21 | الى طريقٍ جَديدة

2.5K 311 67
                                    

يُمنة ويُسرة تحرك رأسها بحثاً، لا شرقاً ولا غرباً، لا أثر لها أبداً !

اتبعت آثار قطرات الدماء التي لمحتها، أذخلتها في طريقٍ متعرجة مريبة؛ تدل على كون صاحبها بحالة هروب لدى ذرفه لها، مما جعلها تسرع رغم الظلمة التي تغلف المكان، دون ضوء القمر الضعيف. سمعت أصوات ذئاب قريبة، لكنها لم تُخفف من سرعتها وعلّ ذلك حفّزها أكثر، قبل أن تمر بضع دقائق وتتوقف تماماً مع توقف آثار الدماء.

قابلتها بحيرة، مشت على جانبها بروية وعيناها تسافران من بقعةٍ لأخرى أرضاً بحثاً عن الآثار مجدداً.

بعدما تأكدت من فقدانها، نادت:" بيكا !! ردي عليّ إن كنتِ قريبة ! "

سمعت صوتاً من خلفها فاستدارت بسرعة وآمالها ارتفعت أملاً في أن تكون الصغيرة، وهو كذلك، كانت هي بالفعل، محمولةً بين فكيّ مَخلوق أشبه بدُب ونمرٍ تم مزجهما معاً؛ ذو جسد كساه فروٌ أسود. أخذ فمه يسيل لعاباً لحظة ما لمح إليس، لمن يحسب أنها فريسته الثانية التي بدت له أكبر وأثخن من السابقة؛ فترك الأخيرة تلاحقها أسيال من دماء من أسنانه وانطلق عجولاً كالمجنون لإختراق جسد الأخرى، لكنها لم تسمح لها بل تقدمت هي نفسها نحوه بأقصى سرعة مما مكنه من عض ذراعها، ذراعها التي رغم ذلك استعملتها لتطويق رقبته وتدويرها بأكملها للجهة الأخرى .. قاتلةً إياه .

تركت جثة مخلوق الزينيف مَرمية لحالها مسرعةً نحو بيكا. كانت الفتاة تعاني من آلام شديدة من ثلاث فتحات بين أجزاء جسدها بمناطق مختلفة؛ كلها تنزف. ويمكنك رؤية دموعها التي لم تتوقف مطلقاً تختلط بقطرات دماء وجهها، فمها المفتوح لعدم قدرتها على الكلام مهما حاولت؛ وعيناها اللتان لم تتحركا عن السماء علّهما تبحثان عن القمر أو النجوم.

تحرك قلب إليس ذعراً وأمسكت بيدها قائلة بارتباك شديد:" فلتصبري لحظاتِ ولا تقلقي ! " رغم أنها ليست بماهرة بسحر الشفاء، أو وفي الواقع؛ كانت قد جربته مرتين بحياتها فحسب؛ إلا أنها رفعت يدها فوق جسدها وراحت تحاول تذكر كلمات أي تعويذة ممكنة للشفاء أو المداواة .. لكنها لم تنجح ! وكيف لها ان تتذكرها بعد سنوات وعقلها الآن يرتعش غير عالمٍ ما حصل ويحصل له فجأة؟! " تباً لهذا. " تمتمت وحاولت حملها مقررةً أخذها للبلدة، لكن بيكا أنّت متوجعة وراحت تومئ برأسها.

أمسكت يد إليس، فتوقفت عن محاولاتها لرفعها. أحسّت بأن الصغيرة قد وضعت غرضاً بيدها، ضغطت عليها؛ ثم نظرت لها مُدمعة الأعين وقد حاولت إخبارها بشيء، إلا أن بٌكمها مَنعها؛ فلم تدرك إليس أنه عند إبطالها لكل تعاويذ كاميا فقد تم إبطال تعويذة كلام بيكا بدورها !

فاستسلمت مُغمضة عينيها بهدوء، فاتحةً باب حياةِ ما بعد الموت الأبدية؛ تبدو مُرتاحةً من تخلصها من آلامها. جلست إليس ساكنة، عاجزة، وما كان لها سوى الشروع بالبكاء بعد تقبلها الحقيقة المؤلمة، لقد ماتت..

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن