الفصل الرابع

202 6 0
                                    

_ الفصل الرابع _
جالسةً أمامه صامتة تلعن نفسها لأنها هنا ، فبعد أن اتخذت قراراً بعدم مجيئها ، شيء في داخلها ألح عليها لتأتي ، و ها هم بعد ما يقارب العشر دقائق جالسون دون حديث ، تهرب من نظراته التي مذ جاءت وهي تلاحقها ، ' تباً لعينيه ، ما به ينظر إليّ هكذا !! '
_ رمادي ؟ تساءل متعجباً من لون ثوبها .
_ إنه لون الحيرة و الضياع ، لا هو أسود فيريحني ويبعث الطمأنينة فيّ و لا هو أبيض يخيفني و يكون نذير شؤم لي .
_ هههههههههههه، أي أنه يعاني من إنفصام في الشخصية .
هبت واقفة من مكانها مستنكرة سخريته منها : هل دعوتني لتسخر مني .
_ حسناً أعتذر ، فلنبدأ من جديد .

جلست دون أن تضيف أي تعليق .

_ عشت حياتي مع أختي بعد وفاة والديّ ، و منذ حوالي العامان تزوجت من صديقي الوحيد و سافرا للخارج و انقطع التواصل بيننا إلاّ من بضع مكالمات هاتفية لا تتعدى سوى دقائق ، كنت أعيش حياة روتينية بين البيت و العمل ، عندما رأيتك في حفل الخطوبة حزينة جالسة على كرسي بزاوية من زوايا القاعة ، أحسست أنك حزينة من أجل علي ، للحظات تمنيت أن أكون مكانه ، أن أجد شخصاً يهتم بي ، يشاركني همومي و عندما رأيتك تخرجين من القاعة وجدت نفسي ألحق بك دون شعور ، لقد ندمت بعد أن طلبت الزواج منكِ في أيّ موقف غباء وضعت نفسي ، لكن حين صادفتك مع محمود أمام السينما و جدت نفسي أفكر فيك من جديد و أفكر في عرضي لك ، لن أقول لك أنني أحببتك من أول نظرة أو أنني مراهق أو أنني ذو شخصية سادية همها امتلاك الأشخاص ، كل همي أنني أجد شخصاً أشاركه حياتي ، يملأ أوقات فراغي ، أنثى مؤمنة تمسك بيدي نحو الأعمال العبادية ، نتسابق في عدد الحسنات ، ووجدتك أنتِ من أستحقها ، فهل تقبلين بي؟

جلست صامتة متفاجئة من حديثه ، لم تتوقع أن يكون صريحاً معها هكذا ، حزنت و تعاطفت معه في بادىء الأمر ثم تفهمته لما يعيشه من وحدة و وجدت نفسها دون وعي منها تقول بصوت خرج خافتاً مرتبكاً : موافقة .

ابتسامة عريضة شقت وجهه و بريق عينيه كالألماس ، لا يصدق أنه وجد نصفه ، وجد من تشاركه حياته البائسة .

_ متى تريدين الزفاف ؟ سألها متحمساً .
_ أريد أن أعيش فترة خطوبة لنتعرف على بعضنا أكثر . أجابت على حياء و عيونها تنظر إلى الطاولة أمامها و في خديها حمرة تزين محياها .

_ حسناً كما تريدين ، لم نطلب الطعام حتى الآن ، ماذا تريدين أن تتناولي .

عادت إلى منزلها سعيدة ، فبعد الغداء أخذا يتحدثان بشتى المواضيع فاكتشفت فيه ذكاءه و سلاسته في طرح المواضيع ، تقبُل رأيها و تشجيعه إياها على مقررات حياتها ، لفت نظرها تقبله لعملها كممرضة تعمل ليلاً نهاراً و أنها هي نصفه الثاني الذي لا يكتمل إلا به " فوراء كل رجل عظيم ٍ إمرأة " ، عكس أغلبية الرجال الشرقيين الذي يحرمون الأنثى من وجودها تحت مسمى العادات والتقاليد ، حبذا لو يهتمون بدينهم أكثر من أعرافهم لكان العالم بخير تسوده الأخلاق الإسلامية الصحيحة .

فقدت قلبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن