الفصل الثالث عشر

28 1 0
                                    

تلك النظرة ظلت تحوم  فوقي دون رحمة ، كانت خسارة لي ان أُعلن عن ضعفي منها والعودة ادراجي ، وما كان مني سوى الرد بالمقابل .أعود أدراجي إلى عالم الرجال ذاك !حيث يقف ملكهم المزعوم ينتظر مني أن أضعف وأخطو خطوة تالية إلى نهايتي .
ورغم كل هذه الصلابة التي أظهرتها ،إلا أنني كنت كالمحارب الأعزل !لا أنا أملك الخيار في الإنسحاب ،ولا أنا قادرة على المواجهة خاوية الوفاض ! كل سلاحي كان نظرتي الباردة وشموخي رغم انكساري !
**************
اسعد الامور هي الامنيات المحققة، وارعبها هي الامنيات ايضا ،امنيات ام تتخيل يوما ان تتحقق لانك لم ترغب بها في البادئ.هذه الامنيات هي شهوة تحضر بشكل عابر وترحل للابد ،لكنها تترك اثارها .وكأنما تلقننا درسا ىتعاقبنا دون رحمة .علمت سر حزني ،وعلمت من نغص علي سلمي !
اليوم اجلس هنا بين هذه الاوراق ،ادققها بدوم دقة واحسبها دون حساب ،مثل امنياتي بالضبط !
اتذكر كم تمنيت ان اهاجر من تلك البقعة في يوم ممطر ذي رعد غاضب .اتذكر كم اردت يومها الابتعاد والرحيل دون عودة ،ابتعدت ولم ارحل ،ربما الدور لم يحن على وحيلي ! ولازلت اعيش اافسم الطويل من امنيتي ،ولازال الاطول منها بعيدا !ولكن الى متى ؟
اكملت تلك الملفات المبهمة بسخط ،وكانني اضحيت حرة داخل هذا القفص الذي دلفته بارادتي ! اغمضت هيني وسرحت في عالمي،امي اختي وابي !هل كان لابد اي ان انطق برعبتي في الابتعاد عنكم ،اصبحت اخاف من لساني على نفسي ،لساني ادخلني هذه تلدوامة وطاوعته !ادركت ساعتها انني لا املك الثقة اللازمة بنفسي ،فانا تيقنت كم انا لست محظوظة ،ولكن حظي حالفني وتحققت امنيتي ،لكنها ليست المنشودة !وهنا ادركت ايضا ان قرارتنا لاتكون رهينة باعمالنا بل حتى بنوايانا !
الكره الذي نعيشه يتخلل انفسنا بالتدريج ،حتى اننا لا نشعر به بداخلنا الا بعد فوات الاوان ،بعد ان تقدم على جريمة ،بعد ان تغتاب قريبا لك ،بعد ان تحبك مؤامرة ،بعد كل امر سيء تقوم به ،تدرك اخيرا انك كنت صالحا ولست كما اصبحت .بعدها تدرك مرارة الحقيقة :انت تغيرت للاسوء لانك تركت كل هذا الخقد يتغلغل الى داخلك وسمحت له بان يتحكم بك بكل هذا البطء !انت مسؤول ايضا عن من تدخل بك ،لانك سمحت له بان يغىفعل بك ما يشاء !ليس المهم كم انت طيب في البداية ،بل ما اصبحت عليه في النهاية !والعبرة بالخواتيم .

كان خذا الحقد يتربع على قلب ابي منذمدة ،لاحظناه بوضوح لكنه كان عالفلا لا يستوعب حجم الورطة التي سيوقعنا فيهل بتهوره .يومها تمنيت بقلب مخلص ان تنتهي حياتي بالقرب منه وانا اغدو حرة طليقة من افكاره .
ولم تمر بضعة شهور فاذا بي اراني كما اردت ،لست قريبة منه ولست بالقرب منه !
انقطعت اتصالتنا ولم اعد آبه ان كان يهتم بابنته ام لا . وهنا احسست ان الخقد كاد ان يعمي قلبي وعيني كما فعل به ايضا . اغلقت ستارة عضبي وتناسيت حجم الحزن الذي زرعه بداخلي .ابي حقد عليّ ظنا منه باني انا من تسبب بحادثة اختي !لكن الامور لا تمشي بهذا المنطق !هذا المنطق منطقه هو وتحليله هو .
كانت لحظة صعبة لي ان اعيشها ،ان اتذوق طعم الظلم بكل هذه الحدة ،ادرت ظهري لكل شيء لكن اثر الطعمة ظل محفورا بقلبي ونزفت احزانا مثيرا وكأنما مت ودُفنت حية !
وبعدها اصبحت كل التهم لا تؤثر وتلبدة كل المشاهر ،ولم يعد صدى الصدمات كوقع الصدمة التولى لأنها لم تكن من اب آخر ولا من ام اخرى !
فعلا ،الصدمات والغدر يأني دتئما من اقربهم اليك ولا يأني سوى من مسافة قريبة!اما البعيد فلا يقترب الا بمحض ارادتك ،فإما ان يكون قريبا تحت إمرتك أو ستتركه بعيدا مدى حياتك .
اتخذت قرارا يومها ان اتوقع الاسوء دائما فمادام ابي حكم علي بالمؤبد ،فلا رجاء من غيره ،ولا رحمة من دونه ! ولكنني بقيت خائفة.هذا الاب المحب المسامح ،كيف له ان يتغير وتسود طهارته بعذه السرعة ؟من ذا الذي سيضمن أنه لن يحقد على اقربهم اليه من بعدي ؟ كانت احتمالية كرهه لامي من بعدي في الصدارة ومشاكلهما لم تتراجع بعد الخادثة بل تأزمت جذريا ،واضبح البيت الذي نسكنه خرابة ،وتعقدت حالة اصيل بسبب ما تراه من جدال لا ينتهي الا بالسب والقذف من كلا الطرفين !حتى رن هاتفي في احد الايام ليظهر صوتها وقد تغطى بالغصة :"متى ستعودين ؟"
-"ها اصيل ؟! لا اعلم !ما الامر ؟"
اغلقت الخط بعد ان حصلت على الجواب ،وخذلتها فلم تعد تعيد الاتصال ،ولم تعد تثق باحد !طرف اخر من العائلة تلوث بحقد ابي !
أُخرجت من افكاري فور وقوفه بمحاذاة مكتبي
——————-
رماني بنظراته الباردة ثم مدني بملف ضخم ذي لون أزرق قبل ان يقول بجفاء :"هذه تحتاج للتدقيق !."
أجبته محتجة :"ولكنني دققتها للتو!"
"دققيها من جديد !" أجابني وقد علت نبرة صوته بضع درجات قبل ان يتسفتئ حديثه :"  ستعرفين أنني أقدم لك المثير من الفرص وأنت تضيعينها !"
طالعته بامتعاض ثم سحبت الملف نحوي لأفتحه بخفة ،غير أن ما رأيته صعقني وردني خائبة .كل ما كتبته قد سُطّر بالاحمر وكُتبت فوقه بعض الملاحظات !شعرت وكأنني عدت للمدرسة ! كانت جملته تعني حقا أنه يمدني بالكثير من الفرص ،هذه الاخطاء لاتحتاج سوى لخيارٍ واحد وهو التخلّص مني ، وما أثارني هو هذه القرارات وكل هذا الغموض ،وبتّ لا اعلم سر تعامله معي هكذا ! حتى انني قررت عوض ان ادقق هذا الملف ان أسأله باستغراب :"لماذا تصححه مادامت تستطيع استبدالي بمن هو أفضل مني ؟"
أطرق في صمت ثم أكملت بحيرة:"لا أجدني أستحق كل هذا المجهود الذي بذلتَه أكثر مني في هذا الملف !"رمقني بحدة ثم بررتُ جملتي قائلة :" لا أقصد إهانتك ولكنني ..."
-"أنت تُثرثرين كثيرا !"
رماني بكلماته الباردة ثم استعد يقل المصعد قبل ان يستدير ويقول لي علامة تذكره لأمر مهم : كدت أنسى !بعد أن تُنهي عملك أكدي لي موعدي مع السيد عزيز كوني جاهزة لترافيقني الى الموعد !"
قبل ان ارد متسائلة عمّا يقوله قاطعني قائلا لا أعرف مكان اقامتك لذا ساجعل سائق الشركة يتكلّف بك ....يمكنك الاحتفاظ بتلك النسخة فور انتهائك منها !"
كنت واقفة مذهولة لا أُحسن الكلام  بينما بين يديّ الملف حتى بدوت جاهلة بلهاء ! نظراته كانت اكثر برودا من قبل و كلماته كانت ساخرة لا تهمّه حالة غيره ولا تهمّه ظروفي الشخصية !لكنني عاندته وأسرعت وراءه أحتج قائلة :"لكن اهلي لايسمحون لي بان اعود للمنزل بعد السابعة ليلا !"
اجابني بعد ان وصل لباب المصعد وهى يهمّ بالضغط على الزر :"اعلم انك وحيدة هنا لذا فالموعد سيكون في جدود السادسة ولن يستغرق اقل من ساعة !"
ضغط على الزر الاول بعد ان دخل بخفة قبل أن ادخل من وراءه بسرعة ،وقف بشموخ والثقة تعلو ملامحه ،كانت الهيبة تغطي هالته وتضيف على وسامته وقرا واحتراما من جميع الاشخاص هنا ،بينما أنا أصبحت ألهث من فرط الهرولة من وراءه مُحاوِلة قدر استطاعتي الانسلاخ من هذا الموعد المفاجي!
-"لكنني لست مستعدة ولدي التزامات اخرى سيد احمد !
-"هل تعلمين انك تثرثرين كثرا وتنفعليم بسرعة ،انت متهورة ولا اعلم كيف قبلت بك من بين كل هؤلاء هنا معي ؟!
لمعت عينيّ فجأة وانا أرد متجاهلة كلماته القاطعة :"أرأيت ؟ أنا لا أجد ضرورة لمرافقتك الى ذلك الموعد ! كما أنك كلفتني بملف يحتاج الكثير من التركيز !هل تريدني ان  أُعيد نفس الاخطاء ؟
نظر نحوي باستغراب قبل ان يُجيبني بنبرة تحذيرية مليئة بالتهديد  وهو يُشير لساعته الجلدية :"لديك مهلة ساعة في انهاء ذلك الملف والحضور الى هذا المكان ! "مد لي بطاقة لمطعم ما ثم استفتئ جملته:"لا تفكري في الوطوء الى هذا المكان مرة اخرى إن لم تُكملي الملف !"
وصل الى الطابق الارضي ثم خرج مُخلفا وراءه هواء من شدة سرعته ،ثم تركني اغرق وسط هذه القوقعة التي لا اريد الخروج منها !
ذكّرني كم أبدو عاجزة وكم أنه لابد لي التنازل عن عنادي وكبريائي.عنادي له لانه سيوقعني في الكثير من الاحراج ،وكبريائي الذي ينذرني بأنني سأرى أميرابصفته أخاه ،وبصفته ماضيّ الأليم !كنت بين أمرين أمرّين من كليهما !
عدّلت من انفعالاتي وكل الامور الاي تثير حفيضتي .كان لابد لي ان اتنازل عن بعضٍ. من اهدافي والتريث في الادلاء بغضبي وسخطي على هذا الذل الذي اصبحت اشعر به الان .وضعت قدما على قدم ثم نفضت همومي فوق هذه الاوراق ! كل تلك الدقائق مرت بلمح البصر وتمنيت لو أنها ظلت تتأخر مثل قبل ،وتمنيت لو كنت أعيش ضربا من الاوهام وألا يتحقق هذا الكابوس أبدا .
خرجت يومها مسرعة من البناية ثم أسرعت خطواتي نحو المنزل ،كنت في أمس الحاجة لراحة نسبية تنسيني لوهلة كل هذه الإنشغالات  وكل هذه الالتزامات التي أضحت تحيطني من كل جانب ،وغدوت لا أملك هدنة في حياتي وأصبحت حافلة بالكثير من الأحداث .
الساعة تشير الى الثالثة بعدالزوال وانا لازلت جالسة على اريكتي أحتسي كوب قهوة ساخنة غير آبهة بكل ما يدور حولي من تغيرات ،حتى أنني فقدت الإحساس بالتوتر الذي لطالما كان يتابعني في كل دقيقة وكل صغيرة وكبيرة من دنياي ،لا أعرف هل هذا عدم إحساس بالمسؤولية أم أنه إحساسٌ بنوع من السكينة ! على تمام الساعة الرابعة والنصف رن جرس المنزل بخفة ثم توقف لوهلة ،قمت من مكاني بملابسي المنزلية الداقىفئة بينما في يدي هاتفي المحمول .لم أتفاجئ من وقوف سائق الشركة فهو الوحيد الذي يجب أن يكون خلف الباب ، لأن حياتي الأجتماعية أصبحت ذات وقع رتيب! نظرت نحو السائق بلامح باردة ثم أخبرته أن ينتظرني بضع دقائق ريثما أُغير ملابسي .، طالعني بوجه مستغرب وكأنه يريد أن يُخبرني أمرا ما ،ولكنني تجاهلته ولم اكترث لتلك التعابير التي كانت ستثير فضولي .
قطع ملابس قديمة وانيقة تفي بالغرض ،فبما أنه مجرد موعد عمل فهذا لن بتطلّب مني سوى سترة حريرية ذات لون كُحلي ،وسروال جينز اسود مع حذاء احتفضت به لهذه الأيام ! خرجت مُسرعة من المنزل ثم توجهت نحو السيارة لأجد السائق قد ربط حزام الأمان ينتظرني بفارغ الصبر ."هل يعقل أن أكون قد تأخرت ؟" هذا ما نطقت به وأنا أفتح باب السيارة ، إنتظر جلوسي قبل أن يجيبني وهو ينظر إليّ من خلال مرآته :"السيد أحمد يريد أن ،...."
قاطعته بحدة  وأنا اربط حزام الأمان   :"السيد أحمد يريدني أن أطير وأن أمرض من شدة القلق !" رفعت حاجبي علامة الإنزعاج ثم أشرت له بالانطلاق .
———————————
أكثر الأمور ازعاجا هي المتعلقة باتخاذ القرارات من قبل أشخاصٍ ما كان عليهم أن يأخذوا هذه البادرة أبدا !
نزلت من السيارة بانزعاج وأنا أتوجه نحو الفندق ، استقبلتني موظفة الإستقبال بوجه بشوش ثمأشارت إلى مكان المقهى ،توةهت والغضب يكاد ب
يأكل مني قطعا قطعا ،كنت أستشيط غضبا منكل هذه الثقة والغرور المنبعثان منه ،لمحته أخيرا على بُعد طاولتين من مكان وقوفي .وما إن تأكدت من جلوسه وحيدا حتى اقتربت منه مسرعة قبل أن يصل وفده المزعوم ! ترجيت أن اكون قد حققت وصرا على هزيمتي واذلاله لي قبل لحظات بملابسه التي تكرّم بها علي ! طالعته بازدراء ثم قلت بحدة :"عذرا ولكن هلا سمحت وقلت لي كيف تفرض عليّ هذا الشيء ، ما شأنك بملابسي ؟!"
راقبني ببرود وأنا أحدثه بعنف ثم حرّك رأسه يُطالع الفستان الذي أرتديه من رأسي إلى أخمص قدميّ ثم قال وهو يعيد وجهه ليقرأ قائمة المأكولات التي بين يديه :" أجد هذا لائقا ! خاصة حينما تتحولين فجأة من انثى رقيقة الى شخص اقل ما يجب ان يُقال عنه ذكر !"
أغمضت عينيّ راجية تحملي لهذه المهزلة التي تُحاك أمامي ،لكنني ما استطعت السكوت في وجهه دون الرد بحدة:" هل ستقوم بقرائة شخصيتي من خلال طريقة ارتدائي لملابسي! "
ظل يتفحصني بتمعن ليُشعرني بعدم اتزاني ثم أنزل وجهه نحو قائمة الطعام من جديد ليقول ببروده المعتاد :" بما أنك مساعدة رئيس الشركة الخاصة فسترتدين ما يليق بهذه المكانة وما سيجعل الناس لا تُراقب حالتك الرثة أثناء الإجتماع !"
صُعقت من جملته وقصفه الناجح ،ولحسن الخظ فقد أظهرت انزاعي من حركاته غير اللبقة معي ،طالعني بنصف عين ثم قال وهو يُزيحها نحو هاتفه بانزعاج :"لقد تأخروا !"
-"لايزال الوقت مبكرا !"
أعاد هاتفه الى جيب بذلته الرمادية ثم وقف وبحركة خفيفة مد يده الى الكرسي ليُشير لي علامة الجلوس قبل أن يقول بهدوء:"تفضلي!"شعرت بذهول ىغرابة تجاههه ،هل يُعقل أن يكون هذا هو الشخص الذي كلمته قبل لحظات؟هل هو نفس الشخص اللبق الذي كنت زميلة له أيام المدرسة ؟رمقتخ بامتعاض ثم جلست على الكرسي المحادي له لأتركه واقفا ينتظرني التلبية لطلبه،اومئ برأسه يمنة ويسرى ،ثم عاد الى كرسيه الملاصق لكرسيّ وهو يبتسم باستهزاء .غريب أمره !غامضة هي تصرفاته !لوهلة خفت أن أندم على ما أقدمت عليه وانا ارى تلك الابتسامة الساخرة المختبئة وراء بروده الموتّر !
جلسنا بموازاة بعضنا والكل مقابل على شكل ثنائيات ،ظللنا نحدق بكتيباتنا ونتجاهل قدر المستطاع التحدث مع بعض ،لكن كع مرور القسم الاول من الاجتماع فاض صبرنا ،وبدون شعور حدقنا ببعضنا ونطقنا جملتين مختلفتين في نفس الوقت :
-"هل حقا سيأتون؟!"
-"لا أعلم سبب هذا التأخر!"
تلعثمت من جملتي التي أظهرت مدى شكي وتخوفي من عدم مجيئهم ثم واصلت أبرر:"آ ...آسفة لم أقصدأن أكون فضة!"
رمقني  بعيونه الزرقاء باستغراب وكأنه يُعاتبني على ظني السيء ثم أزاح وجهه السمح ليراقب مدخل المطعم بتركيز  قبل ان ترتسم على وجهه تعابير الراحة قبل ان يقول وهو يشير لي ناحية الكرسي :"لقد أتوا ! إجلسي !"
كنت كطفلة أتت بصحبة والديها ولا تعرف كيف تتصرف .راقبت المشهد في صمت حتى سئمت هذا الجلوس الفارغ ،كنت كعنصر لايتفاعل الا بالمشاهدة من بعيد ،وحرية التحدث وحتى الرد على اسئلة بعض من هذه المجموعة كانت خطا أحمر لا يجب تخطّيه .
بعد مصف ساعة طلب أحدهم وجبة غذاء بعد أن سألهم أحمد بهذا ،كان مسيطرا على كل شيء ،حتى أوقات الاكل والذهاب الى دورة المياه كانت تحت تصرفه !ظللت أراقب المشهد برتابة ،حتى كاد يغلبني النعاس من شدة التعب ،ولم أجد نفعا لوجودي هنا ،حتى أنني تمنيت لو كانت ريم او شخصا آخر من نفس طينتي أتشارك معه أطراف الحديث النسوية !
لم أشعر بوجود كفي تحت خدي إلا وأنا ألتقط في أذي همسا ذكوريا يقول لي :"هلا ركزتي معنا !"
كلماته كانت بطيئة ىصوته كان عميقا وهو يهمس برقة ،وبعد برهة لم أشعر إلا بنفسي أُعدّل من جلوسي استعدادا لتلبية أمره ،لكنني من شدة بلاهتي التي لم تحضر إلا في هذه المناسبة ،فقد ارتطم رأسي برأسه لألفت انتباه الجميع نحونا !
تألمت من وقع هذه الصدمة،وحاولت اظهار عدم مبالاتي بالامر . احمررت خجلا من حماقتي وكأنما فعلت فعلتي عن قصد ،لوهلة أصبحنا أقرب إلى أبعد حد ،ولبرهة تباعدنا ونحن نسمع صوتا مألوفا قد امتلأ سخطا وخيبة :
-"مرحبا بالجميع !أعتذر عن التأخر !"
أنهى جملته وهو يركز نظره علينا وكانت عيناه قد امتلأتا نارا وحرقة !لم أعهد أميرا بهذه الحالة قط ،لا أعرف كيف هي علاقتهما ببعض ولا أعرف هل ما رأته عيناي صحيح أم ضرب من الوساوِس .لم أخال للحظة أن أراه قد اتّقد غيرة من أخيه لمجرّد أن رآني في حالة شبه مُنحنية على كتف أحمد
عدّلت من جلوسي وأنا أبتعد بمسافة المتر عنه ثم أزحت نظراتي قدر الإمكان عن مجابهة أمير .ولكنّ المصيبة لم تنتهي الى هنا بل زاد الطين بلة السيد عزيز وهو ابن عم أحمد وأمير الاكبر حين قال بنبرة مازحة :" على إثر هذا التورد الذي اصابكما فأنا متفائل من نتائجٍ  إيجابية تُنبئ بتصدر الشركةالمراكز الاولى إفريقيا. وأوروبيا !"
ما الذي يقصده بتورّدنا !؟ استدرت ناحية أحمد لأتفاجئ من احمرارٍ غريب يحيط هالته ،ولمعان عيناه ذات اللون الاسكندنافي ،كانت تعلوه هيبة وتوترٌ زاده احتراما !ازحت عينيّ وكأنما أهرب من شيء ما ولعدم شعوري نحوّلت نظرتي نحو أمير الذي بدا لي شخصا معاكسا لكل صفة صافية رأيتها في أخيه للتو ! احمراره. انفعالا لامرٍ أجهله كان دليلا على عدم صفاء نيته ،حتى أنني تيقنت سبب سوء ظني بالجميع ،وتأكدتأحيرا أنه كان الرئيسي في أن أفقد ثقتي بالجميع وأن أغدو وحيدة منكسرة الاجنحة.

أنت تشبهني .Where stories live. Discover now