21

28.1K 696 36
                                    

  الفصل الحادي والعشرون :

جالس على فراشه، ثاني ركبتيه، مستند برأسه على الوسادة، وضام إحدى يديه، وبالأخرى ممسك بهاتفه،
عاقد حاجبيه، وقد تسللت إبتسامة عابثة لتداعب وجهه، برغم حدة نظرات عينيه ...
وبنبرة زادت فيها الثقة بالنفس أردف بـ :
-حتى لو .. حتى لو كنت هديكي الفيديو ؟
سمع صوتها بعد نصف دقيقة صمت، وهي تجيبه بنبرة هادئة جادة :
-والمقابل ؟
إختفت إبتسامته، وإعتدل في جلسته قليلًا قبل أن يردف بغموض :
-ليه متخيلة إني ممكن أطلب مقابل ؟
أجابته بنفس النبرة الهادئة بعد أن وصلته تنهيدتها الحانقة عبز الهاتف :
-والمقابل ؟
-يعجبني ذكائك !
قالها هو ثم زفر بهدوء، وهو ينزل على الأرض، وسار عدة خطوات حتى وقف أمام مكتبه ..
فتح بيده أحد الأدراج وأخرج منها كارت ذاكرة صغير، وأمسكه بيده وظل ينظر له قبل أن يقول بترقب :
-تعتذري !
وصله ردها باردًا، جافًا، مقتضبًا، بـ :
-إنسى ..
ضيق عينيه، وسألها ببطء :
-يعني .. مش عاوزة الفيديو ؟
لم تجبه،
فقط سمع أنفاسها الغاضبة، على خلاف نبرتها الباردة ..
تابع هو بنبرة أكثر هدوءًا، وأقل حدة :
-أنا إديتك الخيار السهل على فكرة !
-بينا على الصعب ..
كان ذاك ردها، دون تردد أو خوف ..
حينها جلس هو على المقعد المجاور له، وأردف بنبرة خبيثة :
-عارفة طبعًا إن السكرتيرة بتاعتي معدتش هتيجي الشركة تاني، عمرك شوفتي شركة من غير سكرتيرة ؟!
صمت حينها، ليصله ردها الموجز :
-والمطلوب !
رفع حاجبه الأيسر، وأراح الأيمن، وقد تبدلت نظراته لتقل حدتها قليلًا وهو يقول :
-أعتقد إنك ذكية مش محتاجة شرح ..
بهدوء، وبساطة، وقليل من الغيظ الذي بدى في نبرتها، قالت :
-إحتفظ بعروضك نفسك، أما أنا هجيب حقها ومن غير الشريط اللي معاك ده ..
كاد هو أن يتحدث، إلا أنه سمع صوت إنهاء المكالمة ...
فظل ينظر للهاتف، لا يصدق نفسه،
فقد فكر أنها قد توافق على العمل لديه، وهو واثق تمام الثقة أنها لم تكُ لتعتذر !
لكنه فكر أنه لربما يستطيع أن ... لا هو لا يدري لما أراد أن تعمل هي لديه، لكنه موقن أنها ليست كغيرها !
فريدة هي كما لم يرى شيئًا فريدًا من قبل !
مختلفة هي ...
مختلفة هي كعصفورة بيضاء وسط آلاف من الغِربان السوداء !
ليس أي عصفورة، بل عصفورة الكناري ..

العجيب أن آخر ما كان يتذكره فيها، جمالها، فقد كانت شخصيتها هي ما يشكلها بالنسبة له، فهو لم يكن من هواة الجمال يومًا حتى ولو ضاها القمر ضياءًا ..
وليس هو من ينجذب إلى رعاع !
وقف حينها، ومشى نحو سريره،..
رمى الهاتف عليه بإهمال واتجه نحو الحمام يحاول التخطيط في حل يجعلها به تحت سلتطه ..!!
فقد إكتفى من مراوغتها له وحان دوره الآن ..

......................

نظرت للهاتف بعد أن أغلقته في وجهه،
هي الآن غـاضبة، غــاضبة، غــــاضبة !
أيستخف بها !
-كائن رزل، غتت، يخربيت كده غتت !
تشنجت قسمات وجهها وأغمضت عينيها من فرط الغيظ وهي تزفر بشدة ..
لقد بذلت مجهودًا ضخمًا من أجل السيطرة على نفسها !
الأمر ليس بالهين، فهو يستخنف بتلك القضية إلى حد لعين، يستخف بحياة إنسانة قد تدمرت وبسببه !
يستخف بها حين يطلب منها أن تعمل معه كبديل عن صديقتها المسكينة !
لتلك الدرجة إختفى قلبه من أحشائه !

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن