اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
"وتشيرالتوقعات أن المناطقالشرقيةللبلاد، التي عرفتتغيرًاملحوظًاوتدريجيًا في حالة الطقس منذ بداية الأسبوعالماضي، سيتم فيها تسجيلأمطارٍرعدية تكون أكثر كثافةبالمناطقالساحلية، مع هبوبرياح قوية بالمدنالشمالية، ومنالمرتقبتسجيلانخفاضمحسوس في درج—"
صوت المذيعة يتردد في أرجاء الشقة، متسللًا عبر الصمت كضيفٍ غير مدعوٍّ، كأنه يحاول فرض وجوده على المكان البارد الخالي من الحياة. الشاشة الصغيرة في الزاوية تومض بألوان رمادية وزرقاء باهتة، تعكس على الجدار المقابل ظلالًا مهتزة، تتماوج مع خفقات الضوء التي تلتمع كلما ضرب البرق السماء.
على الطاولة الخشبية قرب النافذة، جلست سيرينا بلا حراك، ظهرها مستند إلى الكرسي بجمود، ويدها ممسكة بملعقة صغيرة بالكاد تتحرك. طبق الإفطار أمامها لم يُمسّ سوى ببضعة قضمات غير مكتملة من قطعة التوست الباردة. القهوة في الكوب الأبيض قد فقدت حرارتها منذ وقتٍ طويل، والبخار الذي كان يتصاعد منها تلاشى كأنما سُرقت منه الحياة.
كان المطر يضرب الزجاج بقوة، قطراته تنساب في خطوط متعرجة، تتجمع ثم تنفصل، كأنها مترددة بين السقوط والانتماء. حدّقتسيرينا في الفراغأمامها، عيناهاالزجاجيتان لا تعكسانشيئًاسوىالسكونالمطبق الذي يسكنصدرها. لم يكن هناك شيء يُسمع سوى صوت المطر المتتابع، وصدى التلفاز الذي بدا وكأنه يتحدث إلى جدران خاوية.
هذا الشتاء... يمر ببطء، ببرودةأشد من الأعوام السابقة.
حتى الجدران في شقتها الصغيرة بدت كأنها تفقد دفئها، تكتسب لونًا أكثر كآبة تحت أضواء الصباح الخافتة. الأثاث، القليل والبسيط، بدا خاليًا من أي أثر للحياة، وكأنه جزء من مشهد ثابت في لوحةٍ قديمة. كل شيء كان هادئًا حدّ الاختناق، باستثناء قلبها الذي لم يتوقف عن الوجع يومًا.