كريس
تتناهى همساتهم إلى مسامعي، إحدى عشرة رجلاً تُسوّر مقاعدهم قاعة عرشي لم يعد إخفاء قلقهم عني مُهماً، متى أصبح مجلسي الملكي مرتع نمنمات يا ترى؟ منذ خسرت بصيرة كشف الكذب ربما.
"نمل؟"، اشتدت انحناءة قائد الحصن وقطرات عرق تتصبب من جبينهِ، الفارس ريكارد، شعوره بالخجل من تقديم هذا العذر يكفيني لأعلم بأنها الحقيقة، وضعت ثلاثة أصابع عند صدغي مُعيداً السؤال: "كيف للنمل أن يتغلب على سبعين جندياً وعشرة فرسان مسلحين؟"
قال شبه مرتجف: "أعتذر بشدة مولاي الملك، ضعفي في القيادة هو ما أودى بحياة جنودنا، أنا المُلام الأول على ما حدث وأستحق الموت على ذلك"
نهض اللورد بلاكمان من مقعدهِ واضعاً يُمناهُ على قلبهِ: "بل أنا من يستحق العقاب مولاي الملك، حصن لوسيدم الرابع تحت مسؤوليتي ومن واجبي تحمل أخطاء من عيّنتهم بنفسي"
انتقلت عيني بين من هو مستعد حقاً لتلقي عقابٍ كالموت ومن يأخذ دور المسؤول عن أتباعهِ عالماً بأنه لن يُصيبه أي مكروه، المبالغة المسرحية هي إحدى أكثر خصال مجلسي الحالي التي أكرهها، قُلت بوجه مستقيم لا يمتلك الوقت للتمثيليات: "خذ مقعدك لورد بلاكمان وارفع رأسك أيها القائد، لسنا هنا لإلقاء اللائمة على بعضنا، أُريد معرفة كيف للنمل أن يهزم رجالنا بهذهِ السهولة، أخبرنا بماذا حدث بالضبط"
رفع القائد رأسهُ وعيناهُ تضيق شيئاً فشيئا: "في الواقع يا مولاي الملك أنا نفسي ما زلتُ غير قادرٍ على تصديق ما حدث، مجموعة خائنة مجهولة من الجنود حرّروا المساجين الشرقيين ودبّت الفوضى في السراديب بغضون دقائق، استطعنا السيطرة عليهم باستخدام الرماة في البداية ولكن الشرقيين بعثروا العشرات من الأعشاش التي تحتوي على آلاف من النمل القاتل، ولسبب غريب كانت تلك الحشرات لا تُهاجم إلّا جنودنا مما جعل من فرارهم أسهل، وحشية النمل لم تكن طبيعية، وكأنهم يحملون حقداً ما علينا"
تقوّس حاجبي: "نمل يعلم من يستهدف وبحقد أيضاً؟"
تدخل اللورد هيرمان: "وهل تعتقد بأننا سنُصدق هذهِ الحكاية الخرافية أيها القائد؟"
"إنها الحقيقة سيدي، رأيتُ بعيني هاتين هجماتهم وكدت أقع ضحيتهم أيضاً، لم يكن الوضع طبيعياً"
أنت تقرأ
المفقود
Historical Fictionالمفقود حكاية عن ذلك الفتى الصغير الذي لطالما آمن بوجود دفء عائلتهِ إذا ما بحث عنه جيداً، إلّا أنّ الحياة تعلّمه أنّ الفرق بين الآمال والواقع قد يؤدي إلى هلاكهِ. فتبدأ حكايته وحكايات العديد من الشخصيات التي سترى النور بوجودهِ، لكن هل هو بالفعل لا يم...