الثانِي .

1.3K 73 7
                                    


كان أحدُهما شاباً يميلُ إلى القُصر ، في نحو السابعة والعشرين
من عُمره ، له شعر أشعَث كـسوادِ الليّل ، وعينان صغيرتان لها لون
رمادي ، و أنفٌ عريض ، و وجنتان بارزتان ، وشفتان رفيعتان
تلتويان عادةً بابتسامة وقحة ، مع هذا كان جبينه مرتفعاً و حَسنُ المظهر مُغطيًا على الوقاحة الظاهرة أسفل شفتاه .
ولكن أبرز ما كان يُميز ذلك الوجه هو صُفرته المُشابه للموتى ،
تُغطي وجهه علامات الإرهاق الشديد برغم من نظراته . وفي
الوقتِ ذاته كان ظاهراً عليه نوعاً من مشاعِر الآلم النفسي العنيف
الذي لم يتماشى مع ابتسامته الوقحة و مظهرهُ الدال على الثقة بالنفس .

و كذلك كان يرتدي معطفاً كبيراً من فِراء الاستراكان الأسود الذي مدهُ و زودهُ بالدفء طيلة الليّل ، هذا بينما اظطر زميلهُ في السفر
إلى إحتمال برودة روسيا في هذه الليّلة من نوفمبر بلا أي أدنى إستعداد . وهذا لأن ردائهُ كان صوفي واسع أشبهُ بالعباءةِ لم يكُن
مُلائماً لرحلة طويلة في جو روسيا البارد من مدينة أبكونين إلى بطرسبرج ، وكان صاحِب هذه العباءة شاباً ايضاً في نحو السادسة
أو السابعة العشرين من عمره ، أطول قليلاً من المتوسط ، له شعر
أشقر كثيف ، و وجنتان غائرتان ، ولحيةٌ رفيعة مُدببة شهباء ،
وعينان واسعتان زرقاوتان تُطل من نظارتهما الآخاذة تلك السِمات
التي تجعل الناس يعلمون أن صاحبهُما من المُصابين بداء الصرع .

وكان وجهه رغم هذا وسيماً تماماً ، حساساً فاقد اللون ايضاً إلا أنه
عندئذٍ كان يملك زُرقة طاغية بسبب الطقس حينذاك . وكان مُمسكاً
حقيبة متواضعة من قُماش حريري حائل اللون يطغي عليها أنها
تضم كُل ملابسه التي يحملها في سفره . وكان ينتحل حذاءً غليظ
النعل له جرموق ، و على الجملة كانت سمته ومظهره عامةً تنُم
بوضوح على أنه ليس روسياً إطلاقاً .

الأبله.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن