١١

206 25 6
                                    


نعود لليال التي وجدت من اجتماع ابويها على مائدة العشاء
فرصة مناسبة لإخبارهم بقرارها ؛ فبدأت تقول :
_ أمي ؛ أبي أريد أن اخبركم بقرارٍ اتخذته .
والدها : نعم تفضلي .
_ لقد قررت أن ارتدي الحجاب ؛ وهذه المرة بدون تراجع .
الأب : ليال ؛ أنتِ تعرفين رأينا بهذا القرار إذ لا مائع لدينا »
ونحن تركناك حرة ؛ لم نجبرك على ارتدائه أو تركه .
ليال : لكن ... لين حجاب فقط ؛ أنا أريد ارتداء العباءة
أيضاً.
فقالت والدتها باستغراب : عباءة ؟!!
ما هذا الكلام يا ليال ؛ في أي جيل نحن !! لقد تطورنا وتغير
كل شيء ؛ هل نعود للوراء ؟
ليال : يا أمي الستر لا علاقة له بالتطور ؛ من قال إن
التطور بترك الستر ؟
ألم يكن الحجاب مجهول في عصر الجاهلية وجاء الإسلام
وأمر بالحجاب ! هل الجاهلية أحدث أم الإسلام ؟ثم أنكِ تُصلين وتقرأين القرآن وربُ العالمين يقول : (وَلَا
تَبَرَجُنَ تَبَرٌجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولى) .

الأم : نعم الستر لا يشترط في العباءة فقط ؛ هناك ثياب كثيرة
مناسبة لأن تكون حجاباً اسلامياً .

ليال : صحيح كلامك يا أمي ؛ لكن لكل شيء درجات وأعلى
درجات الستر هي العباءة التي تتحقق بها كل شروط العفة
وانا اطمح للحصول على أعلى الدرجات .

_ لا اعلم ما هذا التفكير !! كيت تجمعين بين العباءة
والجامعة » ليال كفي عن هذا ارجوكِ ؛ وفوق ذلك أنت
باختصاص الهندسة ؛ ما هذه المهزلة ؛ لماذا تحرمين نفسك
وأنت في مقتبل العمر ؛ العباءة للنساء المُسِنَّات فقط .

ليال : أمي أرجوكِ ؛ لا تقولي هذا الكلام لا شيء يمنع من
ارتداء العباءة في الحرم الجامعي ؛ ولن ينقص من عقلي
شيء اذا ارتديتها ؛ ولن تؤثر على دراستي وتخرجي ؛ ولن
تُحِدّ من حريتي ؛ العباءة تمثل الحجاب السليم وليسّت سجناً ؛
أنا سأكون على ما أنا عليه مع العباءة ؛ والستر غير مرتبط
بعمر محدد ؛ رب العالمين أمر جميع النساء بالعفة ولم يحدد
فئةٌ عمرية معينة .كان والدها يستمع لكلامها وهوّ مستغرب من اصرارها ؛
ولكنه أيضاً غير مقتنع بقرار ابنته ...

(عائلة ليال وأقاربهم بشكل عام كانت غير ملتزمة بعض
الشيء ؛ ترتدي فتياتهم الحجاب نعم ؛ لكن لين بالصورة
الصحيحة التي تمثل الحجاب الاسلامي الصحيح ؛ ما يهمهم
هو فقط وضع وشاح على الرأس ولا علاقة لهم بمواد
التجميل التي تملا الوجه أو خصلات الشعر الهاربة من تحت
الحجاب بل يجب أن نسميه (النصف حجاب) ) .

فقالت الأم : ليال لقد قلت لكِ ؛ تريدين الحجاب ارتدي
الحجاب كبنات خالاتك ؛ لكن العباءة لا ؛ لا أريد أن تكوني
اضحوكة بين بنات خالاتكِ وقريباتك ؛ وانتهى لا نقاش في
هذا الأمر .

قالت ليال وعينّيها مليئة بالدموع : اي حجاب هذا يا أمي
!!! الحجاب مع الثياب الضيقة أو القصيرة ؟ مع المكياج
والألوان التي تملأ الوجوه !! وما شأني أنا بقريباتي لا أحد
يتحمل مسؤولية نفسي غيري ... ثم نهضت وتركت طعامها
وقالت :

الحجاب فريضةٌ إلهيّة ؛ وليس أمرًا خاضِعا للأذواق
الشخصيّة أو الأهواءٍ الفرديّة ؛ أنا اتخذت قراري هذا وقلت
لكم بدون تراجع ابداً ؛ وشكراً لكم يا والداي الحنونين
الحريصين على ديني .
توجهت ليال لغرفتها والحزن خَيِّمَ على وجهها الملائكي ؛ لا
تستطيع التوقف عن البكاء ؛ عاتبت عائلتها بنفسها قائلة :
أهكذا هي الأمانة التي اوصاكم الله بها!!

ألم تقولوا لي إِنَّ الأبوين يُسألان يوم القيامة عن ذريتهما
ويحاسبان عليها ؛ وهي امانةٌ عندهم ؛ أنا لا أريد أن أكون
سبباً في عذابكما وأنتما تُجازونني بهذه الطريقة !!

بُعداً أن أتراجع عن قراري هذا ؛ وأنا التي بدأت الآن أعرف
من أنا ؛ بعد أن كنثُ مجهولة بعين نفسي ؛ بدأت تواً أبصر
النور واترك حياتي الضالة والغافلة التي كانت تحيطني من
كل جانب ...

بقيت ليال على هذه الحال حتى تعبت من شدة البكاء ونامت
في مكانها ؛ أما والديها كانا مستغربين من هذا التحول
ويجهلان السر وراء هذا التَغْيِّر المفاجئ ؛ وظنا انها كالعادة
ستعود وتتراجع عن قرارها أو تتركه من دون النقاش به مرة
أخرى ؛ فتركا الموضوع من دون اهتمام ...
(في فجر اليوم التالي)

اتصلت فآطمة بليال لإيقاظها لصلاة الصبح كما اتفقت معها
سمت ليال صوت هاتفها يرن فقامت من مكانها وهي تشعر
بألم في رأسها :

إنها فآطمة ؛ ما الأمر لماذا تتصل بهذا الوقت !!

أجابت : الو

فآطمة : السلام عليكم حبيبتي ليال .

ليال : وعليكم السلام فآطمة .

_هل أنت مستعدة صديقتي؟

- مستعدة لماذا ؟

_الصلاة عزيزتي !! هل نسيت الاتفاق ؟
-آه نعم تذكرت ؛ أنا آسفة صديقتي تحمليني فلسث متعودَةً
بعد .

_لا داعي لتتأسفي ؛ غاليتي ؛ المهم أن تؤدي الصلاة ؛ هيا يا
مجاهدة وفقك الله .

شكراً لكِ من كل قلبي ؛ لا تنسيني من الدعاء .

كلا أبداً لن أنسى صديقة الصلاة من الدعاء » أراكِ في
الجامعة إن شاء الله .

إن شاء الله ؛ مع السلامة .

حَفِْظَكِ الله .

تذكرت ليال ما جرى يوم أمس ؛ وقالت بحزن : يوم جديد
وورقة بيضاء جديدة في سجل الآخرة ؛ ستتلوث كالعادة
بسبب سفوري وعصياني ...

يارب أنا خجلة منك ؛ كيف سأخرج ؟

أنا أطلب منك المساعدة ولن اكت عن طلبها حتى التمسها
فلا أحد لي غيرك .قامت وتوضأت ثم توجهت لصلاتها بقلبها المحب الصادق ؛
قرأت بعض آيات القرآن بعد إتمام الصلاة ؛ ودعت الله تعالى
كثيراً لأن يوفقها ويساعدها .

لم يفارق ليال الحزن فقررت أن تلتقي بفاطمة حال وصولها
للجامعة ...

 رواية قَلبٌ طَهُورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن