10 | الهروب

3.1K 376 84
                                    

مرّ الوقتُ راكداً كمِياه بُحيرةٍ بأعلى جبل. اليومَ هو يومُ التتويج، زُينت المنطقة القريبة من القلعة بزينة مخففة ' احتفالاً ' بالظهور الرسمي الأول للأميرة. تخللت السماء بِضع غيوم قُطنية مارة، هبّت ريحٌ خفيفة واعتدلت الحرارة؛ بما يمكنك تسميته يوماً خريفياً ممتازاً.

تناثرت الأوراق بطاولة عمل كايرو بعبثية، عيناه أرادتا التركيز معها لكن عقله أبى أن ينفذّ وكامل انتباهه رُكّز على أمرٍ واحد ما كان بإمكانه تجاهله. تنّهد وقال مُنزعجاً:" لا أستطيع التركيز أبداً ! بعد أقلّ من ساعتين سيتم التتويج، بل وأغلب الظنّ أن الحفل قد بدأ بالفعل.. كل ما بتفكيري هو الأميرة ! اللعنة، لِم يجب أن يستيقظ ضميري في وقت كهذا؟! لو لم اسمع ما سمعتُ فحسب لكانت لتموت وأملك المخطوطات وحدي دون أن اشعر بالذنب. "

نظر من النافذة المُقابلة له، لمح القلعة المُضاءة والمُزينة، وبأعلاها تلك الشرفة التي ستقف عليها إليس الملكة ما إن تتوج لتحيي الشعب وتقول كلمتها .. وهو ما لن يحصل.

-" أتكون قد شربت السم الآن؟ " تساءل قلقاً، بدأ تأنيب الضمير في عملية نهشه بالفعل، ألم يكن هو المتسرع حينما خرج ولم يُحاول شرح الأمر بشكلٍ أوضح؟ 

هزّ رأسه وتنهد، ثم بحث عن حقيبته أين وضع المخطوطات وملاحظاته وما لديه من مال، وهو يقول:" لا أصدق اني سأفعل هذا .. يجدر بها أن تكون ممتنة لاحقاً ! " أخذ كذلك بعض من اختراعاته الصغيرة الحجم التي يحملها عادة وخرج مسرعاً، توقف عند الاستقبال وأعطى أجر بقائه للسيدة الثرثارة التي اخذت بالفعل تسأله عن أين سيذهب بعدما أطلعها سابقاً بأنه قد يبقى لمدةٍ ليست بالقصيرة، وبطريقه مرّ على مارلين؛ لكنه تجاهلها وكل تركيزه كان منصباً على الوصول للقصر، قُبيل فوات الأوان ..

-" يجب أن اسرع ! "

***

-" ما رأيك ؟ أأبدو جميلة؟ لا بأس بالجمال لكن الراحة أهم لي، أتوق لنزعه بأقرب وقت ! " قالت إليس مُكلّمة قطها كورو عن انزعاجها من الثوب، في حين فٌتح الباب لتدخل إليزابيث مبتسمة ويختبئ القطُّ تحت السرير بحركةٍ خفيفة.

قالت:" أرى أنكِ أتممتِ استعدادكِ، حانَ وقتُ المأدبة ! وبعدها سيتم الترسيم مباشرة، أأنتِ مستعدة؟ "

-" أجل .. اعني، خلقتُ من أجل هذه اللحظة بعد كل شيء .. أنا الملكة ! " بالفعل كانت تعتليها مشاعرُ متضاربة، بين التوتر والخوف إلى الحماس والفرح !

ربتت على رأسها وقالت بلطف:" بالطبع، بالطبع أنتِ كذلك عزيزتي. "

ابتسمت إليس وذهبت رُفقة إليزابيث لقاعة المأدبة.

كانت قاعةً كبيرة أُهتم بتزيينها جداً، من موائد مُفرشة بأفخر أنواع الأقمشة البيضاء اللون، تعتليها بدورها أطقمٌ من مُستلزماتها كانت تبرق كما لو كانت من الكريستال الصافي؛ وبينها تواجدت ملاعق وأشواك وسكاكين من فضّة، الأثاث فخمٌ وسجادٌ قانيٌّ بهيٌّ لبسته الأرضية. وبالطبع طعامٌ كثيرٌ مِن كل الأنواع والأصناف أُعد خصيصاً فقط لهذه المناسبة من أفخر طباخي المملكة. انتشر مختلف الشخصيات المهمة بالدولة في المكان، كالوزراء و القادة وأعضاء الحكومة مع من يقربونهم.

عرش الساحرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن