المشهد التاسع

38.1K 1.8K 59
                                    


استحوذ الصمت على ما تبقى من تلك الأمسية اللطيفة، مع عبوس واضح، نظرات مشتتة، وتعابير شاردة. عاد الاثنان إلى الفيلا، ولم يسعَ "أوس" للضغط على زوجته، للخروج منها بمعلومة مفيدة، توضح له التغيير المقلق الذي انتابها، سيحصل على غايته بطريقته، وبعيدًا عن إحراجها. وقف في مكانه بالردهة المتسعة، ونظراته تتابع حركتها وهي تتجه نحو المطبخ، ثم أخبرها بهذا النوع من الهدوء الذي يسبق العاصفة:

-هاعمل شوية تليفونات على السريع، وراجعلك يا حبيبتي.

حركت رأسها بتفهمٍ وهي تهمهم قائلة بفتورٍ:

-ماشي.. خد وقتك.

لاحقها بنظراته إلى أن اختفى أثرها، حينها استدار متجهًا إلى خارج الفيلا، ليقف في الحديقة المتسعة، تخلص من رابطة عنقه، وحرر أزرار قميصه ليكشف عن معظم صدره المتخم بالعضلات المشدودة، ثم بدأ في متابعة ما أرسل إليه عبر البريد الإلكتروني، وكانت المفاجأة الصادمة، عن تحرش إحدى السيدات الراقيات بزوجته، وتعريضها لنوعٍ من التعنيف اللفظي، والأسوأ من ذلك بدء تداول التسجيل المرئي على مواقع التواصل بشكلٍ متهكم ومهين، ذكره هذا التفكير الشيطاني بنفس الواقعة المؤسفة التي حدثت في الماضي، وكطبيعة الحال، لن تتوقف وسائل الإعلام عن الخوض في شرفه بشتى الطرق، لذا كان عليه أن يوأد تلك المهزلة قبل أن تندلع أكثر، وبطريقة حاسمة، رادعة. استغرق وقتًا في التفكير؛ لكنه استغله في التخطيط للثأر لكرامة زوجته. وضع هاتفه المحمول على أذنه، وقال بلهجة قاتمة بعد أن هاتف أحدهم:

-قريت الميل.

أتاه صوت محاميه معقبًا:

-أيوه يا باشا، وهيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية.

تابع "أوس" ممليًا أوامره عليه:

-عاوز بيان شديد اللهجة يطلع على لساني لأي جهة تتكلم عن اللي حصل، وأي أثر للفيديو ده يتمسح من على السوشيال ميديا، كأنه محصلش، مفهوم؟

رد دون نقاشٍ:

-تمام معاليك.

أضاف بعد ذلك بنفس النبرة الصارمة:

-والمعلومات بالكامل عن الست دي وجوزها، ده لو كانت متجوزة أصلاً، تكون عندي، فيها كل حاجة، فاهمني؟

على الفور جاءه الرد القاطع من محدثه:

-اعتبره تم با فندم.

شدد عليه بلهجة من يقرر، لا من يخير:

-ماتكلمنيش إلا أما تكون خلصت، ومتتأخرش عليا.

قال المحامي بانصياعٍ:

-علم وينفذ يا باشا.. في خلال ساعات كل حاجة هتكون بين إيدين معاليك.


يتبع >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

غسق الأوس ©️ - ليلة دافئة - كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن