرجل الآخر يُكدس طبقات الدهون المبتلة خلف مكتبه الفوضوي بينما يحشو وجهه ببعض صلصة المايونيز.. لا يوجد صندوق غداء أو كعك منزلي الصنع أو حاوية نودلز.. هذا بالإضافة إلى طبقات الشعر الغير متساوية على وجهه جعلت جونغكوك يعتقد بأنه يعيش بمفرده.

بدأت تحديقات الرجل تزعج جونغكوك ، لذلك نظر بعيداً، للأسفل في يديه المتململتين.. يجب أن يكون هوسوك قد لاحظ ذلك.

"توقف عن ذلك، كواك"، قال هوسوك ووقف على قدميه.. نقر على رأس الرجل ، ثم أعطى جونغكوك نظرة فاحصة أخرى. "مرحباً بك في المستنقع ، يا فتى".

بعد ذلك ، دخلت الحياة في نمط بسيط.. كانوا يمضون الصباح بمكالمات الجنح المبتذلة ، معظمهم من السياح الأجانب الذين نسوا تذكر مكانهم ولماذا لم يكن من اللباقة التصرف وكأنهم في رحلة خنازير.

التخريب المتعمد ، والسرقات الصغيرة ، والسطو القذر كانت أكثر الأشياء إثارة والتي يمكن للمرء أن يحصل عليها ، وهذه الدسامة تحدث مرة واحدة فقط كل أسبوعين.

كانوا يمضون فترات الصباح الأخرى في أعماق أوراقهم المملة أو بعض الفوضى البيروقراطية الأخرى. غالباً كان جونغكوك يشاهد هوسوك وهو يحاول التحاور بالمنطق مع السيدات المسنات الصاخبات اللائي نزلن إلى المحطة وأثرن الفوضى من ضجر الشيخوخة.

مر أسبوع ، ثم آخر ، ثم شهر.

كانا يتناولان الغداء معاً، فقط هو وهوسوك ، في كشك الراميون الوحيد على الشاطئ مع أطباقه البلاستيكية الذي تم إغلاقها بكل تعقيد.. في فترة بعد الظهر ، غالباً ما يقبل جونغكوك عرض هوسوك للتمشية البطيئة ، أو مشاهدة فيلم في السينما الصغيرة.. في بعض الأحيان كانا يذهبان لتناول البيرة في بارات الشوارع على شاطئ البحر.. نادراً ما يذهبان للسباحة.

سرعان ما علم جونغكوك أن الحياة بالكاد تتحرك في هذه المدينة ، كما لو كانت محاصرة في نقطة غليان واحدة من اللعنة على كل شيء.. وبينما كان هوسوك عبارة عن حيوية متجسدة، كان جونغكوك يفضل إبقاء عينيه مغمضتين ويتعلم كيف يختفي تماماً.

كل ليلة كان جونغكوك يحدق في سقف غرفته من حصيرة الأرضية المتكتلة.. هنا كان الجو حاراً بشكل مؤلم.. غرق أنفاسه وشخير السيدة كيم الهادئ تم تخفيضهما من حشرجة مروحة قديمة بجوار رأسه.

كانت الغرفة عبارة عن صندوق صغير بسقف منخفض ، في منزل قديم ولكنه أنيق بأبواب شاشية وأرضية مرسومة.. كانت ليالي الصيف تحمل الكثير من الضوضاء الطبيعية في مكان مثل هذا ، وأدى الكثير من ضوء القمر إلى تحويل ألواح الأرضية إلى اللون الأزرق الداكن وجعل ملاءاته تتوهج.

في كل ليلة ، كانت رائحة الصيف بجسده اللزج والنسيم الدافئ والرطب الذي يبرد في الظلام لا يطاق إلى حد ما.

وفي كل ليلة كان بإمكان جونغكوك سماعه دائماً.. صوت الصبي يحاول أن يطرق بداخل رأسه.. أقدام صغيرة تدق خلف الباب المنغلق لغرفته.

كلما توقفت الخطى عند بابه ، يغلق عينيه ويحاول تنظيم أنفاسه.. علمته الطبيبة تشوي ، -معالجته النفسية القديمة في مركز شرطة بوسان- الأنماط الصحيحة.. لقد جعلته يجد ترنيمة خاصة لقلقه ، شيئ يتلوه بصوت عالٍ عندما يشعر بالإختناق.

وفي كل ليلة ، بينما كان جونغكوك يعدّ ويهمس بترانيمة ، كانت الأقدام تتدحرج خلف الباب ، والتنفس القاسي الذي لم يكن له يملأ غرفته.

لقطع أصوات الأقدام الصغيرة والرئتين الصغيرتين ، تذكر جونغكوك أخيراً أن يحشو أذنيه بالموسيقى.. كانت ذاكرة هاتفه منخفضة ، لذا انتهى به الأمر إلى أن يكون لديه نفس قائمة التشغيل لتسع أغانٍ غريبة تتكرر كل ليلة.

في الصباح ، كان جونغكوك يغسل وجهه بالمنتجات المُعطّرة لأنه يحب دائماً أن تكون رائحته لطيفة وأيضاً كي لايكون ... خنزيراً لعيناً.. عندما حلق ، لاحظ كيف يُصبح وجهه أنحف مع كل صباح تحت الإسمرار الغير مستوي.

كان يتناول الإفطار مع السيدة كيم في المطبخ الصغير على وسادة أرضية غير مريحة إلى حد ما.. وسرعان ما علم أنها كانت سعيدة بما يكفي للتحدث نيابة عنهما.. غالباً ما تذكر صديقاً قديماً أو غيره ، بحاجة إلى مساعدة جونغكوك بالأشياء المنزلية الصغيرة ، وهو من نوع الأشياء التي لا يتعين على الشرطة القيام بها في العادة.

كان جونغكوك دائماً يأخذ ملاحظة ويمررها إلى هوسوك لاحقاً.

"وظيفة منعزلة" ، هذا ما قاله هوسوك كثيراً، "أنت تعرف كيف هي الأمور".

كان هوسوك يبدو جميلاً جداً، فكر جونغكوك ، دائماً بعيون دافئة وبشرة متوهجة.

لقد كان نوعاً ما مثل عرض أزياء لرجل واحد ، طوال الصيف ، مع هوسوك في الجزء العلوي من السلسلة الغذائية.. كان لدى هوسوك أفكار مختلفة عما يعنيه المظهر الغير رسمي في بعض الأحيان. لكن جونغكوك أعجبه نوعاً ما ، وأكثر من ذلك - لقد أحبه واللعنة- كان مظهره المفضل بالتأكيد هو الليموني والأزرق.

كان الليموني هو قميص هوسوك المفضل ، هذا الأصفر الحمضي ، والمُطبّع بسيارات صغيرة بالألوان الكاملة من جميع الأنواع.. ومن أجل ذلك كان يرتدي شورتاً ضخماً بشكل غير عادي - بلون أزرق فيروزي حقيقي ومكثف- مع الصنادل المطاطية، وأحياناً مع الجوارب.. بدت تجاعيد شعر ساقيه محترقتان من الشمس وكانت رجليه بنيتان للغاية.

غالباً ما كان هوسوك يرتدي زوجاً من النظارات المستديرة ذات المرايا التي تذكر جونغكوك بالعملات المعدنية.. كان يُصلح النظارة بهذه الإيماءة الصغيرة اللطيفة ، وكان جونغكوك دائماً يحدق في أصابعه الطويلة الجميلة.. كانت ساعته البلاستيكية الثقيلة تدور حول معصمه بحزام من الجلد المقلد.. كان لديه سلسلة بسيطة حول عنقه ، وتساءل جونغكوك عمّا إذا كانت رمزية ، لأن هوسوك نادراً ما يخرج بدونها.

كانا يتجولان على منحنى الخط الساحلي في سيارة هوسوك الهوندا، من قرية إلى قرية تحت سلطتهم القضائية ، للتعامل مع تفاهات الريف.

هوسوك كان يستمع إلى الكثير من الهراء الهامشي ، مزيج من موسيقى الهيب هوب الغامضة ، شيء ما بين الإيقاع الإلكتروني والموسيقى من أجل المضاجعة.. لم يدخن هوسوك في السيارة ، لعلمه بأن جونغكوك لا يمكنه التعامل مع الرائحة الكريهة.

"صحي جداً" ، أومأ هوسوك متفهماً.. قال بأنه كان كذلك أيضاً قبل بضع سنوات، "أراهن أنك تركض كل صباح أيضاً".

"فقط في نومي".

كان الركض في نومه شيئاً قمعه باستخدام الترانكس الذي أخذه بشكل غير رسمي.

لقد أنفق نصف أجره على هذا القرف لأن وصفته القديمة لم تعد مفيدة ، وتخطى البحث عن معالج نفسي محلي لتجنب كل كلب مزراب يعرفه ويهزأ به ، أو ربما للتخلص من ذنبه الخاص.

اشترى جونغكوك قمصاناً اعتقد أنها ليست كلها ذات مظهر سياحي ، أشبه بشيء يرتديه السكان المحليون ، وألبس نفسه بسترة ذات قلنسوة عديمة الشكل عندما يبدأ الطقس بالخداع.. كان يرتدي حذائه الثقيل دائماً، حتى مع كل درجات الحرارة والرطوبة ، مما أربك الأم الداخلية للسيدة كيم والأم الأخرى (والأكثر وضوحاً) في هوسوك.

"يجب أن تحصل على بعض الظلال المبهرجة لتلطيف المظهر"، قال هوسوك ذات يوم مشيراً إلى حذائه.

حصل جونغكوك لنفسه على زوج من الأحذية الملونة للتخفيف من مظهره ، وأيضاً كان يقوم بعمل رائع لإخفاء عينيه المحتقنة بالدماء.

السيدة كيم لم تحب عينيه ولا حتى قليلاً.

"احصل لنفسك على شيء لأجل ذلك ، يافتى"،ظلت تتذمر ، "لا للحبوب السيئة.. أنا أعرف شخصاً يمكنه المساعدة ، كما تعلم".

قالت بأن الرجل يعيش بعيداً، في منزل بالقرب من جذور كودزو، بالقرب من مجرى الجبل.. فكر جونغكوك بأنها كانت مجنونة بعض الشيء.. كان منزلها غارقاً في رائحة الملفوف المسلوق.. كانت دائماً عند موقد المطبخ أو موقد الغاز الصغير الذي يغلي من أجل الحساء أو غيره من الأشياء السيئة.

بدأت الرائحة تغضبه.. تشبثت بملابسه أيضاً، نتنة ، سميكة ، واعتقد أنه بالتأكيد سيصاب بالجنون أيضاً.

في وقت ما في أوائل سبتمبر ، أدرك جونغكوك بأن هوسوك قد تمكن بالفعل من بناء تاريخ بينهما.

لقد عملا في عطلة تشوسوك معاً ، طوال الأيام الثلاثة ، ولكن كان لديهما ساعات أقصر ، وبدأ أخيراً في فهم سبب دعوة هوسوك له للبقاء عنده لأجل العطلة؟ جونغكوك مع ذلك سأله لماذا.

"كلانا بلا جذور هنا نوعاً ما "، وضح هوسوك، "لذا ربما نلتصق ببعضنا البعض أيضاً".

كان هوسوك يعيش في أقدم جزء من بلدتهم المكونة من مباني بطابق واحد إلى حد كبير ، في منزل هادئ لا يزال يتردد عليه ضجيج السائحين القريبين من وسط المدينة.

كان منزله واحداً من تلك الأكواخ الضئيلة ذات الأسطح المسطحة ، وهو منزلاً شاطئياً نموذجياً ، تماماً مثل بقية منازل الشارع ، لكن كان هناك مبنى تجاري زجاجي واحد يلوح في الأفق فوق الطريق ويجعله حاداً ومضيئاً.

نظر جونغكوك حوله ، وشعر بالرمال في نسيم المساء.. تجمد.

كان هناك صبي على الجانب الآخر من الشارع.. بدت عينيه ميتتين.. لم يستطع جونغكوك أن ينظر بعيداً عن الرؤية.

"السماء صافية للغاية" ، تمتم جونغكوك -إلى الصبي أو لنفسه-.. شيء ما قالت جدته بأنه لم يكن علامة جيدة في تشوسوك.

بالداخل كان ضيقاً ومملاً للغاية.. تفوح منه رائحة البخور.. غرفة واحدة ومطبخ صغير وحمام.. الجدران عارية ولكن هناك الكثير من النباتات المحفوظة في الأصص بجانب شرفة أنيقة.

وقف هوسوك هناك مرتدياً رداء الحمام المثير للسخرية بطبعة التنين ، واعتذر مازحاً عن تخطي ارتداء الزي التقليدي لتشوسوك، لكن جونغكوك كان يحدق في صدره الرطب.

أومأ هوسوك برأسه نحو الكيس البلاستيكي في يده، "هل تحمل هدايا؟".

أخبره جونغكوك بأن السيدة كيم كانت قلقة من عدم تمكنهما من فعل كل شيء بشكل صحيح ، لذلك حزمت بعض حساء القلقاس والمشاوي، "قالت بأننا لن نُتعب أنفسنا بصنع بالطعام الجيد".

"وكم هي محقة"، بدأ هوسوك في تفريغ الحاويات على الطاولة، "لأنني تمكنت فقط من الحصول على بعض كعك الأرز.. السيدة العجوز كانغ كانت لطيفة بما يكفي لإرسالها هذا الصباح.. ربما أصبحت لزجة الآن".

مضيا في تناول العشاء ببطء.. بعد الزجاجة الأولى -شيء أطلق عليه هوسوك "الخمر الضعيف" أو "الصلصة الرخوة"- جونغكوك أخيراً تحلى بالشجاعة لتقديم هديته الواضحة للعيد.

"لحم خنزير مُعلّب" ، ابتسم هوسوك ، وهو يهز كيس الهداية ، "يُشير إليك ، أيها العبقري الصغير".

"ظننت أنك لست رجلاً فاخراً حقاً".

"أنا خردة أنيقة، أجل"، أومأ برأسه ، "وأشبه برجل هراء للعناية بالبشرة.. وهو ، بالمناسبة ،ما ستحصل عليه"، ضحك على المفاجأة التي ظهرت على وجه جونفكوك، "أرى وجهك الصغير اللامع ، يا فتى.. كل يوم لعين، أشم رائحة أسرار جمالك القذرة".

"أنت تنظر إليّ بجد ، هاه؟".

سمح جونغكوك لنفسه بالنظر على يدي هوسوك وهو يضع الهدية على المنضدة ، على رقبته الطويلة ، وعظام الترقوة الحادة ، وتبويزته الجميلة.. شعر، ولو قليلاً ، كأنه وقع في نوع جديد من المشاركة.

"شكراً لك"، قال جونغكوك.

كانت هناك كتلة ساخنة في حلقه.. لم يستطع حقاً تفسير لماذا أثرت عليه كثيراً، لدرجة مؤلمة حتى، هذه المودة الحقيقية.

"لا تبدأ بالكاء يا فتى"، راقب هوسوك وجه جونغكوك بعناية. وتنهد ، "أوه. من كان يعرف بأن شقياً مثلك يمكنه ذلك".

بينما كانا يتشاركان مشروباً بعد العشاء في الخارج ، سأله هوسوك عن عائلته وأخبره قليلاً عن منزله أيضاً.

لم يقل لماذا انتهى به المطاف بالضبط في هذا المستنقع ، بعيداً جداً عن غوانغجو والتي كانت بالتأكيد أفضل بكثير ليُفسد حياته بها.. لم يذكر أي زوجة أو صديقة واستمر في العبث بالقلادة الرمزية.

ربما كان الشراب يجعل لسانه مترهلاً ويركل جونغكوك بأن يمضي قدماً ، لكنه وجد نفسه يسأل، "هل هذه مميزة؟".

رفع هوسوك حاجبيه ، وأصابعه لا تزال تدور في السلسلة..كان يرتدي الآن سترة زرقاء رقيقة تحدد بنيته الرشيقة.. كان جونغكوك يحدق دائماً في صدر هوسوك أو فخذيه ، والآن برقبته الجميلة.

"السلسلة"، أوضح جونغكوك.

"أوه"، أسقطها هوسوك. متردداً، "نعم. من شخص مميز".

"هل ..هل حدث شيء ما؟".

"حسناً، أشياء أساسية جداً.. لقد أحببنا بعضنا البعض وكل ذلك. ثم توقفنا.. لستُ متأكداً من أنني أستطيع.. مثل ، الإسهاب كثيراً".

فرك جونغكوك أنفه ، وشعر فجأة بأنه على حافة سر دافئ كبير.

"لماذا؟".

"لأن.."، هوسوك قام بتبويز فمه بطريقة لطيفة جداً، "اسمع ، بلا إهانة ، لكني لا أعرف الكثير عن هوامش التسامح لديك".

ابتلع جونغكوك بتوتر ، لأن هوسوك كان يدرس كل حركاته.. ثم أصبح هوسوك يميل ببطء كما لو كان يتأكد إن شعر جونغكوك بعدم ارتياح، لكن جونغكوك لم يمانع على الإطلاق.

لمست أصابع هوسوك الحذرة مؤخرة رقبة جونغكوك.. قال ، بصوت منخفض ، "هل تفهمني؟".

بمشاهدة وجه هوسوك ، قريب جداً الآن ، يمكن أن يشعر جونغكوك بأنه يفهم ، ذلك السر الدافئ والكبير ، تماماً مثل يد هوسوك التي تم رشها فوق فخذ جونغكوك.

"لقد فهمتك"، همس جونغكوك، "أنا أيضاً.. أنا فقط .. لا أريد...".

"إهدأ"، قال هوسوك، "خذ نفساً".

وجونغكوك فعل، "اُفضل بأن لا يعرف أحد عن ..." ، توقف لوهلة، "عني".

لعق شفتيه لكنه كاد أن يتذوق خد هوسوك بدلاً من ذلك.. كان هناك هذا التبويز الصغير ، قريب جداً من فم جونغكوك.

أراد جونغكوك تشكيل أفكاره إلى شيء متماسك ، تفسير هادئ ، لكن كان من الصعب القيام بذلك ، ترتيب رغباته الفارغة التي ولدت من الملل البسيط والشعور بالوحدة.

"جونغكوكي"، ضحك هوسوك مبتعداً، "هل تعتقد بأن أي شخص يعرف عني؟ كيف كنت سأظل أمتلك هذه الوظيفة؟".

"أنا ، آه.. بالطبع لا ، لكني أشعر بأن هذا فقط.. لا أستطيع..".

"اهدأ ، أنا لست منجذباً إليك"، قال هوسوك، "أعتقد أنك تبدو جيداً. ويبدو أنك تعتقد أنني أبدو جيداً أيضاً.. لا حاجة للتوتر ، أتفهمني؟".

أومأ جونغكوك برأسه وعاد للخلف.

"جونغكوك...باعتقادي أنك تشعر بالوحدة وتريد المضاجعة.. ليس أنا ، على وجه الخصوص ، فقط أي رجل حسن المظهر. لكني سأكون خيار أسهل بكثير، الآن بعد أن تأكدت شكوكك. هذا صحيح؟".

"ربما".

"لا بأس"، ابتسم هوسوك، "لكن دعنا لا نتضاجع.. هذا القرف يُعقد العمل، بالعادة.. هل أنت بخير مع ذلك؟".

كان على ما يرام مع ذلك، "أنا بخير مع ذلك".

"ما هي الإحتمالات ، هاه؟".

ربت هوسوك على خد جونغكوك وانحنى للضغط عليه بقبلة.

شاهدا سماء سبتمبر ذات اللون الأزرق الداكن لفترة من الوقت.

"لا توجد غيوم"، همهم هوسوك، "يقولون بأنه لأوقات عصيبة قادمة".

ˍˍˍˍˍˍˍˍˍˍ

"هل تعتقد بأنه يعني شيئاً ما ، الشيء المتعلق بالغيوم؟".

"لا".

كانت هناك نوبة صمت أخرى ، وكأن جونغكوك بعيداً مرة أخرى.. قامت هييون بفحص ملاحظات هوسوك الخاصة بها.

"ذكر شيئاً عن الترابط بينكما بالحديث عن حبيبتيكما السابقتين. هل فعلت؟".

"هل ترابطنا؟ بالطبع أكيد.. هو كان صديقي الوحيد في ذلك الوقت".

"وبارك جيمين؟"، المزيد من الصمت العنيد، "أعطني شيئاً. مثل ، كيف كان يبدو.. هل كان مختلفاً في ذلك الحين؟ ما نوع السيارة التي يقودها. أين كان يعمل. أو أين يعمل الآن ، على الأقل".

"كان ممرضاً".

وقد قال ذلك ، لكن هييون كانت لا تزال حذرة بعض الشيء.

"كيف جعلته يصبح مستشاراً؟".

الصمت مرة أخرى. تنهدت هييون ، واضعة في الحسبان خياراتها، "أخبرني لماذا أراد رئيسك إخفاء قضية هوانغ؟".

"ألم يخبرك هيونغ؟".

"أنا أتحدث إليك الآن".

مضغ جونغكوك شفتيه ، وكانت تعلم بأنه قد استسلم.

"حسناً، اتضح بأن سويون ، الزوجة ، كانت أخت الرئيس.. كان لديه الكثير من نهب الرشاوى للسماح بتسريب هذه المعلومات".

قال جونغكوك إنه قبل سنوات ، تم طردها من سجل العائلة ، ولم يكن هناك أحد يعرف حتى بأن الرئيس سونغ لديه أشقاء.

حدث شيء ما أدى إلى تبرئهم من سويون ، ولم يكن الأمر مهماً على الإطلاق ولا بأي طريقة يتعلق بقضيتهم.. لكن في ذلك الوقت ، غيرت اسمها وانتقلت إلى إحدى الجزر الصغيرة ، لكنها عادت بعد سنوات ، حاملاً ومع زوجها.

لم يكن الرئيس مهتماً كثيراً بتعرضها للذبح جنباً إلى جنب مع عائلتها بأكملها ، لكنه كان على حافة حادة للغاية بشأن قيام بعض الصحافة الصفراء للمستنقع بنبش حقيقة علاقاتهما ، لأن الرئيس لم يقضي سنوات في بوسان ، يلعق مؤخرة المسؤولين هناك ، ليتسلق حيث كان يتسلق ، فقط ليتدمر كل شيء من قٍبل إمرأة ميته والتي لم تعد عائلته بعد الآن.

"لم يكن الدفن مشكلة ، أخبرنا أن نغلق تحقيقنا وأن نتركه يتعامل مع الأمر برمته.. لم يكن الأمر صعباً، لأنه كان لديه كل الصلات الذهبية ، ولكن هذا الهراء نوعاً ما يجب أن يكون هادئاً.. ولم يساعد كيم نامجون في ذلك".

"هو..." ، قلبت الصفحة ، شيء آخر لعرضه ، "المتخصص من سيول؟ يجب أن يكون قد أفسد خطط التزام الصمت بشأن هذا الأمر".

"ليس بالفعل. فقط حدثت مماطلة.. لكن لم يكن الأمر كما لو أن لدى الرئيس أي خيار آخر حتى يتمكن من العثور على شخص ما ليُعلق كل هذا الأمر عليه، وعندما فعل ذلك ، قام بجر نامجون مرة أخرى من قضيبه ، لمركز سيول".

"حسناً، ولكن مجدداً من أرسل نامجون؟".

"لقد تطوع.. إنه رجل عبقري متحمس".

"هل كنت منزعجاً من ذلك على الإطلاق؟".

هذا جعل جونغكوك يضحك لسبب ما. قال ، "لدي طريقتي مع الناس".

ˍˍˍˍˍˍˍˍˍˍ

تبين أن المتطوع من مركز شرطة سيول هو رجل مهذب للغاية يدعى كيم نامجون والذي يناسب وصف معظم أنواع رجال المدينة المتأنقين النموذجيين الذين أتيحت لجونغكوك الفرصة لمقابلتهم.

كان كيم نامجون لطيفاً ويبدو ثرياً بعض الشيء.. كان يرتدي وشاحاً أحمراً باهظاً ومربوطاً بطريقة تصرخ بأنه وغد ، كان يرتدي نظارة مزيفة.

لقد تم إخطارهم بقدومه ، وكان على جونغكوك أن يعترف بأنه يشارك الرئيس سونغ باستيائه من الأمر برمته ، ولكن لأسباب مختلفة تماماً.

مع ذلك ، ظل جونغكوك لطيفاً معه ، لأن جونغكوك كان رجلاً لطيفاً، وسمحوا لكيم نامجون بفحص الجثث حيث أجرى نقاشاً طويلاً مع تايهيونغ ، الأمر الذي جعل جونغكوك يريد غرز عصا من قطع الثلج في أذنيه اللعينتين.

لكن مع ذلك ، أخذوا كيم نامجون إلى مكان الحادث ، محاولين عدم التنفس فوق رقبته ، في طريقة لتحدي الصورة النمطية لشرطة الأرياف ، ثم أطلعوه على كل ما لم يكن يعلمه بالفعل في سيول.

"ألقي بكل شيء عليّ"، قال هوسوك لكيم نامجون، وهذا يعني على الأرجح بعض الحكمة الصارمة من شرطي المدينة.

"أنا ، آه"، تمتم كيم نامجون ،"حسناً، غير شخصي للغاية.. على الرغم من العنف".

لوّح هوسوك له ليواصل حديثه، مشجعاً برأسه.

"الإختلاف في أساليب القتل عادة ما يوحي..."، توقف نامجون فجأة ليعطس بصوت عالٍ جداً، "بوجود مهاجمون متعددون ، لكن هذا مستبعد جداً.. سأقول ، أممم ، ضحايا الفرصة؟".

استمر هوسوك في تدوير يده ، كما لو كان يقول له استمر ، استمر ، استمر.

"ولكن بعد قولي هذا ، لا يوجد دليل على وجود متسلل.. إذا كان القاتل أحد أفراد العائلة ، وأعني بذلك هوانغ مينام ، حيث أن أجزاء من اللحم وجدت في فمها وعلى الأرجح أتت من عنق والدتها ، إذاً ... الإنفصال الذي شوهد في الفعل نفسه قد يعني أنه شكل من أشكال الإنفصام الذهني، أو كما افترضت بحق ، فيروس داء الكَلَب ... لكننا ما زلنا بحاجة إلى إجراء اختبار أكثر شمولاً لذلك...".

تباطأ وهو يخدش خده.

أخرج هوسوك صوت النقر هذا في مؤخرة حلقه وصفع جونغكوك على صدره.

"انظر إلى ذلك"، قال له هوسوك، "قلت لك.. نوعاً من الإحتراق المنزلي. اندلع بوحشية".

جونغكوك رأى كيم نامجون يبتسم بخجل.

بعد أسبوع طويل ، كان لديهم جدول زمني مهتز ومجموعة من النهايات السائبة بنتائج غير حاسمة من مختبر بوسان.

كانت الفكرة هي أن هوانغ مينام كانت غير محظوظة بما يكفي في رحلة ما وأصيبت بداء الكَلَب ، وكان كل شيء هادئاً حتى ظهرت الأعراض وأعلنوا بأنها ممسوسة من قبل عائلتها ذات العقول الأثرية .. لكن أثناء طقوس الطرد ، حدث إخفاق به مما سمح لها بالهروب بطريقة ما ، وكان الباقي تاريخاً.

لا يزال عليهم انتظار بضع نتائج من بعض أصدقاء نامجون ، ولكن كان لدى هوسوك هذا الإفتراض الغريب بأن الرئيس سونغ سوف يضع غطاءً على القضية على أي حال.

"إنه يتصرف بشكل غريب"، وضح هوسوك ،"كما لو كان يعرف بعض الهراء اللعين ويحتاج فقط إلى تحقيقنا الكامل لإخفاءه واللعنة بشكل أفضل".

"هل تفكر في المؤامرات الآن؟".

"لا ، إنه شيء صغير. شيء شخصي؟ أخبرك ، هو سوف يقضي على التحقيق".

"سأفكر بالأمر"، وعد جونغكوك.

***

في كل ليلة ، كان جونغكوك يذهب إلى المنزل حيث كانت السيدة كيم تنتظر ، عطوفة القلب وحزينة ، وهذا الشيء عنها كان هو الراحة الوحيدة.

لقد فشل في الحصول على أي نوم مناسب ، وحلم بأجزاء دموية من بارك جيمين ، والأطفال المسعورين ، والصبي من المنزل الذي كانت عيونه الميتة تجعل جونغكوك يشعر بغثيان رهيب.. مثل ، تُحوّله إلى أبيض طباشيري في وجهه وأزرق في صدره.

ومع ذلك ، استمر جونغكوك في رؤية بارك جيمين الحقيقي في جميع أنحاء المدينة ، والذي بدا وكأنه يتسكع حول كبار السن ويقدم المساعدة ويبتسم بصمت.. لم يسمعه جونغكوك أبداً وهو يتحدث وتساءل عمّا إذا كان الصوت الحقيقي يطابق الصوت الذي كان في أحلامه.

في الأحلام ، كان صوته واضحاً جداً ولحنياُ ، ويمكن أن يضعك في نشوة ، ويجعلك تتبع ما يقوله ، وستكون أكثر سعادة لذلك .. وأحياناً أخرى منخفضاً جداً وبطيئاً ، مثل دبس السكر الحلو يجرّك إلى الأسفل.

وفي كل صباح مليء بالقلق ، تصنع السيدة كيم لجونغكوك بعض المشروب العشبي النتن ، قائلة كيف تعلمته من أحد الشامان ، قائلة بأن على جونغكوك رؤيته في أقرب وقت ممكن.

"إنه جيد حقاً في ما يفعله"، أصرت، "قام بمساعدتنا على مر العصور.. ترأس طقوس جنازة زوجي أيضاً. إنه فتى جيد ، يمكنه أن يشفيك على الفور".

"أنتِ تعلمين بأنني لا أتبع هذه الأشياء نوعاً ما ، أجوما"، قال جونغكوك.

فعل ذلك جعله مذنباً ، لذلك كان يشكرها دائماً.

حتى جاء صباح أحد الأيام حين أمسكت بكفه ، وشدته بشدة ، وبعدها قالت ، "أنت لا تبدو جيداً ، يا ولدي".

مراراً وتكراراً.

"أنت لا تبدو جيداً على الإطلاق.. دع بارك جيميني ينظر إليك".

رفض النوم بعد ذلك.

***

بمجرد ظهور النتائج ، توقف هوسوك عن انتقاد تعليقات جونغكوك المتذمرة.

هو نفسه قد ترك تعليقاً أو اثنين ينزلقان حول كونهما كمجموعة من الأطفال يرسمون بأصابعهم ، أو كيف يجب على جونغكوك التوقف عن التركيز على الرجل "الغامض" جيمين.

والذي كان أمراً ما زال جونغكوك يرفض القيام به.. على الرغم من ذلك فقد وافق على معظم أجزاء نظريتهم الجماعية، لكن هذا لا يعني بأنه لم يكن منزعجاً بعض الشيء من كل الأمر.

وعندما حان الوقت لإحاطة الرئيس سونغ بالتقرير ، حاول جونغكوك توضيح الأمر بشكل درامي للغاية ، حيث كان جالساً بجوار نامجون ويرمي الخناجر لهوسوك.

رفض هوسوك أخذ الطعم -كان يفعل في كثير من الأحيان- لكنه قال بأنهم سيضطروا إلى إبقاء هرائهم العائلي سرياً.. لذا لم يأخذه الآن ، واستمر في عرض التقرير فقط.

"أخيراً، قالب العضة"، قال هوسوك ، مشيراً إلى الصورة على اللوحة ، "الذي أخذناه من رقبة سويون ، يطابق آثار أسنان مينام.. جاء الحمض النووي في فمها مطابقاً لسويون. مع بصمات الأصابع على الإبرة والسكين.. لا يوجد دليل على وجود دخيل و...".

"وهذا ليس قاطعاً، لأن المطر اللعين دمر كل الأدلة"، لم يستطع جونغكوك منع نفسه.

"جنباً إلى جنب مع البصمات الموجودة على الإبرة ، السكين ، لا يوجد دليل على وجود دخيل ، نحن على يقين إلى حد ما"، عند ذلك، هوسوك أعطى جونغكوك نظرة صارمة ، "إنها القاتل الوحيد.. أكد الدكتور غو بأن الأضرار التي لحقت بجهازها العصبي المركزي ومعظم أعراضها تتوافق مع فيروس داء الكَلَب. وهو، حسناً، أمر غير شائع في منطقة تم تطعيمها، لكن هذا لا يعني بأنه لم يكن من المستحيل أن تصاب بالعدوى".

توقف هوسوك مؤقتاً ، وألقى نظرة سريعة على الرئيس.. لا شيئ.

"لذلك نعتقد أن الإنتقال الفعلي للفيروس حدث في مكان ما بين ثلاثة أسابيع وأربعة أشهر قبل القتل.. كان المُضيف على الأرجح كلباً ضالاً.. إما أن العائلة لم تكن على علم بالحادثة ، أو لم تعتقد بأن عضة كلب كانت مشكلة كبيرة".

"لسنا متأكدين متى أو أين حدث ذلك"، قال نامجون، "حيث لا يبدو بأن أحداً يتذكر بأنهم قد قضوا إجازة أو ذهبوا إلى أي مكان يتجاوز أوكبو".

"أو من الممكن بأنهم يكذبون" ، هز جونغكوك كتفيه.

"لماذا سيفعلون ذلك؟"، بدا الرئيس سونغ مرتبكاً حقاً، "أيها المفتش جيون ، هل من الشائع ، من أين أتيت ، عدم احترام رؤسائك؟".

اعتذر ، وشعر بالحرج ، ولكن في الغالب كان منزعجاً.

تابع نامجون ، "فترة الحضانة الطويلة يمكن أن تفسر سبب ارتباك الوالدين حول مدى تغير مينام المفاجئ.. لابد أن سلوكها العنيف كان عرض رعب حقيقي..زيادة القلق والإرتياب والهلوسة والهذيان ، وخاصة بالنسبة لطفلة في سنها....".

"وهذا يشرح أيضاً سبب كون العمل محموماً وفوضوياً"،أضاف هوسوك.

"لا توجد خطة ، وبلا دافع أيضاً"، أومأ نامجون ، "ولم يكن بسبب الطقوس، ليس بهذا المعنى.. جاء الفعل من حاجة أساسية، وعادة ما اُطلق عليه بالذهان الذي تم تحفيزه ، لكن حسناً. لقد ألهب الفيروس دماغها. والتهمه كله".

عند ذلك ، لم يستطع جونغكوك منع نفسه، "باستثناء أن الدكتور غو ، بنى تشخيصه على الأعراض المتوافقة جزئياً، وكانت نتائج الإختبار غير حاسمة.. لم تكن هناك علامة عضة واحدة على جسدها من كلب أو غير ذلك...".

"يكفي أن تتلامس مع لعاب المُضيف"، قال نامجون، "الغشاء المخاطي، كما تعلم".

"هل تتحدث هكذا دائماً؟"، سأل هوسوك مُعجباً.. لقد بدا مبتهجاً ومسترخياً ، ومن الواضح أنه كان يحاول إنقاذ مؤخرة جونغكوك.

ابتسم نامجون بخجل - والذي كان على جونغكوك الإعتراف بأنه بدا لطيفاً جداً- وتابع،، "يأتى الجرو اللطيف في طريق الطفلة ، وخاصة الطفلة التي اعتادت على الإتصال الوثيق بالحيوانات ، وقبّلته حيث هذا لم يكن مشكلة".

"كل هذا رائع"، قال جونغكوك بحذر، "لكننا تحققنا مع وزارة الصحة والسكان ، وهم يزعمون بأن حملة التطعيم الأخيرة قضت على الفيروس في جميع أنحاء الجزر تماماً".

"جيون"، حذر الرئيس ، "أنت لحوح".

أعطاه هوسوك نظرة اعتذارية قبل أن يتابع إكمال تقريره مرة أخرى.

"بالإضافة إلى ذلك ، فإن جميع الجيران الذين وافقوا على التحدث إلينا قالوا بأن العائلة كانت تتصرف بشكل غريب قبل حوالي أسبوع من الحادثة.. مشتتين الذهن ، عصبيون ، نادراً ما يخرجون بينما هم في العادة اجتماعيون جداً، وحتى الجارة المجاورة..."، نظر هوسوك إلى ملاحظاته الأخيرة ، محرجاً، "بارك هيونسو، قالت بأنها لم ترى مينام طوال الأسبوع.. قالت بأنها كانت قلقة ، وذهبت للإطمئنان عليها لكن الجدة لم تسمح لها بالدخول".

عاد هوسوك إلى اللوحة ، وألصق صورة جديدة عليها.. كانت صورة لحصيرة السقيفة مبتلة في البركة الداكنة ، وتسبب ذلك في اضطراب معدة جونغكوك..هو كان معتاداً على أشياء العمل هذه ، لذلك كان الأمر محيراً للغاية له.

اضطر جونغكوك لإغلاق عينيه ضد الوميض الحاد.

صورة لاحقة لشيء ما ، استمرت في الوميض للداخل والخارج.. أدرك بأنه وجه مينام.

ثم انفجرت الألوان التي تسبح خلف جفنيه في توهج ، وجه الصبي ذو العيون الميتة قريباً جداً منه الآن ، ثم يد ثقيلة لشخص ما تضغط على رقبته .. وجه جيمين أصبح في بؤرة التركيز ، وشفاه ناعمة تلامس أذنه ، قائلة له ، لم أرك منذ وقت طويل.

"جونغكوك"، أعاده الصوت إلى النور.

زفر.. كان المطر يتساقط على الجدار الزجاجي لمركزهم.

"جونغكوك"، كرر هوسوك بصوت أكثر ليونة الآن، "ما الخطب؟".

"لا شيء"، فرك عينيه المحتقنة بالدماء، "أين كنا؟".

بينما لم يبدو هوسوك مقتنعاً ، لكنه عاد إلى اللوحة ليشرح القيود الجلدية التي وجدوها في السقيفة.

"قرر الوالدان إبقائها هناك ، آمنة ومقيدة ، بعد أن بدأت في إظهار العلامات الأولى للسلوك العنيف ، واحتفظوا بها على هذا النحو حتى يتمكنوا من ترتيب طقوس طرد الأرواح".

نقر نامجون على شفتيه فاركاً لهما، "العديد من الطقوس تتضمن الماء.. وغالباً ما يتسبب داء الكَلَب في رهاب الماء ، لذلك ربما كانت مينام تعاني من الألم إذا جعلوها تشربه أو إذا كانوا يغسلونها بطريقة ما. سيبدو مقنعاً جداً لهم، إذا كنا نتحدث عن الأرواح الشريرة".

"لكننا ما زلنا لا نعرف أي نوع من الطقوس كانوا يؤدونها.. التحضيرات كانت غير عادية إلى حد ما.. ليس شيئاً قد رأيته من قبل.. نعتقد أنه ربما حاولت الجدة أن تفعل ذلك بنفسها".

أومأ هوسوك برأسه، "لم نتمكن من الحصول على أي شامان للتعاون معنا.. قمنا بالبحث في كل القرى ، لكن كل المحترفين قاموا برفضنا".

زفر جونغكوك ، "هذا لأنهم يعرفون بأن أحدهم فعل ذلك".

"جيون هنا يعتقد بأنه كان هناك دخيل".

"لماذا؟"، أمال الرئيس رأسه بفضول.

"يجب أن يكون هناك دائماً مسؤول حقيقي عند إقامة الطقوس"، قال جونغكوك بهدوء، "لا يهم إن كان كل شخص تحدثنا إليه نفى أي اتصال له مع العائلة".

"ولمَ هذا مهم؟"، بدا الرئيس سونغ غاضباً الآن.

"حسناً، إذا كان هناك شخص آخر ، فهو شاهد حيوي" ،همهم نامجون ، "فلماذا لا يتقدم للشهادة؟".

صنع هوسوك وجهاً، "لا أعلم، ربما لأن ذلك سيحوّلهم ، من -شخص كبير قد هرب من مكان الحادث ، إلى مشتبه به- ضد -أوه ، هذه الطفلة ذبحت عائلتها بأكملها؟-".

"لا أعلم..".

"نامجون شي ، أنت لا تعرف البلدات الصغيرة.. إنهم مليئون بهذا الشعور القديم.. يهتم الريف اللعين بالأدلة بقدر اهتمامهم بالبقاء بعيداً عن التدخل في أعمال الناس".

عبس نامجون، "هذا الشخص لا يزال بريئاً".

"لستُ متأكداً حيال ذلك"، تمتم جونغكوك، "كان بإمكانه محاول إقناع العائلة، أتعلم؟ كان يمكن أن يأخذ مينام إلى المستشفى لتموت بسلام".

"هل تعتقد بأنه من الأفضل أن تموت مقيّداً في المستشفى بدلاً من المنزل؟".

دفع جونغكوك نفسه للجلوس بشكلٍ أكثر استقامة.. تجنب النظر إلى نامجون مباشرة ، ولا يزال غير متأكد ما إذا كان يمكنه التعامل مع الطريقة التي يحدق بها ذلك الرجل.

"من الأفضل أن تموت وأنت تعلم بأن فيروس قاتل يقضي على دماغك ، وأن الأوان قد فات ، وتتوقف عن تعذيبها ... بالخرافات، وبهذه الطريقة لن يتأذى أحد". توقف جونغكوك مؤقتاً، "أياً من كان معهم ، فهو مسؤول عن الوفيات".

"كيف ذلك؟".

"ربما كانت غير مقيدة أثناء الطقوس.. لذا فهو أكثر من مجرد شاهد".

"هل يتعلق الأمر بجيمين مرة أخرى؟"،بدا هوسوك غاضباً.

زمجر جونغكوك ، ونظر نامجون بينهما مرتبكاً، "من؟".

بعد أن أسقط أحد الملفات ، جلس هوسوك فوق طاولته. "بارك جيمين. هو حرفياً لا أحد.. أعني ، إنه شخص ما لكنه نوعاً ما كالأم تيريزا ، هل تعلم؟ يقوم بالخدمة المجتمعية ، ويقوم بالرعاية كدوام جزئي".

"كيف؟".

"كما تعلم ، يقوم بغسل كل كبار السن الذين لا يستطيعون تحمل تكلفة ممرضة حقيقية. ويتطوع للقيام بكل هراء الأعمال الخيرية".

نامجون فكر في الأمر ، "إذا كان من النوع الهادئ ، يعيش بمفرده، يمكن أن يكون ذلك...".

"لا ليس كذلك.. خذ جونغكوك على سبيل المثال. يتحدث الفتى مرتين في السنة.. أنا أعيش لوحدي أيضاً.. يتمكن الأشخاص هنا من مشاركة كل شيء مع الإحتفاظ به لأنفسهم في ذات الوقت".

سقطوا في الصمت.

بعد لحظة طويلة من التوتر ، وضع الرئيس سونغ الحد أخيراً.

"حسناً"،قال ، "عمل جيد"، وبعد ذلك نظر إلى هوسوك، "إلى مكتبي".

وقف هوسوك هناك ، مرتبكاً ، ثم تبعه إلى الداخل.

تبادل جونغكوك ونامجون نظرة ولكن لم يكن لديهما خيار سوى الإنتظار بصمت.. وقد حاول جونغكوك حقاً، بكل صدق هو حاول جاهداً التقاط أي كلمات ، لكن المحادثة كانت صامتة للغاية ، ولم يُصب إلاّ بالصداع.

عندما خرجا أخيراً ، بدا هوسوك قليلاً على الجانب الشاحب.

"ابقني على اطلاع ، وعمل جيد"، قال الرئيس.

ابتسم وأعطى كتف هوسوك ربتتين ثقيلتين في طريقه للخروج.

ردد هوسوك صدى كلماته، "عمل جيد".

في وقت لاحق ، بعد برميل جيد من البيرة ، النوع الجيد من القمامة ، تمكن جونغكوك من إستخراج كل شيء منه.

وبامتصاصه لعلبة من المياه القمامية المحلية ، أخبره هوسوك بأن سونغ أراد أن تختفي القضية ، وأنه أخبر هوسوك بالتخفيف من تحقيقاته ، وكيف كان مباشراً جداً واللعنة بشأن تهديده لوظيفة هوسوك.

"إذا رأيت أياً من ذلك في تقريرك ، جونغ.."، كانت كلمات سونغ بالضبط ، "الشيء التالي الذي ستكتبه هو خطاب استقالتك".

***

هوسوك لم يكتب أياً من ذلك ، بطبيعة الحال .

لكن الأمر كان أنهم لم يتمكنوا من تخفيفه أيضاً.

لم يختبروا حظهم كثيراً ، لكنهم قرروا على الأقل بأنهم اكتفوا من هذه النهايات السائبة.

"إن لم يكن من أجل العدالة وكل هذه الشعارات الجيدة"، قال هوسوك ، "إذاً من أجل نوم أكثر أماناً".

جعلهم جونغكوك يتبعون نظرية الشاهد الشامان ، ولكن قبل ذلك أراد نامجون التحدث إلى الجيران مرة أخرى ، البحث عن أي مكان يمكن أن تكون مينام قد ذهبت إليه وحصلت منه على داء الكَلَب.

لم يكن نامجون على علم بالمشكلة مع الرئيس سونغ في المقام الأول ، ليس لأنه لم يستطع أن يرى وجود واحدة ،فكر جونغكوك ، وهو يشعر بنظرة نامجون الحسّاسة للغاية على مؤخرة رأسه.

وعلى الرغم من أن الرغبة في سحق شخص ما في وجهه ، -ويُفضّل أن يكون نامجون أو تايهيونغ- ، زادت بشكل كبير مع الأيام التالية ، لكن كان على جونغكوك أن يعترف ببعض الحقائق المعينة.

مثل أن كيم نامجون قد أثبت بأنه مفيد بالفعل وأضاف الكثير من اللمعان إلى معضلتهم عبر المدينة.

التقط كيم نامجون عادات جونغكوك المتوترة حيث يميل إلى إبطاء ردود أفعاله في كثير من الأحيان بما يكفي لملاحظتها -على الرغم من أن الناس نادراً ما يفعلوا ذلك- ، لكن نامجون تمكن من رؤيتها.. لقد رأى ذلك ولكنه أخذها (تماماً) بطريقة خاطئة.. شعر جونغكوك بأن هذا هو الحال في كثير من الأحيان مع جعبة الحكمة الخاصة بنامجون.

اقترح نامجون عليه ترطيب وتنظيف غرفته والمشي لمسافات طويلة وكأن جونغكوك كان نوعاً من الهواة يعاني من نقص الفيتامينات.. وهذا بالضبط ما قال نامجون بأنه كان جزءًا من المشكلة.

"نقص الفيتامينات ، لمؤخرتي" ،زفر جونغكوك.

كانوا ينتظرون نامجون لإنهاء التحدث إلى جميع أنصاف الشهود الذين تم استجوابهم بالفعل ، ولثلاث مرات ، في الواقع.

"احصل على المزيد من الشمس ، يا فتى"،قال جونغكوك، "لمؤخرتي".

"إنه فقط يتصرف بلطف" ، دافع هوسوك وهو ينقر على عجلة القيادة، "رغم ذلك، لديك وجهة نظر.. أنا فقط من يمكنه مناداتك بذلك".

"نقص فيتامين".

"كن ممتناً لأنه لا يعرف بأنك ترى ذلك الهراء.. في الواقع ، كن ممتناً لأنني لم أرغم مؤخرتك على أخذ إجازة مرضية؟ مثل ، في الواقع ، هل يمكنني الحصول على بعض الإمتنان؟ الفعلي؟".

"شكراً".

"إهدأ"، نقره هوسوك على صدغه ، "لا تكسر أي شيء حيوي بتلك السخرية الحارقة لخصيتيك".

مر الوقت بسرعة الحلزون المقلقة ، والباقي في صمت.. وقد بدأ ذلك يدفع جونغكوك إلى الجنون.. كان كل هذا الضجيج.....

شعر بأنه محاصر في جسده ، يرتجف ، يحترق بسبب قلة النوم.. وفقط عندما أصبح دماغه في حالة تأهب كهرماني ، خرج نامجون من آخر منزل في قائمتهم.. بدا سعيداُ بشكل مزعج عندما اقترب من السيارة.

"إذاً، خمنوا ماذا؟"، كان أول ما قاله نامجون وهو يتمايل في المقعد الخلفي ، "خمنوا ماذا يا رفاق".

أغمض جونغكوك عينيه.

"رفاق.. خمنوا ماذا يا رفاق".

"ماذا؟"، قال هوسوك ، وكانت نبرة صوته الودية شديدة التوتر لدرجة جعلت جونغكوك يشخر.

"تلك السيدة اللطيفة هناك تعرف صديقة طفولة الجدة.. وتزعم السيدة بأن صديقة طفولة الجدة ، ذكرت شيئاً ما عن رحلة إلى ..."، تحقق من ذلك باستخدام مفكرته اللامعة من قماش القطن الفاخر -ياله من وغد- "جزيرة جيسيم".

"هذه ليست بعيدة"، قال هوسوك، "سلة المهملات السياحية ، منخفضة الكثافة السكانية ، يمكن أن تفسر ارتفاع مخاطر الإصابة".

"هذه أفكاري على وجه التحديد. وكان بإمكان وزارة الصحة والمواليد تخطي التطعيم في مثل مناطق صغيرة كهذه، أليس كذلك؟".

"أشك في ذلك"، قال جونغكوك، "مستحيل".

أطلق هوسوك نظرة على نامجون عابساً. "كيف تمكنت من إخراجها منها؟ لم تذكر ذلك من قبل".

"حسناً ، لغة جسدها.. ثم هناك إيقاع بصوتها وإختياراتها اللغوية.. بمجرد الحصول على نمط واضح ، من السهل ملأ الفراغات التي تراها مفقودة".

"أوه".

"أجل"، أومأ نامجون برأسه ، "أن تثني تحفظهم ليصبح تأكيداً.. كالرشاوي العقلية ، هل تعلم؟ وبمجرد أن تضغط عليهم ، فإن حملهم على التحدث هو كقطعة من الكعكة".

ياإلهي..فكر جونغكوك ، يمكنه أن يقسم بأنه كان يحطم نوعاً ما من الأرقام القياسية في السرعة التي يرمش بها ، لذلك حاول بشدة أن يبقي عينيه تحت السيطرة.

"هذا ضيق"، قال هوسوك.

مع وجود شيء واحد واضح الآن ، قرروا أن ينهوا اليوم وأن يُنزلوا نامجون في بيت الضيافة الذي كان يقيم فيه.. بقلب وسط المدينة بالطبع..

شاهدا نامجون من خلال الزجاج الأمامي وهو يتمدد أمام غطاء المحرك ويلوّح وداعاً.. ليست تلويحه حقاً، لكن أقرب لنقرة معصم خفيفة.

"نقص فيتامين" ، سخر هوسوك فجأة ، "يا له من وغد".

"أوه ، هيونغ ، هيا الآن. إنه فقط يتصرف بلطف".

ضحك هوسوك، "لابأس به".

"نعم ، إنه كذلك. أعجبني".

"من المؤكد أن لديك طريقة مضحكة لإظهار ذلك في بعض الأحيان"، قال هوسوك.

احتفظا بأفكارهما الخاصة طوال الطريق إلى منزل السيدة كيم ، لم يكونا على قيد الحياة حقاً بما يكفي لأي مزاح ، ولكن بعد ذلك انسحب هوسوك أمام البوابات ، وتنحنح ، تلك العلامة التي تشير إلى أنه يحاول أن يكون حذراً ، وقال، "إذاً، أنا سأتحدث إلى جيمين غداً".

يا لها من طريقة لإيقاظه.. كان جونعكوك يأمل أن يبدو وجهه طبيعياً ، لأن ذلك كان مهماً للغاية لسبب ما.

"في المركز؟" ، سأله.

"لا، ذلك الشاب لديه جدول زمني ضيق وكل هذا الهراء.. سنأخذ شيئاً لنأكله".

"هل أنت متأكد من أنه ليس موعداً".

"هل أبدو لك بأنه تنقصني المضاجعة؟".

كان هوسوك يغيظه بهدوء ، وكان جونغكوك ممتناً لامتلاك هذا المنفس الصغير له.. أعطى هوسوك تأملاً جاداً مرة أخرى.

"من الصعب أن أعلم بالنسبة للناس في مثل عمرك".

نقر هوسوك على لسانه، "بلد بأكمله ممتلىء بالمبتدئين المستقيمين كي آخذهم تحت جناحي ، وأنا أحصل عليك".

"هيا. ماذا ستفعل حتى مع شخص مستقيم؟".

***

انتهى الشابتر الأول

***

Continue Reading

You'll Also Like

3.1M 208K 22
{مكتملة} "إن لم تستطيعي رؤيتي.. فاشعري بي"
4M 192K 30
' انتي حتى تمنعينني من ابسط حقوقي كزوج ' اَشعُر وَ كَأَننِي فِي فِيلم هَذَا حَقِيقِي؟ "اُحِبُك" كَلمِة تُقَال لِمليَار فَتاة كُل يَوم ، لَكِن هَل ه...
2.6M 106K 20
تايهيونغ تعرض للأستغلال من قبل حبيبه لهذا عوضاً عن البكاء هو قرر أن يعيد الأخر معتذراً و متوسلاً للحصول على رضاته ڤِيكَوك: المُسيطر؛جيون جونغكوك الخَ...