٣

8.5K 171 6
                                    

3_هل تخافين مني؟
*******************
سألت تيشا بحدة وهي تزيح بصرها عن الطريق لتنظر الى بلانش بسرعة:
" ماذا تعرفين عن هذا الرجل رورك ماديسون؟ يخيّل اليّ أنه يظن نفسه قاتل نساء".
" أذن أنت مهتمة بجاري ... كنت بدأت أتساءل عن ذلك بعد الطريقة التي خرجت بها من الغرفة أمس وبعد أن رفضت ذكر أسمه في أي حديث ".

" لست مهتمة به من الناحية التي تقصدين لكن الذكاء يقضي بأن يعرف المرء كل ما يستطيع معرفته عن عدوه المحتمل".
فقالت عمتها موضحة:
" لقد كونت أنطباعا خاطئا عن رورك من كل النواحي , فهو ليس ذلك الفاسق المسيطر الذي تصورينه , وعذرا عن هذا التعبير العتيق , أنه ألطف وأرق جار عرفته في حياتي كما أنه مهندس موهوب جدا , وثقي أن هناك نساء كثيرات يتلهفن الى رفقته لما يتمتع به من وسامة وثراء نسبي , لكنني ما سألته أبدا عن حياته الخاصة ولا هو سألني عن خصوصياتي".

فأستفسرت تيشا غاضبة:
" وكيف تفسرين تصريحه المقرف بخصوص الزوجات؟".
" أنت التي حملته على قول ذلك كما تعلمين , وأظن أنه تقبل نعراتك المفترية على الجنس الآخر بروح طيبة ... كان هنالك مقدار معين من الحقيقة في كل من ملاحظاتكما".

" أنه لا يختلف عن سائر الرجال , يريد أبقاء المرأة في البيت وفي المطبخ".
قالت هذا وتنهدت بقرف وهي تنعطف بالسيارة الى الطريق العام
فوبختها بلانش بلطف:
"لا تحطي من قدر المرأة كزوجة وأم, فليس في الحياة ما هو أكثر تحديا وأسعادا من هذا الدور الذي تقنع به أعداد كبيرة من النساء ولا يرضين عنه بديلا".

فأعلنت تيشا وصوتها يحتد في دهشة:
" لا أقدر أن أصدق بأنك أنت, من بين كل النساء , تقولين كلاما كهذا!".
فسألتها عمتها بنصف ضحكة:
" ماذا تقصدين , من بين كل النساء؟".
" أعني أنك لم تتزوجي ومع ذلك نجحت في مهنتك في عصاميتك وحدها , أنك مثال لأي أمرأة متحررة".

فسألتها بلانش فجأة:
" أتعلمين لماذا لم أتزوج يا تيش؟".
فهزت الفتاة كتفيها وردت:
" ربما لأنك ما شعرت بحاجة الى الزواج أو برغبة فيه".

فواجهت بلانش نظرة تيشا الفضولية وقالت:
" لقد فكرت جديا بالزواج في مناسبتين لكنني كنت ذكية كفاية لأدرك بأنني أنسانة أنانية في أعماقي .... لم أشأ أن أتحمل المسؤولية الحقيقية للزوج وتربية الأولاد , وبشكل ما , لم أكن أنانية فحسب بل جبانة أيضا... أنا ما ندمت على عزوبيتي , ولو أعطيت الفرصة فلن أتنازل عنها , ولكن قرار الزواج هو وجهة نظرفردية يا تيشا وليس له علاقة بكون الشخص رجلا أو أمرأة".

فردت تيشا بصوت هادىء وجدي ويخلو تماما من التهكم والحدة السابقين:
" أتقصدين القول أنك الشواذ الذي يثبت القاعدة؟".
" بل أقول أن قلة من الناس تقدر أن توقف حياتها على مهنتها".
" ألا أستطيع أنا ذلك؟".
فزحف ضوء متوهج الى عيني بلانش وسألت تيشا بنعومة :
" هل تعيشين لترسمي؟ هل الفن هدفك الأخير؟".

روايات احلام/ عبير: عروس السرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن