ابراهام

2.6K 287 43
                                        



ركنتُ السيارة جانباً في بداية الطريق المنحدر والذي يقود إلى حي ساركوزي. لا يزال الوقت مبكراً التاسعة والنصف صباحاً، ولكونه فصل الشتاء فالجو غائم ويبدو كأن الشمس لم تسطع بعد.

تلفت من حولي لأجد الشارع المألوف خالياً تقريباً إلا من بعض القطط الشاردة. الجميع يفضل البقاء في الداخل في مثل هذا البرد. حتى وإن كان يوم عطلة كما يبدو.

أنا أيضاً كنت متردداً في الخروج من سيارتي الدافئة إلى ذلك الجو المبهر لكن لم يكن في يدي حيله إن كنت أريد أن أكون أول الواصلين.

رسمت إبتسامة على وجهي وأنا انظر عبر نافذة السائق إلى ذلك المنحدر العالي، أكاد أرى خمسة مراهقين يسيرون فيه في خط واحد، ثلاث فتيات في المنتصف وصبيان على الجانبين، وفجأة يبدأ الصبيان في الجري بسرعة وبصعوبة بسبب الإنحدار وهما يتسابقان أيهما يصل أولاً فتبدأ الفتيات بالتذمر لكنهن سرعان ما يبدأن سباقاً سوياً على أي حال.

أطلقتُ ضحكة ومررت يدي على شعري بينما أشعر بنبضات قلبي قد تزايدت فجأة. لم أشعر بهذا الشعور منذ زمن، وكم هو غريب الموقف الذي شعرت به الأن. أنا خائف من لقائهم مجدداً؟ أم تراه الترقب والتوتر؟

أخرجني من سؤالي العميق وصول رسالة في هاتفي. حملته بين يدي الإثنتين بعد أن قرأت اسم مخطوبتي في شاشته وتوسعت إبتسامتي وأنا اقرأ تمنياتها لي بقضاء وقت جيد مع أصدقاء الطفولة.

نعم. لا وقت للتردد علي أن أكون أول الواصلين فأنا من وقع علي الإختيار قبل سنوات عشر لتنظيم اللقاء. كما أنني متأكد إن تاخرت أكثر فستصل هي قبلي ولن أسمح بذلك.

حياني برد ديسمبر فور أن أغلقت الباب من خلفي فأحكمت إغلاق المعطف الطويل وندمت للحظة أنني لم أجلب قبعة معي مكتفياً بالوشاح حول رقبتي. ثم بدأت رحلتي عبر ذلك الطريق المنحدر.

هل كبرت بالسن أم أن هذا المنحدر كان دائماً - منحدراً - لهذة الدرجة؟ تعالت أنفاسي عندما وصلت إلى أخره وإلى بداية الطريق لحي ساركوزي. سحابة بيضاء تخرج مع تنفسي السريع لكنني تظاهرت بأنني بخير وتابعت طريقي دون أخذ إستراحة.

أول زاوية على اليسار ثم السير مستقيماً إلى أن تظهر أمامك البوابة الكبيرة للمدرسة. بحماس أخذت أحاول النظر عبر السور الإسمنتي للمدرسة علني ألمح شيئاً من مبناها الكبير لكن كان ذلك مستحيلاً فالمبنى بعيد في الداخل وكل ما خلف الجدار هي مساحات خضراء وملاعب فقط.

تابعت طريقي بعد أن نظرت إلى ساعتي، بقي عشرون دقيقة للقاء. أخرجت نفساً وعدت ببصري إلى حيث البوابة لألمح ما لم أره في البداية.

خيال لشخص وقف متململاً قرب البوابة. لم أستطع رؤيته جيداً من مكاني لكنه بدا خيالاً لفتاة شابة، أتراها تدرس في المدرسة؟

كبسولة زمنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن