٢٥

90.2K 4.4K 74
                                    

الفصل الخامس والعشرون..

رفعت رأسها تطالعه لتقول بنبرة غاضبة : انت...!!.
اقترب عدة خطوات وهو يقول بخفوت : ندى انا...
نهضت من الفراش ترمقه بغضب، لتقترب منه هي وتختصر تلك المسافات بينهم، وقفت امامه مباشرةً تطالعه بعيون باكية غاضبة تحمل بين طياتها العديد والعديد من المشاعر، همست بكره وهي تكور قبضة يديها وتضربها في صدره  : انت ايه، انت واحد خاين، كذاب، اناني، انا اتخدعت فيك، انت كنت بالنسبالي حاجة كبيرة اوي حتى بعد طلاقي، لكن دلوقتي وفي اللحظة دي...
أشارت بيدها له وهي تقول : حاجة صغيرة أوي أوي..
امسك يديها بين يديه ليقول بأسف : انا مكنتش أعرف انك بنت خالتي والله...
هتفت بإستنكار : والله!!!، مهما تقول انا عمري ما أصدقك، كفايه بقى كذب...
تشجنت ملامح وجهه وجسده قائلًا : والله ما أعرف، انا اتفاجئت زي زيك ..
ضحكت بسخرية ثم رمقته بحقد : ومكنتش تعرف ان ليك أهل ولا اتفاجئت زي زيك...
أشار على نفسه ليقول : انا عارف ان انا غلطت وغلط كبير، بس والله يا حبيبتي...
نهرته بعنف : اخرس، متقولهاش، انت عمرك ما حبتني، عمر ما قلبك ده..
وأشارت على قلبه : عمر ما قلبك ده حبني لو للحظة واحدة...
صمتت لبرهة ثم قالت بلهجة باكية مرتعشة : لو كان دق ليا، عمره ما كان كسرني كده .
ابتعدت عنه وذهبت صوب الفراش تجلس على حافته، وضعت وجهها بين يديها وبكت بصمت، ضغط على شفتيه ندمًا لما فعله بها، وبما يفيده الندم في حالتها تلك، اقترب منها ثم جثى على ركبتيه أمامها ومسد على خصلات شعرها الذي افتقده كثيرًا ليقول بلهجة حنونة : والله بحبك، بحبك اوي، لما حسيت ان هاتكشف قدامك وهاصغر في عيونك، هربت منك، انا بعترف ان هربت منك، مقدرتش اواجهك..
ابتلع ريقه بصعوبة وأكمل حديثه : عمك واللوا سمير ضحكوا عليا، فهموني انهم كانوا خايفين عليكي من العملية اللي عمك كان ماسكها، انا خفت ارفض ويحصلك حاجة واشيل ذنبك، وافقت وانا كنت فاكر اني هـ اقدر انفذ وعدي مع عمك، بس فشلت لما شوفتك، مكنتش قادر احكم على قلبي مكنش ليا سلطان عليه وحبيتك ، لغيت عقلي...
رفعت وجهها وقالت من بين شهاقتها المتتالية : لو كنت وقفت للحظة قدام عمي وواجهتني وحكتلي كنت قدرتك، يمكن كنت مشيت معاك وقتها، بس انت ذنبك اكبر من ذنبه ...
مد يديه وحاول مسح دموعها، امسكت يده برفض وهمست : متلمسنيش..
وضعت يديها على شعرها عندما تذكرت انه طليقها فوقفت تجلب حجابها، قاطعها عندما قال : انا رديتك لعصمتي...
التفت له ترمقه بغضب وكره، فقال مصححًا : من قبل ما أعرف انك بنت خالتي، او اعرف انك حامل، رديتك وانا في شغلي وحاولت أوصل لعمك أبلغه بس تليفونه كان مقفول...
هتفت بتعالي ولهجة صارمة حادة :هاطلقني، لاني لايمكن اكمل حياتي مع واحد زيك..
هتف برفض وهو ينهض : لأ، انا مش رديتك علشان اطلقك انا رديتك علشان احارب واوصل لقلبك من تاني..
التوى ثغرها بسخرية وهي تقول : وهاتقدر بقى تقف في وش مامتك وتقولها الي انت عملته، هاتقدر تحكيلها وتكسر قلبها وتكسر فخرها انها عندها ابن زيك..
اقترب منها وهو يقول بثقة : اه هاقدر اواجها لان امي اكيد هاتقدر ان غرضي نبيل من الاول..
هتفت بأستهجان : وتحول لشئ..
بتر حديثها ليقول بتحدِ : قبل ما تتكلمي وتقولي أي حاجة انا هاثبتلك كل كلامي وهاخرج دلوقتي وقدامك وهادافع عن حبي قدام أمي، لان انا راجل يا ندى، وسبب هروبي من الاول كان منك انتِ...علشان متتكسريش كده قدامي..
وقبل ان يخطو خطواته باتجاه الباب، ظهر صوت صراخ قوي : ماماااا..
انتفض قلبه برعب واتجه صوب الباب بلهفة وقبل أن يفتحه كانت ندى تمنعه قائلة : اخرج من البلكونة ، انا مش عاوزة حد يعرف اللي بينا، لانى مُصرة ان مامتك لو عرفتك ممكن يجرالها حاجة..
لوهلة نسي صراخ اخته وكاد ان يرد لولا ظهور ذلك الصراخ مجددًا، التفت بعجالة نحو الشرفة واتجه منها الى غرفته ومنها الى الردهة وفي نفس الوقت فتحت هي باب غرفتها فتقابلت أعينهم في لحظة عابرة، قطعها نداء ليله له : ابيه ماما واقعة في الارض مبتردش..
دلف الى غرفة والدته بلهفة حملها من على الارض برفق ثم وضعها على الفراش ومسد على يديها قائلًا بنبرة قلقة : مامااا..
التفت بوجهه لليله : صحي المتخلف اخوكي ده بسرعة..
هزت رأسها بسرعة وهي تتجه الى الخارج في نفس الوقت دلفت يارا بلهفة واتجهت صوب والدتها تهزها برفق : ماما مالها، ماما..
أوقفها مالك قائلاً : اهدي ، هاتكون كويسة، هاتي اي حاجة نفوقها بيها..
مدت ندى العطر له، رمقها بحب فتجاهلت نظراته وهي توجهه نظراتها نحو خالتها، دلف عمرو وهو يبتلع ريقة بصعوبة : ماما مالها..
اقترب منها وعدل من وضعية رأسها ومرر العطر على أنفها : ماماااا...
بعد عدة محاولات فتحت ماجي عيونها بوهن، مررت نظرها عليهم، حتى وقعت عيناها على  ندى، فظهر شبح بسمة على ثغرها، جميعهم حولوا بصرهم نحو ندى يرمقونها باستفهام، فهمست ماجي بصوت مجهد وكأنها تحارب لالتقاط انفاسها : انتي لسه هنااا ممشتيش صح ؟
اؤمات ندى رأسها وهي تقترب الى جانب يارا تمسد على يد خالتها بحنان : اه يا حبيبتي لسه هنا..
هتفت ماجي بنبرة يتخللها الرجاء : مش هاتمشي صح يا ندى ؟
هتفت يارا بتساؤل : تمشي ليه؟!..
توترت ندى من نظراتهم خاصة نظراته هو، فقالت برقة : مش هامشي دلوقتي، المهم تكوني بس انتي كويسة..
جلب عمرو جهاز قياس الضغط اثناء حديثهم فقال بلهجة معاتبة لندى : ماما ضغطك عالي أوي، حاولي تهدي شوية..
همست بتعب وحزن : ااطلعوا وسبوني لوحدي..
همت يارا وليله بان يعترضوا ولكن أشار لهم مالك بأن يخرجوا، خرجت ندى أولهم واتجهت صوب غرفتها تحتمي بها من اسئلتهم وحديثهم، اما ماجي فقالت برجاء لمالك : مالك روح كلمها خليها تقعد، معرفش هي قررت فجأة ليه كده..
نهض مالك متوترًا ليقول : مظنش هاتقتنع مني انا، حاولي تهدى وتنامي..
وقبل ان يخرج استمع حديث عمرو لها : هاروح انا اقنعها لو اقنعتهالك هاتجوزيني البت مريم ماشي..
ابتسمت له بهدوء وقالت : اعملها انت وبس ومالكش دعوة..
قبل عمرو جبينها ثم نهض واتجه صوب غرفة ندى فأوقفه مالك قائلًا بغيرة : انت بتعمل ايه! .
أشار له عمرو برأسه ثم تحدث بحماس : هادخل اقنعها..
طرق عمرو الباب وانتظر صوتها يأذن له بالدخول..دلف مالك الى غرفته بسرعة ومنها الى الشرفة التي ما زال بابها موارباً ، وقف يطالعهم بغيرة ويستمع الى حديث عمرو لها...
_ معاكي عمرو جان العيلة دي وأحسن واحد فيهم كلهم..
ابتسمت برقة ورحبت به برأسها ،فـ ظهر صوتها ضعيف : اهلًا بيك..
اعتدل في جلسته ليقول : بصي انا في مهمة قومية علشان امنعك انك تمشي بعد ما مالك اخويا أعلن انسحابه من انه يقنعك..
همس مالك من بين اسنانه بغيظ قائلًا : غبي... هي ناقصة عك...
استمع الى حديثه وهو يقول : انتي ازاي عاوزه تسبيننا احنا عيلة فرفوشة أوي وهاتحبينا والله، عندك أنا بحب البت مريم بنت صاحب ابويا الله يرحمه، وهاموت واتجوزها وابوها هايقف في الحكاية لو عرف..
رمقته ندى باستغراب، ولم تختفي ابتسامتها، فأكمل هو : عندك يارا مثلًا فارس صاحب مالك بيحبها وهيموت ويتجوزها وهي بتمثل وبترفض ... اه صحيح أعرفك بفارس بقى ده صاحب مالك بس غيره بيحب الهزار والضحك زيينا بردوا غير مالك أخويا مش رخم زيه..
لم تتعجب كثيرًا عندما ذكر اسم فارس أمامها، انتبهت على حديثه التمثيلي : اوعي تقولي لمالك الكلام ده، اصل ايده تقيلة....
كور قبضته بغيظ شديد قائلًا : ده انا ايدي هاطرقع على قفاك..
أكمل عمرو حديثه : والبت ليله دي بقى مسخرة، احنا عيلة حبوبة أوي أوي..
همست ندى بتساؤل حزين : ومالك ؟!.
ضحك عمرو عدة ضحكات ليقول بمزاح : ده الشرير بتاعنا...
لمحت يده وهو يقف خلف باب الشرفة ، رفعت نظرها له ترمقه بحزن وخاصة عندما استمعت لحديث عمرو لها : لا بجد مالك اخويا ده مفيش أحن منه في الدنيا، ده ضهرنا وسندنا، احنا بنعتبره في مقام بابا كده، لانه بابا مات واحنا صغيرين أوي ومالك حاول يعوضنا رغم انه كان صغير بردوا، لو كنتي اضايقتي منه في حاجة ، متزعليش هو يبان جامد، بس من جواه طيب أوي...
دلفت ليله وهي تمد يديها بقطعة حلوى : جبتلك ريد فلڤت انا عاملها بايدي...يمكن ارشيكي وتقعدي معانا..
جلست بجانبها وهي تضع الحلوى امامها بفخر، فـ هتف عمرو باشمئزاز : اوعي تاكليها دي تقرف، مريم بتعملها أحسن منها..
دلفت يارا هي الاخرى ساخرة : اه نعرفك بقى احنا بعمرو، ده اسمه عمرو مريم، تقريبًا بيقول اسم مريم مية مرة في اليوم..
ضحك عمرو بسخرية ليقول : حقودة أوي..
تجاهلته يارا ووجهت حديثها الجدي لندى : من فضلك تقعدي معانا علشان أول مرة اشوف أمي بالضعف ده لغاية حتى ما تشبع منك، او هي تتقبل فكرة انك تمشي، وبعدين كلنا عاوزينك اهو ولو على مالك متقلقيش أكيد هو عاوز راحة ماما هو طيب على فكرة وحنين أوي..
هتفت ليله بمزاح : طبعًا كله الا ابيه مالك، ده كفايه نظراته الحنينة بس..
ثم صاحت بحماس : ازاي مخدتش بالي، لون عيونك نفس لون عيونه الجامدة بالظبط..انا لازم اصوركوا مع بعض...
هتف عمرو بمزاح : ايه ده تصدقي مخدتش بالي، انتي اللي عينك جاحدة يا ليلة..
لكزته بكتفه بغيظ، فقال بضحك : اقصد جامدة...
هتفت يارا بجدية : يالا نقوم ونسبلها القرار، وياريت متزعليش ماما..
غادروا جميعًا وأغلقوا الباب خلفهم، نظرت للشرفة وجدته غادر هو أيضًا، حسنًا هي تحتاج الرحيل كمن احتاج للبتر لعلاج دائه، الرحيل هو علاجها الاول والاخير في هذه الرحلة، ولكن مع نظراتهم وحديثهم لها، رق قلبها الضعيف، وأيضًا خالتها، هي تحتاج لها تحتاج لحنانها وتستمتع بدفئها وأمانها، نهضت من مكانها واتجهت صوب الباب وهي تقرر البقاء لفترة حتى تتعود خالتها لفكرة رحيلها..اتجهت صوب غرفة خالتها وطرقت الباب..
_ حضرتك صاحية..
اعتدلت ماجي في جلستها وقالت : آه تعالي يا حبيبتي..
تقدمت منها ندى وجلست على حافة الفراش بالقرب منها ثم قالت بهدوء : انا هاقعد علشان خاطرك ممكن بقى تهدي وتكوني كويسة مش علشاني علشان خاطر اولادك...
حاوطت ماجي وجه ندى بيديها ثم قالت : لا علشانك انتي، انا هاكون كويسة وهاهدى علشانك انتي.
ابتسمت ندى بحزن قائلة : مكنتش متخيلة ان هالاقي حد يحبني زي عمو رأفت الله يرحمه..
عانقتها ماجي بقوة قائلة : انا بحبك أكتر منه كمان، انا معاكي وهافضل جنبك وعمري ما أفرط فيكي أبدًا..
انسابت الدموع من عيونها بهدوء وصمت وشددت على عناق خالتها، ابتعدت خالتها عنها ببطئ قائلة وهي تشير على الفراش : تعالي نامي معايا وجنبي انهارده...
هزت ندى رأسها باستسلام واندست بجانب خالتها، مسدت خالتها برفق على شعرها، أغلقت ندى عيونها وهي تخرج من صدرها تنهيدة كتمتها لفترة طويلة...غرقت في النوم عندما حاوطتها خالتها بيديها لتشعرها بحنان افتقدته لاعوام طويلة.
.......
بشقة عمار...

قلوب مقيدة بالعشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن