51

13.4K 376 3
                                    


مع دقات الساعة الثامنة مساء..وقفت سيارته أمام أحد مستشفيات علاج السرطان و ذهب إلي الإستقبال وقال:لو سمحتي في حد اتصل بيا وطلب مني إني أحضر خير ؟؟
الموظفة:حضرتك اسمك إي؟؟؟
شادي:اسمي شادي أحمد جاسر
الموظفة لأحد الممرضين:لو سمحت وصل شادي بيه لغرفة 710
شادي بتعجب:هو في إي ؟؟
الممرض:حضرتك اتفضل معايا بس
سار شادي بجانب الممرض وهو ينظر حوله بتعجب و قلقه يزداد مع كل خطوة يخطوها..
وقف الممرض أمام باب الغرفة وقال:اتفضل يا فندم
فتح الممرض باب الغرفة ليدخل شادي و تتسع عينيه دهشة ويقول بصدمة:أدهم
حرك أدهم رأسه بألم من علي مصحفه وقال بابتسامة ألم:لا خياله
أغلق الممرض باب الغرفة..لتتجمع دمعة صدمة وألم في عيون شادي وهو يقترب من أدهم يحاول ان يستوعب الحالة التي وصل إليها..جسده الضعيف..المحاليل الموصلة به..شعره الحريري الذي لم يبقي منه سوي عدة شعيرات بسيطة..
أدهم بألم:إي يا بني ما تقعد
هبطت الدمعة من عيون شادي لتتبعها باقي دموعه ويقول:أدهم أنت بتهزر معايا وعامل في نفسك كدا ليه وإي اللي جابك
أسند أدهم رأسه للخلف وقال:جاي أتعالج
شادي بصدمة:من إي و الدكتور بنفسه لما كنت معاك يوم ما تعبت قال إنك سليم وإنه شكوكه بإنك تعبان غلط
التفت أدهم بنظره إلي صديقه وقال:و تفتكر أنا كنت هسمح إنك تعرف إني تعبان بالسرطان ؟؟
شادي من بين دموعه:و من إمتي يا ادهم مبنشاركش بعض الوجع قبل الفرح
أدهم بتنهيده وجع:الوجع دا غير أي وجع..عمر ما كان السرطان وجعي السرطان تحدي وهكسبه
مسح شادي دموعه وقال:أنا معتش قادر أفهمك
أدهم بتنهيده:هحكيلك كل حاجه ..صاحبك لما جه يحب حب بنت عمه اللي امه كانت سبب في قتل أبوها
شادي بصدمة:تقصد حنين
أدهم مكملا:مفيش واحدة غيرها قدرت تحرك قلبي حبيتها لدرجة العشق ومعرفتش أعترف بحبي ليها إلا يوم ما قروا فاتحتها يومها روحتلها وأنا كنت عايز بس نظرة واحدة تديني أمل إنها عيزاني بس للأسف نظرتها كلها كانت غضب وضيق وممكن يكون كره..يومها روحت للدكتور عشان أبلغه قراري النهائي إني هقضي فترة علاجي هنا
شادي بحزن علي حال صديقه:طب ليه يا أدهم مخلتنيش جمبك من البداية !! إزاي أنت كدا ويوم ما تعبت الدكتور قالك إنك كويس و إنه مجرد إرهاق و أنت فهمتني إن دواك دا عشان أنت معظم وقتك بتشتغل ومبتنمش كويس
أدهم بألم:أنت علطول معايا يا شادي و واقف جمبي بس مكنتش عايز حد يعرف حاجه عن مرضي كان نفسي أفضل قوي زي ما انا مكنتش عايز تيجي اللحظة وأبقي مرمي علي السرير دا و أشوف نظرة شفقه في عينيك أو عين أي حد
شادي:طب و أهلك!! أخواتك ذنبهم إي دول هيجننوا عشان يوصلوا ليك!! ماهر مراته حامل و رقية ربنا أكرمها و حملت..فرحتهم ناقصة من غيرك
أدهم بابتسامة:و فرحتهم هتنكسر لو شافوني كدا
أكمل أدهم بتنهيده:أنا لما خلتهم يكلموك عشان حاسس إني النهاية قربت يا صاحبي ومش عايز أموت ومحدش يعرف عايز أموت وحد جمبي
انفجر شادي باكيا كالأطفال علي حاله صديق عمره وكلماته وهو يضغط علي يده بقوة ويقول من بين دموعه:أوعي تقول كدا فاهم!! أنت هتبقي بخير وهتقوم بالسلامة وتشوف ابني كمان
هبطت دمعة حارة من عيون أدهم وقال:لو شبهك مش عايز أشوفه كفاية عليا أنت سنين
ضحك شادي من بين دموعه وقًبل رأس أدهم قائلا:قوم أنت بس بالسلامة و أرجع وسطنا
جلس شادي مع صديقه قليلا يحاول رسم ابتسامة علي شفتيه و تركه علي وعد أن يتأتي لزيارته يوميا...
خرج شادي من حجرة أدهم واتجه إلي دورة مياه في اقصي الطابق وأغلق الباب بسرعة و وضع وجهه بين كفيه لينفجر باكيا علي حال صديق عمره الذي كان يشع حيوية ونشاط و الآن أصبح علي فراش المرض لا حول له ولا قوة..
بعد دقائق معدودة...مسح شادي دموعه و خرج ليسأل عن الدكتور المعالج لأدهم وسأله عن حالة أدهم..
الدكتور:بصراحة يا بني الحالة متطمنش السرطان انتشر في الدم و الكبد
شادي بصدمة:نعم!!
الدكتور:الفترة اللي فاتت دي استخدمنا الكيماوي عشان نقضي علي السرطان اللي في الدم و الحمدلله نسبة الشفا كويسة جدا كمان أما بالنسبة للكبد فدا هنحتاج ليه متبرع ولازم تكون في أقرب وقت عشان كتر من كدا حياته هتبقي منتهيه
شادي بصدمة:أنا ممكن أتبرعله شوف أنت عايز مني إي وأنا هعمله بس هو يقوم تاني علي رجله
الدكتور:في حالة صحبك دي أنا أفضل العملية تتعمل بره وأنا هعملك التحاليل اللازمة و لو نفع تتبرعله يبقي العملية هتتم في أقرب وقت نظرا لأن الكيماوي معتش قادر علي السرطان اللي في الكبد
اتجه شادي مع الطبيب لعمل الفحوصات اللازمة...و عاد إلي منزله و هو في حالة مزرية ليلقي بهمومه علي كتف زوجته ويخبرها ما حدث منذ ساعات وينببها ألا تخبر أحد..
نغم بحزن:حاضر يا شادي محدش هيعرف
شادي بتنهيده:أنا آسف لو هشغل عنك الفترة دي بس لازم أبقي مع أدهم
نغم:لا يا حبيبي متشلش همي بإذن الله هيبقي كويس و يرجع زي الأول و أحسن
شادي بحزن:يارب يارب
بعد مرور شهر تحولت آلام أدهم إلي أضعاف مضاعفة خصوصا بعد ظهور نتيجة لتحاليل والتي أثبتت أن شادي لا يصلح بأن يكون المتبرع..حاول شادي مرارا وتكرارا أن يقنع أدهم بأن يخبره أهله ولكن كان رد أدهم دائما الرفض المطلق..أطاع شادي رغبة صديقه وظل بجواره معظم الوقت وخصيصا في جلسات الكيماوي يخفف من آلمه بابتسامة هادئة..أخبر شادي أدهم بأنه قد تم فسخ خطوبة حنين ليزداد وجع أدهم بعكس ما توقع شادي ليكون رد أدهم "كنت هبقي مطمن عليها لما أموت إنها مع واحد بيحبها وهيحفظ عليها بس الوقتي هطمن إزاي وأنا حاسس بوجع قلبها وخايف تبقي نصيب حد يظلمها..أنا معتش أنفعها أنا بقايا إنسان"
و في أحد الأيام..كانت تقف في إسطبل الخيول تصفف شعر الخيل "ألأدهم" و تمسح علي جسده برفق وهي تحادث نفسها قائلة:صاحبك طول أوي في بعده..أنا ظلمته صح!! بس الخوف اللي جوايا كان بيقتل فيا..عارف أنا نفسي أشوفه أوي ..نفسي أعرف هو فين كل دا؟؟ قلبي بيوجعني عليه حاسه إن فيه حاجه"
حرك الحصان زيله بخفة كأنه يوافق حنين علي رأيها ويشعر بألم صديقه..لتمسح حنين علي جسده برفق وتقول بصوت هادئ:بإذن الله هيرجع
عادت حنين إلي طريقها إلي حديقة القصر لتجد عز يجلس بجانب جهاد ويبدو عليهم الغضب..
حنين بقلق:مالكوا قالبين وشكوا ليه؟؟؟
أدار عز وجهه جهة اليسار وقال بضيق:شوفي صاحبتك
أدارت جهاد وجهها جهة اليمين وقالت بضيق:شوفي أخوكي
جلست حنين قائلة بتعجب:الله أنتوا أشكلتوا ؟؟
جهاد بضيق:هو اللي اتعصب و زعق
عز بضيق:هي اللي عصبتني
أدارت جهاد وجهها جهة عز وقالت:و الله دا علي أساس أنا اللي كنت بكلم واحد في الشغل وبضحك معاها
أدار عز وجهه بسرعة جهة جهاد وقال بعصبية:جهاد
رفعت حنين يدها قائلة:باااااااااااس في إي أهدوا
زفر عز وجهاد بضيق لتقول حنين:في إي يا عز
عز:قاعد معاها عندي بنختار ألوان غرف الأطفال وجالي فون رديت وكانت ندي المهندسة الجديدة اللي في المجموعة بتسألني علي حاجه في المشروع عشان بكرة أجازة ومفيش شغل والمشروع لازم يسلم بعد بكرة فشرحتلها اللي عيزاه بكل هدوء ومن غير كلمة زيادة و كان في صوت كرتون شغال جمبها فبضحك عليه بس
حنين بتساؤل:كرتون إي؟؟
انفجرت جهاد و عز ضاحكين وحنين رافعه حاجبها وتقول:ما أنتوا حلوين أهو
جهاد:طب بذمتك لو أنا بكلم حد من زمايلي وضحكت عشان سمعت حاجه جمبه مش هو هيزعل
عز:و تكلمي زميلك ليه أساسا؟؟ و لا هو يجيب رقمك منين ؟؟ إحنا هنستعبط
جهاد لحنين:شوفتي أعمله إي بقي
حنين:دي غيرة يا هبلة غيرة دا أنا لو منك أفرح
عز:أيوة حنين بتفرح لما بغير عليها و بتبوسني كمان
حنين بضحك:شوفتي
جهاد بخجل:طيب خلاص مفيش مشكلة
عز مشيرا إلي خده:فين البوسة بقي؟؟؟
حنين بإحراج:طب استئذن أنا
سارت حنين في طريقها إلي غرفتها بينما جهاد تقول:أنتي يا بت؟؟ يا حنين ؟؟ يا بت تعالي؟؟ حنين
عز بنظرة ذات معني:مبقاش غيري أنا وأنت يا جميل
قامت جهاد من موضعها بهدوء وهي تقول:أنا سامعه صوت
أكملت جهاد وهي تركض إلي داخل القصر قائلة:مامااااا
زفر عز بضيق وقال:مهو أنا لازم اجوز بقي
صوت من خلفه:الواد اتهبل؟؟
التفت عز ليجد ماهر وأمجد ينظرون له بقلق ويقولون:أتهبلت يا عز يا حول الله
عز:لا أنا اجننت بس المهم مفيش أخبار عن أدهم
ماهر بأسف:لا أنا هجنن مش عارف راح فين دا..
..............
اسند أدهم رأسه للخلف بتعب ..ليقول شادي:أنا معتش هسكت أكتر من كدا مش هشوفك بتموت قدامي و أقف اتفرج
أدهم بوجع:شادي عشان خاطري خلاص أنا مش قادر أكلم
شادي:يا أدهم عشان خاطري أدي لأخواتك و أهلك فرصة يكونوا جمبك
أدهم بألم:مش عايز حد يشوفني كدا
شادي:طب بص هخلي ماهر يعمل التحاليل ومش هقوله السبب و هو اللي هيشوفك بس
أدهم بوجع:يا شدي عشان خاطري كفاية مش قادر أكلم والله

انت حقي أنا- الكاتبه نورهان حسنىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن