ما أحلكهُ من سواد، وما أحوجني إلى ضوء أستنير به في غيهبان الطريق…
أهيمُ شاردة، منزوية بلا رفقة ولا صديق، أجهلُ ناحية المُنتهى، وما حولي سوى فضاء أخرس، كلما حادثتُهُ سكت عن الكلام.
ما تُراني فاعلة؟ وإلى أي محلٍّ ساعية؟
طربُ الأمواج لفح مسامعي، وإذ بحضرة البحر يستبينُ أمامي كالسحر، امتداده السرمدي يتألق تحت قبة السماء المعتمة، كأنّه فخ منصوب لي، كأنّ شيئًا هناك في الأعماق يُنادي باسمي.
« سيرينا! »
ترددّ صدى اسمي في الجو، فتحيّرتُ وانقبض قلبي، كالمجنونة أجوب هنا وهناك بحثًا عن طيف أحسبه قد ناداني.
ثم رأيتُها.
أمي.
واقفة على حافة الشاطئ، بردائها الأسود المبتلّ، شعرها يلتصق بجبهتها الشاحبة، في كنفها جثة والدي، ملقاة على الرمال باستهتار، يلطمها الموج كل حين، كدميةٍ نُزعت منها الحياة.
« انظري إلى ما حلّ بأبيكِ، أيتها الملعونة! »
صخب صوتها كدوي الرعد في أذني، كان ارتجافها يشي بما هو أفظع من الألم، كانت عيناها المتسعتان تنضخان سيلاً من الدموع الدامية، وإصبعها المرتجف يشير نحوي… يسوقني إلى بؤرة الاتهام.
« أنتِ من قتلته! أنتِ من دفعتِ به إلى جرف الموت، سيرينا! »
حرقةٌ وانكثامٌ داهمت ما تحطّم من قلبي، الألم كان جسديًا يكاد يمزق أضلعي، وجعًا يقضم أحشائي بأسنانٍ مسنونة، لا خلاص منه، لا مهرب.
« أماه... أنا مذنبة وأُقِرُّ بخطيئتي، وما لي ألتمسُ شيئاً سوى رضاكِ، أرجوكِ سامحيني… »
نشدتها راجية، جاثية على ركبتي، أعتصرُ حبات الرمال بأناملي، والدمع الرقيق قد أضحى مطرًا، ينهمر بلا رحمة، يبلل شفتيّ المرتجفتين، لكن القسوة لم تهجر وجهها، كان الغضب يُحيل عينيها إلى جمرتين مظلمتين، يحرقني ببطءٍ لا يُطاق.
« فلتطلبي السماح من الرب، أيتها الآثمة، مع أني أدعوه أن يُغدق عليكِ باللعنات! »
أجابت بجفاء، صوتها كان نصلًا يقطع ما تبقى مني.
شهقةٌ عالية، تلتها أخرى… كأن أنفاسي قد انكسرت، كأن العالم كله قد تهشم داخلي.

أنت تقرأ
غرق|| إرتعاشة الموج الأخير ⊳ p.jm
Fanfictionﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻘﻒ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻧﺠﻤﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﻣﻮﺟﺔ ﺑﺤﺮ ﻣﻨﻜﺴﺮﺓ، ﺃﻃﻴﺎﻑ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﻤُﺮﺣﺒﺔ ﺩﻓﻌﺖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺃﻟﻘﺖ ﺑﻨﺎﺑﻀﻬﺎ، ﺍﻟﻰ ﺣﻴﺚ تقبع الأساطير المهمشة، ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺮﺩ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻛﺘﺌﺎﺏ ﻋﺎﺑﺮﺓ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺑﺼﻔﺤﺔ إضافية لقصة مقدرة .. بارك جيمين سيرينا #19 IN FANFICTION ---> 18 Oct...